شرح الكافية الشّافية - ج ١

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي

شرح الكافية الشّافية - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله جمال الدين محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مالك الطائي الجياني الشافعي


المحقق: علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-2874-4
الصفحات: ٥٨٣
الجزء ١ الجزء ٢

فلو تأخر القسم ، وقرن بفاء ـ وجب الاستغناء بجوابه ؛ لأن الفاء تقتضى الاستئناف ، وعدم تأثر ما بعدها بما قبلها.

ومنه قول قيس بن العيزارة : [من الطويل]

فإمّا أعش حتّى أدبّ على العصا

فو الله أنسى ليلتى بالمسالم (١)

فعلى هذا نبهت بقولى :

وبجواب القسم اغن إن وصل

بالفاء بعد الشّرط حتما ذا فعل

ثم نبهت بقولى :

وصاحب الأصول ذى الفا جعلا

تقديرها كلفظها مؤوّلا

على قول ابن السراج : وتقول : «إن تقم والله أزرك» تعترض باليمين ؛ فيكون بمنزلة ما لم يذكر ، وإن جعلت الجواب للقسم أتيت باللام فقلت : «إن تقم ـ يعلم الله ـ لأزورنّك» ، تريد : «فيعلم الله لأزورنك» ؛ هكذا قال ، ولم يذكر عليه شاهدا.

ثم قلت :

وبجواب (لو) و (لو لا) استغنيا

حتما إذا ما تلوا أو تليا

فنبهت بذلك على نحو قول الشاعر : [من الطويل]

فأقسم لو أبدى النّدىّ سواده

لما مسحت تلك المسالات عامر (٢)

المسالات : جمع مسالة ، وهى جانب اللحية.

وعلى نحو قول الآخر : [من الرجز]

والله لو لا الله ما اهتدينا

ولا تصدّقنا ولا صلّينا (٣)

ثم قلت :

وقد يرى نحو : «لقد فعلت» من

بعدهما من بعد إقسام يعنّ

__________________

(١) البيت فى الدرر ٤ / ٢٣٩ ، شرح أشعار الهذليين ٢ / ٦٠١ ، ومعجم البلدان ٥ / ١٣٣ (مشرف) ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ٢ / ٤٣.

(٢) البيت بلا نسبة فى شرح الأشمونى ٣ / ٥٩٣ ، ولسان العرب (سيل) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٥٠.

(٣) الرجز لعبد الله بن رواحة فى ديوانه ص ١٠٨ ، ولعامر بن الأكوع فى المقاصد النحوية ٤ / ٤٥١ ، وله أو لعبد الله فى الدرر ٤ / ٢٣٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٨٧ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ١٦٧ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٩٣ ، وشرح المفصل ٣ / ١١٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٣.

٤٠١

فنبهت بذلك على قول عبد الله بن الزبير : [من الطويل]

فوا لله لو لا خشية النّار بغتة

علىّ لقد أقبلت نحرى مغولا (١)

ثم قلت :

ولام نحو (لئن) اثر القسم

سمّوا موطّئا ولم تلتزم

فأشرت بذلك إلى أن أدوات الشرط المقدم عليها قسم ، ملفوظ به أو محذوف ، تقرن بها فى الغالب لام مفتوحة يؤكد بها طلب القسم لجوابه.

وأكثر ما يكون ذلك مع «إن» والقسم محذوف ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) [البقرة : ١٤٥].

وقد اقترنت بـ «ما» الشرطية فى قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) [آل عمران : ٨١].

ومثله قول القطامى (٢) : [من الكامل]

ولما رزقت ليأتينّك سيبه (٣)

جلبا وليس إليك ما لم ترزق (٤)

ومن ورودها بعد القسم الظاهر قوله ـ تعالى ـ : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) [الأنعام : ١٠٩].

وقد يجاء مع نية القسم بـ «إن» مستغنية عن اللام ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [المائدة : ٧٣] ، وكقوله ـ تعالى ـ : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [الأعراف : ٢٣].

__________________

(١) ينظر شرح التسهيل ٣ / ٢٠٦.

(٢) هو عمير بن شييم بن عمرو بن عباد ، أبو سعيد التغلبى ، الشهير بالقطامى ، شاعر غزل فحل ، كان من نصارى تغلب وأسلم ، وهو أول من لقب «صريع الغوانى» له ديوان شعر ، توفى سنة ١٣٠ ه‍.

ينظر : الأعلام (٥ / ٨٨) ، الشعر والشعراء (٢٧٧).

(٣) السيب : العطاء. (المقاييس ـ سيب).

(٤) البيت فى ديوانه ص ١١٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٣٨ ، والدرر ٤ / ٢٣٩ ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ٢ / ٤٤.

٤٠٢

قال سيبويه ـ رحمه‌الله ـ : «ولا بد من هذه اللام مظهرة أو مضمرة» (١).

وقد يجاء بـ «لئن» ، والقسم غير مراد ؛ كقول عمر بن أبى ربيعة : [من البسيط]

ألمم بزينب إنّ البين قد أفدا (٢)

قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غدا (٣)

ومثله ما أنشده الفراء : [من الطويل]

ولا يدعنى قومى صريحا لحرّة

لئن كنت مقتولا ويسلم عامر (٤)

وإلى هذا وشبهه أشرت بقولى :

وزيد دون قسم نحو : «لئن

كان الرّحيل غدا» احفظ واستبن

قال الفراء : «اللام فى «لئن» ملغاة» يعنى فى :

 ...

لئن كنت مقتولا ...

والله أعلم.

__________________

(١) قال سيبويه : ولا بد من هذه اللام مضمرة أو مظهرة ؛ لأنها لليمين ، كأنك قلت : والله لئن أتيتنى لأكرمنك. ينظر : الكتاب ٣ / ٦٦.

(٢) أفد : قرب. (المقاييس ـ أفد).

(٣) البيت فى ديوانه ص ٣٩١ ، والجنى الدانى ص ١٣٨ ، وشرح المفصل ١١ / ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦١٠ ، ومغنى اللبيب ص ١ / ٢٣٦.

(٤) البيت لقيس بن زهير فى الدرر ٤ / ٨٩ ، والرد على النحاة ص ١٢٩ ، والكتاب ٣ / ٤٦ ، ولورقاء بن زهير العبسى فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٤ ، وبلا نسبة فى أمالى المرتضى ١ / ٤٨٠ ، وتذكرة النحاة ص ٣٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٣٠ ، ٣٣٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٦.

٤٠٣

باب الإضافة

(ص)

نونا تلى الإعراب أو تنوينا

ممّا تضيف احذف كـ (طور سينا)

وحذف تا التأنيث منه قد يرد

فى كلمات سمعت فلا تزد

والثّانى اجرر وانو (من) أو (فى) إذا

صحّا ولم تلف للام منفذا

[وجرّ وانوينّ معنى اللّام فى

سواء ذاك كـ (ابننا ذو شرف)] (١)

(ش) إذا قصدت إضافة اسم حذف ما فيه من تنوين ظاهر ؛ كقولك فى «ثوب» : «هذا ثوبك».

أو مقدر ؛ كقولك فى «دراهم» : «هذه دراهمك».

أو نون تلى الإعراب ؛ كقولك فى «ثوبين» و «بنين» : «أعطيت ثوبيك بنيك».

ويدخل فى نون تلى الإعراب نون «اثنين» و «عشرين» فإن نونيهما يحذفان للإضافة ؛ لأنهما يجريان مجرى المثنى ، والمجموع على حده.

فيقال : «قبضت اثنيك ، وعشريك».

وربما اعتقد بعض الناس امتناع إضافة «اثنين» و «عشرين» وأخواتها ، ولا خلاف فى جواز إضافتها إلى غير مميزها. وإنما تمتنع إضافتها إلى مميزها إلا فى ضرورة ؛ ولذلك عدوا من الضرورات قول الراجز : [من الرجز]

كأنّ خصييه من التّدلدل

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (٢)

على أن الكسائى حكى : أن من العرب من يقول : «عشرو درهم».

فأضاف «عشرين» إلى مميزها ، مع الاستغناء عن الإضافة بنصب المميز بـ «عشرين». وإذا صحت الإضافة مع الاستغناء عنها ، كان استعمالها مع الحاجة إليها أحق وأولى.

__________________

(١) فى أ:

وجره ناوى معنى اللام فى

سواهما نحو (ابننا ذو شرف)

(٢) الرجز لخطام المجاشعى أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو لشماء الهذلية فى خزانة الأدب (٧ / ٤٠٠) ، ولجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية فى المقاصد النحوية (٤ / ٤٨٥) ، ولخطام المجاشعى ولجندل بن المثنى فى شرح التصريح (٢ / ٢٧٠) ، وللشماء الهذلية فى خزانة الأدب (٧ / ٥٢٦ ، ٥٢٩ ، ٥٣١) ، وبلا نسبة فى إصلاح المنطق ص ١٨٩ ، وخزانة الأدب (٧ / ٥٠٨) وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣٦١) ، شرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٨٤٧ وشرح المفصل (٤ / ١٤٣) ، (٦ / ١٦ ، ١٨) ، والكتاب (٣ / ٥٦٩ ، ٦٢٤) ولسان العرب (دلل ، هدل ، ثنى ، خصنى) ، والمقتضب (٢ / ١٥٦) ، والمنصف (٢ / ١٣١) ، همع الهوامع (١ / ٢٥٣).

٤٠٤

وقد يحذف من المضاف تاء التأنيث ؛ كقول الشاعر : [من الطويل]

ونار قبيل الصّبح بادرت قدحها

حيا النّار قد أوقدتها للمسافر (١)

أراد : حياة النار.

وقال الشاعر : [من البسيط]

إنّ الخليط أجدّوا (٢) البين وانجردوا

وأخلفوك عد (٣) الأمر الذى وعدوا (٤)

أراد : عدة الأمر.

ومنه قراءة بعض القراء : (لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)(٥) [التوبة : ٤٦].

وجعل الفراء من ذلك قوله ـ تعالى ـ : (بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) [الروم : ٣]

وإذا حذف لأجل الإضافة ما فى المضاف من التنوين والنون المذكورين ، وجب جر المضاف إليه بالمضاف ؛ لما فيه من معنى اللام ، أو معنى «من» أو «فى» ، ومعنى اللام هو الأصل.

__________________

(١) البيت لكعب بن زهير فى ديوانه ص ٣٦ ، والمعانى الكبير ١ / ٤٣١ ، ولسان العرب (حيا) ، وبلا نسبة فى الحيوان ٤ / ٤٨٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٦.

(٢) الخليط : المجاور. (المقاييس ـ خلط).

(٣) فى أ: عدا.

(٤) البيت للفضل بن عباس فى شرح التصريح ٢ / ٣٩٦ ، ولسان العرب (غلب) ، (خلط) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٧٢ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٥ / ٢٤١ ، وأوضح المسالك ٤ / ٤٠٧ ، والخصائص ٣ / ١٧١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٠٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٦ ، ولسان العرب (وعد) ، (خلط).

(٥) العامة على «عدّة» بضم العين وتاء التأنيث وهى الزّاد والراحلة وجميع ما يحتاج إليه المسافر.

وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنه معاوية «عدّه» كذلك إلا أنه جعل مكان تاء التأنيث هاء ضمير غائب تعود على الخروج. واختلف فى تخريجها فقيل : أصلها كقراءة الجمهور بتاء التأنيث ، ولكنهم يحذفونها للإضافة كالتنوين. وجعل الفراء من ذلك قوله تعالى : (وَأَقامَ الصَّلاةَ*) ومنه قول زهير :

إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا

وأخلفوك عد الأمر الذى وعدوا

يريد : عدّة الأمر. وقال صاحب «اللوامع» : «لمّا أضاف جعل الكناية نائبة عن التاء فأسقطها ؛ وذلك لأنّ العدّ بغير تاء ولا تقديرها هو الشىء الذى يخرج فى الوجه». وقال أبو حاتم : «هو جمع عدّة ك برّ جمع برّة ، ودرّ جمع درّة ، والوجه فيه عدد ، ولكن لا يوافق خطّ المصحف.

وقرأ زر بن حبيش وعاصم فى رواية أبان «عدّه» بكسر العين مضافة إلى هاء الكناية. قال ابن عطية : «وهو عندى اسم لما يعدّ كالذّبح والقتل. وقرئ أيضا «عدّة» بكسر العين وتاء التأنيث ، والمراد عدة من الزاد والسلاح مشتقا من العدد. ينظر : الدر المصون (٣ / ٤٦٨ ـ ٤٦٩).

٤٠٥

ولذلك يحكم به مع صحة تقديرها ، وامتناع تقدير غيرها ؛ نحو : «دار زيد».

ومع صحة تقديرها وتقدير غيرها ؛ نحو : «يد زيد ورجله».

وعند امتناع تقديرها وتقدير غيرها ؛ نحو : «عنده» و «معه».

ولذلك ـ أيضا ـ اختصت بجواز إقحامها بين المضاف والمضاف إليه ؛ نحو : [من الكامل]

يا بؤس للحرب ...

 ... (١)

ومواضع «من» أقل من مواضع اللام.

ومواضع «فى» أقل من مواضع «من».

ولا يحكم بمعنى «من» ، ولا بمعنى «فى» ، إلا حيث يحسن تقديرهما دون تقدير غيرهما :

فمواضع «من» مضبوطة بكون المضاف بعض المضاف إليه ، مع صحة إطلاق اسمه عليه كـ «ثوب خزّ» ، و «خاتم فضّة» ، فـ «الثّوب» بعض الخز ، ويصح إطلاق اسمه عليه ، و «الخاتم» بعض الفضة ، ويصح إطلاق اسمها عليه.

ومن هذا إضافة الأعداد إلى المعدودات ، والمقادير إلى المقدرات.

أما «يد زيد» ، و «عين عمرو» : فالإضافة فيه بمعنى اللام لعدم إطلاق اسم الثانى فيه على الأول.

هذا معنى قول أبى بكر بن السراج (٢) ، رحمه‌الله.

__________________

(١) جزء بيت لسعد بن مالك وتمامه

 ... التى

وضعت أراهط فاستراحوا

ينظر : خزانة الأدب ١ / ٤٦٨ ، ٤٧٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٥٨٢ ، ٦٥٧ ، والكتاب ٢ / ٢٠٧ ، والمؤتلف والمختلف ١٣٤ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٣٠٧ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٢٦ ، والجنى الدانى ، ص ١٠٧ ، وجواهر الأدب ص ٢٤٣ ، والخصائص ٣ / ١٠٢ ، ورصف المبانى ص ٢٤٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٨٩ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠ ، ١٠٥ ، ٤ / ٣٦ ، ٥ / ٧٢ ، وكتاب اللامات ص ١٠٨ ، ولسان العرب (رهط) ، والمحتسب ٢ / ٩٣ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢١٦.

(٢) والإضافة تكون على ضربين : تكون بمعنى اللام وتكون بمعنى «من». فأما الإضافة التى بمعنى اللام فنحو قولك : غلام زيد ، ودار عمرو ، ألا ترى أن المعنى : غلام لزيد ودار لعمرو ، إلا أن الفرق بين ما أضيف بلام وما أضيف بغير لام ، أن الذى يضاف بغير لام ـ

٤٠٦

وهو الصحيح.

لا قول ابن كيسان والسيرافى ؛ فإنهما جعلا إضافة كل بعض بمعنى «من» ولم يفرقا بين ما يطلق على الأول اسم الثانى ، وما ليس كذلك.

فالمضاف الذى فيه معنى «من» كل مضاف هو بعض ما أضيف إليه أو كبعض ما أضيف إليه.

فالأول : كـ «جزء الشّىء ، وربعه ، وثلثه ، وجلّه ودقّه ، وظهره وبطنه ، وأعلاه وأسفله ، وأحد القوم ، وصغيرهم ، وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم ، وأسودهم وأحمرهم».

والثانى : «خاتم فضّة» و «خمس ذود» و «مدّ برّ» و «ثوب خزّ».

صرح ابن كيسان بأن ذلك كله بمعنى «من» ولم يذكر خلافا فى ذلك. ولا فى كلام المتقدمين خلاف لذلك.

وكلام السيرافى موافق لكلام ابن كيسان ؛ فإنه قال فى شرح باب الجر من كتاب سيبويه : «والإضافة تكون على معنى أحد حرفين وهما : «من» و «اللام» ؛ فـ «من» إذا كانت الإضافة على معناها بتبعيض».

ثم قال : ـ بعد كلام ـ «وربما أوهمتك الإضافة الخروج عن هذين الوجهين فإذا تدبرتها رأيتها لازمة لأحد الحرفين ؛ كقولك : «أفضلهم زيد» أى : الفاضل منهم ، و «بعض القوم» أى : شىء منهم».

وأغفل أكثر النحويين الإضافة بمعنى «فى» ؛ وهى ثابتة فى الكلام الفصيح ؛ فمن شواهدها : قوله ـ تعالى ـ : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) [البقرة : ٢٢٦] و (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) [البقرة : ٢٠٤] و (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) [البقرة : ١٩٦] و (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) [يوسف : ٣٩] و (مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [سبأ : ٣٣].

__________________

ـ يكتسى مما يضاف إليه تعريفه وتنكيره ، فيكون معرفة إن كان معرفة ونكرة إن كان نكرة.

أما الإضافة التى بمعنى «من» فهو أن تضيف الاسم إلى جنسه نحو قولك : ثوب خز وباب حديد ، تريد ثوبا من خز وبابا من حديد ، فأضفت كل واحد منهما إلى جنسه الذى هو منه ، وهذا لا فرق فيه بين إضافته بغير «من» وبين إضافته «بمن» وإنما حذفوا «من» هنا استخفافا ، فلما حذفوها التقى الاسمان فخفض أحدهما الآخر إذا لم يكن الثانى خبرا عن الأول ، ولا صفة له.

ينظر : الأصول فى النحو (١ / ٥٣ ـ ٥٤).

٤٠٧

ومنها قول الأعشى ميمون : [من المتقارب]

مهادى النهار لجاراتهم

وباللّيل هنّ عليهم حرم (١)

ومنها قول ابن أبى ربيعة : [من المتقارب]

وغيث تبطّنت قريانه

بأجرد ذى ميعة منهمر

مسيح الفضاء كسيد الإبا

ء جمّ الجراء شديد الحضر (٢)

ومنها قوله : [من الطويل]

من الحور ميسان (٣) الضّحى بختريّة

ثقال متى تنهض إلى الشر تفتر (٤)

ومنها قول حسان بن ثابت ـ رضى الله عنه ـ : [من الطويل]

تسائل عن قرم هجان سميدع

لدى البأس مغوار الصّباح جسور (٥)

فلا يخفى أن معنى «فى» فى الأول ، ومعنى «فى» فى الثانى صحيحان بلا تكلف.

وأن اعتبار معنى اللام فيهما ما لا يصح إلا بتكلف.

[ولما كان جميع ذلك قسمين : بعض ، وشبيه ببعض قلت بعد التنبيه عليهما :

وجرّ وانو اللّام إن تضف سوى

هذين ...

وذلك نحو : «هذا ابن زيد» و «أبو عمرو» و «دار بشر» وهذا القسم أوسع مجالا ، وأكثر استعمالا من القسم الآخر] (٦). فهذا كله مما إضافته معنوية ، وحقيقية ، ومحضة ؛ لأنها مؤثرة فى المضاف تعريفا إن كان الثانى معرفة. وتخصيصا إن كان الثانى نكرة ، ما لم يمنع مانع.

وسأبين المانع ، إن شاء الله تعالى.

(ص)

وإن يضف وصف كفعل فى العمل

فهو مضاف اللّفظ رفعا للثّقل

وكون ذا المضاف مقرونا بـ (أل)

مغتفر إن كان شرطه حصل

__________________

(١) البيت فى شرح عمدة الحافظ ص ٤٨٤ ، ولسان العرب (حرم) ، وليس فى ديوانه.

(٢) ينظر شرح التسهيل ٣ / ٢٢٢.

(٣) الميسان : المرأة الكثيرة النعاس. (القاموس ـ وسن).

(٤) البيت فى ديوانه ١٩٦ ، وينظر شرح التسهيل ٣ / ٢٢٢.

(٥) البيت فى ديوانه ص ٢١٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٥٨.

(٦) ما بين المعكوفين سقط فى «أ».

٤٠٨

أعنى دخول (أل) على الجزأين

ك (المكثر الخير ، القرير العين)

وكونها فى الوصف كاف إن وقع

مثنّى او ما كمثنّى انجمع

ك (الفارجو باب الأمير المبهم)

و (الخالدان المستقيلا حذيم)

(ش) الوصف الذى هو كالفعل فى العمل : ما أريد به الحال أو الاستقبال من اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، أو صفة مشبهة باسم الفاعل.

وبيان ما يعمل عمل الفعل من الأوصاف ، وما لا يعمل على سبيل الاستغناء ، يذكر فى (باب إعمال اسم الفاعل) ، إن شاء الله.

ونبهت بقولى :

 ...

فهو مضاف اللّفظ رفعا للثقل

على أن إضافته لم تفد تعريفا ، ولا تخصيصا ؛ لأنها فى نية الانفصال.

وإنما أفادت تخفيف اللفظ بحذف التنوين ، والنون ؛ فإن قولك : «هذا ضارب زيد» ، و «هؤلاء مكرمو عمرو» أخف من قولك : «هذا ضارب زيدا» ، و «هؤلاء مكرمون عمرا».

ومعنى المضاف من هذا النوع ، والمتروك الإضافة واحد ؛ ولذلك بقى المضاف منه إلى معرفة على ما كان عليه من التنكير ؛ فدخلت عليه «ربّ» كقول جرير : [من البسيط]

يا ربّ غابطنا (١) لو كان يطلبكم

لاقى مباعدة منكم وحرمانا (٢)

ونعت به النكرة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة : ٩٥].

ونصب على الحال ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ثانِيَ عِطْفِهِ) [الحج : ٨ ـ ٩].

__________________

(١) الغبطة : أن يتمنى المرء مثل ما للمغبوط من النعمة من غير أن يتمنى زوالها عنه. (الوسيط ـ غبط).

(٢) البيت فى ديوانه ص ١٦٣ ، والدرر ٥ / ٩ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٤٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧١٢ ، ٨٨٠ ، والكتاب ١ / ٤٢٧ ، ولسان العرب (عرض) ، ومغنى اللبيب ١ / ٥١١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٤ ، والمقتضب ٤ / ١٥٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٧ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٩٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٠٥ ، والمقتضب ٣ / ٢٢٧ ، ٤ / ٢٨٩.

٤٠٩

وكقول الشاعر : [من الكامل]

فأتت به حوش الفؤاد مبطّنّا

 ... (١)

وتضمن تمثيلى بـ : «المكثر الخير القرير العين» الوصف المساوى للفعل فى عمل النصب ، والمساوى له فى عمل الرفع ؛ لأن معناهما : «المكثر خيره ، القريرة عينه» ومثل «القرير العين» فى الإضافة إلى مرفوع فى المعنى : إضافة اسم المفعول نحو : «المضروب العبد» بمعنى : المضروب عبده. وبينت أن هذه الإضافة يغتفر فيها وجود الألف واللام فى المضاف ، بشرط وجودهما فى المضاف إليه ؛ كقولى :

 ...

(المكثر الخير القرير العين)

أو كون المضاف مثنى أو مجموعا على حد المثنى ؛ كقولى :

 ...

«الخالدان المستقيلا حذيم»

وكقول الراجز : [من الرجز]

الفارجو باب الأمير المبهم (٢)

فلو كان المضاف غير مثنى ولا مجموع على حد المثنى ، لم يضف مقرونا بالألف واللام إلى عار منهما ، إلا على مذهب الفراء (٣) ، ولا إلى ضمير إلا على مذهب الرمانى ، والمبرد ـ فى أحد قوليه ـ وبذلك قال الزمخشرى (٤) ؛ فعندهم أن

__________________

(١) صدر بيت لأبى كبير الهذلى وعجزه :

 ...

سهدا إذا ما نام ليل الهوجل

ينظر شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٧٣ ، جمهرة اللغة ص ٣٦٠ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٩٤ ، ٢٠٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٨٨ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٢٧ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٧٥ ، ولسان العرب (سهد) ، (حوش) ، (هجل) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥١١ ، وتاج العروس (هجل) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٨٩ ، وجمهرة اللغة ص ١١٧٦ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٨٠ ، ولسان العرب (جيا).

(٢) الرجز لرجل من ضبة فى الكتاب ١ / ١٨٥ ، وبلا نسبة فى شرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٩ ، والمقتضب ٤ / ١٤٥ ، وأساس البلاغة (بهم) ، (فرج).

(٣) قال الزمخشرى : وتقول فى اللفظية مررت بزيد الحسن الوجه ، وبهند الجائلة الوشاح ، وهما الضاربا زيد ، وهم الضاربو زيد ، قال الله تعالى : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) ، ولا تقول : الضارب زيد ؛ لأنك لا تفيد فيه خفة بالإضافة كما أفدتها فى المثنى والمجموع ، وقد أجازه الفراء. ينظر : شرح المفصل ٢ / ١٢٢.

(٤) قال الزمخشرى : وإذا كان المضاف إليه ضميرا متصلا ، جاء ما فيه تنوين أو نون ، وما عدم

٤١٠

الكاف والهاء والياء من قولك : «زيد المكرمك ، وأنت المكرمه ، والمكرمى» فى موضع جر.

وهو خلاف قول سيبويه والأخفش (١).

فإن سيبويه يحكم على موضع الضمير بما يستحقه الظاهر الواقع موقعه ، والأخفش يحكم بنصب الضمير ، قرن ما اتصل به من أسماء الفاعلين بالألف واللام أو لم يقرن ؛ فـ «الضاربك» و «ضاربك» عنده سيان فى استحقاق النصب.

وهما عند الرمانى (٢) سيان فى استحقاق الجر.

والأوّل عند سيبويه ناصب ومنصوب. والثانى مضاف ومضاف إليه ؛ كما لو قلت : «الضّارب زيدا» و «ضارب زيد».

(ص)

وغير هذا الوصف إن أضيفا

إلى معرّف أنل تعريفا

إن لم يكن ملازم الإبهام

مقرّر الشّياع فى الأفهام

ك (غير) إن لم يك بين اثنين

تنافيا كـ (الصّعب غير الهين)

(ش) غير هذا الوصف ـ أى غير الوصف الذى يعمل عمل الفعل ـ إذا أضيف

__________________

واحدا منهما شرعا فى صحة الإضافة ؛ لأنهم لما رفضوا فيما يوجد فيه التنوين أو النون أن يجمعوا بينه وبين الضمير المتصل ، جعلوا ما لا يوجد فيه له تبعا ، فقالوا : الضاربك والضاربانك ، والضاربى والضاربانى ، كما قالوا : ضاربك والضارباك والضاربوك والضاربى.

ينظر : شرح المفصل : ٢ / ١٢٣.

(١) وإذا قلت : هم الضاربوك وهما الضارباك ، فالوجه فيه الجرّ ، لأنّك إذا كففت النون من هذه الأسماء فى المظهر كان الوجه الجرّ ، إلّا فى قول من قال : «الحافظو عورة العشيرة».

ولا يكون فى قولهم : هم ضاربوك ، أن تكون الكاف فى موضع النصب ، لأنّك لو كففت النون فى الإظهار لم يكن إلّا جرّا ، ولا يجوز فى الإظهار : هم ضاربوا زيدا ، لأنّها ليست فى معنى الذى ، لأنها ليست فيها الألف واللام كما كانت فى الذى.

ينظر الكتاب (١ / ١٨٧).

(٢) هو على بن عيسى بن على بن عبد الله ، أبو الحسن الرمانى ، كان إماما فى العربية ، علامة فى الأدب فى طبقة الفارسى ، والسيرافى ، وكان معتزليّا ، قيل : لم ير مثله قط علما بالنحو ، وغزارة بالكلام ، وبصرا بالمقالات ، واستخراجا للعويص ، وإيضاحا للمشكل ، وكان يمزج النحو بالمنطق ، من مصنفاته : التفسير ، الحدود الأكبر ، والأصغر ، شرح أصول ابن السراج ، شرح سيبويه ، معانى الحروف ، وغيرها. مات سنة ٣٨٤ ه‍.

ينظر : بغية الوعاة (٢ / ١٨٠ ـ ١٨١).

٤١١

فإضافته محضة.

فيتعرف بما أضيف إليه إن كان معرفة ، ما لم يكن المضاف ملازما للإبهام كـ «غير» و «مثل» و «شبه» فإن إضافة واحد من هذه وما أشبهها لا تزيل إبهامه إلا بأمر خارج عن الإضافة. كوقوع «غير» بين ضدين ؛ كقول القائل : «رأيت الصّعب غير الهين» و «مررت بالكريم غير البخيل» وكقوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧].

وكقول أبى طالب : [من الرجز]

يا ربّ إمّا يخرجنّ طالبى

فى مقنب من تلكم المقانب

فليكن المغلوب غير الغالب

وليكن المسلوب غير السّالب (١)

فبوقوع «غير» بين ضدين يرتفع إبهامه ؛ لأن جهة المغايرة تتعين ؛ بخلاف خلوها من ذلك ؛ كقولك : «مررت برجل غيرك».

وكذا «مثل» إذا أضيف إلى معرفة دون قرينة تشعر بمماثلة خاصة ؛ فإن الإضافة لا تعرفه ، ولا تزيل إبهامه ، فإن أضيف إلى معرفة ، وقارنه ما يشعر بمماثلة خاصة تعرف.

(ص)

وغالبا (حسب) و (مثل) مع ما

ضاهاهما التّنكير فيها لزما

و (عبد بطنه) قليلا نكّرا

وذا على «واحد أمّه» جرى

كلّ لـ (ربّ ابن وأمّه) و (كم

شاة ونسلها) بتنكير حكم

(ش) لا يتعرف ـ غالبا ـ «حسبك» ولا ما فى معناه ؛ لأنه بمعنى : كافيك ، وهو اسم فاعل مراد به الحال.

وما فى معنى «حسبك» : «شرعك» و «بجلك» و «قطك» و «قدك» ، كلها نكرات ؛ لتأديتها معنى الفعل.

وما فى معنى «مثل» : «شبه» و «ند» و «نحو» وما أشبه ذلك ، وكلها ـ أيضا ـ

__________________

(١) الرجز فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٠٨.

٤١٢

نكرات ؛ إلا إذا أريد بها خصوص المشابهة ؛ كما تقدم من القول فى «مثل» وكذلك «حسبك» وأخواتها ، وقد يعرض لها ما تصير به معارف ؛ صرح بذلك سيبويه. إلا أن الشائع تنكيرها. ولذلك قلت :

وغالبا «حسب» و «مثل» مع ما

ضاهاهما التّنكير فيها لزما

وذكر أبو على : أن من العرب من يجعل : «واحد أمّه» و «عبد بطنه» نكرتين فيدخل عليهما «ربّ». وكونهما معرفتين أشهر.

إذا عطف على مجرور «ربّ» ، أو منصو بـ «كم» الاستفهامية مضاف إلى ضميره فهو نكرة بإجماع نحو قولك : «ربّ رجل وأخيه لقيتهما» و «كم ناقة وفصيلها لك»؟ لأن العامل فى المعطوف هو العامل فى المعطوف عليه على الأصح. و «ربّ» و «كم» لا يعملان إلا فى نكرة ؛ فتقدير «ربّ رجل وأخيه» : رب رجل وأخ له ، وتقدير : «كم ناقة وفصيلها» : كم ناقة وفصيلا لها ؛ وكذا التقدير فى «ربّ ابن وأمّه» ، و «كم شاة ونسلها».

فصل

(ص)

قد يجعل المضاف كالّذى له

أضيف فى بعض الذى أنيله

بشرط أن يصلح أن يستغنى

به عن الأوّل فيما يعنى

كـ (نسفته مرّ ريح شمأل

ومرّها سريعة التّحوّل)

(ش) إذا كان المضاف صالحا للحذف ، والاستغناء عنه بالمضاف إليه ، جاز أن يعطى المضاف بعض أحوال المضاف إليه ؛ فمن ذلك قول الشاعر : [من الطويل]

مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت

أعاليها مرّ الرّياح النّواسم (١)

__________________

(١) النواسم : الريح اللينة الهبوب. (المقاييس ـ نسم).

والبيت لذى الرمة فى ديوانه ص ٧٥٤ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٢٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٨ ، والكتاب ١ / ٥٢ ، ٦٥ ، والمحتسب ١ / ٢٣٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٧ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٥ / ٢٣٩ ، والخصائص ٢ / ٤١٧ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٣٨ ، ولسان العرب (عود) ، (صدر) ، (قبل) ، (سفه) ، والمقتضب ٤ / ١٩٧.

٤١٣

فأعطى لـ «مرّ» وهو مذكر تأنيث «الرّياح» ؛ لأن الإسناد إلى الرياح مغن عن ذكر ال «مرّ».

وكذلك قول الآخر : [من الكامل]

أتى الفواحش عندهم معروفة

ولديهم ترك الجميل جمال (١)

ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤] ؛ فأعطى الأعناق ما هو لأصحابها من الإخبار بـ «خاضعين» ؛ لصلاحية الأعناق للحذف ، والاستغناء عنها بضمير أصحابها ، وهو أن يقال : «فظلّوا لها خاضعين». وأمثال ذلك كثيرة.

ولو قيل فى «قام غلام هند» : «قامت غلام هند» لم يجز ؛ لأن الغلام غير صالح للحذف والاستغناء بما بعده عنه ؛ كما كان ذلك فيما تقدم من «مرّ الرّياح» و «أتى الفواحش» وأشباههما.

وكما جاز تأنيث المذكر ؛ لإضافته إلى مؤنث صالح للاستغناء به ؛ كذلك يجوز تذكير المؤنث ؛ لإضافته إلى مذكر صالح للاستغناء به ؛ كقول الشاعر : [من الخفيف]

رؤية الفكر ما يؤول له الأم

ر معين على اجتناب التّواني (٢)

ويمكن أن يكون من ذلك قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦].

(ص)

ومبهم كـ (غير) إن يضف لما

بنوا أجز بناه للّذ قدّما

(ش) المراد بـ «مبهم كغير» : ما لا يتضح معناه إلا بما يضاف إليه ؛ كـ «مثل» و «دون» و «بين» و «حين» مما فيه شدة إبهام تقربه من الحروف.

فإذا أضيف إلى مبنى جاز أن يكتسب من بنائه ، كما تكتسب النكرة المضافة إلى معرفة من تعريفها.

__________________

(١) البيت للفرزدق فى المقاصد النحوية ٣ / ٣٦٨ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣١٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٥ (ورواية العجز فيه :

 ...

ويرون فعل المكرمات حراما)

(٢) البيت بلا نسبة فى الدرر ٥ / ٢١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٢٢ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٤٩.

٤١٤

فمن اكتساب البناء بالإضافة إلى مبنى ؛ قوله تعالى : (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ) [الجن : ١١] وقوله : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] ـ بفتح النون ـ وقوله : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] ـ بفتح اللام.

ومنه قول الشاعر : [من البسيط]

لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت

حمامة فى غصون ذات أو قال (١)

 ـ بفتح الراء.

(ص)

ولا يضاف إسم ما به اتّحد

معنى وما أوهم ذا إذا ورد

فهو مؤوّل بمبدى العذر فى

نطق به تأويل ذى تلطّف

(ش) المضاف يعرف أو يخصص بالمضاف إليه ، والشىء لا يعرف ولا يتخصص إلا بغيره ، فلا بد من كون المضاف غير المضاف إليه بوجه ما. فإن توهم خلاف ذلك إلى مضاف ومضاف إليه تلطف فى تقدير المغايرة.

فلذلك قيل فى قولهم : «صلاة الأولى» أن المراد : صلاة الساعة الأولى ، وفى قولهم : «مسجد الجامع» و «دين القيّمة» و «حبّة الحمقاء» أن المراد : مسجد اليوم أو الوقت الجامع ، ودين الملة القيمة ، وحبة البقلة الحمقاء.

وقيل فى قولهم : «سعيد كرز» ـ لمن اسمه : سعيد ، ولقبه : كرز ـ : إن الأول مؤول بالمسمى ، والثانى غير مؤول ، بل اعتبر به مجرد اللفظ.

فإذا قلت : «جاءنى سعيد كرز» فكأنك قلت : جاءنى مسمى هذا اللقب.

وبنحو هذا يعامل : «يوم الخميس» و «فعلت ذلك ذات يوم ، ذات صباح».

__________________

(١) الوقل : الحجارة ، والكرب (الشجر) الذى لم يستقص فبقيت أصوله بارزة. (القاموس ـ وقل).

والبيت لأبى قيس بن الأسلت فى ديوانه ص ٥٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٠٦ ، ٤٠٧ ، والدرر ٣ / ١٥٠ ، ولأبى قيس بن رفاعة فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٥٨ ، وشرح المفصل ٣ / ٨٠ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٦٥ ، ٢١٤ ، ٥ / ٢٩٦ ، والإنصاف ١ / ٢٨٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٣٢ / ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٠٧ ، وشرح التصريح ١ / ١٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٨١ ، ٨ / ١٣٥ ، والكتاب ٢ / ٣٢٩ ، ولسان العرب (نطق) ، (وقل) ، ومغنى اللبيب ١ / ١٥٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٩.

٤١٥

وأما قولهم : «نفس الشّىء» و «كلّ القوم» ؛ فإن المغايرة فيه بين الأول والثانى بينة ؛ لأن «نفسا» و «كلّا» قبل أن يضافا صالحان لأشياء مختلفة الحقائق ، والذى يضاف إليه أحدهما دال على معين ، فإذا طرأت الإضافة اتحدا معنى ، وبقى الشعور بما كانا عليه قبل أن يضافا ، مسوغا لجعلهما مضافا ، ومضافا إليه فى اللفظ ، وإن كانا ـ فى المعنى ـ واحدا.

وأما نحو : «جرد قطيفة» فملحق بـ «خاتم فضّة» وبابه.

فصل

(ص)

وهاك أسماء تضاف أبدا

منها (قصارى) و (حمادى) و (لدى)

(بيد) (سوى) (عند) (لدن) (ذو) و (أولو)

هما لجنس ظاهر قد يوصل

(ذوو) ـ بمضمر ـ كما (ذووها)

كذا (ذووه) فاعرف الوجوها

(ذو) (ذات) : أنثاه ، (ذوات) : الجمع

وجريان الأصل يجرى الفرع

وقلّ أن يضاف (ذو) إلى علم

غير مصدر به كـ (ذى سلم)

ونحو (ذى تبوك) (ذى بكّة) قد

شذّ ، فلا تنكر نظيرا إن ورد

(ش) من الأسماء ما لا ينفك عن الإضافة لا معنى ولا لفظا ؛ ومنها لا ينفك عن الإضافة معنى ، وينفك عنها لفظا.

فمن الأول : «قصارى الشيء وحماداه» أى : غايته.

ومنها : «لدى» و «عند» ومعناهما : الحضور والقرب.

هكذا قال سيبويه (١) ، ولم يجعل «لدى» لغة فى «لدن» ؛ كما فعل الزمخشرى (٢).

و «بيد» بمعنى «غير» ولم تقع الإضافة إلا إلى مستثنى بها.

و «سوى» لا يليها إلا مجرور بإضافتها إليه. وقد مضى الكلام عليها فى باب الاستثناء.

ومن الأسماء التى تلازم الإضافة لفظا ومعنى «ذو» بمعنى : صاحب ، وفروعها وهى : «ذوا» فى التثنية. و «ذوو» فى الجمع [أو «أولو» و «ذات» فى الإفراد والتأنيث.

__________________

(١) ينظر : الكتاب ٤ / ٢٣٢.

(٢) قال الزمخشرى : ومنها «لدى». وفيما ثمانى لغات : لدى ولدن ولدن ولد بحذف نونها ولدن ولدن بالكسر لالتقاء الساكنين ولد بحذف نونهما ... ينظر : شرح المفصل : ٤ / ١٠٠.

٤١٦

و «ذواتا» فى التثنية. و «ذوات» فى الجمع.] (١)

ولا يضفن إلا إلى اسم جنس ظاهر ، إلا ما ندر من قول الشاعر : [من الوافر]

صبحن الخزرجيّة مرهفات

أبار ذوى أرومتها (٢) ذووها (٣)

وكذا قول الآخر أنشده الأصمعى : [من مجزوء الرمل]

إنّما يصطنع المعروف فى النّاس ذووه (٤)

وإلى هذين البيتين أشرت بقولى :

 ... كما ذووها

كذا ذووه ...

ومن إضافة «ذوو» إلى مضمر قول الأحوص : [من الطويل]

وإنّا لنرجو عاجلا منك مثلما

رجوناه قدما من ذويك الأفاضل (٥)

وأضيف «ذو» إلى علم ، وذلك على ضربين :

أحدهما : نادر ، والآخر : كثير.

فالنادر : أن يكون «ذو» غير جزء من العلم ، بل تكون إضافته إلى علم تام كإضافة «صاحب» إليه.

فمن ذلك قول بعض العرب : «ذو تبوك» ، ومثله «أنا الله ذو بكّة» ـ وجد مكتوبا فى حجر من أحجار الكعبة قبل الإسلام.

والكثير الذى ليس نادرا : أن يكون «ذو» بعض العلم ؛ كقولهم : «ذو يزن» و «ذو الكلاع» ـ لرجلين. و «ذو سلم» ـ لموضع.

__________________

(١) ما بين المعكوفين سقط فى «أ».

(٢) الأرومة : الأصل. (اللسان ـ أرم).

(٣) البيت لكعب بن زهير فى ديوانه ص ١٠٤ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٤٤ ، وشرح المفصل ١ / ٥٣ ، ٣ / ٣٦ ، ٣٨ ، ولسان العرب (ذو) ، وبلا نسبة فى الدرر ٥ / ٢٨ ، والمقرب ١ / ٢١١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.

(٤) البيت بلا نسبة فى الدرر ٥ / ٢٧ ، وشرح المفصل ١ / ٥٣ ، ٣ / ٣٨ ، ولسان العرب (ذو) ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.

(٥) البيت فى ديوانه ص ١٨٢ ، والدرر ٥ / ٢٨ ، والعقد الفريد ٢ / ٩٠ وفيه «الأوائل» مكان «الأفاضل» ، ولسان العرب (ذو) وفيه «الأوائل» مكان «الأفاضل» ، وتاج العروس (ذو) وفيه «الأوائل» مكان «الأفاضل» ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ٢ / ٥٠.

٤١٧

فصل

(ص)

لمفهم اثنين بلا عطف ولا

تنكّر أضيف (كلتا) و (كلا)

(لبّى) و (سعدى) ثمّ (وحد) لا تضف

إلّا لمضمر كـ (وحدك انصرف)

ومغرب مضيف (لبّى) لـ (يدى)

ولم يجئ جاعله فردا بشئ

(ش) من اللازم الإضافة لفظا ومعنى : «كلا» و «كلتا» ولا يضافان إلا لمعرفة المثنى معنى ولفظا ؛ كقولك : «جاء كلا الرّجلين» ، أو مثنى معنى لا لفظا ؛ كقول الشاعر : [من الرمل]

إنّ للخير وللشّرّ مدى

وكلا ذلك وجه وقبل (١)

ولا يضافان إلى معطوف ومعطوف عليه إلا ما شذ ؛ كقول الشاعر : [من البسيط]

اكلا أخى ، وخليلى واجدى عضدا

فى النّائبات وإلمام الملمّات (٢)

ومن اللازم للإضافة إلى المضمر دون الظاهر : «لبّيك» و «سعديك» و «وحدك».

وزعم يونس أن «لبّيك» مفرد ، وأنه فى الأصل «لبّى» على «فعلى» ؛ فقلبت ألفه ياء فى الإضافة كانقلاب ألف «لدى» و «إلى» و «على».

وقال سيبويه (٣) : بل هو مثنى ؛ لأنه لو كان مفردا جاريا مجرى «لدى» و «إلى» و «على» لم تنقلب ألفه إلا مع المضمر ؛ كما لا تنقلب ألف «لدى» و «إلى» و «على» إلا معه ، وفى وجود ياء «لبّيك» مع الظاهر دليل على مخالفتها ياء «لديك» و «إليك» و «عليك» ؛ كما قال الشاعر : [من المتقارب]

__________________

(١) البيت لعبد الله بن الزبعرى فى ديوانه ص ٤١ ، والأغانى ١٥ / ١٣٦ ، والدرر ٥ / ٢٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٤٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٢ ، ٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٣٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٠٣ ، والمقرب ١ / ٢١١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.

(٢) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٤٠ ، والدرر ٣ / ١١٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٣ ، وشرح شواهد المغنى ص ٥٥٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٩٠ ، ومغنى اللبيب ص ٢٠٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٠.

(٣) وزعم الخليل أنها تثنية بمنزلة حواليك ؛ لأنا سمعناهم يقولون : حنان. وبعض العرب يقول : «لبّ» فيجريه مجرى أمس وغاق ، ولكنه موضعه نصب. وحواليك بمنزلة حنانيك. ولست تحتاج فى هذا الباب إلى أن تفرد ، لأنك إذا أظهرت الاسم تبين أنه ليس بمنزلة عليك وإليك ؛ لأنك لا تقول : لبّى زيد وسعدى زيد. ينظر الكتاب (١ / ٣٥١).

٤١٨

دعوت لما نابنى مسورا

فلبّى فلبّى يدى مسور (١)

وإلى هذا أشرت بقولى :

ومغرب مضيف «لبّى» لـ «يدى»

 ...

أى : هو جاء بغريب.

(ص)

حتما أضيف الفم حيث حذفا

ثانيه واستندر (خياشيم وفا)

والزم إضافة (إزاء) و (حذا)

ظرفين (وسط) (بين) (حيث) (إذ) (إذا)

فى (بين) قيل (بينما) فلم تضف

وإن يقل (بينا) فحكمها اختلف

فانجرّ تاليها ، وطورا ارتفع

والجرّ فى اسم العين قلّما يقع

(ش) ومن اللازم للإضافة لفظا : «الفم» دون ميم.

وقد يفرد فى الضرورة كقول الشاعر : [من المتقارب]

وداهية من دواهى المنو

ن يرهبها النّاس لا فا لها

وكقول الراجز : [من الرجز]

خالط من سلمى خياشيم وفا (٢)

ومن اللازم للإضافة والظرفية : «إزاء» و «حذاء» و «وسط» و «بين» ، وقيّدت «إزاء» و «حذاء» بكونهما ظرفين ؛ احترازا من «إزاء الحوض» ؛ فإنه اسم يفرد ويضاف ؛ وكذلك احترزت بتقييد «حذاء» من الحذاء الذى يراد به النعل.

والأصل فى «وسط» مصدر : وسط الشيء الشيء إذا توسطه ثم استعمل استعمال «بين» فى ملازمة الإضافة والظرفية.

__________________

(١) البيت لرجل من بنى أسد فى الدرر ٣ / ٦٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩١٠ ، ولسان العرب (لبى) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٨١ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ١٢٣ ، وخزانة الأدب ٢ / ٩٢ ، ٩٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٤٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٧٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٣ ، ٣٨٥ ، والكتاب ١ / ٣٥٢ ، ولسان العرب (لبب) ، (سور) ، والمحتسب ١ / ٧٨ ، ٢ / ٢٣ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٧٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٩٠.

(٢) الرجز للعجاج بن رؤبة فى ديوانه ٢ / ٢٢٥ ، وإصلاح المنطق ص ٨٤ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٤٢ ، ٤٤٤ ، والدرر ١ / ١١٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٠٤ ، والممتع فى التصريف ص ٤٠٨ ، وبلا نسبة فى خزانة ٤ / ٤٣٧ ، ٦ / ٥١٠ ، ٧ / ٢٤٤ ، ٢٤٦.

٤١٩

وقد يخلو من الظرفية ؛ كقول الشاعر ـ يصف سحابا ذا برق ـ : [من الخفيف]

وسطه كاليراع (١) أو سرج المج

دل (٢) طورا يخبو وطورا ينير (٣)

يروى : بالرفع والنصب : فمن رفع فبالابتداء ، وكان فيه حجة على ما قلنا. ومن نصب فعلى الظرفية ، والخبرية ، والكاف بعده اسم فى موضع رفع بالابتداء.

وأما «بين» فملازم للإضافة ما لم ينكف بـ «ما» كقولك : «بينما زيد عندنا أتانا عمرو».

وإذا زيد عليها ألف جاز فيها وجهان : بقاء الإضافة ، وانكفافها ؛ إلا أن الانكفاف قبل اسم عين أكثر من بقاء الإضافة.

وإلى هذا أشرت بقولى :

فانجرّ تاليها ، وطورا ارتفع

 ...

ويروى : [من الكامل]

بينا تعنّقه الكماة [وروغه (٤)

يوما أتيح له جرىء سلفع (٥)] (٦)

بالجر والرفع.

وأما «إذ» و «إذا» و «حيث» ؛ فيأتى الكلام عليهن ـ إن شاء الله تعالى ـ.

(ص) ولم يضف لمفرد (إذ) و (إذا)

و (حيث) فى غير [ضرورة كذا] (٧)

ونادر إفرادها وكثرا

إفراد (إذ) منوّنا منكسرا

(ش) تضاف «إذ» إلى جملة فعلية ، وإلى جملة اسمية :

__________________

(١) اليراع : ذباب يطير بالليل كأنه نار. (القاموس ـ يرع).

(٢) المجدل : القصر. (المقاييس ـ جدل).

(٣) البيت لعدى بن زيد فى ديوانه ص ٨٥ ، ولسان العرب (وسط) ، والدرر ٣ / ٨٨ ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ١ / ٢٠١.

(٤) الروغ : الميل وقلة الاستقرار. (المقاييس ـ روغ).

(٥) السلفع : الجرىء الشجاع الواسع الصدر. (القاموس ـ سلفع).

والبيت لأبى ذؤيب فى الأشباه والنظائر ٢ / ٤٨ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٥٨ ، ٧ / ٧١ ، ٧٣ ، ٧٤ ، والدرر ٣ / ١٢٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٥ ، ٢ / ٧١٠ ، وشرح أشعار الهذليين ١ / ٣٧ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٣٦ ، ٢ / ٧٩ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٤ ، ولسان العرب (بين) وبلا نسبة فى الخصائص ٣ / ١٢٢ ، ورصف المبانى ص ١١١ ، وشرح المفصل ٤ / ٩٩ ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١١.

(٦) ما بين المعكوفين سقط فى «أ».

(٧) فى ط : شذوذ هكذا.

٤٢٠