مصابيح الظلام - ج ٩

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٩

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-9-4
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٠٩

أنّه قال : والصلوات الفائتات يقضين ما لم يدخل عليه وقت صلاة ، فإذا دخل [عليه وقت صلاة] بدأ بالتي دخل وقتها ، وقضى بالفائتة متى أحبّ (١).

وقال : إنّه قال ذلك في كتابه الذي ذكر في خطبته : أنّه ما روى فيه إلّا ما أجمع عليه ، وصحّ من قول الأئمّة عليهم‌السلام عنده.

وقال : ونقل ابن طاوس عن كتاب «النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» إملاء أبي عبد الله المعروف بالواسطي ما هذا لفظه : من ذكر صلاة وهو في الاخرى قال أهل البيت : يتمّ التي هو فيها ، ويقضي ما فاته ، وبه قال الشافعي (٢).

وقال فيه أيضا : إن سأل سائل وقال : أخبرونا عمّن ذكر صلاة وهو في اخرى ما الذي يجب عليه؟ قال : يتمّ التي هو فيها ، ويقضي ما فاته.

ثمّ ذكر خلاف المخالفين ، واستدلّ عليه بما روي عن الصادق عليه‌السلام ، ونقل بعض الروايات الدالّة على ذلك (٣) ، انتهى.

أقول : ما نقله عن الرجلين ليس من القول بالمواسعة في شي‌ء ، بل ظاهره وجوب تقديم الحاضرة ، وعدم جواز العدول في أثناء الصلاة إلى السابقة ، وهما مقطوع بفسادهما ، مخالفا لما عليه جميع المتقدّمين والمتأخّرين ، سوى ظاهر الصدوقين في الأوّل ، كما عرفت.

وأعجب من ذلك نسبتهما إلى أهل البيت عليهم‌السلام ، مع ما ظهر من أخبارهم التي كادت تبلغ التواتر ، بل الظاهر تواترها ، وكذا ما ظهر من فتاوى الشيعة ،

__________________

(١) لاحظ! بحار الأنوار : ٨٥ / ٣٢٨.

(٢) لاحظ! بحار الأنوار : ٨٥ / ٣٣٠.

(٣) ذخيرة المعاد : ٢١٠.

٤٢١

والإجماعات المنقولة ، فتأمّل جدّا!

واختار في «الذخيرة» القول بالمواسعة ، وقال : لنا إطلاق الآية (١) والأخبار الدالّة على وجوب إقامة الصلوات المتحقّقة بكلّ وقت إلّا ما خرج بالدليل.

واحتجّ أيضا بما دلّ على أوقات الصلوات ، كقوله عليه‌السلام : «إذا زالت الشمس [فقد] دخل وقت الصلاتين» (٢) وغير ذلك.

وقال : وأوضح منها دلالة صحيحة سعد بن سعد ، قال : قال الرضا عليه‌السلام : «يا فلان! إذا دخل الوقت عليك فصلّهما ، فإنّك لا تدري ما يكون» (٣) (٤).

وفيه ؛ أنّه لو تمّ ما ذكره لزم وجوب إقامة الحاضرة ، مقدّمة على الفائتة من دون مرجوحيّة أصلا.

وما استدلّ به على المرجوحيّة ظاهره لزوم تأخير الحاضرة كما عرفت ، مع أنّ المطلق يحمل على المقيّد.

وأوضح منها فسادا صحيحة سعد بن سعد ، لغاية ظهورها في مطلوبيّة عدم تأخير الحاضرة ، وأين هذا من مطلوبيّة تأخير الحاضرة وكراهة تقديمها على الفائتة؟ وتأويلها به قطعي الفساد ، فما ظنّك بالاستدلال بها.

وتأويلها بأنّ المراد جواز فعل الحاضرة مقدّمة على الفائتة أيضا قطعي الفساد ، كالاستدلال بها لثبوت مجرّد جواز فعل الحاضرة ، مع الإغماض عن رجحان تقديمها على الفائتة ، للقطع بأنّه عليه‌السلام في مقام الحثّ على المبادرة بفعل الحاضرة ، وأنّ مراده ليس إلّا هذا ، لا بيان مجرّد تجويز الحاضرة ، كما لا يخفى على

__________________

(١) في المصدر : الآيات.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ١٢٧ الحديث ٤٦٩٩ و ٤٧٠٠ و ٤٧٠١.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٢ الحديث ١٠٨٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ١١٩ الحديث ٤٦٧٤.

(٤) ذخيرة المعاد : ٢١٠.

٤٢٢

من له أدنى فطنة.

على أنّ العلّة المنصوصة حجّة كما هو المشهور والمحقّق ، فهي تقتضي وجوب المبادرة بالفائتة أيضا ، كالحاضرة من دون فرق ، أو مطلوبيّة المبادرة بها كذلك.

فظهر أنّ المراد مطلوبيّة المبادرة بالفريضة من دون مراعاة دخول وقت يتوهّم كونه وقت فضيلة تلك الفريضة ، كما هو الظاهر من الصحيحة ، بملاحظة الأخبار الاخر وفتاوى الأصحاب.

وأعجب ممّا ذكر أنّه رحمه‌الله استدلّ على مطلوبه بالأخبار الصريحة في الأمر بتقديم الحاضرة على الفائتة ، وتأخير الفائتة عن الحاضرة ، لما عرفت فيما سبق من القطع بفساد حملها على الكراهة ، أو الاستدلال بها لمجرّد إثبات الجواز ، مع الإغماض عن مطلوبيّة تقديم الحاضرة على الفائتة ، للقطع بأنّ المعصوم عليه‌السلام في تلك الأخبار في صدد طلب تقديم الحاضرة على الفائتة ، فلاحظ تلك الأخبار ، فإنّا رويناها مع ما عرفت ممّا فيها ، ممّا هو موافق لرأي العامّة من بقاء وقت العشاءين إلى الصبح (١) ، وعدم جواز الصلاة حتّى يذهب شعاع الشمس (٢) ، وغير ذلك.

وأعجب من هذا استدلاله بالأخبار الدالّة على جواز النافلة المقضيّة قبل الفائتة ، لما عرفت من عدم الدلالة أصلا ، سيّما مع التصريح في بعض تلك الأخبار ، بأنّ جواز النافلة ممّن عليه الفائتة إنّما هو من جهة كونهما جميعا قضاء ، ومنع النافلة ممّن عليه الفريضة الفائتة إنّما هو في غير الصورة المذكورة.

وذلك البعض صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال ، قال [رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم] : «إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتّى تبدأ بالمكتوبة».

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٣٩٩ من هذا الكتاب.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٠٢ و ٤٠٣ من هذا الكتاب.

٤٢٣

قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك منّي.

فلمّا كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه‌السلام فحدّثني «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرس في بعض أسفاره ، وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال [وناموا] حتّى طلعت الشمس ، فقال : «يا بلال! ما أرقدك؟» فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي ما أخذ بأنفاسكم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قوموا فتحوّلوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة» ، فقال : «يا بلال! أذّن» ، فأذّن وصلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركعتي الفجر فقام فصلّى بهم الصبح ، ثمّ قال : «من نسي شيئا من الصلوات فليصلّها متى ذكرها ، فإنّ الله تعالى يقول (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (١)» قال زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه ، فقال : قد نقضت حديثك الأوّل ، فقدمت على أبي جعفر عليه‌السلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : «يا زرارة ألا أخبرتهم [أنّه] قد فات الوقتان جميعا ، فإنّ ذلك كان قضاء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٢).

وأعجب ممّا ذكر استدلاله بروايات عمّار الساباطي المتضمّنة لما لم يقل به أحد من الشيعة.

مثل روايته عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل ينام عن الفجر وهو في سفر كيف يصنع؟ أيجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال : «لا يقضي نافلة ولا فريضة بالنهار ، ولا تجوز له ولا تثبت له ، ولكن يؤخّرها فيقضيها بالليل» (٣).

وروايته الاخرى الطويلة وفيها : «فإذا أردت أن تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها ، فلا تصلّ [شيئا] حتّى تبدأ فتصلّي قبل الفريضة التي حضرت

__________________

(١) طه (٢٠) : ١٤.

(٢) ذكرى الشيعة : ٢ / ٤٢٢ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٥ الحديث ٥١٧٥ مع اختلاف يسير.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٢ الحديث ١٠٨١ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٩ الحديث ١٠٥٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٨ الحديث ١٠٥٧٩ مع اختلاف يسير.

٤٢٤

ركعتين نافلة لها ثمّ اقض ما شئت» (١).

وروايته الاخرى عنه عليه‌السلام عن الرجل تفوته المغرب حتّى تحضر العتمة ، قال : «إن حضرت العتمة وذكر أنّ عليه صلاة المغرب فإن أحبّ أن يبدأ بالمغرب [بدأ] وإن أحبّ [بدأ] بالعتمة ثمّ صلّى المغرب بعد» (٢).

إذ الروايات غير الصحيحة كيف تعارض الصحاح الكثيرة غاية الكثرة المفتى بها عند الجلّ والمعتبرة عند الكلّ؟ بل لا تعارض الصحاح التي أفتى بها الصدوقان وشركاؤهما ، فما ظنّك بالمعتبرة عند الكلّ؟ سيّما وغير الصحاح مهجورة عند الكلّ شاذّة ، لم يفت بها أحد ، بل مخالفة للضرورة من المذهب ، فكيف يحتجّ بها في مقابل الصحاح المعتبرة عند الكلّ؟ بل في مقابل المعتبرة عند جمع أيضا ، ويغلبها عليها ، ويؤوّلها بما لا تقبله من التأويل ، بل القطع حاصل بفساده ، كما عرفت.

ومن الغرائب أنّه أوّل روايته الأخيرة خاصّة ، بأنّ المراد من المغرب المغرب السابقة على يومه ، قال : لئلّا يكون الخبر مخالفا للمشهور المدّعى عليه الإجماع (٣) انتهى.

وفيه ؛ أنّ الشاذّ من الخبر يجب طرحه بنص الشارع ، وبمقتضى الاعتبار وهو متّفق عليه بين الشيعة ، فلا وجه للعمل به بعد ذلك ، بارتكاب التأويل البعيد.

بل لا يكاد يصح ، كما لا يخفى على المتأمّل في ألفاظه وعباراته.

مع أنّ المؤوّل أيضا مخالف لما اختاره الشيعة من القدماء والمتأخّرين ، لأنّ

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٣ الحديث ١٠٨٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٤ الحديث ٥١٧٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧١ الحديث ١٠٧٩ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٨ الحديث ١٠٥٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٨ الحديث ٥١٨٣.

(٣) ذخيرة المعاد : ٢١٠ و ٢١١.

٤٢٥

المراد من وقت العتمة إن كان هو وقت الضيق والمختصّ بها ـ كما هو الظاهر من اللفظ ـ فلا وجه لتجويز فعل المغرب حينئذ ، بل هو مخالف للأخبار المتواترة المفتى بها عند الشيعة.

وإن كان المراد وقتها المتّسع ، فمع أنّه لا وجه لجعله وقت خصوص العتمة من دون شائبة شركة المغرب ، كما هو مقتضى الظاهر من اللفظ ، ومقتضى مذهب العامّة من عدم اشتراك وقتها (١) ، بل الأنسب حينئذ أن يسأل أنّه بعد ما صلّى المغرب ذكر أنّ عليه مغرب سابقة على يومه ، فتأمّل جدّا!

فلا وجه للحكم بالتسوية المطلقة بين التقديم والتأخير ، لاتّفاق الشيعة على عدم التسوية ، وعدم الموكوليّة إلى مشتهى المكلّف ، بل إمّا تقديم الفائتة واجبة ، كما هو مقتضى أكثر الصحاح التي هي حجّة عند الكلّ وادّعي عليه إجماع الشيعة ، أو مستحبّة مؤكّدة غاية التأكيد عند المستدلّ ومن وافقه ، أو يجب تقديم الحاضرة ، أو يستحب غاية التأكيد ، كما عرفت.

وتأويل المؤوّل المذكور تارة اخرى ، وجعله الحجّة والمخرّب للحجج الواضحة الكثيرة غاية الكثرة ، والواضحة نهاية الوضوح من جهة التأكيدات والإجماعات وغير ذلك ، مع وجوب ترك العمل بالمؤوّل عقلا ونقلا.

وإذا فرض كونه صحيحا ، فكيف الحال إذا لم يكن صحيحا أيضا؟ مع كونه موافقا لرأي العامّة ، كما عرفت ، ومستجمعا للموهنات السابقة ، كما أنّ معارضه مستجمع لمقويّات لا تكاد تحصى ، كما أشرنا إليه أيضا.

وممّا ذكرنا ظهر حال استدلاله بمرسلة جميل السابقة (٢) ، المتضمّنة للأمر

__________________

(١) المجموع للنووي : ٣ / ٣٤ و ٣٥ ، المغني لابن قدامة : ١ / ٢٣٠ و ٢٣١.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٧ الحديث ١٠٥٧٨.

٤٢٦

بتقديم الحاضرة ، معلّلا بأنّه لا يأمن الفوت ، فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل.

ورواية الحسن الصيقل عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل نسي الاولى حتّى صلّى ركعتين من العصر ، قال : «فليجعلها الاولى ويستأنف العصر».

قلت : فإنّه نسي المغرب حتّى صلّى ركعتين من العشاء ثمّ ذكر ، قال : «فليتمّ صلاته ثمّ ليقض بعد المغرب» فسأله عن الفرق ، فقال : «إنّ العصر ليس بعدها صلاة ، والعشاء بعدها صلاة» (١).

مضافا إلى أنّ التفصيل المذكور ليس مذهب أحد من الشيعة ، بل مبتن على مذاهب العامّة بلا شبهة.

وظهر أيضا حال استدلاله بما رواه عن «قرب الإسناد» (٢) ، ممّا يضمن الأمر بتقديم الحاضرة على الفائتة في مواضع متعدّدة منها.

وكذا استدلاله ببعض الأخبار الضعيفة المخالفة للضروري ، مثل قوله عليه‌السلام فيمن نسي أو نام من الصلاة حتّى دخل وقت اخرى أنّه : «إن كانت الصلاة الاولى فليبدأ بها ، وإن كانت صلاة العصر فليصلّ العشاء ثمّ ليصلّ العصر» (٣).

وبالجملة ؛ الأحوط تقديم الفائتة ما لم يتحقّق حرج وعسر ، لو لم نقل الأقوى ذلك.

وربّما يخدش كونه أقوى ، عدم ظهور كون المراد من الوقت في الأخبار الدالّة عليه هو وقت الإجزاء ، إذ لعلّ المراد هو وقت الفضيلة ، الذي جعله الشيخ

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٠ الحديث ١٠٧٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٩٣ الحديث ٥١٩١.

(٢) قرب الإسناد : ١٩٧ الحديث ٧٥٢ و ٧٥٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٥ الحديث ١٠٥٧١ و ١٠٥٧٣.

(٣) بحار الأنوار : ٨٥ / ٢٩٩ الحديث ٦ مع اختلاف يسير.

٤٢٧

وموافقيه وقت الاختيار (١) ، كما عرفت.

بل الظاهر من صحيحة صفوان (٢) وصحيحة زرارة (٣) ، هو وقت الفضيلة عند القائل بأنّه وقت الفضيلة لا الاختيار ، وظهر لك أنّه هو الأقوى والأظهر.

نعم ؛ لا خدشة من هذه على القائل بأنّه وقت الاختيار ، فتأمّل!

ويخدشه أيضا كون ذلك مذهب أكثر العامّة ، فلعلّهم ذكروا ذلك في أخبارهم الصحاح الكثيرة المعتبرة اتّقاء على الشيعة ، كما هو الحال في منعهم عن الصلاة في الأوقات المكروهة ، لكن مقاومة ذلك جميع ما ذكرناه محلّ تأمّل ، فلاحظ وتأمّل!

ولا شكّ في كون الاحتياط في مراعاته ، بل ربّما يشكل مخالفته ، والله يعلم.

واعلم! أيضا أنّ مستند السيّد ورود الأمر بالقضاء ، وكون الأمر للفور عنده (٤).

ولعلّ ذلك مستند غيره ممّن وافقه ، والحق عدم ثبوت كونه للفور ، كما حقّق في محلّه ، مع أنّ ما دلّ على نفي العسر والحرج يقيني ، عقلي ونقلي وإجماعي ، بل ضروري من الدين والمذهب ، فلا يبقى ذلك لإثبات الحرج والعسر ، سيّما بالنحو الذي ذكره السيّد وابن إدريس من وجوب صرف جميع الأوقات في القضاء ، إلّا القدر الذي تمسك به الرمق والحياة فما يتوقّفان عليه (٥).

ومنه يظهر الجواب عمّا ظهر من بعض الأخبار ، مثل صحيحة زرارة عن

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٧٢ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٥٨ ، المهذّب : ١ / ٧١ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٨١.

(٢) الكافي : ٣ / ٢٩٣ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٩ الحديث ١٠٧٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٩ الحديث ٥١٨٥.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٧٢ الحديث ٦٨٦ ، ٢٦٨ الحديث ١٠٧٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٧ الحديث ٥١٨٠.

(٤) الذريعة إلى اصول الشريعة : ١ / ٥٣.

(٥) رسائل الشريف المرتضى : ٢ / ٣٦٥ ، السرائر : ١ / ٢٧٤.

٤٢٨

الباقر عليه‌السلام : عن رجل صلّى بغير طهور أو نسي صلوات (١) ، الحديث.

وقد ذكرناها ، فإنّها مقيّدة بصورة عدم تحقّق الحرج المنفي ، أو محمولة على شدّة الاستحباب ، لما عرفت مكرّرا من عدم منافاة الحرج للاستحباب ، فإنّ كون جميع أوقات العمر مصروفا في العبادة ، بل وفي أفضل العبادة التي هي أحمزها وأشقّها من المستحبّات قطعا ، بل وأفضل المستحبّات ، اللهمّ إلّا أن يتحقّق ضرر ، أو يخاف من حصوله.

ويعضد ما ذكرنا ما ورد عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان» (٢) الحديث ، فكيف يوجب نسيان الصلاة الحرج العظيم؟

مع أنّه يمكن توجيهها بكون الأوامر الواردة فيها واردة في مقام توهّم الحظر كالصحيحة ، فتأمّل جدّا!

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٢٩٢ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٧١ الحديث ٦٨١ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٦ الحديث ١٠٤٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٤ الحديث ٥١٧٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٦ الحديث ١٣٢ ، الخصال : ٤١٧ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٤٩ الحديث ١٠٥٥٩.

٤٢٩
٤٣٠

٢١٢ ـ مفتاح

[الاعتبار في القضاء وهو حال الفوات]

الاعتبار في التمام والقصر بحال الفوات ، فإن فاتت قصرا قضاها قصرا وإن كان حاضرا ، وإن فاتت تماما قضاها تماما وإن كان مسافرا ، بالإجماع وعموم : «فليقضها كما فاتته» (١) ونحوه ، وخصوص الحسن في المسألة : «يقضي ما فاته ، كما فاته» (٢).

وإذا اختلف الفرض في أوّل الوقت وآخره ، بأن كان حاضرا ثمّ سافر ، أو مسافرا فحضر وفاتته الصلاة ، ففي اعتبار حال الوجوب أو الفوات قولان ، أظهرهما وعليه الأكثر الثاني ، للحسن المذكور ، خلافا للسيّد والإسكافي (٣) لرواية (٤) في طريقها ضعف.

__________________

(١) عوالي اللآلي : ٢ / ٥٤ الحديث ١٤٣.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٦٢١.

(٣) نقل عنهما في المعتبر : ٢ / ٤٨٠.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٦٢٣.

٤٣١
٤٣٢

قوله : (الاعتبار في التمام). إلى آخره.

لا خلاف فيه بين الأصحاب ، بل الظاهر كونه إجماعيّا.

ويدلّ عليه بعد الإجماع عموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فليقضها كما فاتته» (١) ، وقد ذكرناه سابقا.

وحسنة زرارة كالصحيحة قال : قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر ، فقال : «يقضي ما فاته كما فاته ، إن كانت صلاة السفر أدّاها في الحضر مثلها ، وإن كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر» (٢).

وقويّة زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال : «إذا نسي الرجل صلاة ، أو صلّاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر ، فذكرها فليقض الذي يجب عليه ، لا يزيد ولا ينقص ، من نسي أربعا فليقض أربعا مسافرا كان أو مقيما ، وإن نسي في ركعتين صلّى ركعتين إذا ذكر ، مسافرا كان أو مقيما» (٣).

وهذه صحيحة إلى فضالة ـ وهو ممّن أجمعت العصابة (٤) ـ عن موسى بن بكر ، عن زرارة عنه عليه‌السلام ، وكتاب موسى بن بكر معتبر معتمد عليه.

والظاهر أنّه من كتابه ، مع أنّ هذه الرواية معمول بها عند الأصحاب ، ومنجبرة بالإجماع المنقول ، وفتاوى الكلّ ، والعمومين السابقين.

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٣٨٥ من هذا الكتاب.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٣٥ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٢ الحديث ٣٥٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٦٢١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٢ الحديث ١٢٨٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٢٥ الحديث ٥٦٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٩ الحديث ١٠٦٢٤.

(٤) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

٤٣٣

وكون الصدوق رواها في «الفقيه» (١) ، كما أنّ الحسنة المذكورة رواها في «الكافي» (٢) ، وقالا في أوّل كتابهما ما قالا.

وممّا ذكر ظهر حكم الجهر والإخفات أيضا ، بأنّ الجهريّة تقضى جهرا وإن قضاها في النهار ، والاخفاتيّة تقضى إخفاتا وإن قضاها في الليل.

وبالجملة ؛ مقتضى العمومين قضاء الفائتة بالنحو الذي صارت قضاء ، فإنّها تقضى بذلك النحو ، لكن هذا إذا كان ذلك النحو مطلوب الشارع من المكلّف بخصوصه ، وإن تمكّن من غير ذلك النحو كالقصر والإتمام ، والجهر والإخفات.

وأمّا إذا كان المطلوب غيره ، إلّا أنّه لا يتمكّن من المطلوب ويعجز عنه ، فلذا عفي عنه ورخّص بغيره ممّا يمكنه ، مثل صلاة العاجز جالسا أو مضطجعا ، فإنّ مثل هذه إذا فاتت عن المكلّف ، وتمكّن حال القضاء من الإتيان بالمطلوب ، فإنّه يجب حينئذ الإتيان بالمطلوب حال القضاء ، بأن يصلّي قائما إذا تمكّن منه ، وإذا لم يتمكّن منه ، بل عجزه باق ، ولم يكن له رجاء بزوال عجزه ، فليبادر بالقضاء كما فاتته ، فيقضيها جالسا في الصورة الاولى ، ومضطجعا في الصورة الثانية.

وأمّا لو رجا زوال عجزه ، فيشكل الحكم بالقضاء قبل زوال عجزه ، لكونه بحسب الظاهر متمكّنا من الإتيان بالفريضة على وجهها المطلوب من الشارع كونها على ذلك الوجه ، إلّا أن يكون عاجزا ، وهو راج عدم العجز متوقّع له.

وممّا ذكر ظهر حال جميع صور العجز ، مثل الصلاة إلى غير القبلة ، أو ماشيا أو راكبا ، أو يصلّي موميا عن الركوع والسجود ، أو يصلّي عريانا قائما أو جالسا ، أو يصلّي من دون قراءة الحمد والسورة ، لعجزه عن معرفتها ، أو يصلّي مكتفيا

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٢ الحديث ١٢٨٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٩ الحديث ١٠٦٢٤.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٣٥ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٦٢١.

٤٣٤

بالتسبيحات الأربعة مكان الركعة ، أو بتكبيرة مكانها ، أو يصلّي متيمّما لعجزه عن الطهارة المائيّة ، أو مع نجاسة ثوبه أو بدنه لعجزه عن طهارتهما ، إلى غير ذلك ممّا ظهر فيما سبق.

فإنّه إذا قضى صلاة في حال عجز واحد ممّا ذكر ، أو أزيد من الواحد ، لا يجب عليه أن يقضي تلك الصلاة بالنحو الذي فاتت به ، بل لا يجوز جزما إذا ذهب ذلك العجز الموجب لبعض تلك الفائتة زمان فوتها ، أي بعضها لو كان يأتي بها من جهة عجزه عن الكمال والتمام.

بل لا يجوز أيضا لو كان العجز في شرف الزوال ، بل لعلّه لا يجوز أيضا مع رجاء زواله ، كما قلنا.

ولا يتوهّم متوهّم وجوب القضاء بالنحو الذي فات عجزا ، وإن كان حال القضاء غير عاجز أصلا ، بناء على فهم ذلك أيضا من عموم قوله عليه‌السلام : «يقضي ما فاته كما فاته» (١) لأنّ المتبادر هو النحو المطلوب شرعا ، وإن تمكّن من غيره ، لا غير المطلوب شرعا بل يكون معفوّا عنه من جهة عجز المكلّف عنه ، وأنّه لو لا عجزه لم يكن معفوّا عنه أصلا ورأسا ، فضلا أن يكون مطلوبا منه شرعا.

ثمّ اعلم! أنّ واجبات الصلاة سواء كانت أجزاءها أو شرائطها ، إذا كانت واجبة مشروطة لا مطلقة ، مثل القراءة ، وذكر الركوع والسجود والتشهّد وإحدى السجدتين ، ونحوها ، وكذا ترك التكلّم ونحوه ، فإنّ وجوب جميع ما ذكر بشرط التذكّر وعدم السهو ، ومثل الجهر والإخفات ، فإنّ وجوبهما مشروط بالتعمّد ، أي لا يكون ناسيا وساهيا ، ولا يدري أن يكون عالما عارفا ، فإن كان القضاء خاليا عن جميع ما ذكر ، أو بعضه لا يضرّ ، بل يكون صحيحا على حسب ما ظهر من

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٦٢١.

٤٣٥

المباحث الماضية من النصوص والفتاوى ، لأنّها شاملة للقضاء أيضا.

لا يقال : حين الفوت كان ذمّة المكلّف مشغولة بها ، فيجب في القضاء ، لعموم «كما فاته».

لأنّا نقول : من أين يعلم حين الفوت كان ذمّته مشغولة؟ إذ لعلّه لم يتحقّق التذكّر ، فإنّ الإنسان مصدر النسيان.

وإن فرضنا أنّه حين الفوت كان متذكّرا إلى أن فاتت ، إذ لعلّه اشتغل قلبه بالصلاة وقع منه الغفلة ، مع أنّه فرض نادر ، فلا يشمله عموم «كما فاته» ، لعدم كونه من العمومات اللغويّة ، بل عمومه عرفي.

على أنّه لم يثبت كونه لغويّا ، مع أنّ العمومات الدالّة على الصحّة أقوى دلالة وفتوى وأصولا.

وممّا ذكر ظهر أنّ الفائتة لو كانت متردّدة بين الجهريّة والاخفاتيّة لم يجب مراعاة الجهر والإخفات.

قوله : (فإذا اختلف). إلى آخره.

قد مضى التحقيق في ذلك في مبحثه في القصر والإتمام.

٤٣٦

٢١٣ ـ مفتاح

[حكم من فاتته فريضة غير معيّنة]

من فاتته فريضة من الخمس غير معيّنة ، قضى صبحا ومغربا وأربعا عمّا في ذمّته ، كما في الخبر (١) ، وفاقا للأكثر بل ادّعى في «الخلاف» عليه الوفاق (٢) ، وبعض الحلبيين على وجوب قضاء الخمس (٣) وهو شاذ.

ولو فاته من ذلك مرّات لا يعلمها ، فالمشهور أنّه يقضي حتّى يغلب على ظنّه الوفاء ، واحتمل في «التذكرة» الاكتفاء بقضاء ما تيقّن فواته خاصّة (٤) ، واختاره بعض المتأخّرين (٥) ، لأصالة البراءة من التكليف بالقضاء مع عدم تيقّن الفوات.

ويؤيّده الحسن : «متى ما استيقنت أو شككت في وقت صلاة أنّك لم تصلّها صلّيتها ، وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوات فقد دخل حائل فلا

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٧٥ الحديث ١٠٦٤٥.

(٢) الخلاف : ١ / ٣٠٩ المسألة ٥٨.

(٣) الكافي في الفقه : ١٥٠.

(٤) تذكرة الفقهاء : ٢ / ٣٦١ المسألة ٦٣.

(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٠٧.

٤٣٧

إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن ، وإن استيقنت فعليك أن تصلّيها في أيّ حال كنت» (١).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٢ الحديث ٥١٦٨.

٤٣٨

قوله : (من فاتته فريضة). إلى آخره.

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وممّن ذهب إليه ؛ الشيخان ، وابنا بابويه ، وابن الجنيد ، وابن إدريس ، والمتأخّرون على ما هو الظاهر (١) ، بل لم ينقل مخالف إلّا ما حكي عن أبي الصلاح ، وابن حمزة من وجوب قضاء الخمس (٢) ، ونبّه المصنّف على ذلك بقوله : وهو شاذ.

ودليل المشهور بعد الإجماع المنقول الذي هو حجّة ، صحيحة علي بن أسباط ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «من نسي صلاة من صلاة يومه واحدة ، ولم يدر أيّ صلاته هي ، صلّى ركعتين وثلاثا وأربعا» (٣).

وعلي بن أسباط وثّقه النجاشي وقال : إنّه من أوثق الناس وأصدقهم لهجة ، وذكر أنّه كان فطحيّا ، فرجع عنه وتركه (٤).

وغير خفي أنّ معظم الأعاظم الفحول ، الذين لا تأمّل في صحّة حديثهم ، بل وغاية جلالتهم ، بل وربّما كانوا ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا يروي إلّا عن الثقة كابن أبي نصر البزنطي (٥) ، وابن مسكان (٦) ، وابن المغيرة (٧) ، كانوا أوّلا على غير

__________________

(١) المقنعة : ١٤٨ ، المبسوط : ١ / ١٢٧ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٢٧ ، نقل عن علي بن بابويه في ذخيرة المعاد : ٣٨٤ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣١ ذيل الحديث ١٠٢٨ ، نقل عن ابن الجنيد في المختلف : ٣ / ٢٣ ، السرائر : ١ / ٢٧٤ ، المعتبر : ٢ / ٤١٢ ، روض الجنان : ٣٥٨ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٣ / ٢٢٨.

(٢) نقل عنهما في مدارك الأحكام : ٤ / ٣٠٦ ، لاحظ! الكافي في الفقه : ١٥٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٧ الحديث ٧٧٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٧٥ الحديث ١٠٦٤٥.

(٤) رجال النجاشي : ٢٥٢ الرقم ٦٦٣.

(٥) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٧١ ، لاحظ! معجم رجال الحديث : ٢ / ٢٣٢.

(٦) كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ٦٨ ، لاحظ! معجم رجال الحديث : ١٠ / ٣٢٦.

(٧) رجال الكشي : ٢ / ٨٥٧ الحديث ١١١٠ ، رجال العلّامة الحلّي : ١١٠ ، جامع الرواة : ١ / ٥١١.

٤٣٩

طريقة الحق ثمّ رجعوا ، والشيخ أيضا لم يذكر كونه فطحيّا.

وربّما يظهر من الأخبار أيضا عدم فطحيّته ، إنّما ذكره الكشّي في موضع (١).

ولا يخفى أنّ قول النجاشي في نفسه أقوى ثمّ أقوى ، فضلا عن كونه مع مرجّحات اخر ، يظهر ممّا ذكرنا في الرجال وغيره.

مع أنّ مستند فتاوى الأصحاب منجبر بها ، بل وأقوى من الصحيح الذي لا يكون كذلك ، ومقدّم عليه البتّة ، كما هو ظاهر ومسلّم عند الفقهاء ، وظاهر من طريقتهم.

وقوله : عن غير واحد ، صريح في تعدّد الخبر ، وظهور صحّته عنده.

ويؤيّده ما رواه أحمد بن أبي عبد الله البرقي في كتاب «المحاسن» عن علي بن مهزيار عن الحسين ، رفعه قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي صلاة من الصلوات [الخمس] لا يدري أيّتها هي؟ قال : «يصلّي ثلاثا وأربعا وركعتين ، فإن كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد (٢) صلّى ، وإن كانت المغرب أو الغداة فقد صلّى» (٣).

واستدلّ أيضا بأنّ الواجب على المكلّف الإتيان بمثل الفائت ، ولا يمكن منه كون هذا الفعل ظهرا أو عصرا ، لأنّ الظهريّة ـ مثلا ـ خصوصيّة مختصّة بالأداء ، ولا يصدق على القضاء إلّا كونه بدلا عن الظهر مثلا.

فيكون مقتضى الأمر بالقضاء إيجاب فعل مماثل للأولى في جميع

__________________

(١) رجال الكشي : ٢ / ٨٣٥ الرقم ١٠٦١.

(٢) في (د ١) : كان قد.

(٣) المحاسن : ٢ / ٤٧ الحديث ١١٣٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٧٦ الحديث ١٠٦٤٦.

٤٤٠