شرح الكافية الشّافية - ج ١

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٥٨٣
الجزء ١ الجزء ٢

ولا تضاف «إذا» إلا إلى جملة فعلية ، وأجاز الأخفش أن تضاف إلى جملة اسمية ، وحمل عليها «حيث» ، فألزمت الإضافة إلى الجملتين.

وشذ إفراد ما تضاف إليه فى قول الراجز : [من الرجز]

أما ترى حيث سهيل طالعا (١)

وفى قول الشاعر : [من الطويل]

ونطعنهم تحت الحبا (٢) بعد ضربهم

ببيض المواضى ، حيث لى العمائم (٣)

قال ابن كيسان : رواية «حيث» فى هذا البيت بالفتح ، والأكثر بالضم.

وإلى هذا أشرت بقولى :

 ...

و «حيث» فى غير [ضرورة كذا] (٤)

وأنشد أبو على قول الشاعر : [من الطويل]

إذا ريدة (٥) من حيثما نفحت له

أتاه بريّاها خليل يواصله (٦)

قال أبو على : «حذف ما تضاف إليه «حيث» كما حذف ما تضاف إليه «إذ».

قلت : «إذ» كثر حذف ما تضاف إليه ؛ لأنها كالأصل فى الإضافة إلى الجمل ؛ لكنها عند حذف ما تضاف إليه يلزم أن تنون وتكسر ذالها ؛ لالتقاء الساكنين ، وهذا التنوين الذى يلحقها هو عوض من المضاف إليه ؛ ولذلك لا يستغنى عنه إذا حذف.

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (حيث) ، وتاج العروس ٣٠ (حيث) وتهذيب اللغة ٥ / ٢١١ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣ ، والدرر ٣ / ١٢٤ ، شرح شذهور الذهب ص ١٦٨ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٩٠ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٢.

(٢) الحبى : الحابى : المرتفع المنكبين إلى العنق. (القاموس ـ حبا).

(٣) البيت للفرزدق فى شرح شواهد المغنى ١ / ٣٨٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٧ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٢٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٥٣ ، ٥٥٧ ، ٥٥٨ ، ٧ / ٤ ، والدرر ٣ / ١٢٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٢.

(٤) فى ط : شذوذ هكذا.

(٥) الريدة : الريح اللينة الهبوب. (اللسان ـ ريد).

(٦) البيت لأبى حية النميرى فى ديوانه ص ٧٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٥٤ ، ٥٥٩ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٩٠ ، ولسان العرب (ريد) ، (خلل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨٦ ، وبلا نسبة فى الدرر ٣ / ١٢٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٢ ، وتاج العروس (خلل) ، وكتاب العين ٨ / ٦٥.

٤٢١

ولما كان عوضا من الجملة ، وكان وجود الجملة معطيا لـ «إذ» شبها بالموصول استحقت به البناء ، قام التنوين مقامها فى إيجاب بناء «إذ».

وزعم الأخفش أن كسرة ذال «حينئذ» كسرة إعراب ، وأن «إذ» إنما بنيت لإضافتها إلى الجملة. فلما حذفت الجملة عاد إليها الإعراب ، فجرت بالإضافة.

ويبطل رأيه أن ذلك الكسر يوجد دون إضافة إلى «إذ» ؛ فإنه قد روى عن العرب موضع «كان ذلك حينئذ» : «كان ذلك إذ». وهذا بين ـ والله أعلم ـ.

ومنه قول الشاعر : [من الوافر]

نهيتك عن طلابك أمّ عمرو

بعاقبة وأنت إذ صحيح (١)

وزعم الأخفش ـ أيضا ـ أنه أراد «حينئذ» فحذف «حينا» وأبقى جر «إذ» ، وهذا بعيد. وغير قول الأخفش أولى بالصواب ، والله أعلم.

وبعد من حيث أن «حينا» بمعنى «وقت» ، و «إذ» معناها : وقت ، ومثل هذه الإضافة فى تقدير الاطراح فلا ينوى مع الحذف ـ والله أعلم ـ.

(ص)

ومثل (إذ) معنى كـ (إذ) أضيفا

للجملتين وافتحن تخفيفا

وقبل فعل ماض البنا رجح

والعكس قبل غيره أيضا وضح

وما بـ (إذ) ألحق ثمّ ثنّى

فليس عن إعرابه تستغنى

(ش) معلوم أن «إذ» دال على زمن ماض مبهم غير محدود ؛ فأى اسم وافقه فى معناه جاز أن يضاف إلى جملة ماضية المعنى ، اسمية كانت ، أو فعلية نحو : «الحين» و «الوقت» و «السّاعة» و «الزّمان» ؛ وكذا «اليوم» ؛ لأن اليوم عند العرب لا يختص بالنهار إلا بقرينة ؛ مثل أن يقال : «لا آتيك فى يوم ولا ليلة».

فإن قلت : لا آتيك يوما ولم تقرنه بـ «ليلة» كان بمعنى «وقت» و «حين» ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) [القيامة : ٣٠] ، وهذا لا يختص بليل ، ولا نهار ؛

__________________

(١) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى خزانة الأدب ٦ / ٥٣٩ ، ٥٤٣ ، ٥٤٤ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ١٧١ ، وشرح شواهد المغنى ص ٢٦٠ ، ولسان العرب (أذذ) ، (شلل) ، ١٥ / ٤٦٢ (إذ) ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠١ ، وتذكرة النحاة ص ٣٧٩ ، والجنى الدانى ص ١٨٧ ، ٤٩٠ ، وجواهر الأدب ص ١٣٨ ، والخصائص ٢ / ٣٧٦ ، ورصف المبانى ص ٣٤٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٣١ ، ومغنى اللبيب ص ٨٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٦١.

٤٢٢

لأن المراد به وقت الاحتضار ، والنزع.

وإذا أضيف المحمول على «إذ» إلى جملة جاز إعرابه ، وبناؤه على الفتح ، إلا أن بناءه راجح إذا وليه فعل ماض ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم

فندلا زريق المال ندل الثّعالب (١)

فإن كان اسم الزمان محدودا كـ «شهر» لم يجز أن يضاف إلى جملة ؛ لمباينة معناه معنى «إذ» و «إذا».

فإن ثنى المضاف إلى جملة أعرب.

قال ابن كيسان : «من قال : «أعجبنى يوم زرتنى» ففتح ، قال فى التثنية : «أعجبنى يوما زرتنى».

وحكم بعض المتأخرين للمضاف إلى «يفعلن» ونحوه بما يحكم لمتلو الماضى ؛ فيختار البناء فى نحو : «من حين ينطلقن» ؛ كما يختاره فى نحو : «من حين قام» ؛ لوجود البناء فى المضارع. كما هو موجود فى الماضى.

(ص)

ولا تضف «إذا» لجملة ابتدا

ومثلها معنى كها اجعل أبدا

وغير هذا عن قياس انعزل

نحو : «التلاق يوم هم» فلا تهل

(ش) «إذا» اسم زمان مستقبل فيه معنى الشرط ـ غالبا ـ فلذلك لا يليها إلا فعل ، أو اسم بعده فعل نحو قوله ـ تعالى ـ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق : ١].

وإذا وليها اسم بعده فعل جعل الفعل المتأخر مفسرا لفعل متقدم رافع للاسم. لا يجيز سيبويه غير هذا. وأجاز الأخفش ارتفاع الاسم بالابتداء (٢).

وإذا أضيف اسم زمان إلى جملة مستقبلة المعنى ، وجب عند سيبويه منع كونها اسمية ؛ كما يمنع ذلك بعد «إذا» ؛ لأن «إذ» و «إذا» هما أصلان لكل زمان أضيف إلى جملة.

__________________

(١) تقدم تخريج هذا البيت.

(٢) قال ابن جنى مدللا على صحة ما ذهب إليه الأخفش : ومن ذلك أن تستدل بقول ضيغم الأسدى :

إذا هو لم يخفنى فى ابن عمى

 ـ وإن لم ألقه ـ الرجل الظلوم

على جواز ارتفاع الاسم بعد (إذا) الزمانية بالابتداء ... ينظر : الخصائص : ١ / ١٠٥.

٤٢٣

فإذا كان معناها المضى فالموضع لـ «إذ» فيجرى ذلك الاسم مجراها.

وإن كان معناها الاستقبال فالموضع لـ «إذا» ؛ فيجرى ذلك الاسم مجراها.

وهذا الذى اعتبره سيبويه (١) بديع ، لو لا أن من المسموع ما جاء بخلافه كقوله ـ ؛ تعالى ـ : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) [غافر : ١٦].

وكقول سواد بن قارب ـ رضى الله عنه ـ : [من الطويل]

وكن لى شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (٢)

وإلى الآية والبيت أشرت بقولى :

وغير هذا عن قياس انعزل

 ...

(ص)

[و (اذهب بذى تسلم) نادرا أتى

وثنّ واجمعن فكلّ ثبتا] (٣)

كذا أضافوا (آية) للفعل إن

معنى (علامة) أبانت للفطن

وإثر (ريث) و (لدن) (أن) قدّرا

من قبل فعل نحو (من لدن سرى)

(ش) يقال : «اذهب بذى تسلم» أى : بصاحب سلامتك وفى التثنية والجمع : «اذهبا بذى تسلمان» و «اذهبوا بذى تسلمون» ؛ فأضافوا «ذا» بمعنى : صاحب إلى هذا الفعل خاصة. ولا يفعل ذلك بغيره.

وكذا أضافوا «آية» بمعنى : علامة إلى الجمل الفعلية ؛ كقول الشاعر : [من الوافر]

ألا من مبلغ عنّى تميما

بآية ما يحبّون الطّعاما (٤)

وكقول الآخر : [من الوافر]

بآية تقدمون الخيل شعثا

كأنّ على سنابكها مداما (٥)

__________________

(١) جملة هذا الباب أن الزمان إذا كان ماضيا أضيف إلى الفعل وإلى الابتداء والخبر ؛ لأنه فى معنى إذ فأضيف إلى ما يضاف إليه إذ. وإذا كان لما لم يقع لم يضف إلا إلى الأفعال لأنه فى معنى إذا ، وإذا هذه لا تضاف إلا إلى الأفعال. ينظر : الكتاب (٣ / ١١٩).

(٢) تقدم تخريج هذا البيت.

(٣) فى أ:

واذهب بذى تسلم جا وإن ترد

فروع فاعليه فالسمات زد

(٤) البيت ليزيد بن عمرو بن الصعق فى خزانة الأدب ٦ / ٥١٢ ، ٥١٤ ، ٥١٥ ، ٥١٨ ، ٥١٩ ، ٥٢٣ ، ٥٢٦ ، والدرر ١ / ٩٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٣٦ ، وشرح المفصل ٣ / ١٨ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٠ ، والكتاب ٣ / ١١٨ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٢٥٠ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٢٠ ، ٦٣٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥١.

(٥) البيت للأعشى فى خزانة الأدب ٦ / ٥١٢ ، ٥١٥ ، ولسان العرب ، (سلم) ، وليس فى ـ

٤٢٤

وزعم ابن جنى أن «ما» فى قوله :

 ...

بآية ما يحبّون الطّعاما

مصدرية.

ونص سيبويه (١) على أنها زائدة ، وأن الإضافة إلى الفعل نفسه.

وجاء عن العرب إضافة «ريث» و «لدن» إلى الفعل على تقدير «أن» المصدرية ـ والله أعلم ـ.

فصل

(ص)

وبعض ما يضاف حتما أفردا

ك (مع) و (كلّ) ثمّ (بعض) و (عدا)

(كلّ) مضاف معنى ان يفرد لذا

لم يصحب (ال) نقلا وحالا شذّذا

وحقّ (مع) نصب وقد تسكّن

ونيلها الإفراد حالا يحسن

واجرر أو انصب (غدوة) بعد (لدن)

وذا إضافة إلى سواه كن

وجوّز الأخفش جرّ ما عطف

من بعد نصب (غدوة) ولم يحف

والنّصب ـ أيضا ـ قد رأى سعيد

فيه وعندى نصبه بعيد

وأعربت قيس (لدن) وفقعس

إعراب (حيث) عنهم مقتبس

لما تقدم التنبيه على ما يلازم الإضافة لفظا ومعنى أردفته بالتنبيه على ما يلازمها معنى ، ويفارقها لفظا فى بعض الأحوال.

فمن ذلك : «كلّ» والمشهور فى استعماله ألا يخلو من الإضافة لفظا إلا وهو مضاف معنى ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧] ؛ ولأجل نية إضافته لم تدخل عليه الألف واللام إلا فى كلام المتأخرين.

وأجاز الأخفش تجريده من معنى الإضافة ، وانتصابه حالا ، ووافقه أبو على فى

__________________

ـ ديوانه ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٢٥٠ ، والدرر ٥ / ٣٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨١١ ، وشرح المفصل ٣ / ١٨ ، والكتاب ٣ / ١١٨ ، ولسان العرب (أيا) ، ومغنى اللبيب ١ / ٤٢ ، ٢ / ٥٣٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥١.

(١) ينظر : الكتاب (٣ / ١١٨).

٤٢٥

وأجاز الأخفش تجريده من معنى الإضافة ، وانتصابه حالا ، ووافقه أبو على فى الحلبيات (١).

و «بعض» كـ «كلّ» إلا ـ فيما نسب إلى «كلّ» من وقوعها حالا. وأما «مع» : فاسم معرب ملازم للإضافة لا ينفك عنها ؛ إلا مستعملا حالا بمعنى «جميع» ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

بكت عينى اليسرى فلمّا زجرتها

عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا (٢)

وإلى هذا أشرت بقولى :

 ...

ونيلها الإفراد حالا يحسن

وحكى سيبويه عن (٣) العرب : «ذهب من معه»

ومثل ما حكاه سيبويه قرأ بعض القراء (٤) : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) [الأنبياء : ٢٤].

وقال الشاعر : [من الوافر]

فريشى منكم وهواى معكم

وإن كانت زيارتكم لماما (٥)

__________________

(١) قال ابن الشجرى : قال أبو على : ومما يدل على صحة جواز دخول الألف واللام عليهما أن أبا الحسن الأخفش حكى أنهم يقولون : مررت بهم كلا ، فينصبونه على الحال ، ويجرونه مجرى : مررت بهم جميعا ، وإذا جاز انتصابه على الحال ، فيما حكاه عن العرب ، فلا إشكال فى جواز دخول الألف واللام عليه ، ولا اعتبار بما وقع من المعارف فى مواقع الأحوال.

ينظر : الأمالى (١ / ٢٣٤ ، ٢٣٥).

(٢) البيت للصمة بن عبد الله القشيرى فى التنبيه والإيضاح ١ / ٢٧٠ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (مرح) ، وتاج العروس (مرح).

(٣) ينظر : الكتاب (١ / ٤٢٠).

(٤) قال ابن جنى معلقا على هذه القراءة : هذا أحد ما يدل على أن (مع) اسم ، وهو دخول (من) عليها ، فكأنه قال : هذا ذكر من عندى ومن قبلى ، أى : جئت أنا به ، كما جاء به الأنبياء من قبلى ... ينظر : المحتسب (٢ / ٦١).

(٥) البيت لجرير فى ديوانه ص ٢٢٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٩١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٢ ، وللراعى النميرى فى ملحق ديوانه ص ٣٣١ ، والكتاب ٢ / ٢٨٧ ، ولأحدهما فى شرح التصريح ٢ / ٤٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٤٩ ، والجنى الدانى ص ٣٠٦ ، ورصف المبانى ص ٣٢٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٥ ، ولسان العرب (معع).

٤٢٦

وزعم بعض النحويين أنها حرف إذا سكنت (١) ، وليس بصحيح.

و «عدا الشّيء» ـ بالقصر ، والمد ـ ناحيته. وإفراده قليل.

و «لدن» لأول غاية زمان أو مكان ، وقلما تستعمل إلا ومعها «من».

وهى مبنية إلا فى لغة قيس ، وبلغتهم قرأ أبو بكر عن عاصم (٢) قوله تعالى ـ : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) [الكهف : ٢].

وكانفراد قيس بإعراب «لدن» انفراد فقعس بإعراب «حيث» ؛ فإن الكسائى حكى أنهم يجرونها بالكسرة إذا دخل عليها حرف جر وينصبونها بالفتحة إذا لم يدخل عليها حرف جر (٣).

وقد التزمت العرب إضافة «لدن» وجر ما يليها من الأسماء. كما يلزم انجرار كل اسم أضيف إليه اسم.

وشذ إفرادها ونصب «غدوة» بعدها مع جواز جرها على القياس.

فإن عطف على «غدوة» بعد أن نصبت فحكم المعطوف الجر ؛ لأن «غدوة» وإن لم تجر لفظا فهى فى موضع جر. وجوز سعيد بن مسعدة الأخفش نصب المعطوف. وهذا بعيد من القياس.

(ص) و (الآل) كـ (الأهل) قليلا أفردا

ولسوى الأعلام نزرا أسندا

(ش) «الآل» إذا كان بمعنى «الشّخص» ؛ فهو كـ «الشّخص» فى أنه : يفرد كثيرا ويضاف كثيرا.

__________________

(١) قال ابن الشجرى : وأما (مع) ففتحتها إعراب ، وكان أبو على يحكم عليها بالحرفية إذا أسكنت ، وأنشد فى إسكانها البيت :

فريش ...

 ...

وإنما حكم عليها بالحرفية ؛ لأنها على حرفين ، وانضم إلى ذلك فيها السكون ، فنزلها منزلة هل وبل وقد. ينظر : الأمالى (٢ / ٥٨٣ ، ٥٨٤).

(٢) قال ابن الشجرى : قال أبو على : فأما ما روى عن عاصم من قراءته (لديه) فالكسرة فيه ليست كسرة جر ، وإنما هى كسرة التقاء الساكنين ، وذلك أن الدال أسكنت كما أسكنت الباء ، من سبع ، والنون ساكنة ، فلما التقيا كسر الثانى منهما. ينظر : الأمالى (١ / ٣٤٠ ، ٣٤١).

(٣) قال ابن يعيش : وحكى الكسائى عن بعض العرب الكسر فى (حيث) فيقول : «من حيث لا يعلمون» فكسرها مع إضافتها إلى الجملة ، ووجه هذه اللغة أنهم أجروا (حيث) وإن كانت مكانا مجرى ظروف الزمان فى إضافتها إلى الجمل. ينظر : شرح المفصل : (٤ / ٩١).

٤٢٧

وإذا كان بمعنى «الأهل» ندر استعماله غير مضاف ، ولا يضاف إلى غير علم إلا قليلا ، وذكر أبو بكر الزبيدي (١) أن إضافته إلى ضمير من لحن العامة.

والصحيح أنه من كلام العرب ، لكنه قليل ومنه قول الشاعر : [من الطويل]

أنا الفارس الحامى حقيقة والدى

وآلى فما تحمى حقيقة آلكا (٢)

فأضافه إلى الياء وإلى الكاف.

ومثال إفراده قول الشاعر : [من الرمل]

نحن آل الله فى بلدتنا

لم نزل آلا على عهد إرم (٣)

وزعم بعض النحويين أنه لا يضاف إلا إلى علم من يعقل ، وقد أضيف إلى علم فرس فى قول الشاعر : [من الطويل]

نجوت ولم يمنن عليك طلاقة

سوى ربذ (٤) التقريب من آل أعوجا (٥)

(ص)

وأفردت (أى) وفى شرط بـ (ما)

تردف ـ غالبا فأعلم واعلما

وحيثما تضف إلى منكّر

فهى جميعه كـ (أى معشر)

وهى كـ (بعض) إن تضف لمعرفه

وكونه فردا أبى ذو المعرفه

إلّا قليلا ، واشترط مع قلّته

عطفا عليه تكف عيب وحدته

ولم تضف موصولة لنكره

ولمضيف ما سواها الخيره

(ش) مما لا يخلو عن الإضافة إلا قليلا «أى» ، وقد بينت أقسامها فى باب الموصولات.

__________________

(١) هو محمد بن الحسن بن عبد الله بن مذحج بن محمد بن عبد الله بن بشر ، أبو بكر الزبيدى النحوى ، صاحب طبقات النحويين ، كان واحد عصره فى علم النحو ، وحفظ اللغة ، أخذ العربية عن أبى على القالى ، وأبى عبد الله الرياحى ، ومن تصانيفه : مختصر العين ، أبنية سيبويه ، الموضح ، ما يلحن فيه عوام الأندلس ، طبقات النحويين. مات سنة ٣٧٩ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٨٤ ـ ٨٥) ، تاريخ علماء الأندلس (٢ / ٩٢) ، الأعلام (٦ / ٨٢).

(٢) البيت بلا نسبة فى الممتع فى التصريف ١ / ٣٤٩.

(٣) البيت بلا نسبة فى الدرر ٥ / ٣٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.

(٤) الربذ : خفة الشىء. (المقاييس ـ ربذ).

(٥) البيت للفرزدق فى ديوانه ١ / ١١٧ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٠٢ ، ولسان العرب (أهل) ، (أول) ، وبلا نسبة فى شرح المفصل ١ / ٣٤.

٤٢٨

وإذا كانت شرطية وأخلى لفظها من الإضافة فالغالب إردافها بـ «ما» ؛ كقوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].

وقد تردف بـ «ما» مع إضافتها لفظا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) [القصص : ٢٨]. وإذا تضاف إلى نكرة ؛ فهى نفس ما تضاف إليه ، كـ «كلّ». وإذا تضاف إلى معرفة ؛ فهى بعض ما تضاف إليه ، كـ «بعض» ؛ ولذلك تقول : «أى رجلين قاما»؟ و «أى الرّجلين قام»؟ فتثنى ضمير «أى» حين أضيفت إلى مثنى نكرة ، وأفرد حين أضيفت إلى مثنى معرفة. ولذلك لا تضاف إلى معرفة مفرد [إلا مع عطف عليه. ليكون بالعطف كمثنى لفظا ؛ لأن معنى المفرد المعطوف عليه مثله ، ومعنى المثنى واحد ، ومثال الإفراد مع العطف] (١). قول الشاعر : [من الطويل]

ألا تسألون النّاس أيّى وأيّكم

غداة التقينا كان خيرا وأكرما (٢)

وإلى هذا أشرت بقولى :

 ...

وكونه فردا أبى ذو المعرفه

إلّا قليلا واشترط مع قلّته

عطفا عليه تكف عيب وحدته

وإذا كانت «أى» موصولة وصرح بما تضاف إليه ، لم تكن إلا معرفة. ذكر ذلك أبو على فى التذكرة.

(ص)

«سبحان» فى غير اختيار أفردا

ملابس التّنوين أو مجرّدا

وشذّ قول راجز ربّانى

«سبحانك اللهمّ ذا السّبحان»

(ش) من الملتزم الإضافة «سبحان» ؛ وهو اسم بمعنى التسبيح ، وليس بعلم ؛ لأنه لو كان علما لم يضف إلا إلى اسم واحد كسائر الأسماء المضافة. وأخلى من الإضافة لفظا للضرورة منونا ، وغير منون.

فالمنون ؛ كقول الشاعر : [من البسيط]

__________________

(١) بدل ما بين المعكوفين فى أ: إلا مع عطفها مضافة إلى معرفة ؛ ليكون ذلك خلفا عن إضافتها إلى غير مفرد ، ومن شواهد ذلك :

(٢) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣١٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٢٣.

٤٢٩

سبحانه ثمّ سبحانا يعود له

وقبلنا سبّح الجودى والجمد (١)

وغير المنون ؛ كقول الآخر : [من السريع]

أقول لمّا جاءنى فخره

سبحان من علقمة الفاخر (٢)

وزعم أبو علي (٣) والزمخشري (٤) أن الشاعر ترك تنوين «سبحان» ؛ لأنه علم على التسبيح فلا ينصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

وليس الأمر كما زعما بل ترك التنوين ؛ لأنه مضاف إلى محذوف مقدر الثبوت كما قال الراجز : [من الرجز]

خالط من سلمى خياشيم وفا (٥)

أراد : وفاها ؛ فحذف المضاف إليه ، وترك المضاف بهيئته التى كان عليها قبل الحذف.

وأمثال ذلك كثيرة سأبينها إن شاء الله ـ تعالى ـ.

وشذ دخول الألف واللام على «سبحان» والإضافة إليه فيما أنشده الشجري (٦) من قول الراجز : [من الرجز]

__________________

(١) البيت لورقة بن نوفل فى الأغانى ٣ / ١١٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٨٨ ، ٧ / ٢٣٤ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤٣ ، والدرر ٣ / ٦٩ ، ولأمية بن أبى الصلت فى ديوانه ص ٣٠ ، والكتاب ١ / ٣٢٦ ، ولسان العرب (سبح) ، (جمد) ، (جود) ، ومعجم ما استعجم ص ٣٩١ ، ولزيد بن عمرو بن نفيل فى شرح أبيات سيبويه ١ / ١٩٤ ، وبلا نسبة فى شرح المفصل ١ / ٣٧ ، ١٢٠ ، ٤ / ٣٦ ، والمقتضب ٣ / ٢١٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠.

(٢) البيت للأعشى فى ديوانه ص ١٩٣ ، وأساس البلاغة ص ٢٠٠ ، (سبح) ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٠٩ ، وجمهرة اللغة ص ٢٧٨ ، وخزانة الأدب ١ / ١٨٥ ، ٧ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨ ، والخصائص ٢ / ٤٣٥ ، والدرر ٣ / ٧٠ وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٥٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩٠٥ ، وشرح المفصل ١ / ٣٧ ، ١٢٠ ، والكتاب ١ / ٣٢٤ ، ولسان العرب (سبح) ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٣ / ٣٨٨ ، ٦ / ٢٨٦ ، والخصائص ٢ / ١٩٧ ، ٣ / ٢٣ ، والدرر ٥ / ٤٢ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٦١ ، والمقتضب ٣ / ٢١٨ ، والمقرب ١ / ١٤٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠ ، ٢ / ٥٢.

(٣) قال ابن الشجرى : وإنما ترك التنوين فى (سبحان) وترك صرفه ـ يعنى فى بيت الأعشى ـ لأنه صار عندهم معرفة. ينظر : الأمالى (٢ / ١٠٧).

(٤) قال الزمخشرى : وقد أجروا المعانى فى ذلك مجرى الأعيان فسموا التسبيح بسبحان ...

ينظر : شرح المفصل (١ / ٣٧).

(٥) تقدم قريبا.

(٦) ينظر : الأمالى (٢ / ١٠٨).

٤٣٠

سبحانك اللهمّ ذا السّبحان (١)

(ص)

واضمم بناء (غيرا) ان عدمت ما

له أضيفت ناويا ما عدما

(قبل) كها و (بعد) (حسب) (أوّل)

و (دون) والجهات هكذا «عل»

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا

(قبلا) وما من بعده قد ذكرا

والحركات كلّهنّ استعملا

إذا تقول : (ابدأ بذا من أوّلا)

ذو الضّمّ مبنى وغير منصرف

ذو الفتح والمكسور ناويا أضف

(ش) الحرف غير مستقل بالمفهومية ، وغير مقصور المعنى على شيء دون شيء ، ولا على موجود دون معدوم ، ولا على معنى دون عين.

و «غير» : اسم يشابه الحرف فى كل ما ذكر ؛ فمقتضى هذا الشبه أن تبنى «غير» أبدا.

إلا أن هذا الشبه عارضه إضافتها ، والوصف بها فأعربت ما دامت إضافتها صريحة.

فإذا قطعت عن الإضافة ونوى معنى المضاف إليه دون لفظه بنيت ؛ لزوال المعارض ؛ كقولك : «فيها رجل لا غير» ، ولم يعتد بالمنوى ؛ لأن غير الصريح ، لا يساوى الصريح ؛ ولأن الشبه المذكور ألغى عند قوة المعارض إذ كان جليا. فلا يلغى إذا ضعف ، وصار خفيّا.

فلو نوى لفظ المضاف إليه لبقى الإعراب ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف (٢).

هكذا رواه الثقات بالخفض كأنه قال : ومن قبل ذلك.

وقولنا :

«قبل» كها ...

 ...

__________________

(١) الرجز بلا نسبة فى حاشية يس ١ / ١٢٥ ، وخزانة الأدب ٧ / ٢٣٤ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، والدرر ٣ / ٧١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠.

(٢) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٥٤ ، والدرر ٣ / ١١٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٤ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٠.

٤٣١

أى «قبل» مثل «غير» فى أنه ذو إبهام يشابه به الحرف ، وذو إضافة تعارض الشبه.

وأنه إذا قطع عن الإضافة ، ونويت على الوجه المذكور زال المعارض اللفظى فبنى.

وحين بنى : بنى على حركة ليكون له مزية على مبنى يلازمه البناء كـ «من» و «كم».

وكانت الحركة ضمة ؛ لأنها حركة لا يعرب بها «قبل» حين يعرب ؛ إذ لا يكون إلا منصوبا ، أو مجرورا.

والكلام على «بعد» وما بعده كالكلام على «قبل» و «غير» وقولنا :

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا

«قبلا» وما من بعده قد ذكرا

مثال ذلك قراءة بعض القراء (١) : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤].

وقول الشاعر : [من الوافر]

فساغ لى الشّراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء الحميم (٢)

__________________

(١) وهم : أبو السمال والجحدرى والفضيل.

والعامة على بنائهما ضمّا لقطعهما على الإضافة وإرادتهما أي من قبل الغلب ومن قبل كل أمر ومن بعده ، وإنما بني على الضم لما قطعت عن الإضافة لأن غير الضمة من الفتح والكسرة تشبيه بما يدخل اليهما وهو النصب والجر ، أما النصب ففي قولك : «جئت قبله أو بعده». وأما الجر ففي قولك : «من قبله ومن بعده» فبني عليه لعدم دخول مثلها عليه في الإعراب وهو الرفع ، وحكى الفراء كسرها من غير تنوين. وغلطه النحاس وقال : إنما يجوز من قبل ومن بعد يعني مكسورا منونا ، قال شهاب الدين : وقد قرئ بذلك ووجهه أنه لم ينو إضافتهما فأعربهما كقوله :

فساغ لي الشّراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء القراح

وقوله :

ونحن قتلنا الأسد أسد خفيّة

فما شربوا بعدا على لذّة خمرا

وحكى من قبل بالتنوين والجر ومن بعد بالبناء على الضم.

وقد خرج بعضهم ما حكاه الفراء على أنه قدر أن المضاف إليه موجود فترك الأول بحاله وأنشد :

 ...

بين ذراعي وجبهة الأسد

والفرق لائح ، فإن في اللفظ مثل المحذوف على خلاف في تقدير البيت أيضا.

(٢) البيت ليزيد بن الصعق فى خزانة الأدب ١ / ٤٢٦ ، ٤٢٩ ، ولعبد الله بن يعرب فى الدرر ٣ / ١١٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٥ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٥٦ ، وتذكرة ـ

٤٣٢

وقال آخر فى «بعد» : [من الطويل]

ونحن قتلنا الأسد أسد خفيّة

فما شربوا بعدا على لذّة خمرا (١)

وإنما أعربت هذه الأسماء فى تنكيرها ؛ لأنها فى تنكيرها لم تخالف النظائر ، وهى فى تعريفها مقطوعة عن الإضافة مخالفة للنظائر ؛ لأن المعتاد فيما عرف بالإضافة كون إضافته صريحة ؛ فينضم ذلك إلى ما فيها من شبه الحرف السابق بيانه ، فيتكمل موجب البناء.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن «قبلا» فى قوله :

 ... وكنت «قبلا»

 ...

معرفة بنية الإضافة ؛ إلا أنه أعرب ؛ لأنه جعل ما لحقه من التنوين عوضا من اللفظ بالمضاف إليه ؛ فعومل «قبل» مع التنوين ؛ لكونه عوضا من المضاف إليه بما يعامل به مع المضاف إليه ؛ كما فعل بـ «كلّ» حين قطع عن الإضافة ، ولحقه التنوين عوضا وهذا عندى قول حسن.

وحكى أبو على : «ابدأ بذا من أوّل». بالضم على البناء. وبالفتح على الإعراب ، ومنع الصرف للوصفية ووزن الفعل. وبالخفض على تقدير ثبوت المضاف إليه ؛ كما أثبت الألف من قال : [من الرجز]

خالط من سلمى خياشيم وفا (٢)

وإلى الأوجه الثلاثة أشرت بقولى :

ذو الضّمّ مبنى ، وغير منصرف

ذو الفتح والمكسور ناويا أضف

__________________

ـ النحاة ص ٥٢٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٠٥ ، ٥١٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٧ ، وشرح قطر الندى ص ٢١ ، وشرح المفصل ٤ / ٨٨ ، ولسان العرب (حمم) ، وتاج العروس (حمم) ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٠ ، ويروى «الفرات» مكان «الحميم».

(١) البيت بلا نسبة فى إصلاح المنطق ص ١٤٦ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٥٨ ، وخزانة ٦ / ٥٠١ ، والدرر ٣ / ١٠٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٠ ، وشرح شذور الذهب ١٣٧ ، ولسان العرب (بعد) ، (خفى) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٣٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٩ ، ٢١٠.

(٢) تقدم تخريج هذا البيت.

٤٣٣

فصل

(ص)

وما يلى المضاف يأتى خلفا

عنه فى الإعراب إذا ما حذفا

وفى سوى الإعراب قد ينوب ما

يبقى كـ (دارنا نأوا إلى الحمى)

وقد يزيلون مضافين معا

ك (تجعلون رزقكم) فاستمعا

فحذف (الشّكر) وقبله بدل

وذا كثير حيث لا يخشى خلل

(ش) ما يلى المضاف : هو المضاف إليه. والغرض بهذا الكلام هو الإعلام بأن المضاف قد يحذف ويقام المضاف إليه مقامه فى الإعراب ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) [البقرة : ٩٣] أى : حب العجل.

وكما يقوم المضاف إليه مقام المضاف فى الإعراب يقوم مقامه فى التذكير ؛ كقول الشاعر : [من الكامل]

يسقون من ورد البريص عليهم

بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل (١)

«بردى» مؤنث ؛ فكان حقه أن يقول : «تصفّق» ، لكنه أراد : ماء بردى. فحذف المضاف وهو مذكر ، وقام مقامه فى التذكير المضاف إليه ، وإن كان مؤنثا. كما قام مقامه فى الإعراب.

وضد ذلك قول الآخر : [من السريع]

مرّت بنا فى نسوة خولة

والمسك من أردانها (٢) نافحه (٣)

أراد : ورائحة المسك من أردانها نافحة ؛ فحذف «الرّائحة» ، وأقام «المسك» مقامها فى التأنيث ؛ كما قام مقامها فى الإعراب.

ومن قيام الباقى مقام المحذوف فى حكمه قول النبى ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «إنّ هذين حرام

__________________

(١) البيت لحسان بن ثابت فى ديوانه ص ١٢٢ ، وجمهرة اللغة ص ٣١٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٨١ ، ٣٨٢ ، ٣٨٤ ، ١١ / ١٨٨ ، والدرر ٥ / ٣٨ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٥ ، ولسان العرب (برد) ، (برص) ، (صفق) ، ومعجم ما استعجم ص ٢٤٠ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ١ / ٤٥١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٤ ، وشرح المفصل ٦ / ١٣٣ ، ولسان العرب (سلسل) ، وهمع الهوامع ٢ / ٥١.

(٢) الرّدن : مقدّم الكمّ. (المقاييس ـ ردن).

(٣) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٢٤ ، والدرر ٥ / ٣٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥١.

٤٣٤

على ذكور أمّتى» (١) أراد : إن استعمال هذين ؛ فحذف «الاستعمال» ، وأقام «هذين» مقامه ؛ فأفرد الخبر.

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ) [الكهف : ٥٩] أى : أهل القرى ؛ فحذف «الأهل» ، وأقيمت «القرى» مقامهم ؛ فعاد إليها ضمير الذكور العقلاء ؛ كما كان يعود إلى الأهل.

ومثل هذا :

 ...

«دارنا نأوا» ...

أى : أهل دارنا نأوا.

ومن ذلك قيام المعرفة المضاف إليها «مثل» مقامه فى الحالية ، والتركيب مع «لا» :

فالحالية كقولهم : «تفرقوا أيادى سبأ (٢)» أى : مثل أيادى سبأ ؛ فحذف «مثل» وخلفه «أيادى سبأ» فى الحالية ، والحالية لا تصح لغير نكرة.

والتركيب مع «لا» كقوله ـ عليه‌السلام ـ : «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده» ، وفيه بحث مستوفى فى باب «لا».

وقد يضاف إلى مضاف فيحذف الأول والثانى ، ويبقى الثالث. كقوله ـ تعالى ـ : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة : ٨٢] أى : وتجعلون بدل شكر رزقكم تكذيبكم.

وكذا قوله ـ تعالى ـ : (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) [الأحزاب : ١٩]

__________________

(١) أخرجه أحمد (١ / ١١٥) ، وعبد بن حميد (٨٠) ، وأبو داود (٤ / ٥٠) : كتاب اللباس : باب فى الحرير للنساء ، (٤٠٥٧) ، والنسائى (٨ / ١٦٠) : كتاب الزينة : باب تحريم الذهب على الرجال ، وابن ماجه (٢ / ١١٨٩) : كتاب اللباس : باب لبس الحرير والذهب للنساء ، (٣٥٩٥). وأبو يعلى (٢٧٢) ، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (٤ / ٢٥٠) ، وابن حبان (٥٤٣٤) ، والبيهقى (٢ / ٤٢٥) من حديث على بن أبى طالب قال : «أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حريرا بشماله ، وذهبا بيمينه ، ثم رفع بهما يديه ، فقال : إن هذين حرام على ذكور أمتى ، حلّ لإناثهم».

(٢) سبأ : أبو حى عظيم ، من القحطانة ، وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

ينظر : تفسير الطبرى (٢ / ٥٢) ، لسان العرب لابن منظور (سبأ) ، الصحاح للجوهرى (١ / ١٣) ، تاريخ أبى الفداء (١ / ١٠٥) ، تحفة ذوى الأرب لابن خطيب الدهشة (ص ٦٢٠) ، البداية والنهاية لابن كثير (٢ / ١٦١).

٤٣٥

أى : كدوران عين الذى يغشى عليه من الموت.

ومنه قول الشاعر (١) : [من الطويل]

فأدرك إبقاء (٢) العرادة (٣) ظلعها (٤)

وقد جعلتنى من حزيمة إصبعا (٥)

أراد : ذا مسافة إصبع

(ص)

وربّما أبقى ثان وحذف

تاليه والمتلوّ فاعرف واعترف

وربّما جرّوا الّذى يبقى كما

قد كان قبل حذف ما تقدّما

لكن بشرط أن يكون ما حذف

مماثلا لما عليه قد عطف

كمثل : (ما كلّ فتى لبيبا

ولا جميل وجهه حبيبا)

(ش) أنشد أبو على الفارسى : [من الطويل]

فإنّك منها والتّعذّر بعد ما

لححت وأقوت من أميمة دارها

لشبه الّتى ظلّت تسبّع سؤرها

وقالت حرام أن يرجّل جارها (٦)

وقال فيه أبو على : أراد : ذا سؤر كلبها. فحذف المضاف إلى «سؤر» والمضاف إليه «سؤر».

وقد يحذف المضاف ، ويبقى المضاف إليه مجرورا بشرط أن يكون المحذوف معطوفا على مثله لفظا ومعنى ؛ كقولى :

 ... ما كلّ فتى لبيبا

ولا جميل وجهه حبيبا

أى : ولا كل جميل وجهه حبيبا.

__________________

(١) فى أ: ومنه قول الشاعر الكلحبة اليربوعى.

(٢) الإبقاء : المشى بسرعة. (المقاييس ـ بقى).

(٣) العرادة : اسم فرس. (اللسان ـ عرد).

(٤) الظلع : الميل فى المشى. (المقاييس ـ ظلع).

(٥) البيت للكلحبة اليربوعى فى خزانة الأدب ٤ / ٤٠١ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٤٦ ، ولسان العرب (حرم) ، (بقى) ، وتاج العروس (حرم) ، (بقى) ، وللأسود بن يعفر فى ملحق ديوانه ص ٦٨ ، وشرح المفصل ١ / ٣١ ، وللأسود أو للكلحبة فى المقاصد النحوية ٣ / ٤٤٢ ، ولرؤبة فى مغنى اللبيب ٢ / ٢٦٤ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٢٥.

(٦) البيتان لأبى ذؤيب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ٧٦ ، ولسان العرب (عذر) ، وجمهرة اللغة ص ٣٣٧ ، وتاج العروس (عذر) ، (سبع) ويروى عجز البيت الأول هكذا :

 ...

لججت وشطت من فطيمة دارها

٤٣٦

فحذفت «كلّا» المضاف إلى «جميل» ؛ لأنه معطوف على «كلّ» المضاف إلى «فتى».

ومثل هذا كثير ، ومنه قول الشاعر : [من الخفيف]

أكلّ امرئ تحسبين امرأ

ونار توقّد باللّيل نارا (١)

(ص)

ويحذف الثّانى فيبقى الأوّل

كحاله إذا به يتّصل

بشرط عطف وإضافة إلى

مثل الّذى له أضفت الأوّلا

كمثل : (خذ نصف وربع ما حصل)

وبعضهم بدون عطف ذا فعل

(ش) قد يحذف المضاف إليه مقدرا وجوده ؛ فيترك المضاف على ما كان عليه قبل الحذف.

وأكثر ما يكون ذلك مع عطف مضاف إلى مثل المحذوف على المضاف إلى المحذوف ؛ كقول بعض العرب : «قطع الله يد ورجل من قالها».

وكقول الشاعر : [من مجزوء الكامل]

إلّا علالة (٢) أو بدا

هة (٣) سابح نهد الجزاره (٤)

__________________

(١) البيت لأبى دؤاد فى ديوانه ص ٣٥٣ ، والأصمعيات ص ١٩١ ، وأمالى ابن الحاجب ١ / ١٣٤ ، ٢٩٧ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٩٢ ، ١٠ / ٤٨١ ، والدرر ٥ / ٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٩٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٠٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٠ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٦ ، والكتاب ١ / ٦٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٤٥ ، ولعدى بن زيد فى ملحق ديوانه ص ١٩٩ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٨ / ٤٩ ، والإنصاف وأوضح المسالك ٣ / ١٦٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٧ ، ٧ / ١٨٠ ، ورصف المبانى ص ٣٤٨ ، ٢ / ٤٧٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٥ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٩ ، ١٤٢ ، ٨ / ٥٢ ، ٩ / ١٠٥ ، والمحتسب ١ / ٢٨١ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٩٠ ، والمقرب ١ / ٢٣٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

(٢) العلالة : بقية جرى الفرس. (المقاييس ـ علّ).

(٣) البداهة : أول جرى الفرس. (المقاييس ـ بده).

(٤) الجزارة : أطراف البعير. (المقاييس ـ جزر).

والبيت للأعشى فى ديوانه ص ٢٠٩ ، وخزانة الأدب ١ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، ٤ / ٤٠٤ ، ٦ / ٥٠٠ ، والخصائص ٢ / ٤٠٧ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١١٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٢ ، والشعر والشعراء ١ / ١٦٣ ، والكتاب ١ / ١٧٩ ، ٢ / ١٦٦ ، ولسان العرب ، (جزر) ، (بده) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥٣ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ٢ / ٦٢٦ ، ورصف المبانى ص ٣٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١١٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٨ ، والمقرب ١ / ١٨٠.

٤٣٧

وقد يفعل هذا دون عطف :

فمن ذلك ما حكى الكسائى (١) من قول بعض العرب : «أفوق تنام أم أسفل» ـ بالنصب ـ على تقدير وجود المضاف إليه ، كأنه قال : أفوق هذا تنام أم أسفل منه.

ومثله قول الشاعر : [من الطويل]

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف (٢)

وقد جعل الأخفش من هذا القبيل قولهم : «لا غير» ؛ فزعم أن ضمة الراء ضمة إعراب.

وليس ما ذهب إليه ببعيد إذا كان قبله مرفوع.

ومن هذا القبيل قول الراجز : [من الرجز]

خالط من سلمى خياشيم وفا (٣)

وقد ذكروا من هذا القبيل قراءة ابن محيصن (٤) : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٣٨] على تقدير : فلا خوف شىء عليهم.

(ص)

وظرف او شبيهه قد يفصل

جزأى إضافة وقد يستعمل

فصلان فى اضطرار بعض الشّعرا

وفى اختيار قد أضافوا المصدرا

لفاعل من بعد مفعول حجز

كقول بعض القائلين للرّجز

(يفرك حبّ السّنبل الكنافج

فى القاع فرك القطن المحالج)

وعمدتى قراءة ابن عامر

وكم لها من عاضد وناصر (٥)

ومثل ذا مع اسم مفعول ورد

كـ (مخلف الوعد محقّ ذو نكد)

__________________

(١) قال ابن جنى : وحكى الكسائى : أفوق تنام أم أسفل ؛ حذف المضاف ولم يبن. ينظر :

الخصائص (٢ / ٣٦٧).

(٢) تقدم تخريج هذا البيت.

(٣) تقدم تخريج هذا البيت.

(٤) هو محمد (ويقال : عمر) بن عبد الرحمن بن محيصن السهمى ، بالولاء ، أبو حفص المكى ، مقرئ أهل مكة بعد ابن كثير ، وأعلم قرائها بالعربية ، انفرد بحروف خالف فيها المصحف ، فترك الناس قراءته ، ولم يلحقوها بالقراءات المشهورة ، وكان لا بأس به فى الحديث. مات سنة ١٢٣ ه‍.

ينظر : الأعلام (٦ / ١٨٩) ، طبقات القراء (٢ / ١٦٧) ، تقريب التهذيب ت (٤٩٧٢).

(٥) زاد فى أ:

وفصل تابع وفاعل ندر

فى الشعر والفصل بـ (إما) مغتفر

٤٣٨

(ش) الفصل بالظرف والجار والمجرور بين المضاف والمضاف إليه كثير فمن ذلك ؛ قول الشاعر : [من الوافر]

كما خطّ الكتاب بكفّ يوما

يهودى يقارب أو يزيل (١)

وقال آخر : [من الطويل]

هما أخوا فى الحرب من لا أخا له

إذا خاف يوما نبوة فدعاهما (٢)

وقد يقع بينهما فصلان ؛ كقول الشاعر : [من البسيط]

كأنّ أصوات من إيغالهنّ (٣) بنا

أواخر الميس (٤) أصوات الفراريج (٥)

فهذا وما قبله لا يجوز فى الاختيار ، بل هو مخصوص بالاضطرار ؛ لوجهين :

أحدهما : أنه فصل بما لا يتعلق بالمضاف فتمحضت أجنبيته.

الثانى : أنه فصل بحرف جر أو بما فيه معنى حرف جر مع كون المضاف مقتضيا للجر.

ففى إيلائه ظرفا أو حرف جر يلاقى مقتضى جر.

بخلاف إضافة المصدر إلى الفاعل مفصولا بينهما بمفعول المصدر ؛ فإن المحذورين فيها مأمونان مع أن الفاعل كجزء من عامله فلا يضر فصله ؛ لأن رتبته منبهة عليه ، والمفعول بخلاف ذلك.

__________________

(١) البيت لأبى حية النميرى فى ديوانه ص ١٦٣ ، والإنصاف ٢ / ٤٣٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢١٩ ، والدرر ٥ / ٤٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٥٩ ، والكتاب ١ / ١٧٩ ، ولسان العرب (عجم) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٧٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٨٩ ، والخصائص ٢ / ٤٠٥ ، ورصف المبانى ص ٦٥ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٠٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٥ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٣ ، ولسان العرب (حبر) ، والمقتضب ٤ / ٣٧٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٢.

(٢) تقدم تخريج هذا البيت.

(٣) الإيغال من أوغل فى البلاد أى : أبعد. (القامس ـ وغل).

(٤) الميس : شجر عظام ونوع من الزبيب. (القاموس ـ ميس).

(٥) البيت لذى الرمة فى ديوانه ص ٩٩٦ ، والإنصاف ص ٤٣٣ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٠٨ ، ٤١٣ ، ٤١٩ ، والحيوان ٢ / ٣٤٢ ، والخصائص ٢ / ٤٠٤ ، وسر صناعة الإعراب ص ١٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٩٢ ، والكتاب ١ / ١٧٩ ، ٢ / ١٦٦ ، ٢٨٠ ، ولسان العرب (نقض) ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٨٦٣ ، ورصف المبانى ص ٦٥ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٨٣ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٣ ، ٣ ، ٣ / ٧٧ ، ٤ / ١٣٢ ، وكتاب اللامات ص ١٠٧ ، والمقتضب ٤ / ٣٧٦.

٤٣٩

فعلم بهذا أن قراءة ابن عامر ـ رحمه‌الله ـ غير منافية لقياس العربية.

على أنها لو كانت منافية له لوجب قبولها لصحة نقلها ؛ كما قبلت فى أشياء تنافى القياس بالنقل ، وإن لم تساو صحتها صحة القراءة المذكورة ولا قاربتها : كقولهم «استحوذ» وقياسه : «استحاذ».

وكقولهم : «بنات ألببه» وقياسه : «ألبّه». وكقولهم : «هذا جحر ضبّ خرب» وقياسه : «خرب».

وكقولهم : «لدن غدوة» ـ بالنصب ـ وقياسه : الجر.

وأمثال ذلك كثيرة.

ومثل ما تضمنته قراءة ابن عامر ؛ قول الطرماح : [من الطويل]

يطفن بحوزى المراتع لم ترع

بواديه من قرع القسى الكنائن (١)

وأنشد الأخفش : [من مجزوء الكامل]

فزججته بمزجّة

زجّ القلوص أبى مزاده (٢)

وأنشد الأزهري (٣) لأبى جندل الطهوي (٤) فى صفة جراد : [من الرجز]

يفرك حبّ السّنبل الكنافج

بالقاع فرك القطن المحالج (٥)

__________________

(١) البيت فى ديوانه ص ٤٨٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٩٤ ، ولسان العرب (حوز) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٦٢ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٢٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٨ ، والخصائص ٢ / ٤٠٦.

(٢) البيت بلا نسبة فى الإنصاف ٢ / ٤٢٧ ، وتخليص الشواهد ص ٨٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤١٥ ، ٤١٦ ، ٤١٨ ، ٤٢١ ، ٤٢٢ ، ٤٢٣ ، والخصائص ٢ / ٤٠٦ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٧ ، وشرح المفصل ٣ / ١٨٩ ، والكتاب ١ / ١٧٦ ، ومجالس ثعلب ص ١٥٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٦٨ ، والمقرب ١ / ٥٤.

(٣) هو محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الأزهرى اللغوى الهروى الشافعى أبو منصور ، كان رأسا فى اللغة ، أخذ عن الهروى صاحب الغريبين ، وعن الربيع بن سليمان ، وابن السراج ، ونفطويه ، من تصانيفه : التهذيب فى اللغة ، تفسير ألفاظ مختصر المزنى ، الأدوات ، وغيرها. مات سنة ٣٧٠ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (١ / ١٩ ـ ٢٠).

(٤) هو جندل بن المثنى الطهوى ، شاعر راجز ، كان معاصرا للراعى ، وكان يهاجيه ، نسبته إلى طهية ، وهى جدته ، مات نحو سنة ٩٠ ه‍.

ينظر : الأعلام (٢ / ١٤٠).

(٥) الرجز فى لسان العرب (جنبح) ، (جندج) ، (كفنج) ، ولأبى جندل الطهوى فى شرح عمدة ـ

٤٤٠