تفسير ابن وهب المسمّى الواضح في تفسير القرآن الكريم - ج ٢

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري

تفسير ابن وهب المسمّى الواضح في تفسير القرآن الكريم - ج ٢

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري


المحقق: الشيخ أحمد فريد المزيدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3924-X

الصفحات: ٥٣٣
الجزء ١ الجزء ٢

واعملوا بما فيه (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من الدين والسنة (أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ) يدعو آباءهم (إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١)) إلى الكفر والشرك وما يجب به عذاب السعير فهم يقتدون بهم (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) من يخلص دينه وعمله لله (وَهُوَ مُحْسِنٌ) موحد مخلص (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) فقد أخذ (بِالْعُرْوَةِ) بلا إله إلا الله (الْوُثْقى) الوثيقة التى لا انفصام لها (وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢)) ترجع عواقب الأمور فى الآخرة التى يموتون عليها (وَمَنْ كَفَرَ) بالله من قريش أو من غيرهم (فَلا يَحْزُنْكَ) يا محمد (كُفْرُهُ) هلاكه فى كفره (إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) بعد الموت (فَنُنَبِّئُهُمْ) فنخبرهم (بِما عَمِلُوا) فى الدنيا فى كفرهم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣)) بما فى القلوب من الخير والشر (نُمَتِّعُهُمْ) نعيشهم (قَلِيلاً) يسيرا فى الدنيا (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) نصيرهم ، ويقال : نلجئهم (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤)) شديد لونا بعد لون (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) يا محمد (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَ) كفار مكة (اللهُ) خلقهما (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) الشكر لله فاشكره (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) كلهم (لا يَعْلَمُونَ (٢٥)) توحيد الله ولا شكر نعمته.

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) من الخلق (وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُ) عن خلقه (الْحَمِيدُ (٢٦)) المحمود فى فعاله (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) تبرى أقلاما (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ) يعطيه المدد (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد ما صيرت (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) مدادا فكتب بها كلام الله وعلم الله (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) كلام الله وعلم الله ، ويقال : تدبير الله (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) فى ملكه وسلطانه (حَكِيمٌ (٢٧)) فى أمره وقضائه (ما خَلْقُكُمْ) على الله إذ خلقكم (وَلا بَعْثُكُمْ) إذ بعثكم (إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) إلا بمنزلة نفس واحدة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لمقالتكم عليم بقولكم كيف يبعثنا (بَصِيرٌ (٢٨)) يبعثكم (أَلَمْ تَرَ) ألم تخبر فى القرآن (أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) يزيد الليل على النهار فيكون الليل خمس عشرة ساعة والنهار تسع ساعات (وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يزيد النهار على الليل ، فيكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ) ذلل الشمس (وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) إلى وقت معلوم فى منازل معروفة لها (وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ) من الخير والشر (خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ) القدرة لتعلموا وتقروا (بِأَنَّ اللهَ

١٦١

هُوَ الْحَقُ) بأن عبادته هو الحق (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ) يعبدون (مِنْ دُونِهِ) من دون الله (الْباطِلُ) هو الباطل (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ) أعلى كل شىء (الْكَبِيرُ (٣٠)) أكبر كل شىء.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤))

(أَلَمْ تَرَ) ألم تخبر (أَنَّ الْفُلْكَ) السفن (تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ) بمنت الله (لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ) من عجائبه (إِنَّ فِي ذلِكَ) فيما ذكرت (لَآياتٍ) لعلامات وعبرات (لِكُلِّ صَبَّارٍ) على الطاعة (شَكُورٍ (٣١)) بنعم الله (وَإِذا غَشِيَهُمْ) ركبهم (مَوْجٌ) غمر (كَالظُّلَلِ) فى الارتفاع كالسحاب فوقهم (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) مفردين له بالدعوة (١)(فَلَمَّا نَجَّاهُمْ) من البحر (إِلَى الْبَرِّ) إلى القرار (فَمِنْهُمْ) من الكفار (مُقْتَصِدٌ) بالقول والفعل فيكون ألين مما كان قبل ذلك (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن (إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ) غدار (كَفُورٍ (٣٢)) كافر بالله وبنعمته (يا أَيُّهَا النَّاسُ) يا أهل مكة (اتَّقُوا رَبَّكُمْ) أطيعوا ربكم (وَاخْشَوْا يَوْماً) من عذاب يوم (لا يَجْزِي) لا يغنى (والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ) مغن (عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) عذاب الله (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) البعث بعد الموت (حَقٌ) كائن صدق (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) ما فى الدنيا من الزهرة والنعيم (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٣٣)) الشيطان ، ويقال : الأباطيل إن قرأت بالضم (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) قيام الساعة وهو مخزون عن العباد (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) المطر يعلم نزول الغيث وهو مخزون عن العباد (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) من الولد ذكر أو أنثى ، تام أو غير تام ، شقى أو سعيد ،

__________________

(١) انظر تفسير الطبرى (٢١ / ٥٨) ، وزاد المسير (٦ / ٣٣٣) ، والدر المنثور (٥ / ١٧١).

١٦٢

وهو مخزون عن العباد (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) من الخير والشر ، وهو مخزون عن العباد (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) بأى قدم تؤخذ وهو مخزون عن العباد (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بخلقه (خَبِيرٌ (٣٤)) بأعمالهم.

* * *

١٦٣

سورة السّجدة

ومن السورة التى يذكر فيها السجدة ، وهى مكية كلها

بسم الله الرّحمن الرّحيم

(الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠))

عن ابن عباس ، رضوان الله عليه ، فى قوله عز من قائل وقوله الحق : (الم (١)) يقول : أنا الله أعلم ، ويقال : قسم أقسم به (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) إن هذا الكتاب تكليم من الله (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شك فيه أنه (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ) بل يقول كفار مكة (افْتَراهُ) اختلقه محمد من تلقاء نفسه (بَلْ هُوَ الْحَقُ) يعنى القرآن (مِنْ رَبِّكَ) نزل به جبريل عليك (لِتُنْذِرَ) به لكى تخوف بالقرآن (قَوْماً) يعنى قريشا (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) لم يأتهم رسول مخوف قبلك يا محمد (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)) كى يهتدوا من الضلالة (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) من الخلق والعجائب (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) من أيام أول الدنيا كل يوم ألف سنة مما تعدون من سنى الدنيا ، أول يوم منها يوم الأحد ، وآخر يوم منها يوم الجمعة (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) وكان الله على العرش قبل أن خلقهما على الماء (ما لَكُمْ) يا أهل مكة (مِنْ دُونِهِ) من دون الله (مِنْ وَلِيٍ) من قريب ينفعكم (وَلا شَفِيعٍ) يشفع لكم من عذاب الله (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤)) أفلا تتعظون بالقرآن فتؤمنوا

١٦٤

به (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) يبعث الملائكة بالوحى والتنزيل والمصيبة (١)(ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) يصعد إليه ، يعنى الملائكة (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ) مقدار صعوده على غير الملائكة (أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)) من سنى الدنيا (ذلِكَ) المدبر (عالِمُ الْغَيْبِ) ما غاب عن العباد وما يكون (وَالشَّهادَةِ) ما علمه العباد وما كان (الْعَزِيزُ) بالنقمة من الكفار (الرَّحِيمُ (٦)) بالمؤمنين (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) أحكم كل شىء خلقه (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ) يعنى آدم (مِنْ طِينٍ (٧)) أخذ من أديم الأرض (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) ذريته (مِنْ سُلالَةٍ) نطفة (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨)) من نطفة ضعيفة من ماء الرجل والمرأة (ثُمَّ سَوَّاهُ) جمع خلقه فى بطن أمه (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) وجعل الروح فيه (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ) خلق لكم السمع لكى تسمعوا به الحق والهدى (وَالْأَبْصارَ) لكى تبصروا بها الحق والهدى (وَالْأَفْئِدَةَ) يعنى القلوب لكى تفقهوا بها الحق والهدى (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩)) شكركم بما صنع إليكم قليل (وَقالُوا) يعنى أبا جهل وأصحابه (أَإِذا ضَلَلْنا) هلكنا (فِي الْأَرْضِ) بعد الموت (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) نجدد بعد الموت هذا ما لا يكون (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) بالبعث بعد الموت (كافِرُونَ (١٠)) جاحدون.

(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١) وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠))

__________________

(١) انظر تفسير الطبرى (٢١ / ٥٨) ، وزاد المسير (٦ / ٣٣٣) ، والدر المنثور (٥ / ١٧١).

١٦٥

(قُلْ) لهم يا محمد (يَتَوَفَّاكُمْ) يقبض أرواحكم (مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) بقبض أرواحكم (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١)) فى الآخرة (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ) المشركون (ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) مطأطئ رؤوسهم (عِنْدَ رَبِّهِمْ) يوم القيامة (رَبَّنا) يقولون : يا ربنا (أَبْصَرْنا) علمنا ما لم نعلم (وَسَمِعْنا) أيقنا بما لم نكن به موقنين (فَارْجِعْنا) حتى نؤمن بك (نَعْمَلْ صالِحاً) خالصا (إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢)) مقرون بك وبكتابك ورسولك وبالبعث بعد الموت (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا) لأعطينا (كُلَّ نَفْسٍ هُداها) تقواها (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ) وجب القول (مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) من كفار الجن والإنس (أَجْمَعِينَ (١٣)) لو لا ذلك لأكرمت كل نفس بالمعرفة والتوحيد (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ) تركتم الإقرار والعمل (لِقاءَ يَوْمِكُمْ) بلقاء يومكم (هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ) تركناكم فى النار (وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) الدائم (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤)) فى الكفر (إِنَّما يُؤْمِنُ) يصدق (بِآياتِنَا) بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن (الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا) دعوا (بِها) إلى الصلوات الخمس بالأذان والإقامة (خَرُّوا سُجَّداً) أتوا تواضعا (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) صلوا بأمر ربهم (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥)) لا يتعاظمون عن الإيمان بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والقرآن والصلوات الخمس فى الجماعة ، نزلت هذه الآية فى شأن المنافقين وكانوا لا يأتون الصلاة إلا كسالى متثاقلين.

(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) تتقلب جنوبهم عن الفراش ، حتى يصلوا صلاة العشاء الآخرة ، ويقال : ترتفع جنوبهم عن الفراش بعد النوم بالليل والصلاة التطوع (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) يعبدون ربهم بالصلوات الخمس ، ويقال : بصلاة التطوع (خَوْفاً) منه ومن عذابه (وَطَمَعاً) إليه وإلى رحمته (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) أعطيناهم من المال (يُنْفِقُونَ (١٦)) يتصدقون به (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ) فلا تعلم أنفسهم (ما أُخْفِيَ لَهُمْ) ما أعد لهم وما رفع لهم وما ذخر لهم (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) من طيبة النفس والثواب والكرامة فى الجنة (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)) فى الدنيا من الخيرات (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) مصدقا فى إيمانه وهو على بن أبى طالب ، عليه‌السلام (كَمَنْ كانَ فاسِقاً) منافقا فى إيمانه وهو الوليد بن عقبة بن أبى معيط (لا يَسْتَوُونَ (١٨)) فى الدنيا بالطاعة وفى الآخرة بالثواب والكرامة عند الله ، وكان بينهما كلام وتنازع ، حتى قال

١٦٦

على بن أبى طالب ، رضى الله عنه : يا فاسق ، ثم بين مستقرهما بعد الموت ، فقال : (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الخيرات فيما بينهم وبين ربهم (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً) منزلا ثوابا لهم فى الآخرة (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩)) فى الدنيا من الخيرات (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) نافقوا فى إيمانهم (فَمَأْواهُمُ) فمصيرهم (النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها) من النار (أُعِيدُوا) ردوا (فِيها) فى النار بمقامع الحديد (وَقِيلَ لَهُمْ) قالت لهم الزبانية (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ) فى الدنيا (تُكَذِّبُونَ (٢٠)) أنه لا يكون.

(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠))

(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) لنصيبهم ، يعنى كفار مكة (١)(مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) من عذاب الدنيا بالقحط والجدوبة والجوع والقتل وغير ذلك ، ويقال : عذاب القبر (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) قبل عذاب النار يخوفهم بذلك (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)) عن كفرهم فيتوبوا (وَمَنْ أَظْلَمُ) ليس أحد أعتى وأظلم (مِمَّنْ ذُكِّرَ) وعظ (بِآياتِ رَبِّهِ) بالقرآن (ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) جاحدا بها (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) من المشركين (مُنْتَقِمُونَ (٢٢)) بالعذاب (وَلَقَدْ آتَيْنا) أعطينا (مُوسَى الْكِتابَ) التوراة جملة واحدة (فَلا تَكُنْ) يا محمد (فِي مِرْيَةٍ) فى شك (مِنْ لِقائِهِ) من لقاء موسى ليلة أسرى بك إلى بيت المقدس (وَجَعَلْناهُ) يعنى كتاب موسى (هُدىً لِبَنِي

__________________

(١) انظر : تفسير الطبرى (٢١ / ٦٥) ، وزاد المسير (٦ / ٣٤٠) ، والقرطبى (١٤ / ١٠١) ، والدر المنثور (٥ / ١٧٧).

١٦٧

إِسْرائِيلَ (٢٣)) من الضلالة (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ) من بنى إسرائيل (أَئِمَّةً) قادة فى الخير (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) يدعون الخلق إلى أمرنا (لَمَّا صَبَرُوا) حين صبروا على الإيمان والطاعة (وَكانُوا بِآياتِنا) بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم والقرآن (يُوقِنُونَ (٢٤)) يصدقون فى كتابهم (إِنَّ رَبَّكَ) يا محمد (هُوَ يَفْصِلُ) يقضى (بَيْنَهُمْ) بين الكافرين والمؤمنين ، ويقال : بين بنى إسائيل (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ) فى الدين (يَخْتَلِفُونَ (٢٥)) يخالفون.

(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) أو لم يبين لكفار مكة (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ) بالعذاب (مِنَ الْقُرُونِ) الماضية (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) فى منازلهم منازل قوم شعيب وصالح وهود (إِنَّ فِي ذلِكَ) فيما فعلنا بهم (لَآياتٍ) لعلامات وعبرات لمن بعدهم (أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦)) أفلا يطيعون من فعل ذلك بهم (أَوَلَمْ يَرَوْا) يعلموا كفار مكة (أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) الملساء التى لا نبات فيها (فَنُخْرِجُ بِهِ) بالمطر (زَرْعاً) نباتا (تَأْكُلُ مِنْهُ) من العشب (أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ) من الحبوب والثمار والبقول (أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧)) أفلا يعلمون (وَيَقُولُونَ) يعنى بنى حذيفة وبنى كنانة (مَتى هذَا الْفَتْحُ) فتح مكة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٨)) أن يفتح لكم يسخرون بذلك على المؤمنين (قُلْ) يا محمد لبنى حذيفة وكنانة (يَوْمَ الْفَتْحِ) فتح مكة (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بنى حذيفة (إِيمانُهُمْ) من القتل (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٢٩)) يؤجلون عن القتل (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) عن بنى حذيفة ولا تشتغل بهم (١)(وَانْتَظِرْ) هلاكهم يوم فتح مكة (إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (٣٠)) هلاكهم فأهلكهم الله يوم فتح مكة.

__________________

(١) منسوخ بآية السيف. انظر : الإيضاح فى الناسخ والمنسوخ لمكى (٣٣٣) ، والنحاس (٢٠٧) ، والمنسوخ لابن البارزى (ص ٣٠٢) ، والمصفى لابن الجوزى (٢١٠).

١٦٨

سورة الأحزاب

ومن السورة التى يذكر فيها الأحزاب ، وهى مكية كلها

بسم الله الرّحمن الرّحيم

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥) النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦) وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩) إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠))

عن ابن عباس ، رضى الله عنه ، فى قوله جل وعز : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) أخش الله فى نقض العهد قبل أجله (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ) من أهل مكة أبا سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبى جهل ، وأبا الأعور الأسلمى (وَالْمُنْفِقِينَ) من أهل المدينة عبد الله بن أبى بن سلول ، ومعتب بن قشير ، وجد بن قيس ، فيما يأمرونك من المعاصى (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بمقالتهم وإرادتهم قتلك (حَكِيماً (١)) حكم الوفاء بالعهد ونهاكم عن نقض العهد (وَاتَّبِعْ) يا محمد (ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) اعمل بما تؤمر فى القرآن (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ) من وفاء العهد ونقضه (خَبِيراً (٢)

١٦٩

وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣)) كفيلا بما وعد لك من النصرة والدولة ، ويقال : حفيظا منهم (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) فى صدره ، نزلت فى أبى معمر جميل بن أسد ، كان يقال له : ذو قلبين من حفظ حديثه (١)(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَ) باليمين (أُمَّهاتِكُمْ) كأمهاتكم فى الحرام ، نزلت فى أوس بن الصامت أخى عبادة بن الصامت وامرأته خولة (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ) الذين تبنيتم فى العون والنصرة (أَبْناءَكُمْ) كأبنائكم من النسب (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) بألسنتكم فيما بينكم (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) يبين الحق (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤)) يدل إلى الصواب.

(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) انسبوهم إلى آبائهم (هُوَ أَقْسَطُ) هو أفضل وأصوب وأعدل (عِنْدَ اللهِ) فى النسبة (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ) نسبة آبائهم (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) فادعوهم باسم إخوانكم فى الدين عبد الله ، وعبد الرحمن ، وعبد الرحيم ، وعبد الرزاق (وَمَوالِيكُمْ) وباسم مواليكم (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) مأثم (فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) من النسبة (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ) عقدت به (قُلُوبُكُمْ) بالقرية أن تنسبوهم إلى غير آبائهم يؤاخذكم الله بذلك (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) فيما مضى (رَحِيماً (٥)) فيما يكون ، نزلت هذه الآية فى شأن زيد بن حارثة ، وكان قد تبناه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكانوا يقولون : زيد بن محمد فنهاهم الله عن ذلك ودلهم إلى الصواب ، فقال : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ) أحق بحفظ أولاد المؤمنين (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) من بعد موتهم لقول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ومن مات وترك كلا فإلى أو دينا فعلى أو مالا فلورثته» (وَأَزْواجُهُ) أزواج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم (أُمَّهاتُهُمْ) كأمهاتهم فى الحرمة (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) ذو القرابة فى النسب (بَعْضُهُمْ أَوْلى) أحق (بِبَعْضٍ) بالميراث (فِي كِتابِ اللهِ) هكذا مكتوب فى اللوح المحفوظ ، ويقال : فى التوراة ، ويقال : فى القرآن (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ) فى الدين أو أصدقائكم (مَعْرُوفاً) وصية من الثلث (كانَ ذلِكَ) الميراث للقرابة والوصية للأولياء (فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٦)) فى اللوح المحفوظ مكتوبا ، ويقال : فى التوراة مكتوبا يعمل به بنو إسرائيل.

(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) عهودهم وإقرارهم عليها أن يبلغ بعضهم بعضا

__________________

(١) انظر : لباب النقول : (١٧١) ، والدر المنثور (٥ / ١٠٨) ، وتفسير الطبرى (٢١ / ٧٤).

١٧٠

(وَمِنْكَ) أوله أخذنا منك أن تبلغ قومك خبر الرسل والكتب قبلك وتأمرهم أن يؤمنوا به (وَمِنْ نُوحٍ) وأخذنا من نوح (وَإِبْراهِيمَ) وأخذنا من إبراهيم (وَمُوسى) وأخذنا من موسى (وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) وأخذنا من عيسى ابن مريم (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٧)) وثيقا أن يبلغ الرسالة الأول الآخر ، وأن يصدق الآخر الأول ، وأن يأمروا قومهم أن يؤمنوا به (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) المبلغين عن تبليغهم والوافين عن وفائهم والمؤمنين عن إيمانهم (وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ) بالكتب والرسل (عَذاباً أَلِيماً (٨)) وجيعا فى النار يخلص وجعه إلى قلوبهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ) احفظوا منة الله (عَلَيْكُمْ) بدفع العدو عنكم ، بالريح ريح الصبا والملائكة (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) جموع الكفار (فَأَرْسَلْنا) فسلطنا (عَلَيْهِمْ رِيحاً) ريح الصبا (وَجُنُوداً) صفا من الملائكة (لَمْ تَرَوْها) يعنى الملائكة (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الخندق وغيره (بَصِيراً (٩) إِذْ جاؤُكُمْ) كفار مكة (مِنْ فَوْقِكُمْ) من فوق الوادى طلحة بن خويلد الأسدى وأصحابه (وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) من أسفل الوادى أبو الأعور الأسلمى وأصحابه ، وأبو سفيان وأصحابه (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) مالت أبصار المنافقين فى الخندق عن موضعها (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ) قلوب المنافقين (الْحَناجِرَ) عند الحناجر انتفخت من الخوف (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠)) فظننتم بالله يا معشر المنافقين أن الله لا ينصر نبيه.

(هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ

١٧١

الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (٢٠))

(هُنالِكَ) عند ذلك الخوف (ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) اختبر المؤمنون بالبلاء (وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١)) أجهدوا جهدا شديدا وحركوا تحريكا شديدا (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) عبد الله بن أبى وأصحابه (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) شك ونفاق معتب ابن قشير وأصحابه (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) من فتح المدائن ومجئ الكفار (إِلَّا غُرُوراً (١٢)) باطلا (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) من بنى حارثة بن الحارث لأصحابهم فى الخندق (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) يعنون يا أهل المدينة (لا مُقامَ لَكُمْ) لا مكان لكم فى الخندق عند القتال (فَارْجِعُوا) إلى المدينة (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ) من المنافقين بنى حارثة (النَّبِيَ) صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالرجوع إلى المدينة (يَقُولُونَ) ائذن لنا يا نبى الله بالرجوع إلى المدينة (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) خالية من الرجال نخاف عليها سرق السراق (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) بخالية (إِنْ يُرِيدُونَ) ما يريدون بذلك (إِلَّا فِراراً (١٣)) من القتل.

(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) على المنافقين بالمدينة (مِنْ أَقْطارِها) من نواحيها (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ) دعوا إلى الشرك (لَآتَوْها) لأجابوها سريعا (وَما تَلَبَّثُوا بِها) وما مكثوا بإجابتها ، ويقال : بالمدينة بعد إجابتهم (إِلَّا يَسِيراً (١٤)) قليلا (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) من قبل الخندق يوم الأحزاب (لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ) منهزمين من المشركين (وَكانَ عَهْدُ اللهِ) ناقض عهد الله (مَسْؤُلاً (١٥)) يوم القيامة عن نقضه (قُلْ) لهم يا محمد لبنى حارثة (لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ) لا تعيشون فى الدنيا (إِلَّا قَلِيلاً (١٦)) إلا يسيرا (قُلْ) يا محمد لبنى حارثة (مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ) يمنعكم (مِنَ اللهِ) من عذاب الله (إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) عذابا بالقتل (أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) عافية من القتل (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ) لبنى حارثة (مِنْ دُونِ اللهِ) من عذاب الله (وَلِيًّا) حافظا يحفظهم من عذاب الله (وَلا نَصِيراً (١٧)) مانعا يمنعهم من عذاب الله (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ) المانعين من الرجوع إلى الخندق (مِنْكُمْ) يعنى المنافقين (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) لأصحابهم المنافقين (هَلُمَّ إِلَيْنا) بالمدينة وكان هؤلاء : عبد الله بن أبى ، وجد بن قيس ، ومعتب بن قشير (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) القتال عبد الله بن أبى وأصحابه (إِلَّا قَلِيلاً (١٨)) رياء وسمعة.

١٧٢

(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أشفقة عليكم قالوا ذلك ، ويقال : بخلأ بالنفقة عليكم (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) خوف العدو (رَأَيْتَهُمْ) يا محمد المنافقين فى الخندق (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) تتقلب أعينهم فى الجفون (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) كمن هو فى غشيان الموت ونزعاته (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) خوف العدو (سَلَقُوكُمْ) طعنوكم وعابوكم (بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) ذرية سليطة (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) بخيلة بالنفقة فى سبيل الله (أُولئِكَ) أهل هذه الصفة (١)(لَمْ يُؤْمِنُوا) لم يصدقوا فى إيمانهم (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) فأبطل الله حسناتهم (وَكانَ ذلِكَ) إبطال حسناتهم (عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩)) هينا (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ) يظن عبد الله بن أبى وأصحابه أن كفار مكة (لَمْ يَذْهَبُوا) بعد ما ذهبوا من الخوف والجبن ، ويقال : ظنوا أن لا يذهبوا حتى يقتلوا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) كفار مكة (يَوَدُّوا) يتمنى عبد الله بن أبى وأصحابه (لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) خارجون من المدينة من خوفهم وجبنهم (يَسْئَلُونَ) فى المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ) عن أخباركم فى الخندق (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) معكم فى الخندق (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً (٢٠)) رياء وسمعة.

(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١) وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢) مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣) لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠))

__________________

(١) انظر : تفسير الطبرى (٢١ / ٩٠) ، والقرطبى (١٤ / ١٥٣) ، ومعانى القرآن للفراء (٣ / ٣٣١) ، وزاد المسير (٦ / ٣٦٦).

١٧٣

(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) سنة حسنة واقتداء صالح بالجلوس معه فى الخندق (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ) يرجو كرامة الله وثوابه ، ويقال : يخاف الله (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) ويخاف عذاب الآخرة (وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً (٢١)) باللسان والقلب ، ثم ذكر نعت المؤمنين المخلصين ، فقال : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ) المخلصون (الْأَحْزابَ) كفار مكة أبا سفيان وأصحابه (قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) لعدة الأيام (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) فى الميعاد وكان قد وعدهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يأتى الأحزاب تسعا أو عشرا يعنى إلى عشرة أيام (وَما زادَهُمْ) برؤية الكفار (إِلَّا إِيماناً) يقينا بقول الله تعالى ، وبقول رسوله (وَتَسْلِيماً (٢٢)) خضوعا لأمر الله وأمر الرسول (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا) وفوا (ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) نذره ، ويقال : قضى أجله وهو حمزة بن عبد المطلب ، عم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) الوفاء إلى الموت (وَما بَدَّلُوا) غيروا العهد (تَبْدِيلاً (٢٣)) تغيرا بالنقض (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) الوافين بوفائهم (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ) إن ماتوا على النفاق (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) قبل الموت (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً) لمن تاب (رَحِيماً (٢٤)) لمن مات على التوبة.

(وَرَدَّ اللهُ) صرف الله (الَّذِينَ كَفَرُوا) كفار مكة أبا سفيان وأصحابه (بِغَيْظِهِمْ) بحنقهم (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) لم يصيبوا سرورا ولا غنيمة ولا دولة (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) رفع الله مؤنة القتال عن المؤمنين بالريح والملائكة (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا) بنصر المؤمنين (عَزِيزاً (٢٥)) بنقمة الكافرين (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) أعانوا كفار مكة (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) وهم بنو قريظة والنضير كعب بن الأشرف وحيى بن أخطب وأصحابهما (مِنْ صَياصِيهِمْ) من قصورهم وحصونهم (وَقَذَفَ) وجعل (فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الخوف من محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه وكانوا قبل ذلك لا يخافون ويقاتلون (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ) يقول : تقتلون فريقا منهم وهم المقاتلة (وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦)) منهم وهم الذرارى والنساء (وَأَوْرَثَكُمْ) أنزلكم (أَرْضَهُمْ) قصورهم (وَدِيارَهُمْ) منازلهم (وَأَمْوالَهُمْ) جعل أموالهم غنيمة لكم (وَأَرْضاً) أرض خيبر (لَمْ تَطَؤُها) لم تملكوها بعد ستكون لكم (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الفتح والنصرة (قَدِيراً (٢٧) يا أَيُّهَا النَّبِيُ) يعنى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم (قُلْ لِأَزْواجِكَ) لنسائك (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا) ما فى الحياة الدنيا

١٧٤

(وَزِينَتَها) زهرتها (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) متعة الطلاق (وَأُسَرِّحْكُنَ) أطلقكن (سَراحاً جَمِيلاً (٢٨)) طلاقا حسنا بالسنة (١) (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) طاعة الله وطاعة رسوله (وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) يعنى الجنة (فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ) الصالحات (مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩)) ثوابا وافرا فى الجنة (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) بزنا ظاهر بالشهود (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) بالجلد والرجم (وَكانَ ذلِكَ) العذاب (عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠)) هينا.

(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٣٥) وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (٣٦) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٣٧) ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩) ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠) * وَمَنْ يَقْنُتْ) يطع (مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) خالصا فيما بينها وبين ربها (نُؤْتِها) نعطها (أَجْرَها) ثوابها (مَرَّتَيْنِ) ضعفين (وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً

__________________

(١) انظر : صحيح البخارى (٦ / ٢٢) ، وتفسير الطبرى (٢١ / ٩٩) ، والدر المنثور (٥ / ١٩٤) ، وتفسير القرطبى (١٤ / ١٦٢).

١٧٥

كَرِيماً (٣١)) ثوابا حسنا فى الجنة (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) لستن كسائر النساء بالمعصية والطاعة والثواب والعقاب (إِنِ اتَّقَيْتُنَ) إن أطعتن الله ورسوله (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) فلا ترفقن بالقول وتليين الكلام مع الغريب (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) شهوة الزنا (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢)) صحيحا بلا ريبة (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) استقررن فى بيوتكن ولا تخرجن من البيوت وليكن عليكن الوقار (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) ولا تتزين بزينة الكفار فى الثياب الرقاق الملونة (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ) أتممن الصلوات الخمس (وَآتِينَ الزَّكاةَ) أعطين زكاة أموالكن (وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) فى المعروف (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) بذلك (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) الإثم (أَهْلَ الْبَيْتِ) يا أهل بيت النبوة (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣)) من الذنوب (وَاذْكُرْنَ) واحفظن (ما يُتْلى) ما يقرأ عليكن (فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ) القرآن (وَالْحِكْمَةِ) الأمر والنهى والحلال والحرام (إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً) عالما بما فى قلوبهن (خَبِيراً (٣٤)) بأعمالهن ، ويقال : لطيفا إذ أمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يطلقهن (خَبِيراً (٣٤)) بصلاحهن.

ثم نزلت فى قول أم سلمة ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ونسيبة بنت كعب الأنصارية ، لقولهما : يا رسول الله ما نرى يذكر النساء فى شىء من الخير إنما ذكر الرجال ، فأنزل الله تعالى (١) (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ) الموحدين من الرجال (وَالْمُسْلِماتِ) الموحدات من النساء (وَالْمُؤْمِنِينَ) المقرين من الرجال (وَالْمُؤْمِناتِ) المقرات من النساء (وَالْقانِتِينَ) المطيعين من الرجال (وَالْقانِتاتِ) المطاعات من النساء (وَالصَّادِقِينَ) فى إيمانهم من الرجال (وَالصَّادِقاتِ) فى إيمانهن من النساء (وَالصَّابِرِينَ) على ما أمر الله والمرازى من الرجال (وَالصَّابِراتِ) على ما أمر الله والمرازى من النساء (وَالْخاشِعِينَ) المتواضعين من الرجال (وَالْخاشِعاتِ) المتواضعات من النساء (وَالْمُتَصَدِّقِينَ) بأموالهم من الرجال (وَالْمُتَصَدِّقاتِ) بأموالهن من النساء (وَالصَّائِمِينَ) من الرجال (وَالصَّائِماتِ) من النساء (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ) عن الفجور من الرجال (وَالْحافِظاتِ) فروجهن عن الفجور من النساء (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً) باللسان والقلب ، ويقال : بالصلوات الخمس من الرجال (وَالذَّاكِراتِ) من النساء (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) للرجال والنساء (مَغْفِرَةً) لذنوبهم فى الدنيا (وَأَجْراً عَظِيماً

__________________

(١) انظر : تفسير الطبرى (١٢ / ١٧٩) ، والبحر المحيط (٧ / ٢٣٠) ، والدر المنثور (٥ / ١٩٧).

١٧٦

(٣٥)) ثوابا وافرا فى الجنة (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) زيد (وَلا مُؤْمِنَةٍ) زينب (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) تزويجا بينهما (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) الاختيار (مِنْ أَمْرِهِمْ) خلاف ما اختار الله ورسوله لهما (١)(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما أمره (فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (٣٦)) فقد أخطأ خطأ بينا عن أمر الله.

(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) بالإسلام ، يعنى زيدا (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) بالعتق (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) ولا تطلقها (وَاتَّقِ اللهَ) واخش الله ولا تخل سبيلها (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) تسر فى نفسك حبها وتزويجها (مَا اللهُ مُبْدِيهِ) مظهره فى القرآن (وَتَخْشَى النَّاسَ) تستحى من الناس من ذلك (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) أن تستحى منه (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) حاجة ، يقول : إذا خرجت من عدتها من زيد (زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) بعدك (حَرَجٌ) مأثم (فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) فى تزويج نساء من تبنوهم (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) حاجة إذا خرجن من عدتهن بعد موتهم أو طلاقهن (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) تزويج زينب محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم (مَفْعُولاً (٣٧)) كائنا ، ويقال : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) قضاء الله (مَفْعُولاً (٣٧)) كائنا (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) من مأثم وضيق (فِيما فَرَضَ اللهُ) فيما رخص الله (اللهُ) من التزويج (سُنَّةَ اللهِ) هكذا كان قضاء الله (فِي الَّذِينَ خَلَوْا) مضوا (مِنْ قَبْلُ) من قبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يعنى داود فى تزويج امرأة أوريا ، ويقال : سليمان فى تزويج بلقيس (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨)) كان الله قضاء كائنا فى تزويج.

(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) يعنى داود وسليمان ، ومحمد ، صلّى الله عليهم (وَيَخْشَوْنَهُ) يخافون الله فى تبليغ الرسالة (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٣٩)) شهيدا (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) يعنى زيدا (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) ولكن كان رسول الله (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) ختم الله به النبيين قبله فلا يكون نبى بعده (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) من قولكم وفعلكم (عَلِيماً (٤٠)).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ

__________________

(١) انظر : لباب النقول (١٧٤) ، وتفسير الطبرى (٢٢ / ٩) ، وتفسير القرطبى (١٤ / ١٨٦).

١٧٧

مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠))

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد والقرآن (اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١)) باللسان والقلب عند المعصية والطاعة (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢)) صلوا لله غدوة وعشيا (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) يغفر لكم (وَمَلائِكَتُهُ) يستغفرون لكم (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) وقد أخرجكم من الكفر إلى الإيمان (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣)) رفيقا (تَحِيَّتُهُمْ) تحية المؤمنين (يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ) يلقون الله (سَلامٌ) من الله وتسلم عليهم الملائكة عند أبواب الجنة (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤)) ثوابا حسنا فى الجنة (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) يعنى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على أمتك بالبلاغ (وَمُبَشِّراً) بالجنة لمن آمن بالله (وَنَذِيراً (٤٥)) من النار لمن كفر به (وَداعِياً إِلَى اللهِ) إلى دين الله وطاعته (بِإِذْنِهِ) بأمره (وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦)) مضيئا يقتدى بك ، فلما نزل قوله : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) قال المؤمنون : هنيئا لك يا رسول الله ، بالمغفرة فما لنا عند الله ، فقال الله : (وَبَشِّرِ) يا محمد (الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧)) ثوابا عظيما فى الجنة.

ثم رجع إلى أول السورة ، فقال : (وَلا تُطِعِ) يا محمد (الْكافِرِينَ) من أهل مكة أبا سفيان وأصحابه (وَالْمُنْفِقِينَ) من أهل المدينة عبد الله بن أبى وصاحبيه (وَدَعْ أَذاهُمْ) ولا تقتلهم يا محمد (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ثق بالله (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٤٨)) كفيلا فيما وعد لك من النصرة ، ويقال : حفيظا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ) أى إذا تزوجتم (الْمُؤْمِناتِ) ولم تسموا مهورهن (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) تجامعوهن (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) بالشهور أو الحيض

١٧٨

(فَمَتِّعُوهُنَ) متعة الطلاق درعا وخمارا وملحفة أدنى شىء (وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩)) طلقوهن طلاقا حسنا بغير أذى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ) أعطيت (أُجُورَهُنَ) مهورهن (وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) مارية القبطية (مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) ما فتح الله عليك (وَبَناتِ عَمِّكَ) وأحل لك تزوج بنات عمك (وَبَناتِ عَمَّاتِكَ) من بنى عبد المطلب (وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ) من بنى عبد مناف بن زهرة (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) من مكة إلى المدينة (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) مصدقة بتوحيد الله وهى أم شريك بنت جابر العامرية (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها) مهرها (لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) أن يتزوج بها بغير مهر (خالِصَةً لَكَ) خصوصية لك ورخصة لك (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) ما أحللنا لهم وأوجبنا عليهم على المؤمنين (فِي أَزْواجِهِمْ) الأربع بمهر ونكاح (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) بغير عدد (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) مأثم وضيق فى تزوج ما أحل الله لك (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما كان منك (رَحِيماً (٥٠)) فيما رخص لك.

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً (٥١) لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً (٥٣) إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٥٥) إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ

١٧٩

عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠))

(تُرْجِي) تترك (مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) من بنات عمك ، وبنات خالك ، فلا تتزوج بها (١)(وَتُؤْوِي إِلَيْكَ) تضم إليك (مَنْ تَشاءُ) فتتزوج بها (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) اخترت بالتزويج (مِمَّنْ عَزَلْتَ) تركت (فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) فلا حرج عليك ، ويقال فيها وجه آخر : (تُرْجِي) توقف من تشاء منهن من نسائك ولا تأتيها (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ) تضم إليك (مَنْ تَشاءُ) وتأتيها (وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) اخترت بالإتيان إليها (مِمَّنْ عَزَلْتَ) عن الإتيان إليها (فَلا جُناحَ) فلا حرج (عَلَيْكَ) ولا مأثم عليك (ذلِكَ) التوسع والرخصة (أَدْنى) أى أحرى (أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) تطيب أنفسهن إن علمن أن ذلك التوسع من الله (وَلا يَحْزَنَ) بمخافة الطلاق (وَيَرْضَيْنَ كُلُّهُنَ) مقدم ومؤخر (بِما آتَيْتَهُنَ) أعطيتهن من قسمة الولد (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) من الرضا والسخط (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بصلاحكم وصلاحهن (حَلِيماً (٥١)) فيما بين لكم وتجاوز عنكم (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) تزويج النساء (مِنْ بَعْدُ) هذه الصفة ، ويقال : من بعد نسائك التسع وكانت عنده تسع نسوة : عائشة ، وحفصة ، وزينب ، وأم سلمة ، وأم حبيبة ، وصفية ، وميمونة ، وسودة ، وجويرية (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) مما بينت لك من بنات عمك وخالك ، ويقال : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَ) من (أَزْواجٍ) بما عندك من النساء ، يقول : لا يحل لك أن تطلق واحدة منهن وتتزوج بأخرى (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) حسن المرأة فليس لك أن تتزوج بها (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) مارية القبطية (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من أعمالكم (رَقِيباً (٥٢)) حفيظا.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) نزلت هذه الآية فى قوم كانوا يدخلون على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم غدوة وعشية ، واستحيا أن يأمرهم بالخروج وينهاهم عن الدخول فنهاهم الله عن ذلك ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) بغير إذن النبى إلى طعام غير ناظرين إناة نضجه وحينه (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) بالدخول (إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) نضجه وحينه (وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ) أكلتم

__________________

(١) انظر : السبعة (٥٢٣) ، وزاد المسير (٦ / ٤٠٧). وتفسير القرطبى (١٤ / ٢١٤).

١٨٠