مصابيح الظلام - ج ٧

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٧

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-8
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥١٦

وأمّا السيّد فنسبه في «المنتهى» إلى القول بالاستحباب مطلقا (١). وفي «المختلف» لم يشر إلى أنّه مخالف للمشهور أصلا ، بل ظاهره موافقته لهم مطلقا (٢).

حجّة المشهور : الإطلاقات والعمومات والأصل ، وصحيحة علي بن يقطين عن الكاظم عليه‌السلام : عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمّدا ، قال : «لا بأس بذلك» (٣).

وعن سهل الأشعري ، عن أبي الحسن عليه‌السلام مثل ذلك (٤).

وكصحيحة يحيى الأزرق عنه عليه‌السلام : عن رجل صلّى الجمعة فقرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، قال : «أجزأه» (٥).

ورواية علي بن يقطين عن الكاظم عليه‌السلام : عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيهما؟ قال : «اقرأهما بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٦) والسند منجبر بالشهرة التي كادت تكون إجماعا ، وغير ذلك ممّا ذكرنا.

هذا ، مضافا إلى الأخبار الكثيرة الدالّة على رجحانهما فيهما (٧) ، بل يظهر من «الانتصار» و «المنتهى» إجماع منّا فيه (٨) ، فلاحظ!

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ٤٠٨.

(٢) مختلف الشيعة : ٢ / ١٦٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٧ الحديث ١٩ ، الاستبصار : ١ / ٤١٤ الحديث ١٥٨٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٧ الحديث ٧٦١١.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٧ الحديث ٢٠ ، الاستبصار : ١ / ٤١٤ الحديث ١٥٨٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٨ الحديث ٧٦١٤.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٢ الحديث ٦٥٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٨ الحديث ٧٦١٥.

(٦) تهذيب الأحكام : ٣ / ٨ الحديث ٢٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٧ الحديث ٧٦١٢.

(٧) وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٤ الباب ٧٠ من أبواب القراءة في الصلاة.

(٨) الانتصار : ٥٤ ، منتهى المطلب : ٥ / ٤٠٧.

٤٢١

وحجّة الصدوق وغيره ما ورد في الحسن ـ كالصحيح ـ عن الباقر عليه‌السلام : «إنّ الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين ، فلا ينبغي تركهما ، فمن تركهما متعمّدا فلا صلاة له» (١).

وصحيحة عمر بن يزيد قال : قال الصادق عليه‌السلام : «من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر» (٢).

وما ورد من الأمر بإتمامها ركعتين ثمّ يستأنف إذا قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مكان سورة الجمعة والمنافقين إذا كان يريدهما (٣).

مضافا إلى الأوامر الواردة بقراءتهما فيهما ، ورواية الأحول ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له» (٤).

والجواب عنها ظهر مما ذكرناه للمشهور ، لأنّه أقوى بمراتب ، فلا بدّ من تأويل الأضعف بما يوافق الأقوى ، بالحمل على شدّه تأكّد الاستحباب جمعا ، كما هو المشهور المعروف أو طرحها.

وكيف كان ، في مقام الاستحباب تكفي الحجّة المذكورة.

مع أنّه قال في «الأمالي» : من دين الإماميّة أنّه يجب أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وبذلك جرت السنّة (٥).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٢٥ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٦ الحديث ١٦ ، الاستبصار : ١ / ٤١٤ الحديث ١٥٨٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٤ الحديث ٧٦٠٢.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٢٦ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٧ الحديث ٢١ ، الاستبصار : ١ / ٤١٤ الحديث ١٥٨٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٩ الحديث ٧٦١٨.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٨ الحديث ٢٢ ، الاستبصار : ١ / ٤١٥ الحديث ١٥٨٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٩ الحديث ٧٦١٩.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٧ الحديث ١٧ ، الاستبصار : ١ / ٤١٤ الحديث ١٥٨٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٥ الحديث ٧٦٠٦.

(٥) أمالي الصدوق : ٥١٢.

٤٢٢

والظاهر أنّ الإماميّة لم يكونوا قائلين بالوجوب بالمعنى الاصطلاحي ، وإلّا لاشتهر بينهم اشتهار الشمس ، سيّما في زمان الصدوق ، لكون الفريضة أعمّ شي‌ء يعمّ به البلوى ، فكيف خفي على معاصريه مثل المفيد وغيره ، ومقاربي عصره مثل الشيخ وغيره من الفقهاء الفحول العظام ، إلى أن اتّفقوا على الاستحباب؟

بل لو كان صدر من الأئمّة عليهم‌السلام وجوبهما ، لكان الشيعة يلزمون بوجوب قراءتهما ويلتزمون ، بل وحفظهما ـ كما التزموا حفظ فاتحة الكتاب ـ أو تجويز قراءتهما من المصحف ـ يعني وجوبها إن لم يحفظوا ـ أو تحصيل القراءة مهما تيسّر ، وارتكاب مقدّمات ذلك.

وكان على ذلك ، المدار في الأعصار والأمصار ، فكيف صار الأمر بالعكس؟

مع أنّ القول بالوجوب ربّما يؤدّي إلى العسر والحرج ، وهذا لا يناسب الملّة السهلة السمحة وقوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) (١) سيّما بالنسبة إلى النساء ، بل العوامّ أيضا.

قوله : (وأن يقرأ).

هذا على ما قاله بعض الأصحاب (٢) ، موافقا لرواية أبي الصباح عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة «الجمعة» و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وفي العشاء سورة «الجمعة» و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، وصلاة الغداة سورة «الجمعة» و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وصلاة الجمعة بالجمعة والمنافقين ، وصلاة العصر بالجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٣). لكن عن الشيخ

__________________

(١) البقرة (٢) : ١٨٥.

(٢) الرسائل العشر : ١٤٦.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ٥ الحديث ١٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١٩ الحديث ٧٥٠٠ نقل بالمعنى.

٤٢٣

والمرتضى وابن بابويه وأكثر الأصحاب أنّ صلاة المغرب أيضا بسورة «الجمعة» و «الأعلى» (١).

ومستندهم معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام : «اقرأ ليلة الجمعة بالجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، وفي الفجر [سورة] الجمعة والتوحيد ، وفي الجمعة [سورة] الجمعة والمنافقين» (٢).

ورواية «قرب الإسناد» للحميري ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام أنّه قال : «تقرأ ليلة الجمعة بالجمعة و (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ، وفي الغداة بالجمعة و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٣).

وعن ابن أبي عقيل : إنّ العشاء ليلة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين كالظهرين (٤).

ولعلّ مستنده مرفوعة حريز عن الباقر عليه‌السلام : «إنّ ليلة الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة بالجمعة والمنافقين ، وكذلك في غداة يوم الجمعة ، وصلاة الجمعة ، وصلاة العصر» (٥).

وعن ابن بابويه والمرتضى : إن صبح يوم الجمعة أيضا بالجمعة والمنافقين كظهره (٦).

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١٠٨ ، الانتصار : ٥٤ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠١ ذيل الحديث ٩٢٢ ، الكافي في الفقه : ١٥٢ ، شرائع الإسلام : ١ / ٨٢ ، نهاية الإحكام : ١ / ٤٧٨.

(٢) الكافي : ٣ / ٤٢٥ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٦ الحديث ١٤ ، الاستبصار : ١ / ٤١٣ الحديث ١٥٨٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١٨ الحديث ٧٤٩٨.

(٣) قرب الإسناد : ٣٦٠ الحديث ١٢٨٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٥٦ الحديث ٧٦١٠.

(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ١٥٩.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٧ الحديث ١٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١٩ الحديث ٧٤٩٩ نقل بالمعنى.

(٦) المقنع : ١٤٦ ، الانتصار : ٥٤.

٤٢٤

وعن ابن أبي عقيل : إنّ الركعة الاولى منه بالجمعة ، والثانية بالمنافقين أو التوحيد (١).

ومستندهم المرفوعة السابقة (٢) ، والمشهور الجمعة والتوحيد ، لرواية أبي بصير (٣) ، ورواية أبي الصباح (٤) ، ورواية «قرب الإسناد» (٥) السابقات.

وصحيحة الحسين بن أبي حمزة أنّه قال للصادق عليه‌السلام : بما أقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة؟ فقال : «اقرأ في الأولى بالجمعة وفي الثانية بالتوحيد ، ثمّ اقنت حتّى يكونا سواء» (٦) والمقام مقام الاستحباب أي : ذلك فعل يكون حسنا.

قوله : (وفي غداة). إلى آخره.

هذا قول الشيخ وأتباعه (٧) ، وزاد الصدوق ما قاله المصنّف ، ومستنده رواية رجاء بن أبي الضحّاك (٨) ، وقد عرفتها (٩).

قوله : (وأن يقرأ الشمس). إلى آخره.

مرّ الكلام في ذلك في مقامه (١٠).

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ١٥٧.

(٢) مرّ آنفا.

(٣) مرّ آنفا.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ١١٩ الحديث ٧٥٠٠.

(٥) مرّ آنفا.

(٦) الكافي : ٣ / ٤٢٥ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٢١ الحديث ٧٥٠٦ مع اختلاف يسير.

(٧) المبسوط : ١ / ١٠٨ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٣٦٤.

(٨) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠١ ذيل الحديث ٩٢٢ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٩٥ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٢١ الحديث ٧٥٠٧.

(٩) راجع! الصفحة : ٢٦٧ من هذا الكتاب.

(١٠) راجع! الصفحة : ٣٦٧ ـ ٣٧١ (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب.

٤٢٥

قوله : (كما في الحسن). إلى آخره.

هو حسنة معاذ بن مسلم بإبراهيم بن هاشم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «لا تدع أن تقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) في سبع مواطن» (١). إلى آخر ما ذكره المصنّف.

و «الفقيه» رواها مرسلا مقطوعا (٢) ، وفي «الكافي» بعد ما ذكرها قال : وفي رواية اخرى : أنّه تبدأ في هذا كلّه ـ بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، وفي الثانية بـ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ، إلّا في الركعتين قبل الفجر ، فإنّه يبدأ بـ (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ، وفي الثانية (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٣).

وروى الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام قال : «اقرأ في ركعتي الفجر بأيّ سورة أحببت ، وقال : أمّا أنا فاحبّ أن أقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ)» (٤).

وروى عن محمّد بن أبي طلحة عنه عليه‌السلام قال : «قرأت في ركعتي [الصلاة] الفجر بـ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (٥) ، فتأمّل!

وذكرنا في مبحث تكبيرة الإحرام أنّ أخفّ ما يكون من القراءة قراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (٦).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣١٦ الحديث ٢٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٤ الحديث ٢٧٣ ، الخصال : ٣٤٧ الحديث ٢٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٦٥ الحديث ٧٣٥٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٤ الحديث ١٤٢٧.

(٣) الكافي : ٣ / ٣١٦ ذيل الحديث ٢٢.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٦ الحديث ٥٢٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٦٦ الحديث ٧٣٦٠ مع اختلاف يسير.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٦ الحديث ٣٥٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨١ الحديث ٧٤٠٢.

(٦) راجع! الصفحة : ٢٠٦ من هذا الكتاب.

٤٢٦

وفي الصحيح عن الصادق عليه‌السلام قال : «كان أبي يقول : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثلث القرآن و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ربعه» (١).

قوله : (كما في الصحيح).

لعلّ مراده صحيحة ابن أبي عمير قال : كان الصادق عليه‌السلام يقرأ في الركعتين بعد العتمة «الواقعة» و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٢).

ومن المعلوم أنّ ابن أبي عمير لم يدرك الصادق عليه‌السلام ، ولم يعهد منه رواية عنه قط ، إلّا أن يكون مراده أنّ مرسله صحيح في حكم المسند ، ولم يعهد هذا من المصنّف قط.

وفي رواية اخرى بسند مجهول عن عبد الخالق ، عن الصادق عليه‌السلام مثله (٣).

وفي الصحيح عن الحجّال عن الصادق عليه‌السلام ، أنّه كان يصلّي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية ولا يحتسب بهما (٤) ، الحديث.

ومائة آية تساوي الواقعة والتوحيد ، لكن الحجّال أيضا لم يدرك الصادق عليه‌السلام ، بل هو من أصحاب الرضا عليه‌السلام كما في الرجال (٥) ، لكن الحكم لا غبار فيه ، للتسامح وللأخبار بفتوى الفقهاء.

ويعضده أيضا استحباب قراءة الواقعة بعد صلاة العشاء ، وأنّه يوسّع الرزق ، ويمنع عن الحاجة إلى الناس ، فتأمّل. فاجتمع في الواقعة ثلاثة وجوه من الرجحان.

__________________

(١) الكافي : ٢ / ٦٢١ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٨٠ الحديث ٧٤٠٠.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١١٦ الحديث ٤٣٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١٢ الحديث ٧٤٨٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٩٥ الحديث ١١٩٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١٢ الحديث ٧٤٨١.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٤١ الحديث ١٤١٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ١٢١ الحديث ١٠٢١٨.

(٥) رجال الطوسي : ٣٨١ الرقم ١٨.

٤٢٧

قوله : (و [قراءة] المعوذتين). إلى آخره.

ورد الأمر بقراءة التوحيد في ثلاثهنّ : في صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام (١) ، وصحيحة ابن مسكان عن سليمان بن خالد عنه عليه‌السلام (٢) ، وصحيحة معاوية بن عمّار عنه عليه‌السلام (٣) ، وغير ذلك مثل صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عنه وفيها : أنّه عليه‌السلام إذا فرغ من قراءتها قال : «كذلك الله ربّي» (٤) ، ومرّ ما يدلّ على ذلك عموما (٥).

وصحيحة الحارث بن المغيرة عنه عليه‌السلام قال : «كان أبي يقول : (قُلْ هُوَ اللهُ) [تعدل] ثلث القرآن ، وكان يحبّ أن يجمعها في الوتر ليكون القرآن كلّه» (٦).

لكن في الصحيح عن علي بن يقطين (٧) أنّه سأل الكاظم عليه‌السلام عن القراءة في الوتر ، وأنّه روى بعض : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في الثلاث ، وبعض المعوذتين ، وفي الثالثة (قُلْ هُوَ اللهُ) ، فقال عليه‌السلام : «اعمل بالمعوذتين و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٨).

لكن كثرة الصّحاح والمؤيّدات الخارجة ، ممّا ورد في الأمر بقراءة التوحيد في الصلوات وغيرها ، وما فيها من الثواب العظيم وغيره ، مع مرجّحات روايات

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٤٤٩ الحديث ٣٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣١ الحديث ٧٥٣٢.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٧ الحديث ٤٨٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٨ الحديث ١٣١٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣٢ الحديث ٧٥٣٧.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٨ الحديث ٤٨٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣٢ الحديث ٧٥٣٨.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٦ الحديث ٤٨١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣١ الحديث ٧٥٣٣.

(٥) راجع! الصفحة : ٤٢٦ و٤٢٧ من هذا الكتاب.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٧ الحديث ٤٨٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣١ الحديث ٧٥٣٤ مع اختلاف يسير.

(٧) في المصدر : يعقوب بن يقطين.

(٨) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٧ الحديث ٤٨٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣٢ الحديث ٧٥٣٦ مع اختلاف يسير.

٤٢٨

الباقر عليه‌السلام على روايات الكاظم عليه‌السلام ، سيّما إذا كان الراوي علي بن يقطين ، لكون المناسب بالنسبة إليه ما هو أوفق بمذاق خلفاء بني العبّاس ، ربّما يشكل علينا الآن ترجيح روايته الواحدة على الصّحاح وغيرها ، والمقام مقام الاستحباب ، لا مضايقة فيه ، إنّما الكلام في الأرجح بالنظر إلى الأدلّة.

والصدوق قال : وروي : «أنّ من قرأ في الوتر بالمعوذتين ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، قيل له : أبشر يا عبد الله فقد قبل الله وترك» (١) ، انتهى.

وفي رواية أبي الجارود عن الصادق عليه‌السلام : «إنّ عليّا عليه‌السلام كان يوتر بتسع سور» (٢).

وفي رواية رجاء بن أبي الضحّاك : أنّ الرضا عليه‌السلام كان يقرأ في كلّ من ركعتي الشفع الحمد مرّة والتوحيد ثلاث مرّات ، وفي الوتر يتوجّه فيها ويقرأ بعد الحمد التوحيد ثلاث مرّات ، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ) مرّة (٣).

قوله : (وقراءة التوحيد). إلى آخره.

قد عرفت مدح وقوع الصلاة بالتوحيد مطلقا ، وأنّ صلاة الأوّابين كون الخمسين ركعة من الفرائض والنوافل اليوميّة كلّها بالتوحيد ، إلى غير ذلك ممّا ذكرنا (٤) وما لم نذكر ، ممّا هو في كتب الأخبار ، سيّما في كتب الأدعية والنفلية مذكور.

في «الكافي» بسنده إلى أبي هارون المكفوف أنّه قال : سأل الصادق عليه‌السلام

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٠٧ الحديث ١٤٠٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٣٢ الحديث ٧٥٣٩ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣٧ الحديث ١٣٩٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٥٢ الحديث ٧٣١٩ مع اختلاف يسير.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٩٥ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٥٥ الحديث ٤٤٩٦.

(٤) راجع! الصفحة : ٤١٢ و٤١٣ و٤١٧ و٤١٨ من هذا الكتاب.

٤٢٩

رجل : كم أقرأ في الزوال؟ فقال : «ثمانين آية» ، فخرج الرجل ، فقال : «يا أبا هارون هل رأيت أعجب من هذا سألني عن شي‌ء فأخبرته ، فلم يسألني عن تفسيره؟! يا أبا هارون ، إنّ الحمد سبع آيات و (قُلْ هُوَ اللهُ) ثلاث آيات ، فهذه عشر آيات ، والزوال ثماني ركعات فهذه ثمانون آية» (١) إلى غير ذلك.

وما ذكره المصنّف رواه الشيخ بسنده إلى محسن الميثمي عن الصادق عليه‌السلام قال : «تقرأ في صلاة الزوال». إلى آخر ما ذكره المصنّف.

ثمّ قال عليه‌السلام : «فإذا فرغت قلت : اللهم مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة ، إنّك أنت الوهّاب سبع مرّات ، ثمّ تقول : أستجير بالله من النار سبع مرّات» (٢).

وورد أيضا مدح ستّين مرّة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) في الركعتين الأوّلتين من صلاة الليل في كلّ ركعة ثلاثين بعد الحمد. رواه الشيخ في «التهذيب» ، والصدوق في «الفقيه» وفي أماليه (٣).

وفي رواية رجاء بن أبي الضحّاك : أنّ الرضا عليه‌السلام كان في سفر خراسان يفعل كذلك ، وكان يصلّي صلاة جعفر ويحتسب بها من صلاة الليل (٤).

وورد في أخبار اخر أيضا مدح ذلك ، وأنّه يعطى ثواب صلاة جعفر وصلاة الليل جميعا (٥).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣١٤ الحديث ١٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٦٤ الحديث ٧٣٥٥ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٣ الحديث ٢٧٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٦٣ الحديث ٧٣٥٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٠٧ الحديث ١٤٠٣ ، أمالي الصدوق : ٤٦٢ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٤ الحديث ٤٧٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٢٩ الحديث ٧٥٢٨ ، ١٣٠ الحديث ٧٥٢٩.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٩٥ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٥٥ الحديث ٤٤٩٦.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٤٩ الحديث ١٥٤٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٥٨ الحديث ١٠٠٨٧.

٤٣٠

ثمّ قال رجاء : ثمّ يقوم عليه‌السلام ويصلّي الركعتين الباقيتين يقرأ في الأولى الحمد وسورة الملك ، وفي الثانية الحمد و (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) (١).

وفي كلّ من ركعات الوتر ما ذكرنا عنه.

وفي صحيحة صفوان عن ابن بكير [عن محمّد بن مسلم] عن كامل عن الباقر عليه‌السلام قال : «إذا استفتحت صلاة الليل وفرغت من الاستفتاح فاقرأ آية الكرسي والمعوّذتين ، ثمّ اقرأ الحمد وسورة» (٢).

وفي صحيحة ابن أبي عمير ، عن أبي مسعود الطائي ، عن الصادق عليه‌السلام «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ في آخر صلاة الليل (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ)» (٣).

ولعلّ المراد في الركعة الأخيرة كما كان الرضا عليه‌السلام يفعله. مع أنّه ورد في الركعتين الأوّلتين منها التوحيد والجحد (٤) ، كما عرفت (٥).

مع أنّه في صحيحة محمّد بن القاسم عن الكاظم عليه‌السلام أنّه سأله : هل يجوز أن يقرأ في صلاة الليل بالسورتين والثلاث؟ فقال : «ما كان من صلاة الليل فاقرأ بالسورتين والثلاث» (٦). إلى غير ذلك ممّا يظهر من كتب آداب صلاة الليل.

وعرفت أنّه يجوز أن تصلّى النوافل بغير قراءة سورة أصلا (٧) فما زاد على ذلك فهو مستحب زائد خارج ، وليس بمقصود فيما ذكره المصنّف رحمه‌الله.

__________________

(١) مرّ آنفا.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٣٤ الحديث ١٣٧٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٢ الحديث ٧٢٧٢.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٢٤ الحديث ٤٦٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٢٩ الحديث ٧٥٢٧.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٦٥ الباب ١٥ من أبواب القراءة.

(٥) راجع! الصفحة : ٤٢٦ و٤٢٧ من هذا الكتاب.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٣ الحديث ٢٦٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٥٠ الحديث ٧٣١٥.

(٧) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ١٣٠ الباب ٥٥ من أبواب القراءة في الصلاة.

٤٣١

قوله : (وقراءة التوحيد). إلى آخره.

لا يخفى أنّ صلاة جعفر غير مأخوذ فيها أن يكون القراءة فيها بسورة معيّنة ، بل يجوز بأيّ سورة يكون ، سيّما التوحيد ، بل فيها رجحان عظيم كما اشير إليه.

وما ذكره المصنّف من مستحبّاتها وآدابها (١) كما ذكره.

ومن المعلوم أنّ فيها غير ما ذكره أيضا من الآداب والمستحبّات ، بل الشرائط واللوازم ، فلا ينفع اطّلاع المكلّف على خصوص ما ذكره في المقام ، كما هو الحال فيما ذكره لصلاة الليل والزوال وغيرهما ، فإذا لاحظ مظان ذكر هذه الامور ظهر عليه جميع ما ذكره المصنّف ، وما زاد عليه ممّا هو معتبر بل وشرط ، وإن لم يلاحظ لا يفي ملاحظة ما ذكره المصنّف لمجموع الآداب (٢) والأدعية وما هو معتبر فيها ، فالحوالة على مظانّها أولى ، لأنّ ملاحظة ما ذكره المصنّف ربّما يضر ، ألا ترى أنّه ذكر لقراءة صلاة الليل ما ذكر ، إلى آخر ما ذكر من الخبر وسكت ، ولم يذكر ما ذكرنا من الخبر من الدعاء.

فالملاحظ يتوهّم أنّ الخبر انتهى إلى حدّ ما ذكره ، فيقرأ الآيات والسور كما ذكره ، ولا يقرأ ما ذكرنا منه من الدعاء ، فلعلّه جزء ما ذكره المعصوم عليه‌السلام وتتمّته ، بل هذا هو الظاهر ، والعبادة توقيفيّة ، فكيف يجوز ترك ما ترك ذكره في مقام الإتيان بالعبادة المطلوبة التي طلبها الشارع ، ويبني أنّه خاصّة مطلوبه؟

وقس على ما ذكرنا حال كثير ممّا ذكره ممّا هو مثل ما ذكرنا ، فتأمّل جدّا ، مع أنّه ربّما يتوهّم المتوهّم انحصار الصورة فيما ذكره.

__________________

(١) مفاتيح الشرائع : ١ / ٣٦ و٣٧.

(٢) في (ز ٣) زيادة : والمستحبّات.

٤٣٢

القول في الركوع

قال الله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا) (١).

١٥٨ ـ مفتاح

[أحكام الركوع]

يجب الركوع في كلّ ركعة مرّة ، بالضرورة من الدين ، إلّا في صلاة الآيات فخمس مرّات بالنصّ (٢) والإجماع.

وهو ركن في الصلاة تبطل بتركه ولو سهوا ، للإجماع والمعتبرة المستفيضة (٣) ، فإن سها عنه حتّى سجد بطلت.

وقيل : بل يحذف الزائد ويأتي بالفائت (٤) ، للصحيح (٥) ، ويمكن حمله على

__________________

(١) الحج (٢٢) : ٧٧.

(٢) وسائل الشيعة : ٧ / ٤٩٢ الباب ٧ من أبواب صلاة الكسوف والآيات.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٢ الباب ١٠ من أبواب الركوع.

(٤) لاحظ! المبسوط : ١ / ١١٩.

(٥) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٥ الحديث ٨٠٦٣.

٤٣٣

الجواز وإن كان الاستئناف أفضل ، إلّا أنّ العمل على الأوّل.

وقيل : يفعل ذلك في غير الركعة الاولى ويبطل فيها (١) ، ولم نجد مستنده. ولو ذكره قبل السجود قام فركع ثمّ سجد ، للإجماع والصحيح (٢).

ولو زاد ركوعا أو شكّ فيه فقد مضى حكمهما (٣). ولو تلافى المشكوك فيه فذكره وهو فيه ، ففي بطلان الصلاة قولان (٤) ، أصحّهما الصحّة ، وفاقا لأعيان القدماء (٥) ، فيرسل نفسه إلى السجود.

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٣٦٣ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٢١٧.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٦ الحديث ٨٠٦٦.

(٣) راجع! الصفحة : ١٦٢ من هذا الكتاب.

(٤) لاحظ! مدارك الأحكام : ٤ / ٢٢٣.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٦٠ ، رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٣٦ ، المبسوط : ١ / ١٢٢ ، السرائر : ١ / ٢٥١.

٤٣٤

قوله : (يجب الركوع).

لا شبهة في كونه من ضروريّات الدين والمذهب ، لا يحتاج إلى إثباته بدليل ، مع أنّ الأخبار متواترة في ذلك (١) ، مضافا إلى ظاهر القرآن (٢). وكون صلاة الآيات خمس ركوعات قد مرّ في موضعه (٣).

قوله : (وهو ركن).

قد عرفت في بحث التكبير أنّ الأصل في كلّ جزء الركنيّة ، إلّا أن يثبت عدم كونه ركنا (٤) ، مضافا إلى ما ثبت من المعتبرة ، مثل صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام : «إنّ الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ، ألا ترى لو أنّ رجلا دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبّر ويسبّح ويصلّي» (٥).

وصحيحة الحلبي عنه عليه‌السلام : «الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود» (٦).

وصحيحة زرارة التي مرّت في عدم ركنيّة القراءة (٧).

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٠ الباب ٩ من أبواب الركوع.

(٢) الحج (٢٢) : ٧٧.

(٣) راجع! الصفحة : ٤٣٩ (المجلّد الثاني) من هذا الكتاب.

(٤) راجع! الصفحة : ١٦٣ من هذا الكتاب.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٧ الحديث ٥٧٥ ، الاستبصار : ١ / ٣١٠ الحديث ١١٥٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٤٢ الحديث ٧٢٩٢.

(٦) الكافي : ٣ / ٢٧٣ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٠ الحديث ٥٤٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٠ الحديث ٨٠٤٩.

(٧) وسائل الشيعة : ٦ / ٨٧ الحديث ٧٤١٤.

٤٣٥

وصحيحته الاخرى عن الباقر عليه‌السلام : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود» (١).

وصحيحة معاوية عن الصادق عليه‌السلام : فيمن سها عن القراءة ، فقال عليه‌السلام : «أتمّ الركوع والسجود؟» فقال : نعم ، فقال عليه‌السلام : «لا بأس» (٢).

وفي معتبرة الحسين بن حمّاد : «إذا حفظت الركوع والسجود تمّت صلاتك» (٣).

وفي الموثّق كالصحيح عن منصور بن حازم أنّه قال للصادق عليه‌السلام : إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها ، فقال : «أليس قد أتممت الركوع والسجود؟» قلت : بلى ، قال : «قد تمّت صلاتك إذا كان نسيانا» (٤).

وفي صحيحة صفوان عن أبي بصير ـ وقد عرفت اشتراكه بين الثقات لا غير (٥) ـ عن الصادق عليه‌السلام : «إذا أيقن الرجل أنّه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة» (٦).

وصحيحة رفاعة عنه عليه‌السلام عن رجل ينسى أن يركع حتّى يسجد ويقوم ، قال : «يستقبل» (٧).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٥ الحديث ٩٩١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٢ الحديث ٥٩٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٣ الحديث ٨٠٦٠.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٦ الحديث ٥٧١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩٢ الحديث ٧٤٢٨ نقل بالمعنى.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٨ الحديث ٥٧٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩٣ الحديث ٧٤٣٠.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٤٨ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٦ الحديث ٥٧٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٣ الحديث ١٣٣٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩٠ الحديث ٧٤٢٤.

(٥) راجع! الصفحة : ٣٢٥ و٣٢٦ (المجلّد الخامس) من هذا الكتاب.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٨ الحديث ٥٨٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٥ الحديث ١٣٤٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٣ الحديث ٨٠٥٨.

(٧) الكافي : ٣ / ٣٤٨ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٨ الحديث ٥٨١ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٥ الحديث ١٣٤٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٢ الحديث ٨٠٥٦.

٤٣٦

ومثلها قويّة أبي بصير عن الباقر عليه‌السلام (١) ، وصحيحة صفوان عن إسحاق بن عمّار ، عن الكاظم عليه‌السلام : عن الرجل ينسى أن يركع ، قال : «يستقبل حتّى يضع كلّ شي‌ء من ذلك موضعه» (٢) وغير ذلك.

وفي «المنتهى» : أنّه ركن في الصلاة بلا خلاف (٣) ، وقال الشهيد في «الدروس» : ووجوبه وركنيّته إجماعي (٤).

وقال المحقّق الشيخ علي في «شرح القواعد» : وهو ركن بغير خلاف (٥).

قوله : (وقيل : بل). إلى آخره.

هذا القول حكاه في «المبسوط» عن البعض (٦) ، وفي «المنتهى» أسنده إلى الشيخ (٧) ، وقال في «المبسوط» وكتابي الأخبار : إنّما تبطل في الأوّلتين وثالثة المغرب ، وإن كان في الأخيرتين من الرباعيّة يحذف الزائد ويأتي بالفائت (٨).

وعن ابن الجنيد ، وظاهر علي بن بابويه : أنّه يفعل ذلك في غير الركعة الاولى (٩).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٩ الحديث ٥٨٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٦ الحديث ١٣٤٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٣ الحديث ٨٠٥٩.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٩ الحديث ٥٨٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٦ الحديث ١٣٤٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٣ الحديث ٨٠٥٧.

(٣) منتهى المطلب : ٥ / ١١٣.

(٤) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٧٦.

(٥) جامع المقاصد : ٢ / ٢٨٣.

(٦) المبسوط : ١ / ١١٩.

(٧) منتهى المطلب : ٥ / ١١٤.

(٨) المبسوط : ١ / ١٠٩ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ١٥٠ ذيل الحديث ٥٨٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٥٦ ذيل الحديث ١٣٤٨.

(٩) نقل عنهما العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٦٣.

٤٣٧

احتجّ في «تهذيب الأحكام» على البطلان في الأوّلتين بما ذكرنا من الأخبار (١) ، وعلى إسقاط الزائد والإتيان بالفائت في الأخيرتين برواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : فيمن شكّ بعد ما سجد أنّه لم يركع : «فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة فيهما فيبني صلاته على التمام ، وإن لم يستيقن إلّا بعد ما انصرف فليتم الصلاة بركعة وسجدتين ولا شي‌ء عليه» (٢).

وصحيحة العيص بن القاسم عن الصادق عليه‌السلام : عن رجل نسي ركعة من صلاته حتّى فرغ منها ثمّ ذكر أنّه لم يركع ، قال : «يقوم ويركع ويسجد سجدتي السهو» (٣).

وفيه ، أنّ الروايتين المذكورتين على فرض الصحّة ووضوح الدلالة لا تصلحان لمعارضة ما ذكرناه من وجود متعدّدة ، وهي كثيرة العدد ، واشتهار الفتوى ، والقاعدة الثابتة المسلّمة ، وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، وغير ذلك ممّا أشرنا إليه في بحث وجوب السورة وغيره (٤) ، وكلّ شي‌ء يرجّح الأوّل يضعّف الثاني ، مع أنّه على تقدير التكافؤ لا يحصل سوى الاحتمال.

ولا يكفي البراءة الاحتماليّة قطعا ، مع أنّ الاولى ضعيفة بالحكم بن مسكين (٥) ، وإن قلنا بقوّة فيه (٦).

نعم ، نقلها في «الفقيه» بطريق صحيح (٧) ، إلّا أنّها تتضمّن ما لم يفت به أحد.

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٤٣٥ ـ ٤٣٧ من هذا الكتاب.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٩ الحديث ٥٨٥.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٩ الحديث ٥٨٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٥ الحديث ٨٠٦٣.

(٤) راجع! الصفحة : ٢٨٥ و٢٨٦ من هذا الكتاب.

(٥) لاحظ! رجال الكشي : ١ / ٥٤ و٥٥ الرقم ٢٦.

(٦) تعليقات على منهج المقال : ١٢٢ و١٢٣.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٨ الحديث ١٠٠٦.

٤٣٨

وصحيحة العيص لا دخل لها بمطلوبه ، مضافا إلى عدم افتائه بها ، فتأمّل ، مع أنّه على تقدير التماميّة ، ليس فيهما تفصيل أصلا ، ولا إشارة إليه مطلقا ، بل مقتضاهما الإطلاق ، كما حكاه في «المبسوط» (١) عن غيره.

وإن بنى أمره على أنّ كلّ خلل لحق أجزاء الأوّلتين يفسد الصلاة ، كما مرّ عنه ، فقد ظهر عليك صريحا فساده ، مع أنّه صرّح بأنّ الحمد والسورة ليستا بركن وغير ذلك.

وأمّا ما نسب إلى ابن الجنيد (٢) ، فلم نعرف مأخذا له أصلا غير ما نقل عن «الفقه الرضوي» حيث قال : «وإن نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الاولى فأعد صلاتك ، لأنّه إذا لم تصح لك [الركعة] الاولى لم تصح صلاتك ، وإن كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعلها ـ أعني الثانية ـ الاولى ، والثالثة ثانية ، والرابعة ثالثة» (٣).

قوله : (ولو ذكر). إلى آخره.

هذا مجمع عليه بين الأصحاب ، ويدلّ عليه إطلاق الأمر بالركوع ، وما يفهم من قوله عليه‌السلام في صحيحة أبي بصير السابقة : «إذا أيقن أنّه ترك ركعة وقد سجد سجدتين» (٤) ، إذ مفهومه أنّه لو لم يسجدهما لم يكن كذلك ، خرج ما خرج وبقي الباقي.

وقوله في صحيحة ابن مسلم : «وإن استيقن». إلى آخره (٥) ، إذ مع ذلك

__________________

(١) المبسوط : ١ / ١١٩.

(٢) نسب إليه في مختلف الشيعة : ٢ / ٣٦٣.

(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١١٦ مع اختلاف يسير.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٣ الحديث ٨٠٥٨.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٩ الحديث ٥٨٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٤ الحديث ٨٠٦٢.

٤٣٩

يأتي بالركوع ، فمع عدم السجدتين بطريق أولى.

وما سيجي‌ء في أحاديث الشكّ الآتية ، لأنّه إذا كان مع الشكّ يجب ، فمع اليقين بالترك بطريق أولى.

ولصحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام إنّه قال : «إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا فاصنع الذي فاتك سواء» (١) ، هكذا رواه في «التهذيب».

وفي «الفقيه» : «فاقض الذي فاتك سهوا» (٢) ، وحملها الشهيد على الاستدراك في محلّه دون ما إذا تجاوز (٣).

والشيخ حملها على الركعتين الأخيرتين على ما عرفت من رأيه (٤).

ومراد المصنّف من الصحيح هو هذه الصحيحة (٥) ، وفي «الوافي» ذكر متنها (٦) ، كما ذكرنا أوّلا.

لكن هنا إشكال ينبغي ذكره ، وهو أنّ الشاكّ في الركوع في أثناء الهويّ ، هل يجب عليه أن يرجع ويأتي بالركوع؟ لأنّه لم يدخل في فعل من أفعال الصلاة ، لأنّ الهويّ ليس من أفعالها المطلوبة ، بل مقدّمة للانتقال من فعل منها إلى فعل آخر منها ، كالشكّ في السجود أو التشهّد حال النهوض ، فإنّ الهويّ والنهوض من أفعال التكوينيّة لا المطلوبات الشرعيّة.

فعلى هذا لو شكّ في الركوع وهو يهوي إلى السجود ، عليه أن يرجع ، لعدم

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٥٠ الحديث ١٤٥٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٦ الحديث ٨٠٦٦ مع اختلاف يسير.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٢٨ الحديث ١٠٠٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٣٨ الحديث ١٠٥٣٠.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ٣٦ و٣٧.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٤٩ ذيل الحديث ٥٨٤.

(٥) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١٦ الحديث ٨٠٦٦.

(٦) الوافي : ٨ / ٩٢٧ الحديث ٧٤١٦.

٤٤٠