تفسير ابن وهب المسمّى الواضح في تفسير القرآن الكريم - ج ١

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن وهب الدينوري

تفسير ابن وهب المسمّى الواضح في تفسير القرآن الكريم - ج ١

المؤلف:

أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن وهب الدينوري


المحقق: الشيخ أحمد فريد المزيدي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-3924-X

الصفحات: ٤٩٦
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وإمام المرسلين ، وعلى آله الطيبين وصحابته المكرمين ، وسلم تسليما كثيرا ، وبعد :

فقد ألفت حول القرآن الكريم كتب كثيرة فى تفسيره ، وإعرابه ، وقراءاته ، وأسباب نزوله ، وأحكامه ، وإعجازه ، وفضائله ، ومنسوخه ، وناسخة وغير ذلك.

ونقدم الآن لأول مرة لعالم الطباعة والنشر تفسيرا من أوائل تفاسير القرآن وأقدمها ، حيث تفسيره من أوله لآخره ، وهو تفسير ابن وهب الدينورى ، وهو أجدى اعتبارا عند أهل العلم ، كما ذكر المزى فى تهذيب الكمال فى ترجمته لمحمد بن السائب الكلبى ، خاصة وهو من رواية أبى صالح بادان مولى أم هانئ ، عن ابن عباس.

وننبه أن مقصدنا التعرّف على تراث السلف الصالح ليعرف الصحيح من السقيم ، ويتضح النظر فيما نقل فى كتب أهل العلم ، حتى يكون الحكم بعد ذلك فى موضعه ، وقد قال الذهبى ، عن وهب : ما عرفت له متنا يهتم به ، وقد عنى فى كتابه هذا بتوضيح مفردات القرآن ، ومعانيه ، وأساليبه ، وأحكامه ، وقراءاته ، وأسباب نزوله.

فقمنا إلى تحقيقه وإخراجه سائلين الله تيسيره وتوفيقه ، وقد قمت بعد نسخه وضبط النص ، بالتعليق والعزو والتوثيق من أمهات المصادر والمراجع ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه

أحمد فريد

* * *

٣

مقدمة فى علم التفسير

معنى التفسير :

التفسير فى اللغة : هو الإيضاح والتبيين والكشف ، ومنه قوله عزوجل : (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) [الفرقان : ٣٣] أى بيانا وتفصيلا.

وفى الاصطلاح : علم يفهم به كتاب الله المنزل على سيدنا محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، وبيان معانيه ، واستخراج أحكامه وحكمه ، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه ، والقراءات ، ومعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ، وهذا تعريف الزركشى.

وقال أبو حيان الأندلسى : هو علم يبحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركبية ، ومعانيها التى تحمل عليها حالة التركيب وتتمات ذلك.

الحاجة إلى التفسير : قال الحوبىّ : علم التفسير عسير يسير ، أما عسره فظاهر من وجوه ، أظهرها أنه كلام متكلم ، لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه ، ولا إمكان الوصول إليه ، بخلاف الأمثال والأشعار ونحوها ، فإن الإنسان يمكن علمه منه إذا تكلم بأن يسمع منه أو ممن سمع منه ، وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) ، وذلك متعذر إلا فى قسم منه ، فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات ودلائل ، والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده فى كتابه ، فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد فى جميع آياته.

شرف التفسير : أجمع أهل العلم أن التفسير من فروض الكفايات ، وهو من أجل علوم الشريعة وأرفعها قدرا.

قال الأصبهانى : أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن ، بيان ذلك أن شرف الصناعة إما يشرف موضوعها مثل الصياغة ، فإنها أشرف من الدباغة ، لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة ، وهما أشرف من موضوع الدباغة الذى هو جلد الميتة.

شروط المفسر :

١ ـ صحة الاعتقاد على مذهب أهل السنة والجماعة.

٢ ـ التجرد عن هوى النفس التى تدفع لنصرة رأى أو مذهب.

٤

٣ ـ أن يقدم أولا تفسير القرآن بالقرآن.

٤ ـ ثم يطلب تفسير القرآن من صحيح السنة.

٥ ـ ثم الرجوع إلى أقوال الصحابة الصحاح.

٦ ـ وبعد ذلك الأخذ بأقوال كبار التابعين ما ثبت منها صحته.

٧ ـ العلم بالعربية وفروعها.

٨ ـ العلم بأصول العلم المتصلة بالقرآن كالقراءات وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك.

آداب المفسر :

١ ـ حسن النية ، وصدق المقصد.

٢ ـ حسن الخلف.

٣ ـ تحرى الصدق والضبط فى النقل.

٤ ـ التأدب بآداب طالب العلم الشريف.

أنواع التفسير ومناهجه :

١ ـ التفسير بالمأثور : وهو ما قام على الحديث المرفوع ، والموقوف ، وآثار الصحابة والتابعين المسندة ، ومنه : تفسير الطبرى ، وعبد الرزاق ، وابن أبى حاتم ، ويحيى بن سلام وغيرهم.

٢ ـ التفسير بالرأى : وهو ينقسم إلى قسمين :

أ ـ التفسير العقلى : وهو ما عنى بذكر أقوال الحكماء والفلاسفة ، وذكر شبههم والرد عليهم كتفسير الفخر الرازى «مفاتيح الغيب».

ب ـ التفسير البدعى : ليس لمصنفه قصد إلا أن يتأول كلام الله وينزله على مذهبه البدعى ، مثلما فعل الزمخشرى فى تفسيره «الكشاف» فقد نصر فيه مذهب المعتزلة ، وكذلك ملا محسن الكاشى ، نصر فيه مذهب الاثنى عشرية من الشيعة.

٣ ـ التفسير اللغوى : هو ما عنى بذكر الإعراب وما يحتمل فى ذلك من أوجه ، وتراه ينقل مسائل النحو وفروعه وخلافياته ، مثل الزجاج ، والفراء ، والواحدى فى البسيط ، وأبو حيان فى البحر المحيط ، والعكبرى فى التبيان وغيرهم.

٥

٤ ـ التفسير التاريخى : أكثر شغل صاحبه ذكر القصص ، وأخبار السلف ما صح وما لم يصح ، مثل : الكشف ، والبيان فى تفسير القرآن ، للأبى إسحاق الثعلبى.

٥ ـ تفسير السادة الصوفية : قصدوا ناحية الترغيب والترهيب ، واستخراج المعانى الإشارية ، والغوامض الذوقية ، وهو ينقسم إلى قسمين :

أ ـ النظرى : يقوم على مباحث ودراسات نظرية وتعاليم فلسفية ، كتفسير محيى الدين ابن عربى ، والبحر المديد لابن عجيبة ، وإن تعرض للإشاري فيه أيضا.

ب ـ الإشارى : هو تأويل القرآن على خلاف ظاهره بمقتضى إشارات خفية تظهر لأرباب السلوك وأصحاب الطريق ، مثل : لطائف الإشارات للقشيرى وحقائق التفسير للسلمى.

٦ ـ تفسير الفقهاء : هو ما يغلب عليه الإسهاب والإيضاح لمسائل الأمر والنهى ، والحلال والحرام ، وما شابه من أحكام فقهية ، مثل : تفسير القرطبى ، وفتح القدير للشوكانى.

٧ ـ التفسير البيانى : وهو ما تعرض صاحبه كثيرا للمسائل البلاغية والبيانية ، مثل : تفسير أضواء البيان للشنقيطى ، رحمه‌الله.

وهناك نوع آخر يعرف بالتفسير الموضوعى ، مثل : كتب الناسخ والمنسوخ فى القرآن ، وآيات الأحكام ، وأقسام القرآن ، ومجاز القرآن ، وغير ذلك من فرد بحث فى ناحية واحدة.

* * *

٦

ترجمة المصنف

هو الحافظ العالم العلامة المفسر البارع الرحال الجوال طواف الأقاليم : أبو محمد عبد الله بن محمد بن وهب الدينورى.

سمع أبا عمير بن النحاس الرملى ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقى ، وأبا سعيد الأشج ، ومحمد بن الوليد البشرى ، وأحمد ابن أخى ابن وهب ، ويونس بن عبد الأعلى ، وطبقتهم بمصر والشام والعراق والحجاز ، وصنف وخرج.

حدّث عنه جعفر الفريابى الحافظ ، وهو أكبر منه ، والحافظ أبو علىّ النيسابورى ، والقاضى يوسف الميانجى ، والقاضى أبو بكر الأبهرى ، وعمر بن سهل الدينورى ، وعبد الله بن سعيد البروجردى ، وهو آخر من حدّث عنه.

اختلف فى جرحه وتعديله كثيرا ، فقال الحافظ ابن عدى : وقد قبل قوم ابن وهب الدينورى وصدقوه. وقال الحافظ أبو على الدارقطنى : بلغنى أن أبا زرعة الرازى كان يعجز عن مذاكرة ابن وهب الدينورى. وقال أبو عبد الله الحاكم : سألت أبا علىّ الحافظ عن ابن وهب الدينورى ، فقال : كان حافظا.

وعقب الذهبى بقوله : ما عرفت له متنا يهتم به فأذكره ، أما فى تركيب الإسناد فلعله. وأخرج له حديثا مرفوعا عن عائشة بسنده.

توفى رحمه‌الله تعالى سنة ثمان وثلاث مائة.

وانظر فى ترجمته مواضع ذكره وروايته :

١ ـ سير أعلام النبلاء للذهبى (١٤ / ٤٠٠).

٢ ـ تذكرة الحفظ له (٢ / ٧٤٥ ، ٧٥٥).

٣ ـ ميزان الاعتدال له (٤ / ٨٧).

٤ ـ المغنى عن الضعفاء له (١ / ٣٥٥).

٥ ـ العبر له (٢ / ١٣٧).

٦ ـ لسان الميزان للحافظ (٣ / ٣٤٤).

٧ ـ الكنى للبخارى (١ / ١٣).

٨ ـ المستدرك للحاكم (٢ / ٥٧١).

٧

٩ ـ الإرشاد للخليلى (٢ / ٦٢٧).

١٠ ـ طبقات الحافظ (٣١٩).

١١ ـ الأعلام للزركلى (٤ / ١١٩).

* * *

٨

توثيق الكتاب ووصفه

كتاب الواضح فى تفسير القرآن كما هو على غلاف المخطوط ، وذكره الزركلى فى الأعلام (٤ / ١١٩) ، وتوماس أرنولد فى التراث (١ / ٢٠٨) ، والنوادر من المخطوطات العربية (١٥) بدائرة المعارف العثمانية حيدرآباد سنة ١٣٥٠ ه‍. وكذلك سند المصنف إلى محمد بن السائب راوى التفسير. وقد قمنا بتوثيق المعانى المفسرة للآيات القرآنية ، خاصة ما انفرد بها الكلبى ، وعرف بها ، وكذلك ما روى عن ابن عباس ، رضى الله عنهما ، سواء صح سنده أو لم يصح ، لنقل أهل العلم والتفسير له فى كتبهم.

فلا يوجد أدنى شك مطلقا فى صحة نسبه الكتاب لابن وهب.

والمخطوط من محفوظات المكتبة الأصفية بحيدرآباد ، يقع تحت رقم ٣١٨٠ ـ فن ١ ، وعدد صفحاته ٧٠٠ صفحة ، وخطه قديم يرجع إلى القرن الخامس الهجرى. هذا ، وبالله التوفيق ، وهو أعلم بالصواب.

* * *

٩

١٠

١١

١٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله وحده وصلاته على خير خلقه محمد وآله وسلّم.

قال : حدثنا أبو على بن شمر الهروى ، قال : حدثنا منصور بن المنذر ، حدثنا عمار بن عبد المجيد ، قالوا : حدثنا على بن إسحاق بن مسلم السمرقندى ، وحدثنا أيضا الحسن بن على بن شمر ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن عروة ، قال : حدثنا يوسف بن بلال ، قالا : حدثنا محمد بن مروان الكوفى ، عن الكلبى محمد بن السائب ، عن أبى صالح بادان مولى أم هانئ ، عن ابن عباس فى تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)) قال : الباء بهاء الله وبهجته.

وقال شهر بن حوشب : الباء بلاؤه وبركته ، وابتداء اسمه بار. والسين سناؤه وسموه وارتفاعه وابتداء اسمه سميع ، والميم ملكه ومجده ومنته على عباده الذين هداهم للإيمان ، وابتداء اسمه مجيد. (اللهِ) معناه الخلق يألهن ويتألهون إليه ، أى يتضرعون إليه عند قضاء الحوائج والشدائد ، (الرَّحْمنِ) العاطف على البر والفاجر بالرزق لهم ودفع الآفات عنهم (الرَّحِيمِ) خاصة على المؤمنين بالمغفرة ودخول الجنة.

* * *

١٣

سورة الفاتحة

ومن سورة فاتحة الكتاب وهى مكية كلها

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧))

حدثنا عمار بن عبد المجيد ، وحدثنا الحسن بن على بن شمر ، قال : حدثنا منصور بن المنذر ، قالوا : حدثنا أحمد بن إسحاق ، وحدثنا الحسن بن على ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن عروة ، عن يوسف بن بلال ، قالا : حدثنا محمد بن مروان ، عن الكلبى ، عن أبى صالح ، عن ابن عباس ، فى قوله عزوجل :

(الْحَمْدُ لِلَّهِ) يقول : الشكر لله ، وهو إن صنع [إلى] خلقه فحمدوه ، [ويقال : شكر] نعمه السوابغ على عباده الذين هداهم للإيمان [والشكر] والوحدانية الألوهية لله لا ولد له ولا شريك ولا معين له ولا وزير.

(رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)) رب كل ذى روح دبّ على وجه الأرض ومن أهل السماء ، ويقال : سيد الجن والإنس ، ويقال : خالق الخلق ورازقهم ومحولهم من حال إلى حال. (الرَّحْمنِ) الرقيق (الرَّحِيمِ (٣)) الرفيق (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)) وهو يوم الحساب والقضاء فيه بين الخلائق ، أى يوم يدان الناس بأعمالهم لا قاض غيره ، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) لك نوحد ولك نطيع (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)) أى بك نستعين على عبادتك ومنك نستوفق.

(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)) أرشدنا للدين القائم الذى ترضاه وهو الإسلام. ويقال : ثبتنا عليه ، ويقال : هو كتاب الله ، يقول : اهدنا إلى جلاله وحرامه وبيان ما فيه (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) دين الذين مننت عليهم بالدين وهم أصحاب موسى قبل أن نغير عليهم نعم الله بأن ظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى فى التيه. ويقال : هم النبيون (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) غير دين اليهود الذين غضبت عليهم وخذلتهم ولم تحفظ قلوبهم حتى تهودوا (وَلَا

١٤

الضَّالِّينَ (٧)) ولا دين النصارى الذين ضلوا عن الإسلام. «آمين» وكذلك يكون أمنه ، ويقال : كذلك فليكن.

* * *

١٥

سورة البقرة

ومن سورة البقرة وهى مدنية كلها

بسم الله الرّحمن الرّحيم

حدثنا عمار بن عبد المجيد ، وحدثنا الحسن بن على ، قال : حدثنا منصور بن المنذر ، قالوا : حدثنا على بن إسحاق ، وحدثنا أيضا الحسن بن على ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عروة الهروى ، قال : حدثنا يوسف بن بلال ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، عن الكلبى ، عن أبى صالح ، عن ابن عباس فى قوله عزوجل :

(الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤))

(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦))

(الم (١)) يقول : أنا الله أعلم ، ويقال : الألف من الله ، واللام من جبريل ، والميم من محمد ، ويقال : الألف آلاؤه ، واللام لطفه ، والميم ملكه ، ويقال : الألف ابتداء اسمه الله ، واللام ابتداء اسمه [لطيف] ، ويقال : الميم ابتداء اسمه مجيد ، ويقال : قسم أقسم الله بها (١).

(ذلِكَ الْكِتابُ) أى هذا الكتاب الذى يقرؤه عليكم محمد عليه‌السلام (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شك فيه أنه من عندى ، فإن آمنتم به هديتكم ، وإن لم تؤمنوا به عذبتكم ، ويقال : (ذلِكَ الْكِتابُ) الذى وعدتك يوم الميثاق أن أوجبه إليك. ويقال : (ذلِكَ الْكِتابُ) يعنى اللوح المحفوظ ، ويقال : (ذلِكَ الْكِتابُ) يعنى التوراة والإنجيل (لا رَيْبَ) فيه لأمتك ، (فِيهِ) أن فيه صفة محمد ونعته.

__________________

(١) انظر : أقوال العلماء فى الحروف المقطعة أوائل السور فى : تفسير الطبرى : (١ / ٦٧) ، وزاد المسير لابن الجوزى (١ / ٢٠) ، والنكت والعيون للماوردى (١ / ٦١) ، وتفسير القرطبى (١ / ١٥٤) ، وتفسير ابن كثير (١ / ٣٥) ، والدر المنثور للسيوطى (١ / ٢٢).

١٦

(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢)) يعنى القرآن ، أى بيان للمتقين الشرك والكفر والفواحش ، ويقال : كرامة للمؤمنين ، ويقال : رحمة لأمة محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (١). (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) بما غاب عنهم من الجنة والنار ، والصراط والميزان ، والبعث والحساب وغير ذلك ، ويقال : الذين يؤمنون بما أنزل من القرآن وما لم ينزل ، ويقال : الغيب هو الله. (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) يتمون الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وما يجب فيها فى مواقيتها (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)) مما أعطيناهم من الأموال يتصدقون ، ويقال : يؤدون زكاة أموالهم ، نزلت فى أبى بكر وأصحابه.

(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) على سائر الأنبياء من الكتب ، (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)) بالبعث بعد الموت ونعيم الجنة هم يصدقون ، نزلت فى عبد الله بن سلام وأصحابه ، (أُولئِكَ) أهل هذه الصفة (عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) على كرامة ورحمة وبيان نزل من ربهم ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)) الناجون من السخطة والعذاب ، ويقال : أولئك الذين أدركوا ووجدوا ما طلبوا ونجوا من شر ما فيه فقربوا وهم أصحاب محمد عليه‌السلام (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وثبتوا على الكفر (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) أى أخوفتهم بالقرآن (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) لم تخوفهم (لا يُؤْمِنُونَ (٦)) لا يريدون أن يؤمنوا ، ويقال : لا يؤمنون فى علم الله السابق.

(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣))

(خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) طبع الله على قلوبهم ، (وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) غطاء (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧)) شديد فى الآخرة رءوس اليهود

__________________

(١) انظر : معانى القرآن للزجاج (١ / ٣١) ، وغريب القرآن لابن قتيبة (٣٩) ، وتفسير القرطبى (١ / ١٥٩) ، وزاد المسير (١ / ٢٣).

١٧

كعب بن الأشرف ، وحيى بن أخطب ، وجدىّ بن أخطب ، ويقال : هم مشركو أهل مكة : عتبة ، وشيبة ، والوليد (١) ، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) فى السر وصدقنا بإيمانه (وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) بالبعث بعد الموت الذى فيه جزاء الأعمال ، (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨)) فى السر غير مصدقين فى إيمانهم ، (يُخادِعُونَ اللهَ) ويكذبونه فى السر ، ويقال : اجترءوا على الله حتى ظنوا أنهم يخادعون الله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) أبا بكر وسائر أصحاب محمد عليه‌السلام ، (وَما يَخْدَعُونَ) يكذبون (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩)) ما يعلمون أن الله يطلع نبيه على سرائر قلوبهم.

(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أى شك ونفاق وخلاف (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) شكا وخلافا وظلمة ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وجع فى الآخرة يخلص وجعه إلى قلوبهم ، (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠)) فى السر وهم المنافقون عبد الله بن أبى ابن سلول ، وجد بن قيس ، ومعتب بن قشير ، (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) يعنى اليهود ، (لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بتعويق الناس عن دين محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١)) لها بالطاعة ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسدُونَ) لها بالتعويق (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢)) يقول : لا يعلم سفلتهم أن رؤساءهم هم الذين يضلونهم (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا) بمحمد والقرآن (كَما آمَنَ النَّاسُ) عبد الله بن سلام وأصحابه (قالُوا أَنُؤْمِنُ) بمحمد والقرآن (كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) الجهال الخرقى (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ) بل إنهم هم الجهال الخرقى (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣)) المنافقون ذلك.

(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))

__________________

(١) انظر : تفسير الطبرى (١ / ١٠١) ، وزاد المسير (١ / ٣٥) ، وتفسير القرطبى (١ / ٢٠٧) ، والنكت للماوردى (١ / ٧٠) ، وابن كثير (١ / ٥١).

١٨

(وَإِذا لَقُوا) يعنى المنافقين (الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى أبا بكر وأصحابه (قالُوا آمَنَّا) فى السر وصدقنا بإيماننا كما أمنتم فى السر وصدقتم ، (وَإِذا خَلَوْا) رجعوا (إِلى شَياطِينِهِمْ) كهنتهم ورؤسائهم وهم خمسة نفر : كعب بن الأشرف بالمدينة ، وأبو بردة الأسلمى فى بنى أسلم ، وابن السوداء بالشام ، وعبد الدار فى جهينة ، وعوف ابن عامر فى بنى أسد ، (قالُوا) إذا رجعوا إلى رؤسائهم لرؤسائهم (إِنَّا مَعَكُمْ) على دينكم فى السر (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤)) بمحمد وأصحابه حين يقول : لا إله إلا الله ، (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) فى الآخرة يفتح لهم بابا إلى الجنة فيستهزئ بهم المؤمنون ، (وَيَمُدُّهُمْ) يتركهم فى الدنيا (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)) كفرهم وضلالتهم يعمهون يمضون عميا لا يبصرون (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) اختاروا الكفر على الإيمان وباعوا الهدى بالضلالة ، (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) فلم يرعوا أن تجارتهم قد خسروا أنفسهم (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦)) عن الضلالة ، أى أنهم ما كانوا على الصواب فى الدنيا فينجون من النار فى الآخرة ، ولا يفوزون بالجنة.

(مَثَلُهُمْ) مثل المنافقين مع محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) أوقد نارا فى ظلمة الليل لكى يأمن بها على ماله ونفسه وأهله ، (فَلَمَّا أَضاءَتْ) استضاءت ورأى (ما حَوْلَهُ) وأمن بها على نفسه وماله وأهله ثم طفئت ناره ، وكذلك المنافقون آمنوا بمحمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) والقرآن فأمنوا به على أنفسهم وأموالهم وأهاليهم من السبى والقتل ، فلما ماتوا ، (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) بمنفعة إيمانهم (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) يعنى فى شدائد القبر (لا يُبْصِرُونَ (١٧)) الرخاء بعد ذلك ، ويقال : مثلهم مثل اليهود مع محمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) كمثل رجل أقام فى هزيمة فاجتمع إليه المنهزمون فقلبوا عليهم وذهبت منفعتهم وأمنهم به ، كذلك اليهود كانوا يستنصرون بمحمد (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) قبل خروجه ، فلما خرج كفروا به فذهب الله بنورهم ، برغبتهم فى إيمانهم ومنفعة إيمانهم ؛ لأنهم أرادوا أن يؤمنوا بمحمد فلم يؤمنوا وتركهم فى ظلمات وفى ضلالة اليهودية لا يبصرون الهدى (١).

(صُمٌ) يتصاممون (بُكْمٌ) يتباكمون (عُمْيٌ) يتعامون (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨)) عن كفرهم وضلالتهم (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) وهذا مثل آخر ، يقول : مثل المنافقين واليهود مع القرآن ، كصيب : كمطر نزل من السماء ليلا على قوم

__________________

(١) انظر : معانى القرآن للفراء (١ / ١٩) ، وغريبه لابن قتيبة (٤٣) ، والطبرى (١ / ١٣٠) ، والبحر المحيط لأبى حيان الأندلسى (١ / ١٠٥) ، وزاد المسير (١ / ٥٠) ، القرطبى (١ / ٢٣٢).

١٩

فى مفازة (فِيهِ) فى الليل (ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) كذلك القرآن نزل من الله فيه ظلمات بيان للفتن ، ورعد زجر وتخويف ، وبرق بيان ونصرة ووعد ، (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ) من صوت الرعد (حَذَرَ الْمَوْتِ) مخافة البوائق والموت والنوازل كذلك المنافقون واليهود كانوا يجعلون أصابعهم فى آذانهم من الصواعق من بيان القرآن ووعده ووعيده ، حذر الموت مخافة ميل القلب إليه (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩)) والمنافقين ، أى عالم بهم وجامعهم فى النار (يَكادُ الْبَرْقُ) البيان (يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) يذهب بأبصار هؤلاء المسافرين كذلك البيان ، أراد أن يذهب بأبصار ضلالتهم. (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ) البرق (مَشَوْا فِيهِ) فى ضوء البرق (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) بقوا فى الظلمة ، كذلك المنافقون لما [آمنوا مشوا فيما بين] المؤمنين لأنهم [تقبل إيمانهم] فلما ماتوا بقوا فى ظلمة القبر.

(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) بالرعد (وَأَبْصارِهِمْ) بالبرق ، كذلك لو شاء الله لذهب بسمع المنافقين واليهود بزجر القرآن ووعيده ، وأبصارهم بالبيان (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من ذهاب السمع والبصر (قَدِيرٌ (٢٠))

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥) يا أَيُّهَا النَّاسُ) يا أهل مكة ، ويقال : هم اليهود ، (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) وحدوا ربكم (الَّذِي خَلَقَكُمْ) نسما من نطفة (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وخلق الذين من قبلكم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)) لكى تتقوا السخطة والعذاب وتطيعوا الله (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) بساطا ومناما (وَالسَّماءَ بِناءً) سقفا مرفوعا (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) مطرا (فَأَخْرَجَ بِهِ) فأنبت بالمطر (مِنَ الثَّمَراتِ) من ألوان الثمرات (رِزْقاً لَكُمْ) طعاما لكم ولسائر الخلق (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) أى أشكالا

٢٠