مصابيح الظلام - ج ٧

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٧

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-8
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥١٦

ووردت هذه الأدعية بزيادة في الجملة في غير هذه النسخة في نسخ «الفقيه» (١) وغيرها أيضا بتفاوت الزيادة.

فعليك بكتب الأدعية حتّى تعرف تمام الزيادات إن أردت ، وإلّا فما في «الكافي» كاف.

وروى ابن طاوس في كتاب «الفلاح» ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه كان يقول لأصحابه : «من أقام الصلاة وقال قبل أن يحرم ويكبّر : يا محسن ، قد أتاك المسي‌ء وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، وأنت المحسن وأنا المسي‌ء فبحقّ محمّد وآل محمّد صلّ على محمّد آل محمّد وتجاوز عن قبيح ما تعلم منّي» (٢).

وقيل : إنّ هذا الدعاء ورد عقيب السادسة (٣) ، ولعلّه بناء على ما هو المشهور ، من استحباب جعل تكبيرة الإحرام هي السابعة ، وإلّا فقد عرفت أنّه وارد قبل تكبيرة الإحرام.

وورد أيضا أنّه يقول (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) (٤) (٥).

والظاهر أنّه عقيب الإقامة أو عقيب ما سمع من المقيم «قد قامت الصلاة» وإن كان في «الذخيرة» ذكر هذا الدعاء والدعاء السابق عقيب التكبيرة السادسة (٦) ، ويجوز التكبيرات من دون دعاء ، لأنّها مستحبّة على حدة ، والأدعية

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٧ الحديث ٩١٧.

(٢) فلاح السائل : ١٥٥.

(٣) ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦٢.

(٤) إبراهيم (١٤) : ٤٠.

(٥) مستدرك الوسائل : ٤ / ١٤٣ الحديث ٤٣٣٨.

(٦) لاحظ! ذخيرة المعاد : ٢٩٣.

٢٠١

مستحبّة على حدة.

وفي موثّقة ابن بكير ، عن زرارة قال : رأيت الباقر عليه‌السلام ـ أو سمعته ـ استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء (١).

وفي صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال : «يجزيك في الصلاة من الكلام في التوجّه إلى الله سبحانه أن تقول : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) على ملّة إبراهيم حنيفا مسلما (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) وأنا من المسلمين» (٢).

قوله : (ويتخيّر). إلى آخره.

لا خلاف بينهم في تخيّر المصلّي في ذلك ، وظاهر «المنتهى» دعوى الإجماع فيه (٣).

والمشهور أنّ الأفضل جعلها الأخيرة ، ومستندهم «الفقه الرضوي» ، بل فيه : اعلم أنّ السابعة هي الفريضة ، وهي تكبيرة الافتتاح ، وبها تحريم الصلاة (٤).

قوله : (والمستفاد). إلى آخره.

لا يخفى أنّ الظاهر من الأخبار الدالّة على أنّ افتتاح الصلاة يتحقّق بالسبعة أو الثلاثة ، ثمّ بعدها بالتكبيرتين ، ثمّ بعدها بتكبيرتين اخراوين ، أنّ الاولى هي تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الإحرام ، لأنّ بها دخل في الصلاة وبها حرّم عليه ما حرّم

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١١٥٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢١ الحديث ٧٢٣٩.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٧ الحديث ٦٤٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٥ الحديث ٧٢٤٨.

(٣) منتهى المطلب : ٥ / ٣٤.

(٤) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٠٥.

٢٠٢

في الصلاة (١).

مع أنّه لو بنى على التكبير سبعا كذلك ثمّ كبّر واحدة واقتصر عليها لم يكن عليه عقاب وصدق الامتثال ، وخرج عن العهدة ، لصدق الإتيان (٢) بتكبيرة الإحرام وتكبيرة الافتتاح ، وقبح عقابه ، لأنّه أتى بالواجب عرفا.

مع أنّ الذي يظهر من الأخبار الواردة في علّة كونها سبعة كون الاولى هي تكبيرة الإحرام ، منها ما ذكرنا ـ من أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبّر وكبّر الحسين عليه‌السلام فلم يحر إلى آخر الحديث (٣) ـ في بحث النيّة وخلوصها.

ويمكن المناقشة بأنّ ما صدر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع الحسين عليه‌السلام خارج عن المقام ، لأنّه لم يشرع بعد ما زاد على الواحدة ، بل كانت الاولى متعيّنة ليس إلّا ، ثمّ بعد ذلك شرع الزائد.

فإن بنى على استحباب تعيّن الاولى فهو يناسب القائل بحجيّة الاستصحاب ، ومع ذلك قال المعصوم عليه‌السلام : «فصار السبعة سنّة» لا خصوص الزائد.

وظاهرها صيرورة المجموع افتتاحا كما هو الظاهر من الأخبار ، وظاهر العلّة التي ذكرها هشام بن الحكم عن الكاظم عليه‌السلام وهي «أنّه ليلة الإسراء قطع سبع حجب فكبّر عند كلّ حجاب تكبيرة فأوصله الله إلى منتهى الكرامة» (٤).

مع أنّ تعيّن الاولى لم يفت به أحد ، ويلزم منه خرق الإجماع ، لما عرفت من الإجماع على التخيير.

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٠ الباب ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٢) في (د ٢) : الامتثال.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٠ الحديث ٧٢٣٨.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٩ الحديث ٩١٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٢ الحديث ٧٢٤٢ مع اختلاف يسير.

٢٠٣

وممّا ذكر ظهر المناقشة في باقي الأخبار لظهورها في كون المجموع حينئذ افتتاحا ، ولذا قالوا : واحدة تجزئ ، والثلاث أفضل ، والسبع أفضل كلّه ، وقالوا : إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، إلى غير ذلك من الأخبار (١).

مع احتمال أن تكون الاولى افتتاحا بالنسبة إلى مطلوبات الصلاة ودخولا فيها ـ لأنّ التكبيرات مطلوبات في الصلاة ـ والأخيرة افتتاحا بالنسبة إلى واجباتها ، لأنّ تكبيرة الإحرام تحقّقت قطعا ، فوقع الدخول في الفريضة جزما. ولذا يقرأ حينئذ (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ..) إلى آخره ، ومرّ عن صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «يجزيك في الصلاة من الكلام في التوجّه إلى الله سبحانه» (٢) الحديث فتأمّل!

نعم ، في رواية أمير المؤمنين عليه‌السلام في معنى رفع اليدين في التكبيرة الاولى شهادة على كون الأولى خاصّة تكبيرة الإحرام (٣) ، مضافا إلى ما ذكرنا من القاعدة الاصوليّة من صدق تكبيرة الإحرام والافتتاح بالاولى إن لم يعيّن عدم كونها تكبيرة الافتتاح.

ويمكن أن يقال أيضا : إنّه من بديهيّات الدين ، إنّ الفريضة لم تكن إلّا واحدة ، وإنّ ما زاد ليس بفريضة ، فكيف يتأتّى من المكلّف قصد وجوب ما زاد؟ بل لو قصد كذلك لبطلت صلاته وإن لم يقل بكون الفريضة من التكبير ركنا ، مع أنّك عرفت كونها ركنا ، ولهذا لو كبّر ونوى الافتتاح ثمّ كبّر أيضا بنيّة الافتتاح بطلت صلاته ، كما أفتى به الفقهاء ووافق القاعدة.

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٠ الباب ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٥ الحديث ٧٢٤٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٠ الحديث ٩٢٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨ الحديث ٧٢٥٩.

٢٠٤

ولو كبّر بنيّة الافتتاح ثالثة صحّ صلاته لبطلان صلاته بالأوّلتين ، ولو كبّر بنيّة الافتتاح رابعة بطلت صلاته ، ولو كبّر كذلك خامسة صحّ وهكذا.

ثمّ اعلم! أنّ الدخول في الصلاة كما تكون بتكبيرة الافتتاح كذا بها يحرم ما يحرم في الصلاة ، ولذا سمّيت في أخبار لا تحصى بتكبيرة الافتتاح وتكبيرة الإحرام (١).

فما ظهر من بعض الأخبار من أنّ المكلّف بالإقامة يدخل في الصلاة وبها يحرم عليه ما يحرم في الصلاة (٢) ليس حقيقة قطعا ، كما مرّ فتنبّه.

قوله : (وهل يشمل ذلك؟). إلى آخره.

ظاهر العلّامة في «الارشاد» وغيره شموله لجميع الصلوات فرضا كانت أو نفلا (٣) ، وعن ابن إدريس والمحقّق وغيرهما التصريح بذلك (٤) ، وعن المرتضى تخصيصه بالفرائض (٥) ، وابن الجنيد بالمنفرد (٦).

وعن المفيد في «المقنعة» أنّه قال : ويستحب التوجّه في سبع صلوات (٧).

قال في «التهذيب» : ذكر ذلك علي بن الحسين [بن بابويه] في رسالته ولم أجد لها خبرا مسندا. وتفصيلها على ما ذكره ، أوّل كلّ فريضة ، وأوّل ركعة من صلاة الليل ، وفي المفردة من الوتر ، وأوّل ركعة من ركعتي الزوال ، وأوّل ركعة من

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٩ الباب ١ ، ١٢ الباب ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٢) راجع! وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٣ الباب ١٠ من أبواب الأذان والإقامة.

(٣) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٥٦ ، نهاية الإحكام : ١ / ٤٥٨ ، جامع المقاصد : ٢ / ٢٤١.

(٤) السرائر : ١ / ٢٣٧ ، المعتبر : ٢ / ١٥٥ ، نهاية الإحكام : ١ / ٤٥٨ ، البيان : ١٥٦ ، المقنعة : ١١١.

(٥) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢٧٧.

(٦) نقل عنه الشهيد في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦٥.

(٧) المقنعة : ١١١.

٢٠٥

نوافل المغرب ، وفي أوّل ركعة من ركعتي الإحرام ، فهذه الستّة ذكرها علي بن الحسين وزاد المفيد [في] الوتيرة (١).

والأخبار كما مرّت وعرفتها مطلقة ، إلّا أنّه يمكن دعوى تبادر الفريضة ، إلّا أنّ الظاهر من صحيحة الحلبي العموم ، حيث قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن أخفّ ما يكون من التكبيرة في الصلاة قال : «ثلاث تكبيرات ، فإن كانت قراءة قرأت بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) وإذا كنت إماما فإنّه يجزيك أن تكبّر واحدة تجهر بها وتسرّ ستّا» (٢) ، فتأمّل جدّا!

وهذه الرواية ورواية أبي بصير السابقة (٣) ردّ على ابن الجنيد.

قوله : (نعم في رواية ابن طاوس). إلى آخره.

روى في «فلاح السائل» عن التلعكبري بطريق ضعيف ، عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال : «افتتح في ثلاثة مواطن بالتوجّه والتكبير» (٤). إلى آخر ما ذكره ، واريد بثلاثة مواطن بعد الفرائض جزما.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١١٥١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣ الحديث ٧٢٧٣.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٢١ الحديث ٧٢٤٠.

(٤) فلاح السائل : ١٣٠ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ١٣٩ ، الحديث ٤٣٢٩.

٢٠٦

فائدة

في الصحيح : «إذا كبّرت في أوّل الصلاة بعد الاستفتاح إحدى وعشرين تكبيرة أجزأك التكبير الأوّل عن تكبيرة الصلاة كلّها» (١). والمراد بها الرباعيّة ، فلو كبّر في أوّل صلاة الفجر إحدى عشرة تكبيرة بعد الافتتاح ثمّ نسي التكبيرات أجزأه ذلك.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ١٩ الحديث ٧٢٣٦ مع اختلاف يسير.

٢٠٧
٢٠٨

قوله : (فائدة : في الصحيح). إلى آخره.

هو صحيح زرارة عن الباقر عليه‌السلام «إحدى وعشرين» (١) سوى تكبيرات الافتتاح تكبير للركوع ، وأربع تكبيرات للسجدتين ، وتكبيرة للقنوت ، وسيجي‌ء في مبحث التشهّد استحباب تكبيرة القيام بعده ، ويظهر منه تكبيرة اخرى للركوع لرفع الرأس منه ، كما مرّ في استحباب رفع اليدين.

والظاهر أنّهما لو كانتا مستحبّتين ، فباستحباب ضعيف غير مشهور ، لا ينصرف الإطلاق إليهما.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٧ الحديث ١٠٠٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٤ الحديث ٥٦٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٩ الحديث ٧٢٣٦.

٢٠٩
٢١٠

القول في القراءة

قال الله عزوجل (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (١).

١٤٨ ـ مفتاح

[وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة]

تجب قراءة الفاتحة في الصلاة على المنفرد والإمام ، في كلّ ركعة من ثنائيّة ، والاوليين من كلّ ثلاثيّة ورباعيّة ، بالإجماع والصحاح المستفيضة (٢) ، أمّا المأموم فيأتي حكمه.

وليست بركن ، فإن نسيها حتّى ركع فلا شي‌ء عليه ، للمعتبرة (٣) ، خلافا لمن شذّ (٤) ، للصحيح (٥) ، وهو محمول على العامد.

__________________

(١) المزّمّل (٧٣) : ٧٢٠.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧ الباب ١ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٨٧ الحديث ٧٤١٤.

(٤) لاحظ! المبسوط : ١ / ١٠٥ ، التنقيح الرائع : ١ / ١٩٧.

(٥) وسائل الشيعة : ٦ / ٨٨ الحديث ٧٤١٧.

٢١١

ولو سها عنها حتّى أخذ في السورة قيل : أتى بها ثمّ بسورة (١) محافظة على الترتيب بلا خلاف ، ولو شكّ والحال هذه لم يلتفت ، وفاقا للمحقّق والحلّي (٢) ، لعموم : «إذا خرجت من شي‌ء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشي‌ء» الوارد في الصحاح (٣). وقيل : يعيد ، لعدم تحقّق التجاوز عن محل القراءة (٤) ، وهو أحوط.

__________________

(١) نهاية الإحكام : ١ / ٤٦٣ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ١٤٢ المسألة ٢٢٨.

(٢) المعتبر : ٢ / ٣٩٠ ، السرائر : ١ / ٢٤٨.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٧ الحديث ٨٠٧١ ، ٨ / ٢٣٧ الحديث ١٠٥٢٤ و١٥٠٢٦.

(٤) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٤٩.

٢١٢

قوله : (تجب قراءة الفاتحة). إلى آخره.

أجمع علماؤنا على وجوب قراءتها على النحو الذي ذكره المصنّف.

ويدلّ عليه الصحاح أيضا ، مثل صحيحة ابن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : عن الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته ، قال : «لا صلاة له إلّا أن يقرأ بها في جهر أو إخفات» (١).

ورواية أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل نسي أمّ القرآن ، قال : «إن كان لم يركع فليعد أمّ القرآن» (٢).

ورواية سماعة قال : سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب ، قال : «فليقل : أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إنّ الله هو السميع العليم ، ثمّ يقرأها ما دام لم يركع فإنّه لا قراءة حتّى يبدأ بها في جهر أو إخفات فإنّه إذا ركع أجزأه» (٣).

ومثلها رواية ابن مسلم إلا قوله : «فإنّه إذا ركع أجزأه» (٤).

وهاتان الروايتان تدلّان على وجوب السورة أيضا ، وعدم كفاية الحمد ، لقوله عليه‌السلام : «لا قراءة حتّى يتحقّق البدء بالحمد».

قوله : (للمعتبرة).

منها صحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «إنّ الله فرض الركوع

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣١٧ الحديث ٢٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٧ الحديث ٥٧٦ ، الاستبصار : ١ / ٣١٠ الحديث ١١٥٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧ الحديث ٧٢٨٠.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٤٨ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨٨ الحديث ٧٤١٩.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٧ الحديث ٥٧٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨٩ الحديث ٧٤٢٠.

(٤) الكافي : ٣ / ٣١٧ الحديث ٢٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٧ الحديث ٥٧٦ ، الاستبصار : ١ / ٣١٠ الحديث ١١٥٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٧ الحديث ٧٢٨٠.

٢١٣

والسجود والقراءة سنّة ، فمن ترك القراءة متعمّدا أعاد الصلاة ، ومن نسي القراءة فقد تمّت صلاته» (١).

ومثلها ما رواه الصدوق في الصحيح ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما‌السلام (٢) ، إلى غير ذلك.

وحكى في «المبسوط» عن بعض أصحابنا قولا بركنيّتها (٣) ، لظاهر صحيحة ابن مسلم عن الباقر عليه‌السلام ، وبملاحظة المعارض ظهر كون المراد حالة العمد خاصّة ، كما هو الحال في رواية سماعة (٤) أيضا.

قوله : (قيل). إلى آخره.

لا يخفى أنّه مقتضى القاعدة الثابتة من وجوب القراءة بعد الذّكر قبل الدخول في الركن الآخر ، وأنّه لا بدّ من إعادة السورة على القول بوجوبها ، حفظا للترتيب الثابت من الأدلّة ، من الإجماع والأخبار والتأسّي.

ومع أنّ ذلك هو المجمع عليه بين الأصحاب فلا وجه لأن يقول : «قيل» إلّا أن يكون «قبل» بالقاف والباء الموحّدة ، أي قبل قراءة الحمد ، لكنّه بعيد ، كما لا يخفى.

قوله : (والحال هذه).

أي بعد الدخول في السورة ، فظهر منه أنّ قبل الدخول في السورة لو عرض

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٦ الحديث ٥٦٩ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٣ الحديث ١٣٣٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨٧ الحديث ٧٤١٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٧ الحديث ١٠٠٥ وسائل الشيعة : ٦ / ٨٧ الحديث ٧٤١٤.

(٣) المبسوط : ١ / ١٠٥.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٧ الحديث ٥٧٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨٩ الحديث ٧٤٢٠.

٢١٤

الشكّ يأتي بها ، وهو كذلك إجماعا.

ولقوله عليه‌السلام في الصحاح : «إذا خرجت من شي‌ء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشي‌ء» (١). إذ يدلّ على أنّه إن لم يخرج منه ولم يدخل في غيره يأتي به ، وإذا خرج منه ودخل في غيره فشكّه ليس بشي‌ء.

ولا شكّ في أنّ السورة مغايرة للحمد ، بل مقتضى ما ذكر أنّه لو شكّ في آية من الحمد أو السورة وقد دخل في آية اخرى فشكّه ليس بشي‌ء ، وهو صحيح ، لصحّة السند ووضوح الدلالة وعدم شذوذ الصحاح.

قوله : (وقيل). إلى آخره.

لا يخفى فساد تعليله ، لأنّ كونه محل القراءة يقتضي أن لو وقع الشكّ في نفس القراءة أن يأتي بها لو وقع الشكّ وهو فيها ، ولا يجري ذلك في الشكّ في خصوص جزء من القراءة ، إذ مقتضى العمومات أنّه لو خرج من موضع خصوص ذلك الجزء ووقع الشكّ لم يكن ذلك الشكّ بشي‌ء.

ألا ترى أنّ مجموع أجزاء الركعة يطلق عليها اسم الركعة! فلو وقع الشكّ في جزء منها صدق أنّه محل الركعة وإن لم يصدق عليه كونه محل ذلك الجزء ، وذلك واضح لا سترة فيه.

وممّا ذكر ظهر أنّه لا وجه للاحتياط أيضا ، إذ لا منشأ له أصلا ، فتدبّر!

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٧ الحديث ٨٠٧١ ، ٨ / ٢٣٧ الحديث ١٠٥٢٤ و١٠٥٢٦.

٢١٥
٢١٦

١٤٩ ـ مفتاح

[وجوب القراءة في الآيات]

تجب قراءتها في عشر ركعات الآيات كلّها ، إن كان يقرأ في كلّ منها سورة كاملة بعدها ، وفي الاولى والسادسة خاصّة ، إن كان يفرّق سورتين على العشر في كلّ خمس سورة ، للصحاح المستفيضة (١) ، واستحبّها الحلّي مع إكمال السورة ، محتجّا بأنّ الركعات كركعة واحدة (٢) ، ويدفعه النصوص (٣).

ولا خلاف في هذا التخيير ، بل المستفاد من إطلاق الصحيح (٤) جواز التفريق ، بأن يبعّض سورة في إحدى الخمس ركعات ويقرأ في الاخرى خمسا ، والجمع في إحداهما بين الإتمام والتبعيض ، بأن يتمّ السورة في القيام الأوّل ـ مثلا ـ ويبعّض سورة في الأربع البواقي.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٢ الحديث ٩٩٤١ ، ٤٩٤ الحديث ٩٩٤٦ ، ٤٩٥ الحديث ٩٩٤٧.

(٢) السرائر : ١ / ٣٢٤.

(٣) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٢ الحديث ٩٩٤١ ، ٤٩٤ الحديث ٩٩٤٦ ، ٤٩٥ الحديث ٩٩٤٧.

(٤) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٤ الحديث ٩٩٤٦.

٢١٧
٢١٨

قوله : (تجب قراءتها في عشر). إلى آخره.

قد مرّ التحقيق في جميع ما ذكر في هذا المفتاح في مبحث صلاة الآيات (١) ، وأزيد منه.

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٣٩ ـ ٤٦٥ (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب.

٢١٩
٢٢٠