رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-107-9
الصفحات: ٥٦٤

وهل يجب به القضاء خاصّة ، أو مع الكفّارة ، أو لا يجب به شي‌ء أصلاً؟

فيه أقوال ثلاثة ، ستأتي إليها الإشارة بعون الله سبحانه.

( وفي ) وجوب الإمساك عن ( السعوط ) في الأنف ، مع إيجابه القضاء والكفّارة ، كما عن المفيد ، والديلمي ، وحكاه المرتضى عن قومٍ من أصحابنا (١).

أم القضاء خاصّة ، كما عن الحلبي ، والقاضي ، وابن زهرة (٢).

أم الجواز من غير كراهة ، كما عن ظاهر الإسكافي والمقنع (٣).

أم معها ، كما عن الشيخ في الخلاف والجمل والنهاية والمبسوط (٤) ، وإن اختلفت عباراته في هذه الكتب في التأدية عن السعوط بقولٍ مطلق ، كما في الثلاثة الأُول ، أو تقييده بغير المتعدّي منه إلى الحلق ، وإلاّ فيوجب القضاء ، كما في الأخير ، وعليه الفاضل في المختلف ، مُضيفاً الكفّارة ، ومشترطاً تعمّد التعدية (٥).

( و ) عن ( مضغ العِلك ) ذي الطعم ، مع إيجابه القضاء ، كما عن الإسكافي والنهاية (٦) ، لكن ليس فيها سوى المنع خاصّة.

أو جوازه مع الكراهة ، كما عن المبسوط (٧).

__________________

(١) المقنعة : ٣٤٤ وفيه : ويفسده أيضاً الحقنة والسعوط ، المراسم : ٩٨ ، جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٥٤.

(٢) الكافي في الفقه : ١٨٣ ، المهذّب ١ : ١٩٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٣) نقله عن الإسكافي في المختلف : ٢٢١ ، المقنع : ٦٠.

(٤) الخلاف ٢ : ٢١٥ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢١٤ ، النهاية : ١٥٦ ، المبسوط ١ : ٢٧٢.

(٥) المختلف : ٢٢١.

(٦) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٢٢٢ ، النهاية : ١٥٧.

(٧) المبسوط ١ : ٢٧٣.

٣٢١

( تردّد ) للماتن ، لم يظهر وجهه في طرف المنع عنهما.

عدا ما قيل في الأول : من وصوله إلى الدماغ (١) ، وهو مفطر.

وفيه منع ظاهر.

وفي الثاني : من وصول طعمه إلى الحلق ، وليس ذلك إلاّ بسبب وصول بعض أجزائه المتخلّلة ؛ لامتناع انتقال الأعراض (٢).

وهو في المنع كالسابق.

وفيهما مع ذلك أنّهما اجتهاد في مقابلة ما سيأتي من النص.

فإذاً ( أشبهه ) بل وأشهره ، كما في المنتهى في الثاني (٣) ، وفي المدارك والذخيرة في الأول (٤) ( الكراهة ) في المقامين ؛ استناداً إلى وجه الجواز فيهما وهو الأصل وحصر ما يضرّ الصائم في معدودٍ ليسا منها.

مضافاً في الأول إلى فحوى ما دلّ على كراهة الاكتحال بما له طعم يصل إلى الحلق (٥).

وعموم التعليل في جملةٍ من النصوص الدالّة على جواز الاكتحال بقولٍ مطلق بأنّه ليس بطعامٍ ولا شراب (٦).

نعم ، يكره ؛ للشبهة ، والتعبير بلفظ الكراهة في جملةٍ من النصوص (٧) ،

__________________

(١) التنقيح ١ : ٣٥٩.

(٢) انظر المختلف : ٢٢٢ ، والتنقيح ١ : ٣٦٠.

(٣) المنتهى ٢ : ٥٦٨.

(٤) المدارك ٦ : ١٢٨ ، الذخيرة : ٥٠٤.

(٥) الكافي ٤ : ١١١ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥٩ / ٧٧٠ ، الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٢.

(٦) الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥.

(٧) الوسائل ١٠ : ٤٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٧.

٣٢٢

بل في الرضوي التصريح ب « لا » أو « لا يجوز » (١) وهو محمول على الكراهة جمعاً.

وفي الثاني : إلى الصحيح (٢) وغيره (٣) ، الصريحين في الجواز.

وأمّا الصحيح الآخر الناهي عنه (٤) فمحمول على الكراهة ؛ لما عرفته.

( وفي ) جواز ( الحقنة ) كما عليه المرتضى في الجمل (٥) ، وعدمه ، كما عليه الأكثر : ( قولان ) مطلقان ، غير مفصّلين بين الجامد منه والمائع.

( أشبههما ) الثاني ، وهو ( التحريم ) لكن ( بالمائع ) خاصّة ، والكراهة في الجامد ، وفاقاً للشيخ في جملةٍ من كتبه ، والحلّي (٦) ، وجماعة (٧).

استناداً في الأول إلى الصحيح : « الصائم لا يجوز له أن يحتقن » (٨).

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢١٢ ، المستدرك ٧ : ٣٣٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٤ : ١١٤ / ٢ ، الوسائل ١٠ : ١٠٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٦ ح ١.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٢٤ / ١٠٠٢ ، الوسائل ١٠ : ١٠٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٦ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ١١٤ / ١ ، الوسائل ١٠ : ١٠٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٦ ح ٢.

(٥) جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٥٤.

(٦) الشيخ في النهاية : ١٥٦ ، والاقتصار : ٢٨٨ ، الحلي في السرائر : ٣٨٧.

(٧) منهم ابن سعيد في الجامع للشرائع : ١٥٦ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ١٢٤ ، وصاحب المدارك ٦ : ٦٤.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٠٤ / ٥٨٩ ، الإستبصار ٢ : ٨٣ / ٢٥٦ ، الوسائل ١٠ : ٤٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥ ح ٤.

٣٢٣

والرضوي : « ولا يجوز للصائم أن يقطّر في اذنه شيئاً ، ولا يسعط ، ولا يحتقن » (١).

وفي الثاني إلى الأصل والحصر السابقين ، مع اختصاص الخبرين بحكم التبادر بالمائع ، وتصريح الصحيح بجواز استدخال الدواء (٢) الشامل للجامد ، بل الظاهر فيه بحكم التبادر ، ولذا لا يصرف به ظاهر الصحيح السابق إلى الكراهة.

مضافاً إلى صريح الموثّق ما تقول في [ التلطّف بالأشياف ] (٣) يستدخله الإنسان وهو صائم؟ فكتب : « لا بأس بالجامد » (٤).

هذا ، ولو لا اشتهار القول بتحريم المائع بل عدم الخلاف فيه إلاّ من المرتضى ، حتى أنّه سيأتي من الناصرية والغنية دعوى الإجماع على إيجابه الإفطار والقضاء (٥) لكان القول بمقالته من الجواز مطلقاً غير بعيد من الصواب ؛ لما مرّ في السعوط من الأدلّة.

مع قوّة احتمال الجمع بين أخبار المسألة ، بحمل المانعة على الكراهة ، سيّما الرضوي منها ، المتضمّن للنهي عن السعوط أيضاً بكلمة : « لا يجوز » الداخلة على كليهما ، وهي بالإضافة إلى السعوط للكراهة كما‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢١٢ ، المستدرك ٧ : ٣٢٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٦ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ١١٠ / ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٢٥ / ١٠٠٥ ، قرب الإسناد : ١٠٢ ، الوسائل ١٠ : ٤١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥ ح ١.

(٣) في النسختين : اللطيف من الأشياء. وما أثبتناه موافق للتهذيب. والتلطّف : إدخال الشي‌ء في الفرج مطلقا. مجمع البحرين ٥ : ١٢١.

(٤) الكافي ٤ : ١١٠ / ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٠٤ / ٥٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٨٣ / ٢٥٧ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٠ : ٤١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥ ح ٢.

(٥) انظر ص : ٢٥٧١.

٣٢٤

مضى فلتكن بالإضافة إلى الاحتقان لها أيضاً ، لئلاّ يلزم استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ، الممنوع منه على الأقوى.

( و ) اعلم أنّ ( الذي يبطل الصوم ) كائناً ما كان ( إنّما يبطله ) إذا صدر من الصائم ( عمداً واختياراً ) مطلقاً ، واجباً كان الصوم أو ندباً.

فليس على الناسي شي‌ء في شي‌ء من أنواع الصيام ، ولا في شي‌ء من المفطرات ، بغير خلاف أجده ، بل نفى الخلاف عنه جماعة (١) ، معرِبين عن دعوى الإجماع عليه ، كما صرّح به بعضهم (٢).

والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة ، ففي جملةٍ منها صحيحة : « لا يفطر ، إنّما هو شي‌ء رزقه الله تعالى » (٣).

وأخصّيتها من المدّعى باختصاصها بالأكل والشرب والجماع غير قادح بعد عدم قائل بالفرق بينها وبين سائر المفطرات.

ولا على المؤجر في حلقه ، بغير خلاف ظاهر ، مصرّح به في جملة من العبائر (٤).

ولا على المكره بأنواعه عند الأكثر ؛ للأصل ، مع عدم عموم فيما دلّ على وجوب القضاء ، لاختصاصه نصّاً وفتوى بحكم التبادر بغيره.

مضافاً إلى التأيّد بحديث ما استكرهوا عليه (٥). وإن أشكل الاستدلال‌

__________________

(١) منهم العلامة في المنتهى ٢ : ٥٧٧ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٠٧.

(٢) كالأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ٦٢ ، والفيض في مفاتيح الشرائع ١ : ٢٥٢.

(٣) الكافي ٤ : ١٠١ / ١ ، الفقيه ٢ : ٧٤ / ٣١٨ ، التهذيب ٤ : ٢٧٧ / ٨٣٨ ، الوسائل ١٠ : ٥٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١.

(٤) كالذخيرة : ٥٠٨ ، والمفاتيح ١ : ٢٥٢.

(٥) الوسائل ١٥ : ٣٦٩ أبواب جهاد النفس ب ٥٦.

٣٢٥

به ، كما اتّفق لبعض (١) ؛ لأنّ المتبادر منه نفي المؤاخذة لا ارتفاع الأحكام جملةً.

خلافاً للمبسوط ؛ لأنّه يفعل باختياره (٢).

وهو قوي ؛ لضعف المنع عمّا يدلّ على كلّية الكبرى ، كما مضى.

إمّا بناءً على ثبوت الكلّية من تتبّع نفس النصوص ، ولا سيّما الواردة منها في المتسحّر في رمضان بعد الفجر قبل المراعاة وغيره (٣) ؛ لغاية وضوحها في التنافي بين نحو الأكل والصوم ، بحيث لم يجتمعا وإن كان الأكل جائزاً شرعاً ، ولذا أمر المتسحّر المزبور بعدم صوم يومه إذا كان قضاءً عن رمضان مطلقاً ، ولو كان للفجر مراعياً.

أو لأنّ حقيقة الصوم ليس إلاّ عبارة عن الإمساك عن المفطرات ، وهو في المقام لم يتحقّق قطعاً ، لا لغةً ولا عرفاً ولا شرعاً.

أمّا الأولان : فظاهران.

وأمّا الثالث : فلأنّ معناه الحقيقي ليس إلاّ ما هو المتبادر عند المتشرّعة ، ولا ريب أنّه الإمساك وعدم وقوع المفطر باختيار المكلّف أصلاً ، ولا ريب أنّه منتفٍ هنا ، ولذا يصحّ سلب الصوم والإمساك فيه جدّاً ، فيقال : إنّه ما صام وما أمسك ولو اضطراراً ، ويعضده إطلاق لفظ الإفطار فيما سيأتي من الأخبار ، مع تضمّن بعضها القضاء.

وهو أوضح شاهدٍ على عدم الإتيان بماهية الصوم المأمور بها ، وهو عين معنى الفساد ، وإذا ثبت ثبت وجوب القضاء ؛ لعدم قائل بالفرق بينهما.

__________________

(١) كالشهيد في المسالك ١ : ٧١ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٦٩.

(٢) المبسوط ١ : ٢٧٣.

(٣) الوسائل ١٠ : ١١٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤٤.

٣٢٦

وبالجملة : غير خفي متانة هذا القول وقوّته إن لم يكن خلافُه إجماعاً. وكيف كان فلا ريب أنّه أحوط وأولى.

وفي حكمه المفطر في يوم يجب صومه تقيّةً ، كما في النصوص ، منها : « والله أُفطر يوماً من شهر رمضان أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي » (١).

وفي آخر : « إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليّ من أن يُضرَب عنقي ولا يعبد الله » (٢).

ويستفاد منه ثبوت القضاء ، بل وجوبه كما قيل ـ (٣) به ، وهو أحوط ، بل وأولى ؛ لما مضى ، وبه يجبر ضعف السند هنا.

والظاهر الاكتفاء في التقيّة المبيحة للإفطار بمجرّد ظنّ خوف الضرر ، كما هو المعلوم من الأخبار.

خلافاً للمحكي عن الدروس ، فاعتبر خوف التلف على النفس (٤) ، كما ربّما يتوهّم من الخبرين المتقدّمين.

وفيه نظر ، مضافاً إلى ضعفهما بالإرسال ، فلا تخصَّص بهما ظواهر تلك الأخبار المؤيّدة بالاعتبار.

ولا على الجاهل بالحكم إلاّ الإثم في تركه تحصيل المعرفة ، لا القضاء والكفّارة ، كما عليه الحلّي ، والشيخ في موضعٍ من التهذيب (٥) ، واحتمله في المنتهى (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٨٣ / ٩ ، الوسائل ١٠ : ١٣١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٤.

(٢) الكافي ٤ : ٨٢ / ٧ ، الوسائل ١٠ : ١٣٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٥٧ ح ٥.

(٣) الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧١ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٦٩.

(٤) الدروس ١ : ٢٧٦.

(٥) الحلي في السرائر ١ : ٣٨٦ ، التهذيب ٤ : ٢٠٨.

(٦) المنتهى ٢ : ٥٧٠.

٣٢٧

للموثق : عن رجلٍ أتى أهله في شهر رمضان ، أو أتى أهله وهو محرم ، وهو لا يرى إلاّ أنّ ذلك حلال له ، قال : « ليس عليه شي‌ء » (١).

وفيه : أنّ التعارض بينه وبين ما دلّ على وجوب القضاء تعارضُ العموم من وجه ؛ لأنّه وإن كان صريحاً في الجاهل إلاّ أنّه عامّ بالنسبة إلى القضاء ، وما دلّ على وجوبه وإن كان عامّاً بالنسبة إلى الجاهل إلاّ أنّه صريح بالنسبة إلى القضاء ، فكما يمكن تخصيص هذا بالموثّق كذا يمكن العكس. بل هو أولى من جوهٍ شتى ؛ لأرجحية ما دلّ على القضاء عدداً وسنداً واشتهاراً وغيرها ، وحينئذٍ فيقيّد بهذه الموثّق ، ويحمل على نفي الكفّارة ، كما في المنتهى (٢).

خلافاً لأكثر المتأخّرين (٣) ، فكالعامد يقضي ويكفّر ؛ لعموم أخبارهما (٤).

وفي انصراف ما دلّ على الكفّارة منها إلى الجاهل سيّما المتضمّن منها للمتعمّد نظر واضح ، مع أنّها محتملة للتقييد بالموثّقة ؛ لكونها حجّة.

ولجماعة (٥) ، فعليه القضاء ؛ لعموم الأمر به عند عروض أحد أسبابه. دون الكفّارة (٦) ؛ للأصل ، ولتعلّق الحكم بها في النصوص على تعمّد الإفطار لا تعمّد الفعل ، بل قيّد في بعضها بغير العذر ، والجهل بالحكم من أقوى‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٠٨ / ٦٠٣ ، الوسائل ١٠ : ٥٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٠ ح ١٢.

(٢) المنتهى ٢ : ٥٦٩.

(٣) كالعلامة في التذكرة ١ : ٢٦٢ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ٥ : ١٢٦ ، وحكاه في المدارك ٦ : ٦٦ والكفاية : ٤٨ عن الأكثر.

(٤) الوسائل ١٠ : ٤٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨.

(٥) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٦٦٢ ، والعلامة في المنتهى ٢ : ٥٦٩.

(٦) الوسائل ١٠ : ٤٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨.

٣٢٨

الأعذار ، كما يستفاد من المعتبرة ، منها : « أيّ رجلٍ ارتكب أمراً بجهالة فلا شي‌ء عليه » (١) مضافاً إلى الموثّق المتقدّم.

وهذا القول أقوى.

هذا ولا ريب أنّ القضاء والكفّارة معاً أحوط وأولى ، سيّما مع عموم جملة من الأخبار بترك الاستفصال الشامل لمفروضنا.

( ولا يفسد ) الصوم ( بمصّ الخاتم ، ومضغ الطعام للصبي ، وزقّ الطائر ) وذوق المرق ، ونحو ذلك.

( وضابطه ما لا يتعدّى الحلق ) للمعتبرة المستفيضة ، وفيها الصحاح وغيرها من المعتبرة (٢) ، مضافاً إلى الأصل والحصر ، المتقدّمة إليهما الإشارة.

مع أنّه لا خلاف في شي‌ء منها أجده إلاّ من الشيخ في التهذيب في الأخير في غير الضرورة (٣) ؛ للصحيح المانع عنه على الإطلاق (٤) ، بحمله على تلك الصورة ، جمعاً بينه وبين الصحاح المرخّصة ولو على الإطلاق ، بحملها على غيرها.

وفيه : أنّ هذا التفصيل غير موجود في شي‌ء منها ، فالترجيح متعيّن ، وهو في جانب الرخصة ، للتعدّد ، موافقة الأصل والحصر ، فيحمل النهي في‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٧٢ / ٢٣٩ ، الوسائل ٨ : ٢٤٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣٠ ح ١.

(٢) الوسائل ١٠ : ١٠٥ ، ١٠٨ ، ١٠٩ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٠.

(٣) التهذيب ٤ : ٣١٢.

(٤) التهذيب ٤ : ٣١٢ / ٩٤٣ ، الإستبصار ٢ : ٩٥ / ٣٠٩ ، الوسائل ١٠ : ١٠٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٧ ح ٢.

٣٢٩

المعارض على الكراهة ، كما ذكره جماعة (١) ، أو توجيهه إلى الازدراد بتقديره ، كما ذكره بعض. ولا بأس به.

( ولا ) يفسد أيضاً ( باستنقاع الرجل في الماء ) بلا خلاف ؛ لجملةٍ ممّا مرّ ، مضافاً إلى النصوص وفيها الصحيح وغيره ـ : عن الصائم يستنقع في الماء ، قال : « لا بأس » (٢).

( والسواك في الصوم مستحبّ ولو بالرطب ) على الأشهر ، بل في المنتهى : أنّه مذهب علمائنا أجمع إلاّ العماني ، فإنّه كرهه بالرطب (٣).

ويفهم منه عدم الخلاف بيننا في أصل الجواز مطلقاً ، مع أنّه حكى في المختلف عن العماني المنع عن الرطب (٤) ، الظاهر في التحريم.

ولا ريب في ضعفه ؛ للأصل والحصر المتقدّمين ، والعمومات ، وخصوص إطلاق الصحاح وغيرها من المعتبرة المستفيضة : « يستاك الصائم أيّ ساعة من النهار شاء » (٥).

وفي الصحيح : أيستاك الصائم بالماء وبالعود الرطب يجد طعمه؟ فقال : « لا بأس به » (٦).

والنهي عن الرطب منه في المعتبرة المستفيضة ـ (٧) محمول إمّا على‌

__________________

(١) منهم : صاحب المدارك ٦ : ٧٢ ، وصاحب الذخيرة : ٥٠٦ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٧٦.

(٢) الوسائل ١٠ : ٣٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٦ وذيله.

(٣) المنتهى ٢ : ٥٦٨.

(٤) المختلف : ٢٢٣.

(٥) الوسائل ١٠ : ٨٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٦٢ / ٧٨٢ ، الإستبصار ٢ : ٩١ / ٢٩١ ، الوسائل ١٠ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٣.

(٧) الوسائل ١٠ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٧ و ٨ و ١٠ و ١١ و ١٢.

٣٣٠

الكراهة ، كما حكاها عنه في المنتهى (١) ، وتبعه الشهيد في الدروس ، فقال بعد الحكم بنفي البأس عن السواك بقولٍ مطلق في أول النهار وآخره ـ : وكرهه الشيخ والحسن بالرطب (٢).

أقول : ووافقهما في الكراهة ابن زهرة في الغنية (٣) ، واختارها من متأخّري المتأخّرين جماعة (٤).

أو على التقية عن مذهب بعض العامّة (٥) ، وربّما يناسبه ظاهر بعض الروايات ، كالمروي عن قرب الإسناد : قال عليّ عليه‌السلام : « لا بأس بأن يستاك الصائم بالسواك الرطب في أول النهار وآخره » فقيل لعليّ عليه‌السلام في رطوبة السواك ، فقال : « المضمضة بالماء أرطب منه » فقال علي عليه‌السلام : « فإن قال قائل : لا بدّ من المضمضة ، لسنّة الوضوء ، قيل : فإنّه لا بدّ من السواك ، للسنّة التي جاء بها جبرئيل عليه‌السلام » (٦) ونحوه آخر مروي في التهذيب (٧).

وضعفهما مجبور بالعمل وما فيهما من التعليل.

فالقول بالجواز من غير كراهة ، بل الاستحباب كما عليه الأصحاب أوجه ، وإن كانت الكراهة لقاعدة التسامح في أدلّتها لعلّها أنسب ، فتدبّر وتأمّل.

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٥٦٨.

(٢) الدروس ١ : ٢٧٩ ، والمراد بالحسن : ابن أبي عقيل العماني.

(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٤) كالفيض في المفاتيح ١ : ٢٥٠ ، والحر العاملي في الوسائل ١٠ : ٨٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ عنوان الباب ، والمحقق الخوانساري في المشارق : ٤٣٨.

(٥) انظر المغني لابن قدامة ٣ : ٤٥.

(٦) قرب الإسناد : ٨٩ / ٢٩٧ ، الوسائل ١٠ : ٨٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١٥.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٦٣ / ٧٨٨ ، الإستبصار ٢ : ٩٢ / ٢٩٥ ، الوسائل ١٠ : ٨٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ٤.

٣٣١

( وتكره مباشرة النساء تقبيلاً ولمساً وملاعبة ) مع ظنّ عدم الإمناء لمن تحرّك شهوته بذلك ، إجماعاً كما في الخلاف والمنتهى (١) ؛ للصحاح وغيرها (٢). وظاهرها اختصاص الكراهة بمن ذكرنا ، كما عليه الشيخ في الخلاف ، والفاضلان ، والشهيدان (٣) ، وجملة ممّن تأخّر عنهما (٤).

خلافاً لظاهر إطلاق العبارة هنا وفي السرائر (٥) وغيرهما (٦) ، فمطلقاً ؛ لإطلاق جملة من النصوص (٧). ويحتمل كإطلاقات كلامهم التقييد بمن ذكرنا ؛ لكونه الأغلب من أفرادها.

( والاكتحال بما فيه مسك ) أو طعم يصل إلى الحلق ؛ للنهي عنه في الصحيحين وغيرهما (٨) ، المحمول على الكراهة إجماعاً ، وللأصل والحصر السابقين ، وخصوص الصحيحين (٩) وغيرهما (١٠) ، المرخّصين له على‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ١٩٦ ، المنتهى ٢ : ٥٨١.

(٢) الوسائل ١٠ : ٩٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٣.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٩٦ ، المحقق في الشرائع ١ : ١٩٥ ، العلامة في التحرير ١ : ٧٨ ، الشهيد الأول في الدروس ١ : ٢٧٩ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٤.

(٤) كصاحبي المدارك ٦ : ١٢٤ ، والذخيرة : ٥٠٤ ، والحدائق ١٣ : ١٥٠.

(٥) السرائر ١ : ٣٨٩.

(٦) كالإرشاد ١ : ٢٩٧.

(٧) الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥.

(٨) الأول : الكافي ٤ : ١١١ / ٢ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٣. الثاني : التهذيب ٤ : ٢٥٩ / ٧٦٩ ، الإستبصار ٢ : ٨٩ / ٢٨٢ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٩. وانظر : التهذيب ٤ : ٢٥٩ / ٧٦٨ ، الوسائل ١٠ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٨.

(٩) الكافي ٤ : ١١١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥٨ / ٧٦٥ ، الإستبصار ٢ : ٨٩ / ٢٧٨ ، الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ١.

(١٠) التهذيب ٤ : ٢٥٨ / ٧٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٨٩ / ٢٧٩ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٦.

٣٣٢

الإطلاق ؛ معلّلين بأنّه ليس بطعامٍ يؤكل.

والكحل في كلٍّ من هذه النصوص وإن كان مطلقاً يشمل ما اختصّت به العبارة وغيره ، إلاّ أنّها محمولة على التفصيل الموجود فيها ، فالمانعة مقيّدة بما في العبارة ، والمرخّصة بما عداه.

لمفهوم المعتبر كالصحيح : عن المرأة تكتحل وهي صائمة ، فقال : « إذا لم يكن كحلاً تجد له طعماً في حلقها فلا بأس » (١).

والموثّق : « إذا كان كحلاً ليس فيه مسك ولا طعم في الحلق فليس به بأس » (٢).

والرضوي : « ولا بأس بالكحل إذا لم يكن مُمَسَّكاً » (٣).

وعلى هذا التفصيل أكثر الأصحاب ، خلافاً لبعضهم ، فاحتمل الإطلاق (٤) ، وعليه فيجمع بين الأخبار ، بحمل المرخّصة منها على الجواز المطلق ، والمانعة على الكراهة ، والمفصّلة على شدّتها.

( وإخراج الدم المضعف ، ودخول الحمّام كذلك ) ونحوهما ؛ للصحاح المستفيضة ، منها : عن الصائم أيحتجم؟ فقال : « لا بأس ، إلاّ أن يتخوّف على نفسه الضعف » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥٩ / ٧٧١ ، الإستبصار ٢ : ٩٠ / ٢٨٤ ، الوسائل ١٠ : ٧٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٥.

(٢) الكافي ٤ : ١١١ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥٩ / ٧٧٠ ، الإستبصار ٢ : ٩٠ / ٢٨٣ ، الوسائل ١٠ : ٧٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٥ ح ٢ بتفاوت يسير.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢١٢ ، المستدرك ٧ : ٣٣٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٦ ح ٢.

(٤) كصاحب المدارك ٦ : ١٢٥.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٦٠ / ٧٧٤ ، الإستبصار ٢ : ٩٠ / ٢٨٧ ، الوسائل ١٠ : ٨٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١٠.

٣٣٣

ونحوه آخران (١).

ولا يضرّ اختصاصها بالاحتجام ؛ لاستفادة العموم من السياق.

ومنها : عن الرجل يدخل الحمّام وهو صائم ، فقال : « لا بأس ، ما لم يخش ضعفاً » (٢).

( وشمّ الرياحين ) هو جمع ريحان ، وهو : ما طاب ريحه من النبات بنصّ أهل اللغة (٣).

( ويتأكّد في النرجس ) بغير خلافٍ في شي‌ء من ذلك أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (٤) ، مشعراً بدعوى الإجماع عليه ، كما يظهر من المنتهى ، حيث عزاهما إلى علمائنا (٥).

للنهي عنهما في النصوص المستفيضة (٦) ، المحمول على الكراهة ، جمعاً بينها وبين ما هو على الجواز أصرح دلالةً منه على الحرمة ، كالصحيح : عن الصائم يشمّ الريحان ، أم لا ترى ذلك له؟ فقال : « لا بأس به » (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٠٩ / ١ ، الفقيه ٢ : ٦٨ / ٢٨٧ ، التهذيب ٤ : ٢٦٠ و ٢٦١ / ٧٧٦ و ٧٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٩١ / ٢٨٩ و ٢٩٠ ، الوسائل ١٠ : ٧٧ و ٨٠ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٦ ح ١ و ١٢.

(٢) الكافي ٤ : ١٠٩ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٧٠ / ٢٩٦ ، التهذيب ٤ : ٢٦١ / ٧٧٩ ، الوسائل ١٠ : ٨١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٧ ح ٢.

(٣) انظر القاموس ١ : ٢٣٢.

(٤) الذخيرة : ٥٠٥.

(٥) المنتهى ٢ : ٥٨٣.

(٦) الوسائل ١٠ : ٩١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢.

(٧) التهذيب ٤ : ٢٦٦ / ٨٠٢ ، الإستبصار ٢ : ٩٣ / ٢٩٧ ، الوسائل ١٠ : ٩٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٨.

٣٣٤

والصحيح : الصائم يشمّ الريحان والطيب؟ قال : « لا بأس به » (١) ونحوهما غيرهما (٢) ، وهي كثيرة.

بحمل هذه على الجواز المطلق ، وتلك على الكراهة ، مع إشعار جملة منها بها ؛ لتضمّنها تعليل النهي بكراهة التلذّذ للصائم ، وهو ليس للتحريم قطعاً.

وقريب منه تعليل النهي عن النرجس في بعض الأخبار بأنّه ريحان الأعاجم (٣).

وما ورد من أنّ « الطيب تحفة الصائم » (٤) محمول على ما عدا الرياحين جمعاً ، ولعدم خلاف في استحبابه للصائم على ما صرّح به جماعة (٥) ، إلاّ المسك ، فقد ألحقه الفاضل في جملةٍ من كتبه تبعاً للحلّي ، وابن زهرة بالرياحين (٦) ، وزاد هو فألحقه بالنرجس في تأكّد الكراهة (٧) ؛ للرواية : « إنّ عليّاً عليه‌السلام كره المسك أن يتطيّب به الصائم » (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٣ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٦٦ / ٨٠٠ ، الإستبصار ٢ : ٩٢ / ٢٩٦ ، الوسائل ١٠ : ٩١ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ١١٣ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٧٠ / ٢٩٥ ، التهذيب ٤ : ٢٦٥ / ٧٩٩ ، الوسائل ١٠ : ٩٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ١١٢ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٧١ / ٣٠١ ، التهذيب ٤ : ٢٦٦ / ٨٠٤ ، الإستبصار ٢ : ٩٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ١٠ : ٩٢ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٤.

(٤) تقدّم مصدره في ص ٢٥٣٣ الهامش (١٣).

(٥) منهم : صاحبو المدارك ٦ : ١٣١ ، والذخيرة : ٥٠٥ ، والحدائق ١٣ : ١٦٠.

(٦) الفاضل في المنتهى ٢ : ٥٨٣ ، والتحرير ١ : ٧٩ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٨٨ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٧) التحرير ١ : ٧٩ ، المنتهى ٢ : ٥٨٣ ، التذكرة ١ : ٢٦٦.

(٨) الكافي ٤ : ١١٢ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٦٦ / ٨٠١ ، الوسائل ١٠ : ٩٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٢ ح ٦.

٣٣٥

وهي وإن كانت ضعيفة السند ، بل والدلالة على ما ذكره العلاّمة ؛ لعدم ظهور التأكّد منها ، بل ولا من الرواية الواردة في النرجس ، وإن استدلّ بهما عليه فيهما (١) ؛ إذ غايتهما النهي الوارد فيما سواهما من الرياحين أيضاً.

إلاّ أنّ المسامحة في أدلّة السنن تقتضي ذلك ، سيّما مع التأيّد بفتوى الأصحاب كافّة بالتأكّد في النرجس ، وجماعة منهم في المسك بالكراهة المطلقة أو المؤكّدة ، كما عرفته.

( والاحتقان بالجامد ) ؛ لما مرّ (٢).

( وبلّ الثوب على الجسد ) بلا خلاف ظاهر ؛ للنهي عنه في النصوص (٣) ، المحمول لضعفها على الكراهة.

مضافاً إلى الأصل والحصر السابقين ، والصحيح : « الصائم يستنقع في الماء ، ويصبّ على رأسه ، ويتبرّد بالثوب ، وينضح بالمروحة ، وينضح البوريا تحته ولا يغمس رأسه في الماء » (٤).

وما فيه من جواز الاستنقاع في الماء قد دلّ عليه بعض النصوص السابقة (٥) ، مع تضمّنه النهي عن بلّ الثوب ، ولمّا أن سُئل عليه‌السلام عن وجه الفرق قال : « أول من قاس إبليس » (٦).

ولا خلاف فيه أجده للرجل. وأمّا المرأة فالمشهور بين المتأخّرين‌

__________________

(١) أي : وإن استدل بالروايتين على تأكّد الكراهة في النرجس والمسك.

(٢) في ص : ٢٥٢٥.

(٣) الوسائل ١٠ : ٣٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣.

(٤) الكافي ٤ : ١٠٦ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٦٢ / ٧٨٥ ، الإستبصار ٢ : ٨٤ / ٢٦٠ ، الوسائل ١٠ : ٣٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٢.

(٥) في ص : ٢٥٣٠.

(٦) الكافي ٤ : ١١٣ / ٥ ، التهذيب ٤ : ٢٦٧ / ٨٠٧ ، الإستبصار ٢ : ٩٣ / ٣٠١ ، الوسائل ١٠ : ٣٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٥.

٣٣٦

الكراهة ، وإليه أشار الماتن بقوله : ( وجلوس المرأة في الماء ).

خلافاً للقاضي ، وابن زهرة ، والحلبي ، فيجب عليها به القضاء (١) ، وزاد الأولان فأوجبا به الكفّارة أيضاً ، وادّعى عليه الثاني إجماعنا.

فإن تمّ وإلاّ كما هو الظاهر لندرة القول بهما ، بل شذوذهما كما قيل ـ (٢) فالظاهر الأول ؛ للأصل والحصر ، مع عدم دليل على شي‌ءٍ من الأمرين.

نعم ، في الموثّق : عن الصائم يستنقع في الماء ، قال : « لا بأس ، ولكن لا يغمس رأسه ، والمرأة لا تستنقع ، لأنّها تحمله بقبلها » (٣).

وهو غير صريح ، بل ولا ظاهر في شي‌ء منهما ، وإنّما غايته النهي المفيد للحرمة ، وهي أعمّ من ثبوتهما ، إلاّ أن يتمّ بعدم قائل بها من غير قضاء ، فيكون ثابتاً.

وهو حسنٌ إن قاوم الخبرُ الأصلَ والحصر النافيين لها. وهو محلّ نظر ، بعد اشتهارهما بالشهرة العظيمة المتأخّرة ، التي كادت تكون لنا إجماعاً ، مع قصوره سنداً.

فالأولى حمله على الكراهة ، وإن كان الأحوط الاجتناب بلا شبهة.

بل لا يبعد القول بالتحريم ؛ لاعتبار السند بالموثّقية ، المؤيّد مع ذلك بإجماع ابن زهرة ، فلا يعارضه الأصل والحصر وإن اعتضدا بالشهرة ؛ لكونها متأخّرة ، فيخصّص به عمومهما ، سيّما مع اختصاص الثاني بحكم السياق بالرجل جدّاً ، مع وهن عمومه بلزوم تخصيصه في مواضع.

__________________

(١) القاضي في المهذّب ١ : ١٩٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٣.

(٢) الروضة ٢ : ١٣٣ ، مفاتيح الشرائع ١ : ٢٥٠.

(٣) الكافي ٤ : ١٠٦ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٧١ / ٣٠٧ ، التهذيب ٤ : ٢٦٣ / ٧٨٩ ، الوسائل ١٠ : ٣٧ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣ ح ٦.

٣٣٧

( المقصد الثاني )

في بيان ما يجب به القضاء والكفّارة ، أو القضاء خاصّة ،

وسائر ما يتعلّق بهما ( وفيه مسائل ) سبع :

( وفيه مسائل ) سبع :

( الأُولى : تجب الكفّارة والقضاء ) معاً ( بتعمّد الأكل والشرب ) المعتادين ، بإجماع العلماء ، كما صرّح به جماعة مستفيضاً (١).

وكذا غير المعتاد منهما على الأقوى ؛ بناءً على ما مرّ من حصول الفطر به (٢) ، فيدخل في عموم ما دلّ على إيجابه لهما ، كالصحيح : في رجل أفطر في شهر رمضان متعمّدا يوماً واحداً من غير عذر ، قال : « يعتق نسمة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستّين مسكيناً ، فإن لم يقدر تصدّق بما يطيق » (٣).

ويأتي على قول المرتضى عدم إيجابه لشي‌ء منهما (٤).

وأمّا ما حكاه عن بعض أصحابنا من إيجابه القضاء خاصّة ـ (٥) فلم نعرف قائله ولا مستنده ، مع أنّ ما قدّمناه من الأدلّة على خلافه حجّة واضحة.

__________________

(١) منهم الشيخ في الخلاف ٢ : ١٩٣ ، والعلامة في المنتهى ٢ : ٥٧٢ ، وصاحب المدارك ٦ : ٧٥.

(٢) راجع ص ٢٥١٢.

(٣) الكافي ٤ : ١٠١ / ١ ، الفقيه ٢ : ٧٢ / ٣٠٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢١ / ٩٨٤ ، الإستبصار ٢ : ٩٥ / ٣١٠ ، الوسائل ١٠ : ٤٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨ ح ١.

(٤) راجع ص ٢٥١٢.

(٥) جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٥٥.

٣٣٨

( والجماع قبلاً ) إجماعاً من المسلمين قاطبةً ، كما صرّح به جماعة (١) ، والنصوص به عموماً (٢) وخصوصاً مستفيضة (٣).

( و ) كذا ( دبراً على الأظهر ) الأشهر ؛ بناءً على ما مرّ من حصول الفطر به (٤) ، فيدخل في عموم نحو الصحيح الماضي.

( والإمناء بالملاعبة والملامسة ) ؛ لما مرّت إليه الإشارة (٥) ، مع نقل الخلاف فيما لو لم يتعمّده عن الإسكافي ، بإيجابه القضاء خاصّة (٦) ، وعن غيره بنفيه له أيضاً (٧).

( وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق ) (٨) على الأظهر الأشهر ، وفي ظاهر الغنية وعن صريح نهج الحقّ : الإجماع عليه (٩) ؛ وهو الحجّة.

مضافاً إلى ما مرّ من الخبر الصريح (١٠) المنجبر ضعفه سنداً ومتناً بما مضى ومن تحقّق الإفطار به ، فتجب به الكفّارة ، لعموم نحو الصحيح الماضي.

__________________

(١) كصاحبي المدارك ٦ : ٧٥ ، والذخيرة : ٤٩٦.

(٢) المراد بالعموم نحو قوله عليه‌السلام فيما مرّ من الصحيح : من أفطر متعمداً فعليه كذا. ( منه رحمه‌الله ).

(٣) الوسائل ١٠ : ٣٩ و ٤٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٤ و ٨.

(٤) في ص : ٢٥١٣.

(٥) راجع ص : ٢٥١٥.

(٦) راجع ص : ٢٥١٥.

(٧) راجع ص : ٢٥١٦.

(٨) ذهب إليه الشيخ في الجمل والاقتصاد والمبسوط والخلاف ، والفاضلات هنا وفي الشرائع والمنتهى والإرشاد والقواعد والمختلف ، وفيه عن المفيد : أنّه ينقض الصوم ، فيلزمه هذا القول لو عمل بنحو الصحيح العام لوجوب الكفارة لكل مفطر ، وهو خيرة التنقيح أيضاً. ( منه رحمه‌الله ).

(٩) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١ ، نهج الحق : ٤٦١.

(١٠) المتقدّم في ص : ٢٥١٦.

٣٣٩

خلافاً للتقي والحلّي ، فيجب به القضاء خاصّة (١) ، اقتصاراً على المجمع عليه.

وهو حسن إن لم يوجد دليل آخر ، وقد وجد كما ظهر.

ومن هنا يظهر الإجماع على وجوب القضاء.

نعم ، مرّ عن السيّد أنّه يلزمه في أحد قوليه عدمُ وجوبه أيضاً. وهو نادر وإن مال إليه جماعة من متأخّري المتأخّرين (٢).

( وفي ) وجوبهما بتعمّد ( الكذب على الله تعالى والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، والارتماس ، قولان ).

أولهما للشيخين والقاضي والتقي في الأول (٣) ، والصدوق في الثاني (٤) ، والسيّدين في الإنتصار والغنية مدّعيين عليه فيهما إجماع الإمامية (٥) ، وعزاه في الخلاف إلى أكثر الأصحاب (٦) ، وفي الدروس إلى المشهور (٧).

ولعلّه المنصور ؛ للإجماع المنقول ، المعتضد بالشهرة القديمة ، بل المطلقة المحكيّة ، مضافاً إلى النصوص المستفيضة في الأول بإفطاره للصائم ، ووجوب القضاء به.

__________________

(١) كما في الكافي في الفقه : ١٨٣ ، والسرائر ١ : ٣٧٧.

(٢) منهم السبزواري في الكفاية : ٤٦ ، والفيض في المفاتيح ١ : ٢٤٨ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٧٢.

(٣) المفيد في المقنعة : ٣٤٤ ، الطوسي في الاقتصاد : ٢٨٧ ، والنهاية : ١٥٣ ، القاضي في المهذّب ١ : ١٩٢ ، التقي ( الحلبي ) في الكافي في الفقه : ١٨٢.

(٤) الفقيه ١ : ٦٧.

(٥) الانتصار : ٦٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧١.

(٦) الخلاف ٢ : ٢٢١.

(٧) الدروس ١ : ٢٧٤.

٣٤٠