مصابيح الظلام - ج ٩

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٩

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-9-4
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٠٩

١٩٧ ـ مفتاح

[الامور التي ينبغي تركها في الصلاة]

يكره فعل ما يشعر بترك الخشوع ، كما تضمنه الصحيح : «إذا قمت في الصلاة فعليك بالإقبال على صلاتك ، فإنّما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ، ولا تعبث فيها بيدك ولا برأسك ولا بلحيتك ، ولا تحدّث نفسك ولا تتثاءب ولا تتمط ولا تكفّر (١) فإنّما يفعل ذلك المجوس ، ولا تلثّم ، ولا تحتفز (٢) ولا تفرّج كما يتفرّج البعير ، ولا تقع على قدميك ، ولا تفترش ذراعيك ، ولا تفرقع أصابعك ، فإنّ ذلك كلّه نقصان من الصلاة ، ولا تقم إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا ، فإنّها من خلال النفاق ، فإنّ الله تعالى نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى ، يعني سكر النوم ، وقال للمنافقين (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلّا قَلِيلاً) (٣) (٤).

__________________

(١) التكفير ، وضع إحدى اليدين على ظهر الاخرى «منه رحمه‌الله».

(٢) الاحتفاز بالحاء المهملة وآخره زاي : التضام في السجود والجلوس «منه رحمه‌الله».

(٣) النساء (٤) : ١٤٢.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦٣ الحديث ٧٠٨١.

١٠١

وكذا يكره مدافعة الأخبثين ، للصحيح : «لا صلاة لحاقن ولا لحاقب (١) وهو بمنزلة من هو في ثوبه» (٢) ، والمراد نفي الفضيلة للإجماع على الصحّة.

وينبغي أن يعلم أنّ الخشوع بالقلب روح الصلاة ، فإذا فقدته الصلاة بقيت كجسد بلا روح ، وقد مضى ما ينبّه على ذلك من الأخبار (٣). وخشوع القلب مستلزم لخشوع الجوارح ، ولهذا لمّا رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العابث في الصلاة قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو خشع قلبه لخشعت جوارحه» (٤).

وكان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا قام في الصلاة تغيّر لونه ، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفض عرقا (٥) ، وكان عليه‌السلام إذا قام في الصلاة كأنّه ساق شجرة لا يتحرّك منه إلا ما حرّكت الريح منه (٦).

ومن الآداب أن يصلّي صلاة مودّع يخاف أن لا يعود إليها ، كما في الحسن (٧) وغيره (٨). جعلنا الله من الخاشعين الخائفين بمنّه.

__________________

(١) يعني : بالحاقن حابس البول ، والحاقب حابس الغائط «منه رحمه‌الله».

(٢) الوافي : ٨ / ٨٦٤ الحديث ٧٢٦١ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٥١ الحديث ٩٢٥٢ ، في الوسائل : لا صلاة لحاقن ولا حاقنة ، للتوسّع لاحظ! الحدائق الناضرة : ٩ / ٦١.

(٣) لاحظ! مفاتيح الشرائع : ١ / ١٧٢ و ١٧٣.

(٤) مستدرك الوسائل : ٥ / ٤١٧ الحديث ٦٢٣٣.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٧٤ الحديث ٧٠٩٧.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٧٤ الحديث ٧٠٩٨.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٧٤ الحديث ٧١٠٠.

(٨) مستدرك وسائل الشيعة : ٤ / ٩٤ الحديث ٤٢١٨ ، ٩٦ الحديث ٤٢٢١.

١٠٢

قوله : (ولا تتثاءب). إلى آخره.

قد يقال : إنّ التثاؤب والتمطّي في الغالب بغير اختيار ، فأيّ معنى لكراهتهما؟

والجواب : أنّ مبادئهما باختيار الإنسان ، بأن يقبل بقلبه ، ويهتمّ ويخرج نفسه عن الملال ونحوه.

قوله : (يكره مدافعة الأخبثين. إلى قوله للإجماع على الصحّة).

الإجماع الذي (١) نقله في «المنتهى» (٢).

ويدلّ عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الكاظم عليه‌السلام : عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه ، أيصلّي على تلك الحال أو لا؟ قال : «إن احتمل الصبر ولم يخف إعجالا فليصلّ وليصبر» (٣).

وما ذكره المصنّف أعم من أن يكون المدافعة متقدّمة على الشروع في الصلاة أو عارضة في أثنائها.

ويحتمل عدم الكراهة في الصورة الثانية كما اختاره في «المدارك» ، بل قال : ويجب الصبر حينئذ (٤).

والظاهر أن ما في صحيحة هشام من قوله : «لا صلاة لحاقن» (٥). إلى

__________________

(١) لم ترد في (د ١) : الذي.

(٢) منتهى المطلب : ٥ / ٣٠٨.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٦٤ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٠ الحديث ١٠٦١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٢٤ الحديث ١٣٢٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٥١ الحديث ٩٢٥١.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٤٧١.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣٣ الحديث ١٣٧٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٥١ الحديث ٩٢٥٢.

١٠٣

آخره ، عامّ يشمل الثانية ، سيّما بعد ملاحظة العموم (١) في المنزلة وعدم تأمّل فيه ، كما حقّقنا في محلّه.

فعلى هذا يمكن حمل ما في صحيحة عبد الرحمن من قوله : «وليصلّ وليصبر» على الجواز بكون الأمرين وردا في مقام دفع الحظر المتوهّم.

ثمّ اعلم! أنّا كثيرا ما لم نجد من أنفسنا حين اشتغالنا بغير الصلاة من المحاورات ونحوها من الاشتغال مدافعة أصلا ورأسا ، وبعد ما تصوّرنا الصلاة وهممنا أن نفعلها نجد مدافعة ، وإذا توجّهت نفوسنا إلى غير الصلاة من الاشتغال لم نجد تلك المدافعة وإذا عزمنا نجدها ، هل يكره حينئذ الاشتغال بالصلاة وإبقاء تلك المدافعة؟ الظاهر الكراهة ، للعموم بل ربّما يشتدّ المدافعة إلى حدّ يسلب طمأنينة القلب.

نعم ، ربّما يحصل وسواس في وجدان المدافعة ويتخيّل كلّما أراد الصلاة فيظهر كونه من الشيطان ، فترك التعرّض حينئذ أولى حتّى يدع الشيطان تلك الوسوسة ، كما لا يخفى.

__________________

(١) في (د ١) : أخبار العموم.

١٠٤

القول في السهو والشك

قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (١).

١٩٨ ـ مفتاح

[من زاد ونقص ركعة في الصلاة]

من زاد ركعة فما زاد بطلت صلاته وإن كان سهوا ، وفاقا للأكثر للمعتبرة (٢).

وقيل : إن جلس في الرابعة بقدر التشهّد فلا إعادة عليه (٣) ، للصحيحين (٤) وغيرهما ، وهما مؤوّلان ، أو محمولان على التقيّة جمعا.

__________________

(١) الأعراف (٧) : ٢٠١.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣١ الحديث ١٠٥٠٨.

(٣) لاحظ! مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩٣.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٢ الحديث ١٠٥١١ و ١٠٥١٢.

١٠٥

وربّما يعلّل بأنّه لم يخل بركن وإنّما أخلّ بالتسليم ، وهو لا يوجب الإعادة (١) ، وعلى هذا جاز تخصيص المعتبرة بهما وما في معناهما ، ولو ذكرها قبل الركوع صحّت بلا خلاف.

ومن نقص ركعة فما زاد سهوا أتمّ ، ولو بعد الفراغ وفعل المنافي ، وفاقا للصدوق (٢) للصحاح المستفيضة (٣) ، والأكثر على وجوب الإعادة إن كان المنافي ممّا يبطل الصلاة عمدا وسهوا ، كالحدث والفعل الكثير الماحي للصورة ، للمعتبرة (٤) وحملت على الاستحباب جمعا (٥).

وأوجبها العمّاني للمبطل عمدا (٦) ، وآخرون في غير الرباعيّات (٧) ، ولم أجد لهم مستندا.

أمّا قبل فعل المنافي فيتمّ قولا واحدا وإن كانت ثنائيّة ، كما في الصحاح (٨).

__________________

(١) الاستبصار : ١ / ٣٧٧ ذيل الحديث ١٤٣١.

(٢) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩٨ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٢ الحديث ١٠٤٢٥ ، ٢٠٤ الحديث ١٠٤٣٢ و ١٠٤٣٣ ، ٢١٠ الحديث ١٠٤٤٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٠ الحديث ١٠٤٢٠ ، ٢٠١ الحديث ١٠٤٢٣ ، ٢٠٩ الحديث ١٠٤٤٥.

(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٨.

(٦) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٥.

(٧) لاحظ! المبسوط : ١ / ١٢١.

(٨) وسائل الشيعة : ٨ / ١٩٨ الحديث ١٠٤١٥ ، ٢٠٠ الحديث ١٠٤٢٠ و ١٠٤٢٢ ، ٢٠٣ الحديث ١٠٤٢٩.

١٠٦

قوله : (من زاد ركعة فما زاد بطلت صلاته). إلى آخره.

هذا هو المشهور المعروف الموافق للقواعد الشرعيّة الواضحة ، وهي عدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، لأنّ ازدياد الركعة يقتضي عدم كونها التي أمر بها الشارع ، لكونها خالية عن الزيادة ، وكون الزيادة موجبة لتغيير الهيئة الثابتة من الشرع.

والقاعدة الاخرى أنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة وحصولها فيما نحن فيه واضح الفساد.

والقاعدة الاخرى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (١) إلى غير ذلك ممّا مرّ في مبحث وجوب السورة وغيره (٢).

ولخصوص كصحيحة زرارة وبكير عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «إذا استيقن أنّه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتدّ بها ، واستقبل صلاته استقبالا» (٣).

وكصحيحة أبي بصير ـ بل صحيحته ـ عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (٤).

وورد في طواف الحجّ : أنّه «مثل الصلاة من زاد فيها فعليه الإعادة» (٥).

__________________

(١) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨.

(٢) راجع! الصفحة : ٣٠٦ و ٣٠٧ (المجلّد السابع) من هذا الكتاب.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٥٤ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٤ الحديث ٧٦٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٦ الحديث ١٤٢٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣١ الحديث ١٠٥٠٨.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٥٥ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٤ الحديث ٧٦٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٦ الحديث ١٤٢٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣١ الحديث ١٠٥٠٩.

(٥) تهذيب الأحكام : ٥ / ١٥١ الحديث ٤٩٨ ، الاستبصار : ٢ / ٢١٧ الحديث ٧٤٧ ، ٢٣٩ الحديث ٨٣١ ، وسائل الشيعة : ١٣ / ٣٦٦ الحديث ١٧٩٦٧ نقل بالمضمون.

١٠٧

هذا على ما هو ببالي فلاحظ.

وفي الصحيح عن ابن فضّال ـ وهو أحد ممّن أجمعت العصابة على قول (١) ـ عن أبي جميلة عن زيد الشحّام ، قال : سألته عن الرجل يصلّي العصر ست ركعات أو خمس ركعات ، قال : «إن استيقن أنّه صلّى خمسا أو ستّا فليعد ، وإن كان لا يدري زاد أم نقص فليكبّر» (٢) ، الحديث.

والروايات مع استفاضتها واشتهارها عملا ورواية وفتوى وصحّتها أو كالصحيحة منجبرة البتّة أيضا بالقواعد الثابتة ، وعمل من لم يعمل بأخبار الآحاد ، وأبعديّتها عن التقيّة ، وكونها مرويّة في «الكافي» وغيره مع ضعف معارضها بما ستعرف.

وبالجملة ، مقتضى الأدلّة وفتاوى أكثر الأجلّة البطلان ، من دون فرق بين الرباعيّة وغيرها ، ولا بين زيادة ركعة وأزيد ، ولا بين أن يكون جلس في آخر الصلاة أو لا ، وبهذا التعميم قطع الشيخ في جملة من كتبه والمرتضى وابن بابويه (٣).

وفي «المبسوط» بعد ما قال : إنّ من زاد في صلاته ركعة أعاد ، قال : ومن أصحابنا من قال : إن كان الصلاة رباعيّة وجلس في الرابعة مقدار التشهّد فلا إعادة عليه ، قال : والأوّل هو الصحيح ، لأنّ هذا قول من يقول : إنّ الذكر في التشهّد ليس بواجب (٤) ، يعني أبا حنيفة من العامّة ، وصرّح بذلك في خلافه (٥).

__________________

(١) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٥٢ الحديث ١٤٦١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٢ الحديث ١٠٥١٠.

(٣) الخلاف : ١ / ٤٥١ المسألة ١٩٦ ، المبسوط : ١ / ١٢١ الرسائل العشر : ١٨٦ و ١٨٧ ، الانتصار : ٤٩ ، المقنع : ١٠٣.

(٤) المبسوط : ١ / ١٢١.

(٥) الخلاف : ١ / ٤٥١ المسألة ١٩٦.

١٠٨

وفي «المدارك» : وهذا الذي نقله الشيخ عن بعض الأصحاب هو قول ابن الجنيد (١) ، واختاره في «المعتبر» (٢) ، والعلّامة في «المختلف» (٣) ، واستدلّ في «المعتبر» بأنّ نسيان التشهّد غير مبطل ، فإذا جلس قدر التشهّد فقد فصّل بين الفرض والزيادة.

وبصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : عن رجل صلّى خمسا ، فقال : «إن كان جلس في الرابعة قدر التشهّد فقد تمت صلاته» (٤).

ورواية ابن مسلم عنه عليه‌السلام : عن رجل استيقن بعد ما صلّى الظهر أنّه صلّى خمسا ، فقال : «كيف استيقن؟» قلت : علم ، قال : «إن كان علم أنّه كان جلس في الرابعة فصلاته الظهر تامّة» (٥) (٦).

ويتوجّه على الأوّل أنّه لو تمّ لكان الحكم في الثلاثيّة والرباعيّة أيضا كذلك من دون فرق أصلا بينها وبين الرباعيّة ، وهم شرطوا كون الصلاة رباعيّة ، ولم يثبت إجماع ولا نصّ في بطلان غير الرباعيّة ، كما يظهر من «التهذيب» (٧) وغيره (٨).

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩٣.

(٢) المعتبر : ٢ / ٣٨٠ و ٣٨١.

(٣) مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩٢ و ٣٩٤.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٤ الحديث ٧٦٦ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٧ الحديث ١٤٣١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٢ الحديث ١٠٥١١.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٤ الحديث ٧٦٥ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٧ الحديث ١٤٣٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٢ الحديث ١٠٥١٢.

(٦) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢١.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٤ ذيل الحديث ٧٦٦.

(٨) السرائر : ١ / ٢٤٥ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٤ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٢.

١٠٩

هذا مع أنّ الظاهر كون كلامهم في زيادة الركعة لا أزيد ، ومقتضى الدليل عدم الفرق أصلا.

مع أنّ تحقّق الجلوس لا يقتضي عدم وقوع الزيادة في أثناء الصلاة ، بل ذلك فاسد قطعا ، لأنّ ناسي هذا التشهّد الجالس قدره لو تذكّر أنّه نسي تشهّده يجب عليه أن يتشهّد حينئذ البتّة ، ويكون تشهّده داخل الصلاة جزما ومقدّما على ما يجب قضاؤه بعد الصلاة ، مثل السجدة الواحدة والتشهّد الأوّل.

ومن شكّ في كون هذه الركعة هي الثالثة فلا يتشهّد أو الرابعة فيتشهّد ، ومقدار زمان شكّه وتروّيه وتأمّله صار بقدر زمان ، أو يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتذكّر بلا فصل أنّها الرابعة فتشهّد فلا شكّ في كون تشهّده داخل صلاته جزما ، ولا حاجة إلى سجدة السهو حينئذ إجماعا.

ولو زاد ركوعا أو سجدتين بطلت صلاته البتّة ، بل لو زاد واحدا منهما بعد جلوس مقدار التشهّد بطلت صلاته أيضا ، ولو زاد ما يوجب زيادته سجدة السهو وجبت لصدق الزيادة في الصلاة.

وكذا لو تكلّم فتذكّر فتشهّد وسلّم إلى غير ذلك من أمثال هذه الأحكام ، مثل أن دخل الوقت حال تروّيه فتشهّد وسلّم فصلاته صحيحة ، كما مضى في مسألة من ظنّ دخول الوقت فصلّى ولم يدخل ، فدخل قبل الخروج عن الصلاة ، وغير ذلك (١).

على أنّا نقول : هذا الجلوس واجب من واجبات الصلاة جزما ، جزء من أجزائها قطعا ، فكيف يصحّ فاصلة بين الصلاة والزيادة ، على أنّ المصلّي قصد كون هذه الزيادة داخلة في صلاته ، جزءا منها وتتمّة لها ، ولم يصدر منه ما يخرجه عن

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٥٠٨ و ٥٠٩ (المجلّد الخامس) من هذا الكتاب.

١١٠

الصلاة ، حتى يكون الزيادة خارجة ، لأنّ المخرج عن الصلاة هو التسليم ، على ما هو الحق المحقّق في مبحثه فلاحظ! وعلى المذهب الضعيف هو الفراغ من التشهّد والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وأمّا كون المخرج مضيّ زمان مقدار ذكر أقلّ الواجب من الشهادتين على حسب ما عرفت فمقطوع بفساده ، مع أنّ مقدار زمان ذكر «بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلّها لله» ، أزيد من زمان أقلّ الواجب من الشهادتين على حسب ما ذكر ، ولو لم يكن أزيد لم يكن أنقص.

فلو اتّفق صدور المنافي أو زيادة الصلاة بعده يلزم أن لا يفسد الصلاة ، وفيه ما فيه ، فتأمّل!

ويتوجّه على دليله الثاني ـ وهو الخبران المذكوران ـ : أنّهما معارضان لما دلّ على وجوب التسليم وجزئيّته للصلاة ، بل وما دلّ على وجوب الصلاة على النبي وآله ـ صلّى الله عليهم وسلم ـ أيضا.

وظهر لك في مبحثهما فساد التمسّك بمثل هذين الخبرين البتّة (١) ، بل ظاهرهما عدم وجوب نفس التشهّد أيضا ، على ما ظهر من «خلاف» الشيخ ومبسوطه (٢) وغيره (٣) ، فتأمّل!

مع أنّك بملاحظة مذاهب العامّة يظهر لك كون هذين الخبرين على طبق المذهب المشهور المعروف بينهم ، والمعمول بينهم ، وأشار الشيخ إلى ذلك في «الخلاف» و «المبسوط».

__________________

(١) راجع! الصفحة : ١٨٥ ـ ١٩١ (المجلّد الثامن) من هذا الكتاب.

(٢) الخلاف : ١ / ٤٥٢ المسألة ١٩٦ ، المبسوط : ١ / ١٢١.

(٣) تحرير الأحكام : ١ / ٤٩.

١١١

مع شذوذ العمل بهما بين الشيعة في زمان القدماء كما هو غير خفيّ بخلاف الأخبار التي استدلّ بها المشهور ، كما عرفت.

وورد منهم عليهم‌السلام : الأمر بترك ما وافق العامّة ، وما يكون قضاتهم إليه أميل ، وما شذّ العمل به بين الشيعة (١).

وأيضا هذان الخبران مخالفان للقواعد الشرعيّة الثابتة من الشرع.

وورد منهم عليهم‌السلام : «أنّه إذا ورد إليكم حديث فاعرضوه على سائر أحكامنا ، فإن وجدتموه موافقا لها فاعملوا به ، وإن وجدتموه مخالفا لها فاتركوه» (٢).

وبالجملة ، المقوّيات في روايات المشهور كثيرة ، كالمضعّفات في هذين الخبرين.

وأيضا مقتضى الخبرين صحّة الصلاة المعهودة من دون توقّف على جابر من قضاء وغيره.

ومقتضى دليله الأوّل لزوم قضاء التشهّد والصلاة على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسجدة السهو على المشهور وهو قائل به ، مرّ الكلام والتحقيق في مبحثه (٣) ، فلاحظ.

وبالجملة ، بين دليليه تدافع ظاهر.

واستدلّ في «المعتبر» (٤) على بطلان صلاة من زاد ركوعا أو سجدتين بأنّ فيه تغييرا لهيئة الصلاة ، وخروجا عن الترتيب الموظّف ، وقول أبي جعفر عليه‌السلام في

__________________

(١) لاحظ! الكافي : ١ / ٦٧ الحديث ١٠ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٢٠ الحديث ٣٣٣٧٠ ، ١٢١ الحديث ٣٣٣٧٣ نقل بالمعنى.

(٣) راجع! الصفحة : ١٢٥ ـ ١٢٧ (المجلّد الثامن) من هذا الكتاب.

(٤) المعتبر : ٢ / ٣٧٩.

١١٢

حسنة زرارة وبكير ـ أي الحسنة السابقة (١) ـ وقول الصادق عليه‌السلام في صحيحة منصور بن حازم : عن رجل صلّى وذكر أنّه زاد سجدة : «لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة» (٢).

ولم يتفطّن بجريان هذه الأدلّة في المسألة السابقة ، لما عرفت من أنّ مضيّ مقدار ذكر أقلّ الواجب عن الشهادتين لا يوجب الخروج عن الصلاة إجماعا ونصوصا على حسب ما نبّهنا (٣) ، فلا تغفل!

والشيخ في «الاستبصار» حمل الروايتين الدالّتين على صحّة الصلاة مع زيادة الركعة بأنّ المراد الإخلال بالتسليم فقط ، والإخلال به لا يوجب إعادة الصلاة (٤).

فجعل قوله عليه‌السلام : «إن كان جلس قدر التشهّد» كناية عن فعل التشهّد ، بناء على أنّ الجلوس بقدره من دون الإتيان به من الفروض البعيدة ، وشيوع الكناية والاكتفاء بالظن في القرينة ، كما في قولهم : رأيت أسدا في الحمّام.

ويعضده أنّ الجلوس بقدر التشهّد ليس ركنا في الصلاة البتّة ، فأيّ فائدة في اشتراط تحقّقه؟ مع أنّ وجوبه مثل وجوب التشهّد ، بل أدون من وجوب التشهّد ، وليس واجبا برأسه ، بل تابع للتشهّد كالقيام لقراءة الحمد (٥) ، ولقراءة السورة ، ولقراءة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وللقنوت ، ولتكبير الركوع ، كما أنّ القيام

__________________

(١) راجع! الصفحة : ١٠٧ من هذا الكتاب.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٨ الحديث ١٠٠٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٦ الحديث ٦١٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٩ الحديث ٨٠٧٦.

(٣) راجع! الصفحة : ١٩٨ ـ ٢٠٠ و ٢١٢ و ٢١٤ (المجلّد الثامن) من هذا الكتاب.

(٤) الاستبصار : ١ / ٣٧٧ ذيل الحديث ١٤٣١.

(٥) في (د ١) : لقراءة فاتحة الكتاب.

١١٣

حال تكبيرة الافتتاح والمتّصل بالركوع تابع لهما ، كما مرّ (١).

ويعضده أيضا ترك ذكر قدر التشهّد في رواية ابن مسلم ، فتأمّل جدّا!

لكن يخدشه أنّ المراد من قدر التشهّد هو القدر الواجب بلا تأمّل ، وقد عرفت أنّ قدرة قليل جدّا يمضي غالبا بالطمأنينة بعد رفع الرأس عن السجدة الأخيرة ، والاستقرار والتمكن من الجلوس للتشهّد ، وزوال حركة الأعضاء ، وتحقّق سكونها في الجلوس ، وتحقّق النفس ، وخصوصا بعد ذكر «الحمد لله» أو أزيد منه ، كما أشرنا.

مع أنّ حصول التروي ليس بذلك النادر ، وربّما يحصل التأمّل في أنّه يكتفي بالواجب أو يأتي بالمستحبّات ، وأنّه أيّ نحو منها يقول ويختار ، وربّما يبذل جهده في تحصيل حضور القلب وآداب التشهّد وغير ذلك ، وكلّ واحد ممّا ذكر وإن كان نادرا لكن اجتماع المجموع ربّما يخرج عن تلك الندرة ، فتأمّل!

مع أنّه ربّما كان المراد التقيّة ودفع ضرر العامّة ، كما صرّح به في «الخلاف» (٢) ، فإنّ العامّة ربّما يفرضون المسألة النادرة ، ويبحثون عنها ، ويشتهر المباحثة والمناظرة والاختيار منهم ، إلى أن يسري ذلك في الشيعة ويسألون الأئمّة عنها فيجيبون على وفق التقيّة أو الحق على (٣) حسب ما كانوا يرون المصلحة ، وما ذكرنا واضح على متتبّع الأخبار والمتأمّل فيها والمتفطّن بأمثال ما ذكرنا.

فلذا رجع عن هذا الجواب في «الخلاف» و «المبسوط» واختار الحمل على التقيّة (٤) ، والغالب أنّ كلّ ما يرجع الفقيه عنه سقيم ، لسقمه يرجع عنه ، وكلّ ما

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٣ و ٤٥ (المجلّد السابع) من هذا الكتاب.

(٢) الخلاف : ١ / ٤٥٣ المسألة ١٩٦.

(٣) لم ترد في (ك) : على.

(٤) الخلاف : ١ / ٤٥٣ المسألة : ١٩٦ ، المبسوط : ١ / ١٢١.

١١٤

يرجع إليه مستقيم ، ولاستقامته يرجع إليه ، كما لا يخفى على المتأمّل.

وظهر لنا الآن أنّ أمثال ذلك صدرت تقيّة ، كما مرّ تحقيقه في مسألة الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومسألة التسليم (١).

مع أنّ زرارة وابن مسلم كانا من فحول الفقهاء معروفين عند فقهاء العامّة فلا غرو في أمثال هذه الأسئلة منهم والأجوبة من الأئمّة عليهم‌السلام بالنسبة إليهم ، فلاحظ طريقة سؤالاتهم والجوابات لهم.

قوله : (بلا خلاف).

أقول : ويدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود» (٢) وغيرها من الأخبار.

قوله : (ومن نقص). إلى آخره.

اعلم! أنّ صور المسألة في المقام ثلاثة :

الاولى : أن يذكر النقص بعد التسليم قبل الإتيان بغيره من المنافيات ، ويجب حينئذ إتمام الصلاة ، بأن يقوم سريعا لو كان قاعدا ويقرأ الحمد والسورة إن كان الركعة الثانية ، ويبادر في القراءة من غير أن يفعل ما يضرّ الصلاة ، ولا يكبّر تكبيرة الافتتاح البتّة عند القيام للإتيان بالناقص.

ولو كبّر للافتتاح ناسيا أو جاهلا أو عامدا بطلت صلاته فعليه الإعادة ، ثمّ

__________________

(١) راجع! الصفحة : ١١٨ و ١١٩ و ١٩٨ و ١٩٩ (المجلّد الثامن) من هذا الكتاب.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨١ الحديث ٨٥٧ و ٢٢٥ الحديث ٩٩١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٢ الحديث ٥٩٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٢ الحديث ٥٢٤١.

١١٥

بعد الفراغ من الحمد والسورة لو كان الناقص الركعة الثانية يأتي بالقنوت ، ثمّ يتمّ الصلاة بالنحو الذي كان يتم في غير حال النسيان ، وعلى المنهج المتعارف ، وإن كان الناقص الثالثة أو الرابعة ، فيتخيّر بين الحمد والتسبيحات على النحو المقرّر ، من غير أن يأتي بتكبيرة الافتتاح على النحو الذي ذكرناه.

والظاهر عدم التأمّل من أحد من الفقهاء في هذه الصورة وما ذكرنا فيها.

الثانية : أن يذكر بعد فعل ما يبطل الصلاة عمدا لا سهوا كالكلام وغيره ممّا مرّ.

وفي «المدارك» : أنّ الشيخ في «النهاية» وابن أبي عقيل وأبا الصلاح قالوا بالإعادة (١) ، والأصح أنّه لا يعيد مطلقا ، للأصل ، وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلّم ، قال : «يتمّ ما بقي من صلاته تكلّم أو لم يتكلّم ، ولا شي‌ء عليه» (٢).

ثمّ ذكر صحيحة ابن مسلم (٣) وصحيحة سعيد الأعرج (٤) (٥).

وهما مثل صحيحة زرارة بل وأوضح متنا ودلالة.

ولعلّ نظرهم إلى أنّ الكلام حينئذ عمد ، والسهو في أمر آخر لا في الكلام ، فيشملها ما دلّ على أنّ الكلام عمدا مبطل ، وفيه ما فيه.

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٩٠ ، نقل عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩٧ الكافي في الفقه : ١٤٨.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩١ الحديث ٧٥٦ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٨ الحديث ١٤٣٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٠ الحديث ١٠٤١٨.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩١ الحديث ٧٥٧ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٩ الحديث ١٤٣٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٠ الحديث ١٠٤٢٢.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٥٧ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٥ الحديث ١٤٣٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٣ الحديث ١٠٤٢٩.

(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٥ و ٢٢٦.

١١٦

ويمكن أن يكون نظرهم إلى صحيحة جميل عن الصادق عليه‌السلام : عمّن صلّى ركعتين ثمّ قام ، قال : «يستقبل» ، قلت : فما يروي الناس؟ ثمّ ذكر حديث ذي الشمالين ، فقال : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبرح من مكانه ولو برح لاستقبل» (١) فإنّ مجرّد القيام والتحرّك عن مكانه سهوا لا يبطل الصلاة.

ويمكن حملها على أنّ المراد تحوّل الوجه عن القبلة ونحوه ، ممّا يبطل الصلاة سهوا أيضا ، كما يظهر من المعتبرة الكثيرة في هذه الحكاية ، كما ستعرف.

وفي «المنتهى» ـ بعد ذكر الأخبار الدالّة على أنّ التكلّم في حال السهو في الصلاة وظنّ إتمامها لا يضرّ ـ قال : وقال الشيخ في «المبسوط» : وقد روي أنّه يقطع الصلاة ، والأوّل أحوط (٢) ، احتجّوا بالمنع المطلق ، والجواب : العمل بالخاصّ أولى (٣). إلى آخر ما قال.

الثالثة : أن يذكر بعد فعل ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا كالحدث واستدبار القبلة ، وذهب الأكثر إلى أنّه يوجب الإعادة ، وعن الصدوق في «المقنع» : إن صلّيت من الفريضة ركعتين ثمّ قمت فذهبت في حاجة لك فأضف إلى صلاتك ما نقص ، ولو بلغت الصين ، ولا تعد الصلاة فإنّ إعادتها حينئذ مذهب يونس بن عبد الرحمن (٤).

ودليل القائل بوجوب الإعادة صحيحة جميل السابقة (٥) بالتقريب الذي ظهر لك.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٥ الحديث ١٤٣٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٠ الحديث ١٠٤٢٠.

(٢) المبسوط : ١ / ١١٨.

(٣) منتهى المطلب : ٥ / ٢٨٧ و ٢٨٨.

(٤) نقل عن «المقنع» في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩٨ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٤.

(٥) مرّت الإشارة إلى مصادرها آنفا.

١١٧

وصحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : عن رجل دخل مع الإمام في صلاته ، وقد سبقه بركعة ؛ فلمّا فرغ الإمام خرج مع الناس ، ثمّ ذكر أنّه قد فاتته ركعة ، قال : «يعيد ركعة واحدة ، يجوز له إذا لم يحوّل وجهه عن القبلة ، فإذا حوّل وجهه بكليّته عن القبلة فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالا» (١).

وكصحيحة أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل صلّى ركعتين ثمّ قام فذهب في حاجته ، قال : «يستقبل الصلاة» ، قلت : ما بال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستقبل [حين صلى ركعتين]؟ فقال : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينتقل من موضعه» (٢).

وبإزائها أخبار دالّة على عدم وجوب الإعادة ، بل ووجوب العدم ، مثل صحيحة ابن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : عن رجل دخل مع الإمام في صلاته وقد سبقه بركعة ، فلمّا فرغ الإمام خرج مع الناس ثمّ ذكر بعد ذلك أنّه فاتته ركعة ، قال : «يعيدها ركعة واحدة» (٣).

لكن هذه الصحيحة بعينها صحيحته السابقة (٤) ، إلّا أنّه لم يذكر فيها بقيّة الرواية ، فلذا دلّت على خلاف المطلوب.

وتجويز كون البقيّة زياده ادخل فيها ، فيه ما فيه ، سيّما وأن يرجّح على ما ذكرنا.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٨٤ الحديث ٧٣٢ ، الاستبصار : ١ / ٣٦٨ الحديث ١٤٠١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٩ الحديث ١٠٤٤٥.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٦ الحديث ١٤٣٥ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠١ الحديث ١٠٤٢٣.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٦ الحديث ١٤٣٦ ، الاستبصار : ١ / ٣٦٧ الحديث ١٣٩٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٢ الحديث ١٠٤٢٥.

(٤) مرّ آنفا.

١١٨

نعم ؛ يدلّ على ذلك صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : عن رجل صلّى بالكوفة ركعتين ثمّ ذكر هو بمكّة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلد من البلدان أنّه صلّى ركعتين قال : «يصلّي ركعتين» (١).

وصحيحة عبيد بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل صلّى ركعة من الغداة ثمّ انصرف وخرج في حوائجه ، ثمّ ذكر أنّه صلّى ركعة ، قال : «يتمّ ما بقي» (٢).

وموثقة عمّار عنه عليه‌السلام : في الرجل يذكر بعد ما قام وتكلّم ومضى في حوائجه أنّه إنّما صلّى ركعتين من الظهر والعصر والعتمة والمغرب ، قال : «يبني على صلاته ويتمّها ولو بلغ الصين» (٣).

وبمضمونها أفتى في «المقنع» كما ظهر لك (٤).

وأجاب الشيخ عن هذه الأخبار في كتابي الأخبار بالحمل على النافلة أو عدم تيقّن الترك (٥).

وفي «المدارك» : وهو بعيد جدّا ، ويمكن الجمع بحمل هذه على الجواز والسابقة على الاستحباب (٦) ، انتهى.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٧ الحديث ١٤٤٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٦٨ الحديث ١٤٠٣ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٤ الحديث ١٠٤٣٢.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤٧ الحديث ١٤٣٩ ، الاستبصار : ١ / ٣٦٨ الحديث ١٤٠٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢١٠ الحديث ١٠٤٤٦.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٢ الحديث ٧٥٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٧٩ الحديث ١٤٣٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٠٤ الحديث ١٠٤٣٣ مع اختلاف يسير.

(٤) راجع! الصفحة : ١١٧ من هذا الكتاب.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٧ ذيل الحديث ٧٧٧ ، الاستبصار : ١ / ٣٦٨ ذيل الحديث ١٤٠٣ ، ٣٧٩ ذيل الحديث ١٤٣٧.

(٦) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٨.

١١٩

قلت : هو أيضا بعيد ، وخلاف ما عليه الأصحاب من الطرفين ، وغير خفيّ أنّ أحدهما محمول على التقيّة ، لأنّ فقهاء العامّة الحجازيين خالفوا العراقيين منهم في خصوص هذه المسألة بخصوص هذا الخلاف ، إلى أن اقتضى التقيّة من أحد الطائفتين ، كما هو الغالب في اختلاف الأخبار ، فإنّ معظم اختلافها من جهة التقيّة بلا شبهة ، ولا يمنع التقيّة قول طائفة منهم بخلافه ، كما هو الحال في جميع مواضع التقيّة إلّا ما شذّ ، فإنّ غالب مواضعها وجد الحكم بالخلاف من بعضهم البتّة ، كما هو الحال في التكفير وغسل الرجل وغير ذلك ، وورد في النصّ أنّ ذلك لا يقبل منكم (١) ، وهذا مقطوع به بالوجدان ، مشاهد بالعيان.

وهذا الذي ذكرت ليس منّي ، بل من محقّق متقن من فقهائنا ، وليس الآن ببالي أنّه من هو؟

وبالجملة ؛ الشهرة بين الأصحاب من أقوى المرجّحات للمتعارضين من الأخبار نصّا واعتبارا ، سيّما إذا كانت مع الأبعديّة عن العامّة والأوفقيّة بالقواعد الشرعيّة ، كما في المقام.

ولو أتمّ ثمّ أعاد لكان أحوط ، إلّا أنّ هذا الاحتياط لا تأكيد فيه كما لا تشديد.

قوله : (والفعل الكثير). إلى آخره.

قد مرّ التحقيق في ذلك في مبحث الفعل الكثير (٢) ، فلاحظ!

__________________

(١) انظر! تهذيب الأحكام : ١ / ٦٥ الحديث ١٨٦ ، الاستبصار : ١ / ٦٥ الحديث ١٩٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٢٠ الحديث ١٠٩٩ ، وأيضا انظر! من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤ الحديث ٧٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٢٢ الحديث ١١٠٣.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٧ ـ ٧٢ من هذا الكتاب.

١٢٠