رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٥

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-107-9
الصفحات: ٥٦٤

يحمل على التقية ؛ لإشعار بعضها الموثق (١) به ، ولمعارضتها المعتبرة ، ففي الصحيح : عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال : « لا ، ولا زكاة الفطرة » (٢).

وفي آخر : « لا ينبغي لك أن تعطي زكاتك إلاّ مؤمناً » (٣).

وفي رواية الفضل عن مولانا الرضا عليه‌السلام المروية عن العيون ـ : « ولا يجوز لك دفعها إلاّ إلى أهل الولاية » (٤).

وهذه الروايات وإن احتملت الحمل على الاستحباب كما يومئ إليه الرواية الثانية مع كونه أولى من حمل تلك على التقية ، لمنافاة التفصيل فيها له ؛ والموثقة المشعرة موردها الدفع إلى غير المؤمن على الإطلاق ؛ إلاّ أنّ الأخذ بها أحوط وأولى ، فتأمّل جدّاً.

( ويجوز أن يتولّى المالك إخراجها ) بلا خلاف أجده هنا ، وبه صرّح بعض أصحابنا (٥) وفي المعتبر والمنتهى : أنّه لا خلاف فيه بين العلماء كافة (٦) ؛ وهو الحجّة ، مضافاً إلى ما مرّ في الزكاة المالية (٧).

( وصرفها إلى الإمام عليه‌السلام ) مع وجوده ( أو من نصبه أفضل ، ومع

__________________

(١) لإسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الفطرة أُعطيها غير أهل ولايتي من فقراء جيراني؟ قال : نعم ، الجيران أحق بها لمكان الشهرة ( منه رحمه‌الله ) ، وهو في الكافي ٤ : ١٧٤ / ١٩ ، التهذيب ٤ : ٨٨ / ٢٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٥١ / ١٧٢ ، الوسائل ٩ : ٣٦٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٥٤٧ / ٦ ، التهذيب ٤ : ٥٢ / ١٣٧ ، المقنعة : ٢٤٢ ، الوسائل ٩ : ٢٢١ أبواب المستحقين للزكاة ب ٥ ح ١.

(٣) التهذيب ٤ : ٨٧ / ٢٥٧ ، الإستبصار ٢ : ٥١ / ١٧٠ ، الوسائل ٩ : ٣٥٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٤ ح ٢.

(٤) العيون ٢ : ١٢٠ / ١ ، الوسائل ٩ : ٣٥٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٤ ح ٥.

(٥) مفاتيح الشرائع ١ : ٢٢٢.

(٦) المعتبر ٢ : ٦١٥ ، المنتهى ٥٤٢.

(٧) في ص : ٢٤١٢.

٢٢١

التعذّر فإلى فقهاء الإماميّة ) كما مرّ في الزكاة المالية (١).

وفي الخبر : « الإمام أعلم ، يضعها حيث يشاء » (٢) وفي آخر : لمَن هي؟ قال : « للإمام » (٣).

( ولا ) يجوز أن ( يعطى الفقير الواحد أقلّ من صاع ) وفاقاً للأكثر ، كما في كلام جماعة (٤) ، بل المشهور كما في كلام آخرين (٥) ، بل في المختلف : أنّه قول فقهائنا ، ولم نقف له على مخالف ، فوجب المصير إليه (٦) ، وفي صريح الانتصار وظاهر الغنية دعوى الإجماع عليه (٧) ؛ للمرسل : « لا يعطى أحد أقلّ من رأس » (٨).

والإرسال منجبر بفتوى الأصحاب بحيث لا يوجد لهم مخالف من قدمائهم كما مرّ في المختلف ، بل ولا متأخّريهم ، عدا الفاضلين في المعتبر والتحرير والمنتهى ، والشهيدين في الدروس والمسالك واللمعتين (٩) ،

__________________

(١) في ص : ٢٤١٣.

(٢) التهذيب ٤ : ٨٨ / ٢٦٠ ، الإستبصار ٢ : ٥١ / ١٧٣ ، الوسائل ٩ : ٣٦٠ أبواب زكاة الفطرة ب ١٥ ح ٣ وفي الأخيرين : « الإمام يضعها حيث يشاء ».

(٣) الكافي ٤ : ١٧٤ / ٢٣ ، التهذيب ٩١ / ٢٦٤ ، المقنعة : ٢٦٥ ، الوسائل ٩ : ٣٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ٢.

(٤) كالعلاّمة في المختلف : ٢٠٢ ، والمنتهى ١ : ٥٤٢ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٥.

(٥) منهم : صاحب المدارك ٥ : ٣٥٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢١ ، وصاحب الحدائق ١٢ : ٣١١.

(٦) المختلف : ٢٠٢.

(٧) الانتصار : ٨٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٩ / ٢٦١ ، الإستبصار ٢ : ٥٢ / ١٧٤ ، الوسائل ٩ : ٣٦٢ أبواب زكاة الفطرة ب ١٦ ح ٢.

(٩) المعتبر ٢ : ٦١٦ ، التحرير : ٧٣ ، المنتهى ١ : ٥٤٢ ، الدروس ١ : ٢٥١ ، المسالك ١ : ٦٥ ، الروضة ٢ : ٦١.

٢٢٢

وجماعة من متأخّري المتأخّرين (١).

والأوّلان مع اعترافهما بالشهرة بل وعدم الخلاف وافقا الأصحاب فيه في الشرائع والكتاب والقواعد والمختلف والإرشاد (٢) ، وحكي عن الشهيد الميل إليه في البيان (٣).

ومع ذلك فلا حجّة لهم عدا إطلاقات السنة والكتاب ، ورواية (٤) هي مع ضعف سندها غير واضحة الدلالة إلاّ من حيث العموم أو الإطلاق القابلين كالإطلاقات للتقييد بمستند الأصحاب من النصّ والإجماع ، وهو أولى من حمله على الاستحباب حيثما حصل بينهما التعارض ، كما عرفته في غير باب.

ومع ذلك إطلاق الرواية لا يخلو عن مناقشة بعد قوّة احتمال اختصاصها بما ربما يشعر به ذيلها من كون ذلك مع تعدّد الفطرة.

ومع ذلك محتملة للحمل على التقيّة ؛ لكونها موافقة لمذهب جميع العامة على ما صرّح به جماعة ، ومنهم المرتضى وشيخ الطائفة (٥).

وبالجملة : فما اختاره المتأخّرون ضعيف غايته ( إلاّ أن يجتمع من لا تتّسع لهم ) الفطرة الواحدة ، فيجوز التفريق حينئذٍ على ما صرّح به الشيخ وجماعة ، قالوا : تعميماً للنفع ودفعاً لأذيّة المؤمن (٦).

__________________

(١) كصاحب المدارك ٥ : ٣٥٤ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤٧٧.

(٢) الشرائع ١ : ١٧٦ ، القواعد : ٦١ ، المختلف : ٢٠٢ ، الإرشاد ١ : ٢٩١.

(٣) حكاه عنه في الروضة ٢ : ٦١ ، وهو في البيان : ٣٣٧.

(٤) التهذيب ٤ : ٨٩ / ٢٦٢ ، الإستبصار ٢ : ٥٢ / ١٧٥ ، الوسائل ٩ : ٣٦٢ أبواب زكاة الفطرة ب ١٦ ح ١.

(٥) المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، الشيخ في الاستبصار ٢ : ٥٢ ؛ والمحقق في المعتبر ٢ : ٦١٥ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٥٤٢.

(٦) الشيخ في الاستبصار ٢ : ٥٢ ، وصاحب المدارك ٥ : ٣٥٥ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢١.

٢٢٣

ولا بأس به ، اقتصاراً فيما خالف الأصل والإطلاقات على القدر المتيقن من الفتوى والرواية ، وبه جمع أيضاً شيخ الطائفة بينها وبين الرواية المعارضة (١).

( ويستحب أن يخصّ بها القرابة ، ثم الجيران ) وترجيح أهل الفضل والمعرفة ( مع الاستحقاق ) كما يستفاد من النصوص (٢). والحمد لله سبحانه.

__________________

(١) كما في الاستبصار ٢ : ٥٢.

(٢) الوسائل ٩ : ٣٥٩ أبواب زكاة الفطرة ب ١٥.

٢٢٤

[ كتاب الخمس ]

٢٢٥
٢٢٦

( وهو ) حق مالي يثبت لبني هاشم عوض الزكاة بالكتاب والسنة والإجماع ، قال سبحانه : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ ... ) (١).

وأمّا السنّة فهي متواترة.

وأمّا الإجماع فمن المسلمين كافّة ، وإن اختلفوا فيما يجب فيه بعد اتّفاقهم على أنّه ( يجب في غنائم دار الحرب والكنز ) لصريح الآية والسنة المتواترة في الأوّل ، بناءً على أن الغنيمة فيهما حقيقة في مفروض المسألة قطعاً عرفاً ولغةً ، ويقتضي إرادته سوق الآية جدّاً.

( و ) زاد أصحابنا ، كما في مجمع البيان والبحرين وكنز العرفان (٢) ( المعادن ) معرِبين عن دعوى الإجماع عليه منّا ، كما في صريح الانتصار والغنية والخلاف وغيرها وظاهر المنتهى (٣) ؛ لعموم الغنية هنا لها ، كما يظهر من جماعة ومنهم الطبرسي في الكتاب وصاحب الكنز.

ويظهر منه عمومها لجميع ما في العبارة عند أصحابنا. وإثباته حقيقة لغةً أو عرفاً مشكل ، بل ظاهر الأصحاب وجملة من الروايات العدم ، حيث قوبل فيها وفي كلامهم المعادن ونحوها بالغنيمة ، بحيث يظهر المغايرة بحسب الحقيقة الوضعية ، كما هي ظاهر جماعة من أهل اللغة بل عامّتهم ، والعرف أيضاً ، كما صرّح به بعض الأجلّة (٤) ، وفي الكنز ؛ أنّها مذهب‌

__________________

(١) الأنفال : ٤١.

(٢) مجمع البيان ٢ : ٥٤٤ ، مجمع البحرين ٦ : ١٢٩ ، كنز العرفان ١ : ٢٤٩.

(٣) الانتصار : ٨٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، الخلاف ٢ : ١١٦ ، السرائر ١ : ٤٨٥ ، المنتهى ١ : ٥٤٥.

(٤) انظر الذخيرة : ٤٧٨.

٢٢٧

أصحابنا والشافعي (١).

وحينئذٍ فتعميم الأصحاب الغنيمة للجميع كما فيه لعلّه من جهة النصوص المفسِّرة للغنيمة في الآية بكل فائدة ، وستأتي إليها الإشارة في الأرباح (٢).

هذا ، والصحاح بالحكم فيها مع ذلك مستفيضة (٣) كغيرها من المعتبرة التي كادت تبلغ هي مع السابق التواتر ، بل لعلّها متواترة ، مضافاً إلى الإجماعات المحكية.

فلا إشكال في المسألة ، وإنّما الإشكال في تحقيق المعدن ، فقد اختلفت فيه كلمة أهل اللغة : فبين من خصّصه بمنبت الجوهر من ذهب ونحوه ، كما في القاموس (٤) ؛ ومن عمّمه له ولغيره مما يخرج من الأرض ويخلق فيها من غيرها مما له قيمة ، كما في النهاية الأثيرية (٥).

والأوّل لعلّه المفهوم المتبادر منه عرفاً وعادةً ، فيشكل المصير إلى الثاني مع نوع إجمال فيه ، ومخالفته لبعض الصحاح الجاعل للملاحة مثل المعدن لا نفسه ، لكنه في الفقيه (٦) ، وفي التهذيب جعلت نفسه (٧).

فيتقوّى الثاني ، سيّما مع اعتضاده بالإجماع المحكي في ظاهر التذكرة على أنّ المعادن كلّ ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له‌

__________________

(١) كنز العرفان ١ : ٢٤٩.

(٢) في ص : ٢٤٥٤.

(٣) الوسائل ٩ : ٤٩١ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ٢٤٨.

(٥) النهاية ٣ : ١٩٢.

(٦) الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٢ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٤.

(٧) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٩.

٢٢٨

قيمة ، قال : سواء كان منطبعاً بانفراده كالرصاص والصفر والنحاس والحديد ، أو مع غيره كالزئبق ، أو لم يكن منطبعاً كالياقوت والفيروزج والبَلَخْش (١) والعقيق والبلّور والسبَج (٢) والكحل والزاج والزرنيخ والمَغرَة (٣) والملح ، أو كان مائعاً كالقير والنفط والكبريت (٤). وقريب منه في المنتهى (٥). وجزم الشهيدان باندراج المَغَرة والجصّ والنورة وطين الغسل وحجارة الرحى (٦).

وتوقف فيه جماعة من متأخّري المتأخّرين (٧) ، قالوا : للشك في إطلاق اسم المعدن عليها على سبيل الحقيقة ، وانتفاء ما يدلّ على وجوب الخمس فيها على الخصوص. وهو في محلّه.

لكن ينبغي القطع بوجوب الخمس فيها أجمع بناءً على عموم الغنيمة لكل فائدة ، والكل منها بلا شبهة ، ووجوبه فيها من هذه الجهة غير وجوبه فيها من حيث المعدنيّة.

وتظهر الثمرة في اعتبار مئونة السنة ، فتعتبر على جهة الفائدة ولا على المعدنية ، ولعلّ هذا أحوط.

( و ) زادوا أيضاً ، كما في كتب التفسير المتقدمة ما يخرج من البحر‌

__________________

(١) البَلَخْش : لَعْل ، ضرب من الياقوت. ملحقات لسان العرب : ٦٨.

(٢) السبَح : خَرَز أسود ، دخيل معرّب واصله : سَبَه. لسان العرب ٢ : ٢٩٤.

(٣) المَغرَة : طين أحمر يُصبغ به. لسان العرب ٥ : ١٨١.

(٤) التذكرة ١ : ٢٥١.

(٥) المنتهى ١ : ٥٤٥.

(٦) كما في الدروس ١ : ٢٦٠ ، والمسالك ١ : ٦٦.

(٧) كصاحب المدارك ٥ : ٣٦٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٣ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤٧٨.

٢٢٩

بـ ( الغوص ) وفي صريح الانتصار والغنية وظاهر المنتهى وغيره : الإجماع عليه (١) ؛ لعموم الآية بالتقريب المتقدم إليه الإشارة ، والنصوص المستفيضة.

ففي جملة منها مستفيضة : « الخمس من خمسة أشياء : من الكنوز ، والمعادن ، والغوص ، والمغنم الذي يقاتل عليه » ولم يحفظ الراوي في جملة منها الخامسة (٢) ، وجُعلت في أُخرى الملاحة (٣).

وضعف أسانيدها منجبر بفتوى الطائفة ، والموافقة لعموم الآية ولو في الجملة ، والإجماعات المحكية ، وخصوص أخبار أُخر صحيحة.

منها : المروي في الخصال : « في ما يخرج من المعادن والبحر ، والغنيمة ، والحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه ، والكنوز الخمس » (٤).

وفي اخرى : عن المعتبر وغوص اللؤلؤ ، قال : « عليه الخمس » (٥).

وقصوره عن إفادة التعميم بما مرّ مجبور.

( و ) زادوا أيضاً كما فيها (٦) ( أرباح التجارات ) والزراعات ، والصنائع ، وجميع أنواع الاكتسابات ، وفواضل الأقوات من الغلاّت والزراعات عن مئونة السنة على الاقتصاد.

__________________

(١) الانتصار : ٨٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، المنتهى ١ : ٥٤٧ ؛ وانظر التذكرة ١ : ٢٥٢.

(٢) الوسائل ٩ : ٤٨٩ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ١١ وب ٣ ح ٧.

(٣) الوسائل ٩ : ٤٨٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٤ و ٩.

(٤) الخصال : ٢٩٠ / ٥١ ، الوسائل ٩ : ٤٩٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٦.

(٥) الكافي ١ : ٥٤٨ / ٢٨ ، التهذيب ٤ : ١٢١ / ٣٤٦ ، الوسائل ٩ : ٤٩٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٧ ح ١.

(٦) أي في كتب التفسير المتقدمة في ص : ٢٤٥١.

٢٣٠

وفي الانتصار والغنية والخلاف وظاهر المنتهى وعن التذكرة والشهيد : عليه الإجماع (١). ولعلّه كذلك ؛ لعدم وجود مخالف فيه ظاهر ولا محكي إلاّ العماني والإسكافي ، حيث حكي عنهما القول بالعفو عن هذا النوع (٢) ؛ وفي استفادته من كلامهما المحكي إشكال ، نعم ربما يستفاد منهما التوقف فيه.

ولا وجه له ، لاستفاضة الروايات بل تواترها كما عن التذكرة والمنتهى (٣) بالوجوب ، ولذا لم يتأمّل في أصل الوجوب أحد من المتأخّرين ولا متأخّريهم ، وإنّما تأمّل جملة من متأخّري متأخّريهم (٤) فيما هو ظاهر الأصحاب وجملة من الروايات بل كلّها كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى (٥) من أنّ مصرف خمس هذا النوع مصرف سائر الأخماس.

بل احتملوا قريباً اختصاصه بالإمام عليه‌السلام بدعوى دلالة جملة من الروايات عليه ؛ لدلالة بعضها على تحليلهم عليهم‌السلام هذا النوع من الخمس ، ولو لا اختصاصه بهم عليهم‌السلام لما ساغ لهم ذلك ، لعدم جواز التصرف في مال الغير.

وتضمّن آخر منها إضافته إلى الإمام عليه‌السلام بمثل قول الراوي : حقّك ، أو قوله : لك ، أو قوله عليه‌السلام : لي الخمس ، وأمثال ذلك ، ففي الصحيح‌

__________________

(١) الانتصار : ٨٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، الخلاف ٢ : ١١٧ ، المنتهى : ٥٤٨ ، التذكرة ١ : ٢٥٣ ، الشهيد في البيان : ٣٤٨.

(٢) حكاه عنهما في المنتهى ١ : ٥٤٨ ، والبيان : ٣٤٨.

(٣) التذكرة ١ : ٢٥٣ ، المنتهى ١ : ٥٤٨.

(٤) كصاحب المدارك ٥ : ٣٨٤ ، والسبزواري في الكفاية : ٤٣ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٥.

(٥) في ص : ٢٤٥٨.

٢٣١

قلت له : أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقك ، فأعلمت مواليك ذلك ، فقال لي بعضهم : وأيّ شي‌ء حقّه؟ فلم أدر ما أُجيبه ، فقال : « يجب عليهم الخمس » فقلت في أيّ شي‌ء؟ فقال : « في أمتعتهم وضياعهم » قال : « والتاجر والصانع بيده ، وذلك إذا أمكنهم بعد مؤونتهم » (١).

وتصريح جملة منها بأنّه لهم خاصّةً ، ففي الخبر : « على كلّ امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها‌السلام ، ولمن يلي أمرها من بعدها من ورثتها الحجج على الناس ، فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا ، وحرم عليهم الصدقة ، حتى الخياط يخيط قميصاً بخمسة دوانيق فلنا منه دانَق ، إلاّ من أحللناه لتطيب لهم به الولادة » (٢).

وفي الجميع نظر.

أمّا الأوّل : فبعد المعارضة والنقض جملة من الأخبار المحلّلة للخمس بقول مطلق (٣) بحث يشمل هذا النوع وغيره ، بل جملة منها صريحة في الثاني ، وهم لا يقولون بالاختصاص فيه ، فما هو الجواب عنها فهو الجواب عما نحن فيه منع عدم جواز تصرّفهم عليهم‌السلام في مال الغير مطلقاً ، كيف لا؟! وهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم فما ظنّك بأموالهم.

مع أنّ الذي يظهر من بعض الأخبار أنّ لهم تحليل سهام باقي الفرق الثلاث.

منها زيادةً على ما سبق إليه قريباً الإشارة الصحيح : كنت عند أبي‌

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٣ ، الإستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨٢ ، الوسائل ٩ : ٥٠٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٣.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٢ / ٣٤٨ ، الإستبصار ٢ : ٥٥ / ١٨٠ ، الوسائل ٩ : ٥٠٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٨.

(٣) الوسائل ٩ : ٥٤٣ أبواب الأنفال ب ٤.

٢٣٢

جعفر عليه‌السلام إذ دخل عليه صالح بن محمّد بن سهل ، وكان يتولّى له الوقف بقم ، فقال : يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ ، فقال : « أنت في حلّ » فلما خرج صالح قال عليه‌السلام : « أحدهم يَثِب على أموال آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتاماهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذها ، ثم يجي‌ء فيقول : اجعلني في حلّ ، أتراه ظنّ أنّي أقول : لا أفعل ، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً » (١).

وأمّا عن الثاني : فبأنّ المقصود بمثل قوله : حقّك ، حقّ ينبغي أن يصل إليه وله ولاية التصرف فيه يضعه حيث شاء ، ألا ترى إلى عدوله عن قوله « حقي الخمس » إلى قوله : « يجب عليهم الخمس ».

ولعلّ وجه الحصر في الأمتعة والضياع والكسب علمه بأنّ الجماعة المخصوصين من مواليه المأمورين بإخراج الحق لم يكونوا مغتنمين غنيمة من دار الحرب ، ولا عاثرين على كنز ولا معدن ، بل الغالب فيما عندهم مما يتعلّق الخمس فيه هذا النوع خاصة.

ويعضد ما ذكرنا من أنّ المراد بالإضافة ذلك استفاضة النصوص بتفسير الغنيمة في الآية الكريمة بهذا النوع خاصة ، أو ما يعمّه وغيره ، ففي الصحيح الطويل : « فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عام ، قال الله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ ) » وساق الآية ، إلى أن قال : « والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء ، والفائدة يفيدها ، والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ، ومثل عدوّ يُصطلم فيؤخذ‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٤٨ / ٢٧ ، التهذيب ٤ : ١٤٠ / ٣٩٧ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ / ١٩٧ ، المقنعة : ٢٨٥ ، الوسائل ٩ : ٥٣٧ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٣ ح ١.

٢٣٣

ماله » (١) الحديث.

وفي الرضوي بعد ذكر الآية : « وكلّ ما أفاده الناس غنيمة ، لا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص » إلى ان قال : « وربح التجارة وغلّة الضيعة وسائر الفوائد من المكاسب والصناعات والموارث وغيرها ، لأنّ الجميع غنيمة وفائدة » (٢).

وفي الخبر : عن الآية ، فقال : « هي والله الإفادة يوماً بيوم ، إلاّ أنّ أبي جعل شيعته في حلّ ليزكوا » (٣).

وفي الموثق : عن الخمس فقال : « في كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير » (٤).

وحيث دخلت في الغنيمة ثبت خمسها لجميع الأصناف المذكورة في الآية والسنة المتواترة ، فإنّ ظاهرها بل صريحها إفادة التشريك في الاستحقاق في خمس كلّ غنيمة. وتخصيصها بما عدا الأرباح للنصوص المتقدمة مع بُعده في الغاية ليس بأولى من صرف النصوص المزبورة عن ظواهرها بما ذكرنا ، بل هو أولى ، لاعتضاده بفتوى الأصحاب قاطبةً ، كما اعترف به من هؤلاء جماعة ، أو متأخريهم خاصّة كما في الذخيرة (٥).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٤١ / ٣٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ / ١٩٨ ، الوسائل ٩ : ٥٠١ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٥.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٩٣ ، مستدرك الوسائل ٧ : ٢٨٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٦ ح ١.

(٣) الكافي ١ : ٥٤٤ / ١٠ ، التهذيب ٤ : ١٢١ / ٣٤٤ ، الإستبصار ٢ : ٥٤ / ١٧٩ ، الوسائل ٩ : ٥٤٦ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ٤ ح ٨.

(٤) الكافي ١ : ٥٤٥ / ١١ ، الوسائل ٩ : ٥٠٣ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٦.

(٥) الذخيرة : ٤٨١.

٢٣٤

مضافاً إلى اعتضاده بأمر آخر وهو دلالة جملة من النصوص وكلمة الأصحاب على أنّ الخمس إنّما شرّع للسادة عوض الزكاة إكراماً وصيانةً لهم عن الأوساخ (١) ، ومن الواضح البيّن أنّ خمس ما عدا الأرباح قليلة التحقق في غالب الأزمان ، وإنّما الغالب حصوله إنّما هو منها ، فلو خصّ بالإمام عليه‌السلام لم يحصل لباقي السادة تلك الكرامة ، ولبقوا في مضيق العسر والشدة.

وهذا أوضح شاهد وأبين قرينة على أنّ ما ورد بإباحتهم الخمس بقول مطلق أو هذا النوع منه للشيعة ليس باقياً على ظاهره ، من كونها على العموم والكلية إلى يوم القيامة ، بل ينبغي صرف التأويل إليه ، بحمله على ما يختصّ بهم عليهم‌السلام أو ما يعمّه وغيره لكن في زمانهم خاصّة ، ولهذا شواهد من روايات المسألة.

ومن هنا يظهر الجواب عن الثالث ، مع ضعف سند جملة ، ومتروكية متن الرواية المتقدمة منه لو أُريد منها الحصر الحقيقي ، كيف لا؟! وظاهرها الاختصاص بسيّدة النساء فاطمة عليها أفضل الصلاة والسلام والحجج من ذريتها ، وهو شي‌ء لا يقول به أحد من المسلمين.

ومع ذلك فقد تضمّنت الغنيمة مع الاكتساب ، وهؤلاء لم يقولوا باختصاصها بهم عليهم‌السلام ، وحينئذٍ فيجب جعل الحصر إضافياً وجعل ذكرهم عليهم‌السلام دون غيرهم تغليباً. وفي قوله عليه‌السلام : « يضعونه حيث شاؤوا » وكذا قوله : « وحرّم عليهم الصدقة » إشعار تامّ بذلك ، كما لا يخفى.

وبالجملة : لا ريب للأحقر في أنّ مصرف هذا الخمس مصرف سائر الأخماس ، وأمّا إباحتهم عليهم‌السلام إياه للشيعة فسيأتي الكلام فيه إنّ شاء الله‌

__________________

(١) الوسائل ٩ : ٢٦٩ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٩ ح ٢ ، ٧ ؛ وص ٥٠٩ أبواب قسمة الخمس ب ١.

٢٣٥

تعالى (١).

( و ) زادوا أيضاً كما في الكتابين الأخيرين (٢) ( أرض الذمّي إذا اشتراها من مسلم ) وعزاه في المنتهى أيضاً إلى علمائنا ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه ، كما في الغنية (٣). فلا إشكال فيه ، وإن لم يذكره من القدماء كثير ؛ للصحيح : « أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضاً فإنّ عليه الخمس » (٤).

وإنّما الإشكال في مصرفه ، وظاهر الأصحاب أنّه كسائر الأخماس.

خلافاً لجماعة من متأخّري المتأخّرين (٥) ، فاحتملوا أن يكون المراد من الحديث تضعيف العُشر على الذميّ إذا كانت الأرض عُشرية ، كما ذهب إليه بعض العامة (٦) ، لا أخذ الخمس منه للذرية.

وهو بعيد ، مع عدم مصير أحد من الإمامية إليه ، فإنّهم بين قائل بوجوب الخمس بالمعنى المصطلح فيها ، وبين عدم ذاكر له أصلاً أو نافٍ له كذلك ، وهو شيخنا الشهيد الثاني في فوائد القواعد ، عملاً بالأصل ، وتضعيفاً للرواية. وأمّا القول بوجوب الخمس بالمعنى المحتمل فلم نعرف قائله من الطائفة.

فهو ضعيف في الغاية ، كدعوى ضعف الرواية ، أو كونها موثقة كما‌

__________________

(١) انظر ص ٢٤٨٧.

(٢) كنز العرفان ١ : ٢٤٩ ، مجمع البحرين ٦ : ١٢٩.

(٣) المنتهى ١ : ٥٤٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٢ / ٨١ ، التهذيب ٤ : ١٢٣ / ٣٥٥ ، الوسائل ٩ : ٥٠٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٩ ح ١.

(٥) كصاحب المدارك ٥ : ٣٨٦ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٢٢٦ ، وصاحب الذخيرة : ٤٨٤.

(٦) كابن قدامة في المغني ٢ : ٥٩٠.

٢٣٦

في المختلف والروضة (١) ، فإنّ سندها على ما وجدناه في أعلى درجات الصحة ، وبه صرّح جماعة (٢).

ولا فرق في إطلاق الرواية والعبارة ونحوها من عبائر الجماعة بين أرض السكنى والزراعة ، وحكي التصريح به عن شيخنا الشهيد الثاني ، قال : سواء كانت بياضاً أو مشغولة بغرس أو بناء (٣) ، لكن عن الماتن في المعتبر : أنّ الظاهر أنّ مراد الأصحاب الثانية خاصة (٤) ، واستجوده بعض متأخّري المتأخّرين ، قال : لأنّه المتبادر (٥).

( و ) زادوا أيضاً كما فيهما (٦) وجوبه ( في الحلال إذا اختلط بالحرام ولم يتميز ) أحدهما عن الآخر لا قدراً ولا صاحباً ، وفي الغنية الإجماع عليه (٧) ؛ وهو الحجة ، مضافاً إلى ما مرّ في الغوص من الصحيحة الصريحة (٨). وقريب منها نصوص أُخر مستفيضة.

منها الموثق : عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل؟ قال : « لا ، إلاّ أن لا يقدر » إلى أن قال : « فإن فعل فصار في يده شي‌ء فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم‌السلام » (٩).

__________________

(١) المختلف : ٢٠٣ ، الروضة ٢ : ٧٣.

(٢) منهم : الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٤ : ٣١٩ ، وصاحب المدارك ٥ : ٣٨٦ والحدائق ١٢ : ٣٥٩.

(٣) المسالك ١ : ٦٧.

(٤) المعتبر ٢ : ٦٢٤.

(٥) المدارك ٥ : ٣٨٦.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٤٩ ، مجمع البحرين ٦ : ١٢٩.

(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٨) في ص : ٢٤٥٣.

(٩) التهذيب ٦ : ٣٣٠ / ٩١٥ ، الوسائل ٩ : ٥٠٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٢.

٢٣٧

والقوي : « تصدّق بخمس مالك ، فإنّ الله تعالى رضي من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك حلال » (١) ونحوه الخبر مبدّلاً فيه لفظ تصدّق بإخراج الخمس (٢).

والمرسل : « ايتني بخمسه » فأتاه بخمسه ، فقال : « هو لك حلال ، إنّ الرجل إذا تاب تاب ماله معه » (٣).

وقصور السند أو ضعفه بالعمل منجبر ، وكذا ضعف الدلالة أو قصورها إن سلّم ، وإلاّ فهي ظاهرة بعد الضمّ إلى الصحيحة الصريحة ، فإنّ أخبارهم عليهم‌السلام ، بعضها يكشف عن بعض.

مع ظهور لفظ الخمس فيها أجمع في المعنى المصطلح ، سيّما المتضمن منها للتعليل بأنّه تعالى رضي من الأموال .. إلى آخره ، إذ لا خمس رضي به منها سبحانه إلاّ ما يكون مصرفه الذرية ، وقريب منها المرسلة المتضمنة للأمر بإتيان المال إليه عليه‌السلام ثم ردّه عليه ، الظاهرَين في كونه له عليه‌السلام ، فتدبّر.

هذا ، مع أنّ لفظ الخمس فيها سبيله سبيل لفظه الوارد في نصوص باقي الأخماس ، فكأنّه صار يومئذٍ حقيقة شرعية فيما هو المصطلح بيننا.

ولا ينافيه لفظ التصدّق في القوي ؛ لشيوع استعماله في التخميس كما ورد في الصحيح (٤) ، مع احتمال أن يراد به مطلق الإخراج كما عبّر به‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٥ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١١٧ / ٤٩٩ ، التهذيب ٦ : ٣٦٨ / ١٠٦٥ ، المحاسن : ٣٢ / ٥٩ ، الوسائل ٩ : ٥٠٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٤.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٤ / ٣٥٨ ، الوسائل ٩ : ٥٠٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ١.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢ / ٨٣ ، الوسائل ٩ : ٥٠٦ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١٠ ح ٣.

(٤) التهذيب ٤ : ١٤١ / ٣٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٦٠ / ١٩٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٥.

٢٣٨

وبمعناه فيما بعده ، ومع ذلك فصرفه إلى الذرية أحوط ، كما صرّح به جماعة (١) ، بناءً على اختصاص الصدقة المحرّمة عليهم بالزكاة المفروضة.

ومما ذكرنا ظهر ضعف القول بعدم وجوب الخمس فيه أصلاً ، كما ربما يُعزى إلى جماعة من القدماء ، حيث لم يذكروا هذا القسم أصلاً (٢).

وإن علم الحرام قدراً وصاحباً فالأمر واضح.

وإن علم الأوّل دون الثاني قيل : يتصدّق به عن المالك مطلقاً ولو زاد عن الخمس (٣) ، وعن التذكرة وجماعة فيه إخراج الخمس ثم التصدق بالزائد (٤) ؛ ووجهه غير واضح.

وإن انعكس صولح المالك بما يرضى ما لم يطلب زائداً عمّا يحصل به يقين البراءة ، مع احتمال الاكتفاء بدفع ما يتيقّن انتفاؤه عنه ، إلاّ أنّ الأوّل أحوط وأولى.

وقيل : يدفع إليه الخمس لو أبى عن الصلح ، لأنّ الله تعالى جعله مطهّراً للمال (٥). ولا يخلو عن إشكال.

وحيثما خمّس أو تصدّق به عن المالك ثم ظهر فإن رضي بما فعل ، وإلاّ ففي الضمان وعدمه وجهان بل قولان ، أحوطهما الأوّل ، وإن كان الثاني أوفق بالأصل.

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٦٧ ، وصاحب المدارك ٥ : ٣٨٩. والحدائق ١٢ : ٣٦٨.

(٢) نقله عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد في المختلف : ٢٠٣.

(٣) المدارك ٥ : ٣٨٩.

(٤) التذكرة ١ : ٢٥٣ ، السمالك ١ : ٦٧ ، مفاتيح الشرائع ١ : ٦٧ ، مفاتيح الشرائع ١ : ٢٢٧ ، الحدائق ١٢ : ٣٦٥.

(٥) قال به في التذكرة ١ : ٢٥٣.

٢٣٩

( و ) اعلم : أنّه ( لا يجب ) الخمس ( في الكنز تبلغ ) عينه أو ( قيمته ) ما يجب في مثله الزكاة من مأتي درهم أو ( عشرين ديناراً ) بإجماعنا الظاهر المنقول في كلام جماعة مستفيضاً (١) ؛ للصحيح : عمّا يجب فيه الخمس من الكنز ، فقال : « ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس » (٢).

ونحوه المرسل (٣) ، بل أصرح ، لتضمّنه السؤال عن المقدار لا ما المحتمل لإرادة النوع وإن بَعُد ، لاتّفاق الأصحاب على فهم المقدار منه لا النوع ، مع تصريح بعضهم (٤) بوجوب الخمس في الكنز بأنواعه من الذهب والفضة والرصاص والصفر والنحاس والأواني ، وظاهر المنتهى عدم خلاف بيننا (٥) ، ويعضده إطلاق النصوص والفتاوى.

وإنّما عبّرنا عن النصاب بما ذكرنا وفاقاً للسرائر والخلاف والمنتهى والشهيدين في البيان والروضة وغيرهما (٦) ، تبعاً لظاهر الخبرين الذين مضياً ، مع احتمال فهم الإجماع عليه من الخلاف والمنتهى.

خلافاً لنحو العبارة فالعشرين ديناراً خاصة ؛ وحجّته غير واضحة إن أُريد الحصر ، ولا خلاف إن أُريد المثل كما هو الظاهر ، واحتمله جمع (٧).

وفي المنتهى : أنّ المعتبر النصاب الأوّل ، فما زاد عليه يجب فيه‌

__________________

(١) منهم : الشيخ في الخلاف ٢ : ١١٩ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩ ، والعلاّمة في المنتهى ١ : ٥٤٩ ، والتذكرة ١ : ٢٥٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١ / ٧٥ ، الوسائل ٩ : ٤٩٥ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٥ ح ٢.

(٣) المقنعة : ٢٨٣ ، الوسائل ٩ : ٤٩٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٥ ح ٦.

(٤) كالعلاّمة في التحرير ١ : ٧٣ ، والمنتهى ١ : ٥٤٥.

(٥) المنتهى ١ : ٥٤٧.

(٦) السرائر ١ : ٤٨٥ ، الخلاف ١ : ١١٦ ، المنتهى ١ : ٥٤٩ ، البيان : ٣٤٥ ، الروضة ٢ : ٧٠ ؛ وانظر المسالك ١ : ٦٦.

(٧) كالمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤٧٩ ، وصاحب الحدائق ١٢ : ٣٣٢.

٢٤٠