شرح الكافية الشّافية - ج ١

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٥٨٣
الجزء ١ الجزء ٢

(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) [المجادلة : ١٨]

والثانى : أن يراد بها معنى «علم» ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

حسبت التّقى والحمد خير تجارة

رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا (١)

وتوافقها فى المعنى الأول «حجا» ؛ كقول الشاعر : [من البسيط]

قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة

حتّى ألمّت بنا يوما ملمّات (٢)

وتوافقها فى المعنيين : «رأى» و «ظنّ» و «خال».

فمثال «رأى» فى العلم قوله ـ تعالى ـ : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَ) [سبأ : ٦]

ومثالها فى الحسبان قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) [المعارج : ٦]

ومثال «ظنّ» بمعنى الحسبان قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) [الانشقاق : ١٤]

ومثاله بمعنى «علم» قوله ـ تعالى ـ : (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) [التوبة : ١١٨]

ومثال «خال» بمعنى الحسبان قوله : [من الطويل]

وحلّت بيوتى فى يفاع ممنّع

يخال به راعى الحمولة طائرا (٣)

ومثاله فى العلم قول الشاعر : [من الطويل]

دعانى الغوانى عمّهنّ وخلتنى

لى اسم فلا أدعى به وهو أوّل (٤)

و «درى» بمعنى «علم» ؛ ومثال تعديها إلى مفعولين قول الشاعر : [من الطويل]

__________________

(١) البيت للبيد بن ربيعة فى ديوانه ص ٢٤٦ ، وأساس البلاغة ص ٤٦ (ثقل) ، والدرر ٢ / ٢٤٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٩ ، ولسان العرب (ثقل) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٨٤ ، وتاج العروس (ثقل) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٤٤ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٣ ، وشرح قطر الندى ص ٢٧٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٩.

(٢) البيت لتميم بن مقبل فى تخليص الشواهد ص ٤٤٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٧٦ ، ولم أقع عليه فى ديوانه ، وله أو لأبى شبل الأعرابى فى الدرر ٢ / ٢٣٧ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٣٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٦٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٥ ، ولسان العرب (ضربج) ، (حجا) ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٨.

(٣) البيت للنابغة فى ديوانه ص ٦٩ ـ ٧٠ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٠ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٤ ، والكتاب ١ / ٣٦٨ ، وبلا نسبة فى شرح قطر الندى ص ١٧٢ ، ولسان العرب (حمل).

(٤) البيت للنمر بن تولب فى ديوانه ص ٣٧٠ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣٧ ، والدرر ٢ / ٢٤٨ ،

٢٤١

دريت الوفى العهد يا عرو فاغتبط

فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد (١)

ومعنى «عدّ» الملحقة بذا الباب «ظنّ» ؛ ومثال نصبها المفعولين قول الشاعر :

[من الطويل]

فلا تعدد المولى شريكك فى الغنى

ولكنّما المولى شريكك فى العدم (٢)

وقل من يذكرها وممن ذكرها ابن هشام اللخمى.

ومما يتعين إلحاقه بهذه الأفعال : «هب» بمعنى «ظنّ» ، و «تعلّم» بمعنى «اعلم» ، ولا يتصرفان.

ومن شواهد «هب» قول الشاعر : [من المتقارب]

فقلت أجرنى أبا مالك

وإلا فهبنى امرأها لكا (٣)

والمشهور فى استعمال «تعلّم» إعماله فى «أنّ» ؛ كقول الشاعر : [من الوافر]

تعلّم أنّه لا طير إلا

على متطيّر وهى الثّبور (٤)

وقد نصب مفعولين فى قول الآخر : [من الطويل]

تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها

فبالغ بلطف فى التّحيّل والمكر (٥)

__________________

٢٦٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٢٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٩٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٥٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٠.

(١) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٣٣ ، والدرر ٢ / ٢٤٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٥٧ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٧ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٦٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٢ ، ٢١٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٧١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٧٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٩.

(٢) البيت للنعمان بن بشير فى ديوانه ص ٢٩ ، وتخليص الشواهد ص ٤٣١ ، والدرر ٢ / ٢٣٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٧٧ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٣٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٥٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٥٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٨.

(٣) البيت لعبد الله بن همام السلولى فى تخليص الشواهد ص ٤٤٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٦ ، والدرر ٢ / ٢٤٣ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٨ ، شرح شواهد المغنى ٢ / ٩٢٣ ، ولسان العرب (وهب) ، ومعاهد التنصيص ١ / ٢٨٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٧٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٣٧ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٤٨ ، شرح شذور الذهب ص ٤٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٩٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٩.

(٤) البيت بلا نسبة فى المخصص ٣ / ٢٩ ، وأساس البلاغة (علم) ، ولسان العرب (طير) ، (علم) ، وتاج العروس (طير) ، (علم).

(٥) البيت لزياد بن سيار وهو تصحيف زبان بن سيار فى خزانة الأدب ٩ / ١٢٩ ، والدرر ٢ / ٢٤٦ ، وشرح التصريح ١ / ٢٤٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٢٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ـ

٢٤٢

وألحق الأخفش وأبو على الفارسى بأفعال هذا الباب «سمع» إذا وليها اسم غير مسموع ؛ كقولك : «سمعت زيدا يقرأ».

فإذا وليها اسم مسموع اكتفت به ؛ كقولك : «سمعت حديثك».

ومن أفعال هذا الباب المشهورة «زعم» ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

فإن تزعمينى كنت أجهل فيكم

فإنّى شريت الحلم بعدك بالجهل (١)

و «وجد» بمعنى «علم» ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

وجدتهم أهل الغنى فاقتنيتهم

وأعففت عنهم مستزادى ومطعمى

ويلحق بها ـ أيضا ـ «ألفى» ؛ كقول الشاعر : [من البسيط]

قد جرّبوه فألفوه المغيث إذا

ما الرّوع عمّ فلا يلوى على أحد (٢)

ومن أفعال هذا الباب «صيّر» ، وما وافقها أو قاربها كـ «ردّ» و «جعل» و «اتّخذ» و «تخذ» و «ترك» و «وهب» بمعنى «جعل» ؛ كقول بعض العرب : «وهبنى الله فداءك» ؛ أى : جعلنى. رواه ابن الأعرابى (٣).

وقال الشاعر فى «ردّ» : [من الوافر]

رمى الحدثان نسوة آل حرب

بمقدار سمدن له سمودا (٤)

__________________

ـ ٣٧٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٣١ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٥٨ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٦٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٩.

(١) البيت لأبى ذؤيب الهذلي فى الأضداد ص ١٠٧ ، ١٨٦ ، وتخليص الشواهد ص ٤٢٨ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٤٩ ، والدرر ٢ / ٢٤٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٨٦ ، ٣٥١ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٩٠ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١١٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٧١ ، ٨٣٤ ، والكتاب ١ / ١٢١ ، ولسان العرب (زعم) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤١٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٨٨ ، وتاج العروس (زعم) ، وبلا نسبة فى شرح ابن عقيل ص ٢١٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٨.

(٢) البيت بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٤٣١ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٣٥ ، والدرر ٢ / ٢٤٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣٨٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٩.

(٣) هو محمد بن زياد أبو عبد الله بن الأعرابى ، كان نحويا عالما باللغة والشعر ، راوية للأشعار ، حسن الحفظ لها. ولم يكن أحد من الكوفيين أشبه رواية برواية البصريين منه.

كان شيخا جميل الأخلاق ، له تصانيف كثيرة منها : النوادر ، الأنواء ، الخيل ، تفسير الأمثال ، نسب الخيل ، معانى الشعر ، وغيرها. مات ابن الأعرابى سنة ٢٣١ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (١ / ١٠٥) ، الأعلام (٦ / ١٣١) ، وفيات الأعيان (١ / ٤٩٢).

(٤) البيتان لعبد الله بن الزبير فى ملحق ديوانه ص ١٤٣ ـ ١٤٤ ، وتخليص الشواهد ص ٤٤٣ ، ـ

٢٤٣

فردّ شعورهنّ السّود بيضا

وردّ وجوههنّ البيض سودا

ومن شواهد «جعل» و «اتّخذ» قوله ـ تعالى ـ : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) [الزخرف : ١٩] (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) [النساء : ١٢٥].

وقال الشاعر : [من الطويل]

أبعد الّذى قد لجّ تتّخذيننى

عدوّا وقد جرّعتنى السّمّ منقعا؟ (١)

وشاهد «تخذ» قول الآخر : [من الوافر]

تخذت غران (٢) إثرهم دليلا

وفرّوا فى الحجاز ليعجزونى (٣)

واحترزت بقولى بعد «تخذت» و «اتّخذ» :

 ...

لا مطلقا ...

من «تخذ» و «اتّخذ» بمعنى «اكتسب» فإنهما متعديان إلى مفعول واحد.

ومثال «ترك» قول الله ـ تعالى ـ : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) [الكهف : ٩٩]

ومنه قول الشاعر : [من الطويل]

وربّيته حتّى إذا ما تركته

أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه (٤)

وألحق بعض الحذاق من النحويين بأفعال هذا الباب : «ضرب» المعملة فى المثل ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) [يس : ١٣].

__________________

ـ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٩٤١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١٧ ، ولأيمن بن خريم فى ديوانه ص ١٢٦ ، ولفضالة بن شريك فى عيون الأخبار ٣ / ٧٦ ، ومعجم الشعراء ٣٠٩ ، وللكميت بيت معروف فى ديوانه ص ١٩١ ، وذيل الأمالى ص ١١٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٥٩ البيت الثانى فقط ، وشرح ابن عقيل ص ٢١٧ ، ولسان العرب (سمد).

(١) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (نقع) ، والمخصص ٢ / ١٢ ، ١٢ / ١٧.

(٢) فى أ: غراز.

(٣) البيت لأبى جندب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٥٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٢ ، ولسان العرب (عجز) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٠٠ ، وتاج العروس (حجز) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٥١ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٥٨ ، ولسان العرب (حجز).

(٤) تقدم تخريج هذا البيت.

٢٤٤

(ص)

وما استحقّ خبر ومبتدا

فمع ذى الأفعال يأتى أبدا

كأضرب الثّانى من الجزأين

وكونه لمعنى او لعين

وكون ما ركّبته مفيدا

فى كلّ التزم ولا تحيدا

(ش) الذى استحق المبتدأ : التعريف ، أو مقاربته ، أو مصاحبة قرينة تعين على تحصيل الفائدة ، وألا يعرض للالتباس بالخبر ، وغير ذلك مما تقدم التنبيه عليه فى (باب الابتداء) ؛ فللمفعول الأول من ذا الباب ما للمبتدأ من ذلك كله.

والذى استحق الخبر من أقسام وأحوال ، فللمفعول الثانى مثل ما له منها حتى التعدد ؛ نحو قولك فى «الرّمّان حلو حامض» : «حسبت الرّمّان حلوا حامضا» ونحو قولك فى قول الراجز : [من الرجز]

 ... هذا بتّى

مقيظ مصيّف مشتّى (١)

«علمت هذا بتّى مقيّظا مصيّفا مشتّيا».

وقولى :

وكون ما ركّبته مفيدا

فى كلّ التزم ...

أى : لا بد من اشتمال المركب فى هذا الباب على فائدة ، كما لا بد من اشتماله عليها فى (باب الابتداء) ؛ فلا يجوز : «علمت النّار حارّة» ؛ كما لا يجوز : «النّار حارّة».

(ص)

وحذف ما بيّنه دليل

هناك ههنا له سبيل

وجائز سقوط جزأين هنا

إن كان ذكر ما تبقّى حسنا

(ش) الأصل ألا يقتصر على أحد المفعولين فى هذا الباب ؛ لأنهما مخبر عنه ، ومخبر به.

فلو حذف الأول بقى الخبر دون مخبر عنه ، ولو حذف الثانى بقى المخبر عنه دون خبر.

__________________

(١) تقدم تخريج هذا الرجز.

٢٤٥

فإن دل على المحذوف منهما دليل جاز الحذف ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) [آل عمران : ١٨٠] أى : لا يحسبن الذين يبخلون ما يبخلون به هو خيرا لهم.

وحذف المفعولين أسهل من حذف أحدهما ؛ لكن بشرط الفائدة.

فلو قال قائل دون تقدم كلام ، ولا ما يقوم مقامه : «ظننت» مقتصرا لم يجز لعدم الفائدة.

نص على ذلك سيبويه (١) ـ رحمه‌الله ـ إذ لا يخلو أحد من ظن.

فلو قارنه سبب يقتضى تجدد مظنون جاز ذلك لحصول الفائدة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) [الجاثية : ٢٤] وكقول بعض العرب : «من يسمع يخل» (٢).

(ص)

و (أن) و (أنّ) مع ما به وصل

عن جزأى الإسناد مغنيا جعل

ك (يحسبون أنّهم على شى)

و (ما ظننت أن يخان فى الفى)

وما سوى (هب) و (تعلّم) و (وهب)

صرّف وأوجب للصّروف ما وجب

(ش) كل واحدة من «أنّ» و «أن» بصلتها تتضمن مسندا ومسندا إليه مصرحا بهما ؛ فلذلك اكتفى بما ذكر منهما بعد «ظنّ» وأخواتها ؛ نحو قوله ـ تعالى ـ : (أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ٢٥٩] ، وقوله : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) [العنكبوت : ٢]

وهذا شبيه بالاكتفاء بـ «أن تفعل» (٣) بعد «عسى» ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢١٦] فلو جىء بمصدر صريح لم يكن بد من ذكر الخبر.

وأفعال هذا الباب كلها تتصرف إلا «هب» و «تعلّم» و «وهب».

ويمكن أن يكون «هب» من «وهب» ؛ فتكون فى هذا الباب نظير «كاد» و «أوشك»

__________________

(١) ينظر الكتاب (١ / ٤٠)

(٢) يقال : خلت إخال ، بالكسر وهو الأفصح ، وبنو أسد يقولون : «أخال» بالفتح ، وهو القياس.

المعنى : من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع فى نفسة عليهم بالمكروه. ينظر مجمع الأمثال ٣ / ٣١٠ ، والمستقصى فى أمثال العرب ٢ / ٣٦٢.

(٣) فى أ: بأن يفعل.

٢٤٦

فى (باب أفعال المقاربة).

(ص)

وغير (هب) قلبيّا إن لم يبتدا

يلغ جوازا فهو كالّذ فقدا

ك (خالد خلت أخ) و (عامر

سمح أرى) و (ذا علمت ناصر)

[وربّما ألغى سابق سبق

بما به الجزء الأخير معتلق

ك (أين خلت جعفر مقيم)

و (للنّدى أرى الفتى مديم)

وإن سوى ذا سابقا ملغى يظنّ

فبعد لام ، أو ضمير استكنّ

ك (ما إخال) بعد (تنويل) رفع

(ملاك) مع (رأيت) هكذا سمع] (١)

(ش) المراد بالقلبى من أفعال هذا الباب ما لا يدل على تصيير حقيقى ، أو تقديرى كـ «علم» و «ظنّ». ومن جملتها «هب» على مذهب من شرحها بـ «اعتقد» أو بـ «ظنّ».

وأما من شرحها بـ «اجعل» ، وقضى عليها بأنها من قولهم : «وهبنى الله فداءك» ؛ أى : جعلنى ـ فليست عنده قلبية ؛ فلتردد معناها لم تشارك القلبيات المحضة فيما تختص به من الإلغاء وغيره.

وشرط جواز إلغاء ما يلغى أن يكون وسطا كقولك : «خالد خلت أخ» ، أو آخرا كقولى :

 ... عامر

سمح أرى ...

فإن كان الفعل متقدما على جزأى الإسناد ، لم يجز الإلغاء إلا إذا تقدم ما يتعلق بهما ، أو بالفعل الداخل عليهما ؛ نحو : «فى المسجد أظنّ زيد معتكف» ، و «أين خلت جعفر مقيم».

فقد تقدم على «أظنّ» و «خلت» ما هو متعلق بثانى الجزأين ؛ فكان ذلك كتقدمه بنفسه. والإعمال فى مثل هذا أجود.

__________________

(١) بدل ما بين المعكوفين فى أ:

وربما ألغى سابق سبق

ك (أين خلت ابن أخيك منطلق)

كذا (لدينا منك تنويل) و (ما

أخال) قبل مثله لن يعد ما

وإن سوى ذا سابقا ملغى يظن

فبعد لام أو ضمير استكن

٢٤٧

وكذا لو تعلق بالفعل الداخل عليهما ؛ كقول كعب لزهير (١) : [من البسيط]

أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وما إخال لدينا منك تنويل (٢)

فقد حصل لـ «إخال» بتقدمنا فيه توسط سهل إلغاءه.

وكذا قول الآخر : [من البسيط]

كذاك أدّبت حتّى صار من خلقى

أنّى رأيت ملاك الشّيمة الأدب (٣)

إلغاء «رأيت» فيه سهله تقدم «أنّى».

فلو لم يتقدم على الفعل شىء لم يجز إلغاؤه.

لكن يجوز التعليق على أن تنوى لام الابتداء ، أو ينوى ضمير الشأن وتجعل الجملة مفعولا ثانيا.

فلو توسط الفعل بين جزأى الإسناد استوى الإعمال والإلغاء. ولو تأخر عنهما معا كان الإلغاء مختارا.

ولا يجوز إلغاء ما تقدم عليهما ، وليس قبله متعلق بهما ولا بالداخل عليهما ؛ نحو : «ظننت زيدا منطلقا».

فإن ورد متقدم هكذا ولم يعمل ، حمل على أنه عامل فى ضمير الشأن محذوفا.

وجعلت الجملة التى بعده فى موضع المفعول الثانى ؛ كما فعل بـ «إنّ» فى مثل «إنّ بك زيد مأخوذ».

__________________

(١) هو كعب بن زهير بن أبى سلمى ، المازنى ، أبو المضرب شاعر مخضرم ، ممن اشتهر فى الجاهلية ، ولما جاء الإسلام ، هجا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعاب نساءه ، فأهدر دمه ، ثم جاء يطلب الأمان ، وأسلم وأنشد أمام النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قصيدته المشهورة : بانت سعاد ...

له ديوان شعر ، مات سنة ٢٦ ه‍.

ينظر : الأعلام (٥ / ٢٢٦) ، خزانة الأدب (٤ / ١١ ـ ١٢).

(٢) البيت فى ديوانه ص ٦٢ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣١١ ، والدرر ١ / ١٧٢ ، ٢ / ٢٥٩ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٤٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١٢ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٦٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٣ ، ١٥٣.

(٣) البيت لبعض الفزاريين فى خزانة الأدب ٩ / ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٠ / ٣٣٥ ، والدرر ٢ / ٢٥٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٣ / ١٣٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ٦٥ ، وتخليص الشواهد ص ٤٤٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١١٤٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٤٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١١ ، ٣ / ٨٩ ، والمقرب ١ / ١١٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٣.

٢٤٨

(ص)

واستقبحوا توكيد ما يلغى وإن

تضمره أو تشر لمعناه يهن

(ش) التوكيد يدل على الاعتناء بالمؤكد ، والإلغاء يدل على عدم الاعتناء بالملغى ؛ فلذلك قبح توكيد ما ألغى من هذه الأفعال ؛ نحو : «زيد ظننت ظنّا منطلق».

فلو أضمر المصدر ، أو أشير إلى معناه اغتفر ذلك ؛ نحو : «زيد طننته مقيم» ، أو «ظننت ذاك».

ومنه قول الشاعر : [من الكامل]

يا عمرو إنّك قد مللت صحابتى

وصحابتيك ـ إخال ذاك ـ قليل (١)

وإنما اغتفر التوكيد بالضمير ، واسم الإشارة ؛ لأنهما لا يتنزلان منزلة تكرير الفعل.

بخلاف التوكيد بصريح المصدر ؛ فإنه بمنزلة تكرير الفعل فقبح كما يقبح تكرير الفعل إذا ألغى.

(ص)

تعليق أفعال القلوب غير (هب)

من قبل لام الابتداء قد وجب

وقبل منفى بـ (لا) و (ما) و (إن)

وما للاستفهام وضعه زكن

وهو عبارة عن الغاء العمل

لفظا فحسب كـ (ادر أى النّاس جلّ)

(ش) مما يختص بأفعال القلوب غير «هب» التعليق ، وهو إبطال العمل لفظا لا معنى على سبيل اللزوم.

وسببه أن يقع بين الفعل ، وبين ما يتعلق به لام الابتداء ، نحو : «علمت لزيد قائم».

أو استفهام ؛ نحو : «علمت أزيد عندك أم عمرو»؟ أو نفى بـ «ما» أو «لا» أو «إن» ؛ نحو : «علمت ما زيد عندك» ، و «علمت لا زيد عندك ، ولا عمرو» ، و «علمت إن زيد قام».

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) [الإسراء : ٥٢] وقوله : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) [الأنبياء : ٦٥]

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ٢ / ٩٣٢ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٦٤٢ ، والمقرب ١ / ١١٨.

٢٤٩

(ص)

ومع الاستفهام ألحق بـ (علم)

ما منه عرفان ونحوه فهم

وهكذا مجدى سؤال ، أو نظر

منتسب للقلب ، أو إلى البصر

ما بين الاستفهام ، والمعلّق

بنصبه ، أو رفعه احكم وانطق

نحو : (عرفت النّضر من هو)؟ فإن

ترفع تصب والنّصب بالفضل قمن

واجعل كذى استفهام المضافا

إليه فى التعليق حيث وافى

فك (درى أيّهم خير) : (درى

غلام أى) فامنع التّأثّرا

(ش) الإشارة بما فهم منه عرفان ، ونحوه إلى «عرف» و «شعر» و «فقه» و «فطن» وما أشبه ذلك ؛ نحو :

«عرفت من أبوك؟» ، و «شعرت أى أمر حبسك؟» ، و «فطنت أذلك حقّ أم باطل؟» والإشارة بـ :

 ... مجدى سؤال أو نظر

 ...

إلى نحو : «استخبرت هل زيد قائم؟» ، و «فكّرت هل ذلك كائن؟» ، و «نظرت هل عندك ريب؟».

ويلحق بهذا ما دل على رؤية عين ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ. هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) [المطففين : ٣٥ ، ٣٦]

وأسماء الاستفهام فى ذلك كحروفه.

وكذلك المضاف إلى ما فيه معنى الاستفهام ؛ فلذلك قلت :

فك «درى أيّهم خير» «درى

غلام أى» ...

أى : لا فرق بين «أى» وبين «غلام أى» فى عدم التأثر بـ «درى» ؛ لأن المستفهم به ، والمضاف إليه فى عدم التأثر بما قبلهما سيان.

وكذلك هما سيان فى قبول التأثر بما بعدهما ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧]

فإن كان الواقع بين المعلّق ، والمعلّق غير مضاف ؛ نحو : «علمت زيدا من هو» جاز نصبه ، وهو الأجود ؛ لكونه غير مستفهم به ، ولا مضاف إلى مستفهم به.

وجاز ـ أيضا ـ رفعه ؛ لأنه المستفهم عنه فى المعنى.

وهذا شبيه بقولهم : «إنّ أحدا لا يقول ذلك».

٢٥٠

فـ «أحد» هذا لا يستعمل إلا بعد نفى.

وهنا قد وقع قبل النفى ؛ لأنه والضمير فى «لا يقول» شىء واحد فى المعنى.

(ص)

ونحو خلك خاله وخلتنى

خصّوا بقلبى ومع فقد فقدتنى

عدمتنى شذّ ، وقل رأيتنى

رؤيا ورؤية بلا توهّن (١)

(ش) مما يختص بالأفعال القلبية إعمالها فى ضميرى رفع ونصب متصلين مع اتحاد المسمى ؛ نحو : «علمتنى فقيرا إلى عفو الله» ، وكذا «علمتك» و «علمه».

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) [العلق : ٦ ، ٧]

وأشرك فى هذا مع الأفعال القلبية : «رأيت» الحلمية والبصرية.

قال الله ـ تعالى ـ : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً) [يوسف : ٣٦]

وقالت عائشة ـ رضى الله عنها ـ : «لقد رأيتنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما لنا من طعام إلا الأسودان» (٢).

__________________

(١) والبيتين فى ط هكذا :

واخصص بفعل القلب نحو (خلتنى)

واستندروا (عدمتنى) (فقدتنى)

و (خاله) و (خلتك) استبح وقس

وامنع (ضربتنى) وشبهه تكس

(٢) لم أجده بهذا اللفظ ، ولقد جاءت الأحاديث كثيرة ، فيها موضع الشاهد ، منها حديث أبى الدرداء : «لقد رأيتنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعض أسفاره فى يوم شديد الحرّ ، حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه من شدّة الحرّ ، وما منّا أحد صائم إلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعبد الله بن رواحة.

أخرجه أحمد (٥ / ١٩٤) ، (٦ / ٤٤٤) ، ومسلم (٢ / ٧٩٠). كتاب الصيام : باب التخيير فى الصوم والفطر فى السفر (١٠٩ ـ ١١٢٢) ، وابن ماجه (١ / ٥٣٢) : كتاب الصيام : باب ما جاء فى الصوم فى السفر ، (١٦٦٥) ، والبيهقى (٤ / ٢٤٥). والحديث أخرجه البخارى ، وليس فيه موضع الشاهد ، (٤ / ٦٩٢) : كتاب الصوم : باب (٣٥) رقم (١٩٤٥) بلفظ : «خرجنا مع النبى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى بعض أسفاره فى يوم حارّ ...» الحديث. ومنها حديث ابن مسعود : «لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه أو مريض ...».

أخرجه أحمد (١ / ٣٨٢) ، ومسلم (١ / ٤٥٣) : كتاب المساجد : باب صلاة الجماعة من سنن الهدى ، (٢٥٦ ، ٢٥٧ ـ ٦٥٤) ، وأبو داود (١ / ٢٠٦) : كتاب الصلاة : باب فى التشديد فى ترك الجماعة (٥٥٠) ، والنسائى (٢ / ١٠٨) كتاب الإمامة باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن ، وابن خزيمة (١٤٨٣).

٢٥١

وهو كثير فى الشعر الفصيح.

وشذ هذا الاستعمال فى «عدم» و «فقد» ؛ قال جران العود : [من الطويل]

لقد كان لى عن ضرّتين عدمتنى

وعمّا أقاسى منهما متزحزح (١)

وقال آخر فى «فقدتنى» : [من الطويل]

ندمت على ما فات منّى فقدتنى

كما يندم المغبون حين يبيع (٢)

ولا يجوز فى «أكرم» وشبهه أن يقال : «أكرمتنى» و «أكرمتك» ، بل الواجب إذا قصد ذلك أن يقال : «أكرمت نفسى» و «أكرمت نفسك».

فلو كان أحد الضميرين منفصلا جاز إسناد الفعل إلى أحدهما ، وإيقاعه على الآخر دون اختصاص بأفعال القلوب ؛ نحو : «ما أكرمت إلا إيّاى».

فصل فى إجراء القول مجرى الظن

(ص)

بالقول تحكى وفروعه الجمل

وما بمعناه انصبنه كالمثل

والقول مطلقا كظنّ عملا

عند سليم ، وعلى ذا حملا

(قالت ـ وكنت رجلا فطينا ـ

هذا لعمر الله إسرائينا)

وغيرهم يخصّ ذا بـ (تفعل)

إذا بالاستفهام قبل يوصل

كمثل : (هل تقول : زيدا منجدا)؟

وبعضهم فيه روى مستشهدا

(متى تقول : القلّص الرّواسما

يحملن أمّ قاسم وقاسما)؟

والفصل بالمفعول أو بالظّرف أو

بالخافض اغتفر وراع ما رعوا

واحك لفصل بسواهنّ (هل

أنت تقول عامرا قد ارتحل)؟

(ش) الأصل فيما تعلق من الجمل بقول أن يورد محكيّا ؛ سواء كان فعلا أو مصدرا ، أو اسم فاعل.

فإن كان المتعلق به مفردا بمعنى جملة نصب بالقول ؛ نحو قولك : «قلت مثلا ،

__________________

ومنها حديث أبى بكرة : «لقد رأيتنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنا لنرمل بالجنازة رملا».

أخرجه أحمد (٥ / ٣٦ ، ٣٧ ، ٣٨) ، وأبو داود (٣ / ٢٠٥) : كتاب الجنائز : باب الإسراع بالجنازة (٣١٨٢) ، والنسائى (٤ / ٤٢ ، ٤٣) : كتاب الجنائز : باب السرعة بالجنازة ، والطيالسى (٨٨٣) ، وابن حبان ، (٣٠٤٣ ، ٣٠٤٤) ، والبيهقى (٤ / ٢٢).

(١) البيت فى ديوانه ص ٤٠ ، وشرح المفصل ٧ / ٨٨ ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٤٢١.

(٢) ينظر الأمالى ١ / ١٣٦.

٢٥٢

وقلت حديثا ، وشعرا ، وخطبة ، وقصّة» ، ونحو ذلك.

وبنو سليم يجرون القول مجرى الظن ، سواء كان فعلا ماضيا ، أو مضارعا أو أمرا ، أو اسم فاعل ، أو مصدرا ؛ فيقولون : «قلت : زيدا منطلقا» ، و «أعجبنى قولك :

عمرا مقيما» ، و «أنت قائل : بشرا كريما».

وعلى هذه اللغة تفتح «إنّ» بعد «قلت» وشبهه ؛ قال الحطيئة (١) : [من الطويل]

إذا قلت : أنّى آيب أهل بلدة

وضعت بها عنه الوليّة بالهجر (٢)

كذا أنشده أبو على فى «التذكرة».

وغير سليم يشترطون فى جريان القول مجرى الظن أن يكون فعلا مضارعا ، مسندا إلى مخاطب ، متصلا باستفهام.

فإن فصل بينه وبين الاستفهام أحد المفعولين ، أو ظرف أو جار ومجرور ـ لم يضر الفصل.

فإن فصل بغير ذلك بطلت موافقة الظن ، وتعينت الحكاية ؛ نحو قولك : «أأنت تقول : زيد راحل»؟

ومن الفصل المغتفر قول الشاعر ـ [هو عمر بن أبى ربيعة] (٣) ـ : [من الوافر]

أجهّالا تقول بنى لؤى

لعمر أبيك أم متجاهلينا؟ (٤)

وتقول إذا فصلت بظرف أو جار ومجرور : «أغدا تقول : زيدا راحلا»؟

__________________

(١) هو جرول بن أوس بن مالك العبسى ، أبو مليكة ، الشاعر المشهور بالحطيئة ، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ، وكان هجاءا عنيفا ، لم يكد يسلم من لسانه أحد ، سجنه عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ بسبب شعره فاستعطفه بأبيات ، فأخرجه ونهاه عن هجاء الناس. له ديوان شعر. مات سنة ٤٥ ه‍.

ينظر : الأعلام (٢ / ١١٨) ، الأغانى (٢ / ١٥٧) ، خزانة الأدب (١ / ٤٠٩).

(٢) البيت فى ديوانه ص ٢٢٥ ، وتخليص الشواهد ص ٤٥٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٤٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٢ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٣٢ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٧٢ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٥.

(٣) سقط فى ط.

(٤) وينسب البيت للكميت بن زيد فى خزانة الأدب ٩ / ١٨٣ ، ١٨٤ ، والدرر ٢ / ٢٧٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٣٢ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٣ ، وشرح المفصل ٧ / ٨٧ ، والكتاب ١ / ١٢٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٢٩ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى أمالى المرتضى ١ / ٣٦٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ٧٨ ، وتخليص الشواهد ص ٤٥٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٣٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٩٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٨ ، والمقتضب ٢ / ٣٤٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٧.

٢٥٣

و «أفى الدّار تقول : عمرا جالسا»؟

والحكاية جائزة إذا كملت شروط إجراء القول مجرى الظن ؛ لأنه الأصل.

فصل فى (أعلم) وما جرى مجراه

(ص)

«أعلم» مفاعيل ثلاثة نصب

ول (أرى) مرادفا هذا وجب

وقل فى (حدّث) ثمّ (نبّأ)

وقيس فعلا (خبّر) و (أنبأ)

بهمزة النّقل (رأى) و (علما)

توصّلا لثالث تقدّما

وفاعلا كان وتلواه هما

على الّذى كانا عليه فاعلما

(ش) «أعلم» و «أرى» : هما «علم» و «رأى» المتعديان إلى مفعولين هما فى الأصل مبتدأ وخبر.

ثم أدخلت عليهما همزة التعدية ، وتسمى همزة النقل فازدادا مفعولا ثالثا ، وهو الذى كان فاعلا قبل النقل ؛ كقولك : «أعلم ابنى خالدا زيدا أخا» ، وأصله : «علم خالد زيدا أخا» ، فدخلت الهمزة ، وأسند «أعلم» إلى الابن ، ونصب «خالدا» مفعولا بعد أن كان فاعلا ، فتكمل به لـ «أعلم» ثلاثة مفاعيل.

والكلام على «أرى» كالكلام على «أعلم».

ولم يلحق سيبويه (١) بـ «أعلم» و «أرى» إلا «نبّأ» ، والمشهور تعديها إلى واحد ، وإلى غيره بحرف جر.

ومن تعديها إلى ثلاثة قول النابغة الذبيانى : [من الكامل]

نبّئت زرعة والسّفاهة كاسمها

يهدى إلى غرائب الأشعار (٢)

وزاد أبو على «أنبأ».

وزاد السيرافى «حدّث» و «أخبر» و «خبّر» :

وشاهد «حدّث» قول الحارث بن حلزة (٣) : [من الخفيف]

__________________

(١) ينظر الكتاب (١ / ٤١).

(٢) البيت فى ديوانه ص ٥٤ ، وتخليص الشواهد ص ٤٦٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ٣١٥ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٣٩ ، وأساس البلاغة (أبد) ، وبلا نسبة فى شرح ابن عقيل ص ٢٣٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥٢.

(٣) هو الحارث بن حلزة بن مكروه بن يزيد اليشكرى الوائلى ، شاعر جاهلى ، أحد أصحاب ـ

٢٥٤

أو منعتم ما تسألون فمن حد

دثتموه له علينا العلاء (١)

وأنشد ابن خروف فى «شرح الكتاب» شاهدا على «أنبأ» : [من المتقارب]

وأنبئت قيسا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن (٢)

وأنشد غيره على «خبّر» : [من الطويل]

وخبّرت سوداء الغميم مريضة

فأقبلت من أهلى بمصر أعودها (٣)

وأنشدوا ـ أيضا ـ على «أخبر» : [من البسيط]

وما عليك إذا أخبرتنى دنفا

وغاب بعلك يوما أن تعودينى (٤)

(ص)

سوى (رأى) من أخواته جرى

مع همزة النّقل كما يجرى (أرى)

بذلك الأخفش قدما حكما

ومن يخالفه هنا فقد سما

(ش) أجاز الأخفش (٥) أن يعامل غير «علم» و «رأى» من أخواتهما القلبية الثلاثية

__________________

ـ المعلقات كان يضرب به المثل فى الفخر ، حتى قيل : «أفخر من الحارث بن حلزة» له ديوان شعر. ينظر : الأعلام (٢ / ١٥٤) ، الأغانى (١١ / ٤٢) ، الشعر والشعراء (٥٣).

(١) البيت فى ديوانه ص ٢٧ ، وتخليص الشواهد ص ٤٦٨ ، والدرر ٢ / ٢٨٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، وشرح القصائد السبع ص ٤٦٩ ، وشرح القصائد العشر ص ٣٨٧ ، وشرح المعلقات السبع ص ٢٢٥ ، وشرح المعلقات العشر ص ١٢٢ ، وشرح المفصل ٧ / ٦٦ ، والمعانى الكبير ٢ / ١٠١١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٥ ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٦٨٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٣٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٩.

(٢) البيت من المتقارب وهو للأعشى فى ديوانه ص ٧٥ ، وتخليص الشواهد ص ٤٦٧ ، والدرر ٢ / ٢٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٤١٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٠ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٣٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٩.

(٣) البيت للعوام بن عقبة (أو عتبة) فى الدرر ٢ / ٢٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٢ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٤٦٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤١٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٣٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٩.

(٤) البيت لرجل من بنى كلاب فى الدرر ٢ / ٢٧٩ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٣ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٤٦٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٤٢٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٣٣.

(٥) قال ابن جنى : وأجاز أبو الحسن : أظننت زيدا عمرا عاقلا ، ونحو ذلك ، وامتنع عنه أبو عثمان ، وقال : استغنت العرب عن ذلك بقولهم : جعلته يظنه عاقلا.

ينظر : الخصائص : ١ / ٢٧٢.

٢٥٥

معاملتهما فى النقل إلى ثلاثة بالهمزة.

فيقال على مذهبه : «أظننت زيدا عمرا فاضلا». وكذلك : «أحسبته» و «أخلته» و «أزعمته».

ومذهبه فى هذا ضعيف ؛ لأن المعدى بالهمزة فرع المعدى بالتجرد ، وليس فى الأفعال متعديا بالتجرد ، إلى ثلاثة فيحمل عليه متعد بالهمزة.

فكان مقتضى هذا ألا ينقل «علم» و «رأى» إلى ثلاثة ، لكن ورد السماع بنقلهما فقبل.

ووجب ألا يقاس عليهما ، ولا يستعمل استعمالهما إلا ما سمع.

ولو ساغ القياس على «أعلم» و «أرى» ، لجاز أن يقال : «أكسيت زيدا عمرا ثوبا» ؛ وهذا لا يجوز بإجماع.

(ص)

وأجر مجرى (خلت) فعلا صيغ من

ذا الباب للمفعول حيثما يعن

وإن يكن من باب (خلت) لحقا

ب (كان) نحو : (خيل زيد مشفقا)

(ش) دخول همزة النقل ، وصوغ الفعل للمفعول متقابلان بالنسبة لما ينشأ عنهما.

فدخول الهمزة على الفعل يجعله متعديا إلى مفعول لم يكن متعديا إليه بدونها.

وصوغه للمفعول يجعله قاصرا عن مفعول كان متعديا إليه قبل الصوغ ، فالذى لا يتعدى إن دخلته همزة النقل تعدى إلى واحد.

والمتعدى إلى واحد يتعدى بها إلى اثنين ، والمتعدى إلى اثنين يتعدى بها إلى ثلاثة ، والمتعدى إلى ثلاثة (١) بصوغه للمفعول يصير متعديا إلى اثنين.

وذو الاثنين يصير متعديا إلى واحد ، وذو الواحد يصير غير متعد.

وإن كان المصوغ للمفعول من باب «أعلم» ، لحق بباب «ظنّ».

وإن كان من باب «ظنّ» لحق بباب «كان».

فتقول فى : «أعلم الله زيدا عمرا فاضلا» : «أعلم زيد عمرا فاضلا».

فيجرى مجرى : «علم زيد عمرا فاضلا» فى معناه وحكمه.

وتقول فى «علم زيد عمرا فاضلا» : «علم عمرو فاضلا» ؛ فيجرى مجرى : «كان عمرو فاضلا» فى الأحكام كلها. والله الموفق.

__________________

(١) فى أ: وذو الثلاثة.

٢٥٦

باب الفاعل

(ص)

ما تمّ مسند له خلو لزم

سبقا بصوغ الأصل فاعلا وسم

فارفعه بالمسند نحو : (جا أبو

زيد) و (عنّى هجر خلّ صاحب) (١)

وربّما جرّ بباء ، أو بـ (من)

فقدّر الرّفع وإن يتبع يبن

(ش) الفاعل : هو المسند إليه فعل تام ، مقدم ، فارغ ، باق على الصوغ الأصلى ، أو ما يقوم مقامه.

فالمسند إليه يعم الفاعل والنائب عنه ، والمبتدأ ، والمنسوخ الابتداء.

والتقييد بالتمام يخرج اسم «كان».

والتقديم والفراغ يخرجان نحو : «يقومان الزّيدان» على لغة «أكلونى البراغيث».

وبقاء الصوغ الأصلى يخرج النائب عن الفاعل.

وذكر ما يقوم مقامه يدخل الفاعل المسند إليه مصدر ، أو اسم فعل (٢) أو صفة ، أو ظرف ، أو شبهه.

ولم أصدر حد الفاعل بـ «الاسم» ؛ لأن الفاعل قد يكون غير اسم ؛ نحو : «بلغنى أنّك ذاهب».

وهذا الذى فصلته مجمل فى البيت الأول.

واشتمل البيت الثانى على فاعلى فعلين وهما : «أبو زيد» و «هجر صبّ خلّ».

وعلى فاعل اسم قائم مقام الفعل وهو «زينب» فإن رافعه «هجر صبّ خلّ» ، وجر الفاعل بباء ؛ نحو : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [الرعد : ٤٣]

ونحو قول قيس بن زهير (٣) : [من الوافر]

ألم يأتيك والأنباء تنمى

بما لاقت لبون بنى زياد (٤)

__________________

(١) فى ط : (عنى هجر صب زينب).

(٢) فى أ: أو اسم فاعل.

(٣) هو قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسى ، أمير عبس ، وأحد السادة القادة فى عرب العراق ، معدود فى الأمراء والدهاة والشجعان والخطباء والشعراء ، شعره جيد فحل ، ورث الإمارة عن أبيه ، واشتهرت وقائعه فى حروبه مع بنى فزارة وذبيان ، وحكمته فى مأثور كلامه مستفيضة. مات سنة (١٠ ه‍). ينظر : الأعلام (٢ / ٢٠٦) ، خزانة الأدب (٣ / ٥٣٦).

(٤) البيت فى الأغانى ١٧ / ١٣١ ، وخزانة الأدب ٨ / ٣٥٩ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، والدرر ١ / ١٦٢ ، ـ

٢٥٧

ومثله قول الآخر : [من الرجز]

مهما لى اللّيلة مهما ليه

أودى بنعلىّ وسرباليه

التقدير : ألم يأتيك ما لاقت ، وأودى نعلاى.

وأما جر الفاعل بـ «من» فكثير ، لكن بشرط أن يكون نكرة بعد نفى ، أو شبهه ، نحو : «ما جاءنى من أحد».

وأشرت بقولى :

 ...

 ... وإن يتبع يبن

إلى أن الفاعل المجرور إذا تبعه وصف أو عطف ـ جاز رفع ما تبعه منهما حملا على الموضع ، وجره حملا على اللفظ ؛ نحو : «ما جاء من أحد كريم» ، و «كريم».

و «ما جاء من أحد ، ولا امرأة» ؛ و «لا امرأة» ، فإن كان المعطوف معرفة ، تعين الرفع ؛ نحو : «ما جاء من عبد ولا زيد».

(ص)

وأضمر الفاعل فى الفعل الّذى

أخّرته كمثل : (زيد يغتذى)

و (ابناك قاما) و (الرّجال انطلقوا)

وواجب تجريد فعل يسبق

وقد تلى علامة كمضمر

فى لغة كـ (انطلقوا بنو السّرى)

وبعضهم يجعل نحو ذا خبر

مقدّرا تقديم ما بعد ظهر

وقد يكون الاسم بعد بدلا

وأوّل الأقوال راعيه اعتلا

(ش) الفعل والفاعل كجزأى كلمة ، فلا يجوز أن يتقدم الفاعل على الفعل مع بقاء فاعليته ؛ كما لا يجوز تقدم عجز الكلمة على صدرها.

__________________

ـ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٤٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٠٨ ، وشرح شواهد المغنى ص ٣٢٨ ، ٨٠٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٣٠ ، ولسان العرب (أتى) ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٠٣ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٢٨٠ ، والإنصاف ١ / ٣٠ ، وأوضح المسالك ١ / ٦ ، والجنى الدانى ص ٥٠ ، وجواهر الأدب ص ٥٠ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٢٤ ، والخصائص ١ / ٣٣٣ ، ٣٣٧ ، ورصف المبانى ص ١٤٩ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٨٧ ، ٢ / ٦٣١ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٦٨ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ١٨٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٢٤ ، ١٠ / ١٠٤ ، والكتاب ٣ / ٣١٦ ، ولسان العرب (قدر) ، (رضى) ، (شظى) ، (يا) ، والمحتسب ١ / ٦٧ ، ٢١٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٠٨ ، ٢ / ٣٨٧ ، والمقرب ١ / ٥٠ ، ٢٠٣ ، والممتع فى التصريف ٢ / ٥٣٧ ، والمنصف ٢ / ٨١ ، ١١٤ ، ١١٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٢.

٢٥٨

وإن وقع الاسم قبل الفعل فهو مبتدأ معرض لتسلط نواسخ الابتداء عليه.

وفاعل الفعل ضمير بعده مطابق للاسم السابق ؛ نحو : «زيد يغتذى» و «ابناك قاما» و «الرّجال انطلقوا» و «الهندات ذهبن».

وقولى :

 ...

وواجب تجريد فعل يسبق

أى : إذا تقدم الفعل لا يلحق به علامة تثنية ، ولا جمع فى اللغة المشهورة ، بل يكون لفظه قبل غير الواحد والواحدة كلفظه قبلهما.

ومن العرب من يوليه قبل الاثنين ألفا ، وقبل الذكور واوا ، وقبل الإناث نونا محكوما بحرفيتها مدلولا بها على حال الفاعل الآتى قبل أن يأتى.

كما تدل تاء : «فعلت هند» على تأنيث الفاعلة قبل أن تأتى.

وقد تكلم بهذه اللغة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ قال : «يتعاقبون فيكم ملائكة باللّيل ، وملائكة بالنّهار» (١). ومن هذه اللغة قول الشاعر : [من الطويل]

تولّى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم (٢)

وقال آخر : [من الطويل]

__________________

(١) أخرجه مالك فى الموطأ (١ / ١٧٠) كتاب قصر الصلاة فى السفر ، (٨٢) ، وأحمد (٢ / ٤٨٦) ، والبخارى (٢ / ٢٢١) : كتاب مواقيت الصلاة : باب فضل صلاة العصر ، (٥٥٥) ، (٦ / ٤٥٠) ، كتاب بدء الخلق : باب ذكر الملائكة عليهم‌السلام ، (٣٢٢٣) ، (١٥ / ٣٧٥) : كتاب التوحيد : باب قول الله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) (٧٤٢٩) ، (١٥ / ٤٢٨) : كتاب التوحيد : باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة ، (٧٤٧٦) ، ومسلم (١ / ٤٣٩) : كتاب المساجد : باب فضل صلاتى الصبح والعصر والمحافظة عليهما ، (٢١٠ ـ ٦٣٢) ، والنسائى (١ / ٢٤٠) : كتاب الصلاة : باب فضل صلاة الجماعة ، وابن حبان (١٧٣٧ ، ١٧٣٨ ، ٢٠٦١) من حديث أبى هريرة مرفوعا : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار ، ويجتمعون فى صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربّهم ، وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادى؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلّون».

(٢) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات فى ديوانه ص ١٩٦ ، وتخليص الشواهد ص ٤٧٣ ، والدرر ٢ / ٢٨٢ ، وشرح التصريح ١ / ٢٧٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٨٤ ، ٧٩٠ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٦١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ١٠٦ ، والجنى الدانى ص ١٧٥ ، وجواهر الأدب ص ١٠٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٧٠ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٢٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٣٩ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٦٧ ، ٣٧١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٦٠.

٢٥٩

بنى الأرض قد كانوا بنى فعزّنى

عليهم لآجال المنايا كتابها (١)

وقال آخر : [من الطويل]

رأين الغوانى الشّيب لاح بعارضى

فأعرضن عنّى بالخدود النّواضر (٢)

وبعض النحويين يجعل ما ورد من هذا خبرا مقدما ، ومبتدأ مؤخرا.

وبعضهم يجعل ما اتصل بالفعل من الألف والواو والنون المشار إليهن مبدلة منها الأسماء المذكورة بعد.

وهذا ليس بممتنع إذا كان من سمع منه ذلك من غير أصحاب اللغة المذكورة.

وعلى هذين الوجهين يتخرج قوله ـ تعالى ـ : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأنبياء : ٣] ، وقوله : (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا) [المائدة : ٧١].

ويجوز أن يكون «الّذين» فى موضع رفع بإضمار فعل على حملة الذم.

وأما أن يحمل جميع ما ورد من «ذلك» أن الألف فيه والواو والنون ضمائر فغير صحيح ؛ لأن الأئمة المأخوذ عنهم هذا الشأن متفقون على أن ذلك لغة لقوم مخصوصين من العرب ؛ فوجب تصديقهم فى ذلك كما نصدقهم فى غيره. وبالله الاستعانة والتوفيق.

(ص)

ويشبه الفاعل جزء الفعل

فالأصل أن يتلوه دون فصل

والأصل فى المفعول أن ينفصلا

والنّيّة التّأخير حيث اتّصلا

لذاك نحو : (خاف ربّه عمر)

فشا ، وقلّ (زان نوره الشّجر)

فى (ساء عبد هند بعلها) وما

أشبهه : الفاعل لن يقدّما

وإن عكست العملين صحّ فى

رأى ، ومنع ذاك بعض يقتفى

(ش) قد تقدم التنبيه على أن الفعل والفاعل كجزأى كلمة ؛ ولذلك لم يستغن عن الفاعل ، ولم يقدم على الفعل مع بقائه فاعلا.

ودلت العرب على كونهما كشىء واحد بوصل علامة تأنيث الفاعل ؛ بالفعل

__________________

(١) البيت للفرزدق فى تخليص الشواهد ص ٤٧٤ ولم أجده فى ديوانه.

(٢) البيت لمحمد بن عبد الله العتبى فى الأغانى ١٤ / ١٩١ ، وتخليص الشواهد ص ٤٧٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٧٣ ، ولمحمد بن أمية فى العقد الفريد ٣ / ٤٣ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٧١ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٢٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٤٠.

٢٦٠