برطب ، وكذا لو باع حنطة مبلولة بيابسة لتحقق المماثلة ، وقيل : بالمنع نظرا لتحقق النقصان عند الجفاف ، أو إلى انضياف أجزاء مائية مجهولة ، وفي تحريم بيع الرطب بالتمر تردد ، والأظهر اختصاصه بالمنع اعتمادا على أشهر الروايتين.
أقول : هنا مسائل متعددة ، والعلة فيها متحدة ، وقد اختلف الأصحاب في جواز بيع الرطب باليابس من جنسه متساويا نقدا ، مع اتفاقهم على المنع من بيعه نسيئة ومتفاضلا.
فالمنع مطلقا في كل رطب مع يابسه مذهب ابن الجنيد ، واختاره العلامة ، للاشتراك في العلة المنصوصة (١١٨) ، وهي النقص عند الجفاف.
والجواز مطلقا في كل رطب مع يابسه مذهب الشيخ في الاستبصار ، وبه قال ابن إدريس ، قال : لأن بيع الجنس بالجنس مثلا بمثل جائز سائغ ، والمنع يحتاج إلى دليل ، قال : وقول شيخنا في النهاية : ـ لا يجوز بيع التمر بالرطب ( والزبيب بالعنب ) (١١٩) ، لأنه إذا جف نقص ـ ، غير واضح ، بل يجوز ذلك ، ومذهبنا ترك التعليل والقياس.
وابن حمزة اقتصر على المنع ، من بيع التمر بالرطب والزبيب بالعنب ، وهو مذهب الشيخ في النهاية.
وفي الخلاف اقتصر على المنع من بيع التمر بالرطب والحنطة المبلولة بالجافة ، لفقدان الطريق الى العلم بمقدار ما فيها من الماء ، قال : واما الزبيب بالعنب أو تمرة رطبة بيابسها ، مثل التين الرطب بالجاف واللحم (١٢٠) الرطب بالمقدد واما أشبه ذلك ، فلا نص لأصحابنا فيه ، والأصل جوازه ، لقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ
__________________
(١١٨) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١٤ من الربا حديث ١ و٢.
(١١٩) لم يرد في « ر ٢ ».
(١٢٠) ( اللحم ) من « ي ١ » وفي البواقي ( الخوخ ).
الْبَيْعَ ) (١٢١) ، والمصنف خصص المنع ببيع التمر بالرطب ، للرواية (١٢٢) المشهورة عن الصادق عليهالسلام وذكر عليهالسلام علة المنع ، وهي النقص عند الجفاف ، فعداها ابن الجنيد والعلامة الى كل مشارك في العلة.
قال رحمهالله : إذا كان في حكم الجنس الواحد وأحدهما مكيل والآخر موزون ، كالحنطة والدقيق فبيع أحدهما بالآخر وزنا جائز وفي الكيل تردّد ، والأحوط تعديلهما بالوزن.
أقول : الحنطة من المكيل وكذا الدقيق ، لأن أصله الحنطة ، فإذا بيع الحنطة بالدقيق قال الشيخ وابن إدريس : يباع وزنا احتياطا ، واختاره المصنف والعلامة في التحرير ، لأن الوزن أصل الكيل فيرجع إليه إذا حصل في الكيل تفاوت كالحنطة والدقيق فإن الحنطة ثقيلة والدقيق خفيف ، يتجافى في المكيال ، فاذا بيعا كيلا حصل التفاضل المفضي إلى الربا ، فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر كيلا.
وقال العلامة في المختلف : لا يجوز بيع أحدهما بالآخر وزنا ، والا جاء الربا ، لأن تساويهما في الوزن يقتضي التفاضل بينهما فيما جعله الشارع معيارا لهما ، فلا ربا وان اختلفا فيما سواه ، لأنه غير معيار لهما.
والأول أشهر بين الأصحاب أما لو بيع ما أصله الكيل كالحنطة بما أصله الوزن كالخبز ، بيع وزنا ليزول (١٢٣) التفاضل.
قال رحمهالله : بيع العنب بالزبيب جائز ، وقيل : لا طردا لعلة الربط بالتمر ، والأول أشبه ، وكذا البحث في كل رطب مع يابسه.
__________________
(١٢١) البقرة : ٢٧٥.
(١٢٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١٤ أبواب الربا ، حديث ١.
(١٢٣) في « م » و« ي ١ » : لزوال.
أقول : سبق البحث في هذه (١٢٤) فلا وجه لإعادته.
قال رحمهالله : ويثبت بين المسلم والذمي ، على الأشهر.
أقول : بثبوته قال الشيخ وابن البراج وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة والشهيد وأبو العباس ، وهو المعتمد ، لعموم (١٢٥) النهي عن الربا ، ولأن أموالهم معصومة ، فلا يجوز أخذها بعقد باطل كالمسلمين.
وبعدم الثبوت قال المفيد والسيد المرتضى وابنا بابويه ، لما رواه ابن بابويه عن الصادق عليهالسلام « قال : ليس بين الذمي والمسلم ولا بين المرأة وزوجها ربا » (١٢٦) ، وحملت هذه الرواية على غير الملتزم بشرائط الذمة ، لأن غير الملتزمين بالشرائط لا تحرم أموالهم على المسلمين ، وحكمهم حكم أهل الحرب في حل أموالهم على المسلمين ، وعدم ثبوت الربا بينهم وبين المسلمين.
تنبيه : كل اثنين لا يثبت الربا بينهم كالوالد والولد وأزوج والزوجة والعبد وسيده على القول بأن العبد يملك ، يجوز لكل واحد منهما أخذ الفضل من صاحبه ، الدرهم بالدرهمين والدينار بالدينارين ، وغير ذلك الا المسلم والحربي فإن المسلم يجوز له أخذ الفضل من الحربي ، ولا يجوز ان يعطيه بأن يأخذ منه درهما ويعطيه درهمين ، لما رواه ابن بابويه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ولا نعطيهم » (١٢٧).
ولا فرق في الزوجة بين الدائم والمنقطع ، قاله الشهيد ، وربما قيل باختصاص الدائم دون المنقطع ، لأن لها التصرف بماله بغير اذنه بمثل المأدوم
__________________
(١٢٤) ص ٨١
(١٢٥) البقرة : ٢٧٥ و٢٧٨ ، آل عمران : ١٣٠.
(١٢٦) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٧ أبواب الربا ، حديث ٥.
(١٢٧) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٧ أبواب الربا ، حديث ٢.
كالملح والخل واللحم ، وجميع ما يؤتدم به ، بخلاف المتمتع بها ، فإنها لا يجوز لها التصرف بشيء من ماله.
قال رحمهالله : لا يجوز بيع لحم الحيوان من جنسه ، كلحم الغنم بالشاة ، ويجوز بغير جنسه ، كلحم البقر بالشاة ، لكن بشرط ان يكون اللحم حاضرا.
أقول : جزم المصنف بعدم جواز بيع اللحم بحيوان من جنسه ، وهو المشهور بين الأصحاب.
وقال ابن إدريس : يجوز ذلك إذا كان اللحم موزونا ، سواء اتفق الجنس أو لا يدا بيد ، وسلفا أيضا إذا كان اللحم معجلا دون العكس ، إذ لا يجوز السلف في اللحم ويجوز في الحيوان ، لأن المقتضي وهو قوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١٢٨) موجود. والمانع وهو الربا منتف ، إذ الربا انما يثبت في الموزون والحيوان ليس بموزون ، واختاره العلامة في التحرير ، قال فيه : ومنعه الشيخ رحمهالله تعويلا على رواية ضعيفة السند قاصرة عن افادة المطلوب.
والأول مذهب الشيخ والمفيد وسلار وابن البراج وابن الجنيد وابن حمزة ، واختاره المصنف والعلامة في المختلف والشهيد قال : قال العلامة في المختلف : لنا انه أحوط وأسلم من الربا ، ولم نقف هنا على مخالف ، وابن إدريس قوله محدث لا يعول عليه ولا يثلم في الإجماع ، ولأن الشيخ ادعى في الخلاف الإجماع ، وقوله حجة.
قال رحمهالله : ويشترط في صحة بيعها زائدا على الربويات التقابض في المجلس ، فلو تفرقا قبل التقابض يبطل الصرف على الأشهر (١٢٩).
أقول : هذا هو المشهور حتى ان العلامة في التحرير ادعى عدم الخلاف في
__________________
(١٢٨) البقرة : ٢٧٥.
(١٢٩) في « ر ١ » : الأظهر.
اشتراط التقابض في المجلس ، وقال محمد بن بابويه بعدمه ، لأصالة الصحة وأصالة عدم الاشتراط ، والمعتمد الأول ، لقوله عليهالسلام : « الذهب والفضة يباعان يدا بيد » (١٣٠).
فرع : لو أوقعا العقد على دينار معلوم بدرهم معلوم ، ثمَّ تقابضا جزافا ليزناه في مكان آخر جاز والزائد يكون امانة ، وان نقص بطل البيع فيما قابل النقيصة ، وصح فيما قابل المقبوض ، ويثبت الخيار لتبعض الصفقة.
قال رحمهالله : لو كان له عليه دراهم ، فاشترى بها دنانير ، صح وإن لم يتقابضا ، وكذا لو كان له دنانير فاشترى بها دراهم ، لأن النقدين من واحد.
أقول : ظاهر المصنف ان الذي له الدراهم هو الذي باشر الشراء ممن عليه ، وهذا لا يصح الا مع قبض الدنانير التي هي عوض الدراهم في المجلس ، لاشتراط التقابض في الصرف ، اما لو أمر من له الدراهم من عليه تحويلها الى الدنانير ، كما جاء في الرواية (١٣١) فحينئذ يكون وكيلا في الشراء والقبض ، وقد اجازه الشيخ في النهاية وابن الجنيد ، ومنعه ابن إدريس.
واحتج الشيخ برواية إسحاق بن عمار (١٣٢) ، ورواية عبيد بن زرارة (١٣٣).
واحتج ابن إدريس باشتراط التقابض في الصرف ، فلا يصح بدونه.
وذهب فخر الدين الى اختيار ابن إدريس ، لأن العمل بمضمون الرواية مترتب على قواعد وهي مشكوك فيها.
منها : ان ما في الذمّة مقبوض.
__________________
(١٣٠) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٢ أبواب الصرف ، حديث ٣.
(١٣١) لاحظ المصدرين التاليين.
(١٣٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٤ أبواب الصرف ، حديث ١.
(١٣٣) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٤ أبواب الصرف ، حديث ٢.
ومنها : انه ليس بيع دين بدين.
ومنها : جواز تولي الواحد طرفي العقد.
ومنها : ان قبض الوكيل قبض الموكل ، وهذه القواعد التي ذكرها فخر الدين ـ وان كانت مشكوكا فيها ـ فان عليها عمل أكثر الأصحاب ، وإذا كانت الرواية من الصحاح المشاهير لا ينافيها الشك في هذه القواعد العامل بها أكثر الأصحاب ، بل لو لم يعمل بهذه القواعد احد وجب المصير الى النص ما أمكن العمل به ولو على وجه من التأويل ، فكيف إذا كانت هذه الأصول مقوية للنص؟! لأن أكثر الأصحاب على العمل بهذه الأصول ، وان وقع في بعضها خلاف فهو متروك عند الأكثر ، فلا يصلح لمعارضة النص.
قال رحمهالله : إذا اشترى دراهم في الذمة بمثلها ، ووجد ما صار إليه غير فضة قبل التفرق ، كان له المطالبة بالبدل ، فإن كان بعد التفرق يبطل الصرف ، وان كان البعض ، يبطل فيه ، وصح في الباقي ، فان لم يخرج بالعيب عن الجنسية كان مخيرا بين الرد والإمساك بالثمن من غير أرش ، وله المطالبة بالبدل قبل التفرق قطعا ، وفيما بعد التفرق تردد.
أقول : فرض المسألة ان الثمن والمثمن من جنس واحد ، فاذا تقابضا في المجلس ، ثمَّ وجد أحدهما فيما صار اليه عيبا من جنسه كخشونة الجوهر واضطراب السكة كان مخيرا بين ثلاثة أشياء : الفسخ ورد المبيع ، وبين الإمساك مجانا من غير أرش حذرا من الربا ، وبين المطالبة بالبدل ، لأن المعقود غير متعين فلا يتعين المعيب بالقبض ، وإذا لم يتعين جاز له رده وأخذ بدله ما داما في المجلس.
وهل يجوز أخذ البدل بعد التفرق من المجلس؟ ذهب اليه الشيخ وابن حمزة والعلامة في القواعد ، ونازع في المختلف في جواز الفسخ الا مع تعذر
الإبدال ، لأن المعيب لم يتعين بالقبض ، والعقد تناول السليم من العيب ، فله المطالبة بما تناوله العقد وليس له الفسخ ، لأصالة لزوم البيع.
وعلى قول المختلف بعدم جواز الفسخ بعد التفرق مع حصول البدل ، فعدم جوازه قبل التفرق مع حصوله اولى.
وتردد المصنف في جواز أخذ البدل بعد التفرق من ان البدل هو المبيع لظهور المعيب غير المبيع والا لم يجز البدل ، وإذا كان البدل هو المبيع وقد قبضه بعد التفرق بطل الصرف ، لعدم التقابض في المجلس.
ومن ان المبيع قد لزم لحصول (١٣٤) القبض في المجلس ، ورده عليه وأخذ بدله فسخ متجدد بعد انعقاد البيع ، فلا يقدح في الصحة ، وعلى المنع من أخذ البدل بعد التفرق يتعين الرد وأخذ المبيع مجانا ، وان كان الثمن والمثمن مختلفين كالذهب والفضة ثمَّ ظهر العيب الجنسي في أحدهما كان له أخذ الأرش ما داما في المجلس من الأثمان وغيرها ، وان فارقاه لم يجز أخذه من غير الأثمان.
وللعلامة في القواعد هنا عبارة موهمة ، قال : فإن أخذ الأرش من جنس السليم بطل فيه ، وان كان مخالفا صح ، وظاهر هذه العبارة جواز أخذ الأرش من جنس المعيب بعد التفرق ، وهو غير جائز ، لما قلناه من ان الأرش جزء من الثمن أو المثمن فيجب قبضه في المجلس ، وقد صرح في التحرير بما قلناه. ولو فارقاه لم يجز أن يأخذ من الأثمان وجاز من غيرها ، وهذا هو المعتمد.
قال رحمهالله : إذا اشترى دينارا بدينار فدفعه ، فزاد زيادة لا يكون الا غلطا أو عمدا ، كانت الزيادة في يد البائع أمانة ، وكانت للمشتري في الدينار مشاعة.
أقول : وجه كونها امانة عدم الضمان ، ولأنه لم يقبضها بالبيع الفاسد ولا
__________________
(١٣٤) في « م » و« ي ١ » : بحصول.
بالسوم فكانت امانة ، وهو مذهب الشيخ والشهيد ، وقال في القواعد : ويحتمل ان تكون مضمونة ، لأنه قبضه على انه عوض ماله ، واختاره فخر الدين ، أما لو دفع إليه أزيد من الدينار ليزنه في وقت آخر كانت الزيادة أمانة قطعا.
قال رحمهالله : روي جواز ابتياع درهم بدرهم ، مع اشتراط صياغة خاتم ، وهل يتعدى الحكم؟ الأشبه لا.
أقول : الرواية إشارة الى ما رواه الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضل ، عن أبي الصباح الكناني ، « قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يقول للصائغ : صغ لي هذا الخاتم وابدلك درهما طازجا بدرهم غلة ، قال : لا بأس » (١٣٥). والبحث هنا في موضعين :
الأول : في جواز بيع الدرهم بالدرهم مع اشتراط صياغة خاتم ، وجوّزه الشيخ في النهاية ، لهذه الرواية ، وهي كما تراها ليست دالة على البيع ، بل جعل ابدال الدرهم بالدرهم شرطا في العمل وهو جائز إذا اشترطه الصائغ على صاحب الخاتم مع استحقاقه لأجرة الصياغة.
ومنع العلامة العمل بما قاله الشيخ في النهاية ، ولأنه باع المثل بالمثل واشترط زيادة وهو غير جائز ، إذ لا فرق بين الزيادة الحكمية والعينية.
الثاني : في تعدية هذا الحكم على القول بجوازه ، كما لو باع درهما بدرهم واشترط صياغة سوار وخياطة ثوب أو غير ذلك ، أو يتعدى الى الثمن والمثمن ، كما لو باع دينارا بدينار واشترط العمل ، أو عشرة دراهم بعشرة دراهم ثمَّ اشترط العمل ، فنقول : على الجواز يحتمل التعدية ، لأن الزيادة المذكورة ان أوجبت الربا لزم التحريم في الجميع ، وان لم توجبه جاز في الجميع ، ويحتمل عدم التعدية اقتصارا على مورد النص ، إذ لو لا النص في الأول لما جاز العمل به
__________________
(١٣٥) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١٣ أبواب الصرف ، حديث ١.
فيقتصر عليه ، وترك العمل بهذه الرواية أحوط.
تنبيه : قوله : ( في الرواية درهما طازجا بدرهم غلة ) الطازجة بالطاء غير المعجمة والزاي المعجمة والجيم ، الدراهم البيض الجيدة ، والدراهم الغلة هي المكسرة ، فيكون قد شرط له ان يعطيه درهما أيضا جيدا فيأخذ منه درهما مكسورا على ان يصوغ له خاتما.
قال رحمهالله : وان بيعت بجنس الحلية ، قيل : يجعل معها شيء من المتاع ، ويباع بزيادة عما فيها تقريبا ، دفعا لضرر النزاع.
أقول : اما مع العلم بمقدار الحلية ، فإن باع بالجنس فلا بد من زيادة تقابل الفضل ، وان باع بغير الجنس باع كيف شاء ، واما مع الجهل بمقدار الحلية ، قال الشيخ في النهاية : يجعل معها شيئا من المتاع ويباع بزيادة عما فيها ، ولعله سهو القلم ، لأن الضميمة يجب ان تكون الى الثمن ليسلم من الربا يقينا ، ولعله أراد ذلك أو أراد مع الضميمة ( يكثر المثمن ) (١٣٦) فيكثر الثمن ، فزيد على قدر الحلية زيادة تقابل الفضل وان قلّت الزيادة ، وان أراد ان يبيع الحلية منفردة غير جائز ، لجهالتها فيضم إليها المحل أو غيره ، وهذه التأويلات كلها متعسفة.
قال رحمهالله : لو باع ثوبا بعشرين درهما ، من صرف العشرين بالدينار ، لا يصح لجهالته.
أقول : إطلاق عدم الصحة غير جائز ، بل هو مقيد بتعدد الصرف بالسعر المذكور أو مع جهله ، أما لو اتحد الصرف في نوع واحد من الدراهم بالسعر المذكور وهما يعلمانه حالة العقد صح البيع ، والمصنف رحمهالله تبع إطلاق الشيخ في المبسوط ، لأنه قال فيه : لو اشترى ثوبا بعشرين درهما من صرف عشرين
__________________
(١٣٦) في « ر ٢ » : بكثرة الثمن.
درهما بدينار لم يصح الشراء ، لأن الثمن غير معين ولا موصوف بصفة صيرها (١٣٧) معلوما ، والمعتمد التفصيل الذي ذكرناه.
قال رحمهالله : لو باع مائة درهم بدينار الا درهما لم يصح لجهالته. وكذا ذلك ثمنا لما لا ربا فيه ، ولو قدر قيمة الدرهم من الدينار جاز لارتفاع الجهالة.
أقول : هذا قول الشيخ في المبسوط لجهالة الثمن ، لأنه لا يدري كم حصة الدرهم من الدينار الا بالتقويم ، والرجوع الى أهل الخبرة ، فيكون مجهولا حالة العقد.
والتحقيق : ان كان الثمن والمثمن ربويين ، وكانا يعلمان نسبة المستثنى من (١٣٨) المستثنى منه حالة العقد صبح البيع ، وان كان أحدهما غير ربوي وكان البيع نقدا فالحكم كذلك ، وان كان سلفا فان شرطا استثناء الدرهم المتعامل به وقت العقد ، أو أطلقا فكالأول أيضا يصح مع العلم بنسبة المستثنى من المستثنى منه ، ويبطل مع الجهل ، وان شرطا استثناء الدرهم المتعامل به وقت الحلول بطل البيع للجهالة ، ولقول علي عليهالسلام : « لعل الدينار يصير بدرهم » (١٣٩).
__________________
(١٣٧) كذا.
(١٣٨) في « ر ٢ » : ( و) بدل ( من ).
(١٣٩) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٢٣ ، أحكام العقود ، حديث ٢.
في بيع الثمار
قال رحمهالله : فأما النخل فلا يجوز بيع ثمرته قبل ظهورها عاما ، وفي جواز بيعها كذلك عامين فصاعدا تردد ، والمروي الجواز.
أقول : أما عدم الجواز قبل ظهورها عاما واحدا فهو إجماع والمشهور عدم الجواز أزيد من عام أيضا ، وادعى عليه ابن إدريس الإجماع ، قال : وقد يشتبه على كثير من أصحابنا ذلك ، ويظنون انها يجوز بيعها سنتين وان كانت فارغة وقت العقد. والمعتمد عدم الجواز قبل ظهورها مطلقا ، لأنه بيع عين مجهولة معدومة ، فلا يصح العقد كغيرها من المجهولات.
وقال محمد بن بابويه في المقنع بالجواز ، لرواية يعقوب بن شعيب (١٤٠) ، وحملت على ظهور الثمرة قبل تأبيرها ، واحتمل ابن إدريس جواز بيعها قبل ظهورها عاما واحدا منضمة إلى غيرها ، قال : فان قيل هذا غرر ، قلت : الشيء المنضم يخرجه عن كونه غررا ، ثمَّ قال : والذي اعتمد عليه واعمل فيه وافتي به : انه لا يصح بيعها قبل ان تطلع ومعها شيء آخر ، وهذا هو المعتمد.
__________________
(١٤٠) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١ ، بيع الثمار ، حديث ٨.
قال رحمهالله : ولا يجوز بيعها قبل بدو الصلاح عاما ، إلا أن يضم إليها ما يجوز بيعه ، أو يشترط القطع أو عامين فصاعدا ، ولو بيعت عاما من دون الشروط الثلاثة ، قيل : لا يصح ، وقيل : يكره وقيل يراعى السلامة ، والأول أظهر.
أقول : لا خلاف في جواز بيعها مع احد الشروط ، وبدونها فيه ثلاثة أقوال :
الأول : الجواز على كراهية ، وهو مذهب الشيخ في التهذيب والاستبصار ، وبه قال المفيد وسلار وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة والشهيد ، وهو المعتمد ، لأصالة الجواز ، ولعموم ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١٤١) ولرواية الحلبي (١٤٢) ، عن الصادق عليهالسلام.
الثاني : البطلان ، وهو مذهب الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف ، وبه قال الصدوق وابن الجنيد وابن حمزة ، والدليل الروايات (١٤٣).
الثالث : قال سلار : يجوز البيع ويكون مراعى ، فان سلمت الثمرة فهي للمشتري ، وللبائع الثمن ، وان خاست كان الحاصل منها للبائع ، ويرجع به المشتري ، ودليله الجمع بين القولين.
تنبيه : قال العلامة في القواعد : ( ولو بيعت على مالك الأصل أو باع الأصل واستثنى الثمرة فلا شرط إجماعا ).
مراده : إذا كانت الثمرة له والأصل لغيره ، فباع الثمرة بعد ظهورها وقبل بدو صلاحها على مالك الأصل صح البيع ، ولا يشترط ان يضم إليها أحد الشروط
__________________
(١٤١) البقرة : ٢٧٥.
(١٤٢) الوسائل : كتاب التجارة ، باب ١ ، بيع الثمار ، حديث ٢.
(١٤٣) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١ و٢ ، بيع الثمار.
الثلاثة المتقدمة ، ووجه الصحة أنه كالجمع بين الأصل والثمرة في عقد واحد.
وقال في التحرير : ( لا فرق عندنا بين بيعها على مالك الأصل والأجنبي ).
أراد : كما لا يجوز بيعها على الأجنبي لا يجوز على مالك الأصل ) ، فقد خالف ما قاله في القواعد ، مع انه لم يتردد في أحد القولين ، بل ادعى الإجماع على مذهب القواعد ، ومذهبه في التحرير هو المعتمد ، لعدم وقوع العقد على الجميع ، فلا تكون منضمة الى الأصل ، فلا فرق حينئذ بينه وبين مالك الأصل للمساواة في عدم الضميمة ، فيتساويان في الحكم من غير فرق لعدم حصول الفارق.
قال رحمهالله : ولو أدركت بعض ثمرة البستان ، جاز بيع ثمرته أجمع ، ولو أدركت ثمرة بستان ، لم يجز بيع ثمرة بستان آخر ولو ضم اليه ، وفيه تردّد.
أقول : هذا تفريع على اشتراط بدو الصلاح ومنشأ التردد ، من ان لكل بستان حكم نفسه ، فكما لا يصح بيعه منفردا لا يصح بيعه منضما ، ولما رواه عمار (١٤٤) ، عن الصادق عليهالسلام ، ومن الإجماع على جواز بيع ما لم يبد صلاحه منضما الى غيره ، ولا شك في جواز بيع ما بدا صلاحه ، فيجوز ضم ما لم يبد صلاحه إليه ، لرواية إسماعيل بن الفضل (١٤٥) ، عن ابي عبد الله عليهالسلام ، وهذا هو المعتمد.
قال رحمهالله : اما الأشجار : فلا يجوز بيعها حتى يبدو صلاحها ، وحدّه أن ينعقد الحب ، ولا يشترط زيادة على ذلك ، على الأشبه.
أقول : قال الشيخ في المبسوط : بدو الصلاح يختلف ، فان كانت الثمرة مما تحمر وتسود أو تصفر ، فبدو الصلاح منها حصول هذه الألوان ، وان كانت مما تبيض فبأن تنمو ، وهو ان ينمو فيه الماء الحلو ويصفو لونه ، وان كان مما لا يتلون
__________________
(١٤٤) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٢ ، بيع الثمار ، حديث ٥.
(١٤٥) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ٢ ، بيع الثمار ، حديث ٥.
كالتفاح ، فبأن يحلو ويطيب اكله ، وان كان مثل البطيخ فبأن يقع فيه النضج (١٤٦) ، قال : وقد روى أصحابنا ان التلون يعتبر في ثمرة النخل خاصة.
فأما ما يورد فبدو صلاحه ان ينتثر الورد وينعقد ، وفي الكرم ان ينعقد الحصرم (١٤٧). وهذا هو المشهور عند المتأخرين.
قال رحمهالله : وهل يجوز بيعها بسنتين فصاعدا قبل ظهورها؟ قيل : نعم ، والأولى المنع لتحقق الجهالة ، وكذا لو ضم إليها شيئا قبل انعقادها.
أقول : الخلاف في ثمرة الأشجار كالخلاف في ثمرة النخل وقد سبق (١٤٨).
قال رحمهالله : ولو كان بعد القبض وهو التخلية لم يرجع على البائع بشيء ، وهو الأشبه.
أقول : هذا هو المعتمد ، لأن حكم القبض انتقال الضمان إلى المشتري ، وقوى الشيخ انفساخ البيع في قدر التالف ورجوع المشتري بنسبته من الثمن.
قال رحمهالله : ويجوز بيع الثمرة على أصولها بالأثمان والعروض. ولا يجوز بيعها بثمرة منها ، وهو المزابنة ، وقيل : بل هي بيع الثمرة في النخل بثمر ولو كان على الأرض ، وهل يجوز ذلك في غير ثمرة النخل من شجر الفواكه؟ قيل : لا ، لأنه لا يؤمن الربا ، وكذا لا يجوز بيع السنبل بحب منها ، وهو المحاقلة ، وقيل : بل هي بيع السنبل بحب من جنسه كيف كان ، ولو موضوعا على الأرض ، وهو الأظهر.
أقول : هنا ثلاث مسائل :
الأولى : في المزابنة ، وهي محرمة إجماعا ، وفي تفسيرها خلاف ، قال الشيخ في النهاية : المزابنة بيع الثمرة في رؤوس النخل بالثمر من ذلك النخل ، وذهب في
__________________
(١٤٦) في « ر ٢ » : النضيح.
(١٤٧) راجع المبسوط ٢ : ١١٤ ، والرواية في الكافي ٥ : ١٧٥ ـ ٣.
(١٤٨) ص ٩٣.
الخلاف الى تحريم بيعها بالتمر مطلقا ، سواء اتحد الثمن والمثمن (١٤٩) أو اختلفا (١٥٠) ، وهو مذهب المفيد واختاره المصنف والعلامة والشهيد ، وهو المعتمد حذرا من الربا.
احتج على مذهبه في النهاية بأصالة الصحة ، وبالآية (١٥١) ، وفي الطرفين روايات (١٥٢).
الثانية : في تعدية التحريم الى غير ثمرة النخل من شجر الفواكه بحث (١٥٣) ، لا يجوز بيع ثمرة شجرة بثمر منها أو ثمر من مثلها على الخلاف ، يحتمل التعدية ، فإنه بيع احد المماثلين بالآخر وحينئذ لا يتساويان ويلزم الربا.
ومن حيث ان الربا انما يكون في المكيلين أو الموزونين ، وهاهنا ليس كذلك ، لأن الثمرة على رأس الشجرة لا يشترط في بيعها الكيل ولا الوزن فلا ربا حينئذ ، وذهب المصنف والعلامة إلى التحريم.
الثالثة : في المحاقلة ، ولا خلاف في تحريمها ، وانما الخلاف في تفسيرها كالخلاف في تفسير المزابنة ، والمعتمد التحريم مطلقا ، سواء اتحد الثمن والمثمن أو اختلفا إذا كان من الجنس.
قال رحمهالله : يجوز بيع العرايا بخرصها تمرا ، والعرية هي النخلة تكون في دار الإنسان ، قال أهل اللغة : أو في بستانه وهو حسن ، وهل يجوز بيعها بخرصها من تمرها؟ الأظهر لا.
__________________
(١٤٩) لم ترد في « ر ٢ ».
(١٥٠) في « ر ٢ » : ( اختلف ) بدل ( اختلفا )
(١٥١) « وأحل الله البيع » البقرة : ٢٧٥.
(١٥٢) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١٣ ، بيع الثمار.
(١٥٣) في بعض النسخ : ( بحيث ).
أقول : أجمع الأصحاب على استثناء العرية من المزابنة ، واختلفوا في محلها بعد اتفاقهم على انها النخلة ، قال الشيخ في المبسوط : العرايا جمع عرية ، وهي النخلة لرجل في بستان غيره يشق عليه الدخول إليها ، ومثله قوله في الخلاف ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ووافقهم ابن البراج في المهذب ، وفي الكامل ، قال : هي النخلة تكون في دار الإنسان لغيره.
والمعتمد الأول ، لنص أهل اللغة عليه ، ولاشتراك الموضعين في الحاجة الداعية المشروعة ، وهي كراهة صاحب الدار دخول مالك النخلة إلى داره ، وهذه العلة حاصلة في ملك البستان ، ويحتمل الاختصاص بالدار لرواية السكوني (١٥٣) المخصصة بكونها في الدار.
وهل يجوز بيعها بثمرة منها؟ ظاهر ابن حمزة تحريمه والا لزم اتحاد الثمن والمثمن وهو غير جائز ، ويحتمل الجواز ، لإطلاق الإذن به ، ولوجود المقتضي وهو الرخصة ، والمعتمد عدم الجواز ان شرطه في العقد ، وان لم يشرطه وصبر عليه الى صيرورته ثمرا ، جاز دفع الثمن من ثمرها ، واما العقد فيجب ان يكون حالا.
فروع :
الأول : لا فرق في جواز البيع على مالك الدار أو مستأجرها ومالك البستان ومشتري ثمرته ، للاشتراك في العلة وهي التضرر بدخول الغير.
الثاني : لو أجاز أحد هؤلاء البيع على الغير ، احتمل الجواز لوجود المقتضي للإباحة ـ وهو دفع ضرر المالك بدخول الغير داره ـ إذ التقدير عدم تضرره عرض بدخول من اجازه ، ويحتمل العدم ، لعموم تحريم المزابنة خرج منها بيع العرية على أحد هؤلاء ، يبقى الباقي على المنع.
__________________
(١٥٣) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١٤ بيع الثمار ، حديث ١.
الثالث : لو تعددت العرايا في الدار الواحدة وتعددت الملّاك بتعدد العرايا جاز شراء الجميع ، ولو اتحد المالك لم يجز للاقتصار على مورد النص (١٥٤).
الرابع : هذا البيع رخصة لوجود المقتضي للمنع وهو تحريم المزابنة ، فلو نذر ان لا يفعل رخصة حنث بإيقاعه ، ولو نذر ان يفعل رخصة بر (١٥٥) بفعله.
قال رحمهالله : لو قال : ( بعتك هذه الصبرة من التمر أو الغلة بهذه الصبرة من جنسها سواء بسواء ) لم يصح ولو تساويا عند الاعتبار إلا أن يكونا عارفين بقدرهما وقت الابتياع ، وقيل : يجوز وان لم يعلما ، فان تساويا عند الاعتبار صح وإلا بطل. ولو كانتا من جنسين جاز إن تساوتا وان تفاوتتا ولم يتمانعا بأن بذل صاحب الزيادة أو قنع صاحب النقيصة وإلا فسخ البيع ، والأشبه انه لا يصح على تقدير الجهالة وقت الابتياع.
أقول : القائل بالجواز ـ مع عدم العلم حالة العقد إذا تساويا عند الاعتبار مع اتحاد الجنس ، ومع الاختلاف والتفاوت إذا لم يتمانعا ـ هو الشيخ رحمهالله ، وهو بناء على الاكتفاء بالمشاهدة فيما يكال أو يوزن ، والتمانع أشار إليه المصنف ، وهو ان لا يقنع صاحب النقيصة ولا يبذل صاحب الزيادة ، وعدم التمانع عكسه.
__________________
(١٥٤) وهي رواية السكوني المتقدّمة.
(١٥٥) في « ر ٢ » : برء.
في بيع الحيوان
قال رحمهالله : ويملك اللقيط من دار الحرب ، ولا يملك من دار الإسلام ، ولو بلغ فأقرّ بالرقية ، قيل : لا يقبل ، وقيل : يقبل ، وهو الأشبه.
أقول : قال ابن إدريس : لا يقبل إقراره عند محصلي أصحابنا ، لأن الشارع حكم عليه بالحرمة ، والمشهور القبول ، لقوله عليهالسلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » ، وحكم الشارع بالحرية بناء على الأصل ما لم يعرف (١٥٦) بالعبودية ، ولا فرق بين اللقيط وغيره من المجهولين ، فلو جاء رجل مجهول النسب فأقر على نفسه بالعبودية قبل منه.
تنبيه : المراد بدار الإسلام التي يحكم بحرية لقيطها وإسلامه : هي ما ينفذ فيها حكم الإسلام ولا يكون فيها كافر الا معاهدا. والمراد بدار الكفر : هي التي ينفذ فيها احكام الكفار ولا يكون فيها مسلم الا مسالما لأهلها ، ولقيطها محكوم بكفره ورقة الا ان يكون فيها مسلم ولو تاجرا إذا كان مقيما ، وكذا لو كان أسيرا أو محبوسا ، ولا يكفي مرور المسلمين فيها من غير اقامة ، ولو كانت الدار للمسلمين
__________________
(١٥٦) في « ر ١ » : يعترف.
فاستولى عليها الكفار فهي كدار الكفار الا ان يعلم فيها مسلم.
قال رحمهالله : وهل يملك هؤلاء من الرضاع؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشهر.
أقول : القول بمساواة الرضاع للنسب قول الشيخ في النهاية والخلاف ، وهو اختيار ابن البراج وابن حمزة ، واختاره العلامة وفخر الدين ، لرواية عبد الله بن سنان في الصحيح ، « قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام بحضوري عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته ، هل يحل لها بيع؟ قال : لا وهو ابنها من الرضاع حرم عليها بيعه وأكل ثمنه ، ثمَّ قال عليهالسلام : أليس قد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؟! » (١٥٧).
والقول بعدم المساواة وجواز البيع قول المفيد في المقنعة وسلار وابن أبي عقيل وابن إدريس ، لأصالة بقاء الرق ، ولهم عليه احاديث (١٥٨).
قال رحمهالله : إذا حدث في الحيوان عيب ، بعد العقد وقبل القبض ، كان المشتري بالخيار بين رده وإمساكه ، وفي الأرش تردّد.
أقول : قد سبق البحث في باب القبض إذ لا فرق بين الحيوان وغيره هنا.
قال رحمهالله : ولو قبضه ثمَّ تلف ، أو حدث فيه عيب في الثلاثة ، كان من مال البائع ، ما لم يحدث فيه المشتري حدثا ، ولو حدث فيه عيب من غير جهة المشتري ، لم يكن ذلك العيب مانعا من الرد ، وهل يلزم البائع أرشه؟ فيه تردد ، والظاهر لا.
أقول : انما كان تلفه بعد القبض من مال البائع ، وحكم القبض انتقال الضمان إلى المشتري ، لأنه تلف في مدة خيار المشتري ، فيكون تلفه ممن ليس له خيار ،
__________________
(١٥٧) الوسائل ، كتاب العتق ، باب ٨ ، حديث ٣ مع اختلاف يسير.
(١٥٨) المصدر ، حديث ١ ، ٢ ، وغيرهما فلاحظ.