هجرت للعدم كل خدن |
|
وصرت للانقباض خدنا |
فلا أعزي ولا أعزى |
|
ولا أهني ولا أهنى |
وكان أملى ديوانه على الأخ فخر الدين القسام الذي هو باكورة العصر في النظم والنثر ، فكتبه وجمعه ورتبه ، وقصائده التي أنشأها بالشام أجزل (١) وأحسن مما أنشأه بالعراق وقدما قيل : اللهى تفتح اللهى والبقاع تغير الطباع ، وديوانه ضخم الحجم ، لكني اخترت منه قصائد ، وإن كان الكل فرائد ، ولما وصلت إلى الشام لقيته بالموصل وهو غير زيه وهو يلبس الأتراك ، جليس الأملاك قريبا من صاحبها بعيدا من مذاهب النساك.
توفي بالموصل سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
من أهل اليمن ، كان رجلا من الرجال طوف البلاد ما بين الحجاز واليمن ، وصحب الأولياء والصالحين ، وكانت له مجاهدات ورياضيات شديدة ، وقوة على الجوع والعطش والسهر ، ومقاساة البراري والقفار والجبال ، حتى ظهرت كراماته وأطلع الله عباده على أحواله ، قدم علينا بغداد في سنة ست وتسعين وخمسمائة ، ونزل على شيخنا [أبي] (٢) أحمد بن سكينة ، وكانت بينهما صحبة بمكة ، وكان شيخنا كثير الإعظام له ، فأقام مدة ، وسمع بقراءتي شيئا من الحديث على شيخنا أبي أحمد ، وقد سمع الناس منه كثيرا من كلامه وحكاياته ببغداد وغيرها ، وكتبوا عنه ، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا.
قرأت بخط عبد الحق بن عبد العلي بن علي الأنصاري قال : أملى علي الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن غليس في المجسد الأقصى قال : قال لي شيخي علي بن عبد الرحمن الحداد : من اعتقد أنه يصل إلى الله بلا عمل فهو متمن ، ومن اعتقد أنه يصل بعمله فهو متعن ، اعمل وانس ، فلك من لا ينسى. قال : وعلمني شيخي ابن عبد الرحمن الحداد هذا الدعاء «يا من أجله (٣) عن تسميتي وندائي ، أنت العالم بضري واشتكائي ، وقفت على بابك بفقر فادح ، وعمل غير صالح ، ولم أجد رجلا يشفع ،
__________________
(١) في الأصل : «أحرل».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٣) في الأصل : «أحله».