مصابيح الظلام - ج ٧

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٧

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-8
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥١٦

قوله : (يجب القيام). إلى آخره.

أجمع علماء الإسلام على وجوبه في الصلاة ، نقل الإجماع الفاضلان والشهيد (١) ، وابن زهرة نقل إجماع الفرقة (٢) ، بل نقل الفاضلان الإجماع أيضا على ركنيّته فيها (٣).

واستدلّوا على الوجوب والركنيّة بقوله تعالى (قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) (٤) أي : داعين ، كما ذكره الطبرسي عن الصادقين عليهما‌السلام (٥) ، إذ ظاهرها وجوبه ، ولا وجوب إلّا في الصلاة بالضرورة.

وبقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لرافع بن خديجة : صلّ قائما وإن لم تستطع فقاعدا (٦).

وبأنّ المعهود من فعل الشارع هو القيام فيها ، فيجب اتّباعه في العبادات التوقيفيّة ، سيّما بعد قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (٧).

وبحسنة أبي حمزة ـ بإبراهيم بن هاشم ـ عن الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) (٨). قال : «الصحيح يصلّي قائما ، وقعودا ، المريض يصلّي جالسا ، وعلى جنوبهم الذي يكون أضعف من

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ١٥٨ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٨٩ المسألة ١٨٩ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦٦.

(٢) غنية النزوع : ٧٧.

(٣) المعتبر : ٢ / ١٥٨ ، منتهى المطلب : ٥ / ٨ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٨٩ المسألة ١٨٩.

(٤) البقرة (٢) : ٢٣٨.

(٥) مجمع البيان : ١ / ٢٦٣ (الجزء ٢).

(٦) مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٥٨٧ الحديث ١٩٣١٨ ، صحيح البخاري : ١ / ٣٤٨ الحديث ١١١٧ ، لاحظ! تذكرة الفقهاء : ٣ / ٨٩.

(٧) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨ ، صحيح البخاري : ١ / ٢١٢ الحديث ٦٣١.

(٨) آل عمران (٣) : ١٩١.

٤١

المريض الذي يصلّي جالسا» (١).

وصحيحة جميل عن الصادق عليه‌السلام : ما حدّ المريض الذي يصلّي قاعدا؟ فقال : «إنّ الرجل ليوعك ويحرج ، ولكنّه أعلم بنفسه إذا قوي فليقم» (٢).

والمناقشة في الدلالة فاسدة ، بعد ملاحظة الإجماع وكثرة الأدلّة ، وتعاضد بعضها ببعض.

بل الظاهر من كلّ واحد الوجوب ، فإنّ (قُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) أمر ورد بعد قوله تعالى (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) (٣).

وظاهر أنّ المراد منها الفرائض ، لانصراف الإطلاق إليها ، ولما ورد في تفسيرها بالعبادة التوقيفية (٤) ، يتوقّف على مبيّن ، ولا قول لتعين الفعل ، كما ستعرف مكررا.

و «صلّوا» أمر ظاهر في الوجوب ، خرج ما خرج بالدليل ، وبقي الباقي.

وكون المراد منه الطلب مجازا مرجوح ، لغلبة تخصيص العمومات ، حتّى قيل : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، مع أنّ بناء المكالمات العرفيّة على ذلك غالبا ، وورد في الأخبار تخصيص العام (٥) ، ولم يعهد ورود ذلك.

مع أنّ المقام لا يناسب تجويز الترك والرخصة في المخالفة ، لعدم انحصارها في

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤١١ الحديث ١١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٩ الحديث ٦٧٢ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٨١ الحديث ٧١١٣.

(٢) الكافي : ٣ / ٤١٠ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٩ الحديث ٦٧٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٩٥ الحديث ٧١٥٣ مع اختلاف يسير.

(٣) البقرة (٢) : ٢٣٨.

(٤) تفسير الفخر الرازي : ٦ / ١٥٨.

(٥) الكافي : ١ / ٦٣ الحديث ١ ، الأصول الأصيلة : ٨٥.

٤٢

المستحب ، إذ لعلّ المخاطبين يتركون واجبا ، أو يغيّرون ، أو يبدّلون ، ولم يجز واحد منها.

والبناء على كون المخاطبين بأجمعهم عارفين جميع الأحكام ما صدر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من صلاته ، بحيث لم يكن من واحد منهم اشتباه أصلا في شي‌ء من أحكامه ، فيه ما فيه.

مضافا إلى أصالة العدم ، واستلزام ذلك عدم الحاجة إلى الأمر المذكور ، بل كون ذلك الخطاب تحصيلا للحاصل ، لا أنّه تعليم للجاهل ، بل كونه مخلّا ، لكون الأمر حقيقة في الوجوب وجواز النسخ.

مع أنّه عليه‌السلام كما يرى أنّ الناس يتبعونه في فعله ، سيّما في ماهيّة العبادة ، فلذا كان غالبا يقتصر على الواجبات ، وإذا صدر منه مستحبّ كان يعرّفهم ويعلّمهم.

وربّما لا يعرّفهم بناء على عدم الضرر في ارتكاب المستحبّ ، والالتزام به غالبا ، وإن كان بقصد الوجوب ، كما يظهر من الأخبار (١).

وربّما كانت المصلحة في ذلك ، بخلاف ترك الواجب والتغرر فيه ، فتأمّل جدّا!

وأمّا الصحيحتان ، فلا يتطرّق إليها يد المناقشة أصلا ، سيّما بعد ملاحظة ما سيجي‌ء في مبحث سقوط القيام عن مثل المريض ، بل الأخبار متواترة في أنّ المكلّف لا يصلّي قاعدا ما دام يستطيع القيام (٢) ، ذكرت في صلاة السفينة ، ويوم المطر والثلج والوحل ، وصلاة المريض والخائف ، وغير ذلك.

ومقتضى جميع ما ذكر الركنيّة أيضا ، لما حقّقنا في «الفوائد» أنّ جزئيّة

__________________

(١) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٨١ الباب ١ من ابواب القيام.

٤٣

الواجب يقتضي الركنيّة حتّى يثبت خلافه (١) ، لعدم الإتيان بالمطلوب ، وإن كان الترك نسيانا أو جهلا ، وإن لم يكن مؤاخذة فيهما ، لأنّ عدم المؤاخذة غير الصحّة ، فبعد الاطّلاع على الإخلال ، يجب الاستدراك ما لم يفت الوقت.

ويدلّ على الوجوب والركنيّة أيضا ، صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال : «ثمّ استقبل القبلة». إلى أن قال : «فقم منتصبا فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : من لم يقم صلبه فلا صلاة له» (٢).

لا يقال : روى زرارة أيضا في الصحيح عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود» (٣) ، وهذا يدلّ على عدم الركنيّة.

لأنّا نقول : الحصر فيه إضافي ، لوجوب الإعادة عن النيّة وتكبيرة الافتتاح وغيرهما ممّا مرّ وسيجي‌ء ، مع أنّ التكبيرة من جهة كونها ابتداء الصلاة والدخول فيها لا يتيسر عادة وغالبا إلّا بها ، فلذا لا تنسى غالبا وعادة ، كما سيجي‌ء في النص ، فلعلّه لهذا لم تذكر فيها ، ومعلوم أنّ حال القيام فيها حالها.

وأمّا القيام حال الحمد والسورة ونحوهما ، فليس بركن قطعا ، لأنّ نسيانها غير مضرّ جزما ، كما ستعرف ، فتركها نسيانا ترك قيامها أيضا قطعا ، كما هو الظاهر من الأدلّة والفتاوى.

وأمّا حال النيّة ، فغير معلوم لزومه ، لكونها شرطا على الأقوى والأصحّ ، ولا دليل على اعتباره فيها ، لما عرفت في بحث الوضوء ، وستعرف من أنّ المعتبر

__________________

(١) الفوائد الحائرية : ٣٥١.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٠ الحديث ٨٥٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٣ الحديث ٥٢٤٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨١ الحديث ٨٥٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٢ الحديث ٥٩٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٢ الحديث ٥٢٤١.

٤٤

فيها ليس إلّا قصد الامتثال والتعيين ، وأقصى ما يمكن اعتباره فيها أو يتوهّم قصد الوجه ومثله ممّا عرفت.

وأمّا ما يتّصل بالركوع منه ، فلعلّه داخل في الإعادة للركوع ، لأنّ المتبادر من الركوع ما هو المعتبر شرعا ، وما ظهر كونه في الصلاة من فعل الشارع وقوله ، وغير خفيّ أنّه الانحناء عن القيام.

وأمّا عدم الإعادة عن نسيان ذكر الركوع والطمأنينة له ونحوهما ، فمن الإجماع أو النص أو كليهما ، كما ستعرف.

لا يقال : في معتبرة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال له : الرجل يصلّي وهو قاعد فيقرأ السورة فإذا أراد أن يختمها قام فركع بآخرها ، قال : «صلاته صلاة القائم» (١).

لأنّا نقول : الظاهر منها حكم صلاة التطوع ، كما ورد في غيرها أيضا (٢) وظهر منه.

قوله : (وحدّه الانتصاب). إلى آخره.

لا شبهة في رجوعه إلى العرف ، بأنّ ما يعدّ فيه قياما يكفي ، وهو المعتبر في الواجب ، ويتحقّق بما ذكره من نصب فقار الظهر ، لعدم تحقّق القيام الحقيقي من المختار إلّا به عرفا.

وأمّا ما ذكره من الموثّق فلم أعرفه ، لكن مرّ في صحيحة زرارة أنّ «من لم يقم صلبه فلا صلاة له» (٣).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤١١ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٧٠ الحديث ٦٧٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٩٨ الحديث ٧١٦٠.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٤٩٨ الباب ٩ من أبواب القيام.

(٣) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٣ الحديث ٥٢٤٣.

٤٥

وورد هذا المضمون في رواية ضعيفة عن الصادق عليه‌السلام أيضا في مقام أمره بإقامة الصلب بعد رفع الرأس من الركوع ، حيث علّل ذلك بأنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه (١).

وفي صحيحة حمّاد ، عن حريز ، عن رجل ، عن الباقر عليه‌السلام قال : قلت له : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٢) ، قال : «النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه ونحره» (٣).

وفي صحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر ، ثمّ اركع» (٤) إلى غير ذلك.

قوله : (فلا يخلّ به الإطراق).

لا يخلّ به إذا كان بحيث لا يخرج به عن القيام الحقيقي المتبادر ، مع ما مرّ في مرسلة حريز التي كالصحيحة ، من الأمر بإقامة النحر ، إذ مراعاته لا يخلو عن احتياط ، فتأمّل جدّا!

وأمّا الإخلال بالميل إلى أحد بالجانبين ، فإنّما هو إذا أخرجه عن كونه منتصبا عرفا ولغة.

والظاهر أنّ القائل قائل بأنّ مطلق الميل المذكور مناف للانتصاب الحقيقي ، يعني المتبادر من الإطلاق ، وإن جاز إطلاق الانتصاب على بعضه بمعونة القرينة ،

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٢٠ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٨ الحديث ٢٩٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٢١ الحديث ٨٠٨٢ نقل بالمضمون.

(٢) الكوثر (١٠٨) : ٢.

(٣) الكافي : ٣ / ٣٣٦ الحديث ٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٤ الحديث ٣٠٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٨٩ الحديث ٧١٣٧.

(٤) الكافي : ٣ / ٣١٩ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٧ الحديث ٢٨٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٥ الحديث ٨٠٠٨.

٤٦

وكونه من غاية القلّة كأنّه منعدم ، لا أنّه منعدم واقعا ، وهو غير بعيد.

بل الظاهر أنّه إذا كان ميلا إلى أحدهما عرفا حقيقة ، فهو مناف للانتصاب جزما ، فصدق الميل والانتصاب ممّا لا يجتمعان ، كما أنّ الانحناء أيضا كذلك.

وبالجملة ، حال الميل حال الانحناء ، فكما لا يجوز ، لا يجوز الميل أيضا ، فلا وجه لتأمّل المصنّف حيث نسبه إلى القيل.

قوله : (ويشترط). إلى آخره.

هذا هو المتبادر ممّا ذكر من الأدلّة الدالّة على وجوب القيام ، ومقتضى المتابعة لفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأمر الوارد بها وهو إجماعي ، بل ضروري في الجملة ظاهر من الأخبار ـ مثل ما مرّ في الأذان والإقامة (١) ـ وممّا ورد في الصلاة في المحمل وعلى الدابّة وفي السفينة وفي المطر والوحل والثلج ، وغير ذلك (٢) ، وما سيجي‌ء في مبطلات الصلاة ، وفعل الكثير فيها وغيرها.

ومنها ما أشار إليه المصنف بقوله : وفي الخبر (٣) ، لكن هذا الخبر ورد في موضع خاص ، وإلّا فالمشي اختيارا مناف للصلاة ، كما عرفت.

فلا وجه لتعرّض المصنّف لذكره في المقام أصلا ، سيّما مع عدم التعرّض للتوجيه وبيان مقامه.

قوله : (والأكثر). إلى آخره.

والدليل عليه (٤) ما ذكرناه دليلا للاستقراء ، من المتبادر والمتابعة والأمر بها.

__________________

(١) راجع! الصفحة :

(٢) وسائل الشيعة : ٤ / ٣٢٥ الباب ١٤ من أبواب القبلة.

(٣) الكافي : ٦ / ٣١٦ الحديث ٢٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩٨ الحديث ٧٤٤٦.

(٤) في (ز ٣) زيادة : جميع.

٤٧

ويدلّ عليه صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا تستند بخمرك وأنت تصلّي ولا تستند إلى جدار إلا أن تكون مريضا» (١).

الخمر بالخاء المعجمة والميم المفتوحتين : ما واراك من شجر ونحوه.

وأيضا شغل الذمّة اليقيني يقتضي (٢) البراءة اليقينية ، وهي موقوفة على الاستقلال.

قوله : (للمعتبرة).

أقول : هي صحيحة علي بن جعفر سأل أخاه موسى عليه‌السلام عن الرجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلّي ، أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علّة؟ قال : «لا بأس» ، وعن الرجل يكون في الفريضة فيقوم في الركعتين الأوّلتين هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولا علّة؟ قال : «لا بأس» (٣).

وموثّقة ابن بكير عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل يصلّي متوكّئا على عصا أو [على] حائط ، فقال : «لا بأس بالتوكّؤ على عصا والاتّكاء على الحائط» (٤).

ورواية سعيد بن يسار عنه عليه‌السلام : عن التكئة في الصلاة [على الحائط] يمينا وشمالا ، فقال : «لا بأس» (٥).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٧٦ الحديث ٣٩٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٠ الحديث ٧١٦٥ مع اختلاف يسير.

(٢) في (ز ٣) : يستدعي.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٧ الحديث ١٠٤٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٢٦ الحديث ١٣٣٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٩٩ الحديث ٧١٦٤ مع اختلاف يسير.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٢٧ الحديث ١٣٤١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٠ الحديث ٧١٦٧.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٢٧ الحديث ١٣٤٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٠ الحديث ٧١٦٦.

٤٨

أقول : لا يخفى شذوذ هذه الأخبار ، بل الظاهر من كلام الفاضلين ، سيّما «المنتهى» و «المختلف» الإجماع في المسألة (١) ، بل في «المختلف» صرّح بهذا الإجماع (٢).

قال الفاضل المحقّق الشيخ محمّد : ظاهر «المختلف» دعوى الإجماع فيما أظنّ ، لكن لا يحضرني الآن (٣) ، انتهى.

أقول : وكذا الظاهر من كتب الشيخ والشهيد وغيرهم (٤) ، ممّن اطّلعت عليه ، إذ في مقام التعرّض لذكر المخالف ، ما أشاروا إلى مخالفة من أحد ، ولا تأمّل من أحد ، بل غاية ما صدر من بعضهم ذكر صحيحة علي بن جعفر (٥) ، ورفع توهّم الإشكال من جهتها خاصّة.

نعم ، في «الذكرى» و «المسالك» نسبا إلى الحلبي القول بالكراهة (٦) ، فلعلّه توهّم من كلام الحلبي ، إذ ربّما كانت الكراهة في كلامهم بالمعنى اللغوي ، مريدين منها الحرمة ، كما عرفت بعضا من ذلك.

وكيف كان ، لا شبهة في شذوذها ، وورد منهم الأمر بترك العمل بالشاذّ ، والأخذ بالمشتهر بين الأصحاب.

وكذا الحال في موافقة الكتاب ومخالفته ، بل ورد في الأخبار المتواترة ، الأمر

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ١٥٨ ، منتهى المطلب : ٥ / ١٠ و١١ ، مختلف الشيعة : ٢ / ١٩٤.

(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ١٩٤.

(٣) استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار (مخطوط).

(٤) النهاية للشيخ الطوسي : ٦٩ ، المبسوط : ١ / ١٠٠ ، الخلاف : ١ / ٤٢٠ المسألة ١٦٧ ، الرسائل العشر : ١٨٠ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦٧ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢٥.

(٥) روض الجنان : ٢٥٠.

(٦) ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦٧ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٠١ ، لاحظ! الكافي في الفقه : ١٢٥.

٤٩

بأخذ موافقته وترك مخالفته (١).

وقد ظهر لك أنّ ظاهره وجوب القيام حيث قال (قُومُوا) بعد ما قال : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ) (٢) ولم يؤمّر بالقيام إلى الدعاء في موضع أصلا ، مضافا إلى أنّ القنوت لغة هو الإطاعة والدعاء (٣) ، بل جعله من جملة معانيه القيام في الصلاة ، مضافا إلى تفسير أهل البيت عليهم‌السلام (٤) وقد عرفته ، وعرفت أيضا تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) (٥) عن أهل البيت عليهم‌السلام (٦).

وأيضا ورد الأمر بأخذ ما وافق السنّة وترك ما خالفها ، وعرفت قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (٧).

وورود أخبار كثيرة في وجوب القيام ، منها ما مرّ ، ومنها ما سيجي‌ء في بحث العاجز عنه للصلاة.

ولا شبهة في كون الظاهر والمتبادر منها القيام على الاستقلال ، لا معتمدا على شي‌ء متوكئا عليه ، بل المتبادر من القيام المطلق الخالي عن القرينة هو ذلك ، بل لا يطلق على المتوكئ. والمعتمد المذكور لفظ القيام المطلق ، بل ربّما يصحّ سلبه عن المتوكئ المستند المذكور ، أي الذي لو رفع سناده وما عليه اعتماده ، لسقط جزما

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٢) البقرة (٢) : ٢٣٨.

(٣) مجمع البحرين : ٢ / ٢١٥.

(٤) لا حظ! مجمع البيان : ١ / ٢٦١ (الجزء ٢)

(٥) آل عمران (٣) : ١٩١.

(٦) راجع! الصفحة : ٤١ و٤٢ من هذا الكتاب.

(٧) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٨ الحديث ٨.

٥٠

أو ظاهرا ، ولم يكن قائما حينئذ أصلا.

مع أنّ الصحيحة يمكن حملها على غير الفريضة ، بقرينة قوله أخيرا : وعن الرجل يكون في الفريضة. إلى آخره (١) ، إذ يظهر منه أنّ الفرض الأوّل كان في غير الفريضة ، وغير معلوم ضرر مجرّد الاستعانة في النهوض فقط ، مع عدم توكؤ ، واعتماد في حال القيام ، سيّما الاعتماد المذكور.

وبالجملة ، غير الصحيحة لا تعارض الصحيحة ، فكيف الصحاح المتواترة ، والآيتين من القرآن ، وغير ذلك ممّا مرّ (٢)؟

والصحيح لا يعارض ما ذكر البتّة ، وإن لم يكن شاذّا ، فما ظنّك بالشاذّ مع عدم ظهور معارضة منه ، بل ظهور العدم؟

مع أنّه على تقدير ظهور المعارضة ، وفرض تحقّق المقاومة ، لا شكّ في كون ما ذكرناه هو أقرب جمع ، بل متعيّن بحسب الدلالة ، والوجوه الخارجة.

بل لو قطعنا النظر عنها ، فلا شكّ في أنّه أقرب بحسب الدلالة البتّة ، لو لم نقل بظهور التطوع منه ، بل في مقام التعارض يتعيّن ذلك الظهور بلا شبهة.

مع أنّه معلوم أنّ القيام مأخوذ فيه الاستناد إلى الرجل والاعتماد عليه.

ألا ترى إلى راكب الخيل ـ مثلا ـ لو كان فقار ظهره جميعا منتصبا ، وتكون رجلاه موضوعتين على شي‌ء ، لكن يكون اعتماده على السرج واستناده إليه لا يقال عرفا إنّه قائم قطعا ، وإن كان جميع صفات القائم موجودة فيه ، سوى الاعتماد على الرجلين ، وإن كان له اعتماد ما أيضا على رجليه ، إلّا أنّ الاعتماد الحقيقي على مثل السرج ، ممّا لو رفع أو جرّ من تحته لوقع جزما.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٧ الحديث ١٠٤٥ ، وسائل الشيعة ٥ / ٤٩٩ الحديث ٧١٦٤.

(٢) راجع! الصفحة : ٤١ و٤٢ من هذا الكتاب.

٥١

أمّا لو قام هذا الراكب ، بأن جعل اعتماده الحقيقي على رجليه فقط ، يقال له :

قام فوق الخيل ، وقام ورجلاه في كذا والسرج تحته ، إلى غير ذلك ، ومثل هذا الراكب من تعلّق بشي‌ء ، بأن كان جميع فقار ظهره منتصبا ، ورجلاه على شي‌ء من دون اعتماد أصلا أو اعتماد ضعيف غير حقيقي.

فظهر أنّ القيام لا يتحقّق حقيقة تبادرا ، من غير الاعتماد الحقيقي على الرجل وأسافل الأعضاء.

وبالجملة ، فرق واضح بين نفس القيام وهيئة القائم ، والراوي قال : يستند إلى حائط المسجد وهو قائم ، فإمّا أن يكون مراده من القيام هيئة القيام لا الحقيقي منه ، فيكون اعتماده الحقيقي على الحائط ، ولم يرض بذلك أحد ، ولم ينسب إلى أحد ، أو يكون مراده من القيام معناه الحقيقي ، لا مجرّد هيئته وشكله.

فيكون مراده من الاستناد غير محلّ النزاع ، ولذا قال في «الدروس» : ويجب الاستقلال بحيث لا يستند إلى ما يعتمد عليه ، ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام لا تنافيه (١) ، انتهى.

بل ظاهر أنّ هذا الاستناد لا يقتضي الاعتماد عليه ، أو أنّه أعمّ منه ، إلّا أنّه خال عن الاعتماد التام ، وهو الذي إذا رفع السناد وقع.

والباقون من المحققين قالوا : الرواية محمولة على الاستناد الذي لا يسقط معه لو زال المستند إليه ، جمعا بينها وبين المعارض (٢).

وغير خفي أنّه أقرب وجه جمع بعد الإغماض عمّا ذكرنا من احتمال النافلة وما ذكرناه من أنّ القيام الواقعي غير صورة القيام وغير ذلك ، وإلّا قد عرفت عدم

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٦٨.

(٢) جامع المقاصد : ٢ / ٢٠٣ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٠١ ، روض الجنان : ٢٥٠.

٥٢

المعارضة أصلا من جهتين : احتمال النافلة لو لم نقل بظهوره ، وظهور عدم اجتماع الاستناد الذي لو رفع المستند إليه لوقع مع القيام الحقيقي المتبادر منه.

وأيضا قول الراوي : (من غير مرض ولا علّة) ، قيد لقوله : (أو يضع يده على الحائط وهو قائم) ، لما هو الحقّ والمحقّق من أنّ القيد يرجع إلى خصوص الجملة الأخيرة ، وطريقة الأئمّة عليهم‌السلام ، منها كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) (١) الآية (٢) ، فيظهر أنّه ليس بقيد للأولى.

فربّما يظهر أنّ استناده إلى حائط المسجد ليس من غير مرض ولا علّة ، فمن هذه الجهة أيضا لم يكن معارضة ، وسيجي‌ء ما يعضد ذلك.

سلّمنا ، لكن إبقاؤها على إطلاقها لا أقلّ منه ، ومعلوم أنّه عند التعارض يتعيّن رفعه ، بحمل المطلق على المقيّد ، سيّما مع ما في المطلق من الإشعار بالحمل على المقيّد ، كما عرفت ، وخصوصا مع اعتضاد ذلك الإشعار ، بتقييد الراوي سؤاله الأخير أيضا ، بقوله : من غير ضعف ولا علّة.

وهذا يشعر أيضا بأنّ القيد في المقام ، لا يرجع إلى غير الأخير ، فتدبّر.

على أنّا نقول : قوله : «وهو قائم» قيد لـ «وضع اليد على الحائط» ، كما عرفت ، فلم يظهر كون الاستناد حال القيام ، فلا يضرّ المقام ، إذ تقيد الباقي (٣) بكونه حال القيام ، ربّما يومئ بأنّ الاستناد لم يكن حال القيام ، على أنّ الإطلاق لا أقلّ منه ، وحمله على المقيّد متعيّن على ما عرفت.

بل في «المختلف» بعد ما ادّعى الإجماع على وجوب الاستقلال ، أجاب عن

__________________

(١) النساء (٣) : ٢٣.

(٢) التبيان : ٣ / ١٥٧ ، البرهان في تفسير القرآن : ١ / ٣٥٧ الحديث ١٢.

(٣) في (ك) : الثاني.

٥٣

رواية علي بن جعفر ، بأنّ الاستناد غير مستلزم الاعتماد ، وكذا الاستعانة في القيام ، فإنّما يجوّزها إلى أن يستقل بالقيام (١) ، فتدبّر!

إذا عرفت ما ذكرنا ظهر لك أنّ ما اتّفق عليه غير واحد بعد «المدارك» (٢) ، من بعد الحمل المشهور وقرب الحمل على الكراهة ، وكون مذهب الحلبي (٣) أقوى (٤) ، فيه ما فيه ، إذ فيه مضافا إلى جميع ما ذكر أنّ قوله عليه‌السلام : «لا بأس» يقتضي نفي جميع أفراد البأس ، والكراهة بأس بلا شبهة.

فظاهر الصحيح نفي الكراهة أيضا (٥) ، وهو لا يقول به ، فتخريب مجموع المتعارضين كيف يكون أقرب من تأويل أحدهما؟ سيّما أن يخرب ما هو الحجّة بما ليس بحجّة ، بمقتضى الأخبار والقواعد والفتاوى ، ورفع اليد عن جميع ظواهر الأخبار.

وممّا ذكر ظهر حال الموثّقة (٦) والضعيفة (٧) أيضا ، مع عدم كونهما حجّة عندهم أصلا ، فضلا أن يعارضا الحجج الواضحة ، وخصوصا أن يغلبا عليها.

مع أنّ الموثّقة في سندها أحمد الموثّق ، وأبوه الموثّق أيضا ، وأحمد كان شديد التعصّب في الفطحيّة (٨) ، مع احتمال حملها على النافلة ، أو الاتّكاء الضعيف ، أو صورة العجز ، والصحّة في الجملة ، حملا للمطلق على المقيّد ، لأنّ الظاهر منهما وإن

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ١٩٤.

(٢) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢٨ ، ذخيرة المعاد : ٢٦١ ، كفاية الأحكام : ١٨ ، الحدائق الناضرة : ٨ / ٦٢.

(٣) الكافي في الفقه : ١٢٥.

(٤) في (ز ٣) : أقرب.

(٥) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٩٩ الحديث ٧١٦٤.

(٦) وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٠ الحديث ٧١٦٧.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٠ الحديث ٧١٦٦.

(٨) منهج المقال : ٤٥ مع اختلاف يسير.

٥٤

كان صحة تلك الصلاة ، إلّا أنّه مطلق.

والمطلق يحمل على ما ورد من أنّ الاتّكاء يجوز مع الضعف ، كما ستعرف ، خصوصا بملاحظة أنّ المصلّي لا يصلّي متوكئا على عصى ونحوه غالبا ، إلّا من داع وعلّة ، والإطلاق ينصرف إلى الغالب.

وأيضا تتبّع الأخبار يكشف عن أنّ أمثال هذه الأسئلة بالنسبة إلى غير الفريضة ، وإن كانوا يذكرون بلفظ «الصلاة» مطلقا لما عرفت وعهد من الأخبار المتواترة ، وطريقة المسلمين في جميع الأعصار والأمصار ، بحيث ظهر أنّ من الدين كون الفريضة عن قيام اختيارا ، يعني القيام الحقيقي والمتبادر ، لا أنّه يكفي شكل القيام ، خصوصا عند أجلّة فقهاء أصحابنا ، مثل علي بن جعفر ، وسعيد بن يسار ، وابن بكير ، ولذا قيّد علي بن جعفر سؤاله الثالث بكون الرجل في صلاة فريضة ، وقيّده أيضا بقوله : من غير علّة (١) ، مع تقييده سؤاله الثاني أيضا به ، فظهر أنّ بناءه على عدم إرجاع القيد إلى غير الأخير ، كما قلنا ، وهو الحقّ المشهور عند الشيعة.

ثمّ اعلم! أنّ الواجب في القيام كون الاعتماد على الرجل ، بل عرفت أنّه مأخوذ فيه.

وهل يجب على القادر كون الاعتماد على الرجلين معا ، أم يكفي الواحدة؟ في «الدروس» و «الذخيرة» أنّه يجب كون الاعتماد على الرجلين (٢).

واحتجّ في «الذخيرة» بأنّه المتبادر من الأمر بالقيام ، وكونه منتصبا (٣) ، انتهى.

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٨ من هذا الكتاب.

(٢) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٦٩ ، ذخيرة المعاد : ٢٦١.

(٣) ذخيرة المعاد : ٢٦١.

٥٥

أقول : ولاقتضاء البراءة اليقينية ذلك ، ولأنّه الصادر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، فيجب التأسّي في العبادة التوقيفيّة ، لعدم بيان واف قوي (١).

وممّا ذكر ظهر عدم جواز تباعد الرجلين ، بما يخرج عن حدّ القيام المتبادر الظاهر من الأخبار ، والصادر من المسلمين في الأعصار والأمصار ، بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام.

ولو كان الثقل والاعتماد على أحدهما أزيد ، فلعلّه غير مضرّ ، لعدم ثبوت المضرة ، وعدم نهي من الشارع ، إذ لو كان حراما لصدر نهي لعموم البلوى وشدّة الحاجة ، وعدم خلوّ المكلّفين عن مثله ، وعدم الإلزام والالتزام بالمساواة من الفقهاء ولا المسلمين في الأعصار والأمصار ، مع غفلة عن هذه الدقيقة ، وشيوع المسامحة في المخالفة ، وليست من الأفراد النادرة.

فلو كانت واجبة للزم على الشارع تنبيههم ، ولو فعل لشاع وذاع ، وصدر به الفتوى من أحد لا أقلّ.

لكن الأحوط ارتكاب المساواة مهما تيسّر ومتى تفطّن ، لأنّها صحيحة جزما ، مبرئة للذمّة قطعا ، ولا يدانيها شائبة ضرر رأسا.

ويمكن القول بأنّه الفرد المتبادر من القيام ، والمتعارف الشائع الذي ينصرف الإطلاق إليه ، وببالي أنّه ورد النهي عنه أو ذمّه (٢) ، والله يعلم.

__________________

(١) في (د ١) و (ك) و (ز ٣) : قولي.

(٢) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٠١ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ١١٨ الحديث ٤٢٧٧.

٥٦

١٤٠ ـ مفتاح

[ما يستحبّ في القيام]

يستحبّ أن يدعو عند القيام إلى الصلاة بالمأثور (١) ، وأن يستقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة ، كما في الصحيح (٢) ، وأن يعمل بما تضمّنه الصحيح : «إذا قمت [في الصلاة] فلا تلصق قدمك بالاخرى ، دع بينهما فصلا إصبعا أقلّ ذلك ، إلى شبر أكثره ، وأسدل منكبيك وأرسل يديك ولا تشبّك أصابعك ، ولتكونا على فخذيك قبال ركبتيك ، وليكن نظرك على موضع سجودك» (٣) الحديث.

وأن يكون قيامه في الصلاة قيام العبد الذليل بين يدي الربّ الجليل ، بالتزام الحياء والخشوع والتذلّل ظاهرا وباطنا ، متدبّرا قوله تعالى (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ) (٤) وأن يثبت على قدميه ، ولا يطأ مرّة على

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٨ الباب ١٥ من أبواب القيام.

(٢) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الحديث ٧٠٧٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٤) الشعراء (٢٦) : ٢١٨ و٢١٩.

٥٧

هذه ومرّة على هذه ، ولا يتقدّم مرّة ويتأخّر أخرى ، كذا قيل (١).

ويكره التكفير ، وهو وضع اليمين على الشمال كما يفعله المجوسي ، للنهي عنه في الصحيح (٢) وغيره (٣) ، ولمخالفته السنّة من وضعهما على الفخذين ، والأكثر على تحريمه بل بطلان الصلاة به (٤) ، حتّى أنّ الشيخ والسيّد نقلا عليه الإجماع (٥) ولم يثبت ، ووافقنا على الجواز الحلبي (٦) والمحقّق في «المعتبر» (٧) ، ويجوز للتقيّة بل قد يجب بلا خلاف.

وأمّا المرأة ففي الصحيح : «أنّها إذا قامت جمعت بين قدميها ، ولا تفرّج بينهما ، وتضمّ يديها إلى صدرها لمكان ثدييها» (٨).

__________________

(١) نقل عن الجعفي في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٧٨.

(٢) وسائل الشيعة : ٧ / ٢٦٦ الحديث ٩٢٩٦.

(٣) وسائل الشيعة : ٧ / ٢٦٥ الباب ١٥ من أبواب قواطع الصلاة.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٢ ، المبسوط : ١ / ١١٧ ، السرائر : ١ / ٢٤٣ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٩٥ المسألة ٣٣٠ ، الدروس الشرعية : ١ / ١٨٥.

(٥) الخلاف : ١ / ٣٢١ و٣٢٢ المسألة ٧٤ ، الانتصار : ٤١.

(٦) الكافي في الفقه : ١٢٥.

(٧) المعتبر : ٢ / ٢٥٧.

(٨) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦٢ و٤٦٣ الحديث ٧٠٨٠ مع اختلاف يسير.

٥٨

قوله : (أن يدعو). إلى آخره.

في صحيحة أبان وابن وهب عن الصادق عليه‌السلام : «إذا قمت إلى الصلاة فقل : اللهمّ إنّي اقدّم إليك محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين يدي حاجتي وأتوجّه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين ، واجعل صلاتي به مقبولة ، وذنبي به مغفورا ، ودعائي به مستجابا ، إنّك أنت الغفور الرحيم» (١).

ورواها الصدوق مرسلا من دون تفاوت (٢) ، والكليني مرفوعا بتفاوت (٣) ، والصدوق أيضا مرسلا بتفاوت أزيد (٤).

قوله : (كما في الصحيح).

هو صحيحة حماد بن عيسى ، عن الصادق عليه‌السلام قال له يوما : «يا حمّاد ، تحسن أن تصلّي؟» فقال له : أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة ، قال : «لا عليك يا حمّاد قم فصل» فقام فصلّى ، فقال : «يا حمّاد ، لا تحسن أن تصلّي ، ما أقبح بالرجل منكم يأتي عليه ستّون سنة أو سبعون فلا يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة؟» ، فقلت : جعلت فداك ، فعلّمني الصلاة ، فقام عليه‌السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه وقرّب بين قدميه حتّى كان بينهما قدر ثلاثة أصابع مفرجات ، واستقبل بأصابع رجليه جميعا القبلة لم يحرّفهما عن القبلة وقال بخشوع : الله أكبر» (٥) الحديث ، ويأتي تمام البقيّة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١١٤٩ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٥٠٩ الحديث ٧١٩٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٧ الحديث ٩١٧.

(٣) الكافي : ٢ / ٥٤٤ الحديث ٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٠٦ الحديث ١٤٠١.

(٥) الكافي : ٣ / ٣١١ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨١ الحديث ٣٠١ وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الحديث

٥٩

وظاهرها أنّ الصادق عليه‌السلام في مقام تعليم الآداب والمستحبّات ، وأنّ صلاة حمّاد كانت صحيحة ، ولذا لم يأمره بالإعادة ، ووبّخ من التوبيخ بالنحو الذي وبّخ ، حيث قال : «لا يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة وقد مضى منه ستّين أو سبعين» فتأمّل جدّا!

قوله : (وأن يعمل بما تضمّنه الصحيح). إلى آخره.

هو صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام قال : «إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك» (١). إلى آخر ما ذكره المصنّف ، وهي أيضا طويلة يأتي بقيّتها في تضاعيف أجزاء الصلاة.

وظاهر أنّ جميع ما ذكر منها ، وما ذكرنا من صحيحة حمّاد مستحب ، وأكثره متوافق ، وثلاثة أصابع مفرجات وسط اختاره من بين أقلّ الفصل المستحب وهو إصبع ، وأكثره وهو شبر ، كما ورد في هذه الصحيحة.

وقوله : (وأن يكون قيامه). إلى قوله : (الجليل) مأخوذ من «الفقيه» (٢) ، وأمّا كلام الصدوق المأخوذ من حديث ، أو كلام الصادق عليه‌السلام.

وفيه بعد ما ذكر :

«واعلم! أنّك بين يدي من يراك ولا تراه ، وصلّ صلاة مودّع كأنّك لا تصلّ بعدها أبدا ، ولا تعبث بلحيتك ولا برأسك ولا بيدك ولا تفرقع أصابعك ولا تقدّم رجلا على رجل وزاوج بين قدميك واجعل بينهما قدر ثلاث أصابع إلى شبر ، ولا تتمطأ ولا تتثاءب ، ولا تضحك فإنّ القهقهة تقطع الصلاة ، ولا تتورّك ، فإنّ الله قد

__________________

٧٠٧٧ مع اختلاف يسير.

(١) الكافي : ٣ / ٣٣٤ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٣ الحديث ٣٠٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٨ ذيل الحديث ٩١٧.

٦٠