شرح الكافية الشّافية - ج ١

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٥٨٣
الجزء ١ الجزء ٢

وأنشد أبو عبيدة : [من الرجز]

وحلق (١) الماذيّ (٢) والقوانس

فداسهم دوس الحصاد الدّائس (٣)

وأنشد أبو العباس ثعلب بجر «مطر» من قول الأحوص : [من الوافر]

لئن كان النّكاح أحلّ شيء

فإنّ نكاحها مطر حرام (٤)

أى : نكاح مطر إياها.

ولا ضرورة فى هذا ولا فى بيت الأخفش وروى الكسائى نصب «الدّراهم» وجر «تنقاد» من قول الشاعر : [من البسيط]

تنفى يداها الحصى فى كلّ هاجرة

نفى الدّراهيم تنقاد الصّياريف (٥)

وأنشد غيره من أئمة العربية : [من الطويل]

عتوا إذ أجبناهم إلى السّلم رأفة

فسقناهم سوق البغاث (٦) الأجادل (٧)

ومن يلغ أعقاب الأمور فإنّه

جدير بهلك آجل أو معاجل (٨)

__________________

ـ الحافظ ص ٤٩٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥٧.

(١) الحلق : السلاح. (المقاييس ـ حلق).

(٢) ماذى العسل : أبيضه. (المقاييس ـ مذى).

(٣) الرجز لعمرو بن كثلوم فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٦١ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٢٧.

(٤) البيت فى ديوانه ص ١٨٩ ، والأغانى ١٥ / ٢٣٤ ، وأمالى الزجاجى ص ٨١ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٥١ ن وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٦٧ ، ٩٥٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٩ ، والعقد الفريد ٦ / ٨١ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٠٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٩٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٧٢.

(٥) البيت للفرزدق فى الإنصاف ١ / ٢٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٧١ ، والكتاب ١ / ٢٨ ، وتاج العروس (درهم) ، ولسان العرب (صرف) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢١ ، ولم أقع عليه فى ديوانه ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٤٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٢٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧٦ ، وتخليص الشواهد ص ١٦٩ ، وجمهرة اللغة ص ٧٤١ ، ورصف المبانى ١٢ ، ٤٤٦ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٦٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٧٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١٦ ، وشرح قطر الندى ص ٢٦٨ ، ولسان العرب ، (قطرب) ، (سحج) ، (نقد) ، (صنع) ، (درهم) ، (نفى) ، والمقتضب ٢ / ٢٥٨ ، والممتع فى التصريف ١ / ٢٠٥.

(٦) بغاث الطير : وهى التى لا تصيد ولا تمتنع. (المقاييس ـ بغث).

(٧) الأجدل : الصقر. (المقاييس ـ جدل).

(٨) البيت لبعض الطائيين فى شرح عمدة الحافظ ص ٤٩١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ـ

٤٤١

وقد فصل بالمفعول بين اسم فاعل ، ومجرور بإضافته إليه فى قراءة بعض القراء : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) [إبراهيم : ٤٧].

ومثل ذلك قولى :

 ...

 ... مخلف الوعد محقّ ذو نكد

أى : مخلف محق الوعد ذو نكد. والمحقّ : صاحب الحق.

ومثله قول الشاعر : [من الكامل]

ما زال يوقن من يؤمّك بالغنى

وسواك مانع فضله المحتاج (١)

(ص)

وغير مصدر مضافا فصلا

فى الشّعر بالمفعول أيضا فاعقلا

وفصل تابع وفاعل ندر

فى الشّعر والفصل بـ (إمّا) مغتفر

والفصل بالنّدا أتى اضطرارا

وباليمين قد أتى اختيارا

(ش) من نادر الفصل : الفصل بالمفعول بين مضاف ليس مصدرا ، ومضاف إليه كقول الشاعر : [من البسيط]

تسقى امتياحا ندى المسواك ريقتها

كما تضمّن ماء المزنة الرّصف (٢)

أراد : يسقى امتياحا ندى ريقتها المسواك.

ومثال الفصل بالتابع ؛ قول الشاعر لمعاوية بن أبى سفيان ـ رضى الله عنهما ـ : [من الطويل]

نجوت وقد بلّ المرادى سيفه

من ابن أبى شيخ الأباطح طالب (٣)

__________________

ـ ٣ / ١٨٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٦٥.

(١) البيت لجرير فى ديوانه ١ / ١٧١ ، والدرر ٥ / ٤٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٧٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٨٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

(٢) الرصف : ضم الحجارة بعضها إلى بعض. (المقاييس ـ رصف).

البيت لجرير فى ديوانه ١ / ١٧١ ، والدرر ٥ / ٤٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٧٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٨٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

(٣) البيت فى الدرر ٥ / ٤٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٩ ، والمقاصد النحويين ٣ / ٤٧٨ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٥٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

٤٤٢

أراد : من ابن أبى طالب شيخ الأباطح ؛ فوصف المضاف قبل ذكر المضاف إليه.

ومثال الفصل بالفاعل ؛ قول الشاعر : [من المنسرح]

أنجب أيّام والداه به

إذ ولداه فنعم ما ولدا (١)

أراد : أنجب والداه به أيام إذ ولداه.

وزعم السيرافى : أن قول الشاعر : [من الطويل]

تمرّ على ما يستمرّ وقد شفت

غلائل عبد القيس منها صدورها (٢)

قد فصل فيه «عبد القيس» ـ وهو فاعل «شفت» ـ بين «غلائل» و «صدورها» وهما مضاف ومضاف إليه.

وهذا الذى قاله جائز غير متعين ؛ لاحتمال جعل «غلائل» غير مضاف ؛ إلا أن تنوينه ساقط ؛ لكونه ممنوع الصرف ، وانجرار «صدورها» ؛ لأنه بدل من الضمير فى قوله : «منها»

وعلى الجملة لا يستعمل الفصل بما ليس معمولا للمضاف كـ «والداه» و «عبد القيس» ، ويسهل إذا كان بمعمول المضاف ، فإن كان منصوبا ، أو مجرورا جاز بغير ضعف ولم يخص بالشعر ؛ كقراءة ابن عامر ، وقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هل أنتم تاركو لى صاحبى؟!» (٣) ؛ لأن كونه معمولا للمضاف يزيل أجنبيته.

__________________

(١) البيت للأعشى فى ديوانه ص ٢٨٥ ، والدرر ٥ / ٤٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٨ ، ولسان العرب (نجل) ، والمحتسب ١ / ١٥٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٧٧ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٨٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ٣٢٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٤ ، ولسان العرب (نجب) ، ومجالس ثعلب ص ٩٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣ ، ويروى العجز هكذا : إذا نجلاه فنعم ما نجلا.

(٢) البيت بلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٢٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٣ ، ٤١٨.

(٣) أخرجه البخارى (٧ / ٣٦٦) : كتاب فضائل أصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣٦٦١) ، و (٩ / ١٩٣) : كتاب التفسير : باب (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) (٤٦٤٠) ، والبيهقى (١٠ / ٢٣٦) من حديث أبى الدرداء عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى فضل أبى بكر وفيه : «إن الله بعثنى إليكم ، فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدق ، وواسانى بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لى صاحبى؟ مرتين» فما أوذى بعدها.

ووقع فى رواية عند البخارى ، والبيهقى : تاركون لى «صاحبى».

قال الحافظ فى الفتح (٧ / ٣٧٦) : قوله : «تاركو لى صاحبى» : فى التفسير [أى كتاب التفسير من صحيح البخارى] : «تاركون لى صاحبى» وهى الموجهة ، حتى قال أبو البقاء : إن حذف النون من خطأ الرواة ؛ لأن الكلمة ليست مضافة ولا فيها ألف ولام ، وإنما

٤٤٣

وكونه غير مرفوع ولا فى حكم مرفوع يسوغ فيه تأخيره.

فإن كان معمولا للمضاف وهو مرفوع فالفصل به أسهل من الفصل بمعمول لغير المضاف.

ومثله قول الراجز : [من الرجز]

ما إن وجدنا للهوى من طبّ

ولا عدمنا قهر ـ وجد ـ صبّ (١)

يريد : قهر صب وجد. فهذا أسهل من «أنجب أيّام والداه» ؛ لما ذكرت لك.

الفصل بالنداء كقول الراجز : [من الرجز]

كأنّ برذون أبا عصام

زيد حمار دقّ باللّجام (٢)

أراد : كأن برذون زيد يا أبا عصام حمار دق باللجام.

أراد : كأن برذون زيد يا أبا عصام حمار دق باللجام.

وسمع الكسائى : «هذا غلام والله زيد».

وسمع أبو عبيدة : «إنّ الشّاة لتجترّ فتسمع صوت والله ربّها»

ومن الفصل بـ «إمّا» قول الشاعر : [من الطويل]

هما خطّتا إمّا إسار ومنّة

وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر (٣)

__________________

يجوز الحذف فى هذين الموضعين.

ووجّهها غيره بوجهين : أحدهما : أن يكون «صاحبى» مضافا ، وفصل بين المضاف إليه بالجار والمجرور عناية بتقديم لفظ الإضافة ، وفى ذلك جمع بين إضافتين إلى نفسه تعظيما للصديق. ونظيره قراءة ابن عامر : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم بنصب أولادهم وخفض شركائهم وفصل بين المضافين بالمفعول.

والثانى : أن يكون استطال الكلام ، فحذف النون كما يحذف من الموصول المطول.

ومنه ما ذكروه فى قوله تعالى : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا). ا. ه.

(١) الرجز بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٩٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٩ ، والدرر ٥ / ٤٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٨٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣.

(٢) الرجز بلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٤٠٤ ، والدرر ٥ / ٤٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٨٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣.

(٣) البيت لتأبط شرا فى ديوانه ص ٨٩ ، وجواهر الأدب ص ١٥٤ ، وخزانة الأدب ٧ / ٤٩٩ ، ٥٠٠ ، ٥٠٣ ، والدرر ١ / ١٤٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٧٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٧٥ ، ولسان العرب (خطط) ، والمقاصد النحوية ـ

٤٤٤

فيمن رواه بالجر ، ويروى بالرفع على حذف النون للضرورة.

(ص)

وماله أضفت ماله عمل

قبل مضاف واغتفر ذاك العمل

إنّ المضاف كان (غيرا) نافيا

ك (عنك غير راض ابن عاديا)

(ش) المضاف إلى الشيء مكمّل بما أضيف إليه تكميل الموصول بصلته ، والصلة لا تعمل فى الموصول ، ولا فيما قبله فكذا المضاف إليه لا يعمل فى المضاف ، ولا فيما قبله.

فلا يجوز فى نحو : «أنا مثل ضارب زيدا» أن يقدم «زيد» على «مثل». فإن كان المضاف «غيرا» وقصد بها النفى جاز أن يتقدم عليها معمول ما أضيفت إليه ؛ كما يتقدم معمول المنفى بـ «لا» ؛ فأجازوا : «أنا زيدا غير ضارب» ؛ كما يقال : «أنا زيدا لا أضرب» ، ومنه قول الشاعر : [من البسيط]

إنّ امرأ خصّنى عمدا مودّته

على التّنائى لعندى غير مكفور (١)

فقدم «عندى» وهو معمول «مكفور» مع إضافة «غير» إليه ؛ لأنها دالة على نفى ؛ فكأنه قال : لعندى لا يكفر. ومنه قوله ـ تعالى ـ (عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر : ١٠].

فإن لم يقصد بـ «غير» نفى لم يتقدم عليه معمول ما أضيف إليه ؛ فلا يجوز فى قولك : «قاموا غير ضارب زيدا» : «قاموا زيدا غير ضارب» ؛ لعدم قصد النفى بـ «غير». والله أعلم.

__________________

ـ ٣ / ٤٨٦ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٤٠٥ ، ورصف المبانى ص ٣٤٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٨ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٤٣ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٥٢٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٤٩ ٢ / ٥٢.

(١) البيت لأبى زبيد ، وهو لأبى زبيد الطائى فى الدرر ٢ / ١٨٣ ، ٥ / ١٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٧٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٢ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٥٣ ، والكتاب ٢ / ١٣٤ ، ولسان العرب (خصص) ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ٤٠٤ ، ورصف المبانى ص ١٢١ ، ٢٣٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٢٣ ، وشرح المفصل ٨ / ٦٥ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٧٦.

٤٤٥

فصل فى الإضافة إلى ياء المتكلم

(ص)

احكم بإعراب المضاف لليا

وزاعم البناء واه رأيا

وآخر المضاف لليا اكسر إذا

لم ينقص او يقصر كـ (شاف) و (أذى)

أو يك معربا بحرفين فذى

جميعها اليا بعد فتحها احتذى

وفيه أدغم ياء او واوا وإن

ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن

وألفا سلم وفى المقصور عن

هذيل انقلابها ياء حسن

ولك فى يا النّفس بعد ما سلم

فتح وتسكين وحذف قد زعم

وقد تردّ ألفا وربّما

أغنى انفتاح ما يلى فعدما

وكسر ذى اليا مدغما فيها روى

كذاك بعد ألف وما قوى

(فمى) و (فى) فى (فم) قالوا وفى

إخوته التزام نقص اقتفى

نحو (أبى) (أبى) أيضا وردا

فى الاضطرار مثل قول من شدا

(كان أبى كرما وسودا

يلقى على ذى اللّبد الحديدا)

(ش) زعم الجرجانى (١) ، وابن الخشاب (٢) ، وابن الخباز (٣) أن المضاف إلى ياء

__________________

(١) هو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجانى النحوى ، الإمام المشهور ، أبو بكر ، أخذ النحو عن ابن أخت الفارسى ، وكان من كبار أئمة العربية والبيان ، شافعيا أشعريا من تصانيفه :

المغنى فى شرح الإيضاح ، المقتصد فى شرحه ، إعجاز القرآن الكبير والصغير ، الجمل ، العوامل المائة ، العمدة فى التصريف وغيرها. مات سنة ٤٧١ وقيل : ٤٧٤ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ١٠٦).

(٢) هو عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن الخشاب ، أبو محمد النحوى ، كان أعلم أهل زمانه بالنحو ، وعدوه فى درجة الفارسى ، وكان له معرفة بالحديث والتفسير واللغة والمنطق والفلسفة والحساب والهندسة. من تصانيفه : شرح الجمل للجرجانى ، شرح لمع ابن جنى ، الرد على ابن بابشاذ فى شرح الجمل ، الرد على التبريزى فى تهذيب الإصلاح ، وغيرها. مات سنة ٥٦٧ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٢٩ ـ ٣١).

(٣) هو أحمد بن الحسين بن أحمد بن معالى بن منصور بن على الشيخ شمس الدين بن الخباز الإربلى الموصلى النحوى الضرير. كان أستاذا بارعا علامة زمانه فى النحو واللغة والفقه والعروض والفرائض ، وله المصنفات المفيدة ، منها : النهاية فى النحو ، شرح ألفية ابن معط. مات بالموصل سنة ٦٣٧ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (١ / ٣٠٤).

٤٤٦

المتكلم مبنى.

والصحيح أنه معرب ؛ إذ لا سبب فيه من أسباب البناء المرتب عليها بناء الأسماء.

فإن زعم أن سبب بنائه إضافته إلى غير متمكن رد ذلك بثلاثة أوجه :

أحدها : أن ذلك يوجب أن يكون المضاف إلى الكاف والهاء وسائر الضمائر مساويا للمضاف إلى الياء ؛ وذلك باطل.

الثانى : أن ذلك يوجب بناء المثنى المضاف إلى ياء المتكلم ؛ وذلك أيضا باطل.

الثالث : أن المضاف إلى غير متمكن لا يجوز بناؤه دون أن يكون ذا إبهام يفتقر بسببه إلى الإضافة ؛ لتتكمل دلالته بها كـ «غير» و «مثل».

والمضاف إلى ياء المتكلم لا يشترط فى خفاء إعرابه ذلك فعلم أنه معرب تقديرا.

فإن زعم أن سبب بنائه تقدير إعرابه بلزوم انكسار آخره ، لزم من ذلك الحكم ببناء المقصور ، وبناء المتبع ، وبناء المحكى ؛ فإن آخر كل واحد منها ممنوع من ظهور الإعراب ، ولا قائل بأنه مبنى ، بل هو معرب تقديرا فكذلك المضاف إلى ياء المتكلم معرب تقديرا.

وفى كتاب ابن السراج ما يوهم بناء المضاف إلى ياء المتكلم ؛ فإنه قال فى (باب الكنايات) : «لأن هذه الياء لا يكون قبلها حرف متحرك إلا مكسورا ، وهى مفارقة لأخواتها فى هذا ؛ ألا ترى أنك تقول : «هذا غلامه» فتعرب ؛ فإذا أضفت «غلاما» إلى نفسك قلت : «هذا غلامى» فيذهب الإعراب».

«وإنما أراد : فيذهب لفظ الإعراب» ؛ لأنه قال بعد ذلك : «وإنما فعلوا ذلك ؛ لأن الضم قبلها لا يصلح ، ولم يقل : فإن الرفع ، فلما غير لها الرفع وهو أول غير لها النصب إذ كان ثانيا وألزمت حالا واحدة».

فقال : «غيّر لها الرّفع» : يعنى جعل مقدرا بعد أن كان ملفوظا به.

وكذا قوله : (غير لها النصب إذ كان ثانيا ، وألزمت حالا واحدة).

فقال : (غير لها النصب) ، وسكت عن الجر.

فعلى هذا يحمل كلامه.

والحاصل : أن المضاف إلى الياء يكسر آخره إن لم يكن مقصورا ولا منقوصا ، ولا معربا بحرفين.

٤٤٧

وتناول ذلك المثنى وما حمل عليه ، والمجموع على حده ، وما حمل عليه.

فإذا كان المضاف إلى الياء واحدا من هذه المستثنيات فتحت الياء ، وأدغم فيها ما وليته من أواخرها إلا الألف. فإنها لا تدغم ، ولا يدغم فيها.

وإن كان واوا وجب إبدالها ياء ليصح إلإدغام.

وأما ما وليته من ألف فتبقى سالمة والياء بعدها مفتوحة ، ولا فرق بين ألف المقصور وغيرها. فى لغة غير هذيل.

[ومثال فتح الياء للإدغام فيها أو لوقوعها بعد ألف] (١). قولك : «عصاى ويداى» و «قاضى آخذ بيدى» و «جاء بنى ومصطفى» والأصل : بنوى ، ومصطفوى.

فأدغمت الواوان فى الياءيين بعد الإبدال ، وجعلت كسرة موضع الضمة التى كانت قبل الواو.

وإلى هذا العمل أشرت بقولى :

 ... وإن

ما قبل واو ضمّ فاكسره يهن

وأشرت بقولى :

وألفا سلم ...

 ...

إلى أن ما آخره ألف من المضاف إلى ياء المتكلم تسلم ألفه قبل الياء من الانقلاب : سواء كانت للتثنية نحو : «يداى» ، أو المحمول على التثنية نحو : «ثنتاى» ، أو آخر مقصور نحو : «عصاى».

ثم بينت أن هذيلا تبدل ألف المقصور ياء ، ومنه قول الشاعر : [من الكامل]

سبقوا هوى وأعنقوا (٢) لهواهم

فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع (٣)

__________________

(١) ما بين المعكوفين سقط فى «أ».

(٢) أعنقوا : أسرعوا. (اللسان ـ عنق).

(٣) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ١ / ٧ ، وإنباه الرواة ١ / ٥٢ ، والدرر ٥ / ٥١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٦٢ ، وشرح قطر الندى ص ١٩١ ، وشرح المفصل ٣ / ٣٣ ، وكتاب اللامات ص ٩٨ ، ولسان العرب (هوا) ، والمحتسب ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٩٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣ ، وتاج العروس (هوى) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٩٩ ، وجواهر الأدب ص ١٧٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٥٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣١ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٨ ، والمقرب ١ / ٢١٧ ، وكتاب العين ١ / ٢٩٩.

٤٤٨

ثم بينت أن ياء المتكلم بعد ما سلم من الحروف تسكن وتفتح. والمراد بـ :

 ... ما سلم

 ...

ما ليس حرف علة متحركا ما قبله.

فإن كان حرف العلة ساكنا ما قبله فهو مما سلم ؛ فلا فرق بين قولك «ثوبى» ، وبين قولك «ظبيى» و «صبيّى» و «صنوى» و «فلوّى».

فياء المتكلم فى هذا ونحوه : إما ساكنة ، وإما مفتوحة. وقد تحذف. وقد يفتح ما وليته فتنقلب ألفا. وربما حذفت الألف ويبقى فتح ما قبلها دليلا عليها.

فمثال حذف الياء ؛ لدلالة الكسرة عليها ؛ قول الشاعر : [من البسيط]

خليل أملك منّى للّذى كسبت

يدى وما لى فيما يقتنى طمع (١)

ومثال انقلابها ألفا قول الشاعر : [من الوافر]

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوى

إلى أمّا ويروينى النّقيع (٢)

ومثال حذف الألف والاكتفاء بدلالة الفتحة عليها. قول الشاعر : [من الوافر]

ولست بمدرك ما فات منّى

ب «لهف» ولا بـ «ليت» ولا «لوانّى» (٣)

وفتح ياء المتكلم المدغم فيها ؛ هو الفصيح الشائع فى الاستعمال.

وكسرها لغة قليلة حكاها أبو عمرو بن العلاء ، والفراء (٤) ، وقطرب (٥).

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٣٢.

(٢) البيت لنفيع (أو لنقيع) بن جرموز فى المؤتلف والمختلف ص ١٩٥ ، ونوادر أبى زيد ص ١٩ ، وبلا نسبة فى الدرر ٥ / ٤٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥١٢ ، ولسان العرب ، (نقع) ، والمقاصد النحوية النحوية ٤ / ٢٤٧ ، والمقرب ١ / ٢١٧ ، ٢ / ٢٠٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣.

(٣) البيت بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٦٣ ، ١٩٧ ، والإنصاف ١ / ٣٩٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٣١ ، والخصائص ٣ / ١٣٥ ، ورصف المبانى ص ٢٨٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٥٢١ ، ٢ / ٧٢٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠٥ ، ولسان العرب (لهف) ، والمحتسب ١ / ٢٧٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٨ ن والمقرب ١ / ١٨١ ، ٢ / ٢٠١ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٦٢٢.

(٤) ينظر : معانى القرآن للفراء (٢ / ٧٥).

(٥) هو محمد بن المستنير ، أبو على النحوى ، المعروف بقطرب ، لازم سيبويه ، وأخذ عن عيسى بن عمر ، من تصانيفه : المثلث ، النوادر ، العلل فى النحو ، الأضداد ، إعراب القرآن ، المصنف الغريب فى اللغة. مات سنة ٢٠٦ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣).

٤٤٩

وبها قرأ حمزة (١) : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) [إبراهيم : ٢٢] ومنه قول الراجز : [من الرجز]

قلت لها هل لك يا تا فىّ

قالت له ما أنت بالمرضىّ (٢)

وقول الشاعر : [من الطويل]

على لعمرو نعمة بعد نعمة

لوالده ليست بذات عقارب (٣)

هكذا سمعا بكسر الياءين

وكسر ياء «عصاى» : الحسن (٤) ، وأبو عمرو فى شاذه ؛ وهذه أضعف من الكسر مع التشديد (٥).

و «فى» فى إضافة «فم» أكثر من «فمى».

وأما «أب» و «أخ» و «حم» و «هن» فالمستعمل فى إضافتها إلى الياء «أبى» و «أخى» و «حمى» و «هنى».

وأجاز أبو العباس (٦) المبرد أن يقال : «أبى» برد اللام. وليس فى قول الشاعر :

[من الكامل]

__________________

(١) قال ابن جنى : ... فكسر الياء. يعنى حمزة ـ لالتقاء الساكنين مع أن قبلها كسرة ... ينظر : المحتسب (٢ / ٤٩).

(٢) الرجز للأغلب العجلى فى ديوانه ص ١٦٩ ، وحاشية يس ٢ / ٦٠ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٣٠ ، ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ٤٣٧ ، وبلا نسبة فى شرح عمدة الحافظ ص ٥١٣ ، والمحتسب ٢ / ٤٩.

(٣) البيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٤١ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٢٤ ، ٤ / ٤٣٧ والدرر ٥ / ٥٣ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٣ / ٣٢٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٣.

(٤) هو الحسن بن يسار البصرى ، أبو سعيد ، تابعى ، كان إمام أهل البصرة ، وحبر الأمة فى زمنه ، أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك ، ولد بالمدينة ، وشب فى كنف على بن أبى طالب. قيل : كان أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء ، وكان غاية فى الفصاحة ، له كتاب فى فضائل مكة ، توفى سنة ١١٠ ه‍.

ينظر : حلية الأولياء (٢ / ١٣١) ، الأعلام (٢ / ٢٢٦) ، تقريب التهذيب ت (١٢٣٧).

(٥) قال ابن جنى : كسر الياء فى نحو هذا ضعيف ؛ استثقالا للكسرة فيها وهربا إلى الفتحة ، «كهداى» و «يا بشراى» إلا أن للكسرة وجها ما.

ينظر : المحتسب (٢ / ٤٨).

(٦) قال ابن الشجرى : وأجاز أبو العباس المبرد : أبىّ وأخىّ وحمىّ ، واحتج بقول الشاعر :

 ...

 ... وأبى ما لك

ومنع أبو على من هذا ، وقال : «إن أبىّ» فى البيت جمع أب ، على لغة من قال فى

٤٥٠

 ...

وأبىّ ما لك ذو المجاز بدار (١)

حجة على ذلك ؛ لاحتمال إرادة الجمع ، وسقوط النون للإضافة ؛ فإن «الأب» يجمع على «أبين» ، ومنه قراءة بعض السلف : قالوا نعبد إلهك وإله أبيك (٢) [البقرة : ١٣٣].

وإنما الحجة له فى قول الراجز : [من الرجز]

كان أبى كرما وسودا

يلقى على ذى الّلبد الحديدا (٣)

لأنه قال «يلقى» ولو أراد الجمع لقال «يلقون».

__________________

جمعه : أبون وأبين. ينظر : الأمالى (٢ / ٢٣٥ ، ٢٣٦).

(١) عجز بيت لمؤرج السلمى وصدره :

قدر أحلك ذا المجاز وقد أرى

 ...

ينظر خزانة الأدب ٤ / ٤٦٧ ، ٤٦٨ ، ٤٦٩ ، ٤٧٢ ، ومعجم ما استعجم ص ٦٣٥ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ٢ / ٦٠٢ ، وإنباه الرواة ٢ / ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٦٢ ن وشرح المفصل ٣ / ٣٦ ، ولسان العرب (قدر) ، (نخل) ، وتاج العروس ٧١ (قدر) ، ومجالس ثعلب ص ٥٤٤ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٦٨.

(٢) قال ابن جنى : ... أن يكون أبيك هنا واحدا فى معنى الجماعة ، فإذا أمكن أن يكون جمعا كان كقراءة الجماعة ولم يحتج فيه إلى التأول لوقوع الواحد موقع الجماعة ، وطريق ذلك أن يكون أبيك جمع أب على الصحة ، على قولك للجماعة : هؤلاء أبون أحرار ، أى : آباء أحرار ، وقد اتسع ذلك عنهم.

ينظر : المحتسب (١ / ١١٢).

(٣) الرجز بلا نسبة فى الدرر ٥ / ٥٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥١٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٤.

٤٥١

باب إعمال المصدر

(ص)

كفعله المصدر أعمل حيثما

يصحّ حرف مصدرى تمّما

منوّنا أعمله أو مضيفا

كذا إذا نال بـ (أل) تعريفا

كذا إذا سيق لتشبيه نوى

ك (اضربه ضرب الحاكم اللّصّ الغوى)

وأهمل المضمر والمحدود

ومصدر فارقه التّوحيد

وربّ محدود ومجموع عمل

وبسماع لا قياس قد قبل

(ش) يعمل المصدر عمل فعله لا لشبهه بالفعل ، بل لأنه أصل ، والفعل فرع ، ولذلك يعمل مرادا به المضى أو الحال أو الاستقبال ؛ بخلاف اسم الفاعل فإنه يعمل لشبهه بالفعل المضارع ؛ فاشترط كونه حالا أو مستقبلا ؛ لأنهما مدلولا المضارع ؛ وينبغى أن يعلم أن المصدر العامل على ضربين :

أحدهما : مقدر بالفعل وحرف مصدرى.

والثانى : مقدر بالفعل وحده.

فإذا أريد بالأول الحال قدر بـ «ما» المصدرية والفعل ولم يقدر بـ «أن» ؛ لأن مصحوبها لا يكون حالا.

وإذا أريد به غير الحال جاز أن يقدر بـ «أن» وب «ما» ؛ ولأجل الحاجة إلى غير «أن» قلت :

 ...

 ... حرف مصدرى ...

ليتناول قولى «أن» و «ما».

ثم بينت أنه فى عمله : منون أو مضاف ، أو معرف بـ «أل» ، وإن كان إعمال المعرف بـ «أل» قليلا.

وجعل بعض العلماء منه قوله ـ تعالى ـ : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء : ١٤٨] على أن التقدير : لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. ومن المنون قوله ـ تعالى ـ : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) [البلد : ١٤ ـ ١٥]. وهى قراءة نافع ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة.

وقال الشاعر فى المنون : [من الوافر]

٤٥٢

بضرب بالسّيوف رءوس قوم

أزلنا هامهنّ عن المقيل (١)

وقال آخر فى المعرف بـ «أل» : [من المتقارب]

ضعيف النّكاية (٢) أعداءه

يخال الفرار يراخى الأجل (٣)

وقال آخر : [من الطويل]

فإنّك والتّأبين (٤) عروة بعد ما

دعاك وأيدينا إليه شوارع

لكالرّجل الحادى وقد تلع (٥) الضّحى

وطير المنايا فوقهنّ أواقع (٦)

وإذا أضمر المصدر لم يعمل لعدم حروف الفعل.

فلو قلت : «ضربك المسيء حسن وهو المحسن قبيح» ـ وأنت تريد «وضربك المحسن قبيح» ـ امتنع ؛ لما ذكرت لك.

وكذا لا يعمل المصدر إذا حد بالتاء ؛ لأن دخول التاء عليه دالة على المرة يجعله بمنزلة أسماء الأجناس التى لا تناسب الأفعال ؛ فلا يقال : «عجبت من ضربتك زيدا» ؛ فإن سمع ذلك قبل ولم يقس عليه.

وكذا المجموع حقه ألا يعمل ؛ لأن لفظه إذا جمع مغاير اللفظ المصدر الذى هو أصل الفعل ، والفعل مشتق منه.

فإن ظفر بإعماله مجموعا قبل ولم يقس عليه.

__________________

(١) البيت للمرار بن منقذ التميمى فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٩٩ ، وبلا نسبة فى شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١١ ، وشرح المفصل ٦ / ٦١ ، والكتاب ١ / ١١٦ ، ١٩٠ ، واللمع ص ٢٧٠ ، والمحتسب ١ / ٢١٩.

(٢) نكى العدوّ : قتل وجرح. (القاموس ـ نكى).

(٣) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٢٠٨ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٢٧ ، والدرر ٥ / ٢٥٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ٣٣٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٣ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٩٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١١ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٩ ، ٦٤ ، والكتاب ١ / ١٩٢ ، والمقرب ١ / ١٣١ ، والمنصف ٣ / ٧١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٣.

(٤) التأبين : مدح الرجل بعد موته. (المقاييس ـ أبن).

(٥) تلع الضحى : انبسط. (المقاييس ـ تلع).

(٦) البيت بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٨ / ٢٤٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٨٠١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٩٧ ، ولسان العرب (وقع) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢٤.

٤٥٣

وأنشد أبو على فى التذكرة شاهدا على إعمال المحدود ؛ قول الشاعر : [من الطويل]

يحايى به الجلد الّذى هو حازم

بضربة كفّيه الملا نفس راكب (١)

فنصب «نفس راكب» بـ «يحايى» ومعناه : يحيى ونصب «الملا» بـ «ضربة كفّيه».

ومراد قائل البيت : وصف مسافر معه ماء فتيمم ، وأحيا بالماء نفس راكب كاد يموت عطشا.

ومن كلام العرب : «تركته بملاحس البقر أولادها» ؛ فأعمل «ملاحس» وهو جمع ملحس بمعنى : لحس ؛ ومثله قول الشاعر : [من البسيط]

قد جرّبوه فما زادت تجاربهم

أبا قدامة إلّا المجد والفنعا (٢)

وإلى هذا وأشباهه أشرت بقولى :

وربّ محدود ومجموع عمل

 ...

والله أعلم.

)

وبعد جرّه الّذى أضيف له

كمّل برفع أو بنصب عمله

ك (بذل مجهود مقلّ زين)

و (منع ذى غنى حقوقا شين)

وإن تضف للظّرف فارفع وانصبا

ك (حبّ يوم عاقل لهوا صبا)

(ش) قد تقدم أن المصدر العامل يرد مضافا ، ومنونا ، وبالألف واللام.

فنبهت الآن على أنه إن أضيف إلى مفعول رفع ما بعده بحق الفاعلية كقولك : «بذل مجهود مقلّ زين».

وإن أضيف إلى فاعل نصب ما بعده بحق المفعولية كقولك : «منع ذى غنى حقوقا شين».

وقد يضاف إلى الظرف توسعا ؛ فيعمل فيما بعده الرفع والنصب ؛ كقولك : «حبّ

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى حاشية يس ٢ / ٦٢ ، والدرر ٥ / ٢٤٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٥ ، وشرح قطر الندى ص ٢٦٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢٧.

(٢) الفنع : الكرم. (المقاييس ـ فنع).

البيت للأعشى فى ديوانه ص ١٥٩ ، وتذكرة النحاة ص ٤٦٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٩٤ ، ولسان العرب (جرب) ، (فنع) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٢ / ٣٩٤ ، والخصائص ٢ / ٢٠٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٥.

٤٥٤

يوم عاقل لهوا صبا» ؛ وهو نظير قولهم : [من الرجز]

يا سارق اللّيلة أهل الدّار (١)

أشار إلى ذلك سيبويه (٢) وغيره من المحققين.

(ص)

وهو مع المعمول كالموصول مع

صلته فيما أجيز وامتنع

وبالنّدور احكم على الّذى يرد

بغير ذا أو حاول العذر تجد

(ش) الضمير من :

وهو ...

 ...

عائد على المصدر الذى يصح فى موضعه حرف مصدرى.

ولأجل تقديره بفعل وحرف مصدرى جعل هو ومعموله كموصول وصلة ؛ فلا يتقدم ما يتعلق به عليه. كما لا يتقدم شيء من الصلة على الموصول. ولا يحال بينهما بأجنبى كما لا يحال به بين الموصول والصلة.

فإن وقع ما يوهم خلاف ما ينبغى تلطف له فيما يؤمن معه الخطأ ويثبت به الصواب.

فمما يوهم التقديم قول الشاعر : [من الهزج]

وبعض الحلم عند الجهل للذّلّة إذعان (٣)

فليس اللام من قوله «للّذلّة» متعلقا بما بعده من المصدر ، بل بمصدر محذوف قبله يدل عليه الموجود بعده.

والتقدير : وبعض الحلم عند الجهل إذعان للذلة إذعان.

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى خزانة الأدب ٣ / ١٠٨ ، ٤ / ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢ / ٢٥ ، ٦ / ٥٣٤ ، والدرر ٣ / ٩٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٦٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٤٥ ، والكتاب ١ / ١٧٥ ، ١٧٧ ، ١٩٣ ، والمحتسب ٢ / ٢٩٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٣.

(٢) ينظر : الكتاب (١ / ١٩٣) ، ولكنه قال فى موضع آخر : ولا يجوز يا سارق الليلة أهل الدار إلا فى شعر ؛ كراهية أن يفصلوا بين الجار والمجرور. ينظر : الكتاب (١ / ١٧٦).

(٣) البيت للفند الزمانى (شهل بن شيبان) فى أمالى القالى ١ / ٢٦٠ ، وحماسة البحترى ص ٥٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٣١ ، والدرر ٥ / ٢٥٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٣٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٤٤ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١٢٢ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٦ / ١٤٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٣.

٤٥٥

وهذا التقدير نظير ما تقدم فى نحو قوله ـ تعالى ـ : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) [يوسف : ٢٠].

ومما يوهم الفصل بأجنبى قول الله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٨ ، ٩]

قال الزمخشرى : («يوم تبلى السرائر» منصوب بـ «رجعه») ؛ فيلزم من قوله : الفصل بأجنبى بين مصدر ومعموله ، والإخبار عن موصول قبل تمام صلته.

والوجه الجيد أن يقدر ناصب لـ «يوم» كأنه قيل : يرجعه يوم تبلى السرائر.

ومما يوهم الفصل بأجنبى ؛ قول الشاعر : [من البسيط]

المنّ للذّم داع بالعطاء فلا

تمنن فتلفى بلا حمد ولا مال (١)

فالذى يسبق إلى ذهن سامع هذا البيت : أن الباء الجارة لـ «العطاء» متعلقة بـ «المنّ» ؛ ليكون التقدير : المن بالعطاء داع للذم. وعليه مدار المعنى.

إلا أن ذلك التقدير ممنوع ، فى الإعراب ؛ لاستلزامه فصلا بأجنبى بين مصدر ومعموله ، وإخبارا عن موصول قبل تمام صلته.

والمخلص من ذلك تعليق الباء بمحذوف كأنه قيل : المن للذم داع المن بالعطاء.

فـ «المنّ» الثانى بدل من «المنّ» الأول فحذف وأبقى ما يتعلق به دليلا عليه.

ويجوز أن يكون «بالعطاء» متعلقا بـ «لا تمنن» ، أو بفعل من معناه مضمر يدل عليه الظاهر.

وإلى مثل هذه المحاولة أشرت بقولى :

 ...

 ... أو حاول العذر تجد

(ص)

وجرّ ما يتبع مجرورا به

مجوّزا لرفعه أو نصبه

كمثل : (داينت بها حسّانا

مخافة الإفلاس واللّيانا)

وإن لمفعول أضيف وحذف

فاعله كـ (اقصد إراحة الدّنف)

فاجرر أو انصب تابع المضاف له

والرّفع إن أتاك فاعذر قائله

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٣٨.

٤٥٦

(ش) قد تقدم أن أحد استعمالات المصدر العامل أن يكون مضافا ، وأن المضاف إليه إن كان مفعولا رفع ما بعده بحق الفاعلية ، وإن كان فاعلا نصب ما بعده بحق المفعولية.

ولك فى تابع ما جر بإضافة المصدر إليه :

الجر حملا على اللفظ. والرفع أو النصب حملا على المعنى.

فمن الحمل على معنى النصب ؛ قول الراجز : [من الرجز]

قد كنت داينت بها حسّانا

مخافة الإفلاس واللّيانا (١)

ومن الحمل على معنى الرفع ؛ قول الشاعر : [من البسيط]

السّالك الثّغرة (٢) اليقظان سالكها

مشى الهلوك (٣) عليها الخيعل (٤) الفضل (٥)

الفضل : اللابسة ثوب الخلوة ؛ وهو نعت لـ «الهلوك» على الموضع ؛ لأنها فاعل «المشى».

فإن أضيف المصدر إلى مفعول ، ولم يذكر الفاعل جاز فى تابع المجرور :

__________________

(١) الليان : المطل. (اللسان ـ لين).

الرجز لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٨٧ ، والكتاب ١ / ١٩١ ، ١٩٢ ، ولزياد العنبرى فى شرح التصريح ٢ / ٦٥ ، وشرح المفصل ٦ / ٦٥ ، وله أو لرؤبة فى الدرر ٦ / ١٩٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٦٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٢١٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٠٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٦٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٧٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٥.

(٢) الثّغرة : موضع المخافة من فروج البلدان. (القاموس ـ ثغر).

(٣) الهلوك : المرأة العاهرة. (اللسان ـ هلك).

(٤) الخيعل : القميص لا كمّى له. (القاموس ـ خعل).

(٥) البيت للمتنخل الهذلى فى تذكرة النحاة ص ٣٤٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ١١ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٨١ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٦٥ ، ولسان العرب (خعل) ، (فضل) ، والمعانى الكبير ص ٥٤٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥١٦ ، وللهذلى فى الخصائص ٢ / ١٦٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦١١ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٥ / ١٠١ ، ١٠٣ ، والدرر ٣ / ٦٠ ، ٦ / ١٨٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٣٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٧٠١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٧ ، ٢ / ١٤٥.

٤٥٧

ـ الجر على اللفظ.

ـ والنصب على تقدير المصدر بحرف مصدرى موصول بفعل سمى فاعله.

ـ والرفع على تقديره بحرف مصدرى موصول بفعل لم يسم فاعله.

(ص)

وبدلا من لفظ فعله يرد

فى العمل المصدر وهو مطّرد

فى الأمر والدّعا والاستفهام

وخبرا يقلّ فى الكلام

والسّبق فى معمول هذا يغتفر

كذاك رفعه ضميرا استتر

(ش) قد تقدم الإعلام بأن المصدر العامل على ضربين :

ـ ضرب يقدر بالفعل وحرف مصدرى.

ـ وضرب يقدر بالفعل وحده. وهذا هو الآتى بدلا من اللفظ بفعله.

ويعمل مقدما ، ومؤخرا ؛ لأنه ليس بمنزلة موصول ولا معموله بمنزلة صلة ؛ فيقال : «ضربا رأسه» و «رأسه ضربا».

ومما يجوز فى هذا النوع ، ولا يجوز فى النوع الأول ، استتار ضمير فيه مرفوع به.

وأكثر وقوعه أمرا ، ودعاء ، وبعد استفهام ؛ فالأمر كقول الشاعر : [من الطويل]

على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثّعالب (١)

يجوز أن يكون «زريق» منادى مضموما ، وأن يكون فاعل «ندلا» (٢).

ومثال الدعاء قول الآخر : [من البسيط]

يا قابل التّوب غفرانا مآثم قد

أسلفتها أنا منها مشفق وجل (٣)

ويقع بعد استفهام ؛ كقول الشاعر : [من الكامل]

__________________

(١) تقديم تخريج هذا البيت.

(٢) قال الأخفش : كل مصدر قام مقام الفعل ففيه ضمير فاعل وذلك إذا قلت : سقيا لزيد ، وإنما تريد : سقى الله زيدا ، ولو قلت : سقيا الله زيدا ، كان جيدا ؛ لأنك قد جئت بما يقوم مقام الفعل ، ولو قلت : أكلا زيد الخبز ، وأنت تأمره ، كان جائزا ؛ كقوله :

فندلا زريق المال ندل الثّعالب

ينظر : الأصول فى النحو (١ / ١٦٦ ، ١٦٧).

(٣) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٣٤.

٤٥٨

أعلاقة أمّ الوليد بعد ما

أفنان رأسك كالثّغام (١) المخلس (٢)

وقد يقع خبرا ، وهو مطرد عند الأخفش والفراء فى الخبر والطلب.

ومما مثل به الأخفش : «ظنّك زيدا منطلقا» و «سمع أذنى أخاك يقول ذاك ، وبصر عينى أخاك».

باب إعمال اسم الفاعل

(ص)

كفعله اسم فاعل فى العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل

وولى استفهاما او ما ينفى

أو سيق للإخبار أو للوصف

أو كان حالا وإذا أولى (أل)

فهو على الإطلاق أهل للعمل

وقد يكون نعت معلوم حذف

فيستحقّ العمل الّذى وصف

وقصد الاستفهام يغنى إن فهم

ك (راحم ذا عبده أو منتقم)

(ش) اسم الفاعل : ما صيغ من مصدر موازنا للمضارع ليدل على فاعله ، غير صالح للإضافة إليه كـ «ضارب» و «مكرم» و «مستخرج».

ويعمل عمل فعله إن لم يكن ماضى المعنى ، وكان بعد استفهام أو نفى نحو : «أمكرم زيد عمرا»؟ و «ما هو تارك برّا اليوم أو غدا»

وكذا إن كان خبرا أو نعتا ، أو حالا نحو. «زيد مكرم رجلا طالبا علما» و «جاء أخوك قاصدا خيرا».

وتناول المسوق للإخبار خبر المبتدأ ، وخبر «إنّ» و «كان» وثانى مفعولى «ظننت».

__________________

(١) الثغام : شجر أبيض الثمر. (المقاييس ـ ثغم).

(٢) المخلس : ما اختلط فيه البياض بالسواد. (اللسان ـ خلس).

والبيت للمرار الأسدى فى ديوانه ص ٤٦١ ، والأزهية ص ٨٩ ، وإصلاح المنطق ص ٤٥ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، والدرر ٣ / ١١١ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٢٢ ، والكتاب ١ / ١١٦ ، ٢ / ١٣٩ ، ولسان العرب ، (علق) ، (ثغم) ، (فنن) ، وبلا نسبة فى الاضداد ص ٩٧ ، ورصف المبانى ص ٣١٤ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٢٧٣ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣١١ ، والمقتضب ٢ / ٥٤ ، والمقرب ١ / ١٢٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٠.

٤٥٩

ولو قصد باسم الفاعل المضى لم يعمل ؛ لأنه لم يشبه لفظه لفظ الفعل الذى هو بمعناه.

بخلاف المقصود به الحال أو الاستقبال ؛ فإن لفظه شبيه بلفظ الفعل المدلول به على الحال أو الاستقبال ، وهو المضارع.

ألا ترى أن قولك «ضارب» على أربعة أحرف : ثانيها ساكن ، وغيره متحرك؟ ، وكذلك المضارع.

وهذا لا تجده ثابتا بين اسم الفاعل المراد به المضى وبين الفعل الذى فى معناه ؛ فلذلك انفرد بالعمل الموافق للمضارع.

وسيأتى الكلام على حكم الكسائى على اسم الفاعل المراد به المضى بالإعمال.

والخلاف إنما هو فى المجرد من الألف واللام. وأما الملتبس بهما ؛ فلا خلاف فى إعماله.

وأشرت بقولى :

وقد يكون نعت معلوم حذف

فيستحقّ العمل الّذى وصف

إلى نحو قوله ـ تعالى ـ (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) [فاطر : ٢٨]

فـ «مختلف» قد عمل وهو غير معتمد على استفهام ، ولا نفى ، ولا على مخبر عنه ، ولا على صاحب حال ولا منعوت ملفوظ به ، بل مقدر كأنه قيل : ومن الناس والدواب والأنعام صنف مختلف ألوانه ؛ ومثله قول الشاعر وهو الأعشى : [من البسيط]

كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل (١)

ومثله قول عمر بن أبى ربيعة : [من الطويل]

وكم مالئ عينيه من شيء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى (٢)

__________________

(١) الوعل : تيس الجبل. (القاموس ـ وعل).

البيت فى ديوانه ص ١١١ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٦ ، وتاج العروس (وعل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٢٩ ، وبلا نسبة فى الأغانى ٩ / ١٤٩ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢١٨ ، والرد على النحاة ص ٧٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٤١ ، وشرح شذور الذهب ص ٥٠١ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٢١.

(٢) البيت فى ديوانه ص ٤٥٩ ، والكتاب ١ / ١٦٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٣١.

٤٦٠