مصابيح الظلام - ج ٩

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٩

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-9-4
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٠٩

قوله : (للصحاح).

أقول : هي صحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : «اقض ما فاتك من صلاة النهار بالنهار ، وما فاتك من صلاة الليل بالليل» (١) وغيرها (٢).

قوله : لآية (المسارعة).

وهي قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (٣) الآية ، وآية الخلفة [وهي] قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً) (٤) فعنهم عليهم‌السلام في تفسيرها هو إن جعل على نفسه شيئا من الخير من صلاة أو ذكر ، فيفوته ذلك من الليل فيقضيه بالنهار ، أو يشتغل بالنهار فيقضيه بالليل (٥).

بل روى في «الفقيه» عن الصادق عليه‌السلام : الأمر بذلك ، حيث قال عليه‌السلام : «كلّ ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار ، قال الله تبارك وتعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ) ..» وذكر الآية ، ثمّ قال : «يعني أن يقضي [الرجل] ما فاته باللّيل بالنهار ، وما فاته بالنهار بالليل» (٦).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٥١ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٢ الحديث ٦٣٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٦ الحديث ٥١٥١.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٥١ الحديث ٣ ، ٤٥٢ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٣ الحديث ٦٣٨ و ٦٤٣ ، ١٦٤ الحديث ٦٤٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٦ الحديث ٥١٥١ و ٥١٥٢.

(٣) آل عمران (٣) : ١٣٣.

(٤) الفرقان (٢٥) : ٦٢.

(٥) نور الثقلين : ٤ / ٢٦ نقل بالمضمون.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٥ الحديث ١٤٢٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٥ الحديث ٥١٤٩.

٣٨١

ويدلّ عليه أيضا قوله تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) (١) والأخبار الكثيرة (٢) الواردة بمضمون الآيتين.

فبملاحظة جميع ما ذكر ، وجميع ما ورد عنهم عليهم‌السلام من الأخبار الكثيرة التي لا تكاد تحصى في العمل بالقرآن (٣) ، مضافا إلى الآيات الدالّة عليه ، وكذلك الأخبار التي لا تكاد تحصى في الأخذ بما وافق القرآن ، وترك ما خالفه ، وكذلك في الأخذ بما اشتهر بين الأصحاب وترك الشاذّ ، وكذلك في الأخذ بما وافق الاعتبار وترك ما خالفه (٤) ؛ إذ معلوم أنّ في التأخير آفات.

وما مضى مضى ، وما سيأتيك فأين

قم فاغتنم الفرصة بين العدمين

إلى غير ذلك ، وملاحظة الإجماع على عدم بقاء الأمر في الصحيح المذكور على حاله ، وكون المراد منه الجواز ، ويترجّح في النظر قوّة المشهور ، ويؤيّده أيضا ما سيجي‌ء في قضاء الفريضة.

لكن ورد في صحيحة بريد بن معاوية عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل ، وليس بأس أن تقضيها بالنهار ، وقبل أن تزول الشمس» (٥).

وعن إسماعيل الجعفي أنّه قال : «أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل وصلاة النهار بالنهار» (٦).

لكن غير خفي اختلاف الحيثيّات ، وليس ذلك من خصائص المقام.

__________________

(١) البقرة (٢) : ١٤٨ ، المائدة (٥) : ٤٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٤ الباب ٥٧ من أبواب المواقيت.

(٣) بحار الأنوار : ٨٩ / ١٢ الباب ١.

(٤) بحار الأنوار : ٢ / ٢١٩ الباب ٢٩ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٦ الحديث ١٤٣٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٥ الحديث ٥١٤٨.

(٦) الكافي : ٣ / ٤٥٢ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٣ الحديث ٦٣٨ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٧٦ الحديث ٥١٥٢.

٣٨٢

٢١٠ ـ مفتاح

[وجوب الترتيب في قضاء الفوائت]

يجب الترتيب في قضاء الفوائت بحسب الفوات مع العلم به ، وفاقا للمشهور ، لعموم : «فليقضها كما فاتته» (١).

ونحوه في الصحيح : «فابدأ بأوّلهنّ فأذّن لها وأقم ثمّ صلّها ، ثمّ صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لكلّ صلاة» (٢) ، والقول بالاستحباب شاذّ.

أمّا مع الجهل فقولان : أصحّهما ـ وعليه العلّامة والشهيدان (٣) ـ لا ، لعدم تناول الأخبار والنصوص له ، مع أصالة العدم ولامتناع التكليف بالمحال ، واستلزام التكرار المحصّل له الحرج المنفي ، والآخرون على وجوب التكرار المحصّل (٤) من دون نصّ.

وفي وجوب الترتيب بين الفوائت الغير اليوميّة ، وبينها وبين اليوميّة مع العلم وجهان.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٢٦١.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٤ الحديث ١٠٥٦٨.

(٣) تحرير الأحكام : ١ / ٥١ ، اللمعة الدمشقيّة : ٣٧ ، الروضة البهيّة : ١ / ٣٤٥.

(٤) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٧١ ، روض الجنان : ٣٥٩.

٣٨٣
٣٨٤

قوله : (والقول بالاستحباب شاذّ).

هذا القول حكاه في «الذكرى» عن بعض الأصحاب ممّن صنّف في المضايقة والمواسعة (١).

مع أنّ المحقّق في «المعتبر» قال : أصحابنا متّفقون على وجوب الترتيب (٢) ، والعلّامة في «المنتهى» قال : ذهب إليه علماؤنا (٣).

قوله : (لعدم تناول الأخبار).

أقول : عدم التناول إن كان من جهة عدم العموم ، ففيه أنّ كلمة «من» في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته» (٤) من أداة العموم ، وكذلك قوله : «كما» في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كما فاتته» ، كما حقّق في محلّه.

مع أنّه اعترف بالعموم ، وإن كان من جهة أنّ التكليف بالنسبة إليه تكليف بما لا يطاق في بعض الصور ، والحرج في بعض الصور.

ففيه ؛ أنّ بعض الصور ليس فيه حرج ، بل هو كثير ، كظهر بين عصرين وبالعكس ، وأمثالهما.

مع أنّ في الدين حرجا كثيرا اقتضاه الدليل الشرعي ، مثل صبر المرأة التي فقدت زوجها عن التزويج ، وكذا العزب إن لم يكن عنده ما به يتزوّج ، وغير ذلك.

ومن ذلك من فاتته صلوات كثيرة غاية الكثرة ، إلى حدّ يكون القضاء

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٢ / ٤٣٣.

(٢) المعتبر : ٢ / ٤٠٦.

(٣) منتهى المطلب : ٧ / ١٠١.

(٤) عوالي اللآلي : ٣ / ١٠٧ الحديث ١٥٠.

٣٨٥

حرجا على المكلّف ، فإنّ العموم المذكور كما اقتضى الحرج في نفس القضاء في بعض الصور ، فلم لا يقتضيه بالنسبة إلى الترتيب الذي يقتضيه؟ كما اعترف به.

مع أنّه ربّما كان ترك الصلاة عمدا ، فالمكلّف حينئذ جعل على نفسه الحرج ، إلّا أن يتمسّك بعدم القول بالفصل ، لكن هذا فرع ثبوت إجماع مركّب ، وأنّ كلّ من قال بالترتيب قال به ، وإن لزم حرج ، أو تكليف بما لا يطاق.

لكن من بديهيّات الدين والعقل عدم جواز التكليف بما لا يطاق مطلقا ، وإن ناقش نادر في صورة يكون المكلّف مقصّرا ، مثل ما ورد في أنّ : «من مثّل صورة حيوان كلّف في إحداث الروح فيه» (١) ، و «من كذّب في الرؤيا كلّف بعقد الشعيرة» (٢) ، إلى غير ذلك.

لكنّ المعروف عدمه في دار التكليف ، لعدم إمكان الامتثال ، فإنّ التكليف غير المؤاخذة والانتقام.

وبالجملة ؛ لا شكّ في عدم قول أحد بالترتيب ، وإن لزم التكليف بالمحال.

نعم ؛ قال قائل بوجوبه ، مستدلّا بإمكان الامتثال بالتكرار المحصّل له (٣) ، كما هو الحال لو كانت الفائتة عددها بالقدر المذكور.

وقد عرفت أنّ العموم المذكور كما اقتضى القضاء للفوائت وإن حصل الحرج ، كذلك اقتضاه من حيث الترتيب ، إلّا أن يقال : بينه وبين قوله تعالى (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤) تعارض العمومين من وجه.

فكما جاز تخصيص الثاني بالأوّل ، كذا جاز بالعكس ، فيقدّم العكس ،

__________________

(١) عوالي اللآلي : ١ / ١٢٢ الحديث ٥١ ، مستدرك الوسائل : ١٣ / ٢١١ الحديث ١٥١٣٧ نقل بالمضمون.

(٢) وسائل الشيعة : ١٧ / ٢٩٧ الحديث ٢٢٥٧٥ نقل بالمعنى.

(٣) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٧١ ، روض الجنان : ٣٥٩.

(٤) الحج (٢٢) : ٧٨.

٣٨٦

للأصل ، ولقوّة العموم الثاني من العقل ، وأنّه (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) (١) ، والأخبار (٢).

وتخصيص الثاني بالأوّل في عدد الفائتة ، والقول بوجوب قضاء الجميع ، وإن لزم الحرج ، فلعلّه للإجماع ، فلا يستلزم ذلك تخصيصه بالأوّل في تحصيل الترتيب أيضا.

لكن يمكن أن يقال : إنّ الثاني أعمّ أفرادا وأكثر شيوعا من الأوّل ، فيكون الأوّل أخصّ منه ، فيكون أقوى دلالة.

ومع ذلك دخول القضاء الموجب للحرج بالنسبة إلى العدد في الأوّل يوجب زيادة قوّته البتّة.

وكذا خروج كثير من التكليفات من الثاني كما أشرنا ، فصار مخصّصا بمخصّصات كثيرة ، بخلاف الأوّل ، فإنّه لم يخصّص أصلا.

فهذا أيضا يوجب زيادة قوّة الأوّل ووهن الثاني ، إلّا أن يقال : الثاني متأيّد بما ذكرنا ، وبعمومات نفي المؤاخذة عن الجاهل ومعذوريّته ، وكون العموم فيه من جهة النكرة في سياق النفي ، بخلاف الأوّل فإنّه من جهة التشبيه وكلمة الكاف.

ولعلّ هذا العموم محل تأمّل عند صاحب «المدارك» (٣) ، ومن وافقه مثل المصنّف وغيره (٤).

لكنّهم استدلّوا بعموم التشبيه ، ردّا على القائل بعدم وجوب الترتيب في القضاء.

__________________

(١) البقرة (٢) : ١٨٥.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٢١١ و ٢١٢ الحديث ٥٣٩ و ٥٤٣ ، ٣ / ٣٦٤ الحديث ٣٨٧٨.

(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٩٦.

(٤) ذخيرة المعاد : ٣٨٥.

٣٨٧

مع أنّهم يراعون جميع أحوال الفائتة من الجهر والإخفات والقصر والإتمام وغيرهما.

وهذا أيضا من مقوّمات العموم ، والجاهل بالترتيب عالم بوجوب القضاء عليه كما فاتته ، ويمكنه تحصيل ذلك ، والامتثال له كما هو المفروض.

غاية الأمر أنّه في بعض الصور يحصل الحرج ، كما هو الحال في أصل قضاء الفوائت.

وبالجملة ؛ المسألة لا تخلو عن إشكال ، وإن كان القول بالسقوط في صورة لزوم الحرج ، وعدم تقصير أصلا لا يخلو عن قوّة ، سيّما إذا اشتدّ الحرج ، والاحتياط ظاهر ، والله يعلم.

وقول المصنّف : (مع أصالة العدم) ، فيه ؛ أنّ أصل العدم لا يعارض عموم الدليل ، وقد اعترف بالعموم.

وقوله : (ولامتناع). إلى آخره.

فيه ما عرفت ، أنّ أحدا لا يرضى بالتكليف بالمحال ، والخصم صرّح بأن ما يقول في موضع يمكن الامتثال ، وجعل ذلك دليله.

قوله : (من دون نص).

فيه ما فيه ، إذ عرفت اعترافه بالعموم.

ويظهر من قوله : (والآخرون) أنّ غير العلّامة في «التحرير» والشهيدين (١) من باقي الفقهاء ، وقاطبتهم يقولون بالوجوب.

__________________

(١) تحرير الأحكام : ١ / ٥١ ، اللمعة الدمشقيّة : ٣٧ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٤٣٤ ، البيان : ٢٥٧ ، الروضة البهيّة : ١ / ٣٤٥ ، روض الجنان : ٣٦٠.

٣٨٨

وكيف يجوّز عاقل أنّ جميع هؤلاء يقولون بحكم مخالف للأصل موجب للحرج المنفي من غير نصّ؟ بل كيف يجوز ذلك بالنسبة إلى فقيه واحد فضلا عن جميع هؤلاء؟

ومن العجائب أنّ صاحب «الذخيرة» أنكر ورود حديث من طرق الخاصّة يتضمّن قول : «يقضي ما فاته كما فاته» ، وقال : إنّه من طريق العامّة حسب ، عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا عبرة به (١).

مع أنّه روى في «الكافي» ـ في الصحيح أو كالصحيح ـ عن زرارة قال : قلت له : رجل فاتته [صلاة من] صلاة السفر فذكرها في الحضر ، قال : «يقضي ما فاته كما فاته» (٢).

والعبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحلّ ، كما هو المحقّق المسلّم عنده أيضا ، مع أنّ الحديث المنجبر بفتوى الأصحاب حجّة عنده أيضا ، ولا شكّ في فتواهم في مواضع غير عديدة بمضمونه.

وناقش أيضا في الدلالة على العموم (٣) ، وهو أيضا ليس بشي‌ء للتبادر ، مع أنّه من المسلّمات عند الفقهاء ، ولم يناقش أحد فيه في موضع ، وحقّقناه في «الفوائد» (٤).

وصاحب «المدارك» أيضا استدلّ به في المقام (٥) ، كما أنّه وغيره استدلّوا به

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٣٨٥.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٣٥ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦٢ الحديث ٣٥٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٦٨ الحديث ١٠٦٢١.

(٣) ذخيرة المعاد : ٣٨٥.

(٤) الفوائد الحائريّة : ١٨٩.

(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٩٦.

٣٨٩

في المقامات (١).

واعترض أيضا ـ بعد تسليمه العموم ـ بأنّ المتبادر المشابهة في الأجزاء الداخلة لا الحالات الخارجة (٢) ، وفيه : أنّ الحالات الخارجة أولى به في المشابهة من الأجزاء الداخلة ، لأنّ القضاء هو تدارك ما فات ، والفائت لم يكن إلّا مجموع الأجزاء والامور الداخلة.

فكان نفس الأمر بالقضاء كافيا من دون حاجة إلى المشابهة المذكورة ، فالمشابهة المذكورة بالنسبة إليها تأكيد لا تأسيس ، بخلاف الحالات الخارجة ، والصفات المختصّة العارضة ، فإنّها المحتاج إليها لو اريدت ، ويكون المشابهة بالنسبة إليها تأسيسا ، وهو خير من التأكيد وأولى ، كما هو المسلّم عنده أيضا.

واعترض أيضا اعتراضات عجيبة لا نفهمها ، بل ينبغي أن لا يصغى إليها ، ولذا تركناها.

قال في «المدارك» : وعلى هذا ـ أي القول بوجوب الترتيب على الجاهل به ـ فيجب على من فاته الظهر والعصر من يومين وجهل السابق ، أن يصلّي ظهرا بين عصرين ، أو عصرا بين ظهرين.

ولو جامعهما مغرب من ثالث ، صلّى الثلاث قبل المغرب وبعدها ، ولو كان معها عشاء فعل السبع قبلها وبعدها ، ولو ضمّ إليها صبح فعل الخمس عشرة قبلها وبعدها.

والضابط تكرّرها على وجه يحصل الترتيب على جميع الاحتمالات ، وهي اثنان في الأوّل وستّة في الثاني ، وأربعة وعشرون في الثالث ، ومائة وعشرون في

__________________

(١) نهاية الإحكام : ١ / ٣٢٣ و ٣٢٦ ، روض الجنان : ٣٥٦ و ٣٥٨ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٣ / ٢٠٤ و ٢٢٧.

(٢) ذخيرة المعاد : ٣٨٥.

٣٩٠

الرابع ، حاصلة من ضرب ما اجتمع سابقا من الاحتمالات في عدد الفرائض المطلوبة.

ويمكن حصول الترتيب بوجه أخصر ممّا ذكر وأسهل ، وهو أن يصلّي الفوائت المذكورة بأيّ ترتيب أراد ، يكرّرها كذلك ناقصة عن عدد آحاد تلك الصلوات بواحدة ، ثمّ يختم بما بدأ به ، فيصلّي في الفرض الأوّل الظهر والعصر ، ثمّ الظهر أو بالعكس ، وفي الثاني الظهر والعصر والمغرب ، ثمّ يكرّرها مرّة اخرى ، ثمّ يصلّي الظهر ، وفي هذين لا فرق بين الضابطين في العدد.

وفي الثالث يصلّي الظهر فالعصر فالمغرب فالعشاء ، ويكرّرها ثلاث مرّات ، ثمّ يصلّي الظهر ، فيحصل الترتيب بثلاث عشرة فريضة.

وفي الرابع يصلّي أربعة أيّام متوالية ، ثمّ يختم بالصبح ، ولا يتعيّن في هذا الضابط ترتيب مخصوص.

ولو فاتته صلوات سفر وحضر وجهل الأوّل ، فعلى السقوط يتخيّر ، وعلى اعتبار الترتيب يقضي الرباعيّات من كلّ يوم تماما وقصرا (١) ، انتهى ، فتأمّل جدّا!

قوله : (وجهان).

أقول : وجه وجوب الترتيب عموم قوله عليه‌السلام : «كما فاته» ، ووجه العدم عدم وجوب الترتيب بين الأداء فيهما ، وإنّما اتّفق الفوت مقدّما ومؤخّرا ، أو مقدّما على الحاضرة.

وتردّد المصنّف في المقام ، مع حكمه بعدم الترتيب في السابق ، فيه ما لا يخفى على الفطن.

__________________

(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٩٧ و ٢٩٨.

٣٩١
٣٩٢

٢١١ ـ مفتاح

[وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة]

أكثر القدماء على وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة ، ما لم يتضيّق وقتها ، لظاهر الصحاح (١) ، ومنهم من صرّح ببطلان الحاضرة لو قدّمها مع ذكر الفائتة (٢) ، ومنع السيّد من أكل ما يفضل عمّا يمسك الرمق (٣) ، ومن نوم يزيد على ما يحفظ الحياة ، ومن الاشتغال بجميع المباحات والمندوبات والواجبات الموسّعة قبل القضاء (٤) ، والصدوقان على المواسعة المحضة ، حتّى أنّهما استحبّا تقديم الحاضرة مع السعة (٥) ، للصحاح المستفيضة (٦).

وأكثر المتأخّرين على المواسعة ، واستحباب تقديم الفائتة إلى أن يتضيّق

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٩٠ الحديث ٥١٨٧ و ٨ / ٢٥٥ و ٢٥٦ الحديث ١٠٥٧٢ و ١٠٥٧٦.

(٢) رسائل الشريف المرتضى : ٢ / ٣٦٤ ، المهذّب : ١ / ١٢٦ ، الكافي في الفقه : ١٥٠ ، للتوسّع لاحظ! مختلف الشيعة : ٣ / ٣ ـ ٥.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٦ الحديث ١٠٥٧٦.

(٤) رسائل الشريف المرتضى : ٢ / ٣٦٥.

(٥) نقل عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة : ٣ / ٥ ، المقنع : ١٠٧.

(٦) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٤١ الحديث ٥٠٣٥ ، ٢٨٨ الحديث ٥١٨١ و ٥١٨٢.

٣٩٣

الوقت (١) ، وهو الأصحّ جمعا بين الأخبار ، ودفعا للحرج والعسر ، وعملا بأخبار ونصوص اخر في الباب ، مثل ما دلّ على جواز النافلة لمن عليه فريضة (٢) ونحو ذلك.

ومنهم ؛ من فصّل فأوجب تقديم الفائتة المتّحدة دون المتعدّدة (٣).

ومنهم ؛ من أوجب تقديم الفائتة إن ذكرها في يوم الفوات سواء اتّحدت أو تعدّدت (٤) ، وهما ضعيفان ، ولا دلالة في الصحيح على شي‌ء منهما ، كما ظنّ.

__________________

(١) إيضاح الفوائد : ١ / ١٤٧ ، البيان : ٢٥٧ ، جامع المقاصد : ٢ / ٤٩٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٣ الباب ٦١ من أبواب المواقيت.

(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٩٨.

(٤) مختلف الشيعة : ٣ / ٦.

٣٩٤

قوله : (أكثر القدماء). إلى آخره.

اختلف الأصحاب في وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة ، فذهب جماعة منهم الشيخان ، والمرتضى ، وابن البرّاج ، وأبو الصلاح ، وسلّار ، وابن زهرة ، وابن الجنيد ، وابن إدريس ، إلى الوجوب ما لم يتضيّق وقت الحاضرة (١).

ويظهر ذلك من ابن أبي عقيل أيضا (٢) ، وصرّح أكثرهم ببطلان الحاضرة لو قدّمت مع تذكّر الفائتة ، ومنع المرتضى وابن إدريس من كلّ مباح أو مندوب ، أو واجب موسّع ، ومن النوم إلّا قدر الضرورة قبل إتمام القضاء (٣).

ومنع أبو الصلاح من التعبّد فيه بغير القضاء من فرض حاضر أو نفل (٤).

وذهب ابنا بابويه ـ رضي‌الله‌عنهما ـ إلى عدم الوجوب مطلقا ، بل أمرا بتقديم الحاضرة مع السعة (٥).

وقال ابن حمزة : إن فاتته نسيانا فوقتها حين يذكرها ، إلّا عند تضييق وقت الفريضة ، وإن تركها قصدا جاز له الاشتغال بالقضاء إلى آخر وقت الحاضرة (٦).

ونقل في «المختلف» عن والده ، وأكثر من عاصره من المشايخ جواز فعل

__________________

(١) المقنعة : ٢١١ ، الخلاف : ١ / ٣٨٣ المسألة ١٣٩ ، رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٣٨ ، المهذّب : ١ / ١٢٦ ، الكافي في الفقه : ١٤٩ ، المراسم : ٩٠ ، غنية النزوع : ٩٨ ، نقل عن ابن الجنيد في مختلف الشيعة : ٣ / ٤ ، السرائر : ١ / ٢٧٢.

(٢) نقل عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٣ / ٤.

(٣) رسائل الشريف المرتضى : ٢ / ٣٦٥ ، السرائر : ١ / ٢٧٤.

(٤) الكافي في الفقه : ١٥٠.

(٥) نقل عن والد الصدوق في مختلف الشيعة : ٣ / ٥ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٢ ذيل الحديث ١٠٢٩ ، المقنع : ١٠٧.

(٦) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٨٤.

٣٩٥

الحاضرة في أوّل وقتها ، وأولويّة الاشتغال بالفائتة إلى أن تتضيّق الحاضرة.

ثمّ قال : والأقرب عندي التفصيل ، وهو أنّ الفائتة إن ذكرها في يوم الفوات وجب تقديمها على الحاضرة ما لم يتضيّق وقت الحاضرة ، سواء تعدّدت أو اتّحدت. ويجب تقديم سابقها على لاحقها.

وإن لم يذكرها حتّى يمضي ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أوّل وقتها ، ثمّ يشتغل بالقضاء ، سواء اتّحدت الفائتة أو تعدّدت ، ويجب الابتداء بسابقها على لاحقها. والأولى تقديم الفائتة إلى أن تتضيّق الحاضرة (١).

وأشار بقوله : (سواء اتّحدت أو تعدّدت) ، إلى ردّ قول المحقّق وإن لم يذكره ، وهو أنّه رحمه‌الله ذهب في «الشرائع» و «المعتبر» و «النافع» إلى وجوب تقديم الفائتة المتّحدة دون المتعدّدة (٢).

واختاره صاحب «المدارك» وقال : لنا على وجوب تقديم المتّحدة صحيحة صفوان عن أبي الحسن عليه‌السلام : عن رجل نسي الظهر حتّى غربت الشمس ، وقد كان صلّى العصر ، فقال : «كان أبو جعفر عليه‌السلام أو كان أبي عليه‌السلام يقول : إذا أمكنه أن يصلّيها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها ، وإلّا صلّى المغرب ، ثمّ صلّاها» (٣).

وعلى جواز تقديم الحاضرة مع التعدّد صحيحة عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «إن نام رجل أو نسى أن يصلّي المغرب والعشاء [الآخرة] ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء ، وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح ، ثمّ المغرب ، ثمّ العشاء قبل

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٣ / ٦.

(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٢١ ، المعتبر : ٢ / ٤٠٦ ، المختصر النافع : ٤٦.

(٣) الكافي : ٣ / ٢٩٣ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٩ الحديث ١٠٧٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٩ الحديث ٥١٨٥.

٣٩٦

طلوع الشمس» (١).

ثمّ قال : وهذه الرواية مع صحّتها صريحة في المطلوب ، فإنّ أقلّ مراتب الأمر الإباحة ، و «ثمّ» للترتيب ، ولا يمكن حمله على ضيق الوقت ، لدفعه بقبليّة طلوع الشمس.

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم قال : سألته عن الرجل تفوته صلاة النهار ، قال : «يصلّيها إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء» (٢).

وتؤيّده الأخبار المتضمّنة لاستحباب الأذان والإقامة في الفوائت ، والروايات المتضمّنة لجواز النافلة ممّن عليه فريضة.

كصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتّى آذاه حرّ الشمس ثمّ استيقظ فركع ركعتين ثمّ صلّى الصبح فقال : يا بلال مالك؟ قال : أرقدني الله الذي أرقدك يا رسول الله ، قال : وكره المقام وقال : نمتم بوادي الشيطان» (٣).

قال : والظاهر أنّ الركعتين اللتين صلّاهما أوّلا نافلة الفجر ، كما وقع التصريح به في صحيحة زرارة وغيرها (٤) ، انتهى.

أقول : الظاهر من صحيحة صفوان ، تقديمها على خصوص المغرب ، إن أمكنه التقديم عليها بخصوصها ، وإلّا صلّى خصوص المغرب ، ثمّ صلّاها ، ثمّ صلّى

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٠ الحديث ١٠٧٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٨ الحديث ٥١٨٢.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٥٢ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٣ الحديث ٦٤٠ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٤١ الحديث ٥٠٣٥.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٦٥ الحديث ١٠٥٨ ، الاستبصار : ١ / ٢٨٦ الحديث ١٠٤٩ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٣ الحديث ٥١٧٠ مع اختلاف يسير.

(٤) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٩٩.

٣٩٧

العشاء.

وحمل المغرب على مجموع العشاءين ، توجيه لا يناسبه الاستدلال ، لعدم انحصار التوجيه فيه.

مع أنّه إذا تضمّن الرواية ما لا يقول به أحد من الفقهاء ، يجعل صاحب «المدارك» ذلك مانعا عن الاستدلال بها ، مع أنّ التوجيه بحمل الوقت على وقت الفضيلة أولى من ذلك التوجيه ، كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في أوقات الصلوات والفتاوى فيها.

مع أنّه رحمه‌الله حمل صحيحة زرارة الآتية على ذلك (١) ، فلاحظ!

مع أنّه لا يظهر من صحيحة صفوان كون الحكم المذكور فيها مختصّا بالفائتة الواحدة بشرط كونها واحدة ، لأنّ السائل سأل عن نسيان الظهر ، فأجابه المعصوم عليه‌السلام بما أجاب.

وليس فيها إشعار أيضا ، كما أنّه ليس فيها إشعار بخصوصيّة الظهر عند المحقّق أيضا ، والسؤال وقع عنها خاصّة ، والخلاف إنّما وقع عن المحقّق على ما يظهر (٢) ، فالسؤال عن شي‌ء ليس فيه دلالة ولا إشعار باختصاص الحكم به ، كما أنّه ليس في صحيحة عبد الله بن سنان دلالة ، ولا إشعار باشتراط التعدّد.

مع أنّ الروايات الواردة في هذا الباب الصحيحة وغيرها ، ظاهرة في عدم التفاوت ، كما أنّ الفتاوى صريحة في العدم.

مع أنّ مستند أكثر القدماء في غاية الصحّة ، ووضوح الدلالة في عدم الفرق بين الواحدة والمتعدّدة ، وهو كغيره من المتأخّرين يحملونه على الاستحباب (٣) ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٥ الحديث ٥١٧٥ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٤٢٢.

(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٢١.

(٣) المختصر النافع : ٤٦ ، المعتبر : ٢ / ٤٠٦ ، التنقيح الرائع : ١ / ٢٦٨ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ٤١٦.

٣٩٨

فيقتضي كون الأمر كذلك في الواحدة والمتعدّدة جميعا.

مع أنّ الأصل عدم التعارض بينه وبين صحيحة صفوان ، وربّما كان الظاهر أيضا كذلك.

وأمّا صحيحة ابن سنان ؛ فإنّها تضمّنت الأمر بتقديم الحاضرة ، كما هو الظاهر من كلام الصدوقين ، وما ذكرت من أنّ أقلّ مراتب الأمر الإباحة ، فيه ما فيه ، فإنّه حقيقة في الوجوب.

وعلى فرض المانع عن الحقيقة ، فأقرب المجازات متعيّن ، كما نسب هو إلى الصدوقين ، وإرادة الكراهة من هذا الأمر ، بل الأوامر المتعدّدة فيها في غاية الظهور من الفساد ، لأنّ كلّا منهما بعبارة «فليفعل» الظاهرة في تأكيد الأمر بالفعل.

وأين هذا من رجحان الترك؟ مع أنّ ظاهرها بقاء وقت العشاءين إلى الصبح ، وقد عرفت في مبحث الأوقات فساد ذلك ، وأنّ البقاء إليه مذهب العامّة (١).

وأمّا صحيحة صفوان (٢) ؛ فلا وجه لتوجيهها وتأويلها بوجه بعيد حتّى تصير معارضة لصحيحة زرارة وغيرها ، ممّا هو مستند القائل بالترتيب مطلقا ، وستعرفها.

مع أنّ إبقاءها على ظاهرها حتّى تكون موافقة لهما أولى من تأويلها ، وتأويل صحيحة ابن سنان أيضا حتّى يتوافقان ، مع ما عرفت ما في التمسّك بها من وجوه الضعف والفساد.

وبالجملة ؛ يظهر منهما عدم التفاوت أصلا ، ولم يظهر من هذين الصحيحين

__________________

(١) لاحظ! المغني لابن قدامة : ١ / ٢٣١.

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٨٩ الحديث ٥١٨٥.

٣٩٩

إشارة إلى التفاوت ، فضلا عن الدلالة ، فضلا عن التزام تأويل كلّ منهما بتأويل بعيد ، مضافا إلى التزام مفاسد اخر.

وأعجب من الكلّ دعوى الصراحة في المطلوب ، مع أنّ الأمر عنده أيضا حقيقة في الوجوب (١) ، كما هو عند المعظم (٢).

مع أنّ كون «ثمّ» للترتيب ، ليس بأولى من كون الأمر للوجوب في هذه الصحيحة وصحيحة زرارة وغيرهما ، وغير ذلك من المفاسد الكثيرة التي ارتكبها ـ ذكرنا كثيرا منها وسنذكر كثيرا اخر ـ مع ورود «ثمّ» في أخبارنا في غير الترتيب كثيرا.

وأمّا صحيحة ابن مسلم (٣) ، فالظاهر منها نوافل النهار ، كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في قضاء النوافل وغيرها من الأخبار ، إذ يظهر أنّ عبارة صلاة النهار مثل عبارة صلاة الليل ، فكما أنّ الثانية ظاهرة في نافلة الليل بلا تأمّل ولا شبهة ، فكذلك الاولى ، فالثانية أيضا من مؤيّدات الاولى.

مع أنّ في بعض النسخ : صلاة الليل مكان صلاة النهار.

على أنّه مرّ في حاشيتنا على قول المصنّف لآية المسارعة ما ينبّهك على ما في المقام (٤) ، فلاحظ!

وقوله : (وتؤيّده). إلى آخره.

فيه أيضا ما فيه ، إذ لو كان فيه تأييد لكان مؤيّدا للقول بعدم لزوم الترتيب مطلقا ، أو وجوب تقديم الحاضرة ، ففيها تأييد لبطلان مختاره.

__________________

(١) مدارك الأحكام : ١ / ٦١ ، ٢ / ٨٤.

(٢) معالم الدين في الاصول : ٤٦ ، الوافية : ٦٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٢٤١ الحديث ٥٠٣٥.

(٤) راجع! الصفحة : ٣٨١ و ٣٨٢ من هذا الكتاب.

٤٠٠