رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-107-9
الصفحات: ٥٦٤

الثلاثمائة وواحدة باقية ، لأنّ الزائد عفو.

ولا تخلوان عن مناقشة (١).

( و ) اعلم أنّه ( تجب الفريضة في كلّ واحد من النُّصُب ) في الأنعام على حسب ما فصّل فيها ( ولا تتعلّق بما زاد ) لأنّ ذلك ممّا يتعلّق بتقدير النصب معنىً وفائدةً ، وفي الصحيح : وليس على النيّف شي‌ء (٢).

( وقد جرت العادة ) من الفقهاء ( بتسمية ما لا تتعلّق به الزكاة من الإبل شَنَقاً ) بفتح الشين المعجمة والنون ( ومن البقر وَقَصاً ) بالتحريك ( ومن الغنم عفواً ) والمستفاد من كلام أكثر أهل اللغة ترادف الأوّلين وكونهما بمعنى واحد ، وهو ما بين الفرضين في الزكاة مطلقاً (٣) ، وفي مجمع البحرين عن بعضهم ما عليه الفقهاء (٤).

( الشرط الثاني : السوم ) طول الحول ، بالنصّ (٥) والإجماع ( فلا تجب ) الزكاة ( في المعلوفة ولو في بعض الحول ) إجماعاً إذا كان غالباً‌

__________________

(١) أما الاولى : فلأن اختلاف المحل ممّا لا يترتب عليه حكم شرعي في هذا المحل عدا ما نذكر في الفائدة الثانية وهي على تقدير تماميتها فائدة أُخرى ، وإذا لم يترتب عليه حكم شرعي كان مجرّد اختلاف عبارة وهي ليست بفائدة. وأما الثانية : فلما ذكره جماعة من المنع عن عدم سقوط شي‌ء من الفريضة في صورة النقص عن الأربعمائة ، لأن مقتضى الإشاعة توزيع التالف على الحقين وإن كان الزائد على النصاب عفواً ، إذ لا منافاة بينهما ، كما لا يخفى على المتأمّل. منه رحمه‌الله.

(٢) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩ ، الوسائل ٩ : ١١٤ أبواب زكاة الأنعام ب ٤ ح ١.

(٣) أي في الأنعام الثلاثة. منه رحمه‌الله.

(٤) مجمع البحرين ٥ : ١٩٧.

(٥) الوسائل ٩ : ١١٨ أبواب زكاة الأنعام ب ٧.

٤١

أو مساوياً. وفي الأقلّ أقوال ، أجودها : الإلحاق بغيره إن لم يصدق السوم طول الحول عرفاً ، وبالسائم طوله حقيقةً إن صدق ، وفاقاً لأكثر المتأخّرين (١) ؛ لعدم النصّ ، ووجوب الرجوع إلى العرف المحكّم في مثله. خلافاً للشيخ ، فأطلق إلحاق الأوّل بالثاني (٢). وللماتن ، فعكس (٣).

وهما غير ظاهري الوجه ، إلاّ بعض الوجوه الاعتبارية التي هي مع معارضتها بعضاً مع بعض لا تصلح للحجيّة.

ولا فرق في العلف بين أن يكون لعذرٍ أو غيره ، ولا بين أن تعتلف الدابّة بنفسها أو بالمالك أو بغيره ، من دون إذن المالك أو بإذنه ، من مال المالك أو غيره ؛ وفاقاً لجماعة (٤).

خلافاً للمحكي عن التذكرة (٥) وغيره (٦) ، فاستقرب وجوب الزكاة لو علّفها الغير من ماله لعدم المئونة.

وفيه : أن العلّة غير منصوصة ، بل مستنبطة ، فلا تصلح مقيِّدةً لإطلاق ما دلّ على نفي الزكاة في المعلوفة.

ولو اشترى مرعى فالظاهر أنه علف ، بخلاف ما لو استأجر الأرض للرعي ، أو صانع الظالم على الكلاء المباح بشي‌ء ، وفاقاً للشهيدين (٧)

__________________

(١) كالعلاّمة في التذكرة ١ : ٢٠٥ ، والشهيد الثاني في روضة البهية ٢ : ٢٢ ، والفيض في مفاتيح الشرائع ١ : ١٩٦ ، وصاحب الحدائق ١٢ : ٧٩.

(٢) كما في المبسوط ١ : ١٦٩ ، والخلاف ٢ : ٥٣.

(٣) الشرائع ١ : ١٤٤.

(٤) منهم الشهيد الأوّل في الدروس : ٥٩ ، والشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٢ ، وصاحب الحدائق ١٢ : ٨٠.

(٥) التذكرة ١ : ٢٠٥.

(٦) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٣.

(٧) الدروس : ٥٩ ، الروضة ٢ : ٢٢.

٤٢

وغيرهما (١) في المقامين.

( الشرط الثالث : الحول ) بالنصّ (٢) والإجماع ( وهو ) هنا ( اثنا عشر هلالاً ) فيتعلّق الوجوب بدخول الثاني عشر ( وإن لم تكمل أيّامه ) إجماعاً ، وللصحيح : « إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة » (٣).

وهل يستقرّ الوجوب بذلك ، حتى أنّه لو دفع الزكاة بعد دخوله ثم اختلّ أحد الشروط فيه لم يرجع ، أم يتوقف على تمامه؟ وجهان :

من ظاهر الصحيح والفتاوى.

ومن أنّ غايتهما إفادة الوجوب بدخوله وحول الحول به. والأوّل أعمّ من المستقرّ والمتزلزل ، والثاني ليس نصّاً في الحول الحقيقي ، فيحتمل المجازي للقرب من حصوله ، وهو وإن كان مجازاً لا يُصار إليه إلاّ بالقرينة ، إلاّ أنّ ارتكابه أسهل من حمل الحول المشترط في النصّ المتواتر والفتوى مثله الذي هو حقيقة في اثني عشر شهراً كاملة عرفاً ولغةً على الاثني عشر هلالاً ناقصة.

ولو سلّم التساوي فالأمر دائر بين مجازين متساويين لا يمكن الترجيح بينهما ، فينبغي الرجوع إلى حكم الأصل ، وهو عدم الاستقرار.

والأوّل أحوط ، بل لعلّه أظهر ؛ لقوّة دليله مع ضعف ما مرّ في جوابه.

فالأوّل : بأن الظاهر من الوجوب حيثما يطلق بحكم التبادر هو‌

__________________

(١) كصاحب المدارك ٥ : ٧٠.

(٢) الوسائل ٩ : ١٢١ أبواب زكاة الأنعام ب ٨.

(٣) الكافي ٣ : ٥٢٥ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٥ / ٩٢ ومنهما عن أبي جعفر عليه‌السلام ، الوسائل ٩ : ١٦٣ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٢ ح ٢.

٤٣

المستقرّ دون المتزلزل. وحمل الحول على ما مرّ مجاز ، والأصل الحقيقة.

ويمنع عن المعارضة بأنّ ذلك المجاز (١) لا بُدّ من ارتكابه ولو في الجملة (٢) ، إذ لا خلاف في الخروج عن حقيقة تلك النصوص والفتاوى ، وهو عدم وجوب شي‌ء قبل حول الحول وتمامه ، وهو مخالف للإجماع والصحيح الماضي إن حمل الوجوب فيها على مطلقه ، وإن حمل على المستقرّ فهو مجاز أيضاً وتقييد للعام ولو بزعم المخالف من غير دليل.

ومجرّد الجمع بينها وبين الصحيح هنا بحمل الوجوب فيه على المتزلزل ليس بدليل بعد خلوّه عن الشاهد ، مع أنّه (٣) ليس بأولى من حمل الحول فيها على الشرعي.

وبالجملة : لا ريب أن الصحيح هنا أخصّ من تلك النصوص والفتاوى ، ولذا خولف به ظاهرها ولو في الجملة إجماعاً ، فارتكاب التجوّز المتقدم فيها أولى من ارتكابه فيه جدّاً ، ولذا إنّ شيخنا الشهيد الثاني الذي هو أحد القائلين بالقول الثاني اعترف بدلالة الصحيح على خلافه ، إلاّ أنّه ذبّ عنه بالتأمّل في سنده (٤) ؛ وليس أيضاً في محلّه ، كما قرّر في محله.

نعم ربما يستفاد من جملة من المعتبرة اعتبار كمال السنة ، كالصحيح : « لمّا أُنزلت آية الزكاة : ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ) (٥) [ وأُنزلت في شهر رمضان ] أمَرَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مناديه‌

__________________

(١) وهو حمل الحول في تلك النصوص والفتاوي باشتراطه في الوجوب على الحول الشرعي وهو الدخول في الثاني عشر. منه رحمه‌الله.

(٢) أي بالنسبة إلى أصل تعلق الوجوب. منه رحمه‌الله.

(٣) أي تقييد الوجوب بالمستقر. منه رحمه‌الله.

(٤) كما في الروضة ٢ : ٢٣ ، والمسالك ١ : ٥٣.

(٥) التوبة : ١٠٣.

٤٤

فنادى في الناس : أن الله تعالى فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة » إلى أن قال : « لم يتعرّض بشي‌ء من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا ، فأمَرَ مناديه فنادى في الناس : أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم » (١) الحديث.

والموثق : السخْل متى تجب فيه الصدقة؟ قال : « إذا أجذع » (٢) أي دخل في السنة الثانية.

والجواب عنهما وإن أمكن إلاّ أنّه لا يخلو عن بُعدٍ.

( و ) يستفاد من الرواية الأخيرة كغيرها من المعتبرة (٣) ، وفيها الصحيح ، مضافاً إلى الإجماع الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر (٤) ، وعموم ما دلّ على أنّ كل ما لم يَحُل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه فيه (٥) أنّه ( ليس حول الأُمّهات حول السخال ، بل يعتبر فيها ) بانفرادها ( الحول كما ) يعتبر ( في الأُمّهات ).

هذا إن كانت نصاباً مستقلا بعد نصابها ، كما لو ولدت خمسٌ من الإبل خمساً ، أو أربعون من البقر أربعين أو ثلاثين.

أمّا لو كان غير مستقلّ ففي ابتداء حوله مطلقاً كما عن محتمل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٩٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٨ / ٢٦ ، الوسائل ٩ : ٩ أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ١ ح ١ ، وما بين المعقوفين من المصادر.

(٢) الكافي ٣ : ٥٣٥ / ٤ ، الفقيه ٢ : ١٥ / ٣٩ ، الوسائل ٩ : ١٢٣ أبواب زكاة الأنعام ب ٩ ح ٣ ؛ السخْلة : ولد الشاة من المعز والضأن ، ذكراً كان أو أُنثى ، والجمع : سَخْل وسِخال وسِخَلة. لسان العرب ١١ : ٣٣٢.

(٣) الوسائل ٩ : ١٢٢ أبواب زكاة الأنعام ب ٩.

(٤) كالخلاف ٢ : ٣٥ ، والمنتهى ١ : ٤٩١ ، والمدارك ٥ : ٧٦.

(٥) الوسائل ٩ : ١٢١ أبواب زكاة الأنعام ب ٨.

٤٥

المعتبر (١) ، أو مع إكماله للنصاب الذي بعده كما استقر به في المنتهى (٢) أوّلا ، أو عدم ابتدائه حتى يكمل الأوّل فيجزي الثاني لهما ، أوجه وأقوال ، أجودها الأخير ، وفاقاً لجماعة من المتأخّرين (٣).

فلو كان عنده أربعون شاة فولدت أربعين لم يجب فيها شي‌ء ؛ للأصل ، وعموم ما دلّ على أن الزائد عن النصاب عفو (٤).

وعلى الأوّل فشاة عند تمام حولها ؛ لعموم : « في أربعين شاة شاة » (٥) وهو مع اختصاصه بالنصاب المبتدأ بحكم التبادر وفحوى الخطاب بل والإجماع معارض بما مرّ من العموم المترجّح على هذا بعد تسليم تكافئهما بالأصل.

أو ثمانون فولدت اثنتين وأربعين فشاة للأُولى خاصة ، ثم يستأنف حول الجميع بعد تمام الأوّل.

وعلى الأولين تجب اخرى عند تمام حول الثانية ؛ لعموم ما دلّ على وجوب الزكاة في النصاب الثاني لو ملكه ، وهو مخصّص بما دلّ على أنّه لا شي‌ء في الصدقة ، من الصحيح وغيره (٦) ، بناءً على وجوبها في الأُمّهات بعد حولها قطعاً ، وللعمومات.

فإذا وجبت فيها (٧) امتنع ضمّها إلى السخال في حولها ؛ لما مضى ،

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٥٠٧.

(٢) المنتهى ١ : ٤٩٠.

(٣) كالشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٢٣٢ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٢ وصاحب المدارك ٥ : ٧٧ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤٣٢.

(٤) الوسائل ٩ : ١١٦ أبواب زكاة الأنعام ب ٦.

(٥) الوسائل ٩ : ١١٦ أبواب زكاة الأنعام ب ٦.

(٦) نهاية ابن الأثير ١ : ٢٢٤ ، وروى مفاده في صحيحة زرارة ، انظر الوسائل ٩ : ١٠٠ أبواب من تجب عليه الزكاة ب ٧ ح ١.

(٧) أي في الأُمهات. منه رحمه‌الله.

٤٦

ولذا رجع عما اختاره في المنتهى أخيراً (١).

وهل مبدأ حول السخال غناؤها بالرعي ، ليتحقّق السوم المشترط في إطلاق النصّ والفتوى كما مضى ، أو نتاجها كما في المعتبرة وفيها الصحيح وغيره (٢) ، أم التفصيل بارتضاعها من معلوفة فالأوّل أو سائمة فالثاني ، جمعاً بين الدليلين؟ أقوال ، خيرها أوسطها ، وفاقاً للمحكيّ عن الشيخ والإسكافي ومن تبعهما (٣) ، بل في المختلف والمسالك دعوى كونه مشهوراً (٤) ؛ لأنّ ما دلّ عليه أقوى دلالةً ، فيخصّ به عموم الدليل الأوّل. ويندفع به الثالث ؛ لأن الجمع به أقرب منه وبالأُصول أوفق ، فتأمّل.

واعلم : أنّ المعتبر حَوْل الحول على العين وهي مستجمعة للشرائط المتقدمة ، فلو حال عليها وهي مسلوبة الشرائط أو بعضها كأن كانت دون النصاب لم تجب فيها.

( و ) حينئذٍ ( لو تمّم ما نقص عن النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه ) وكذا لو حصلت باقي الشرائط بعد فقدها يستأنف لها الحول بعد حصولها.

( ولو ملك مالاً آخر كان له حول بانفراده ) إن كان نصاباً مستقلا بعد النصاب الأوّل ، وإلاّ ففيه الأوجه الماضية ، والمختار منها ما عرفته.

( ولو ثلم النصاب ) فتلف بعضه ، أو اختلّ غيره من الشرائط (٥)

__________________

(١) المنتهى ١ : ٤٩١.

(٢) الوسائل ٩ : ١٢٢ أبواب زكاة الأنعام ب ٩.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٢ ، النهاية : ١٨٣ ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : ١٧٥ ؛ وانظر الوسيلة : ١٢٦.

(٤) المختلف : ١٧٥ ، المسالك ١ : ٥٢.

(٥) كأن عووض نفسها مطلقاً أو خرج عن الملك ونحو ذلك. منه رحمه‌الله.

٤٧

( قبل ) تمام ( الحول ) الشرعي أو اللغوي على الاختلاف الماضي ( سقط الوجوب ) يعني لا تجب الزكاة بعد حوله عليه كذلك (١) مطلقاً ( وإن قصد ) بالثلم ( الفرار ) من الزكاة.

( ولو كان ) نحو الثلم ( بعد ) تمام ( الحول لم يسقط ).

أمّا عدم السقوط حيث يكون الثلم بعد الحول فهو موضع نصّ ووفاق (٢) ، وكذلك السقوط به قبله مع عدم قصد الفرار. وأمّا مع قصده فمحلّ خلاف ، وما اختاره الماتن هو الأشهر الأقوى ، بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا ، بل لا خلاف فيه أجده إذا كان الثلم بالنقص ، بل على السقوط حينئذٍ الإجماع في الخلاف (٣). ويظهر منه ومن غيره (٤) اختصاص الخلاف بما إذا كان الثلم بتبديل النصاب أو بعضه بغيره ، من جنسه أو غيره.

وسيأتي الكلام في هذه المسألة في بحث زكاة الذهب والفضة (٥).

ثم إنّ ما ذكرناه من الإجماع على السقوط بالثلم قبل الحول لا بقصد الفرار إنّما هو فيما إذا كان بالنقص أو التبديل بغير الجنس ، وإلاّ فقد خالف فيه الشيخ في المبسوط والخلاف (٦) ، لكنّه شاذّ محجوج بالأصل ، وعموم ما دلّ على أنّ ما لم يَحُل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه فيه (٧) ، مع‌

__________________

(١) أي مثلوماً أو مختلّ الشرائط. منه رحمه‌الله.

(٢) ادّعاه جماعة من الأصحاب كالحلّي في السرائر ( ١ : ٤٤٢ ) والفاضل في جملة من كتبه ( كالمنتهى ١ : ٤٩٥ ) وغيرهما. منه رحمه‌الله.

(٣) الخلاف ٢ : ٥٦.

(٤) الخلاف ٢ : ٥٧ : وانظر المنتهى ١ : ٤٩٥.

(٥) في ص : ٢٣٢٧.

(٦) المبسوط ١ : ٢٠٦ ، الخلاف ٢ : ٥٧.

(٧) الوسائل ٩ : ١٢١ أبواب زكاة الأنعام ب ٨.

٤٨

سلامتهما عما يصلح للمعارضة.

الشرط ( الرابع : أن لا تكون عوامل ) بالنصّ (١) والإجماع. وما يخالفه (٢) فشاذّ محمول على الاستحباب أو التقية ، لكونه مذهب بعض العامة (٣).

والمعتبر فيه الصدق العرفي طول الحول ، ولا يقدح النادر الغير المنافي له ، كما مرّ في السوم.

( وأما اللواحق فمسائل ) أربع :

( الاولى الشاة المأخوذة في الزكاة أقلّها الجذع ) مطلقاً (٤) ( أقلّها ) الذي لا يجزي دونه ( الجَذَع ) بفتحتين ( من الضأن ، أو الثنِيّ من المعز ) على الأظهر الأشهر ، بل لا خلاف فيه يعرف ، ولا ينقل إلاّ في الشرائع ، فقد حكى فيه القول بكفاية ما يسمّى شاة (٥) ، والقائل به غير معروف ولا منقول ، فهو نادر ، بل على خلافه الإجماع في الغنية والخلاف (٦) ؛ وهو الحجة.

مضافاً إلى النبوية المنجبرة سنداً ودلالةً بالشهرة ، وفيها : « نُهينا أن نأخذ المراضع ، وأُمِرنا أن نأخذ الجَذَعة والثنِيّة » (٧).

__________________

(١) الوسائل ٩ : ١١٨ أبواب زكاة الأنعام ب ٧.

(٢) الوسائل ٩ : ١٢١ أبواب زكاة الأنعام ب ٧ ح ٨.

(٣) كما في مغني المحتاج ١ : ٣٨٠.

(٤) أي في الإبل والغنم.

(٥) الشرائع ١ : ١٤٧.

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٨ ، الخلاف ٢ : ٢٤.

(٧) سنن النسائي ٥ : ٣٩ ٣٠ ، المغني ٢ : ٤٧٤ وفيهما بتفاوت وقد نقلها في المعتبر ٢ : ٥١٢.

٤٩

خلافاً لجماعة من أفاضل متأخّري المتأخرين (١) فوافقوا القائل المزبور ؛ لإطلاق النصوص وضعف الرواية والإجماع المنقول.

وهما كما ترى : أمّا الثاني فلما مضى. وأمّا الأوّل فلعدم معلوميّة انصرافه إلى خلاف ما عليه المشهور ، لو لم نقل بتعيّن انصرافه إليه ، بل فصاعداً لحكم التبادر وغيره مما دلّ على تعلّق الزكاة في العين ووجوب حول الحول عليها ، فلا يكون بعد ذلك إلاّ وجوب شاة يكون سنّها سنة لا أقلّ منها ، ولكن لما كان لا تجب هذه بخصوصها في الجملة إجماعاً فتوًى ونصّاً تعيّن ما يقرب منها سنّاً.

واعلم : أنّه قد اختلف كلمة أهل اللغة في بيان سنّ الفريضتين على أقوال في الأُولى ، ومنها أنّها ما له سنة كاملة ، ومنها ستّة أشهر ، ومنها سبعة ، ومنها ثمانية ، ومنها عشرة.

وعلى قولين في الثانية ، أحدهما : أنَّها ما دخلت في السّنة الثالثة ، والثاني : ما دخلت في الثانية.

لكن التفسير الأوّل في الفريضتين أشهر بينهم ، كما صرّح به في الثانية جماعة (٢) ، وفي الاولى صاحب مجمع البحرين ، بل ذكر أنّه الصحيح بين أصحابنا أيضاً (٣).

أقول : بل المستفاد من كلمات مَن وقفت على كلماته في المسألة ، كالشيخ في المبسوط ، والفاضل في التحرير والمنتهى والتذكرة ، والشهيد‌

__________________

(١) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٤ : ٧٧ ، والسبزواري في الذخيرة ١ : ٤٣٦ ، وصاحب الحدائق ١٢ : ٦٦.

(٢) انظر الذخيرة : ٤٣٧ ، الحدائق ١٢ : ٦٨.

(٣) مجمع البحرين ٤ : ٣١٠.

٥٠

الثاني في الروضة (١) ، وغيرهم (٢) ، وهو المفهوم من الحلّي (٣) : أنّها ماله سبعة ، وربما يُحكى عن بعضهم أنّها ستة (٤) ، وظاهر هؤلاء التفسير الثاني في الفريضة الثانية ، وادّعى الشهرة عليه جماعة (٥).

وما اختاروه رضوان الله عليهم في المقامين أوفق بأصالة البراءة ، ولكن الأحوط ما عليه جمهور أهل اللغة تحصيلاً للبراءة اليقينية.

( ويجزي الذكر والأُنثى ) سواءً كان النصاب كلّه ذكراً أو أنثى أو ملفقاً منهما ، إبلاً كان أو غنماً ، كان الذكر حيثما ما يدفع في نصاب الغنم الإناث بجميعها بقيمة واحدة منها أم لا ، وفاقاً لجماعة ومنهم : الشيخ في المبسوط والفاضل في جملة من كتبه (٦) ؛ للإطلاقات.

خلافاً للأوّل في الخلاف ، فعيّن الأُنثى في الإناث من الغنم مطلقاً (٧). وللثاني في المختلف ، ففصّل فيها فجوّز الذكر إذا كان بقيمة واحدة منها ، ومنع في غيره (٨).

ولعلّ وجهه تعلّق الزكاة بالعين ، فلا بُدّ في دفعها منها أو من غيرها مع اعتبار القيمة.

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٩٩ ، التحرير : ٦٢ ، المنتهى ١ : ٤٩١ ، التذكرة ١ : ٢١٣ ، الروضة ٢ : ٢٧.

(٢) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٣٠٥.

(٣) السرائر ١ : ٤٤٨.

(٤) كما في مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٣.

(٥) الذخيرة : ٦٦٦ ، مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٣ ، الحدائق ١٧ : ٩٠.

(٦) المبسوط ١ : ٢٠٠ ، والفاضل في المنتهى ١ : ٨٣ ، والتحرير ١ : ٥٩ ، والإرشاد ١ : ٢٨١.

(٧) الخلاف ٢ : ٢٥.

(٨) المختلف : ١٩٢.

٥١

ولا يخلو عن مناقشة ، فإنّ الزكاة المتعلّقة بالعين ليس إلاّ مقدار ما جعله الشارع فريضة لا بعض آحادها بخصوصها ، وإلاّ لما تصوّر تعلّقها بالإبل ، بل ولا الغنم ، حيث يجوز دفع الجذعة عنها كما مرّ. وحينئذٍ فننقل الكلام في الفريضة ، وهي على ما وصلت إلينا من الشرع من جهة الإطلاق الشاة بقول مطلق ، وهو يصدق على الذكر والأُنثى لغةً وعرفاً.

وبالجملة فما ذكره الماتن وغيره أقوى ، وإن كان ما في المختلف أحوط وأولى.

( وبنت المخاض هي التي دخلت في ) السنة ( الثانية ، وبنت اللبون هي التي دخلت في الثالثة ، والحِقّة هي التي دخلت في الرابعة ، والجَذَعة ) من الإبل ( هي التي دخلت في الخامسة ) بلا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده بين أصحابنا ، ولا بين أهل اللغة.

( والتبيع من البقر هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية ، والمسنّة هي التي تدخل في الثالثة ) بلا خلاف أجده ولا أحد نقله ، بل يفهم الإجماع عليه من جماعة (١) ، ولكن الموجود في اللغة في تفسير الأوّل أنّه ما كان في السنة الأُولى (٢) ، وهو أعم من استكمالها ، إلاّ أنّه لا إشكال في اعتباره ، للإجماع عليه فتوًى ونصّاً ، ففي الصحيح : « في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي » (٣).

( ولا ) يجوز أن ( تؤخذ الربّى ) بضم الراء وتشديد الباء ، في‌

__________________

(١) كالعلاّمة في المنتهى ١ : ٤٨٧.

(٢) كما في القاموس ٣ : ٨ ، والصحاح ٣ : ١١٩٠.

(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧ ، الوسائل ٩ : ١١٤ أبواب زكاة الأنعام ب ٤ ح ١.

٥٢

مجمع البحرين : قيل : هي الشاة التي تربّى في البيت من الغنم لأجل اللبن ، وقيل : هي الشاة القريبة العهد بالولادة ، وقيل : هي الوالد ما بينها وبين خمسة عشر يوماً ، وقيل : ما بينها وبين عشرين يوماً ، وقيل : ما بينها وبين شهرين ، وخصّها بعضهم بالمعز ، وبعضهم بالضأن (١).

أقول : والمشهور بين الأصحاب من هذه التفاسير هو ما عدا الأوّل ، وعلّلوا المنع بعد اتّفاقهم عليه على الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (٢) تارةً بأنّ فيه إضراراً بولدها ، وأُخرى بأنّها مريضة كالنفساء (٣).

والأجود الاستدلال عليه بالموثّق : « ولا تؤخذ الأكولة » والأكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم « ولا والدة ولا الكبش الفحل » (٤).

وقريب منه الصحيح : « ليس في الأكيلة ولا في الرُّبّى التي تربّي اثنين ولا شاة لبن ولا فَحل الغنم صدقة » (٥) بناءً على حمله على عدم الأخذ لا عدم العدّ ، للإجماع على عدّ الرُّبّى وشاة اللبن ، كما في المدارك (٦) وغيره (٧) ، لكن فيه تفسيرها بالتي تربّي اثنين ، أو تقييد المنع بها خاصّة ، ولا قائل بهما.

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٦٥.

(٢) الحدائق ١٢ : ٧٠.

(٣) كما في المعتبر ٢ : ٥١٤ ، والمنتهى ١ : ٤٨٥ ، والمسالك ١ : ٥٤.

(٤) الكافي ٣ : ٥٣٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٤ / ٣٨ ، الوسائل ٩ : ١٢٥ أبواب زكاة الأنعام ب ١٠ ح ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٤ / ٣٧ ، السرائر ٣ : ٦٠٦ ، الوسائل ٩ : ١٢٤ أبواب زكاة الأنعام ب ١٠ ح ١.

(٦) المدارك ٥ : ١٠٧.

(٧) مفاتيح الشرائع ١ : ٢٠٠.

٥٣

وهل يجوز أخذها مع رضا المالك بدفعها كما عليه الفاضلان (١) ، أم لا كما عليه شيخنا الشهيد الثاني (٢)؟ قولان ، مبنيّان على الاختلاف في تعليل المنع بما مرّ ، فمن علله بالأوّل قال بالأوّل ، ومن علله بالثاني قال بالثاني. ولا ريب أنّ هذا أحوط ، سيّما مع تأيّده بظاهر إطلاق النصّ ، لكن ربما يستفاد من المنتهى عدم الخلاف في الأوّل (٣).

هذا إذا لم تكن المأخوذة منها جُمَع رُبّى ، وإلاّ فلم يكلّف غيرها قولاً واحداً.

( ولا المريضة ) كيف كان ( ولا الهرمة ) المُسّنة عرفاً ( ولا ذات العوار ) مثلّثة العين ، مطلق العيب ، إجماعاً على الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر مستفيضاً (٤) ؛ وللصحيح (٥) وغيره (٦) الواردين في الأخيرين ، ويلحق بهما الأوّل ، لعدم قائل بالفرق.

وفيهما : « إلاّ أن يشاء المصدّق » ولم أَرَ مفتياً بهذا الاستثناء صريحاً.

هذا إذا وُجد في النصاب صحيحٌ في النصاب صحيحٌ مثلاً ، فلو كان كلّه مريضاً لم يكلّف شراء صحيحة إجماعاً ، كما يأتي إن شاء الله تعالى (٧).

( ولا تعدّ ) في النصاب ( الأكولة ) بفتح الهمزة ، وهي المعدّة‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٥١٤ ، التذكرة ١ : ٢١٥.

(٢) الروضة ٢ : ٢٧.

(٣) المنتهى ١ : ٤٨٥.

(٤) كالمدارك ٥ : ١٠٤ ، والحدائق ١٢ : ٦٥ ، والذخيرة : ٤٣٧.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢ ، الوسائل ٩ : ١١٦ أبواب زكاة الأنعام ب ٦ ح ٢.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الإستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦ ، الوسائل ٩ : ١٢٥ أبواب زكاة الأنعام ب ١٠ ح ٣.

(٧) في ص ٢٣١٧.

٥٤

للأكل ( ولا فحل الضراب ) وهو المحتاج إليه لضرب الماشية عادة ، فلو زاد كان كغيره في العدّ.

والحكم بعدم عدّهما خيرة الماتن هنا ، والفاضل في الإرشاد (١) ، والشهيدين في اللمعة وشرحها (٢) ؛ لظاهر الصحيح الماضي في الرُّبّى.

خلافاً للأكثر ، بل المشهور كما قيل (٣) ، فيعدّان ؛ للإطلاقات ، مع قصور الصحيح عن مكافأتها ، لقصوره دلالةً بقوة احتمال كون المراد منه عدم الأخذ بقرينة ما مضى ، مضافاً إلى التعبير به في الموثق (٤) ، فيهما وفي الرُّبّى ، وهو متّفق عليه بيننا ، إلاّ أن يرضى المالك فيعدّان بلا خلاف ، كما في المنتهى (٥).

واستقرب في البيان عدم عدّ الفحل (٦) ، إلاّ أن يكون كلها فحولاً أو معظمها ، فيعدّ ؛ ومستنده غير واضح.

وخير هذه الأقوال أوسطها ، مع كونه أحوط وأولى.

( الثانية : من وجب عليه سنّ من الإبل وليست عنده وعنده أعلى منها بسنّ ) واحد ( دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً ، ولو كان عنده الأدون ) منها بسنّ ( دفعها و ) دفع ( ومعها شاتين أو عشرين درهماً ) بلا خلاف أجده إلاّ من الصدوقين (٧) ، فجعلا التفاوت بين بنت المخاض وبنت‌

__________________

(١) الإرشاد ١ : ٢٨١.

(٢) الروضة ٢ : ٢٧.

(٣) الحدائق ١٢ : ٦٩.

(٤) المتقدم في ص : ٢٣١١.

(٥) المنتهى ١ : ٤٨٥.

(٦) البيان : ٢٩٢.

(٧) نقله عن والد الصدوق في المختلف : ١٧٦ ، الصدوق في المقنع : ٤٩.

٥٥

اللبون شاة يأخذها المصدّق أو يدفعها ؛ للرضوي (١). وهو نادر ، بل على خلافه الإجماع في جملة من العبائر ، كالمنتهى والتذكرة وغيرهما من كتب الجماعة (٢) ، مضافاً إلى المعتبرة ، وفيها الصحيح المروي في الفقيه (٣) وغيره (٤).

وإطلاق النصّ والفتوى يقتضي عدم الفرق بين ما لو كانت قيمة الواجب السوقية مساوية لقيمة المدفوع على الوجه المذكور ، أم زائدة عليها ، أم ناقصة ، عنها.

وهو مشكل في صورة استيعاب قيمة المأخوذ من المصدّق لقيمة المدفوع إليه ؛ لاختصاص الإطلاق بحكم التبادر وغيره بغيرها. مع أنّ العمل به فيها يوجب عدم وجوب الزكاة ، لأنّ المؤدّي لها على هذا الوجه كأنّه لم يؤدّ شيئاً ، فعدم الإجزاء فيها في غاية القوّة ، كما عليه جماعة (٥) حاكين له عن التذكرة.

واحترز بالإبل والسنّ الواحد عمّا عدا أسنان الإبل والسنّ والمتعدّد ؛ لعدم الإجزاء ، ووجوب القيمة السوقية فيهما.

بلا خلاف في الأوّل كما في التذكرة وغيرها (٦) ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل الدالّ على لزوم الفريضة بعينها مع الإمكان وبدلها مع العدم وهو القيمة السوقية كائنة ما كانت على مورد النصّ والفتوى ، وهو سنّ الإبل‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٦ ، المستدرك ٧ : ٥٩ أبواب زكاة الأنعام ب ٢ ح ٣.

(٢) المنتهى ١ : ٤٨٣ ، التذكرة ١ : ٢٠٨ ؛ وانظر مجمع الفائد ٤ : ٨٣ ، المدارك ٥ : ٨٣ ، مفاتيح الشرائع ١ : ٢٠١.

(٣) الفقيه ٢ : ١٢ / ٣٣ ، الوسائل ٩ : ١٢٧ أبواب زكاة الأنعام ب ١٣ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٥٣٩ / ٧ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٣ ، الوسائل ٩ : ١٢٨ أبواب زكاة الأنعام ب ١٣ ح ٢.

(٥) منهم : صاحب المدارك ٥ : ٨٤ ، والحدائق ١٢ : ٥٤.

(٦) التذكرة ١ : ٢٠٨ ، وانظر مفاتيح الشرائع ١ : ٢٠١.

٥٦

خاصّة.

وعليه أكثر المتأخّرين تبعاً للحلّي (١) في الثاني ؛ لعين الدليل الماضي.

خلافاً للمبسوط والمختلف والحلبي (٢) ، فيجزي ؛ لأمر اعتباري لا يكاد يفرّق بينه وبين القياس الخفيّ ، وإن زعم كونه من باب تنقيح المناط القطعي. ونحوه في الضعف القول بالاكتفاء بالجبر بشاة وعشرة دراهم ، كما عن التذكرة (٣) وشيخنا الشهيد الثاني (٤).

وبالجملة : حيث كان الحكم في المسألة مخالفاً للأُصول لزم الاقتصار فيه على مورد الفتاوى والنصوص.

( ويجزي ابن اللبون الذكر عن بنت المخاض مع عدمها من غير جبر ) مطلقاً (٥) ، بغير خلاف ظاهر ، مصرّح به في بعض العبائر (٦) ، وعن التذكرة الإجماع عليه (٧) ؛ للنصوص المستفيضة وفيها الصحاح وغيرها : « إن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر » (٨).

وهل يجزي عنها مع وودها؟ الأظهر لا ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النصّ والفتوى ، وهو الإجزاء بشرط عدمها ، مع أنّه قضيّة الشرط فيها.

__________________

(١) السرائر ١ : ٤٣٥ ، المعتبر ٢ : ٥١٦ ، المدارك ٥ : ٨٥ ، الذخيرة : ٤٣٨.

(٢) المبسوط ١ : ١٩٥ ، المختلف : ١٧٧ ، والحلبي في الكافي : ١٦٧.

(٣) التذكرة ١ : ٢٠٨.

(٤) كما في المسالك ١ : ٥٣.

(٥) أي : وإن أمكنه شراؤها.

(٦) مفاتيح الشرائع ١ : ٢٠٠.

(٧) التذكرة ١ : ٢٠٨.

(٨) الوسائل ٩ : ١٢٧ أبواب زكاة الأنعام ب ١٣.

٥٧

مع أنّا لم نقف على مصرّح الإجزاء مطلقاً عدا الفاضل المقداد في التنقيح ، فقال : الفتوى على الإجزاء مطلقاً اختياراً واضطراراً ، لكونه أكبر منها سنّاً (١).

وفيه : أن الأكبرية سنّاً لا دليل على اعتبارها ، وإنّما المعتبر الفريضة الشرعية أو ما يقوم مقامها في الشريعة ، وهو هنا ابن اللبون مع فقدها خاصّة ، أو مع وجودها أيضاً إن ساوى قيمته قيمتها ، أو زادت عليها وجوّزنا إخراج القيمة مطلقاً والأوّل خارج عن مفروضنا ، والثاني أخصّ من المدّعى (٢).

ولو عدمهما معاً تخيّر في شراء أيّهما شاء ، كما عليه الشيخ في الخلاف والفاضلان (٣) ، معربين عن كونه موضع وفاق بين علمائنا وأكثر العامة العمياء.

خلافاً لبعضهم (٤) ، فعيّن شراء بنت مخاض ، وربما يظهر من بعضنا وقوع الخلاف فيه بيننا (٥).

ولا ريب أن شراءها أحوط وأولى ، وإن كان التخيير أظهر وأولى فتوًى ، لما مضى ، ولأنّه بشراء ابن اللبون يكون له واجداً فيكون عنها مجزياً.

( ويجوز أن يدفع عما يجب في النصاب ) مطلقاً ( من النعم الثلاثة ) كان ( أو غيرها ) من النقدين والغلاّت ( من غير الجنس بالقيمة

__________________

(١) التنقيح الرائع ١ : ٣٠٦.

(٢) لأنّ المدّعى جواز إخراج ابن اللبون الذكر عن الفريضة مطلقاً ولو كان قيمته أدون من قيمتها ومنعنا عن إخراج القيمة في الأنعام. منه رحمه‌الله.

(٣) الخلاف ٢ : ١١ ، الفاضلان في الشرائع ١ : ١٤٦ ، والمنتهى ١ : ٤٨٤.

(٤) المغني لابن قدامة ٢ : ٤٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦١.

(٥) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٣.

٥٨

السوقية ).

بلا خلاف أجده فيما عدا النعم ، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة ، ومنهم الفاضل في التذكرة (١) ؛ للصحيحين (٢) وغيرهما (٣).

وعلى الأقوى فيها أيضاً ، وهو الأشهر بين أصحابنا ، حتى أنّ الشيخ رحمه‌الله في الخلاف حكى عليه إجماعنا (٤) ؛ وهو الحجة المعتضدة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، وفتوى من لا يرى العمل إلاّ بالأدلّة القطعيّة ، كالمرتضى والحلي (٥) مدّعياً في ظاهر كلامه الإجماع عليه أيضاً ؛ وبما استدلّ عليه جماعة من أنّ المقصود من الزكاة دفع الخلّة وسدّ الحاجة ، وهو يحصل بالقيمة كما يحصل بالفريضة ، وأنّ الزكاة إنّما شرّعت جبراً للفقراء ومعونةً لهم ، وربما كانت القيمة أنفع في بعض الأزمنة ، فكان التسويغ مقتضى الحكمية (٦).

هذا مضافاً إلى عموم بعض النصوص ، كالمروي في قرب الإسناد : عيال المسلمين أُعطيهم من الزكاة ، فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً ، وأرى أنّ ذلك خير لهم ، فقال : « لا بأس » (٧).

__________________

(١) التذكرة ١ : ٢٢٥.

(٢) الأوّل : الكافي ٣ : ٥٥٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٦ / ٥٢ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧١ ، الوسائل ٩ : ١٦٧ ، أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٤ ح ١. الثاني : ٣ : ٥٥٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ١٦ / ٥١ ، التهذيب ٤ : ٩٥ / ٢٧٢ ، قرب الإسناد : ٢٢٩ / ٨٩٦ ، الوسائل ٩ : ١٦٧ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٤ ح ٢.

(٣) الوسائل ٩ : ١٦٧ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٤.

(٤) الخلاف ٢ : ٥٠.

(٥) الانتصار : ٨١ ، السرائر ١ : ٤٤٦.

(٦) الاستدلال موجود في التذكرة ١ : ٢٢٥ ، والمنتهى ١ : ٥٠٤.

(٧) قرب الإسناد : ٤٩ / ١٥٩ ، الوسائل ٩ : ١٦٨ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٤ ح ٤.

٥٩

والزكاة فيه مطلق يشمل المخرَجة من الأنعام وغيرها ، وقد سوّغ عليه‌السلام إخراجها بالقيمة من غير استفصال ، وهو يفيد العموم ، كما مرّ في غير مقام ، وقصور السند منجبر بما مرّ ، مع أنّه موثّق ، وهو حجّة على الأظهر.

خلافاً للمفيد ، فعيّن الفريضة إلاّ مع العجز عنها فالقيمة (١) ؛ للأُصول المتقدمة ، وهي بما قدّمناه من الأدلّة مخصّصة ، هذا.

( و ) لا ريب أن إخراج ( الجنس أفضل ) مطلقاً ، كما صرّح به الحلّي وغيره (٢) ؛ لظاهر بعض الأخبار : قلت : أيشتري الرجل من الزكاة الثياب والسويق والدقيق والبطيخ والعنب فيقسّمه؟ قال : « لا يعطيهم إلاّ الدراهم ، كما أَمَرَ الله تعالى » (٣).

وفي قوله : « كما أمَرَ الله تعالى » إشعار بأنّ الزكاة المسئول عن جواز إخراج قيمتها إنّما هو الدراهم ، وإلاّ فليس المأمور به من الله سبحانه في كل جنس إلاّ ما يجانسه لا الدراهم مطلقاً ، وعليه فقوله عليه‌السلام : « لا يعطيهم إلاّ الدراهم » وارد على زكاتها ، ويكون قوله : « كما أمر الله تعالى » مشعراً بل ظاهراً في عموم المنع وثبوته مطلقاً ، وظاهره وإن أفاد المنع والحرمة لكنّه محمول على الكراهة جمعاً بين الأدلّة.

( ويتأكّد ) الإخراج من الجنس ( في النعم ) خروجاً عن شبهة الخلاف فيه فتوًى ونصّاً ، وهي التي أوجبت التأكّد فيها ، ولولاها لكان سبيل النعم في مرتبة الفضيلة سبيل غيرها.

__________________

(١) المقنعة : ٢٥٣.

(٢) السرائر ١ : ٤٥١ ؛ وانظر القواعد ١ : ٥٤ ، والحدائق ١٢ : ١٣٩.

(٣) الكافي ٣ : ٥٥٩ / ٣ ، الوسائل ٩ : ١٦٨ أبواب زكاة الذهب والفضة ب ١٤ ح ٣.

٦٠