رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-107-9
الصفحات: ٥٦٤

في الناصرية (١) ؛ لصراحة النصوص الدالّة عليه ، مع اعتبار أسانيدها ، واعتضادها بما مرّ من الإطلاقات ، ومخالفتها لما عليه جمهور العامّة كما صرّح به جماعة (٢) ، مع دعوى المرتضى عليه الإجماع من الإمامية والصحابة (٣).

فيُخصَّص بها الأصل ، وتُصرَف النصوص المتقدّمة عن ظواهرها ، بحمل وسط النهار في الصحيح على ما بعد الزوال ، بل قيل : هو الظاهر منه ؛ لإشعار لفظة : « من » (٤) به.

وتقييد الثاني به أيضاً ، مع ضعف سنده كالثالث ، وفيه زيادةً عليه أنّه مكاتبة محتملة للتقيّة عمّا عليه جمهور العامة ، مع اختلاف نسخه ، الموجب لاضطراب دلالته ، ففي الإستبصار كما ذكر ، وفي التهذيب بدل : غمّ الهلال في شهر رمضان : « غمّ هلال شهر رمضان » وعلى هذه النسخة فلا دلالة لو لم تكن منعكسة.

ولا يخلو عن قوّةٍ لولا شذوذ هذا القول على الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة ، كالمنتهى والمسالك والخلاف والغنية (٥) ، بل فيها (٦) الإجماع من الإمامية. وفي الخلاف : روي ذلك عن عليّ عليه‌السلام وعمر وابن عمر وأنس ، فقالوا كلّهم للّيلة القابلة ، ولا مخالف لهم ، يدلّ على أنّه إجماع‌

__________________

(١) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٤٢.

(٢) منهم الشيخ في الخلاف ٢ : ١٧١ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٢٩٠.

(٣) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢٤٢.

(٤) الوافي ١١ : ١٢٢.

(٥) المنتهى ٢ : ٥٩٢ ، المسالك ١ : ٧٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٠ ، الخلاف ٢ : ١٧٢.

(٦) أي : في الغنية.

٤٢١

الصحابة.

ودعوى الشهرة على هذا القول مستفيضة (١) ، بل مسلّمة ، وحينئذٍ فتقوى الأدلّة الدالّة عليه ولو ضعفت دلالةً بالإضافة إلى النصوص المقابلة.

والجمع بين الأدلّة ولو بالتقييد أو التخصيص فرع المقاومة ، وهي مفقودة ، لما عرفت من اعتضاد الأوّلة بالشهرة العظيمة المسلّمة ، التي هي أقوى المرجّحات الشرعيّة ، واستصحابِ الحالة السابقة ، بل هي حجّة برأسها مستقلّة. مضافاً إلى أصالة البراءة عن وجوب الصوم والقضاء والإفطار ، وحكايةِ الإجماع المتقدّمة ، وما يقرب منها ممّا مرت إليه الإشارة (٢) ؛ ولا تعارضها حكاية الإجماع على الخلاف ، للندرة الموهنة.

وبجميع ذلك يجبر ضعف سند الخبرين. واختلاف النسخة في ثانيهما غير ضائر بعد شهادة السياق بأولهما كما لا يخفى.

وحينئذٍ فيجاب عن إطلاقات الصوم للرؤية : بالتقييد بالرؤية الليلية ، حملَ المطلق على المقيّد.

هذا على تقدير تسليم شمولها للرؤية النهارية ، وإلاّ فالمتبادر منها والغالب الأُولى خاصّة.

وعليه فتكون من أدلّة المختار ، بناءً على الحصر المستفاد من ظواهرها ، لرجوع حكم منطوقه إلى الفرد المتبادر ، ويدخل النادر في مفهومه.

ولعلّه لهذا أجاب عن الخبرين المعارضين الشيخ في الكتابين ، فقال بعد نقلهما : فهذان الخبران لا تُعارَضُ بهما الأخبار المتقدّمة ؛ لأنّها موافقة‌

__________________

(١) كما ادّعاها السبزواري في الذخيرة : ٥٣٣ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٢٨٤.

(٢) من دعوى الشذوذ. ( منه رحمه‌الله ).

٤٢٢

لظاهر القرآن والأخبار المتواترة التي ذكرناها ، وهذا الخبران مخالفان لذلك ، فلا يجوز العمل عليهما (١). ونحوه الفاضل في المنتهى (٢). ولا بأس به.

وعن الخبرين : بقصور سند الثاني عن الصحّة ، بل الأول أيضاً على المشهور ، فإنّه عندهم حسن ولو بإبراهيم ، فلا يعارضان الصحيح المتّفق على صحّته سنداً ، وإن ترجّحا عليه دلالةً ، فليطرحا أو يحملا على التقيّة ولو عن نادرٍ من العامّة ، أو على ما ذكره الشيخ من صورة التغيُّم ونحوها ، مع انضمام الشهود إلى الرؤية.

ولو لا موافقة القول المشهور لما عليه جمهور الجمهور لكان القول به مقطوعاً به من غير ريبة ، إلاّ أنّه لها ربّما لا تخلو المسألة عن تردّدٍ وشبهةٍ كما عليه الماتن. إلاّ أنّ مقتضى الأُصول حينئذٍ تعيّن العمل بما عليه المشهور.

وللفاضل في المختلف قول آخر في المسألة ، بالتفصيل بين يوم الشكّ من شعبان فخيرة المرتضى ، ومن رمضان فالمختار احتياطاً للصوم في المقامين (٣). وهو ضعيف (٤).

( ومن كان بحيث لا يعلم الأهلّة ) كالمحبوس ( توخّى ) أي تحرّى ( لصيام شهرٍ ) يغلب على ظنّه أنّه هو شهر رمضان ، فيجب عليه صومه.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٧٧ ، الاستبصار ٢ : ٧٤ ذيل ح ٢٢٦.

(٢) فإنّه قال : هذا القدح في سند الخبر الثاني ، ومع ذلك فلا يصلحان لمعارضة الأخبار الكثيرة الدالة على انحصار الطريق في الرؤية ومضي ثلاثين لا غير. ( منه رحمه‌الله ) انظر المنتهى ٢ : ٥٩٢.

(٣) المختلف : ٢٣٥.

(٤) ومن أراد تحقيق المسألة زيادة على ما هنا ورفع الشكوك التي أُوردت على أخبارها فعليه مراجعة حاشيتي على الوافي. ( منه رحمه‌الله ).

٤٢٣

( فإن استمرّ الاشتباه ) ولم تظهر له الشهور قطّ ( أجزأه ) ما فعله عن صوم رمضان.

( وكذا إن صادف ) ووافقه ( أو كان بعده. ولو كان قبله استأنف ) الصوم عن رمضان أداءً أو قضاءً.

بلا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده ، بل عليه الإجماع عن المنتهى وصريح التذكرة (١) ؛ للصحيح (٢) وغيره (٣).

قيل : ويلحق بما ظنّه حكم الشهر في وجوب الكفّارة في إفساد يوم منه ، ووجوب متابعته وإكماله ثلاثين لو لم ير الهلال ، وأحكام العيد بعده من الصلاة والفطرة. ولو لم يظنّ شهراً تخيّر في كلّ سنةٍ شهراً ، مراعياً للمطابقة بين الشهرين (٤).

( ووقت الإمساك ) عن المفطرات ( من طلوع الفجر الثاني ، فيحلّ الأكل والشرب ) مثلاً قبله ( حتى يتبيّن خيطه ) بالكتاب (٥) والسنّة والإجماع.

( والجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال ) بناءً على الأشهر الأظهر من بطلان الصوم بتعمّد البقاء على الجنابة ، ويأتي على القول الآخر جوازه إلى الفجر كالآخرين ، وهو ضعيف كما مرّ (٦).

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٥٩٣ ، التذكرة ١ : ٢٧٢.

(٢) الكافي ٤ : ١٨ / ١ ، الفقيه ٢ : ٧٨ / ٣٤٦ ، التهذيب ٤ : ٣١٠ / ٩٣٥ ، الوسائل ١ : ٢٧٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٧ ح ١.

(٣) المقنعة : ٣٧٩ ، الوسائل ١٠ : ٢٧٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٧ ح ٢.

(٤) قال به الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٧.

(٥) البقرة : ١٨٧.

(٦) في ص : ٢٥١٨.

٤٢٤

( ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية ) على الأظهر الأشهر ، كما في بحث مواقيت الصلاة مفصّلاً قد مرّ.

( ويستحبّ تقديم الصلاة على الإفطار ، إلاّ أن تنازعه نفسه ، أو يكون ) هناك ( من يتوقّع إفطاره ) للمعتبرة المتضمنة للصحيح وغيره (١) ، إلاّ أنّه ليس في شي‌ء منها باستثناء منازعة النفس.

نعم ، رواه في المقنعة مرسلاً ، إلاّ أنّ فيها « غير أنّ ذلك مشروط بأن لا تشتغل بالإفطار قبل الصلاة إلى أن يخرج وقتها » (٢).

وهذا الشرط غير مذكور في العبارة ونحوها.

والظاهر أنّ المراد بالصلاة المأمور بتقديمها في النصّ والفتوى هي : الصلاة الأُولى وحدها محافظةً على وقت فضيلتها ، فيكفي في تأدّي السنّة تقديمها خاصّة.

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ١٤٩ أبواب آداب الصائم ب ٧.

(٢) المقنعة : ٣١٨ ، الوسائل ١٠ : ١٥١ أبواب آداب الصائم ب ٧ ح ٥.

٤٢٥

( وأمّا شروطه فقسمان : )

( الأول شرائط الوجوب )

( وهي ستة ) :

الأول والثاني : ( البلوغ ، وكمال العقل )

( فلو بلغ الصبي ، أو أفاق المجنون ، أو المغمى عليه ، لم يجب على أحدهم لصوم ) مطلقاً ، بلا خلاف إلاّ؟ من الشيخ في الخلاف في الكتاب (١) ، فأوجبه على الصبي إذا بيّت النية وبلغ قبل الزوال.

وهو مع مخالفته لما صرّح به في كتاب الصلاة من الخلاف (٢) نادر ، بل على خلافه الإجماع في صريح السرائر (٣) ؛ وهو الحجّة عليه ، مضافاً إلى الأُصول ، وفحوى النصوص المتضمّنة للسقوط عن الكافر والحائض اللذين هو أعذر منهما ، وهما أقرب منه إلى التكليف إذا زال عذرهما قبل الزوال.

ففي الصحيح المروي في الكتب الثلاثة : عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيّام ، هل عليهم أن يقضوا ما مضى منه ، أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال : « ليس عليهم قضاؤه ولا يومهم الذي أسلموا فيه ، إلاّ أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر » (٤).

وهو حجّة على قوله في المبسوط في الكافر بمقالته هنا من وجوب‌

__________________

(١) أي كتاب الصوم. انظر الخلاف ٢ : ٢٠٣.

(٢) الخلاف ١ : ٣٠٦.

(٣) السرائر ١ : ٤٠٣.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٥ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٨٠ / ٣٥٧ ، التهذيب ٤ : ٢٤٥ / ٧٢٨ بتفاوت الإستبصار ٢ : ١٠٧ / ٣٤٩ ، الوسائل ١٠ : ٣٢٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٢ ح ١.

٤٢٦

الإتمام عليه إذا أسلم قبل الزوال (١).

مع أنّه لا حجّة له في المقامين عدا ما ذكره في المعتبر ولأجله مال إليه من أنّ الصوم ممكن في حقّهما ، لأنّ وقت النية باق (٢).

وهو على تقدير تسليمه لم يتوجّه عذراً للشيخ في الخلاف ؛ لأنّ مقتضاه عدم الفرق بين الصبي والكافر ، مع أنّه فيه فرّق بينهما ، فأسقطه عن الثاني دون الأول ، ومع ذلك فاشترط فيه تبييت النيّة ، والدليل يقتضي عدم السقوط مطلقاً.

ولا له (٣) بعد ورود النصّ الصحيح بخلافه ، فلا يكون إلاّ اجتهاداً صرفاً في مقابلته ، سيّما مع اعتضاده زيادةً على الأُصول بالإجماع المنقول والشهرة العظيمة القريبة من الإجماع ، بل الإجماع ، مع أنّه أفتى بخلافه في الكتاب والشرائع (٤).

وبالجملة : لا شبهة في عدم الوجوب عليهم ( إلاّ ما أدرك ) وا ( فجره كاملاً ) فيجب صومه عليهم إجماعاً.

( و ) الثالث والرابع : ( الصحّة من المرض ) المضرّ ( والإقامة أو حكمها ) ككثرة السفر ، أو المعصية به ، أو الإقامة عشراً ، أو مضيّ ثلاثين متردّداً ، فلا يجب على المريض ، ولا على المسافر الذي يجب عليه تقصير الصلاة ؛ بالكتاب (٥) ، والسنّة ، والإجماع فيهما (٦)

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٨٦.

(٢) المعتبر ٢ : ٧١١.

(٣) عطف على الشيخ. أي : ولا يتوجّه الدليل المذكور وهو إمكان الصوم في حقّهما عذراً للمحقّق في المعتبر.

(٤) الشرائع ١ : ٢٠١.

(٥) البقرة : ١٨٤ ـ ١٨٥.

(٦) أي في الشرطين.

٤٢٧

( ولو زال السبب ) مرضاً كان أو سفراً ( قبل الزوال ، ولم يتناول ) المكلّف شيئاً من المفطرات ، ولم يفعلها ، نوى الصوم و ( أمسك واجباً وأجزأه ) عن رمضان ، فلا يجب عليه القضاء ، بلا خلاف على الظاهر ، المصرّح به في المفاتيح في السببين (١) ، وفي الذخيرة في ثانيهما ، وفيها في الأول عن بعضٍ الأصحاب نقل الإجماع عليه (٢) ؛ وهو الحجّة فيه ، المؤيّدة بعدم الخلاف ، وبه يستدلّ على الحكم في الثاني.

مضافاً إلى ورود النصوص فيه ، منها الموثّق : « إن قدم قبل الزوال فعليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به » (٣).

لكنها معارضة بجملة من المعتبرة ، الناصّة بالتخيير ، منها الصحيح : « إذا دخل أرضاً قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم ، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه ، وإن شاء صام » (٤) ونحوه آخر (٥).

والخبر : « وإن قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم إن شاء » (٦).

لكنّها شاذّة لا عامل بها ، فينبغي طرحها ، أو تنزيلها على أنّ المراد بها ما في الصحيح : عن الرجل يقدم في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنّه سيدخل أهله ضحوةً أو ارتفاع النهار ، فقال : « إذا طلع الفجر وهو خارج‌

__________________

(١) المفاتيح ١ : ٢٤٠.

(٢) الذخيرة : ٥٢٥ ٥٢٦.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٥٥ / ٧٥٤ ، الوسائل ١٠ : ١٩١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٦ ( وفيهما بتفاوت ).

(٤) الكافي ٤ : ١٣١ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٩٢ / ٤١٣ ، التهذيب ٤ : ٢٢٩ / ٦٧٢ بتفاوت ، الإستبصار ٢ : ٩٩ / ٣٢٢ ، الوسائل ١٠ : ١٨٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ١٣٢ / ٦ ، التهذيب ٤ : ٢٥٦ / ٧٥٧ ، الوسائل ١٠ : ١٩٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٣.

(٦) التهذيب ٤ : ٣٢٧ / ١٠٢٠ ، الوسائل ١٠ : ١٩١ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٧.

٤٢٨

ولم يدخل أهله فهو بالخيار إن شاء صام ، وإن شاء أفطر » (١).

أفتى جماعة من غير خلاف (٢).

( ولو كان ) زوال السبب كائناً ما كان ( بعد الزوال ، أو قبله و ) الحال أنّه ( قد تناول ) شيئاً ، أو فعل مفطراً ، لم يجب عليه الصوم و ( أمسك ندباً ، وعليه القضاء ).

بلا خلافٍ في رجحان الإمساك واستحبابه في حقّ المتناول ، وعليه في ظاهر المنتهى والغنية وصريح الخلاف والمدارك الإجماع (٣) ، وبه نصّ حديث الزهري (٤) والفقه الرضوي (٥).

وإنّما اختلفوا في وجوبه في حقّ المسافر إذا لم يتناول ، فعن الشيخ في النهاية الوجوب (٦) ، لكنّ كلامه غير صريحٍ في محلّ البحث ، فيحتمل الاختصاص بقبل الزوال كما صرّح به في المبسوط (٧) ومع ذلك فهو نادر ، بل على خلافه الإجماع في صريح السرائر (٨).

ويردّه مفهوم الموثّق السابق ، مضافاً إلى الأُصول ، وعدم وضوح دليل ولا شاهد على ما يقول ، وهو أوضح شاهد على أنّ المراد بما في النهاية هو ما في المبسوط.

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٣٢ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٣ / ٤١٤ ، التهذيب ٤ : ٢٥٥ / ٧٥٦ ، الوسائل ١٠ : ١٨٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٦ ح ٢.

(٢) منهم صاحب المدارك ٦ : ١٩٩ ، والحدائق ١٣ : ٤٠٠.

(٣) المنتهى ٢ : ٦٠٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٣ ، الخلاف ٢ : ٢٠٢ ، المدارك ٦ : ٢٧٣.

(٤) الكافي ٤ : ٨٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ / ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ / ٨٩٠ ، الوسائل ١٠ : ٣٦٧ أبواب بقية الصوم الواجب ب ١ ح ١.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٠١ ٢٠٣ ، المستدرك ٧ : ٤٨٧ أبواب بقية الصوم الواجب ب ١ ح ١.

(٦) النهاية : ١٦٠.

(٧) المبسوط ١ : ٢٨٣.

(٨) السرائر ١ : ٤٠٤.

٤٢٩

( و ) الخامس والسادس : ( الخلوّ من الحيض والنفاس ) فتفطر الحائض والنفساء وإن حصل العذر قُبيل الغروب ، أو انقطع بُعيَد الفجر ، بالنصّ (١) والإجماع.

( الثاني : شرائط القضاء )

( وهي ثلاثة : البلوغ ، وكمال العقل ، والإسلام )

( فلا يقضي ما فاته لصغرٍ ) مميّزاً كان أم لا ( أو جنون ) مطبقاً أو أدوارياً ، وقد فاته في غير حال إفاقته ( أو إغماءٍ ) استوعب يوم الفوات. أم لا ، بيّت نيّة الصوم ليلاً أم لا ( أو كفرٍ ) أصليٍّ لا مطلقاً.

بلا خلاف في شي‌ء من ذلك ما عدا الإغماء على الظاهر ، المصرّح به في جملة من العبائر (٢) ، بل في المنتهى : أنّه مذهب علمائنا ، بل نفى عنه الخلاف بين العلماء في بعض أقسام الأول والأخير (٣) ؛ وهو الحجّة.

مضافاً إلى الأصل وتبعية القضاء للأداء مفهوماً ، فلا يشمل عموم أو إطلاق ما دلّ على وجوبه بعد تسليم وجوده لنحو المجنون والصبي ؛ لحديث رفع القلم ونحوه (٤) ، الدالّ على عدم وجوب الأداء في حقّهما ، فلا معنى للقضاء.

ولعلّ هذا هو الوجه في استدلال جماعة على الحكم فيهما بحديث رفع القلم (٥) ، وإلاّ فلا وجه له أصلاً ، إذ هو في حال الصباوة والجنون ، فلا ينافي ثبوته بعد ارتفاعهما كما لا يخفى.

وهذا الدليل وإن لم يجر في الكافر ، بناءً على عدم سقوط الأداء في‌

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٢٢٧ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٥.

(٢) انظر المدارك ٦ : ٢٠١ ، ومشارق الشموس : ٣٦٥ ، والحدائق ١٣ : ٢٩٤ و ٢٩٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٦٠٠.

(٤) الخصال : ٩٣ / ٤٠ ، الوسائل ١ : ٤٥ أبواب مقدّمة العبادات ب ٤ ح ١١.

(٥) منهم صاحب المدارك ٦ : ٢٠١ ، والخوانساري في مشارق الشموس : ٣٦٥ ، وصاحب الحدائق ١٣ : ٢٩٤.

٤٣٠

حقّه عندنا ، فيصدق في حقّه القضاء إن ورد في عموم ، لكنّه مخصوص بحديث : « الإسلام يجبّ ما قبله » (١).

مضافاً إلى خصوص جملة من النصوص ، منها زيادةً على الصحيحة المتقدّمة (٢) الصحيح أيضاً : عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ، ما عليه من صيامه؟ قال : « ليس عليه إلاّ ما أسلم فيه » (٣) ونحوه الخبر (٤).

وأمّا ما في آخر : « ليقض ما فاته » (٥) فمع ضعف سنده وشذوذه وعدم مقاومته لمعارضة بوجه ، محتمل للحمل على الاستحباب ، أو على كون الفوت بعد الإسلام.

وأمّا الإغماء فقد اختلف الأصحاب بعد اتّفاقهم على ثبوته (٦) فيه في الجملة. والأظهر ثبوته فيه مطلقاً ؛ لفحوى ما مرّ في الصلاة من عدم وجوب قضائها عليه مطلقاً ، فهنا أولى كما لا يخفى (٧) ، مع عدم قائل بالفرق بينهما كما صرّح به في المختلف (٨).

مضافاً إلى خصوص ما ورد في المقام من النصوص ، وفيها الصحاح‌

__________________

(١) غوالي اللئالئ ٢ : ٢٢٤ / ٣٨ ، مسند أحمد ٤ : ١٩٩.

(٢) في ص : ٢٦٠٥.

(٣) الكافي ٤ : ١٢٥ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤٥ / ٧٢٧ ، الاستبصار ٢ : ١٠٧ / ٣٤٨ بسند آخر ، الوسائل ١٠ : ٣٢٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٢ ح ٢.

(٤) الفقيه ٢ : ٨٠ / ٣٥٦ ، المقنع : ٦٤ ، الوسائل ١٠ : ٣٢٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٢ ح ٣.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٤٦ / ٧٣٠ ، الإستبصار ٢ : ١٠٧ / ٣٥١ ، الوسائل ١٠ : ٣٢٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٢ ح ٥.

(٦) أي الحكم بعدم وجوب القضاء. منه رحمه‌الله.

(٧) فإن الاهتمام بشأن الصلاة أكثر في الشرع. فإذا لم يجب قضاؤها فالصوم أولى ( منه رحمه‌الله ).

(٨) المختلف : ٢٢٨.

٤٣١

وغيرها (١).

وعلى هذا الشيخ في جملةٍ من كتبه والحلّي وابن حمزة (٢) ، وعامّة المتأخّرين على الظاهر المصرّح به في عبائر جماعة (٣).

خلافاً للشيخين ، والقاضي ، والمرتضى ، فيقضي إن لم يبيّت النيّة مطلقاً (٤) ؛ قيل (٥) : لعموم الآية بوجوب القضاء على المرضى ، وخصوص ما مرّ في الصلاة من النصوص الآمرة بقضائها ؛ بناءً على ما مضى من عدم القائل بالفرق بينهما.

ويضعّف الأول : بمنع الصغرى ، ولئن سُلِّنت فالكبرى (٦) ، وسند المنع فيها ما تلوناه (٧).

والثاني : بالمعارضة بالمثل ، بل الأولى ، لوجوهٍ شتّى ، ولذا حُمِلَت على الاستحباب كما ثمّة قد مضى.

وللمحكي في المختلف عن الإسكافي ، فخصّ نفي القضاء بما إذا لم يكن أدخل على نفسه سبب الإغماء وكان لجميع النهار مستغرقاً ، وإلاّ فالقضاء (٨).

ولم أعرف له على التفصيل مستنداً ، إلاّ على وجوب القضاء فيما لو أدخل على نفسه السبب ، فيمكن توجيهه بما مرّ في الصلاة مع الجواب عنه.

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٢٢٦ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٤.

(٢) الشيخ في النهاية : ١٦٥ ، المبسوط ١ : ٢٨٥ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٦٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٥٠.

(٣) منهم صاحب المدارك ٦ : ١٩٤ ، والذخيرة : ٥٢٦.

(٤) المفيد في المقنعة : ٣٥٢ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٩٨ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٩٦ ، المرتضى في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٥٧.

(٥) المختلف : ٢٢٨.

(٦) الصغرى : إن المغمى عليه مريض ، والكبرى : كل مريض يجب عليه القضاء.

(٧) من الأدلّة على عدم وجوب القضاء هنا. ( منه رحمه‌الله ).

(٨) المختلف : ٢٢٨.

٤٣٢

( والمرتدّ ) عم ملّةٍ أو فطرة ( يقضي ما فاته ) بلا خلافٍ فيه بين الأصحاب أجده ، وبه صرّح أيضاً في الذخيرة (١) ؛ للعمومات أو الإطلاقات السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، عدا إطلاق ما مرّ من أنّ الإسلام ما قبله ، والكافر إذا أسلم لا يقضي ما فاته. وهو بحكم التبادر مختصّ بالكافر الأصلي دون مفروض المسألة.

( وكذا كلّ تاركٍ ) للصوم يجب عليه قضاؤه ( عدا الأربعة ) يعني : الصبي والمجنون ، والمغمى عليه ، والكافر ( عامداً ) كان في تركه ( أو ناسياً ) إجماعاً ؛ لما مضى (٢).

( أمّا أحكامه فمسائل ) خمس :

( الاولى : المريض إذا استمرّ به المرض ) الذي أفطر معه في شهر رمضان ( إلى رمضان آخر سقط ) عنه ( القضاء على الأظهر ، وتصدّق ) عمّا فات ( من ) شهر رمضان ( الماضي لكلّ يومٍ بُمدّ ) من طعام ، وهو الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، وفي الروضة عُزي غيره إلى الندرة (٣) ، مشعراً بدعوى الإجماع.

والصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر (٤) ، بل لعلّها متواترة مرويّة في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتبرة ، كالعلل والعيون (٥) وقرب الإسناد (٦) والفقه الرضوي (٧) وتفسير العياشي (٨).

__________________

(١) الذخيرة : ٥٢٦.

(٢) من العمومات. ( منه رحمه‌الله ).

(٣) الروضة : ١٢٠.

(٤) الوسائل ١٠ : ٣٣٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥.

(٥) علل الشرائع : ٢٧١ / ٩ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١١٦ / ١ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٨.

(٦) قرب الإسناد : ٢٣٢ / ٩١٠ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٨ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٩ ، ١٠.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢١١ ، المستدرك ٧ : ٤٥٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٧ ح ١.

(٨) تفسير العياشي ١ : ٧٩ / ١٧٨ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١١.

٤٣٣

ومع ذلك ، كلّها صريحة ، وجملة منها معلّلة ومخالفة لما عليه الجمهور كافّة كما في المنتهى (١).

فيقيّد بها إطلاق قوله سبحانه : ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) ونحوه من إطلاق السنّة ولو كانت مقطوعاً بها متواترة. مع إمكان المناقشة في أصل شمول نحو هذين الإطلاقين لزمان مؤخّر عن السنّة (٢) ؛ لكونها المتبادر منه خاصّة. مع أنّ الإطلاق الثاني وارد لبيان أحكام أُخر غير الوقت ، فيمكن التأمّل في شموله أيضاً من هذا الوجه.

ويُحمَل (٣) ما ظاهره المنافاة لها من الأخبار مع قصور سنده وإضماره ، وعدم وضوح دلالته على التقيّة ؛ لما عرفته.

أو على الاستحباب ، كما هو ظاهر على ما قيل (٤) وصريح الصحيح : « من أفطر شيئاً من رمضان في عذرٍ ثم أدركه رمضان آخر وهو مريض فليتصدّق بمدٍّ لكلّ يوم ، وأمّا أنا فإنّي صمت وتصدّقت » (٥).

وممّا ذكرنا ظهر ضعف القول بوجوب القضاء دون ما مرّ من الكفّارة ، كما عليه العماني والحلّي والحلبي (٦) ، وقوّاه في المنتهى والتحرير (٧).

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٦٠٣.

(٢) أي سنة الفوات. ( منه رحمه‌الله ).

(٣) المفاتيح ١ : ٢٨٩.

(٤) المفاتيح ١ : ٢٨٩.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٥٢ / ٨٤٨ ، الإستبصار ٢ : ١١٢ / ٣٦٧ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٤.

(٦) نقله عن العماني في المختلف : ٢٣٩ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٩٥ ، الحلبي في الكافي : ١٨١.

(٧) المنتهى ٢ : ٦٠٣ ، التحرير : ٨٣.

٤٣٤

والقول بالاحتياط بالجمع بينهما كما عن الإسكافي أيضاً (١) إن أريد بالاحتياط الوجوب ، وإلاّ فلا ضعف فيه ، لرجحانه ، خروجاً عن شبهة الخلاف ، وعملاً بصريح ما مرّ من الصحيح.

ويستفاد منه تعدّي الحكم إلى ما فاته من الصوم بغير المرض ثم حصل له المرض المستمر ، وهو أحد القولين في المسألة (٢). والقول الآخر : عدم التعدّي (٣) ؛ تمسّكاً بعموم الآية إلاّ ما خرج بالدليل وحملاً للعذر في الصحيح على المرض ، كما يشعر به قول : « وهو مريض ».

وفيه نظر ، بل لعلّ الأول أظهر ، سيّما مع التأمّل في العموم كما مرّ.

مضافاً إلى صريح ما رواه الصدوق بسنده عن الفضل بن شاذان ، عن مولانا الرضا عليه‌السلام في العيون والعلل ، وفيه : « إذا مرض الرجل ، أو سافر في شهر رمضان ، فلم يخرج من سفره ، أو لم يُفِق من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر ، وجب الفداء للأول وسقط القضاء ، فإذا أفاق بينهما ، أو أقام ولم يقضه ، وجب عليه القضاء والفداء » (٤).

( ولو برئ ) بينهما ( وكان في عزمه القضاء ) قبل الثاني ( و ) أخّره اعتماداً على سعة الوقت ، فلما ضاق عرض له مانع عنه فـ ( لم يقض ، صام الحاضر وقضى الأول ) إجماعاً ( ولا كفّارة ) على الأشهر كما في الروضة (٥) وغيرها (٦) ، وهو الأقوى.

__________________

(١) نقله عنه في المختلف : ٢٣٩.

(٢) كما يظهر من الخلاف ٢ : ٢٠٦.

(٣) انظر المختلف : ٢٤١.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١١٦ / ١ ، علل الشرائع : ٢٧١ / ٩ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٨ وفيه : أو لم يَقوِ ، بدل : أو لم يُفِق.

(٥) الروضة ٢ : ١٢١.

(٦) كالذخيرة : ٥٢٧.

٤٣٥

للأصل ، مع عدم تقصيره في الفوات ، لسعة الوقت ابتداءً وعروض العذر إضراراً ، ومعه يبعد التكفير جدّاً ، إذ هو لستر الذنب غالباً ، والنادر كالعدم.

وللصحيح : « إن كان برئ ثم تواني قبل أن يدركه الرمضان الآخر صام الذي أدركه ، وتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام على مسكين ، وعليه قضاؤه » الحديث (١).

ونحوه خبران آخران ، مرويّ أحدهما عن تفسير العيّاشي بزيادة التعليل بقوله : « من أجل أنّه ضيّع ذلك الصيام » (٢) وبُدّل التواني بالتهاون في الثاني (٣).

وقريب منها خبر ثالث (٤) ، لعلّه لا يخلو عن قصور في سند ، ونوع إجمال في دلالة ، وتقريبها فيما عداه واضح ؛ لاشتراط التكفير فيها أجمع بالتهاون والتواني ، وشي‌ء منهما لا يصدق فيما نحن فيه.

خلافاً للمحكي عن الصدوقين والعماني ، فأطلقوا التكفير بالتأخير (٥) ، بحيث يشمله وما يأتي ، وهو خيرة جماعةٍ من المتأخّرين (٦) ؛ لإطلاق الأمر‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٩ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥ / ٧٤٣ ، الإستبصار ٢ : ١١٠ / ٣٦١ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١.

(٢) تفسير العياشي ١ : ٧٩ / ١٧٨ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ١١.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٥١ / ٧٤٦ ، الإستبصار ٢ : ١١١ / ٣٦٤ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٦.

(٤) الكافي ٤ : ١٢٠ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٥١ / ٧٤٥ ، الإستبصار ٢ : ١١١ / ٣٦٣ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٦ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٣.

(٥) حكاه عنهم في المختلف : ٢٤٠ ؛ وانظر المقنع : ٦٤.

(٦) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٨ ، وصاحب المدارك ٦ : ٢١٨ والذخيرة : ٥٢٧.

٤٣٦

به في نحو الصحيح : « إن كان صحّ فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعاً وتصدّق عن الأول » (١).

وفيه نظر ؛ لوجوب حمله على ما مرّ ، حَملَ المطلق على المقيّد.

( ولو ترك القضاء تهاوناً ) بأن لم يعزم عليه في ذلك الوقت ، أو عزم فلمّا ضاق الوقت عزم على عدمه ( صام الحاضر وقضى الأول ) قطعاً.

( وكفّر عن كلّ يوم منه بمُدّ ) وجوباً على الأشهر الأقوى ، بل عليه عامّة متأخّري أصحابنا وجملة من قدمائهم أيضاً (٢).

عدا الحلّي ، فلم يوجبه هنا ولا فيما مضى (٣).

وهو مع ندوره الأخبارُ المتقدّمة مع استفاضتها وصحّة جملة منها واشتهارها حجّة على خلافه. والخبر المخالف لها (٤) مع ضعفه سنداً مطروح ، أو مؤوّل بما يؤول إليها جمعاً ، وإن أمكن الجمع بحملها على الاستحباب. إلاّ أنّ الأول أولى ؛ لرجحانها بما مضى ، فينبغي صرف التوجيه إلى هذا.

( الثانية : يقضي عن الميّت ) الذكر ( أكبر أولاده ) الذكر ( ما تركه من صيام ، لمرضٍ وغيره ) من الأعذار الشرعية إذا كان ( ممّا تمكّن من

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٩٥ / ٤٢٩ ، التهذيب ٤ : ٢٥٠ / ٧٤٤ ، الإستبصار ٢ : ١١١ / ٣٦٢ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٢.

(٢) حكاه عن والد الصدوق في المختلف : ٢٤٠ ، الصدوق في المقنع : ٥١٤ وانظر النهاية : ١٥٨.

(٣) السرائر ١ : ٣٩٧.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٥٢ / ٧٤٩ ، الإستبصار ٢ : ١١١ / ٣٦٥ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٧ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٥ ح ٧.

٤٣٧

قضائه ولم يقضه ).

بلا خلاف ظاهر إلاّ من العماني ، فأوجب الصدقة عنه (١) ، وللمرتضى في الانتصار ، فأوجبها إن خلّف مالاً ، وإلاّ فعلى وليّه القضاء (٢).

وادّعى الأول تواتر الأخبار بذلك ، وشذوذ ما عليه الأصحاب قاطبةً عداهما.

ولا ريب في وهن هذه الدعوى بقسميها :

أمّا الثانية : فلما يظهر من تتبّع الفتاوي ، حتى أنّ الشيخ في الخلاف والحلّي في السرائر (٣) ادّعيا الإجماع على القضاء (٤) ، وغزاه في المنتهى إلى علمائنا أيضاً (٥) ، من غير أن يذكر قوله من أحد من علمائنا أصلاً ، مؤذناً بكون خلافه إجماعياً. وكذلك المرتضى في كتابه الذي مضى ، لكن على التفصيل الذي قدّمناه عنه.

وكذلك الأُولى ، فإنّ الأخبار المستفيضة القريبة من التواتر بل لعلّها متواترة مصرّحة بثبوت القضاء (٦) وإن اختلفت في الدلالة على ثبوته ووجوبه في الجملة أو مطلقاً ، ومع ذلك فهي مخالفة لما عليه جمهور العامّة كما صرّح به جماعة (٧).

__________________

(١) كما حكاه عنه في المختلف : ٢٤١.

(٢) الانتصار : ٧٠.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٠٨ ، السرائر ١ : ٣٩٥.

(٤) وكذا الفاضل في المختلف ص : ٣٠٥ في كتاب الحج في صيام بدل الهدي. ( منه رحمه‌الله ).

(٥) المنتهى ٢ : ٦٠٤.

(٦) الوسائل ١٠ : ٣٢٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣.

(٧) منهم الشيخ في الخلاف ٢ : ٢٠٨ ، والعلاّمة في المنتهى ٢ : ٦٠٤.

٤٣٨

ولا معارض لها عدا الصحيح المروي في التهذيبين ، وفيه : « إن صحّ ثم مرض حتى يموت وكان له مال تصدّق عنه ، فإن لم يكن له مال تصدّق عنه وليّه » (١).

لكنّه مرويّ في الكافي والفقيه بمتن مغاير ، وهو قوله : « إن صحّ ثم مات وكان له مال تصدّق عنه مكان كلّ يوم بمدّ ، فإن لم يكن له مال صام عنه وليّه » (٢).

والطريق في الأول وإن ضعف إلاّ أنّه في الثاني موثّق كالصحيح بأبان ، المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه.

وهذا المتن مغاير لما ذكره (٣) وإن وافقه في الجملة ، لكنّها غير كافية.

وكيف كان ، فمثل هذه الرواية يشكل أن يعترض بها ما اشتهر بين الطائفة ، المستند إلى الإجماعات المحكيّة ، وجملة من الأخبار المعتبرة ، الواضحة الدلالة على وجوب القضاء على الوليّ مطلقاً ، من غير تفصيل بين ما إذا كان له مال أم لا.

وتنزيلها عليه وإن أمكن بالخبر المتقدّم المروي في الكتابين الأخيرين ، إلاّ أنّه فرغ التكافؤ المفقود من وجوه شتّى. فطرحه ، أو حمله على اشتباه في المتن ، وأنّه المتن الأول وصحّف ، ثمّ على التقيّة لما عرفته متعيّن.

وأمّا الصحيح : قلت له : رجل مات وعليه صوم ، يصام عنه أو‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٤٨ / ٧٣٥ ، الإستبصار ٢ : ١٠٩ / ٣٥٦ ، الوسائل ١٠ : ٣٣١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٨ بتفاوت.

(٢) الكافي ٤ : ١٢٣ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٨ / ٤٢٩ ، الوسائل ١٠ : ٣٣١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٧.

(٣) من إطلاق التصدّق ( منه رحمه‌الله ).

٤٣٩

يتصدّق؟ قال : « يتصدّق عنه فإنّه أفضل » (١).

فمع عدم ظهور قائل به من التخيير وأفضلية الصدقة ، فمحمول على ما إذا لم يكن له وليّ من الأولاد الذكور ، كما حمل عليه الفاضل في المختلف الرواية السابقة (٢) ، ولكنّه فيها بعيد غايته.

مع أنّ مقتضى هذه الرواية حصول البراءة بالقضاء أيضاً ، فيكون أولى ؛ تَفادياً من طرح ما عليه معظم العلماء ، مع عدم خروج عنها.

واعلم أنّ إطلاق جملة من النصوص المعتبرة والفتوى يقتضي عدم الفرق في القضاء عنه بين ما فات عذراً أو عمداً.

خلافاً لجماعة ، فخصّوه بالأول (٣) ؛ حملاً لها على الغالب من الترك ، وهو ما كان على هذا الوجه.

ولا بأس به ، سيّما مع قوّة احتمال ظهور سياقها في ذلك كما لا يخفى على المتدبّر فيها. ولكن الأحوط القضاء مطلقاً.

( ولو مات في مرضه ) ولم يتمكّن من القضاء ( لا ) يجب أن ( يقضى عنه و ) إن ( استحبّ ).

أمّا الأول : فبالنصّ المستفيض ، المتضمّن للصحاح وغيرها (٤) ، مضافاً إلى الإجماع الظاهر المصرّح به في الخلاف (٥) ، وقريب منه بعض العبائر (٦).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٣٦ / ١١١٩ ، الوافي ١١ : ٣٤٩ / ١١٠١٠.

(٢) المختلف : ٢٤٢.

(٣) كالشيخ في النهاية : ١٥٧ ، والشهيد في الذكرى : ١٣٨ ، والخوانساري في المشارق : ٤٧٩.

(٤) الوسائل ١٠ : ٣٢٩ ، أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣.

(٥) الخلاف ٢ : ١٠٧.

(٦) كما في المنتهى ٢ : ٦٠٣.

٤٤٠