مصابيح الظلام - ج ٩

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٩

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-9-4
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٠٩

قوله : (وأوجبها). إلى آخره.

قد مرّ ذلك أنّ الشيخ وأبا الصلاح وافقه (١) ، وأنّ مستندهم عموم المنع من التكلّم في أثناء الصلاة على ما قال في «المنتهى» و «التذكرة» ، وأجاب بأنّ الخاصّ مقدّم (٢).

نعم ؛ في «المدارك» لم يشر إلى مستندهم (٣) ، فلذا قال المصنّف : لم أجد مستندا لهم.

وأمّا مستند من خصّص وجوب الإعادة بغير الرباعيّة ما سيجي‌ء من أنّ الثنائيّة والثلاثيّة يبطلها كلّ سهو تعلّق بهما ، وسيجي‌ء الجواب عنه بالنسبة إلى أمثال المقام ، فلاحظ!

__________________

(١) النهاية للشيخ الطوسي : ٩٠ ، الكافي في الفقه : ١٤٨ ، راجع! الصفحة : ١١٦ من هذا الكتاب.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٣١١ و ٣١٢ المسألة ٣٤٠ ، منتهى المطلب : ٥ / ٢٨٧ و ٢٨٨.

(٣) لاحظ! مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٥.

١٢١
١٢٢

١٩٩ ـ مفتاح

[مواضع سجدتي السهو]

من شكّ بين الأربع والخمس سجد سجدتي السهو ، بلا خلاف للصحاح (١) وكذا إذا لم يدر زاد في الصلاة أم نقص قاله الصدوق (٢) للصحاح (٣) ، وكذا إذا لم يدر زاد ركوعا أم نقصه ، أو زاد سجدة أم نقصها ، وكان قد تجاوز محلهما قاله المفيد (٤) ، لإطلاق تلك الصحاح ، وكذا إذا قام أو قعد في غير محلّهما قاله جماعة منهم السيّد والصدوق (٥) للموثّق وغيره (٦).

وفي كلّ زيادة ونقصان حكاه الشيخ عن بعض أصحابنا (٧) وله الخبر (٨) ، وأنّ وجوبهما للشكّ في ذلك يستلزمه بالطريق الأولى ، وربّما يحمل على

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٦ و ١٠٤٨٥ و ١٠٤٨٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ ذيل الحديث ٩٩٣ ، أمالي الصدوق : ٥١٣ المجلس ٩٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ و ٢٢٥ الحديث ١٠٤٨٤ و ١٠٤٨٦ و ١٠٤٨٨.

(٤) المقنعة : ١٤٧.

(٥) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٣٧ ، أمالي الصدوق : ٥١٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ ذيل الحديث ٩٩٣.

(٦) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٠ الحديث ١٠٥٦٢ و ١٠٥٦١.

(٧) الخلاف : ١ / ٤٥٩ المسألة ٢٠٢.

(٨) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥١ الحديث ١٠٥٦٣.

١٢٣

الاستحباب (١).

وكذا إذا سلّم في غير موضعه نسيانا ، قاله جماعة (٢) ، ولم نجد له مستندا يعتدّ به.

نعم ؛ يمكن إلحاقه بالتكلّم أو الزيادة.

فهذه مواضع سجدتي السهو ، مضافا إلى ما مرّ من نسيان السجدة الواحدة والتشهّد الأوّل إلى أن يركع والتكلّم ناسيا.

وتسمّيان بالمرغمتين لإرغامهما الشيطان.

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٣٨١.

(٢) غنية النزوع : ١١٣ ، المعتبر : ٢ / ٣٨١ ، منتهى المطلب : ٧ / ٦٨.

١٢٤

قوله : (للصحاح). إلى آخره.

أقول : هي صحيحة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهّد وسلّم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة يتشهّد فيهما تشهّدا خفيفا» (١).

وصحيحة عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام قال : «إذا كنت لا تدري أربعا صلّيت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ، ثمّ سلّم بعدهما» (٢).

وصحيحة أبي بصير عنه عليه‌السلام مثله (٣) ، وزاد : «وأنت جالس» بعد قوله : «بعد تسليمك».

وفي الاستدلال بهذه الصحاح مناقشة من صاحب «المدارك» ومن وافقه ، مثل المصنّف وغيره ، وفي المقام استندوا إليها من دون مناقشة أصلا.

والانجبار بفتوى الأصحاب (٤) لا ينفع عندهم أيضا.

ووجه مناقشتهم أنّ الاولى تضمّنت قوله : «أم زدت أم نقصت» وستعرف حاله.

والثانية في الطريق محمّد بن عيسى عن يونس.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٠ الحديث ١٠١٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٦ الحديث ٧٧٢ ، الاستبصار : ١ / ٣٨٠ الحديث ١٤٤١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٦.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٥٥ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٥ الحديث ٧٦٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٣.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٥٥ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٥.

(٤) في (د ١) : بفتوى الأكثر.

١٢٥

والثالثة فيه أبو بصير ، وهو مشترك عندهم بين الثقة والضعيف (١).

والحقّ عدم توجّه المناقشة ، لما عرفت من كون أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام مشتركا بين الثقات أو ثقتين.

ومحمّد بن عيسى ثقة على المشهور والأظهر ، من دون غبار فيه.

ويونس ثقة ، وممّن أجمعت العصابة (٢) وفي غاية الجلالة. وتضمّن الرواية ما يحتاج إلى توجيه لا يضرّ بالباقي.

والمستفاد من هذه الصحاح أنّ الشكّ إذا وقع بعد إكمال السجدتين يكون الحكم فيه وجوب سجدتي السهو من دون حاجة إلى تدارك آخر.

وإنّما قلنا المستفاد منها كذلك ، لأنّ قوله عليه‌السلام : «صلّيت» صيغة ماض ، والركعة اسم لمجموع الأجزاء وظاهر فيه ، ومن الأجزاء السجدتان بتمامهما.

وينادي بذلك أيضا قوله عليه‌السلام في الصحيحة الاولى : «فتشهّد وسلّم واسجد». إلى آخره.

ويؤيّده أيضا عليه‌السلام في الصحيحتين الأخيرتين : «فاسجد سجدتي السهو وبعد تسليمك» ، إذ الأوّل في غاية الظهور في كون الشكّ بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة ، كما هو الظاهر من قوله عليه‌السلام : «صلّيت أربعا أو خمسا» والحقيقة كما قلنا ، إذ لو كان قبله لما كان للأمر بخصوص التشهّد من دون تعرّض للأمر بغيره أصلا ورأسا وجه.

ولو كان قبله خاصّة لكان اللازم الأمر بما بقي لا بعض ما بقي ، ولو كان أعمّ من البعد والقبل لكان اللازم الأمر بإتيان ما بقي على وجه العموم.

__________________

(١) لاحظ! مدارك الأحكام : ٦ / ٩٦ و ٩٧ ، ذخيرة المعاد : ٥٠٢.

(٢) رجال الكشّي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.

١٢٦

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ كون الشكّ بعد التشهّد أيضا لعلّه أظهر وأوفق بالعبارة ، فتأمّل!

وأمّا إذا وقع الشكّ قبل إكمال السجدتين ؛ فلم يظهر حكمه منها ، سيّما إذا وقع الشكّ في الركوع أو ما بين الركوع والسجود ، أو في السجدة الاولى ، أو ما بين السجدتين ، وأبعد من الكلّ الشكّ قبل الركوع ، فقول المصنّف : (من شكّ بين الأربع والخمس سجد سجدتي السهو بلا خلاف للصحاح) ، فيه ما فيه.

قال في «المدارك» : اعلم! أنّ الشكّ بين الأربع والخمس إمّا أن يقع بعد السجدتين أو بينهما ، أو قبلهما بعد الركوع ، أو قبله ، فالصّور أربع :

الاولى : أن يقع الشكّ بعد السجدتين ، ويجب عليه الإكمال وسجدتا السهو ، لما سبق.

الثانية : أن يقع الشكّ بين السجدتين وحكمه كالأولى ، واحتمل في «الذكرى» البطلان في هذه الصورة ، لعدم الإكمال وتجويز الزيادة (١) ، وهو ضعيف (٢) ، انتهى.

أقول : الصورة الثانية هي كون الشكّ في أثناء السجدة الثانية ، لما عرفت من عدم إتمام الركعة ما لم يتمّ السجدتان وما لم يتمّ لم يظهر حكمه من الصحاح ، لعدم الإكمال ـ كما صرّح به الشهيد (٣) ـ حتّى ثبت حكمه منها.

وتجويز الزيادة مضرّ البتّة ، لعدم تحقّق الامتثال العرفي والإطاعة التي هي الإتيان بما امر به على وجهه والنحو الذي امر به.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٤ / ٧٩.

(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٧٧.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ٧٩.

١٢٧

وأصالة عدم الزيادة مع كونها استصحاب العدم الأصلي ـ وهو لا يقول بحجّية الاستصحاب أصلا ـ لا يجري في ماهيّة العبادات ، كما حقّق وسلّم في محلّه.

مع أنّه لو كان يجري ، لما كان الحقّ في طريقة الشيعة من كون البناء في الشكّ في الركعات على الأكثر ، بل يجعل الحقّ هو طريقة العامّة ، وهي كون البناء على الأقلّ مطلقا.

مع أنّه لو كان المستند في الصورة الثانية هو الأصل ، لما كان سجدتا السهو واجبتين فيها بمقتضى الأصل ، وهو صرّح بوجوبهما فيها ، حيث قال : وحكمها كالأولى ، على أنّه ستعرف أنّ البناء ليس على الأصل البتّة ، وإدخالها في مضامين الصحاح ، فيه ما فيه ، لأنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة ، والمجاز يتوقّف على القرينة ، وهي في المقام منتفية.

وجعل لفظ الركعة أو ما يؤذي مؤدّاه من قوله : خمسا وأربعا ، حقيقة في بعض أجزاء الركعة ، فيه ما فيه.

نعم ؛ أكثر الأجزاء يطلق عليه ، إلّا أنّه مجاز بلا شبهة ، سلّمنا عدم ثبوت المجازيّة ، لكن ثبوت الحقيقة من أين؟

ثمّ قال رحمه‌الله : الثالثة أن يقع الشكّ بين الركوع والسجود ، وقد قطع العلّامة في جملة من كتبه في هذه الصورة بالبطلان (١) لتردّده بين محذورين : الإكمال المعرض للزيادة والهدم المعرض للنقيضة.

وحكى الشهيد في «الذكرى» عن المصنّف (٢) في الفتاوى أنّه قطع بالصحة ، لأنّ تجويز الزيادة لا ينفي ما هو ثابت بالأصالة ، إذا الأصل عدم الزيادة ، ولأنّ تجويز الزيادة لو منع لأثر في جميع صوره (٣).

__________________

(١) منتهى المطلب : ٧ / ٦٥ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٣٤٧ المسألة ٣٥٧ ، نهاية الإحكام : ١ / ٥٤٣.

(٢) أي المحقّق صاحب الشرائع.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ٧٩.

١٢٨

ثمّ قال : وهو قويّ متين ، ومتى قلنا بالصحّة وجبت السجدتان تمسّكا بالإطلاق.

ثم قال : الرابعة أن يقع الشكّ قبل الركوع سواء كان قبل القراءة أو في أثنائها أو بعدها ، ويجب عليه أن يرسل نفسه ويحتاط بركعتين جالسا ، لأنّه شكّ بين الثلاث والأربع (١) ، انتهى.

أقول : قد عرفت عدم جريان الأصل في أمثال المقام (٢) ، مع أنّه لو كان يجري لفسد ما ذكره في الصورة الرابعة البتّة ، لعدم نصّ ولا إجماع في الإرسال ، وإبطال ما هو الصحيح وغير الزائد بمقتضى هذا الأصل.

والفرق بين الركن وغيره في مقتضى هذا الأصل واضح الفساد ، فلا بدّ من الإتمام ، كما سنذكره عن جمع.

وأيضا لو كان يجري لكان هو المعيار ، ولم يكن الحكم المذكور من خصائص الشكّ بين الأربع والخمس ، كما هو الظاهر من النصوص والفتاوى ولذا لم يجروا ذلك في الشكّ بين الثنتين والخمس والسبع ، والثلاث والثمانية ، إلى غير ذلك من الفروض ممّا لا يحصى عددا ، ولذا صدر عن العلّامة والشهيد وغيرهما ما صدر في غير الصورة الاولى (٣).

وفي «المختلف» نسب القول بأن ما زاد على الخمس حكمه حكم الخمس في المقام إلى خصوص ابن أبي عقيل ، وجعله محتملا ، ووجوب الإعادة احتمالا آخر

__________________

(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٧٧ و ٢٧٨.

(٢) راجع! الصفحة : ١٢٨ من هذا الكتاب.

(٣) تذكرة الفقهاء : ٣ / ٣٤٧ المسألة ٣٥٧ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٧٩ ـ ٨٠ ، للتوسّع لاحظ! الحدائق الناضرة : ٩ / ٢٤٧ ـ ٢٥٢.

١٢٩

لأنّ حمله على الخمس قياس (١).

نعم ، بعض المتأخّرين وافق ابن أبي عقيل (٢).

هذا ، مع ما عرفت من كون طريقة الشيعة البناء على الأكثر (٣) ، حتّى أنّ بعضهم تأمّل في هذه الصحاح من هذه الجهة ، كما سنشير إليه.

وما ذكره من أنّ تجويز الزيادة لو منع لأثّر في جميع صوره ، فيه ما فيه. لأنّ ما ثبت من النصوص هو الأصل المرعي في المقام ، ولذا هو وغيره من الفقهاء استندوا إلى النصوص ، بل غيره من الفقهاء لم يستند إلّا إليها سوى القليل ، ولم يعتبروا أصل العدم أصلا.

بل حقّق في الاصول ، وسلّم عند جميع الفحول ، من علماء المعقول والمنقول ، عدم جريان الأصل في ماهيّة الامور التوقيفيّة ، سيّما ماهيّة العبادة ، من جهة المعارضة بالمثل وغير المثل ، والتوقّف على النصّ وغير ذلك من الاصول ، ووجوب تحصيل الامتثال العرفي والإتيان بالمأمور به على وجهه ، وغير ذلك من الأدلّة ، وحقّقت ذلك في «الفوائد الحائريّة» في مواضع متعدّدة (٤) ، فلاحظ!

وما ذكره من وجوب السجدتين تمسّكا بالإطلاق ، فيه ما فيه ، لغاية ظهور عدم شموله للشكّ بين الركوع والسجود وأمثاله ، وعلى فرض الشمول فالإطلاق حجّة لا أصل العدم ، إذ بعد وجود النص المعتبر لم يتأمّل أحد في الصحّة ، ولم يستشكل جاهل في احتمال الزيادة فضلا عن العالم ، فضلا عن أعلم العلماء.

ومع ذلك لا وجه لدفع الإشكال بكون الأصل هو العدم ، من دون التمسّك

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩١ و ٣٩٢.

(٢) لاحظ! ذخيرة المعاد : ٣٨٠ ، الحدائق الناضرة : ٩ / ٢٥٥.

(٣) راجع! الصفحة : ١٢٨ من هذا الكتاب.

(٤) الفوائد الحائريّة : ٢٥٠ الفائدة ٢٤ ، ٤٧٧ الفائدة ٣٠.

١٣٠

بالنص المعتبر المسلّم ، سيّما عند ذلك المستشكل أيضا بخصوصه ، وجعله مناط حكمه في المقام بلا شائبة تأمّل.

ومع ذلك لو تمّ ما ذكره من الإطلاق يشمل الصورة الرابعة أيضا ، كما لا يخفى ، مضافا إلى أنّك اعتبرت أصل العدم وجعلته الحجّة فيما لا نصّ فيه ، وحجّة فيما فيه نص ، فلم أدخلته في صورة الشكّ بين الثلاث والأربع؟ لأنّ المتبادر ممّا ورد في النصّ فيها غير هذه الصورة بلا خفاء ، ولذا لم يحكم بسجدتي السهو ، للقيام المهدوم والامور الزائدة لا وجوبا ولا استحبابا.

وبالجملة ، لو اكتفى ببعض الركعة لصدق الإطلاق ، لا جرم يكون الرابعة أيضا داخلة في الشكّ بين الأربع والخمس المذكور في الصحاح ، كما اختاره بعض المتأخّرين المعاصرين لنا (١) ، وهو الظاهر من المصنّف وغيره ممّن وافقه في كيفيّة بيان حكم الشكّ في الفريضة ، وإن لم يكتف به واعتبر الكلّ ـ كما هو الظاهر ـ فسد جميع ما ذكره في الثانية والثالثة ، وإن اكتفى بالأكثر فمع أنّه أيضا فاسد بلا خفاء ، فلا وجه لما ذكره في الثالثة.

فظهر ممّا ذكرنا فساد ما ادّعاه المصنّف من عدم الخلاف ، مع أنّه حكى الشهيد في «الدروس» عن الصدوق أنّه أوجب في الشكّ بين الأربع والخمس الاحتياط بركعتين جالسا (٢).

وفي «المدارك» : وهو بعيد جدّا ، وأوّل كلامه بالشكّ قبل الركوع (٣) ، انتهى.

أقول : الذي يظهر من «الفقيه» أنّ هذا الحكم منه في صورة العلم بزيادة

__________________

(١) لاحظ : الحدائق الناضرة : ٩ / ٢٥٠.

(٢) الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٠٣ ، لاحظ! المقنع : ١٠٣.

(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٧٧.

١٣١

الركعة ، والشكّ في أنّه جلس عقيب الرابعة أم لا (١).

وأمّا فتواه في سجدة السهو فيما نحن فيه فعدم الوجوب ، كما نسب إليه في «المختلف» (٢).

بل صرّح هو في «الفقيه» وفي «الأمالي» ، إذ قال : ولا يجب سجدتا السهو إلّا على من قعد حال قيامه ، أو قام حال قعوده ، أو ترك التشهّد ، أو لم يدر زاد أم نقص (٣) ، انتهى.

بل في «الأمالي» جعل ذلك من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به ، فظهر منه أنّ القول بعدم الوجوب كان هو المعروف عند الشيعة ، بل المأخوذ من دين الإماميّة ، بحيث يجب الإقرار به.

وقال ابن إدريس في سرائره : إن شكّ وهو قائم ، هل قيامه الذي فيه للركعة الرابعة أو الخامسة؟ فإنّه يجب عليه الجلوس من غير ركوع ، فإذا جلس تشهّد وسلّم قام فصلّى ركعة احتياطا.

ولا يجوز أن يركع حال قيامه ، لأنّه لا بأس أن يكون قد صلّى أربعا فيكون ركوعه زيادة فتفسد صلاته. إلى أن قال : فإن قيل : لم لا يجزيه سجدتا السهو؟ قلنا : مواضع سجدتي السهو محصورة مضبوطة ، وليس هذا واحدا منها (٤) ، انتهى.

ويظهر من كلامه أنّ نفي سجدة السهو في الشكّ بين الأربع والخمس قبل الركوع كان مشهورا معروفا بين الشيعة ، كما ظهر من «الأمالي» أنّ عدم وجوبهما في الشكّ بين الأربع والخمس مطلقا هو المعروف بين الشيعة.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٩ الحديث ١٠١٧.

(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ٣٩١ ، لاحظ! المقنع : ١٠٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ ذيل الحديث ٩٩٣ ، أمالي الصدوق : ٥١٣ المجلس ٩٣.

(٤) السرائر : ١ / ٢٥٦ و ٢٥٧.

١٣٢

ويظهر من «المختلف» أنّ معظم القدماء لم يكونوا قائلين بوجوبهما فيه مطلقا منهم المفيد في «الرسالة الغريّة» فإنّه حكم فيها بالإتيان بسجدتي السهو في ترك التشهّد الأوّل سهوا ولم يذكر إلّا بعد ما ركع ، وفي التكلّم في الصلاة ناسيا ، وفي الشكّ في الصلاة في صورة خاصّة ، وهي أنّه لم يدر أزاد سجدة أم نقص أو زاد ركوعا أم نقص.

ثمّ قال : وليس لسجدتي السهو موضع في الصلاة إلا في هذه الثلاثة المواضع والباقي مطرح أو متدارك بالجبران ، أو فيه إعادة (١) ، انتهى.

وفي «المقنعة» عدّ ثلاثة مواضع يجب فيها سجدتا السهو.

السهو عن السجدة حتّى يفوت محلّها ، والسهو عن التشهّد الأوّل كذلك ، والتكلّم ناسيا (٢) ، ولم يذكر شيئا آخر أصلا.

و «المقنعة» ألّفها لعامّة الناس أن يعملوا بها ، كما لا يخفى على المطّلع.

فلو كان عنده موضع آخر يجب فيه سجدتا السهو لذكرها قطعا ، كما ذكر الثلاثة ، وإلّا لكان مقصّرا.

مع أنّه ذكر فيه آداب لا تحصى ، كثير منها لا تأكيد في استحبابها ، بل ربّما كان مجرّد أدب ، وربّما كان منها قلّما يحتاج إليه.

مع أنّه من المسلّمات أنّ فقيها إذا لم يذكر شيئا في كتاب فقهه لم يكن قائلا به ، ولذا نسبوا في كتب الاستدلال كثيرا من الفقهاء إلى ذلك.

ومنهم الشيخ في «الخلاف» حيث حصر وجوبهما في أربعة مواضع ، الثلاثة المذكورة في «المقنعة» ، والتسليم في غير موضعه سهوا ، وصرّح هو أيضا بعدم

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٤١٩ و ٤٢٠.

(٢) المقنعة : ١٤٧ و ١٤٨.

١٣٣

وجوبهما فيما عدا ذلك (١).

ومنهم الصدوق في «المقنع» وغيره (٢) أيضا ، ومنهم والد الصدوق (٣) ، ومنهم سلّار (٤) ، ومنهم أبو الصلاح (٥).

ثمّ شرع في نقل مختاره في جميع ما هو محلّ النزاع (٦) وإثباته وردّ قول الخصم (٧).

وقال في جملة ذلك : الخامس من شكّ بين الأربع والخمس ، يجب عليه السجدتان.

واستدلّ برواية عبد الله بن سنان السابقة (٨) ، وعدّها من الحسان ، فتأمّل!

ثمّ قال : احتجّ المانع بأصالة براءة الذمّة ، وأجاب بأنه يخالف مع قيام المنافي (٩).

وفي «الذخيرة» أيضا نسب إلى الفقهاء المذكورين القول بعدم الوجوب (١٠).

فمع جميع ما عرفت كيف ادّعى المصنّف عدم الخلاف في ذلك.

بل عرفت أنّ المشهور عند القدماء لم يكن وجوبهما في المقام ، فتأمّل!

__________________

(١) الخلاف : ١ / ٤٥٩ المسألة ٢٠٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ ذيل الحديث ٩٩٣ ، المقنع : ١٠٩ و ١١٠ مع اختلاف ، أمالي الصدوق : ٥١٣.

(٣) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ٤٢٢.

(٤) المراسم ، ٨٩ و ٩٠.

(٥) الكافي في الفقه : ١٤٨ و ١٤٩.

(٦) في (د ١) و (ك) : الخلاف.

(٧) مختلف الشيعة : ٢ / ٤٢١ ـ ٤٢٧.

(٨) الكافي : ٣ / ٣٥١ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٣.

(٩) مختلف الشيعة : ٢ / ٤٢٥.

(١٠) ذخيرة المعاد : ٣٧٩.

١٣٤

بل ظهر ممّا ذكرنا كون المشهور عندهم عدم الوجوب ، وأنّ مستندهم على ما في «المختلف» أصالة البراءة (١) ، فظهر من هذا ظهورا تامّا أنّ الصحاح التي أشار إليها المصنّف لم تكن حجّة عند القدماء أصلا ، ولذا استندوا إلى أصالة البراءة.

وهذا يؤكّد تأكيدا تامّا ما ذكرنا عن بعض الفقهاء من تأمّله في الصحاح المذكورة (٢) ، وستعرف ما يؤكد أيضا.

ويظهر ممّا ذكرنا من «الرسالة الغريّة» عدم صحّة الصلاة أيضا (٣) ، كما هو الظاهر من جمع من الفقهاء على حسب ما سنذكر.

قوله : (قاله الصدوق). إلى آخره.

أقول : قد ذكرنا عبارته الصريحة في ذلك من «الفقيه» و «الأمالي» ، بل عرفت أنّه جعله من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به (٤).

ولا يخفى أنّ المستفاد من العبارة المذكورة أنّ كلّ واحد من الزيادة والنقيصة يكون طرفي شكّه ، ويكون شكّه في أنّه هل وقع منه الزائد أم الناقص ، وليس المراد كون كلّ واحد منهما شكّا برأسه ، كما توهّم بعض الفقهاء ، فجعل المراد أنّه لا يدري أنّه زاد أم لا ، ويكون شكّا برأسه ، أو نقص أم لا ، ويكون هذا أيضا شكّا برأسه ، ولذا استدلّ بوجوب سجدتي السهو للشكّ في الزيادة أو النقيصة على وجوبهما لليقين بالزيادة أو النقيصة بطريق أولى (٥) ، كما ستعرف.

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٤٢٥.

(٢) راجع! الصفحة : ١٣٠ من هذا الكتاب.

(٣) راجع! الصفحة : ١٣٣ من هذا الكتاب.

(٤) راجع! الصفحة : ١٣٢ من هذا الكتاب.

(٥) لاحظ! المهذّب البارع : ١ / ٤٤٦ و ٤٤٧.

١٣٥

وفي «الذخيرة» قال : ذهب المصنّف إلى وجوب سجدتي السهو لكلّ شكّ في زيادة أو نقيصة (١) ، وهو ظاهر ما نقله الشيخ في «الخلاف» عن بعض الأصحاب (٢) ، وكلام الصدوق (٣) ، فإنّه قال ، ونقل عبارته الصريحة فيما ذكره المصنّف ، ثمّ قال : ويحتمل أن يكون مراده زيادة الركعة ونقصانها ، وتبع المصنّف الشارح الفاضل (٤) ، والمشهور بين الأصحاب عدم الوجوب (٥) ، انتهى.

وممّا ذكرنا ظهر التأمّل فيما ذكره ، مع أن ما ذكره من الاحتمال الثاني لكلام الصدوق لا وجه له أصلا.

ويظهر من كلامه وجود قائل بوجوبهما لكلّ شكّ في زيادة أو نقيصة من القدماء ، ووافقه العلّامة والشهيد الثاني (٦).

ولم يشر المصنف إلى هذا القول أصلا ، إلّا أن يكون مراد المصنّف ممّا ذكره ونسبه إلى الصدوق هو هذا القول ، بقرينة ما سيذكر بعد ذلك من قوله : وإنّ وجوبهما للشكّ في ذلك يستلزمه بالطريق الأولى ، إذ يظهر منه رضاه به ، حيث عطفه على قوله : (وله الخبر) ، فتدبّر!

وعلى هذا يرد عليه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّه لا وجه لنسبته إلى خصوص الصدوق ولا لاختياره له ، حيث حكم بوجوبهما له واستدلّ عليه بالصحاح ، وسكت ، إذ الأخبار الدالّة على أنّ من شكّ في شي‌ء وهو في محلّه أتى من دون

__________________

(١) لاحظ! تذكرة الفقهاء : ٣ / ٣٤٩ المسألة ٣٦٠ ، نهاية الأحكام : ١ / ٥٤٧.

(٢) الخلاف : ١ / ٤٥٩ المسألة ٢٠٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ ذيل الحديث ٩٩٣.

(٤) روض الجنان : ٣٥٣ و ٣٥٤.

(٥) ذخيرة المعاد : ٣٨١.

(٦) مختلف الشيعة : ٢ / ٤٢٥ و ٤٢٦ ، روض الجنان : ٣٥٣ و ٣٥٤.

١٣٦

سجدة سهو ، وإذا تجاوز مضى وصحّ صلاته من دون سجدتي السهو (١) ، في غاية الكثرة والاعتبار ، والصحّة والقبول بلا شبهة.

وأمّا الشكّ في زيادة الركعة ، فليس فيه سجدتا السهو إلّا في الشكّ بين الأربع والخمس ، ومع ذلك عرفت ما فيه وستعرف أيضا.

وأمّا الشكّ في زيادتها في الثنائيّة والثلاثيّة فمبطل للصلاة بلا تأمّل ، كما ستعرف ، وكذلك الشكّ في بعضها فيهما.

وأمّا في الرباعيّة فأحكامه معروفة مضبوطة ، وستعرفها.

وكلها خالية عن وجوب سجدة السهو ، كما ستعرف أيضا ، فمع جميع ما عرفت كيف يجوز القول بوجوب سجدتي السهو لكلّ شكّ في زيادة أو نقيصة ، بل لا يبقي شبهة في بطلانه.

نعم ، ما ظهر من الصحاح وفتوى الصدوق لم يظهر من حديث خلافه ، وإن كان فرضه فرضا نادرا.

قوله : (للصحاح). إلى آخره.

أقول : هي صحيحة الحلبي السابقة (٢) ، وكصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا شكّ أحدكم في صلاته فلم يدر أزاد أم نقص ، فليسجد سجدتين وهو جالس ، وسمّاهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمرغمتين» (٣).

وصحيحة الفضيل ـ على الظاهر ـ عن الصادق عليه‌السلام قال : «من حفظ سهوه وأتمّه فليس عليه سجدتا السهو ، إنّما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٧ الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٦.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٥٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٤.

١٣٧

منها» (١).

وقويّة سماعة أو موثّقته قال : قال : «من حفظ سهوه» (٢). إلى آخر ما نقلناه عن صحيحة الفضيل.

وحمل هذه الصحاح على الاستحباب جمعا بين الأخبار (٣).

أقول : قد عرفت أنّه لا معارض لما يظهر منها.

نعم ، لمّا كان ظواهرها من الفروض البعيدة حملت على أنّ المراد الشكّ في الزيادة في أنّه زاد أم لا ، أو الشكّ في النقيصة ، في أنّه هل نقص أم لا.

فعلى هذا تعيّن حملها على الاستحباب ، لما عرفت من تواتر الأخبار في عدم وجوب سجدتي السهو لذلك.

بل لعلّه كاد أن يشكل الحكم بالاستحباب أيضا ، من جهة أنّ الفقهاء يفتون هكذا : من شكّ في شي‌ء ولم يتجاوز عن محلّه أتى به ، وإن تجاوز فشكّه ليس بشي‌ء ، أو ليس عليه شي‌ء من دون إشارة إلى استحباب سجدتي السهو ، ومنهم المصنّف في هذا الكتاب ، كما مضى في محلّه.

مع أنّ المعصوم عليه‌السلام في جميع هذه المواضع المتواترة كيف لم يتعرّض في موضع منها ، وواحد من جملتها إلى استحباب سجدتي السهو ، سيّما مع ذكره في هذه الصحاح بالنحو الذي عرفت من قوله : «فليسجد سجدتين».

وقوله عليه‌السلام في صحيحة الحلبي : «إذا لم تدر أربعا صلّيت أم خمسا أم نقصت أم زدت ، فاسجد سجدتي السهو» (٤) وجعل الأمر بهما لهما أمرا واحدا وهو في غاية

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٠ الحديث ١٠١٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٥ الحديث ١٠٤٨٨.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٥٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٩ الحديث ١٠٥٣١.

(٣) ذخيرة المعاد : ٣٨١.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٩٦ الحديث ٧٧٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٦.

١٣٨

الظهور في اتّحاد حالهما فيهما.

وقوله عليه‌السلام : «من حفظ سهوه وأتمّه فليس عليه سجدتا السهو» (١) أي لم يجب ، بدلالة لفظ «على» ، ثمّ حصره عليه‌السلام : «إنّما السهو على من لم يدر». إلى آخره.

مع أنّه لعلّ المراد من «حفظ السهو» أنّه أتى بما شكّ فيه وهو في محلّه ، لا أنّه جاء بباله وخاطره وما نسيه.

ومعلوم أنّه إذا شكّ وهو في محلّه وأتى بالمشكوك فيه هو شاكّ في الزيادة البتّة.

وبالجملة ، لم يتعرّض المعصوم عليه‌السلام في مقام من المقامات إلى سجدة ورجحانها ، بل صرّح في بعض المقامات بأنّه ليس عليه سجدتا السهو ، مثل ما رواه الكليني بسنده كالصحيح عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل سها فلم يدر سجدة سجد أم ثنتين ، قال : «يسجد اخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو» (٢).

وبالجملة ، إذا كان المراد من الصحاح خلاف ظواهرها فلا شكّ في عدم الوجوب ، بل الحكم بالاستحباب أيضا لعلّه لا يخلو عن تأمّل ، لما عرفت (٣) ، سيّما بعد ملاحظة أنّ الفقهاء أيضا لم يتعرّضوا في مقام من جملة المقامات التي لا تحصى ، إلّا أن يقال بأنّهما ليستا من المستحبّ المعروف بين الفقهاء المتداول بين الشيعة ، بل من باب المسامحة ، لجوازها في دليل المستحب والفتوى به ، والمقامات لم تكن مقام التعرّض لذكره ، فتأمّل جدّا!

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٠ الحديث ١٠١٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٥ الحديث ٢٠٤٨٨.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٤٩ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٢ الحديث ٥٩٩ ، الاستبصار : ١ / ٣٦١ الحديث ١٣٦٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٦٨ الحديث ٨٢٠٢.

(٣) راجع! الصفحة : ١٣٨ من هذا الكتاب.

١٣٩

قوله : (لإطلاق تلك الصحاح).

أقول : صحيحة الحلبي ظاهرة في زيادة ركعة ونقصانها ، بقرينة قوله عليه‌السلام : «فتشهّد وسلّم واسجد» (١) ، والبواقي دالّة على أعمّ ممّا ذكره المفيد (٢) ، فلا وجه لتخصيصها به.

ودعوى الإجماع على نفي غيره مقطوع بفساده ، كما عرفت ، بل عرفت أنّه من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به على ما نقل الصدوق (٣).

قوله : (وكذا إذا قام). إلى آخره.

قد عرفت أنّ الصدوق جعل هذا أيضا من دين الإماميّة ، والإجماع المنقول حجّة سيّما هذا المنقول.

ويدلّ عليه أيضا صحيحة معاوية بن عمّار قال : سألته عن الرجل يسهو فيقوم في موضع قعود أو يقعد في حال قيام ، قال : «يسجد سجدتين بعد التسليم وهما المرغمتان ترغمان الشيطان» (٤).

وكون محمّد بن عيسى عن يونس في طريقها غير مضرّ ، ولا إضمار معاوية المذكور ، كما أشرنا مرارا.

وموثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام عن السهو : ما تجب فيه سجدتا السهو؟ فقال : «إذا أردت أن تقعد فقمت أو أردت أن تقوم فقعدت ، أو أردت أن تقرأ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٢٢٤ الحديث ١٠٤٨٦.

(٢) المقنعة : ١٤٧.

(٣) أمالي الصدوق : ٥١٣ المجلس ٩٣.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٥٧ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٥٠ الحديث ١٠٥٦١.

١٤٠