رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-107-9
الصفحات: ٥٦٤

الله واسع كريم ، ضمن على العمل الثواب ، وعلى الخلاف العقاب ، لا يحلّ مال إلاّ من وجهٍ أحلّه الله تعالى ، إنّ الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالنا وعلى أموالنا وما نبذل وما نشتري من أعراضنا ممّن نخاف سطوته ، فلا تَزووه عنّا ، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه ، فإنّ إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم ، وما تمهّدون لأنفسكم في يوم فاقتكم ، والمسلم من يفي الله تعالى بما عاهد عليه ، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب ، والسلام » (١).

وفي آخر : قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، فسألوه أن يجعلهم في حلّ من الخمس ، فقال : « ما أمحل هذا! تمحضونا المودة بألسنتكم وتَزوون عنّا حقّا جعله الله تعالى لنا وجعل لنا الخمس ، لا نجعل أحداً منكم في حلّ » (٢).

أقول : ونحوها كثير من الأخبار ، منها : الصحيح لعلي بن مهزيار ، وهو طويل وفي آخره : « وأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام » إلى أن قال : « فمن كان عنده شي‌ء من ذلك فليوصله إلى وكيلي ، ومن كان نائياً بعيد الشقَّة فليعمد لإيصاله ولو بعد حين ، فإنّ نية المؤمن خير من عمله » (٣).

__________________

(١) أُصول الكافي ١ : ٥٤٧ / ٢٥ ، التهذيب ٤ : ١٣٩ / ٣٩٥ ، الإستبصار ٢ : ٥٩ / ١٩٥ ، الوسائل ٩ : ٥٣٨ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣ ح ٢ بتفاوت يسير.

(٢) أُصول الكافي ١ : ٥٤٨ / ٢٦ ، التهذيب ٤ : ١٤٠ / ٣٩٦ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ / ١٩٦ ، الوسائل ٩ : ٥٣٩ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣ ح ٣ بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٤ : ١٤١ / ٣٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ / ١٩٨ ، الوسائل ٩ : ٥٠١ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٥ بتفاوت يسير.

٢٦١

والخبر : قلت له عليه‌السلام : ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال : « من أكل من مال اليتيم درهماً ونحن اليتيم » (١).

وفي آخر : « من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله تعالى ، اشترى ما لا يحل له » (٢).

ونحوه آخر : « لا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقّنا » (٣).

ونحوها التوقيع عن مولانا صاحب الزمان عجّل الله فرجه ، المروي عن إكمال الدين وإتمام النعمة ، وفيه اللعن على من استحلّ التصرف فيه من غير الإذن (٤).

ولا يضرّ قصور سند جملة من هذه الأخبار بعد انجبارها بموافقة الكتاب العزيز ، والسنة المطهّرة ، والاعتبار ، وموافقة ما عداها من الصحاح.

( وفي حال الغيبة لا بأس بالمناكح ) للشيعة خاصّة ، على الأشهر بين الطائفة ، كما صرّح به جماعة (٥) ، بل في ظاهر المنتهى دعوى الإجماع عليه (٦) كما يأتي.

وهو الأظهر ، سواء فسّرت بالجواري المسبية من دار الحرب مطلقاً ، أو بمَهر الزوجة وثمن السراري من أرباح التجارات خاصّة ؛ لدخولها بالمعنى الثاني في المؤن المستثناة ، والتنصيص على إباحتها بالمعنى الأوّل في المعتبرة المستفيضة ، وهي ما بين صريحة فيه أو ظاهرة ، ففي الحسن‌ :

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢ / ٧٨ ، الوسائل ٩ : ٤٨٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١ ح ١.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٦ / ٣٨١ ، الوسائل ٩ : ٤٨٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١ ح ٥.

(٣) أُصول الكافي ١ : ٥٤٥ / ١٤ ، الوسائل ٩ : ٤٨٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١ ح ٤.

(٤) کمال الدين : ٥٢٢ / ٥١ ، الوسائل ٩ : ٥٤ أبواب الأنفال وما يختص بالامام ب ٣ ح ٧.

(٥) الذخيرة : ٤٩١ ، الكفاية : ٤٥ ، الحدائق ١٢ : ٤٨١.

(٦) المنتهى ١ : ٥٥٥.

٢٦٢

قال مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام لفاطمة عليها‌السلام : « أحلّي نصيبكِ من الفي‌ء لآباء شيعتنا لتطيبوا » ثم قال : « إنّا أحللنا أُمّهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا » (١).

وفي المروي عن تفسير مولانا العسكري ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « قد علمتُ أنّه سيكون بعدك مَلِك عَضوض وجبر مستولى على خمسي من السبي والغنائم ويبيعونه ، ولا يحلّ لمشتريه ، لأنّ نصيبي فيه ، وقد وهبت نصيبي منه لكلّ من طلب شيئاً من ذلك من شيعتي ، ليحلّ لهم منافعهم من مأكل ومشرب ، ولتطيب مواليدهم ، ولا يكون أولادهم أولاد حرام ، فقال : ما تصدّق أحد أفضل من صدقتك ، وقد تبعك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فعلك ، أُحلّ للشيعة كلّ ما كان فيه من غنيمة أو بيع من نصيبه على واحد من شيعتي ، ولا أُحلّها أنا ولا أنت لغيرهم » (٢).

وفي الصحيح : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « هلك الناس في بطونهم وفروجهم لا يُؤدّون إلينا حقّنا ، ألا وإنّ شيعتنا من ذلك وأبناءهم في حلّ » (٣).

وفي آخر : قلت له : إنّ لنا أموالاً وتجارات ونحو ذلك ، وقد علمت أنّ لك فيها حقّا ، قال : « فلم أحللنا إذاً لشيعتنا إلاّ لتطيب ولادتهم ، وكلّ من‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٤٣ / ٤٠١ ، الوسائل ٩ : ٥٤٧ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ١٠.

(٢) تفسير العسكري : ٨٦ ، الوسائل ٩ : ٥٥٢ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ٢٠.

(٣) التهذيب ٤ : ١٣٧ / ٣٨٦ ، الإستبصار ٢ : ٥٨ / ١٩١ ، المقنعة : ٢٧٩ ، علل الشرائع : ٣٧٧ / ٢ ، الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ١ بتفاوت يسير.

٢٦٣

وإلى آبائي فهم في حلّ مما في أيديهم من حقّنا ، فليبلغ الشاهد الغائب » (١).

إلى غير ذلك من النصوص الكثير المتضمنة للحكم مع العلّة المسطورة في هذه الروايات.

ولأجلها خصّ المفيد والماتن ومَن تبعهما ما أباحوه للشيعة بالمناكح خاصة (٢) ، مع ما فيه من الجمع بين النصوص المختلفة في هذا الباب ، المبيحة للخمس على الإطلاق ، والمؤكّدة في إخراجه على أيّ حال. وخلاف الحلبي هنا وفيما يأتي بعدم التحليل (٣) نادر لا وجه له ، عدا العمومات كتاباً وسنة بوجوب الخمس ، المخصَّصة بما مرّ ، وكذا خلاف الإسكافي (٤) ، كما يأتي.

( وألحق الشيخ ) في النهاية وغيرها ، والحلّي في السرائر (٥) ( المساكن والمتاجر ) وتبعهما جماعة من المتأخّرين (٦).

ولا بأس به في الأوّل مطلقاً ، سواء فسّر بما يختص به عليه‌السلام من الأرض أو من الأرباح ، بمعنى أنّه يستثنى منها مسكن فما زاد مع الحاجة ؛ لرجوع الأوّل إلى الأراضي المباحة في زمن الغيبة ، كما يأتي إليه الإشارة في‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٤٣ / ٣٩٩ ، الوسائل ٩ : ٥٤٧ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ٩.

(٢) كما في المقنعة : ٢٨٥ ؛ وراجع المنتهى ١ : ٥٥٥ ، الدروس ١ : ٢٦٣.

(٣) الكافي في الفقه : ١٧٤.

(٤) نقله عنه في المنتهى ١ : ٥٥٥.

(٥) النهاية : ٢٠٠ ، والمبسوط ١ : ٢٦٣ ، السرائر ١ : ٤٩٨.

(٦) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ١٨٤ ، والعلاّمة في التذكرة ١ : ٢٥٥ ، والشهيد في الروضة ٢ : ٨٠.

٢٦٤

كتاب إحياء الموات ، والثاني إلى المؤن المستثناة من الأرباح.

وفي الثاني إن فسّر بما يشترى من الغنيمة المأخوذة من أهل الحرب في حال الغيبة ، أو بشراء متعلّق الخمس ممن لا يخمس ، فلا يجب على المشتري إخراجه إلاّ أن يتّجر فيه ويربح ؛ لرواية مولانا العسكري المتقدمة وغيرها ، المعتضدة بالشهرة المحكية في كلام جماعة (١) ، مع استلزام عدم الإباحة لمثله العسر والحرج المنفيين في الشريعة ، آيةً وروايةً.

وبذلك أشار الفاضل المقداد في التنقيح ، فقال : ولا شكّ أنّ العمل بهذا القول أخذ باليسر ورفع للحرج اللازم ، وجمع بين الروايات (٢).

هذا مضافاً إلى الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ، الدالة على إباحة الأئمة عليهم‌السلام الخمس كلّه للشيعة (٣) ، خرج ما عدا الثلاثة بالإجماع ممّن عدا الديلمي وبعض المتأخرين (٤) ، فتبقى هي تحتها مندرجة.

ولا فرق في ظاهر أكثر الأدلّة بل والفتاوى ما عدا العبارة بين حالتي الحضور والغيبة ، وبه صرّح في المنتهى ، فقال : وقد أباح الأئمة عليهم‌السلام لشيعتهم المناكح في حالتي ظهور الإمام وغيبته ، وعليه علماؤنا أجمع ، لأنّه مصلحة لا يتمّ التخلّص من المآثم بدونها ، فوجب في نظرهم عليهم‌السلام فعلها ، والإذن في استباحة ذلك من دون إخراج حقّهم منه ، لا على أنّ الواطئ يطأ الحصّة بالإباحة ، إذ قد ثبت أنّه يجوز إخراج الخمس بالقيمة ، فكان الثابت قبل الإباحة في الذمة إخراج خمس العين من الجارية‌

__________________

(١) الروضة ٢ : ٨٠ ، الحدائق ١٢ : ٤٤٤.

(٢) التنقيح ١ : ٣٤٥.

(٣) الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤.

(٤) الديلمي في المراسم : ١٤٠ ؛ وانظر المدارك ٥ : ٤١٩.

٢٦٥

أو قيمته ، وبعد الإباحة ملكها الواطئ ملكاً تامّاً ، فاستباح وطؤها بالملك التامّ.

إلى أن قال : وألحق الشيخ به المساكن والمتاجر ؛ والدليل على الإباحة : ما رواه الشيخ عن أبي خديجة سالم بن مكرم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال ، قال له رجل وأنا حاضر : حلّل لي الفروج ، ففزع أبو عبد الله عليه‌السلام ، فقال رجل : ليس يسألك أن يعترض الطريق ، إنّما يسألك خادماً يشتريها ، أو امرأة يتزوّجها ، أو ميراثاً يصيبه ، أو تجارةً أو شيئاً أعطاه ، فقال : « هذا لشيعتنا حلال ، الشاهد والغائب ، والميت منهم والحي وما يولد منهم إلى يوم القيامة ، فهو لهم حلال » الحديث (١) ، إلى آخر ما ذكره رحمه‌الله (٢).

وكلماته هذه كما ترى كالصريحة في الثلاثة بجميعها بعدم اختصاصها بزمن الغيبة.

وما ذكره في المناكح من أنّ إباحتها تمليك لا تحليل ، قد صرّح به في الدروس أيضاً (٣) ، وارتضاه جماعة (٤). وهو كذلك ، لظواهر النصوص المتقدمة.

ثم إنّ دعواه الإجماع على إباحة المناكح في حالتي الظهور والغيبة منافية لما حكاه هو تبعاً للماتن (٥) عن الإسكافي ، حيث قال : وكما يسوغ له أن يحلّل في زمانه فكذلك يسوغ له أن يحلّل بعده ، وقال ابن‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٣٧ / ٣٨٤ ، الإستبصار ٢ : ٥٨ / ١٨٩ ، الوسائل ٩ : ٥٤٤ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ٤.

(٢) المنتهى ١ : ٥٥٥.

(٣) الدروس ١ : ٢٦٣.

(٤) كصاحبي المدارك ٥ : ٤٢٠ ، والحدائق ١٢ : ٤٤٤.

(٥) المعتبر ٢ : ٦٣٧.

٢٦٦

الجنيد : لا يصحّ التحليل إلاّ لصاحب الحق في زمانه ، إذ لا يسوغ تحليل ما يملكه غيره. وهو ضعيف ؛ لأنّهم عليهم‌السلام قد أباحوا وجعلوا الغاية قيام القائم في أكثر الأحاديث (١) ، والإمام لا يحلّ إلاّ ما يعلم أنّ له الولاية في إباحته ، وإلاّ لاقتصر على زمانه ولم يقض فيه بالدوام ؛ ويؤيّده ما رواه أبو خالد الكابلي قال ، قال : « إن رأيت صاحب هذا الأمر يُعطي كلّ ما في بيت المال رجلاً واحداً فلا يدخلنّ في قلبك شي‌ء ، فإنّه إنّما يعمل بأمر الله » (٢) (٣).

وكذا حكى الخلاف عن الحلبي في المختلف في أصل التحليل ، فنفاه مطلقاً (٤) ؛ ولعلّه لندورهما لم يعتدّ بهما.

وكيف كان ، فلا ريب في ضعفهما لتواتر الأخبار بالتحليل ولو في الجملة ، وعليها عمل الأصحاب كافّة ، وإن اختلفوا في العمل بها مطلقاً ، أو في الثلاثة المتقدمة خاصة ، أو المناكح منها خاصة ، أو غير ذلك على أقوال ، سيأتي في المتن إليها الإشارة ، فبها يقيّد عموم الكتاب والسنة ونحوهما مما يوجب الخمس مطلقاً.

هذا مضافاً إلى الإجماع المنقول زيادةً على ما في المنتهى في البيان للشهيد على ما حكاه عنه في الروضة (٥) ، ولأجله اختار التحليل في الثلاثة.

( الثالثة : )

( يصرف الخمس إليه مع وجوده ) عليه‌السلام وجوباً بالإضافة إلى حصّته‌

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٥٤٨ أبواب الأنفال ب ٤ ح ١٢ ، ١٣ ، ١٦.

(٢) التهذيب ٤ : ١٤٨ / ٤١٢ ، الوسائل ٩ : ٥٢٠ أبواب قسمة الخمس ب ٢ ح ٣.

(٣) المنتهى ١ : ٥٥٥.

(٤) الكافي في الفقه : ١٧٤ ، المختلف : ٢٠٧.

(٥) المنتهى ١ : ٥٥٥ ، البيان : ٣٥١ ، الروضة ٢ : ٨٠.

٢٦٧

قطعاً ، وكذا بالإضافة إلى حصص الباقين احتياطاً ، كما يستفاد من النصوص قولاً وفعلاً.

( وله ما يفضل عن كفاية الأصناف ) الثلاثة ( من نصيبهم ، وعليه الإتمام لو أعوز ) كما في مرسلة حمّاد بن عيسى ، المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه (١) ، ونحوه اخرى مقطوعة (٢).

وعليهما فتوى الشيخين وجماعة كما في المعتبر والمنتهى (٣) ، بل يفهم منهما كونهما مجمعاً عليهما بين قدماء أصحابنا ، ولذا عملا بهما ، وفي المختلف والمسالك وغيرهما دعوى اشتهارهما (٤) ، ولا ريب فيه ، فيجبر به ضعف سندهما ، مع اعتبار الأوّل منهما في الجملة ، بل قال بحجّية مثله جماعة ، فالقول بهما متعيّن.

خلافاً للحلّي ، فلا يجوز له الأخذ ولا عليه إتمام المُعوِز (٥) ، لوجوه لا بأس بها لولا الرواية المنجبرة بالشهرة العظيمة بين أصحابنا.

وفي شرح القواعد للمحقق الثاني بعد اختياره المختار قال : ويتفرّع عليه جواز صرف حصّته في حال الغيبة إليهم ، وعدم جواز إعطاء زائد على مئونة السنة (٦). وهو ظاهر غيره أيضاً (٧) ، إلاّ أنّه يشكل بأنّه قد توقّف‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٣٩ / ٤ ، الوسائل ٩ : ٥٢٠ أبواب قسمة الخمس ب ٣ ح ١.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٦ / ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥٢١ أبواب قسمة الخمس ب ٣ ح ٢.

(٣) المفيد في المقنعة : ٢٧٨ ، الطوسي في المبسوط ١ : ٢٦٢ ، المعتبر ٢ : ٦٣٨ ، المنتهى ١ : ٥٥٤.

(٤) المختلف : ٢٠٦ ، المسالك ١ : ٦٨ ؛ وانظر الحدائق ١٢ : ٣٨٢.

(٥) السرائر ١ : ٤٩٢.

(٦) جامع المقاصد ٣ : ٥٤.

(٧) انظر المعتبر ٢ : ٦٣٨ ، مجمع الفائدة والبرهان ٤ : ٣٥٧.

٢٦٨

جماعة في المسألة ، ومع ذلك فذهبوا إلى جواز صرف حصّته في زمان الغيبة إليهم على وجه التتمة ، كالفاضل في التحرير والمختلف وصاحب الذخيرة (١). ومع ذلك فالمتفرع على المختار الوجوب لا الجواز ، إلاّ أن يراد به المعنى الأعم الشامل له.

( ومع غيبته يصرف إلى الأصناف الثلاثة مستحقهم ) على الأظهر الأشهر بين الطائفة ، بل لا خلاف فيه أجده ، إلاّ من نادر من القدماء ، حكى الشيخان وغيرهما (٢) عنه القول بإباحة الخمس مطلقاً ، وتبعه صاحب الذخيرة (٣).

وهو ضعيف في الغاية ، لإطلاق الكتاب والسنة مما مضى في بحث القسمة ، وظهورها في اختصاص النصف بالأصناف ، واعتضادها بالنصوص المتواترة الظاهرة في وجوب الأخماس وبقائه إلى يوم القيامة ، سيّما وإنّ في بعضها المنجبر سنده بالفتاوى والاعتبار تعويضهم بل مطلق الذرية بها عن الزكاة صيانةً لهم عن أوساخ أيدي الناس ، مع سلامتها عن المعارض ، عدا أخبار التحليل من الصحاح وغيرها.

وفيها مع ضعف جملة منها سنداً ، واختصاص بعضها ببعضهم عليهم‌السلام صريحاً ، كالصحيح : « من أعوزه شي‌ء من حقّي فهو في حلّ » ومعارضتها بمثلها ممّا قد دلّ على مطالبتهم إيّاها في زمانهم ، مصرّحاً بعدم التحليل في بعضها ، وبأنّه « ليسألنّهم الله يوم القيامة سؤالاً حثيثاً » (٤) ـ : أنّه ليس في شي‌ء‌

__________________

(١) التحرير : ٧٥ ، المختلف : ٢٠٦ ، الذخيرة : ٤٨٨.

(٢) المقنعة : ٢٨٥ ، المبسوط ١ : ٢٦٤ ؛ وانظر السرائر : ٤٩٨.

(٣) الذخيرة : ٤٩٢.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٣ / ٨٨ ، التهذيب ١٤٣ / ٤٠٠ ، الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال ويختص بالإمام ب ٤ ح ٢.

٢٦٩

منها التصريح بإباحة الأخماس كلّها ، بل ولا مما يتعلّق بالأئمة جميعاً ، وإنّما غايتها إفادة إباحة بعضهم شيئاً منها أو للخمس مطلقاً ، لكن كونه ما يتعلّق بالجميع أو به خاصّة فلا ، مع أنّ مقتضى الأُصول تعيّن الأخير.

فليس في تعليل الإباحة بطيب الولادة والتصريح بدوامها وإسنادها بصيغة الجمع في جملةٍ ، دلالةٌ على تحليل ما يتعلّق بالأصناف الثلاثة ، بل ولا ما يتعلّق بمَن عدا المحلِّل مِن باقي الأئمة عليهم‌السلام ، لظهور أن ليس المقصود من الأوّل تطيّبها من كلّ محرّم ، وإلاّ لاستبيح بذلك أموال الناس كافّة ، وهو مخالف للضرورة ، فيحتمل طيبها من مال المحلِّل خاصّة ، أو ما يتعلّق بجميعهم عليهم‌السلام من الأُمور الثلاثة المتقدمة ، كما نزّلها عليه جمهور الأصحاب ، وإرادة هذا مما يجتمع معه إطلاق الدوام والإباحة بصيغة الجمع ، فلا دلالة في شي‌ء منهما على عموم التحليل والكليّة.

مع أنّ « أحللنا » بالإضافة إلى مَن يأتي مجاز قطعاً ، وكما يمكن ذلك يمكن التعبير بها عن المحلِّل أو مع من سبقه خاصّة ، والترجيح لا بُدّ له من دليل ، وليس إن لم نقل بقيامه على الأخير.

ولذا أنّ في المدارك لم يجعل هذه القرائن أمارة على إباحة الأخماس مطلقاً (١) ، وإنّما استند إليها لإثباتها بالإضافة إلى حقوقهم عليهم‌السلام خاصّة ، ولكن فيه أيضاً ما عرفته.

وبالجملة فالخروج عن ظاهر الآية والسنة من اختصاص النصف بالأصناف الثلاثة والباقي بالأئمّة عليهم‌السلام بمثل ذلك لا وجه له.

وأمّا الذبّ في الذخيرة (٢) عن الآية : باختصاصها بالغنائم المختصة‌

__________________

(١) المدارك ٥ : ٤١٩.

(٢) الذخيرة : ٤٩٢.

٢٧٠

بحال الحضور دون الغيبة ، مع أنّها من الخطابات الشفاهية المتوجّهة إلى الحاضرين خاصّة ، والتعدية إلى الغيبة بالإجماع إنّما يتمّ مع التوافق في الشرائط ، وهو ممنوع في محلّ البحث ، فلا تنهض حجّة في زمان الغيبة ، ولو سلّم فلا بُدّ من صرفها إلى خلاف ظاهرها إما بالجمل على بيان المصرف أو بالتخصيص ، جمعاً بينها وبين الأخبار الدالة على الإباحة.

وعن السنة : بضعف أسانيدها جملةً ، مع أنّها غير دالّة على تعلّق النصف بالأصناف على وجه الملكيّة أو الاختصاص مطلقاً ، بل دلّت على أنّ الإمام يقسّمه كذلك ، فيجوز أن يكون هذا واجباً عليه من غير أن يكون شي‌ء من الخمس ملكاً لهم أو مختصّاً بهم ، سلّمنا ، لكنّها تدل على ثبوت الحكم في زمان الحضور لا مطلقاً ، فيجوز اختلاف الحكم باختلاف الأزمنة ، سلّمنا ، لكن لا بُدّ من التخصيص فيها وصرفها عن ظاهرها ، جمعاً بين الأدلّة (١).

فضعيف في الغاية ؛ لما عرفت من عموم الغنيمة لكلّ فائدة إجماعاً منّا كما مضى ، وفُسّرت بها في المستفيضة ، وفيها الصحيح وغيره ، ومنها يظهر عموم الحكم في الآية لمن غاب عن زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث اتي بها فيها لثبوته في زمانهم عليهم‌السلام ، وهو متأخّر عن زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع أنّ أخبار التحليل للخمس مؤبّداً إلى يوم القيامة كاشف عن بقاء الحكم كذلك ، وإلاّ فلا معنى للتحليل بالكليّة.

هذا ، مع أنّ الإجماع ثابت على الشركة في الحكم ، والآية المفيدة له بالإضافة إلى شرط الحضور مطلقة ، فالتقييد يحتاج إلى دلالة هي في المقام‌

__________________

(١) الذخيرة : ٤٩٢.

٢٧١

مفقودة.

مع أنّ دعوى اشتراط الحضور مما كاد أن يحصل القطع بفسادها ، بل فسادة ومخالفة للإجماع والضرورة ، لأنّ المبيح في زمن الغيبة مع ندرته يقول به من جهة التحليل لا من عدم عموم الدليل.

وصرف الآية عن ظاهرها جمعاً يتوقف على المعارض الأقوى ، وليس ، لما مضى من عدم وضوح دلالة أخبار التحليل على ما يوجب صرفها عن ظاهرها.

ومع ذلك فظهور الآية أرجح ، بالاعتضاد بالشهرة العظيمة بين أصحابنا ، بحيث كاد أن يكون المخالف لهم نادراً ، بل نادر جدّاً ، وبإطلاق السنة المتواترة بإيجاب الأخماس كما عرفته.

ومع ذلك فالجمع غير منحصر فيما ذكره ، لإمكانه بوجوه ، ومنها : ما عليه جمهور أصحابنا من تخصيص أخبار التحليل بالمناكح وأُختيها خاصّة ، ولا وجه لأولوية الأوّل على هذا إن لم يكن هذا أولى ، كما هو ذلك جدّاً.

وضعف أسانيد السنة قد عرفت انجبارها بعمل الأصحاب في بحث القسمة ، وبه اعترف (١) ثمة ؛ مضافاً إلى اشتهار ما دلّت عليه من الاختصاص بالخصوص في المسألة ، ومع ذلك معتضدة بظاهر الكتاب.

وإنكار دلالتها على تعلّق النصف بالأصناف على وجه الملكيّة أو الاختصاص مكابرة صرفة ، لتضمّن بعضها بعد ذكر الخمس وأنّه يقسّم ستة قوله : « والنصف له ، والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة ، عوّضهم الله تعالى مكان‌

__________________

(١) الذخيرة : ٤٨٥.

٢٧٢

ذلك بالخمس » (١).

ولا ريب أنّ اللام هنا للملك أو الاختصاص ، وقد اعترف هو به في الآية في بعض كلماته ، ويؤكّده ذكر التعويض لهم عن الصدقة.

ونحوه في آخر منه ، وفيه : « وإنّما جعل الله تعالى هذا الخمس لهم خاصّة دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم ، عوضاً لهم عن صدقات الناس ، تنزيهاً من الله تعالى لهم ، لقرابتهم من رسول الله ، وكرامةً من الله تعالى لهم عن أوساخ الناس ، فجعل لهم خاصّة من عنده ما يغنيهم عن أن يصيّرهم في موضع الذلّ والمسكنة » إلى أن قال أيضاً : « وجعل لفقراء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصف الخمس ، فأغناهم به عن صدقات الناس ، فلم يبق فقير من فقراء الناس ، ولم يبق فقير من فقراء قرابة الرسول إلاّ وقد استغنى ، فلا فقير » (٢) الحديث وأيّ دلالة تريد أوضح من هذا.

وبها يجاب عن احتمال اختصاص التملك والاستحقاق بزمن الحضور ، لصراحة التعويض عن الصدقة ، وقوله عليه‌السلام بعده : « فلا فقير » في خلاف ذلك. وفي تخصيصها وصرفها عن ظاهرها جمعاً ما مضى حرفاً بحرف.

وبالجملة : لا ريب في فساد أمثال هذه المناقشات. فإذاً : المعتمد ما عليه جمهور الأصحاب ، من لزوم صرف مستحق الأصناف الثلاثة إليهم على الإطلاق ، إلاّ ما أباحه بعضهم عليهم‌السلام في حال حضوره ، ولعلّه لجبره ذلك من عنده. وظاهر سياق المتن أنّه لا خلاف في ذلك.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٦ / ٣٦٤ ، الوسائل ٩ : ٥١٤ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٩.

(٢) الكافي ١ : ٥٣٩ / ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ / ٣٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٥٦ / ١٨٥ وفيه صدر الحديث ، الوسائل ٩ : ٥١٣ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

٢٧٣

( وفي مستحقه عليهم‌السلام أقوال ) منتشرة ، ولكن الذي استقرّ عليه رأي المتأخّرين كافّة على الظاهر ، المصرّح به في المدارك (١) ، وفي كلام جماعة (٢) دعوى الشهرة تبعاً للمفيد في العزّية ، وحكاه في المختلف عن جماعة (٣) : أنّ ( أشبهها جواز دفعه إلى مَن يعجز حاصلهم من الخمس عن قدر كفايتهم ) عن مئونة السنة ( على وجه التتمة لا غير ) لما مرّ من وجوب إتمام ما يحتاجون إليه من حصّته مع حضوره (٤) ، فكذا مع غيبته ، لأنّ الحق الواجب لا يسقط بغيبة من ثبت في حقه.

مؤيّداً بأنّ مثل هذا التصرف لا ضرر فيه على المالك بوجه ، فينتفي المانع منه ، بل ربما يعلم رضاه به إذا كان المدفوع إليه عن أهل الاضطرار والتقوى ، وكان المال معرضاً للتلف مع التأخير ، كما هو الغالب في مثل هذا الزمان ، فيكون الدفع إلى من ذكرناه إحساناً محضاً ، وما على المحسنين من سبيل ، ولا ريب في كونه أحوط للمالك كما صرّح به جماعة من متأخّري المتأخّرين (٥).

وربما يستشكل في إلزامه بذلك ، للأخبار المتضمّنة لتحليلهم عليهم‌السلام لشيعتهم من ذلك (٦).

وفيه ما مرّ من أنّ المتيقّن منها ليس إلاّ تحليل مَن عدا صاحب الزمان‌

__________________

(١) المدارك ٥ : ٤٢٦.

(٢) كشيخنا الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٧٩ وخالي العلاّمة المجلسي عليه الرحمة في زاد المعاد : ٥٨٤. منه رحمه‌الله.

(٣) المختلف : ٢٠٩ و ٢١٠.

(٤) راجع ص : ٢٤٨٥.

(٥) منهم : الفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٩ ، والمدارك ٥ : ٤٢٧.

(٦) الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤.

٢٧٤

لحقّه في زمانه ، أو مطلق حقّهم مما يتعلق بالمناكح وأُختيها بالمعنى الذي قدّمناه خاصّة ، وأمّا ما عدا ذلك فلم يثبت ، فالأصل بقاؤه على حاله.

نعم ، في الوسائل والذخيرة وغيرهما عن الصدوق في كما الدين وتمام النعمة رواية متضمنه لتوقيعه عليه‌السلام إلى محمّد بن عثمان العمري ، وفيه : « أمّا ما سألت عنه » إلى أن قال : « وأمّا المتلبّسون بأموالنا ممّن يستحلّ شيئاً منها فأكله فإنّما يأكل النيران ، وأمّا الخمس فقد أُبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حلّ إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث » (١).

لكنّها مع قصور سندها لتضمنه جملةً من الجهلاء ، ومع نوع تأمّل في دلالتها ، للتعبير بصيغة المجهول معارض بما في الكتب المزبورة عن الصدوق أيضاً في الكتاب المزبور من توقيع آخر بسند غير واضح كالسابق ، وفيه : « بسم الله الرّحمن الرّحيم ، لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهماً حراماً » (٢).

وبمعناه توقيع آخر مروي في الذخيرة عنه في الكتاب المزبور ، بسند لا يخلو عن اعتبار ، كما صرّح به فيها ، وفيه : « من استحلّ ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا ملعون ، ونحن خصماؤه يوم القيامة » إلى أن قال : « ومن أكل من أموالنا شيئاً فإنّما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً » (٣).

__________________

(١) كمال الدين : ٤٨٣ / ٤ ، الوسائل ٩ : ٥٥٠ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ١٦.

(٢) كمال الدين : ٥٢٢ / ٥١ ، الاحتجاج : ٤٦٩ ٤٧١ ، الوسائل ٩ : ٥٤٠ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣ ح ٧.

(٣) كمال الدين : ٥٢٠ / ٤٩ ، الاحتجاج : ٤٧٩ ، الوسائل ٩ : ٥٤٠ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣ ح ٧.

٢٧٥

وأمّا ما أجاب عنه به في الذخيرة : من أنّ المستفاد منه توجّه الذمّ إلى من تصرّف في شي‌ء من أموالهم بغير أمرهم وإذنهم ، وهو لا ينافي جواز التصرّف للشيعة في الخمس أو مطلق حقوقهم بإذنهم ، كما يستفاد من الأخبار (١).

فحسن إن ثبت منها الإذن عموماً ، وفيه ما مضى ، هذا.

وفي الوسائل روى عن كتاب الخرائج والجرائح حديثاً بطريق غير واضح عنه ، وفيه : « يا حسين ، كم تَرزَأ (٢) على الناحية؟ ولِمَ تمنع أصحابي من خمس مالك »؟ ثم قال : « وإذا مضيت إلى الموضع الذي تريده فدخلته عفواً وكسبت ما كسبت تحمل خمسه إلى مستحقه » قال ، فقلت : السمع والطاعة ، ثم ذكر في آخره أنّ العمري أتاه وأخذ خمس ماله بعد ما أخبره بما كان (٣).

وهل الدفع إليهم على الوجوب كما هو ظاهر المفيد (٤) والدليل؟ أم الجواز المخيّر بينه وبين الحفظ والإيصاء كما هو ظاهر كثير (٥)؟

ولا ريب أنّ الأوّل أحوط إن لم نقل بكونه المتعيّن ، وبه صرّح من متأخّري المتأخّرين جمع (٦).

__________________

(١) الذخيرة : ٤٨٣.

(٢) الخرائج والجرائح ١ : ٤٧٢ / ١٧ ، الوسائل ٩ : ٥٤١ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣ ح ٩.

(٣) رَزَأ الشي‌ء : نقصه. القاموس المحيط ١ : ١٧.

(٤) المقنعة : ٢٧٨.

(٥) كالعلاّمة في المختلف : ٢٠٩ ، والشهيد في الدروس ١ : ٢٦٢.

(٦) منهم : ابن فهد في المهذّب البارع ١ : ٥٧١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٩ ، وصاحب المدارك ٥ : ٤٢٦ ، وفي الذخيرة عن شيخنا الشهيد الثاني أنه نقل اتفاق القائلين بوجوب صرفه في الأصناف على ذلك ( منه رحمه‌الله ).

٢٧٦

ثم هل يشترط مباشرة الفقيه المأمون له كما هو ظاهر المتأخّرين ، بل صرّح جملة منهم بضمان المباشر غيره (١)؟ أم لا ، بل يجوز لغيره كما هو ظاهر إطلاق المفيد؟

ولا ريب أنّ الأوّل أوفق بالأُصول ، إلاّ أن يكون مباشرة الغير بإذن الفقيه فيجوز ، كما في الدروس (٢) ، وعليه الخال العلاّمة أدام الله سبحانه ظلاله (٣).

وهل يجوز دفعه إلى الموالي كالذريّة ، كما استحسنه ابن حمزة ، ونفى عنه البعد المفيد في غير العزّية (٤) ، أم لا؟

والوجه : التفصيل بين وجود المستحق من الذريّة فلا ، وفقده فلا بأس به ، لما مرّ من الاعتبار العقلي ، وأنه إحسان محض ليس شي‌ء على فاعله.

والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

__________________

(١) كالعلاّمة في الإرشاد ١ : ٢٩٤ ، والشهيد في الروضة ٢ : ٧٩ ، والسبزواري في الذخيرة : ٤٩٢.

(٢) الدروس ١ : ٢٦٢.

(٣) الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( مخطوط ).

(٤) الوسيلة : ١٣٧ ، المقنعة : ٢٨٦.

٢٧٧
٢٧٨

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي وعليه توكّلي

الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على خير خلقه محمّد وآله أجمعين.

٢٧٩
٢٨٠