ابن قنين الكوفي بالكوفة في ذي القعدة سنة إحدى وخمسمائة.
كان يلقب بزعيم الرؤساء ، وهو أخو الوزير عميد الدولة أبي منصور محمد ، ولي النظر بديوان الزمام بعد وفاة أبي نصر محمد بن أحمد بن جميلة صاحب الديوان في جمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة ، فنظر فيه أربعة عشر سنة حتى عزله المقتدي بأمر الله بأبي الحسن علي بن الحسين بن المعوج ، وخرج مع والده أبي نصر ، ذكر شرف الدولة مسلم بن قريش فرد إليه حصار ميافارقين ومحاربة أهلها ، فأخذ البلد ونظر بعد وفاة والده في الموصل وديار ربيعة ، ثم ورد بغداد في وزارة أخيه أبي منصور محمد ، فلما قبض على أخيه وعلى أخيه محمد الكافي أبي البركات جهيز تقدم المستظهر بالله بصيانته وأمره بملازمة منزله وهو يخاف ويحذر إلى أن هرب إلى عند سيف الدولة ، وأقام عنده أحد عشر شهرا حتى استدعى المستظهر لوزارته في آخر شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة ، وخلع عليه في يوم الخميس لثلاث خلون من شهر رمضان ، فلم يزل وزيرا حتى عزل في يوم الأحد الرابع عشر من صفر سنة خمسمائة ، فكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأيام ونقضت (٢) داره ولم تحمد سيرته في ولايته ، ونفذ سيف الدولة من أخذه ، وعاده إلى الحلة فأقام عنده إلى أن قتل سيف الدولة ، فنفذ السلطان محمد ، فاستدعاه فوصل إلى بغداد في شهر رمضان سنة إحدى وخمسمائة ، وقيل له : هذا ابن الحصين يكبك ويكب أهلك في النفس والمال والجاه والحال ، وقد أمكنك أن تقاتله على هذه الحال ، فقال : معاذ الله أن أبسط في ذكره لساني أو أخط بما يسوؤه بناني ولأبذلن له جهدي في إصلاح قلب السلطان ، ولأحفظنه كما أحفظ أداني الأولاد والإخوان ، وخرج من المعسكر ، وعاد بعد سنة من خروجه وزيرا في يوم الفطر سنة اثنتين وخمسمائة ، وخلع عليه يوم الاثنين لسبع خلون من شوال ، ولم يزل على ولايته إلى حين وفاته ، وكان قد تدرج في الولايات والمراتب خمسين سنة ، وكان معروفا بالرزانة والحلم ، موصوفا بجودة الرأي والتدبير ، وحسن التأني (٣) في الأمور والصبر والسكينة.
وقد رأيت له سماعا من القاضي أبي المظفر منصور بن أحمد البسطامي ببلخ بقراءة
__________________
(١) انظر ترجمته في : النجوم الزاهرة ٥ / ١٨٦. ومرآة الزمان ٨ / ٥٥.
(٢) في الأصل بدون نقط.
(٣) في الأصل : «أنتاني».