شرح الكافية الشّافية - ج ١

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٥٨٣
الجزء ١ الجزء ٢

باب المفعول له

(ص)

مصدر ات علّة لمصدر

شاركه فى وقته والمصدر

سمّوه (مفعولا له) وينتصب

بما به علّل ، واللّام تجب

إن يخل من بعض القيود كـ (سرى (١)

للماء ، أو للعشب أو أمر عرا)

و (جئ غدا) لقولك (اليوم أجى)

وقد دعوت رغبة فى الفرج

ف (الرّغبة) الشّروط حازت فاكتفى

بها عن اللّام بلا توقّف

(ش) المفعول له : كل مصدر نصب لتقديره بلام التعليل.

وشرط وقوعه كذلك مع كونه مصدرا معللا به : أن يصدر هو وما علل به من فاعل واحد ، فى وقت واحد كقولك : «دعوت رغبة فى الفرج».

فالرغبة : مفعول له ؛ لأنه مصدر معلل به ما وافقه فى الفاعل والزمان.

فإن فقد اتحاد الفاعل ، أو الزمان مع قصد التعليل فلا بد من اللام ، أو ما يقوم مقامها نحو : «جئت لأمرك إيّاى» ، و «أحسن إليك غدا لإحسانك الآن».

فإن لم يكن ما قصد به التعليل مصدرا فهو أحق باللام أو ما يقوم مقامها نحو : «سرى زيد للماء أو للعشب» ، أو نحو ذلك.

والقائم مقام اللام هو «من» و «فى» كقوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ) [الحج : ٢٢] ، وكقوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «إنّ امرأة دخلت النّار فى هرّة ربطتها ، ولم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض».

(ص)

وتدخل اللّام عليه حائزا

هذى الشّروط فاعتقده جائزا

وقلّ أن يصحبها المجرّد

والعكس فى مصحوب (أل) وينشد

(لا أقعد الجبن عن الهيجاء (٢)

ولو توالت زمر (٣) الأعداء) (٤)

__________________

(١) فى أ: أو شبهها لفقد شرط كسرى.

(٢) الهيجاء : الحرب تمد وتقصر. (مقاييس اللغة ـ هيج).

(٣) الزّمرة : الجماعة. (مقاييس اللغة ـ زمر).

(٤) الرجز بلا نسبة فى الدرر ٣ / ٧٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢١٧ ، وشرح التصريح ١ / ٣٣٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٩٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٩٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٦٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٥.

٣٠١

(ش) كل مصدر اجتمعت فيه شروط الانتصاب على أنه مفعول له فجائز جره باللام.

إلا أن ذلك فيما عرف بالأداة أحسن من التجريد. والتجريد أحسن منه فى المنكر. ويستوى الأمران فى المضاف.

وقد فهم ذلك من قولى :

وقلّ أن يصحبها المجرّد

والعكس فى مصحوب «أل» ...

ثم ذكرت شاهد مصحوب «أل».

باب المفعول فيه وهو الظرف

(ص)

مكان او وقت حوى معنى (فى)

ظرف كـ (رح غدا مع الأشراف)

فانصبه بالواقع فيه أبدا

ما لم يكن ملفوظ (فى) قد وجدا

والوقت مبهما ومختصّا لذا

يصلح كـ (امكث يوما او يوم كذا)

ولا يكون اسم المكان ظرفا

إلّا إذا أبهم كـ (ارجع خلفا)

من ذاك أسماء الجهات جمعا

وما يضاهيها كـ (عند) و (معا)

كذا المقادير كـ (ميل) وكذا

ما من سما العامل فيه أخذا

ف (مقعد) مطّرد مع (يقعد)

و (معقد) مطّرد مع (يعقد)

ونحو : (زيد مزجر الكلب) ندر

ولا ندور فيه إن تلا (زجر)

(ش) المفعول فيه هو : ما نصب من اسم زمان ، أو مكان مقارن لمعنى «فى» دون لفظها.

وقد تمثل النوعان بقولى :

 ...

 ... «رح غدا مع الأشراف»

فإن «غدا» اسم زمان. و «مع» : اسم مكان ، وقد قارنهما معنى «فى» دون لفظها.

وذكر «مقارنة المعنى» أجود من ذكر «تقدير فى» ؛ لأن تقدير «فى» يوهم جواز استعمال لفظ «فى» مع كل ظرف ؛ وليس الأمر كذلك ؛ لأن من الظروف ما لا يدخل عليه «فى» كـ «عند» و «مع» ، وكلها مقارن لمعناها ما دام ظرفا.

وأسماء الزمان صالحة لذلك : مبهمها ، ومختصها.

٣٠٢

والمبهم كـ «حين» و «مدّة».

والمختص كـ «يوم كذا» وك «ساعة كذا».

تقول : «مكثت عنده حينا من الدّهر» و «غبت عنه مدّة»

و «صمت يوم الخميس» ، و «اعتكفت يوم الجمعة».

وأما المكان فلا يكون من أسمائه ظرفا صناعيا إلا ما كان مبهما أو مشتقا من اسم الحدث الذى اشتق منه عامله.

فالمبهم ما لا يتميز مسماه بدون إضافة أو ما يقوم مقامها كأسماء الجهات والمقادير ، تقول : «قعدت يمين زيد ، ويسار عمرو» ، و «سرت ميلا وفرسخا».

والمشتق من اسم الحدث الذى اشتق منه العامل كـ «مقعد» و «معقد» من نحو قولك : «اقعد مقعد المناجى» ، و «اعقد نكاح زيد معقد نكاح عمرو».

ولا يكون هذا النوع ظرفا قياسيا إلا إذا كان العامل فيه موافقا له فى الاشتقاق.

فلذا عد من الشواذ قولهم : «هو منّى مقعد القابلة» و «عمرو مزجر الكلب» و «خالد مناط الثّريّا».

فلو أعمل فى المقعد «قعد» ، وفى المزجر «زجر» ، وفى المناط «ناط» لم يكن فى ذلك شذوذ ولا مخالفة للقياس ؛ نص على ذلك سيبويه (١).

(ص)

وذو تصرّف من الظّروف ما

ظرفيّة أو شبهها لن يلزما

وغير ذى التّصرّف الّذى لزم

ظرفيّة ، أو شبهها من الكلم

فغير (منذ) و (مذ) اسم زمن

حتم البناء عن تصرّف غنى

كذاك ما عيّن من (ضحى) (سحر)

(ليل) (نهار) و (سحير) و (بكر)

وهكذا معيّنا (عشاء)

(عشيّة) (عتمة) (مساء)

ذى لا تصرّف واصرف الّا (سحرا)

معيّنا فهو من الصّرف برا

و (غدوة) و (بكرة) عكس (بكر)

إن شاركا الأعلام فيما يعتبر

واصرفهما إن نكّرا فقد كثر

وترك تنوين (عشيّة) نزر

ونحو : (يوم يوم) ممّا عرضا

تركيبه تصريفه قد رفضا

__________________

(١) ينظر الكتاب (١ / ٤١٢ ـ ٤١٦).

٣٠٣

كذاك (ذو) و (ذات) إن يضافا

لزمن ، وقد حكوا خلافا

عن خثعم فـ (ذو) و (ذات) صرّفا

فى عرفهم كـ (بعض ذى يوم قفا)

واختير فى وصف زمان حذفا

(امكث طويلا) منعه التّصرّفا

(ش) من الظروف : متصرف منصرف.

وغير متصرف ولا منصرف.

ومتصرف غير منصرف.

ومنصرف غير متصرف.

فالأول «يوم» و «شهر» و «حول».

والثانى : كـ «سحر» المقصود به التعيين.

والثالث : كـ «غدوة» و «بكرة» علمين لهذين الوقتين قصد بهما التعيين أو لم يقصد.

والرابع : ما عين من «ضحى» و «بكر» و «سحير» و «ليل» و «نهار» و «عشاء» و «عشيّة» و «عتمة» و «مساء».

ومن العرب من لا يصرف «عشيّة» فى التعيين.

وأشرت بقولى :

وذو تصرّف من الظّروف ما

ظرفيّة أو شبهها لن يلزما

إلى أن الخروج عن الظرفية إن لم يكن إلا بدخول حرف جر فإنه لا يعتد به.

فلذلك يحكم بعدم تصرف «قبل» و «بعد» و «لدن» و «عند» حال دخول «من» عليهن.

وإنما ثبت تصرف الظرف بالإضافة إليه ، أو الإخبار عنه نحو : «اعتكفت نصف اليوم» و «اليوم مبارك».

ولما كانت الظروف التى لا تتصرف كثيرة أقمت مقام تعدادها ضبطها بقولى :

فغير «منذ» و «مذ» اسم زمن

حتم البناء عن تصرّف غنى

فأخرجت «منذ» و «مذ» فإنهما محتوما البناء وليسا مقصودين ؛ لأنهما يخبر عنهما فى نحو : «ما رأيته مذ ثلاثة أيام».

وأخرجت بقولى :

 ...

حتم البناء ...

٣٠٤

ما يبنى فى حال دون حال كـ «أمس» و «حين» فإنه إن أضيف إلى جملة جاز بناؤه وإعرابه.

فعلم بعد إخراج ما خرج منع تصرف «إذا» و «متى» و «أيّان» و «قطّ» و «عوض» ونحو ذلك من أسماء الزمان المحتومة البناء.

ثم نبهت على ضابط آخر يميز ما لا يتصرف من الظرف فقلت :

ونحو «يوم يوم» ممّا عرضا

تركيبه تصريفه قد رفضا

ثم بينت أن «ذا» و «ذات» إذا أضيفا إلى زمان لا يتصرفان عند غير خثعم (١) ويتصرفان عندهم كقول بعضهم : [من الوافر]

عزمت على إقامة ذى صباح

لأمر ما يسوّد من يسود (٢)

ثم نبهت على أن صفة الزمان إذا حذف وأقيمت مقامه ، المختار ملازمتها للظرفية.

ولذلك ضعف أن يقال : «سير عليه طويل» ، واختير أن يقال : «سير عليه طويلا» بالنصب.

(ص)

ومن يرد ظرفيّة اسم موضع

مختصّ ابدى (فى) ليسمع من يعي

__________________

(١) خثعم بن أنمار : قبيلة من القحطانية ، تنتسب إلى خثعم بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان. منازلهم : كانت منازلهم بحبال السّراة وما والاها ، جبل يقال له : شىّ ، وجبل يقال له : بارق ، وجبال معهما ، حتى مرت بهم الأزد فى مسيرها من أرض سبأ ، وتفرقها فى البلاد ، فقاتلوهم فأنزلوهم من جبالهم ، وأجلوهم عن منازلهم ، ونزلتها أزد شنوءة ، غامد ، وبارق ، ودوس ، وتلك القبائل من الأزد ، فظهر الإسلام ، وهم أهلها ، وسكانها.

ونزلت خثعم ما بين بيشة ، وتربة ، وظهر تبالة على محجّة اليمن ، من مكة إليها ، وما صاقب تلك البلاد ، وما والاها ، فانتشروا فيها إلى أن أظهر الله الإسلام ، وأهله ، فتيامنت ، وانتسبوا إلى أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك زيد بن كهلان بن سبأ ، وقالوا : «نحن أولاد قحطان ، ولسنا إلى معد بن عدنان».

ينظر : معجم قبائل العرب (١ / ٣٣١).

(٢) البيت لأنس بن مدركة فى الحيوان ٣ / ٨١ ، وخزانة الأدب ٣ / ٨٧ ، ٨٩ ، والدرر ١ / ٣١٢ ، ٣ / ٨٥ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢ ، ولأنس بن نهيك فى لسان العرب (صبح) ، ولرجل من خثعم فى شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٨٨ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٣ / ٢٥٨ ، والجنى الدانى ص ٣٣٤ ، ٣٤٠ ، والخزانة ٦ / ١١٩ ، والخصائص ٣ / ٣٢ ، والكتاب ١ / ٢٢٧ ، والمقتضب ٤ / ٣٤٥ ، والمقرب ١ / ١٥٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٧.

٣٠٥

ك (نام فى الدّار) و (فى الحصن انحصر)

و (هند فى القصر) و (زيد فى هجر)

وغير هذا نادرا قد جعلا

واستعملوا كالمتعدّى دخلا

مع المكان لا سواه كـ «دخل

سعد محلّنا» و «فى الأمر الخلل»

(ش) لا يتعدى إلى المكان المختص فعل إلا إن تعدى إلى مفعول به كقولك : «قصدت المسجد» و «عمرت الدّار».

فإن قصد إيقاع فعل فيه كما يوقع فى المكان المبهم لزم ذكر «فى» كقولك : «أقمت فى البلد» و «اعتكفت فى المسجد».

فإن ورد شىء بخلاف ذلك عد نادرا ؛ كقول الشاعر : [من الكامل]

فلأبغينّكم قنا وعوارضا

ولأقبلنّ الخيل لابة (١) ضرغد (٢)

أراد : فى قنا وعوارض ، وهما موضعان مختصان فأجراهما مجرى الأمكنة المبهمة.

وإلى نحو هذا أشرت بقولى :

وغير هذا نادرا قد جعلا

 ...

وليس هذا بضرورة ؛ لتمكن الشاعر من أن يقول : [من الكامل]

فلأبغينكم فى قنا وعوارض

 ...

بتسكين النون والميم.

فإن كان الفعل المتعلق بالمكان المختص «دخل» جاز أن يتعدى إليه بنفسه ، لا على أنه ظرف ، بل على أنه مفعول به متعدى إليه بحرف جر ، ثم حذف حرف الجر تخفيفا ؛ لكثرة الاستعمال فوقع الفعل عليه ونصبه ، كما يتفق لغيره.

ولو كان انتصاب المكان بعد «دخل» على الظرفية لجاز أن يقع ذلك المنتصب خبر مبتدأ ؛ إذ ليس فى الكلام ما يكون ظرفا لفعل ، ولا يكون ظرفا لمبتدأ.

__________________

(١) اللأبة : الحرة ، وهى أرض ذات حجارة سوداء. (اللسان ـ لأب).

(٢) ضرغد : جبل أو حرة لغطفان أو مقبرة. (القاموس ـ ضرغد).

والبيت لعامر بن الطفيل فى ديوانه ص ٥٥ ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ٣٣ ، وتاج العروس (ضرغد) ، (عرض) ، (قبل) ، ولسان العرب (ضرغد) ، (عرض) ، (قبل) ، ومعجم البلدان ٣ / ٤٥٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٧٤ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٧٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٤٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٤٧ ، والكتاب ١ / ١٦٣ ، ٢١٤ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٨٠ ، والمخصص ١٥ / ١٦٣ ، ١٧ / ٤٧.

٣٠٦

ولا يجوز الحكم على «دخل» بأنه متعد بنفسه إلى المكان المختص ؛ لأنه لو تعدى بنفسه إلى المكان على أنه مفعول به لتعدى بنفسه إلى غير المكان ، ولم يحتج معه إلى حرف جر فى نحو قولهم : «دخلت فى الأمر».

(ص)

وظرف آت صلة أو خبرا

أو صفة ناصبه لن يظهرا

واستره ستر عامل المفعول به

فى غير هذى فهو غير مشتبه

(ش) إذا وقع الظرف صلة ، أو خبرا ، أو صفة استغنى عن إظهار ناصبه ، واكتفى بتقديره.

إلا أنه فى الصلة فعل بإجماع. وفى غير الصلة يجوز أن يكون ناصب الظرف فعلا ، ويجوز أن يكون اسم فاعل.

وحكم عامل الظرف فى غير الصلة ، والخبر ، والصفة بالنسبة إلى الإظهار والإضمار حكم المفعول به. وقد تقدم بيان ذلك فى بابه.

(ص)

وجعلوا مصادرا ظروفا

فى الوقت هذا شائع معروفا

ك (حنّ زيد ظعن الحجّاج)

و (كان ذاك إمرة الحجّاج)

وفى المكان جاء ذاك نزرا

وظرفا اسم جثّة قد يجرى

كمثل : (لا آتيك معزى الفزر)

و (القارظين) و (ابن سعد) فادر

و (الشّمس) أعطوا و (النّجوم) و (القمر)

ظرفيّة كـ (الفرقدين اذكر عمر)

(ش) جعل المصدر ظرفا من باب حذف المضاف ، وقيام المضاف إليه مقامه.

وشرط ذلك : إفهام تعيين مقدار نحو : «كان ذلك خفوق النّجم» أو «صلاة العصر» و «انتظر به نحر جزورين» و «سير عليه ترويحتين».

وقد يعامل بهذه المعاملة ظرف المكان نحو : «جلست قرب زيد» أى : مكان قربه.

وجعلت ـ أيضا ـ أسماء أعيان ظروفا كقولهم : «لا أفعل ذلك معزى الفزر» و «لا أكلّم زيدا القارظين» و «لا أسالم عمرا هبيرة بن سعد».

ومن كلام العرب الفصيح : «لأفعلنّ ذلك الشّمس والقمر» أى : مدة طلوعهما ، و «لا أكلّم فلانا الفرقدين».

٣٠٧

فينصبون هذا وأشباهه نصب الظروف ، والتقدير : لا أفعل ذلك مدة فرقة غنم الفزر ، ومدة مغيب القارظين ، ومدة مغيب هبيرة بن سعد ، ولأفعلن ذلك مدة بقاء الشمس والقمر ، أو مدة طلوعهما ، وهذا سبيل التوقيت بـ «الفرقدين» وغيرهما.

باب المفعول معه

(ص)

اسم يلى فضلة الواو كـ (مع)

من بعد فعل أو كفعل قد وقع

ينصبه ما قبل مفعولا معه

ك (هند سارت والطّريق مسرعه)

وكان سير خالد ، والنّيلا

عند خلوّ النّاب والفصيلا

(ش) المفعول معه : هو الاسم المذكور فضلة بعد واو بمعنى «مع» مسبوقة بفعل أو شبهه.

فذكرت «فضلة» احترازا من نحو : «اشترك زيد وعمرو».

وذكرت الواو احترازا من نحو : «سرت مع النّيل».

وقيدتها : بمعنى «مع» احترازا من نحو : «سرت والنّيل فى زيادة» و «لو خلّيت والأسد قاصدك لأكلك».

وشرطت كون ذلك بعد فعل ، أو ما هو كفعل احترازا من نحو : «أنت ورأيك» و «كلّ رجل وضيعته».

ومثال الواقع بعد فعل : «مررت والطّريق» أى : مع الطريق.

ومثال الواقع بعد ما هو كالفعل : «كان سيره والنّيل عند خلوّ النّاقة وفصيلها» أى :

مع النيل ومع فصيلها.

ومن إعمال شبه الفعل فى المفعول معه قول الشاعر : [من الطويل]

فقدنى وإيّاهم فإن ألق بعضهم

يكونوا كتعجيل السّنام (١) المسرهد (٢)

وأنشد أبو على : [من البسيط]

__________________

(١) السّنام : كتل من الشحم محدبة على ظهر البعير والناقة. (الوسيط ـ سنم).

(٢) المسرهد : المنعم المفدى. (اللسان ـ سرهد).

والبيت لأسيد بن أبى إياس الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ٢ / ٦٢٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٨٤ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٢٤.

٣٠٨

لا تحبسنّك أثوابى فقد جمعت

هذا ردائى مطويّا وسربالا (١)

فجعل أبو على «سربالا» مفعولا معه ، وعامله «مطويّا».

وأجاز أن يكون عامله «هذا».

(ص)

وإن خلا من فعل او معناه

فاجتنب النّصب وقد تراه

من بعد (ما) استفهام او (كيف) لأن

يضمر فعل الكون من بعد زمن

من ذاك (والجماعة) الّذى يلى

(أزمان قومى) وهو شاهد جلى

(ش) قد تقدم التنبيه على أن من شرط نصب المفعول معه ثبوت فعل أو ما هو كفعل قبل الواو ، وأن ذكر ذلك احتراز من نحو : «كلّ رجل وضيعته».

وقد روى عن بعض العرب النصب بعد : «كيف» ، و «ما» الاستفهامية على إضمار «كان» نحو : «ما أنت والكلام فيما لا يعنيك؟!» ، و «كيف أنت وقصعة من ثريد؟!».

ومنه قول أسامة الهذلى (٢) : [من المتقارب]

وما أنت والسّير فى متلف

يبرّح بالذّكر الضّابط (٣)

وأنشد سيبويه (٤) للراعى (٥) : [من الكامل]

__________________

(١) السربال : القميص (اللسان ـ سربل).

والبيت بلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٧ / ٧٦ ، والدرر ٣ / ١٥٤ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٨٦.

(٢) هو أسامة بن الحارث بن حبيب الهذلى ، أحد بنى عمرو بن الحارث ، مخضرم. من الشعراء الهذليين. ينظر : الإصابة لابن حجر ت (٤٤٥).

(٣) البيت فى الدرر ٣ / ١٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٢٨ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٨٩ ، وشرح المفصل ٢ / ٥٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٩٣ ، وللهذلى فى لسان العرب (عبر) ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٤٢١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٢٢٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٠٤ ، والكتاب ١ / ٢٠٣ ، وهمع الهوامع ٣ / ٩٣.

(٤) وزعموا أنّ ناسا يقولون : كيف أنت وزيدا ، وما أنت وزيدا. وهو قليل فى كلام العرب ، ولم يحملوا الكلام على ما ولا كيف ، ولكنهم حملوه على الفعل ، على شىء لو ظهر حتى يلفظوا به لم ينقض ما أرادوا من المعنى حين حملوا الكلام على ما وكيف ، كأنه قال : كيف تكون وقصعة من ثريد ، وما كنت وزيدا ؛ لأنّ كنت وتكون يقعان ها هنا كثيرا ولا ينقضان ما تريد من معنى الحديث ، فمضى صدر الكلام وكأنّه قد تكلم بها وإن كان ولو لم يقل أزمان كان قومى لكان معناه إذا قال : أزمان قومى ، أزمان كان قومى ؛ لأنه أمر قد مضى.

ينظر الكتاب (١ / ٣٠٣ ، ٣٠٥).

(٥) هو عبيد بن حصين بن معاوية بن جندل الشهير بالراعى النميرى ، شاعر من فحول ـ

٣٠٩

أزمان قومى والجماعة كالّذى

لزم الرّحالة (١) أن تميل مميلا (٢)

وجعل «الجماعة» مفعولا معه منصوبا بفعل محذوف تقديره : «أزمان كان قومى».

وإليه أشرت بقولى :

من ذاك «والجماعة» الّذى يلى

«أزمان قومى» ...

والله أعلم.

(ص)

والعطف إن يمكن بلا ضعف أحقّ

والنّصب مختار لدى ضعف النّسق

ك (اذهب وزيدا) و (اذهب انت وأبو

عمرو) و (جاءوهم وناس طلبوا)

والنّصب إن لم يجز العطف يجب

أو اعتقد إضمار عامل تصب

وإن يكن أمكن مع تكلّف

فرجّح النّصب بلا توقّف

(ش) مثال إمكان العطف دون ضعف : «كنت أنا وزيد كالأخوين» ، و «اذهب أنت وربّك».

ومثال ما يختار فيه النصب ؛ لضعف النسق : «اذهب وزيدا» فرفع «زيد» بأن ينسق على فاعل «اذهب» جائز على ضعف ؛ لأن العطف على ضمير الرفع المتصل لا يحسن ولا يقوى إلا بعد توكيد أو ما يقوم مقامه ، فلما ضعف العطف رجح النصب ؛ لأن فيه سلامة من ارتكاب وجه ضعيف للناطق عنه مندوحة.

ومثال ما يجب فيه النصب ؛ لعدم جواز العطف : «ما لك وزيدا» فـ «زيدا» هنا واجب النصب ؛ لأن عطفه على الكاف لا يجوز ؛ إذ لا يعطف على ضمير الجر إلا بإعادة الجار.

__________________

(١) الرّحالة : السرج. (مقاييس اللغة ـ رحل).

(٢) البيت فى ديوانه ص ٢٣٤ ، والأزهية ص ٧١ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٤٥ ، ١٤٨ ، والدرر ٢ / ٨٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٩٥ ، والكتاب ١ / ٣٠٥ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٩٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٢٦٦ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٠٥ ، والمقرب ١ / ١٦٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٢ ، ٢ / ١٥٦.

٣١٠

فإن جر على إضمار جار آخر مدلول عليه بالسابق جاز ؛ ووجه بما وجهت به قراءة حمزة (١) : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١] أى : وبالأرحام (٢) ، فحذفت الباء لدلالة الباء التى قبلها عليها وبقى عملها.

__________________

(١) هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل التيمى ، الزيات ، أحد القراء السبعة ، كان من موالى التيم فنسب إليهم ، كان عالما بالقراءات ، أجمعوا على قبول وتلقى قراءته ، قال الثورى : ما قرأ حمزة حرفا من كتاب الله إلا بأثر ، مات سنة ١٥٦ ه‍.

ينظر : الأعلام (٢ / ٢٧٧) ، تقريب التهذيب ت (١٥٢٦).

(٢) قوله : (وَالْأَرْحامَ) الجمهور على نصب ميم «والأرحام» ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنه عطف على لفظ الجلالة أى : واتقوا الأرحام ، أى : لا تقطعوها ، وقدّر بعضهم مضافا أى : قطع الأرحام ، ويقال : «إنّ هذا فى الحقيقة من عطف الخاص على العام ، وذلك أن معنى اتقوا الله : اتقوا مخالفته ، وقطع الأرحام مندرج فيها».

والثانى : أنه معطوف على محل المجرور فى «به» نحو : مررت بزيد وعمرا ، لمّا لم يشركه فى الإتباع على اللفظ تبعه على الموضع. ويؤيد هذا قراءة عبد الله : «وبالأرحام». وقال أبو البقاء : «تعظّمونه والأرحام ، لأنّ الحلف به تعظيم له».

وقرأ حمزة «والأرحام» بالجر ، وفيها قولان :

أحدهما : أنه عطف على الضمير المجرور فى «به» من غير إعادة الجار ، وهذا لا يجيزه البصريون ، وقد تقدّم تحقيق القول فى هذه المسألة ، وأنّ فيها ثلاثة مذاهب ، واحتجاج كل فريق فى قوله تعالى : (وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ).

وقد طعن جماعة على هذه القراءة كالزجاج وغيره ، حتى يحكى عن الفراء الذى مذهبه جواز ذلك أنه قال : «حدّثنى شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم قال : «والأرحام» ـ بخفض الأرحام ـ هو كقولهم : و «أسألك بالله والرحم» قال : «وهذا قبيح» ، لأنّ العرب لا تردّ مخفوضا على مخفوض قد كنى عنه».

والثانى : أنه ليس معطوفا على الضمير المجرور بل الواو للقسم وهو خفض بحرف القسم مقسم به ، وجواب القسم : «إنّ الله كان عليكم رقيبا». وضعّف هذا بوجهين ، أحدهما : أن قراءتى النصب وإظهار حرف الجر فى «بالأرحام» يمنعان من ذلك ، والأصل توافق القراءات. والثانى : أنه نهى أن يحلف بغير الله تعالى والأحاديث مصرحة بذلك.

وقدّر بعضهم مضافا فرارا من ذلك فقال : «تقديره : وربّ الأرحام» قال أبو البقاء :

وهذا قد أغنى عنه ما قبله» يعنى الحلف بالله تعالى. ولقائل أن يقول : «إنّ لله تعالى أن يقسم بما شاء كما أقسم بمخلوقاته كالشمس والنجم والليل ، وإن كنا نحن منهيين عن ذلك» ، إلا أنّ المقصود من حيث المعنى ليس على القسم ، فالأولى حمل هذه القراءة على العطف على الضمير ، ولا التفات إلى طعن من طعن فيها ، وحمزة بالرتبة السّنيّة المانعة له من نقل قراءة ضعيفة.

وقرأ عبد الله أيضا : «والأرحام» رفعا وهو على الابتداء ، والخبر محذوف فقدّره ابن عطية : «أهل أن توصل» ، وقدّره الزمخشرى : و «الأرحام ممّا يتقى ، أو : مما يتساءل به» ، وهذا أحسن للدلالة اللفظية والمعنوية ، بخلاف الأول ، فإنه للدلالة المعنوية فقط ، وقدّره أبو البقاء : «والأرحام محترمة» أى : واجب حرمتها. ينظر : الدر المصون (٢ / ٢٩٦).

٣١١

ومثله قول الشاعر : [من البسيط]

فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيّام من عجب (١)

فلو قيل على تقدير لام ثانية : «ما لك وزيد» لم يمتنع.

وللكلام على مسائل العطف ، وحذف الجار موضع آخر هو به أولى.

وإن أمكن العطف بتكلف ، فالنصب راجح أيضا ، فمن ذلك قولهم : «لو تركت النّاقة وفصيلها لرضعها» ؛ فإن العطف فيه ممكن على تقدير : لو تركت الناقة ترأم مع فصيلها وترك فصيلها لرضاعها لرضعها ، وهذا تكلف وتكثير عبارة ، بخلاف أن يقال : لو تركت الناقة مع فصيلها ، أو لفصيلها.

ومما يترجح فيه النصب باعتبار المعية على النصب باعتبار العطف ـ قول الشاعر : [من الطويل]

إذا أعجبتك الدّهر حال من امرئ

فدعه وواكل أمره واللّياليا (٢)

أى : واكل حاله الليالى.

(ص)

وكون ذا المفعول سابقا لما

يصحبه جوّز بعض العلما

بذا ابن جنّى قضى فى قول من

قال (وفحشا غيبة) وقد وهن

وفى النّحاة من أبى القياس فى

ذا الباب فهو بالسّماع يكتفي

(ش) أجاز أبو الفتح بن جنى فى الخصائص (٣) تقديم المفعول معه على مصحوبه

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى الإنصاف ص ٤٦٤ ، وخزانة الأدب ٥ / ١٢٣ ـ ١٢٦ ، ١٢٨ ، ١٢٩ ، ١٣١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٣٠ ، والدرر ٢ / ٨١ ، ٦ / ١٥١ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٠٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٦٢ ، وشرح المفصل ٣ / ٧٨ ، ٧٩ ، والكتاب ٢ / ٣٩٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٩.

(٢) البيت لأفنون التغلبى فى حماسة البحترى ص ١٦٤ ، ولمويلك العبدى فى حماسة البحترى ص ٢١٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٢٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٩٩.

(٣) ولا يجوز تقديم المفعول معه على الفعل ؛ نحو قولك : والطيالسة جاء البرد ؛ من حيث كانت صورة هذه الواو صورة العاطفة ؛ ألا تراك لا تستعملها إلا فى الموضع الذى لو شئت لاستعملت العاطفة فيه ؛ نحو جاء البرد والطيالسة. ولو شئت لرفعت الطيالسة عطفا على البرد. وكذلك تركت والأسد لأكلك ، يجوز أن ترفع الأسد عطفا على التاء. ولهذا لم يجز أبو الحسن جئتك وطلوع الشمس أى مع طلوع الشمس ؛ لأنك لو أردت أن تعطف بها هنا فتقول : أتيتك وطلوع الشمس لم يجز ؛ لأن طلوع الشمس لا يصح إتيانه لك ، فلمّا ساوقت حرف العطف قبح والطيالسة جاء البرد ؛ كما قبح وزيد قام عمرو ؛ لكنه يجوز جاء والطيالسة ـ

٣١٢

نحو : «جاء والطّيالسة البرد».

واستدل بقول الشاعر : [من الطويل]

جمعت وفحشا غيبة ونميمة

ثلاث خصال لست عنها بمرعوى (١)

ومثله قول الآخر : [من البسيط]

أكنيه حين أناديه لأكرمه

ولا ألقّبه والسّوأة اللّقبا (٢)

على رواية من نصب «السّوأة» و «اللّقب».

أراد : ولا ألقبه اللقب والسوأة ، [أى : مع السوأة] (٣) ؛ لأن من اللقب ما يكون لغير سوأة كتلقيب الصديق أبى بكر رضى الله عنه «عتيقا» لعتاقة وجهه ؛ فلهذا قال هذا الشاعر : ولا ألقبه اللقب مع السوأة ؛ فيفهم من هذا أنه إن لقبه لا مع السوأة فلا جناح عليه. والله أعلم.

ولا حجة لابن جنى فى البيتين لإمكان جعل الواو فيهما عاطفة قدمت هى ومعطوفها : وذلك فى الأول ظاهر ، وأما الثانى فعلى أن يكون أصله : «ولا ألقّبه اللّقب وأسوء السّوأة» ثم حذف ناصب «السّوأة» كما حذف ناصب «العيون» من قوله : [من الوافر]

 ...

وزجّجن الحواجب والعيونا (٤)

__________________

ـ البرد ؛ كما نقول : ضربت وزيدا عمرا ؛ قال :

جمعت وفحشا غيبة ونميمة

ثلاث خصال لست عنها بمرعو

ينظر : الخصائص (٢ / ٣٨٥).

(١) البيت ليزيد بن الحكم فى خزانة الأدب ٣ / ١٣٠ ، ١٣٤ ، والدرر ٣ / ١٥٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٩٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٨٦ ، ٢٦٢ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٩ / ١٤١ ، والخصائص ٢ / ٣٨٣ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٤ ، ٢ / ١٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٠.

(٢) البيت لبعض الفزاريين فى شرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١١٤٦ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١١ ، ٣ / ٨٩ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٩ / ١٤١ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٤.

(٣) سقط فى «أ».

(٤) هذا عجز بيت للراعى النميرى وصدره :

إذا ما الغانيات برزت يوما

 ...

ديوانه ص ٢٦٩ ، والدرر ٣ / ١٥٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٧٥ ، ولسان العرب (زجج) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٩١ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٣ / ٢١٢ ، ٧ / ٢٣٣ ، والإنصاف ٢ / ٦١٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ٤٣٢ ، وتذكرة النحاة ص ٦١٧ ، وحاشية يس

٣١٣

ثم قدم العاطف ، ومعمول الفعل المحذوف.

وأشرت بقولى :

وفى النّحاة من أبى القياس فى

ذا الباب ...

إلى قول أبى الحسن الأخفش : «قوم من النحويين يقيسون هذا فى كل شيء ، وقوم يقصرونه على ما سمع منه» ، يريد : من النحويين من يجيز القياس فى النصب على المفعول معه ، ومنهم من لا يجيزه.

قال أبو على : «وقوى أبو الحسن قصره على ما سمع».

باب الاستثناء

(ص)

مخرج أو كمخرج مستثنى

من بعد (إلّا) أو كـ (إلّا) معنى

وهو إذا ما كان بعضا متّصل

وغيره منقطع ، ومنفصل

(ش) قد تناول قولى :

 ...

من بعد «إلّا» أو كـ «إلّا» معنى

كل ما استثنى من جنسه بـ «إلّا» أو بغيرها من أدوات الاستثناء الآتى ذكرها.

ولا حاجة إلى الاحتراز من «إلّا» التى أصلها : «إن لا» كقوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) [الأنفال : ٧٣] ، ولا من «إلّا» التى تؤول بمعنى «غير» كقوله ـ تعالى ـ :(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) [الأنبياء : ٢٢] ؛ لأن السابق إلى ذهن السامع عند ذكر «إلّا» معنى الاستثناء ، فأغنى ذلك عن الاحتراز ، لا سيما وقد تقدم ذكر «مخرج».

وقولى :

وهو إذا ما كان بعضا متّصل

 ...

مثاله : «قام الرّجال إلّا زيدا».

 ...

وغيره منقطع ومنفصل

__________________

١ / ٤٣٢ ، والخصائص ٢ / ٤٣٢ ، والدرر ٦ / ٨٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٦ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٦ ، وشرح شذور الذهب ص ٣١٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٠٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٣٥ ، وكتاب الصناعتين ص ١٨٢ ولسان العرب (رغب) ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٥٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٢ ، ٢ / ١٣٠.

٣١٤

مثاله : «ما فيها رجل إلّا حمارا».

وذكر البعضية فى قولى :

وهو إذا ما كان بعضا متّصل

 ...

أولى من ذكر الجنسية ؛ لأن المستثنى قد يكون بعد ما هو من جنسه وهو منقطع غير متصل كقولك : «قام بنوك إلّا ابن زيد» ؛ فتبين ما فى ذكر البعضية من المزية على ذكر الجنسية.

والمراد بـ «مخرج» ما لو لم يستثن لتناوله اللفظ كـ «عشرة» من قولك : «له مائة إلّا عشرة».

والمراد بما هو «مخرج» : ما هو من مألوفات المذكور كالمتاع وآثار السكان مما يستحضر بذكر ما قبل أداة الاستثناء.

فلذلك يحسن استثناء «الحمار» بعد ذكر «الإنسان» ، ولا يحسن استثناء «الذّئب» ونحوه مما لا يألفه الناس.

ويحسن استثناء «الظّنّ» بعد ذكر «العلم» ولا يحسن استثناء «الأكل» ونحوه.

(ص)

وتلو (إلّا) فى تمام ينتصب

وفى سوى الإيجاب الاتّباع انتخب

بشرط الاتّصال والذى انقطع

بالنّصب عن أهل الحجاز قد وقع

وأبدلت تميم نحو : (ما هنا

إنسان الّا منزل عافى البنا)

(ش) المراد بالتمام هنا أن يكون المستثنى منه مذكورا ؛ ليتم به مطلوب العامل الذى قبل «إلّا» نحو : «انطلقوا إلّا ابن ذا» ، فهذا مثال الاستثناء فيه متصل ؛ لأن المستثنى فيه بعض المستثنى منه. وهو بعد كلام تام موجب فتعين النصب.

والمثال الثانى مثله فى الاتصال والتمام ، لكن المستثنى فيه بعد كلام غير موجب فكان فيه إتباع المستثنى أجود من نصبه.

والمثال الثالث المستثنى فيه منقطع ؛ لأنه ليس بعض ما استثنى منه فيتعين نصبه عند الحجازيين.

ويجوز فيه عند بنى تميم الإتباع والنصب ؛ ولذلك لم يختلف القراء فى نصب : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) [النساء : ١٥٧] لأنه استثناء منقطع ، وقد روى رفعه

٣١٥

عن بنى تميم بمقتضى لغتهم ، كما روى عنهم : (ما هذا بَشَراً)(١) [يوسف : ٣١].

(ص)

وقبل ما استثنى منه قد يرد

(إلّا) وما استثنته بعد مستند

إلى الذى استثنى منه نحو «جا

إلّا الوليد المولعون بالنّجا»

ونصب نحو ذا التزم وربّما

لم ينصبوا فى النّفى ما تقدّما

(ش) تقديم «إلّا» وما استثنى بها على المستثنى منه جائز بشرط تأخرهما عن المسند إلى المستثنى منه ؛ نحو : «جاء إلّا زيدا إخوتك» و «فى الدّار إلّا عمرا أهلها».

ويتعين حينئذ نصب المستثنى إن كان الكلام موجبا كهذين المثالين.

ولا يتعين إن لم يكن موجبا ؛ بل يجوز أن يشغل العامل بالمستثنى ويجعل المستثنى منه بدلا.

قال سيبويه : «حدثنى يونس أن قوما يوثق بعربيتهم يقولون : «ما لى إلّا أخوك ناصر» فيجعلون «ناصرا» بدلا ، قال : وهذا مثل قولك : «ما مررت بمثلك أحد».

هذا نص سيبويه (٢) وأكثر المصنفين لا يعرفون هذا ، وهو ـ أيضا ـ مذهب الكوفيين. ومن شواهد ذلك ما أنشد الفراء من قول الشاعر : [من البسيط]

مقزّع (٣) أطلس (٤) الأطمار ليس له

إلّا الضّراء وإلّا صيدها نشب (٥)

__________________

(١) قوله : (ما هذا بَشَراً) العامة على إعمال «ما» على اللغة الحجازية. وهى اللغة الفصحى ، ولغة تميم الإهمال ، وقد تقدم تحقيق هذا أول البقرة ، وما أنشدته عليه من قوله :

وأنا النّذير بحرّة مسودّة

 ... البيتين

ونقل ابن عطية أنه لم يقرأ أحد إلّا بلغة الحجاز. وقال الزمخشرى : «ومن قرأ على سليقته من بنى تميم قرأ «بشر» بالرفع ، وهى قراءة ابن مسعود». «قلت : فادعاء ابن عطية أنه لم يقرأ به ، غير مسلم ، وقرأ العامة «بشرا» بفتح الباء على أنها كلمة واحدة.

ينظر : الدر المصون (٤ / ١٢٧).

(٢) قال سيبويه : حدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون : ما لى إلا أبوك أحد ، فيجعلون أحدا بدلا ؛ كما قالوا : ما مررت بمثله أحد ، فجعلوه بدلا.

ينظر الكتاب (٢ / ٣٣٧).

(٣) مقزع : لا يرى على رأسه إلا شعيرات. (مقاييس اللغة ـ قزع).

(٤) الأطلس : الأغبر. (مقاييس اللغة ـ طلس).

(٥) النشب : المال والعقار. (الوسيط ـ نشب).

والبيت لذى الرمة فى ديوانه ص ١٠٠ ، ولسان العرب (طلس) ، (قزع) ، (ضرا) ، وتهذيب الغة ١ / ١٨٥ ، وكتاب العين ١ / ١٣٢ ، وتاج العروس (قزع) ، وأساس البلاغة

٣١٦

برفع الضراء : وهى الكلاب الضوارى ،. ومثل هذا البيت قول حسان بن ثابت ـ رضى الله عنه ـ : [من الطويل]

لأنّهم يرجون منه شفاعة

إذا لم يكن إلّا النّبيّون شافع (١)

(ص)

ونحو : (ما فى دار زيد رجل

إلّا أباك صالح) يحتمل

ترجيح نصبه ، وترجيح البدل

ولو يسوّيان لم يلزم خلل

(ش) إذا تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه مذهبان :

أحدهما : ألا تكترث بالصفة ، بل يكون البدل مختارا ، كما يكون إذا لم تذكر الصفة ، وذلك قولك : «ما فيها رجل إلّا أباك صالح» كأنك لم تذكر «صالحا» وهذا رأى سيبويه (٢).

والثانى : ألا يكترث بتقديم الموصوف ، بل يقدر المستثنى متقدما بالكلية على المستثنى منه فيكون نصبه راجحا ؛ وهو اختيار المبرد (٣).

وعندى أن النصب والبدل عند ذلك متساويان ؛ لأن لكل منهما مرجحا متكافئا.

(ص)

وإن تمام دون مستثنى فقد

يوجد كما بدون (إلّا) قد وجد

وذا هو التّفريغ وهو لا يرد

إلّا بنفى ، أو كنفى معتضد

(لا تزر إلّا فتى لا يتّبع

إلّا الهدى وهل زكا إلّا الورع)

__________________

ص ٣٩٦ (ضرى) ، وجمهرة أشعار العرب ص ٩٥٩ وبلا نسبة فى المخصص ٣ / ٣٨.

(١) البيت فى ديوانه ص ٢٤١ ، والدرر ٣ / ١٦٢ ، وشرح التصريح ١ / ٣٥٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١١٤ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٢٦٨ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٠٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٥.

(٢) قال سيبويه : فإن قلت : ما أتانى أحد إلا أبوك خير من زيد ، وما مررت بأحد إلا عمرو خير من زيد [وما مررت بأحد إلا عمرو خير من زيد] ، كان الرفع والجر جائزين ، وحسن البدل ؛ لأنك قد شغلت الرافع والجار ، ثم أبدلته من المرفوع والمجرور ، ثم وصفت بعد ذلك. ينظر الكتاب (٢ / ٣٣٦).

(٣) قال المبرد : وكان سيبويه يختار : «ما مررت بأحد إلا زيد خير منك» ، لأن البدل إنما هو من الاسم لا من نعته ، والنعت فضلة يجوز حذفها ... وكان المازنى يختار النصب ... والقياس عندى قول سيبويه ؛ لأن الكلام إنما يراد لمعناه. ينظر : المقتضب : ٤ / ٣٩٩ ، ٤٠٠.

ومن هذا النص بدا لنا أن المبرد اختار مذهب سيبويه لا مذهب المازنى ، كما صرح بذلك ابن مالك.

٣١٧

(ش) المراد بالتمام هنا استيفاء العامل مطلوبه الذى المستثنى بعضه ، سواء كان عمدة نحو : «قاموا إلّا زيدا».

أو فضلة نحو : «رأيتهم إلّا عمرا».

فالمستثنى فى هذين المثالين مذكور بعد التمام ، أى : بعد أخذ العامل مطلوبه الذى المستثنى بعضه ؛ لأن «زيدا» بعض مدلول الواو من «قاموا» ، و «عمرا» بعض مدلول الهاء والميم من «رأيتهم».

فلو لم يأخذ العامل مطلوبه الذى المستثنى بعضه نحو : «ما قام إلّا زيد» ، و «ما رأيت إلّا عمرا» ، سمى تفريغا ، وأعطى ما بعد «إلّا» العمل الذى يطلبه العامل قبلها ، رفعا كان نحو : «ما اجتهد إلّا رجال مولعون بالرّشد» ، أو غير رفع نحو : «ما رأيت إلّا زيدا» و «ما مررت إلّا بزيد».

ولا يتأتى التفريغ إلا مع نفى ، أو شبهه :

فالنفى ظاهر ، وشبهه نحو : «لا يقم إلّا زيد» و «هل يقوم إلا هو؟!». وقد اجتمع النفى ، والنهى ، والاستفهام المشبه للنفى فى قولى :

(لا تزر إلّا فتى لا يتّبع

إلّا الهدى ، وهل زكا إلّا الورع)

ومما يتناوله شبه النفى قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) [البقرة : ٤٥] لأن المعنى : وإنها لا تخف ، ولا تسهل إلا على الخاشعين ، وكذا قوله ـ تعالى ـ : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١١٢] لأن المعنى : لا يعتزون ، ولا يأمنون إلا بعهد ، وكذا قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) [الأنفال : ١٦] لأن المعنى : لا يول أحد دبره إلا متحرفا لقتال.

ولو اعتبر معنى النفى مع التمام لجاز فى المستثنى الإبدال ؛ وعلى ذلك تحمل قراءة من قرأ : فشربوا منه إلا قليل منهم [البقرة : ٢٤٩] لأن فى تقديم (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) [البقرة : ٢٤٩] ـ ما يقتضى تأول (فَشَرِبُوا مِنْهُ) [البقرة : ٢٤٩] بـ «فلم يكونوا منه» ، وعلى مثل ذا يحمل قول الشاعر : [من البسيط]

وبالصّريمة منهم منزل خلق

عاف تغيّر إلّا النّؤى والوتد (١)

__________________

(١) البيت للأخطل فى ديوانه ص ١١٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٤٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٧٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٨٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١٠٣ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٥٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٢٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٧٦.

٣١٨

لأن معنى «تغيّر» أى : لم يبق على حاله ، وكذا قول الآخر : [من الخفيف]

لدم ضائع تغيّب عنه

أقربوه إلّا الصّبا والجنوب (١)

لأن معنى «تغيّب» : لم يحضر.

(ص)

ووقع توكيد بـ (إلّا) جائز

وأبدلن ما بعد ، قال الرّاجز :

«ما لك من شيخك إلّا عمله

إلّا رسيمه وإلّا رمله»

أو اعطفن بالواو نحو : (لم ينم

إلّا أبو يحيى (٢) ، وإلّا ابن الحكم)

وإن تكرّر دون توكيد فمع

تفريغ التّأثّر بالعامل دع

فى واحد ممّا بـ (إلّا) استثن

وليس عن نصب سواه مغنى

ودون تفريغ ففى التّقدّم

نصب الجميع احكم به والتزم

وانصب لتأخير ، وجئ بواحد

منها كما لو كان دون زائد

وحكمها فى القصد حكم الأوّل

والتّالى استثنوه ممّا قد ولى

إن كان ذاك ممكنا كـ (بعض ما

تراه بعض بعض كلّ قدّما)

واجبر بشفع مسقطا للوتر

والحاصل الباقى بصدق الخبر

(ش) إذا كررت «إلّا» توكيدا أبدل ما بعد الثانية مما بعد الأولى إن توافقا معنى ، وإلا عطف بالواو.

فمثال البدل قول الراجز : [من الرجز]

ما لك من شيخك إلّا عمله

إلّا رسيمه (٣) وإلّا رمله (٤)

ومثال العطف بالواو قول الشاعر : [من الطويل]

هل الدّهر إلّا ليلة ونهارها

وإلّا طلوع الشّمس ثمّ غيارها (٥)

__________________

(١) البيت للكميت فى ديوانه ١ / ١٢٤ ، ولسان العرب (كحل) ، وتاج العروس (كحل).

(٢) فى أ: أبو يعلى.

(٣) الرسيم : ضرب من سير الإبل. (مقاييس اللغة ـ رسم).

(٤) الرجز بلا نسبة فى أوضح المسالك ٢ / ٢٧٢ ، والدرر ٣ / ١٦٧ ، ورصف المبانى ص ٨٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ٢٣٢ ، وشرح التصريح ١ / ٣٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣١١ ، والكتاب ٢ / ٣٤١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١١٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٧.

(٥) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ١ / ٧٠ ، ولسان العرب (غور) ، والمقاصد ـ

٣١٩

وإذا كررت لغير توكيد ، وكان الاستثناء مفرغا ، شغل العامل بواحد من المستثنيين ، أو المستثنيات ، ونصب ما سواه كقولك : «ما قام إلّا زيد إلّا عمرا» و «إلّا زيدا إلّا عمرو».

وإن لم يكن مفرغا : فإما أن تتقدم المستثنيات على المستثنى منه ، وإما أن تتأخر عنه : فإن تقدمت نصبت كلها.

وإن تأخرت فلواحد منها من الإعراب ما له لو انفرد ، ولما سواه النصب وهى فى المعنى متساوية ، كما تتساوى فيه لو عطف بعضها على بعض.

هذا إذا لم يمكن استثناء بعض من بعض نحو : «قاموا إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا بكرا» و «ما قاموا إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا».

فإن أمكن استثناء بعضها من بعض نحو : «عندى أربعون إلّا عشرين إلّا عشرة إلّا خمسة إلّا اثنين» استثنى كل واحد منها مما قبله ، وأسقط الأول والثالث ، وما أشبههما فى الوترية ، وضم إلى الباقى بعد الإسقاط الثانى والرابع وما أشبههما فى الشفعية ، فما اجتمع فهو الباقى بعد الاستثناء. وإلى هذا وأمثاله أشرت بقولى :

 ...

والتّالى استثنوه مّما قد ولى

إن كان ذاك ممكنا كـ «بعض ما

تراه بعض بعض كلّ قدّما»

واجبر بشفع مسقطا للوتر

والحاصل الباقى بصدق الخبر

(ص)

و (غير) يستثنى بها وتعرب

بما لما استثنته (إلّا) ينسب

وبالإضافة اجررن ما استثنى

بها : كـ (قام القوم غير معن)

واجعل لتابع الّذى قد خفضا

بها الذى لتلو (إلّا) يرتضى

(ش) «غير» اسم ملازم للإضافة ، وقد أوقعته العرب موقع «إلّا» فاستثنت به.

ولم يكن بد من جر ما استثنته للإضافة ، وأعرب هو بما أعرب [به] الاسم الواقع بعد «إلّا» على ما مضى من التفصيل ؛ فتقول : «قاموا غير زيد» و «ما ساروا غير

__________________

ـ النحوية ٣ / ١١٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٣١ ، وشرح ابن عقيل ص ٣١٠ ، وشرح المفصل ٢ / ٤١.

٣٢٠