مصابيح الظلام - ج ٧

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٧

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-8
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥١٦

قوله : (بل مؤمنا). إلى آخره.

في «الذخيرة» : الأقرب اشتراط الإيمان ، كما اختاره جماعة منهم الشهيدان (١) ، لموثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام : عن الأذان هل يجوز أن يكون من غير عارف؟ قال : «لا يستقيم الأذان ، ولا يجوز أن يؤذّن إلّا رجل مسلم عارف ، فإن علم الأذان وأذّن به ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا إقامته ولا يعتد به» (٢).

ويؤيّده في الجملة صحيحة ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب ، عن معاذ بن كثير ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتمّ بصاحبه وقد بقي على الإمام آية أو آيتان فخشي إن هو أذّن وأقام أن يركع فليقل : قد قامت الصلاة» (٣) (٤) انتهى ، وقد مرّ في بيان الإقامة (٥).

والمراد من العارف : المؤمن ، كما يظهر من الأخبار (٦) ، وطريقة الأخيار.

وادّعى إجماع العلماء على عدم الاعتبار بأذان الكافر. واستدلّ بالموثّقة (٧) ، وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٨) ، وعن علي عليه‌السلام «الإمام ضامن والمؤذّن مؤتمن» (٩) ، وما

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٦٤ ، روض الجنان : ٢٤٣ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٢٦٩.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٠٤ الحديث ١٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣١ الحديث ٧٠٠٨ مع اختلاف.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨١ الحديث ١١١٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٣ الحديث ٧٠٤٠.

(٤) ذخيرة المعاد : ٢٥٤ مع اختلاف يسير.

(٥) راجع! الصفحة : ٥٠٦ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٦) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٠٩ الحديث ١١٨٥٦ ، ٢١٤ الحديث ١١٨٦٥ ، ٢٢١ الحديث ١١٨٨٠.

(٧) الكافي : ٣ / ٣٠٤ الحديث ١٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٧ الحديث ١١٠١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣١ الحديث ٧٠٠٨.

(٨) سنن ابي داود : ١ / ١٤٣ الحديث ٥١٧ ، كنز العمّال : ٨ / ٣٤٠ الحديث ٢٣١٦٦.

(٩) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٢ الحديث ١١٢١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٨ الحديث ٦٨٤٢.

٢١

نقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اللهمّ اغفر للمؤذّنين» (١).

أقول : هذه الأخبار دالّة على اشتراط الإيمان أيضا ، كما لا يخفى.

ثمّ احتمل أن يصير بمجرّد تلفّظه بالشهادتين مسلما ، كما اختاره في «التذكرة» (٢) ، لأنّ الشهادة صريح في الإسلام.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا : لا إله إلّا الله» الحديث (٣).

ثمّ اختار العدم ، كما اختاره جماعة منهم الشهيدان (٤) ، لأنّ الشهادتين في الأذان لم يوضع للإخبار عن الاعتقاد ، ولذا يجوز لمن ذهل عن معناه ، إذ لم يعرفه ـ إلى أن قال ـ وعلى التقديرين لا يعتدّ بأذانه ، لوقوع أوّله حال الكفر (٥) ، انتهى ، وهو جيّد.

ولعلّ نظر من اكتفى بالإسلام إلى مثل صحيحة ذريح عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال له الصادق عليه‌السلام : «صلّ الجمعة بأذان هؤلاء فإنّهم أشدّ شي‌ء مواظبة على الوقت» (٦).

وصحيحة حمّاد عن [محمّد بن] خالد القسري عنه عليه‌السلام أنّه قال له : أخاف أن نصلّي يوم الجمعة قبل أن تزول الشمس ، فقال : «إنّما ذاك على المؤذّنين» (٧).

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٤ / ٢٢ الحديث ٤٠٨٠ ، سنن أبي داود : ١ / ١٤٣ الحديث ٥١٧.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه ، لكن نقل عنه في روض الجنان : ٢٤٢.

(٣) عوالي اللآلي : ٢ / ٢٢٤ الحديث ٣٧ ، مستدرك الوسائل : ١٨ / ٢٠٩ الحديث ٢٢٥١٩.

(٤) ذكرى الشيعة : ٣ / ٢١٧ ، روض الجنان : ٢٤٢.

(٥) ذخيرة المعاد : ٢٥٤.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٩ الحديث ٨٩٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٤ الحديث ١١٣٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٨ الحديث ٦٨٤١.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٤ الحديث ١١٣٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٩ الحديث ٦٨٤٣.

٢٢

وفيهما نظر ، لأنّ الأوّل يدلّ على حصول العلم بالوقت من ملاحظة طريقتهم ، إذ كانوا لا يؤذّنون إلّا بعد الوقت البتّة من جهة الدائرة الهنديّة ، كما كان عادتهم في ذلك الزمان.

والثاني أيضا مبني على ذلك ، إلّا أنّه لمّا كان خالد حاكم الخليفة على المدينة قال عليه‌السلام له كذلك ، فتأمّل جدّا!

قوله : (لظواهر الأخبار).

مثل ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يؤذّن لكم خياركم» (١) ، وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن علي عليه‌السلام : «المؤذّن مؤتمن» (٢) ، وعن الصادق عليه‌السلام في المؤذّنين : «إنّهم الأمناء» (٣).

وفي رواية بلال الطويلة : «المؤذّنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم» (٤). إلى آخر ما قال فيها ، فلاحظ.

والأكثر عدم اشتراط العدالة ، لصحّة أذان الفاسق لنفسه جزما ، فيجوز تعويل الغير عليه ، لما مرّ في مبحث جواز التعويل ، من كون المعتبر كون أذانه صحيحا شرعيّا وكفاية ذلك (٥).

مع أنّه لم يظهر من ظواهر تلك الأخبار اشتراط العدالة ، بل ظهر من الأولى أنّ الأخيار يؤذّنون ، وهو أعمّ من العدالة ، ومن الثانية والثالثة كون المؤذّن ، بل المؤذّنين أمناء ، وظاهرهما جواز التعويل شرعا على أذان المؤذّنين ، خرج غير

__________________

(١) عوالي اللآلي : ١ / ١٨٠ الحديث ٢٣٣ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٣٦ الحديث ٤١٢٢.

(٢) سنن أبي داود : ١ / ١٤٣ الحديث ٥١٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٢ الحديث ١١٢١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٨ الحديث ٦٨٤٢.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٩ الحديث ٨٩٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٧٩ الحديث ٦٨٤٦.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٩ الحديث ٩٠٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨٠ الحديث ٦٨٤٧.

(٥) راجع! الصفحة : ٤٨٥ و٤٨٦ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

٢٣

المؤمن بما مرّ وبقي الباقي ، فيصيران ظاهرين في عدم اشتراط العدالة.

نعم ، ربّما يظهر منها ، ومن كونهم محلّ تقليد أولي الأعذار ، بل مطلقا أولويّة العادل ، للوثوق بأفعاله شرعا ، وعدم الوثوق والاعتماد على الفاسق لفسقه ، إلّا أن يكون هناك قرينة على كونه محلّ الاعتماد في مراعاته دخول الوقت البتة ، كما هو الحال في غالب المؤذّنين من المؤمنين ، ومن لا وثوق عليه في مراعاته ، من جهة فسقه وعدم مبالاته ، أو عدم معرفة الوقت ، غير ظاهر دخوله في الظواهر المذكورة ، لو لم نقل بظهور الخروج.

بل الظاهر الخروج ، ولذا كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمر بعدم الاعتداد (١) بأذان ابن أمّ مكتوم من جهة كونه أعمى لا يشخّص وقت الصبح كما هو ، كما قاله بعض الأصحاب (٢) ، وظهر من الصدوق (٣).

قوله : (وقيل : باشتراط العدالة).

القائل ابن الجنيد ، لفقد الأمانة في الفاسق (٤).

والجواب عنه ظهر ممّا ذكر ، مع أنّ الأحوط ما ذكره في صورة حصول الشكّ من أذانه مع الرجحان ، لا حصول العلم من الخارج بكون أذانه في الوقت ، والعلم بأنّ عادته كذلك ، بحيث يحصل الوثوق في كلّ أذان ، أو أذان منه ، والله يعلم.

قوله : (صيّتا) .. إلى آخره.

أي رفيع الصوت ، ليكون النفع أعم ، والغرض المقصود من الأذان أكمل.

__________________

(١) في (د ٢) : الاعتماد.

(٢) المبسوط : ١ / ٩٧ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٦٧ المسألة ١٧٦ ، كشف اللثام : ٣ / ٣٦٦ ، الحدائق الناضرة : ٧ / ٣٣٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٤ ذيل الحديث ٩٠٥.

(٤) نقل عنه العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ١٣٦.

٢٤

ومع ذلك يحصل المستحبّ الظاهر من الأخبار ، منها ما مرّ في شرح قول المصنّف : «ورفع الصوت للرجل» (١).

قوله : (حسن الصوت).

ذكر ذلك جماعة من الأصحاب (٢).

قوله : (قائما على مرتفع).

أمّا القيام فقد مرّ ، وأمّا كونه على مرتفع ، فلما مرّ في شرح قول المصنّف : «ورفع الصوت» من أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يا بلال ، اعل فوق الجدار» (٣) ، مع أنّه أبلغ في رفع الصوت ، ويحصل ما هو أعم وأكمل وأتمّ.

والظاهر عدم استحباب الصعود على المنارة لعدم النص ، ولرواية علي بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى عليه‌السلام : عن الأذان في المنارة أسنّة هو؟ فقال : «إنّما [كان] يؤذّن للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الأرض ولم يكن يومئذ منارة» (٤).

فما في «المختلف» من أنّ الوجه استحبابه في المنارة ، للأمر بوضعها مع حائط غير مرتفعة ، فلولا استحباب الأذان فيها ، لكان وضعها عبثا (٥) ، فيه ما فيه ، لعدم معلوميّة الأمر بوضع المنارة.

وما استدلّ به عليه من أنّ عليّا عليه‌السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها ثمّ

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٥٢٦ و٥٢٧ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٢) منتهى المطلب : ٤ / ٤٠٠ ، روض الجنان : ٢٤٣ ، ذخيرة المعاد : ٢٥٥.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٠٧ الحديث : ٣١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٨ الحديث ٢٠٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١١ الحديث ٦٩٥٧.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٤ الحديث ١١٣٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٠ الحديث ٦٩٥٦.

(٥) مختلف الشيعة : ٢ / ١٢٣.

٢٥

قال : «لا ترتفع المنارة إلّا مع سطح المسجد» (١) (٢).

ففيه منع الدلالة ، ومع التسليم لا نسلّم كون الفائدة هو الأذان فيها.

ولو كان يستدلّ عليه بأنّ الأذان في المنارة أبلغ في إبلاغ الصوت ، وتحصيل الأعميّة والأتميّة ، لكونها أرفع من جميع الرفيعات في البلدان ، لكان له وجه ، بل ربّما كان هذا مراده ممّا ذكره ، كما يظهر من استدلاله عليه ثانيا بأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلالا أن يرتفع الحائط ممّا ذكره في «المنتهى» (٣).

إلّا أنّه ربّما كان فيه مخالفة طريقة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما تؤمي إليه رواية علي بن جعفر المذكورة (٤) ، ومتابعة سنّة الثاني ، كما قيل : إنّ أوّل من رفع المنارة في المسجد هو الثاني (٥) ، ولذا أمر أمير المؤمنين عليه‌السلام بهدمها (٦) ، ومع ذلك يصير المؤذّن مشرفا على بيوت كثيرة من الناس.

قوله : (بصيرا بالأوقات).

أقول : إنّه شرط في اعتماده على أذانه ، واعتماد غيره عليه ، إلّا أن يكون مراد المصنّف منه كمال المعرفة ، فتأمّل!

قوله : (ويصحّ من الصبي). إلى آخره.

لا شكّ في عدم صحّته من غير المميّز ، ووجهه ظاهر ، مضافا إلى عدم دليل

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٥٦ الحديث ٧١٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٢٣٠ الحديث ٦٤١٣.

(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ١٢٣.

(٣) منتهى المطلب : ٤ / ٤٠٢.

(٤) مرّ آنفا.

(٥) لا حظ! الحدائق الناضرة : ٧ / ٢٧١.

(٦) مرّت الإشارة إلى مصادرها آنفا.

٢٦

على الصحّة ، مع كونه عبادة توقيفيّة.

وأمّا المميّز ، فيصحّ أن يترتّب عليه آثاره من الاجتزاء به في الصلاة ، وقيام الشعار به في البلد ، للإجماع الذي نقله الفاضلان والشهيد (١) ، ولرواية ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم» (٢).

ومثلها رواية إسحاق بن عمّار عنه عليه‌السلام : أنّ عليّا عليه‌السلام كان يقول ذلك (٣).

والظاهر منهما ومن الإجماع [أنّ] المميّز الذي يعرف عرفا كونه مميّزا.

وعن الشهيد الثاني : هو من يعرف الأضرّ من الضار ، والأنفع من النافع ، إذا لم يحصل بينهما التباس بحيث يخفى على غالب الناس ذلك (٤) ، وفيه ما فيه.

قوله : (وكذا المرأة).

مرّ الكلام في ذلك (٥).

قوله : (ويكره أخذ الأجرة).

اختلف الأصحاب فيه ، فجمع قالوا بالحرمة ، منهم الشيخ في «الخلاف» (٦) ، وجمع بالكراهة منهم المرتضى (٧).

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ١٢٥ ، منتهى المطلب : ٤ / ٣٩٥ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٢١٧.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٠ الحديث ١١١٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٠ الحديث ٧٠٣١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ الحديث ٨٩٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٣ الحديث ١٨١ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٣٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٠ الحديث ٧٠٣٢.

(٤) روض الجنان : ٢٤٣.

(٥) راجع! الصفحة : ٥٢٧ و٥٢٨ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٦) الخلاف : ١ / ٢٩٠ المسألة ٣٦.

(٧) نقل عنه في المعتبر : ٢ / ١٣٤ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٢٧٦.

٢٧

حجّة المحرّم رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : «آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال : يا علي! إذا صلّيت فصلّ صلاة أضعف من خلفك ، ولا تتّخذ مؤذّنا يأخذ على أذانه أجرا» (١).

والرواية ضعيفة من دون جابر ، فلا يثبت منها أزيد من الكراهة. والمتبادر من الأجر ما هو أعمّ من الأجرة التي تكون في الإجارة وغيرها ، بل كلّ ما يطلبه المؤذّن على أذانه أجرا وإن كان من بيت المال.

نعم ، لو لم يطلبه ، ولم يشترط ، فلا بأس بأن يعطى ـ وإن كان غير الارتزاق ـ من بيت المال.

قال في «المدارك» ـ بعد ذكر الأقوال والرواية المذكورة ـ : هذا كلّه في الأجرة. وأمّا الارتزاق من بيت المال ، فلا ريب في جوازه إذا اقتضت المصلحة ، لأنّه معدّ للمصالح ، والأذان من أهمّها (٢).

وأمّا ما ذكره المصنّف من قوله : وينعقد .. إلى آخره ، قد مرّ الكلام فيه (٣).

فروع :

الأوّل لا يؤذّن ولا يقيم لغير الفرائض اليوميّة ، فليسا مشروعين للنوافل ، ولا للفرائض غير اليوميّة. وهذا إجماعي ، مضافا إلى أنّ العبادات توقيفيّة.

بل في «المعتبر» أنّه لا يؤذّن لغير الخمس ، وأنّه مذهب علماء الإسلام (٤).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٤ الحديث ٨٧٠ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٣ الحديث ١١٢٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٧ الحديث ٧٠٥٠ مع اختلاف يسير.

(٢) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٧٧.

(٣) راجع! الصفحة : ٤٨٠ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٤) المعتبر : ٢ / ١٣٥.

٢٨

الثاني : في «الشرائع» أنّه يقول المؤذّن للفرائض الاخر : الصلاة ثلاثا (١).

ويدلّ عليه رواية إسماعيل الجعفي عن الصادق عليه‌السلام قال له : أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : «ليس فيهما أذان و [لا] إقامة ، ولكن ينادى : الصلاة ثلاث مرّات» (٢) ، وهي مختصّة بالعيدين ، بل ظاهرها جماعة العيدين يقال مكان الإقامة.

الثالث : روى الكشّي في ترجمة يونس بن يعقوب أنّه صلّى على معاوية بن عمّار بأذان وإقامة (٣) ، وهذا شاذ غريب.

الرابع : في «الغوالي» : روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يؤذّن له ويقيم هو لنفسه (٤).

ثمّ قال : وروى بعض أصحابنا عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «المأمون أولى بالأذان ، والإمام أولى بالإقامة ، فلا يقيم أحد منهم إلّا بإذنه» (٥).

قال : وفيه دلالة على أنّه لو أقام أحد بغير إذن الإمام لم يعتد به (٦) ، انتهى.

وقيل : إنّ الرواية محمولة على التقيّة (٧).

الخامس : المشهور أنّ الأذان والإقامة يتأكّدان في الصلاة الجهريّة ، ولم يعرف دليله ، ولعلّه ما يظهر من «علل الفضل» عن الرضا عليه‌السلام من أنّ الأمر بالجهر فيها لوقوعها في أوقات مظلمة ، ليعلم المارّ أنّ هناك جماعة تصلّي ، فإن أراد أن

__________________

(١) شرائع الإسلام : ١ / ٧٤.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٢٢ الحديث ١٤٧٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩٠ الحديث ٨٧٣ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٢٨ الحديث ٩٧٦٢.

(٣) رجال الكشّي : ٢ / ٦٨٦ الرقم ٧٢٧.

(٤) عوالي اللآلي : ١ / ٣٣٠ الحديث ٨٠ مع اختلاف يسير.

(٥) عوالي اللآلي : ١ / ٣٣٠ الحديث ٨١.

(٦) عوالي اللآلي : ١ / ٣٣١ الهامش ١.

(٧) لم نعثر عليه.

٢٩

يصلّي صلّى معهم (١) ، فظهر أنّها أحوج إلى التنبيه على جماعتها.

وفي «علل الفضل» عنه عليه‌السلام أيضا : إنّما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لأنّ الأذان إنّما وضع لموضع الصلاة ، وإنّما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان ، ودعاء إلى الفلاح ، وإلى خير العمل (٢).

ولعلّ ما ذكرنا هو مراد المحقّق في «المعتبر» (٣).

السادس : إذا أحدث في أثناء الإقامة أعادها ، لما مرّ من الأخبار في استحباب الطهارة فيها (٤).

وأمّا الأذان ، فلا مانع أصلا من إتمامه بغير طهارة ، ومن التطهير في أثنائه ، والبناء على ما مضى من الطهارة ، مع بقاء الموالاة المعتبرة الظاهرة من الأخبار والأدلّة.

ويحتمل استحباب الاستئناف أيضا ، لأنّ الفرد المتبادر ممّا ورد في استحباب الطهارة فيه (٥) هو الذي يكون من أوّله إلى آخره على الطهارة على سبيل الاتّصال.

وممّا ذكر ظهر حال النوم ، أو الإغماء في خلالهما ، وفي «الشرائع» استحباب الاستئناف وجوّز البناء (٦).

وفي «المدارك» : أنّه يجوز البناء مع عدم الإخلال بالموالاة ، لأنّ الموالاة شرط فيهما ، لكونهما عبادة متلقّاة من الشرع ، ولم ينقل الفصل بين فصولهما (٧).

__________________

(١) نقل عنه في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١١٦ الحديث ١ نقل بالمعنى.

(٢) نقل عنه في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١١٣ الحديث ١ مع اختلاف.

(٣) المعتبر : ٢ / ١٣٥.

(٤) راجع! الصفحة : ٥١٧ ـ ٥٢١ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩١ الباب ٩ من أبواب الأذان والإقامة.

(٦) شرائع الإسلام : ١ / ٧٦.

(٧) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٩٢.

٣٠

وفيه أنّه يضرّ الفصل بالنوم والإغماء اللّذين لا ينافيان الموالاة أيضا.

ولو طال النوم أو الإغماء ، فعن الشيخ وأتباعه أنّه يجوز لغير ذلك المؤذّن البناء ، لأنّه يجوز الصلاة بإمامين ، ففي الأذان أولى (١) ، وفيه ما فيه.

السابع : قد عرفت كيفيّة الأذان والإقامة وهيئتهما ، وأنّه ليس فيهما «أشهد أنّ عليّا وليّ الله» ، ولا «محمّد وآله خير البريّة» وغير ذلك ، فمن ذكر شيئا من ذلك ، بقصد كونه جزء الأذان ، فلا شكّ في حرمته ، لكونه بدعة.

وأمّا من ذكر لا بقصد المذكور ، بل بقصد التيمّن والتبرّك ، كما أنّ المؤذّنين يقولون بعد «الله أكبر» ، أو بعد «أشهد أن لا إله إلّا الله» ، جلّ جلاله ، وعمّ نواله ، وعظم شأنه ، وأمثال ذلك تجليلا له تعالى ، وكما يقولون : صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد «محمّد رسول الله» ، لما ورد من قوله عليه‌السلام : «من ذكرني فليصلّ عليّ» (٢). وغير ذلك ممّا مرّ في شرح قول المصنّف : والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) ، إذ لا شكّ في أنّ شيئا من ذلك ليس جزء من الأذان.

فإن قلت : الصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام ورد في الاخبار (٤) ، بل احتمل وجوبهما ، لما مرّ ، بخلاف غيره.

قلت : ورد في الأخبار مطلوبيتهما عند ذكر اسمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا أنّهما جزء الأذان ، فلو قال أحد : بأنّه جزء الأذان ، فلا شكّ في حرمته ، وكونه بدعة ، وإن قال بأنّه لذكر اسمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو مطلوب.

وورد في «الاحتجاج» خبر متضمّن لمطلوبيّة ذكر «عليّ وليّ الله» ، في كلّ

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٩٦ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٢٩٣.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥١ الباب ٤٢ من أبواب الأذان والإقامة.

(٣) راجع! الصفحة : ٥٢٨ و٥٢٩ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٤) راجع! وسائل الشيعة : ٧ / ٢٠١ الباب ٤٢ من أبواب الذكر.

٣١

وقت يذكر محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ، مضافا إلى العمومات الظاهرة في ذلك.

مع أنّ الشيخ صرّح في «النهاية» بورود أخبار تتضمّن ذكر مثل «أشهد أنّ عليّا وليّ الله» في الأذان (٢).

والصدوق أيضا صرّح به ، إلّا أنّه قال ما قال (٣) ، ومرّ في بحث كيفيّة الأذان ، فأيّ مانع من الحمل على الاستحباب؟ موافقا لما في «الاحتجاج» ، وظهر من العمومات ، لا أنّه جزء الأذان ، وإن ذكر فيه.

ألا ترى إلى ما ورد من زيادة الفصول ، وحملوه على الاستحباب والمطلوبيّة في مقام الإشعار وتنبيه الغير (٤) على ما مرّ ، مضافا إلى التسامح في أدلّة السنن.

وغاية طعن الشيخ على الأخبار المتضمّنة لما نحن فيه أنّها شاذّة (٥) ، والشذوذ لا ينافي البناء على الاستحباب ، ولذا دائما شغل الشيخ بحمل الشواذّ على الاستحباب.

منها صحيحة ابن يقطين الدالّة على استحباب إعادة الصلاة مطلقا ، عند نسيان الأذان والإقامة (٦) ، ورواية زكريّا بن آدم السابقة (٧) ، مع تضمّنها ما لم يقل به أحد ، بل وحرام ، من قوله : «قد قامت الصلاة» في أثناء الصلاة ، وغير ذلك من الحزازات التي فيها وعرفتها.

__________________

(١) الاحتجاج : ١ / ٦٩.

(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٩.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ ذيل الحديث ٨٩٧.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٣ ذيل الحديث ٢٢٥ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٩ ذيل الحديث ١١٤٨.

(٥) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٩ ، المبسوط : ١ / ٩٩.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٩ الحديث ١١١٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٠٣ الحديث ١١٢٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣٣ الحديث ٧٠١٢.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٧٨ الحديث ١١٠٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣٥ الحديث ٧٠١٨.

٣٢

وبالجملة ، كم من حديث شاذّ ، أو طعن عليه بالشذوذ ، أو غيره ، ومع ذلك عمل به في مقام السنن والآداب ، بل ربّما يكون حديث مطعون عليه عند بعض الفقهاء والمحدثين غير مطعون عليه عند آخرين ، فضلا عن الآخر ، سيّما في المقام المذكور.

والصدوق وإن طعن عليها بالوضع من المفوّضة (١). لكن لم يجعل كلّ طعن منه حجّة ، بحيث يرفع اليد من جهته عن الحديث ، وإن كان في مقام المذكور.

ومن هذا ترى الشيخ لم يطعن عليها بذلك أصلا ، على أنّا نقول : الذكر من جهة التيمّن والتبرّك ، لا مانع منه أصلا ، ولا يتوقّف على صدور حديث ، لأنّ التكلّم في خلالهما جائز ، كما عرفت ، فإذا كان الكلام اللغو الباطل غير مضرّ ، فما ظنّك ممّا يفيد التبرّك والتيمّن؟

لا يقال : ربّما يتوهّم الجاهل كونه جزء الأذان ، إذا سمع الأذان كذلك ، فيفسّر فيقول على سبيل الجزئيّة.

لأنّا نقول : ذكر «صلى‌الله‌عليه‌وآله» في الأذان والإقامة ، والالتزام به أيضا ، ربّما يصير منشأ لتوهّم الجاهل الجزئيّة ، بل كثير من المستحبّات والآداب في الصلاة ، وغيرها من العبادات يتوهّم الجاهل كونها جزء.

وكان المتعارف من زمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الآن يرتكب في الأعصار والأمصار من دون مبالاة من توهّم الجاهل ، فإنّ التقصير إنّما هو من الجاهل ، حيث لم يتعلّم فتخرب عباداته ، ويترتّب على جهله مفاسد لا تحصى ، منها استحلاله كثير من المحرّمات من جهة عدم فرقه بين الحرام من شي‌ء والمباح منه. وربّما يعكس الأمر .. إلى غير ذلك من الأحكام.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٨ ذيل الحديث ٨٩٧.

٣٣

هذا ، مع أنّه يمكن تعبيره بنحو يرتفع توهّم المتوهّم ، بأن يذكره مرّة ، أو ثلاث مرّات ، أو يجعل من تتمّته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغير ذلك.

الثامن : من صلّى خلف من لا يقتدى به ، أذّن لنفسه وأقام ، ولا يعتدّ بأذانه وإقامته ، كما أنّه لا يعتدّ بقراءته ويقرأ في نفسه ، فتكون صلاته خلفه بحسب الصورة لا واقعا.

والدليل على ما ذكرنا رواية محمّد بن عذافر : «أذّن خلف من قرأت خلفه» (١) ومرّ أيضا عدم الاعتداد بأذان المخالف (٢).

فإن خاف عدم اللحوق به اقتصر على ما في رواية معاذ بن كثير عن الصادق عليه‌السلام من أنّه يقول : «قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله» (٣).

التاسع : إذا أحدث في أثناء الصلاة تطهّر وأعادها ، ويستحب إعادة الأذان والإقامة أيضا ، بل يستحب إعادتهما كلّما يعيد الصلاة ، لموثّقة عمّار عن الصادق عليه‌السلام إنّه قال : «أعد الأذان والإقامة كلّما تعيد الصلاة» (٤).

فما في «الشرائع» ـ موافقا لما ذكره الشيخ ـ من عدم إعادة الإقامة إلّا أن يتكلّم (٥) ، لما مرّ في صحيحة ابن مسلم من قول الصادق عليه‌السلام : «لا تتكلّم إذا أقمت

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥١ الحديث ١١٣٠ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٥٦ الحديث ١٩٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٣ الحديث ٧٠٤١.

(٢) راجع! الصفحة : ٢١ ـ ٢٣ من هذا الكتاب.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٠٦ الحديث ٢٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨١ الحديث ١١١٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٤٣ الحديث ٧٠٤٠.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٦٧ ، الحديث ٣٦٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٧٠ الحديث ١٠٦٢٨ مع اختلاف.

(٥) شرائع الإسلام : ١ / ٧٧.

٣٤

[الصلاة] فإنّك إذا تكلّمت أعدت الإقامة» (١) محلّ نظر ، لأنّ إثبات الإعادة بعد التكلّم ، لا ينافي استحبابها مع إعادة الصلاة.

العاشر : إذا وقع التشاحّ في الأذان ، قدّم الأكمل في الشرائط المعتبرة في المؤذّن ، لتحقّق الرجحان الموجب للتقديم ، وقبح تقديم المرجوح على الراجح عقلا فيقبح شرعا ، لتطابقهما عند الشيعة والمعتزلة ، ومع التساوي يقرع ، لما روي من أنّ القرعة لكلّ أمر مشكل (٢).

وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قال : «لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأوّل [ثمّ] لم يجدوا إلّا أن يستهموا عليه [لفعلوا]» (٣).

وفي «المدارك» : يتحقّق التشاحّ في صورة الارتزاق من بيت المال ، حيث لا يحتاج إلى التعدّد ، وإلّا أذّن الجميع ، إن سوّغنا ذلك (٤).

ونظره رحمه‌الله فيما ذكره إلى ما ذكره المحقّق ، من أنّه إذا كان جماعة جاز أن يؤذّنوا جميعا ، والأفضل إذا كان الوقت متّسعا أن يؤذّن واحد بعد واحد (٥) ، انتهى.

وقال في شرحه : المراد من سعة الوقت هنا ليس اتّساع وقت الإجزاء ، بل عدم اجتماع الأمر المطلوب في الجماعة من الإمام ومن يعتاد حضوره من المأمومين.

ثمّ نقل عن الشيخ أنّه لا ينبغي الزيادة على اثنتين (٦) ، يعني في صورة أذان

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٥ الحديث ١٩١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٤ الحديث ٦٨٩٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٥٢ الحديث ١٧٤ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٢٤٠ الحديث ٥٩٣ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ٢٥٩ الحديث ٣٣٧٢٠ نقل بالمضمون.

(٣) المبسوط : ١ / ٩٨ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٢٠ الحديث ٤٠٦٩.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٩٧.

(٥) شرائع الإسلام : ١ / ٧٧ مع اختلاف.

(٦) الخلاف : ١ / ٢٩٠ المسألة ٣٥.

٣٥

الواحد بعد آخر.

واستدلّ عليه بإجماع الفرقة على ما ورد من أنّ الأذان الثالث بدعة (١) ، ونقل هذا الإجماع عن ولد الشيخ ، في شرحه على نهاية والده (٢).

ونقل عن مبسوطه تجويز كون المؤذّن اثنين في موضع أذان واحد ، لأنّه أذان واحد ، وأمّا إذا أذّن واحد بعد الآخر ، فليس بمسنون ولا مستحبّ (٣).

ثمّ قال رحمه‌الله : والمعتمد كراهة الاجتماع في الأذان مطلقا ، لعدم ورود الشرع به ، وكذا أذان الواحد بعد الواحد في المحلّ الواحد (٤) ، انتهى.

وغير خفيّ أنّ تعليله يقتضي التشريع والحرمة لا الكراهة.

فظهر ممّا ذكر [أنّ] التشاحّ غير منحصر في صورة الارتزاق ، وكون التراسل أيضا تشريعا ، بل بطريق أولى ، والتراسل : هو أن يبني كلّ واحد على فصل آخر ، والله يعلم.

الحادي عشر : إذا نقص المؤذّن من أذانه ، جاز لغيره أن يأتي بما تركه ويعتدّ به ويصلّي به ، لصحيحة ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه فأتمّ ما نقص هو من أذانه» (٥).

وظاهر أنّ كلّ ما نقص يجوز إتمامه والاعتداد به ، وإن كان نقصه عمدا ، كما يفعله المخالف في «حيّ على خير العمل» و «الله أكبر» الأخير ، فيصير دليلا على جواز التعويل على أذان العامّة وصحّة أذانهم ، وهذا أقوى دليل لمن لم يشترط

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٩ الحديث ٦٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٠٠ الحديث ٩٦٨٧.

(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٢١.

(٣) المبسوط : ١ / ٩٨.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٩٨ مع اختلاف يسير.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٠ الحديث ١١١٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣٧ الحديث ٧٠٢٢.

٣٦

الإيمان.

ويدلّ عليه أيضا ما مرّ في بحث التعويل على أذان الغير من قول الباقر عليه‌السلام «يكفيكم أذان جاركم» (١). إذ الغالب كان منهم ، لكن أنّ الأقوى اشتراط الإيمان ، والرواية الأخيرة لا بدّ من حملها على الأذان الصحيح الذي لم يسقط منه ، وهذا لا يتأتّى من المخالف.

وأمّا الصحيحة ، فيحتمل أن تكون شاذّة على حسب ما مرّ ، ويحتمل الحمل على صورة النسيان خاصّة بملاحظة ما مرّ (٢) ، وما ورد في كثير من الأخبار من بطلان عبادة المخالف وعدم الاعتداد بها رأسا (٣) والله يعلم.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٥ الحديث ١١٤١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٣٧ الحديث ٧٠٢٤ مع اختلاف يسير.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٧٧ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٣) بحار الأنوار : ٦٥ / ٨٣ الباب ١٦.

٣٧
٣٨

القول في القيام

قال الله تعالى (وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) (١).

١٣٩ ـ مفتاح

[وجوب القيام في الفرائض]

يجب القيام في الفرائض مع الاختيار ، بالكتاب (٢) والسنّة (٣) والإجماع ، وهو في تكبيرة الإحرام وما يتّصل منه بالركوع ركن ، يبطل بتركه الصلاة وإن كان سهوا ، بلا خلاف ، للنص (٤).

وحدّه الانتصاب عرفا ، ويتحقّق بنصب فقار الظهر كما في الموثّق (٥) ، فلا يخلّ به الإطراق ، ويخلّ الميل إلى أحد الجانبين ، كذا قيل (٦).

__________________

(١) البقرة : (٢) : ٢٣٨.

(٢) البقرة (٢) : ٢٣٨ ، آل عمران (٣) : ١٩١.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٨١ الباب ١ من أبواب القيام.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٨١ الباب ١ من أبواب القيام.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢٨ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٨ / ٦٥.

٣٩

ويشترط فيه الاستقرار لأنّه معتبر في المفهوم ، وفي الخبر : «يكفّ عن القراءة حال مشيه» (١).

والأكثر على وجوب الاستقلال مع الاختيار (٢) ، بمعنى عدم الاعتماد على شي‌ء ، بحيث لو رفع السناد لسقط ، للتأسّي وللصحيح (٣) ، خلافا للحلبي فاستحبّه ، وكره الاستناد (٤) ، للمعتبر (٥) ، ولا يخلو من قوّة ، وإن كان الأوّل أحوط.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٩٨ الحديث ٧٤٤٦ مع اختلاف يسير.

(٢) شرايع الإسلام : ١ / ٨٠ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٩٠ المسألة ١٩٠ ، الدروس الشرعية : ١ / ١٦٨.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٠ الحديث ٧١٦٥.

(٤) الكافي في الفقه : ١٢٥.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٩٩ الحديث ٧١٦٤.

٤٠