رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

في الكثير منه سواه.

ويدل عليه في القليل منه بعده : فحوى ما دلّ على انفعال قليل المطلق ، وخصوص الخبر : عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة ، قال : « يهراق مرقها » (١).

وفي آخر : عن قطرة نبيذ أو خمر مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير ، قال : « يهراق المرق » الحديث (٢).

( وكلّ ما يمازج ) الماء ( المطلق ولم يسلبه الإطلاق ) عرفاً ( لا يخرجه عن إفادة التطهير ) مطلقاً ( وإن غيّر أحد أوصافه ) خالفه الممازج فيها إجماعا ، أو وافقه مطلقا على أظهر الأقوال ؛ لدوران الأحكام مع الاسم. أو مع أكثرية المطلق أو مساواته لكونهما المناط في الحكم دون الاسم فيجوز التطهير معهما مطلقاً ـ على قول ـ (٣) لأصالة الإباحة. وهي مع عدم صدق الاسم ممنوعة. وفيه قول آخر (٤).

وهل الممازجة المذكورة على فاقد الماء المتمكن من تحصيله بها واجبة أم لا؟

قولان ، أظهرهما الأول لإطلاق ما دلّ على لزوم الطهارة الاختيارية ، فلا يتقيد بوجود الماء وعدمه ، فتكون حينئذ مقدمة الوجود ، ولا ريب في وجوبها ولو شرطاً.

وما دلّ على جواز التيمم مع فقد الماء من الآية والسنّة شموله لمثل المقام محل نظر. ولعلّه لتوهم الشمول وظن كون التحصيل شرطاً للوجوب قيل‏

__________________

١ ـ الاستبصار ١ : ٢٥ / ٦٢ ، الوسائل ١ : ٢٠٦ أبواب الماء المضاف ب ٥ ح ٣.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢٠ ، الوسائل ٣ : ٤٧٠ أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٨.

٣ ـ قال به الشيخ في المبسوط ١ : ٨.

٤ ـ وهو عدم جواز استعمال الممزوج في صورة المساواة. قال به ابن البراج في المهذب ١ : ٢٤.

٦١

بالعدم (١). وهو ضعيف.

ويؤيد المختار المبالغة في تحصيل الماء ولو بالثمن الغالي في الأخبار (٢).

( وما يرفع به الحدث الأصغر طاهر ومطهّر ) مطلقاً من الحدث والخبث ، فضلةً وغسالةً ، بإجماعنا ، والأصول ، والعمومات ، مع خصوص بعض المعتبرة.

ففي الخبر : « أمّا الماء الذي يتوضأ به الرجل فيغسل به وجهه ويده في شيء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره ويتوضأ به » (٣).

وفي آخر : « كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا توضّأ اخذ ما يسقط من وضوئه فيتوضّؤون به » (٤).

ويستفاد من الأول من جهة العموم نفي الكراهة مطلقاً ، فما نقل عن المفيد ـ من القول باستحباب التنزه عنه (٥) ـ لا وجه له.

( وما يرفع به الحدث الأكبر ) مع خلوه عن النجاسة ( طاهر ) إجماعاً ؛ لأكثر ما تقدم ، والأخبار به مستفيضة ، منها الصحيح : « عن الجنب يغتسل فينتضح من الأرض في الإناء ، فقال : لا بأس ، هذا ممّا قال اللّه تعالى ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) » (٦) (٧).

__________________

١ ـ انظر المبسوط ١ : ٩ ، وإيضاح الفوائد ١ : ١٨.

٢ ـ انظر الوسائل ٣ : ٣٨٩ أبواب التيمم ب ٢٦.

٣ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٠ ، الاستبصار ١ : ٢٧ / ٧١ ، الوسائل ١ : ٢١٠ ابواب الماء المضاف ب ٨ ح ٢.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٠ / ذ ح ١٧ ، التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣١ ، الوسائل ١ : ٢٠٩ أبواب الماء المضاف ب ٨ ح ١.

٥ ـ نقله عنه في الذكرى : ١٢.

٦ ـ الحج : ٧٨.

٧ ـ التهذيب ١ : ٨٦ / ٢٢٥ ، الوسائل ١ : ٢١١ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١.

٦٢

ومطهّر عن الخبث أيضاً بلا خلاف ، كما عن السرائر والمعتبر والتذكرة والمختلف ونهاية الإحكام (١) ؛ لنصّهم على حصر الخلاف فيما سيأتي ، بل وعن المنتهى وولده (٢) الإجماع عليه.

وتوهّم وجود الخلاف هنا أيضا عن الذكرى (٣) مدفوع بعدم التصريح بكون المانع هنا منّا ، فلعلّه من العامة ، ولا بعد فيه ، كما اتفق له في بحث وجوب الوضوء لغيره ، حيث نسب القول بالوجوب النفسي إلى القيل (٤) ، مع عدم وجود القائل به منّا ، وتصريحه في قواعده بكونه من العامة العمياء (٥).

وكيف كان فلا شبهة فيه لما تقدّم ، وفقد ما يدل على المنع ، واختصاص ما دلّ على المنع من رفع الحدث به ـ على تقدير تسليمه ـ بمورده مع عدم دليل على التعدّي.

( وفي جواز رفع الحدث به ثانياً قولان )

مختار الصدوقين والشيخين (٦) ( و ) هو ( المروي ) في بعض المعتبرة ( المنع ) منه.

ففي الصحيح : عن ماء الحمّام ، فقال : « ادخله بإزار ، ولا تغتسل من ماء آخر ، إلّا أن يكون فيه جنب أو يكثر فيه أهله فلا تدري فيهم جنب أم لا » (٧).

__________________

١ ـ السرائر ١ : ٦٩ ، المعتبر ١ : ٨٦ ، التذكرة ١ : ٥ ، المختلف : ١٢ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٤١.

٢ ـ المنتهي ١ : ٢٢ ، إيضاح الفوائد ١ : ١٩.

٣ ـ الذكرى : ١٢.

٤ ـ كما في الذكرى : ٢٣.

٥ ـ القواعد والفوائد ٢ : ٦٥.

٦ ـ نقله عن والد الصدوق في المختلف : ١٢ ، والصدوق في الفقيه ١ : ١٠ / والمفيد في المقنعة : ٦٤ ، والطوسي في المبسوط ١ : ١١.

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٥ ، الوسائل ١ : ١٤٩ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٥.

٦٣

وفي القاصر سنداً (١) : « الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضّأ [ منه‏‏ ] وأشباهه » (٢).

وفي مثله (٣) : عن الحمّام فقال : « ادخله بمئزر ، وغضّ بصرك ، ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمّام ، فإنّه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم » (٤).

والأوّل مع عدم صراحته في الأمر بالتنزه لكون الاستثناء عن النهي عن الاغتسال بماء آخر في صورتي المستثنى أعم من الأمر بالاغتسال به فيهما ، للاكتفاء في رفع النهي بالإباحة.

ظاهر في مساواتهما في الحكم بالتنزه عن المستعمل فيهما ، ولا قائل بذلك ، ولعل في ذلك إشعاراً بالكراهة.

والأخيران مع قصورهما سنداً ؛ ولا جابر لهما في المقام وإن نقل في الخلاف اشتهار القول بالمنع (٥) ، لعدم معارضة الشهرة المنقولة للشهرة المتأخرة المتحققة.

غير صريحي الدلالة ، لاحتمال كون النهي عن ذلك لغلبة احتمال وجود النجاسة في المغتسل من الجنابة ، ولا بعد فيه.

والشاهد عليه أنه تضمنت الأخبار المشتملة على بيان كيفية غسل الجنابة

__________________

١ ـ بأحمد بن هلال ، فقد روي فيه : ذموم ونسب إليه الغلو ، راجع رجال النجاشي : ٨٣ / ١٩٩ ، ورجال الشيخ : ٤١٠ ، والفهرست : ٣٦ ، والتهذيب ٩ : ٢٠٤ ، والاسبتصار ٣ : ٢٨.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٠ ، الاسبتصار ١ : ٢٧ / ٧١ ، الوسائل ١ : ٢١٥ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٣. بدل ما بين المعقوفين في النسخ « به » ، وما أثبتناه من المصادر.

٣ ـ لجهالة رواية ، وهو حمزة بن أحمد. راجع معجم الرجال ٦ : ٢٦٤.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٧٣ / ١١٤٣ ، الوسائل ١ : ٢١٨ أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ١.

٥ ـ الخلاف ١ : ١٧٢.

٦٤

الأمر بغسل الفرج ، ففي الصحيح : عن غسل الجنابة ، فقال : « تبدأ فتغسل كفيك ثمَّ تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك » الحديث (١). والمعتبرة في معناه مستفيضة.

وهو احتمال راجح ، فيندفع به الاستدلال.

ومع جميع ذلك فهي معارضة باستصحاب بقاء المطهرية ، والعمومات الآمرة باستعمال الماء والناهية عن التيمم مع التمكن منه ، ومحض الاستعمال لا يخرجه عن الإطلاق.

فاندفع بذلك الاحتياط المستدل به هنا على المنع على تقدير وجوبه في العبادات ، وإلّا فهو ساقط من أصله.

فإذاً القول بالجواز أظهر ، كما هو بين المتأخرين أشهر.

ويدل عليه أيضا الصحيح : الحمّام يغتسل فيه الجنب وغيره أغتسل من مائه؟ قال : « نعم لا بأس أن يغتسل [ منه‏‏ ] الجنب » (٢).

وترك الاستفصال عن انفصال الماء المسؤول عنه عن المادة وعدمه وعن كونه فضالة أو غسالة دالّ على العموم.

وفي آخر : « فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله ، فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه ، فإنّ ذلك يجزيه » (٣).

واعترف الشيخ بدلالته على الجواز إلّا أنه حمله على الضرورة ، وقوفاً

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٧٢ ، الوسائل ١ : ٢١١ ، ابواب الماء المضاف ب ٩ ح ٣ / وما بين المعقوفين أضفناه من المصدرين.

٣ ـ التهذيب ١ : ٤١٦ / ١٣١٥ ، الاستبصار ١ : ٢٨ / ٧٣ ، قرب الإسناد : ١٨١ / ٦٦٧ الوسائل ١ : ٢١٦ أبواب الماء المضاف ب ١٠ ح ١.

٦٥

على ظاهره (١).

وأصرح منه الصحيح الآخر : عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء ويستقى فيه من بئر ، فيستنجي فيه الإنسان من بوله ، أو يغتسل فيه الجنب ، ما حدّه الذي لا يجوز؟ فكتب : « لا تتوضأ من مثل هذا إلّا من ضرورة إليه » (٢).

وترك الاستفصال عن الكثرة وعدمها دليل العموم. وظنّي أن التجويز في حال الضرورة هنا أمارة الكراهة في غيرها ، ولا ريب أن الترك مهما أمكن أحوط.

وينبغي القطع بعدم المنع فيما ينتضح من الغسالة في الأثناء فيه ، كما يفهم من بعض المانعين للصحيح : الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء ، فقال : « لا بأس ، ما جعل عليكم في الدين من حرج » (٣).

وكذلك الفضالة ؛ للصحيح في اغتسال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع عائشة في إناء (٤) فتأمل.

وكذلك الكثير للصحيح المتقدم في الغدير المجتمع فيه ماء السماء.

والصحيح الآخر : عن الحياض التي ما بين مكة إلى المدينة ، تردها السباع وتلغ فيها الكلاب وتشرب منه الحمير ويغتسل فيها الجنب ، يتوضأ منها؟ فقال : « وكم قدر الماء؟ » قلت : إلى نصف الساق ، وإلى الركبة ، وأقلّ. قال :

__________________

١ ـ الاستبصار ١ : ٢٨.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤١٨ / ١٣١٩ ، الاستبصار ١ : ٩ / ١١ ، الوسائل ١ : ١٦٣ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١٥.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٨٦ / ٢٢٤ (بتفاوت يسير ) ، الوسائل ١ : ٢١٢ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٠ / ٢ ، الهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٣ ، الاستبصار ١ : ١٧ / ٣١ الوسائل ١ : ٢٣٤ أبواب الآسآر ب ٧ ح ١.

٦٦

« توضأ منه » (١).

وربما يستفاد من جمع عدم الخلاف فيه (٢) ، وربما أوهم بعض العبارات ثبوت الكراهة فيه.

وما تقدّم من الأخبار موردها الجنب ، فإلحاق الغير به يحتاج إلى دليل. والإجماع غير معلوم لاختصاص بعض العبارات به ، كالأخبار. وتنزيله على التمثيل يتوقف على الدليل. ومعه في أمثال الزمان لا يحصل العلم به ولم يتصدّ أحد لنقله ليجب اتباعه.

إلّا أنّه في الجملة مع ذلك غير بعيد بشهادة الاستقراء ، حيث إنّ المستفاد منه اشتراك الحائض ومن في حكمها معه في كثير من الأحكام.

ولكن يبقى الكلام في غيرهما ، كالمستحاضة الكثيرة مثلاً ، ولعلّ فتوى أكثر الأصحاب كافية في ثبوت الكراهة. واللّه أعلم.

وممّا ذكر يظهر عدم الكراهة في المستعمل في الأغسال المندوبة ، ولعلّه لا خلاف فيه ، كما صرّح به جماعة (٣) ، وأفتى به بعض المانعين (٤).

( وفي ) تنجّس ( ما يزال به الخبث إذا لم تغيره النجاسة قولان ) بل أقوال.

( أشهرهما ) وأظهرهما ( التنجيس ) مطلقاً من الغسلة الاولى وما زاد

____________

١ ـ التهذيب ١ : ٤١٧ / ١٣١٧ ، الاستبصار ١ : ٢٢ / ٥٤ ، الوسائل ١ : ١٦٢ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١٢.

٢ ـ منهم العلامة في المنتهي ١ : ٢٣ ، وفخر المحققين في الإيضاح ١ : ١٩ ، وصاحب الحدائق ١ : ٤٤٧.

٣ ـ منهم المحقق في المعتبر ١ : ٩٠ والعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٢٤٣ ، والتحرير ١ : ٦ ، والتذكرة ١ : ٥.

٤ ـ كاشيخ في الخلاف ١ : ١٧٢.

٦٧

فيما يجب فيه التعدّد ، كما عن الإصباح والمعتبر وظاهر المقنع وصريح التحرير والتذكرة والمنتهى (١) ، وهو ظاهر مختار المصنف هنا وفي الشرائع (٢).

لعموم ما دلّ على نجاسة القليل (٣) باعتبار عموم مفهوم بعض أخباره ، فثبتت الكلية وانقدح فساد القدح فيها.

وعموم المستفيضة الدالة على إهراق ما لاقته المتنجسات من القليل ، الدالة بظاهرها على النجاسة (٤) ، كما استدل بها لها ، ولا اعتبار للنية في حصول التطهير ، فيحصل مع عدمها.

ويدل عليه في الجملة خصوص مضمرة عيص المروية في الخلاف والمعتبر والمنتهى : عن رجل أصابه قطرة من طشت فيه وضوء ، فقال : « إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه » (٥) وفي بعض النسخ : « وإن كان وضوء الصلاة فلا يضره ».

والإضمار ـ مع تسليم القدح بسببه ـ وكذلك القصور بحسب السند منجبر بالشهرة.

وفي الخبر : « الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ [ منه‏‏ ] وأشباهه » (٦).

والاستدلال به يتم على تقدير استلزام عدم رفع الحدث به النجاسة ،

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٩٠ ، المقنع : ٦ ، تحرير الأحكام ١ : ٥ ، التذكرة ١ : ٥ ، المنتهي ١ : ٢٤.

٢ ـ الشرائع ١ : ١٦.

٣ ـ الوسائل ١ : ١٥٠ أبواب الماء المطلق ب ٨.

٤ ـ انظر الوسائل ١ : ١٥١ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٢ و ٤ و ٧ و ١٠.

٥ ـ الخلاف ١ : ١٧٩ ، المعتبر ١ : ٩٠ ، المنتهي ١ : ٢٤ ، الوسائل ١ : ٢١٥ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٤.

٦ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٠ ، الاستبصار ١ : ٢٧ / ١٧ ، الوسائل ١ : ٢١٥ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٣ ، بدل ما بين المعقوفين في النسخ : به ، وما أثبتناه من المصادر.

٦٨

ولا دليل عليه من الاخبار ، والإجماع غير معلوم مع وجود القول بالانفكاك. مضمونه في المقام إجماعي كما عن المعتبر والمنتهى (١). فسقط الاستدلال به للمقام.

وقيل بالطهارة مطلقاً (٢) للأصل ، وما سيأتي في الاستنجاء.

وضعفه ظاهر للخروج عن الأول بما قدّمناه ، وعدم الكلام في الثاني ولكن لا ملازمة بينه وبين المقام ، وهو مخصوص بالاستثناء عمّا تقدّم بالنص والإجماع.

وقيل بها كذلك مع ورود الماء على النجاسة (٣) ؛ التفاتاً إلى أداء الحكم بالنجاسة إلى عدم طهارة المتنجس أبداً.

وفيه ـ مع كونه أعم من المدّعى ـ منع ؛ لتوقفه على ثبوت المنع من حصول التطهير بالمتنجس مطلقا ، وليس كذلك ، كيف؟! وحصوله به في بعض المواضع ـ كحجر الاستنجاء والأرض المطهّرة لباطن القدم مثلا ـ ممّا لا مجال لإنكاره. والإجماع على المنع لم يثبت إلّا في النجس قبله ، وأمّا النجس في أثنائه فلا. وله جواب آخر.

وقيل بها في الولوغ مطلقاً ، وفي الثانية من غسالة الثوب ، وبضدها في الأولى منها (٤) ؛ التفاتاً فيهما إلى ما تقدّم في دليلي الطهارة والنجاسة مطلقاً.

وهو مع ضعفه في الأول بما تقدّم جار في الشق الثاني ، وكذلك الثاني جار في الشق الأول ، فالتفصيل بقسميه لا وجه له.

ومرجع هذا القول بالنسبة إلى غسالة الثوب إلى أنّ الغسالة كالمحلّ‏

____________

١ ـ المعتبر ١ : ٩٠ ، المنتهي ١ : ٢٤.

٢ ـ هو ظاهر الشهيد في الذكرى : ٩ ، وفي المدارك ١ : ١٢٢ جعله أولي.

٣ ـ كالسيد المرتضي في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٧٩.

٤ ـ قال بها الشيخ في الخلاف ١ : ١٧٩ ، ١٨١.

٦٩

بعدها أي بعد انفصالها عن المحل ، وبالنسبة إلى الولوغ إلى أنها كهو بعد الغسل ، كما أنّ مرجع القولين بالطهارة مطلقا أو في الصورة الخاصة إلى الأخير أيضا.

وعلى المختار فهل هي كالمحل قبلها حتى إذا كانت غسالة الاولى فأصابت شيئا وجب غسلة العدد ، وإن كانت غسالة الثانية نقصت واحدة وهكذا. أو كهو قبل الغسل حتى يجب كمال العدد مطلقاً؟

وجهان ، بل قولان :

من أن نجاستها فرع نجاسة المحل فتخفّ بخفّتها. وهو خيرة الشهيدين وغيرهما (١).

ومن أن نجاستها ليست إلّا النجاسة التي يجب لها العدد ، والخفة في المحل إنّما هي لنفي الحرج ، إذ لولاها لم يطهر. وهو خيرة نهاية الأحكام. واحتمل فيها النجاسة مطلقاً ، وكونها كالمحل بعدها ، حتى أن الغسالة الأخيرة طاهرة وما قبلها ينقص الواجب في المتنجس بها عن الواجب في المحل ، لأنّ الماء الواحد الغير المتغير لا يختلف أحكام أجزائه طهارة ونجاسة ، والغسالة الأخيرة لا شبهة في طهارة الباقي منها في المحل فكذا المنفصل ، وعليها قياس ما قبلها (٢).

والأقرب وجوب غسل ملاقيها مرتين مطلقاً لو قلنا بوجوبهما في مطلق النجاسات. وأمّا على الاكتفاء بالمرة فيما لم يرد التعدد فيه ـ كما هو الأشهر الأظهر ـ فالمتجه الاكتفاء بالمرّة في الغسالة مطلقا ولو وجب التعدد لذي‏

__________________

١ ـ الشهيد الاول في الدروس ١ : ١٢٢ ، والشهيد الثاني في الروضة البهية ١ : ٤٦ ؛ وانظر المقتصر : ٤٥٠.

٢ ـ نهاية الإحكام ١ : ٢٤٤.

٧٠

الغسالة لخصوص نجاسة كالبول والولوغ مثلاً ؛ لصدق الامتثال ، وعدم تسمية الغسالة بولا ولا ولوغاً. صرّح بما ذكرناه في الروضة (١) ، ولكن الثاني أحوط (٢).

وربما أشعر بالمختار هنا مضمرة عيص (٣) لعدم التعرض فيها بغسل ما أصابته الغسالة مرتين مع التصريح فيها بكونها غسالة البول ، وسيأتي اعتبار المرتين فيه ، بل اكتفي فيها بإطلاق الغسل من دون تفصيل بين كونها من الأولى أو الثانية.

( عدا ماء الاستنجاء ) للقبل والدبر ـ مطلقاً كما عن الأكثر ، أو من الغسلة الثانية كما عن الخلاف (٤) ـ إجماعاً ؛ للمعتبرة المستفيضة ، منها : الصحيح : عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجي به ، أينجّس ذلك ثوبه؟ قال : « لا » (٥).

وظاهره كنفي البأس عنه في الصحيحين (٦) ، والمروي في العلل في تعليله بأن الماء أكثر من القذر (٧) الطهارة ، كما هو أظهر القولين في المسألة ، بل عن المنتهى عليه الإجماع (٨).

__________________

١ ـ الروضة البهية ١ : ٦٤.

٢ ـ بل لعلّة أظهر عملاً باستصحاب النجاسة وعدم ما يدل حصول الطهارة بالمرة لعدم الأمر اللفظي فيجب الاقتصار على المتيقن حصول التطهير به شرعاً وليس الا ما اجمع عليه وهو قضية هذا القول ، والأمر في رواية عيص وإن كان موجوداً إنه ضعيف لا جابر له هنا كما لا يخفي. منه رحمه الله.

٣ ـ المتقدمة في ص : ٦٨.

٤ ـ الخلاف ١ : ١٧٩.

٥ ـ التهذيب ١ : ٨٦ / ٢٢٨ الوسائل ١ : ٢٢٣ أبواب المضاف ب ١٣ ح ٥.

٦ ـ الأول : الفقيه ١ : ٤١ / ١٦٢ ، التهذيب ١ : ٨٥ / ٢٢٣ ، الوسائل ١ : ٢٢١ أبواب الماء المضاف ب ١٣ ج ١. الثاني : التهذيب ١ : ٨٦ / ٢٢٧ ، الوسائل ١ : ٢٢٢ أبواب الماء المضاف ب ١٣ ح ٤.

٧ ـ علل الشرائع : ٢٨٧ / ١ ، الوسائل ١ : ٢٢٢ أبواب الماء المضاف ب ١٣ ح ٢.

٨ ـ حكاه عنه في روض الجنان : ١٦٠.

٧١

والقول الآخر هو العفو عنه من دونها.

ولا ثمرة بينهما. إلّا ما صرّح به بعضهم من جواز التطهير به على الأول دون الثاني (١) ، وفي المعتبر والمنتهى (٢) الإجماع على عدم رفع الحدث بما تزال به النجاسة مطلقاً ، فتنحصر الثمرة في جواز إزالة النجاسة به ثانياً. والأصح الجواز لما تقدّم ، مع الأصل والعمومات ، مضافا إلى أصالة بقاء المطهرية مطلقا ، خرج ما خرج وبقي الباقي.

ويعتبر فيه مطلقاً عدم العلم بتغييره بالنجاسة ووقوعه على نجاسة اخري خارجة ولو من السبيلين. ووجهه واضح.

وربما اعتبر امور اخر ، كعدم انفصال أجزاء من النجاسة متميزة مع الماء ، وعدم سبق اليد محل النجو على الماء. وهو أحوط.

( ولا ) يجوز ( أن يغتسل بغسالة الحمّام ) وهي الجيّة (٣) ، وفاقاً لأكثر الأصحاب ، بل عليه الإجماع في كلام بعضهم (٤) لأصالة بقاء التكليف ، وللروايات المنجبرة ضعفها بالشهرة.

مع أنّ فيها الموثّق المروي في العلل : « إياك أن تغتسل من غسالة الحمّام ، ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم ، فإنّ اللّه تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب ، وإنّ الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه » (٥).

ويستفاد منه ـ كبواقي الروايات ـ أن العلّة في المنع عن الغسل النجاسة ،

__________________

١ ـ انظر روض الجنان : ١٦٠.

٢ ـ المعتبر ١ : ٩٠ ، المنتهي ١ : ٢٤.

٣ ـ بالكسر وتشديد الياء : مستنقع الماء. مجمع البحرين ١ : ٩٣.

٤ ـ كما في السرائر ١ : ٩١.

٥ ـ علل الشرائع : ٢٩٢ / ١ ، الوسائل ١ : ٢٢٠ أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ٥.

٧٢

ولعلّه لذا منع بعضهم من الاستعمال مطلقاً ، وعليه ادعى الإجماع (١).

وينزل عليه كلام من خصّ المنع عن الغسل كما في المتن وغيره (٢) أو التطهير كما في بعض العبارات (٣) بالذكر ، كما يشعر به أيضاً بعضها من حيث تضمنه للتعليل الوارد في الروايات ، وبها صرّح بعض متأخري الأصحاب (٤).

فينبغي تخصيص المنع بعدم العلم بالطهارة واحتمال تحقق الأمور المذكورة ، كما يشير إليه قوله كغيره ( إلّا أن يعلم خلوها من النجاسة ).

وعليه ينزل بعض العبارات المانعة من استعمالها مطلقاً.

وقوّى جماعة من المتأخرين ـ كالمصنف في المعتبر ـ الطهارة (٥) ؛ للأصل ، والعمومات ، وضعف الأخبار المانعة ، مع احتمال اختصاصها بما علم اشتماله على الغسالات المذكورة فيها ، ومنع الإجماع المدّعى. وهو قوي.

وتؤيده المعتبرة ، ففي الصحيح : الحمّام يغتسل فيه الجنب وغيره ، يغتسل من مائه؟ قال : « نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه ثمَّ جئت فغسلت رجلي ، وما غسلتهما إلّا ممّا لزق بهما من التراب » (٦).

وفيه : قال : رأيت أبا جعفر عليه‌السلام جائيا من الحمّام وبينه وبين داره قذر ، فقال : « لو لا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي ، ولا تجنبت ماء الحمّام » (٧).

__________________

١ ـ انظر السرائر ١ : ٩١.

٢ ـ راجع المعتبر ١ : ٩٢.

٣ ـ راجع الفقيه ١ : ١٠.

٤ ـ كشف اللثام ١ : ٣٣.

٥ ـ المعتبر ١ : ٩٢ ؛ وانظر المنتهي ١ : ٢٥.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٧٢ ، الوسائل ١ : ١٤٨ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٣ ، الوسائل ١ : ١٤٨ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٣.

٧٣

وبمعناه الخبر الموثق ، وزيد فيه : لا يغسل رجله حتى يصلي (١).

وحمل الحمّام فيها على الغالب يأبى عن حملها على حمّام علم طهارة أرضه ، مع أنه نفي البأس عن غسالته إذا أصابت الثوب في المرسل (٢) من دون استفصال.

وكيف كان فينبغي القطع بعدم جواز التطهير به مطلقاً مع عدم العلم بطهارته ، وأما سائر الاستعمالات فالجواز قوي ، لكن الاجتناب أحوط.

( وتكره الطهارة ) بل مطلق الاستعمالات على الأصح ، وفاقاً للنهاية والمهذّب والجامع (٣) ( بماء أسخن بالشمس ) قصداً خاصة ، كما هو ظاهر المتن وعن السرائر والجامع والخلاف (٤).

أو أسخنته مطلقاً ، كما عن المبسوط ونهاية الإحكام (٥). وهو مع تعميم الكراهة في مطلق الاستعمال أوفق بظاهر النصوص للتعليل فيها بإيراثه البرص ، ولا مدخل للقصد والاستعمال الخاص فيه.

ففي الخبر : « الماء الذي تسخنه الشمس لا توضّؤوا به ، ولا تغتسلوا به ، ولا تعجنوا به ، فإنه يورث البرص » (٦).

وفي النبوي في الواضعة قمقمتها في الشمس لغسل رأسها وجسدها : « لا تعودي ، فإنه يورث البرص » (٧).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٤ ، الوسائل ١ : ٢١١ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٤ ، الوسائل ١ : ٢١٣ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٩.

٣ ـ النهاية : ٩ ، المهذب ١ : ٢٧ ، الجامع للشرائع : ٢٠.

٤ ـ السرائر ١ : ٩٥ ، الجامع للشرائع : ٢٠ ، الخلاف ١ : ٥٤.

٥ ـ المبسوط ١ : ٩ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٢٦.

٦ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٧ ، علل الشرائع : ٢٨١ / ٢ ، الوسائل ١ : ٢٠٧ أبواب الماء المضاف ب ٦ ح ٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٦٦ / ١١١٣ ، الاستبصار ١ : ٣٠ / ٧٩ ، علل الشرائع : ٢٨١ / ١ ، عيون الاخبار ٢ : ٨١ / ١٨ ، الوسائل ١ : ٢٠٧ أبواب الماء المضاف ب ٦ ح ١.

٧٤

والأصل ـ مع ضعف السند ـ مانع عن حمل النهي على الحرمة ، مع ما عن الخلاف من دعوى الإجماع على الكراهة (١).

هذا ، وفي المرسل : « لا بأس بأن يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس » (٢).

وظاهر الأول الكراهة ( في الآنية ) وغيرها من الأنهار والمصانع ونحوها ، إلّا أنه ينبغي تخصيصها بها كما في ( ظاهر ) (٣) المتن وعن النهاية والسرائر (٤) لما عن التذكرة ونهاية الإحكام (٥) من الإجماع على نفيها في غيرها.

وظاهره العموم في كل بلد وآنية ، كما قطع به في التذكرة (٦) ، أخذاً بعموم النص والفتاوي.

وربما خصّ بالبلاد الحارة والأواني المنطبعة (٧) لاعتبارات في مقابلة ما ذكرناه غير مسموعة ، سيّما والمقام مقام كراهة يكتفي فيها بالاحتمالات ولو كانت بعيدة.

وفي زوال الكراهة بزوال السخونة وجهان ، الأظهر : العدم أخذا بإطلاق النص والفتوى ، معتضدا بالأصل والمسامحة في أدلتها ، وفاقا لمستظهر المنتهى ومحتمل التذكرة ومقطوع الذكرى (٨).

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٥٤.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٦٦ / ١١١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٠ / ٧٨ ، الوسائل ١ : ٢٠٨ أبواب الماء المضاف ب ٦ ح ٣.

٣ ـ ليست في : « ل » و « ح ».

٤ ـ النهاية : ٩ ، السرائر ١ : ٩٥.

٥ ـ التذكرة ١ : ٣ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٢٦.

٦ ـ التذكرة ١ : ٣.

٧ ـ كالحديدية والرصاصية والنحاسية. ( منه رحمه الله ).

٨ ـ المنتهي ١ : ٥ ، والتذكرة ١ : ٣ ، والذكرى : ٨.

٧٥

( و ) تكره أيضاً الطهارة ( بماء اسخن بالنار في غسل الأموات ) إجماعاً ، كما عن الخلاف والمنتهى (١) للنصوص ، منها الصحيح : « لا يسخن الماء للميت » (٢) وفي الحسن : « لا يقرب الميت ماء حميماً » (٣).

إلّا مع الحاجة ، كشدة البرد المتعذر أو المتعسر معه التغسيل أو إسباغه على ما قيل (٤) للرضوي : « ولا يسخن له ماء إلّا أن يكون بارداً جداً فتوقي الميت ممّا توقي [ منه‏‏ ] نفسك » (٥) ورواه في الفقيه مرسلاً (٦).

وينبغي الاقتصار في السخونة على ما تندفع به الضرورة ، ذكره المفيد وبعض القدماء (٧) ، وفي آخر الرضوي المتقدم : « ولا يكون حارّاً شديداً وليكن فاتراً ».

وربما يلحق بالضرورة إسخانه لتليين أعضائه وأصابعه. وربما يستفاد من بعض العبارات تجويزه لذلك من دونها لخروجه عن الغسل.

وهو محجوج بإطلاق النصوص المانعة من دون تعليق للكراهة على التغسيل ، مع ظهور التعليل في الرضوي المتقدم فيه.

وبما ذكر ظهر ما في الإلحاق. فتأمّل.

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٦٩٢ ، المنتهي ١ : ٤٣٠.

٢ ـ الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٧ ، التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٨ ، الوسائل ١ : ٢٠٨ أبواب الماء المضاف ب ٧ ح ١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٩ ، الوسائل ٢ : ٤٩٩ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ٢.

٤ ـ كما في كشف اللثام ١ : ٣٣.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٧ ، المستدرك ٢ : ١٧٤ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ١ وبدل ما بين المعقوفين في النسخ : به ، وما أثبتناه من المصادر.

٦ ـ الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٨ ، الوسائل ٢ : ٤٩٩ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ٥.

٧ ـ المفيد في المقنعة : ٨٢ : وحكاه عن والد الصدوق في كشف اللثام ١ : ٣٣ ؛ والشيخ في الخلاف ١ : ٦٩٢ ، والقاضي في المهذب ١ : ٥٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٦٥.

٧٦

( وأما الأسآر )

وهي جمع سؤر ، وهو في اللغة : البقية من كل شيء (١) ، أو ما يبقيه المتناول من الطعام والشراب ، أو من الماء خاصة مع القلة ، فلا يقال لما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها.

والمراد به هنا ـ على ما يظهر من الفتاوي في الباب وبه صرّح جمع منهم (٢) ـ ماء قليل باشره جسم حيوان. ويشهد به بعض الأخبار ، ففي موثقة عيص : عن سؤر الحائض ، قال : « توضأ منه ، وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل أن تدخلها الإناء ، وقد كان رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو وعائشة يغتسلان في إناء واحد » (٣). فتأمّل.

( فكلّها طاهرة ) إجماعا كما عن الغنية (٤) ؛ للأصل والعمومات ، وإن كره بعضها :

كسؤر الحائض مطلقاً ، كما عن الإسكافي والمصباح والمبسوط (٥) لإطلاق النهي عنه في الخبرين (٦) ، مع ظهور القريب من الصحيح في الكافي‏

____________

١ ـ السؤر : بقية الشيء ، وبقية كل شيء سؤره لسان العرب ٤ : ٣٣٩ و ٣٤٠.

٢ ـ كابن حمزة في الوسيلة : ٧٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١٥٧ ، وصاحب الحدائق ١ : ٤١٩.

٣ ـ التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٣ ، الاستبصار ١ : ١٧ / ١٣ ، الوسائل ١ : ٢٣٤ أبواب الأسآر ب ٧ ح ١.

٤ ـ الغنية ( الجوامع الفقيهة ) : ٥٥١.

٥ ـ حكاه عن الإسكافي في كشف اللثام ١ : ٣١ ، وعن مصباح السيّد في المختلف : ١٢ ، المبسوط ١ : ١٠.

٦ ـ الأول : الكافي ٣ : ١٠ / ١ ، الوسائل ١ : ٢٣٦ أبواب الأسآر ب ٨ ح ١.

الثاني : الكافي ٣ : ١٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٥ ، الوسائل ١ : ٢٣٦ أبواب الأسآار ب ٨ ح ٢.

٧٧

فيه (١) وإن روي في التهذيبين بنحو يتوهم منه التقييد بغير المأمونة (٢) ، كما في الشرائع وعن المقنعة والمراسم والجامع والمهذّب (٣).

ودلّ عليه الموثق : في الرجل يتوضأ بفضل وضوء الحائض فقال : « إذا كانت مأمونة فلا بأس » (٤).

وهذا هو الأوفق بالأصل ، سيّما مع اعتضاده بالشهرة ، فيقيّد به إطلاق الخبرين والظاهر في الإطلاق لا يقاومه ، سيّما مع اختلاف نسخه.

ولكن الأول غير بعيد بالنظر إلى الاحتياط من باب المسامحة في أدلة السنن.

وربما نيطت الكراهة في القواعد وكذا عن النهاية والوسيلة والسرائر بالمتهمة (٥). ولا إشعار به في الأخبار لعدم التلازم بين المتهمة وغير المأمونة ، فإن المتبادر من المأمونة من ظنّ تحفظها من النجاسات ، ونقيضها من لم يظن بها ذلك ، وهو أعم من المتهمة والمجهولة.

ثمَّ إن غاية ما يستفاد من الأخبار كراهة الوضوء ، لا مطلق الاستعمال ، بل المستفاد من بعضها عدم كراهة الشرب (٦) ، فالتعميم غير واضح. ولكن المسامحة في أدلة الكراهة تقتضي لنا ذلك ، بل الظاهر الاتفاق عليه ، ولعله‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٠ / ٢ ، الوسائل ١ : ٢٣٤ أبواب الأسآر ب ٧ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٣ ، الاستبصار ١ : ١٧ / ٣١ ، الوسائل ١ : ٢٣٤ ابواب الأسآر ب ٧ ح ١.

٣ ـ الشرائع ١ : ١٦ ، المقنعة : ٥٨٤ ، المراسم : ٣٧ ، الجامع للشرائع : ٢٠ ، المهذب ٢ : ٤٣٠.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٢١ / ٦٣٢ ، الاستبصار ١ : ١٦ / ٣٠ ، الوسائل ١ : ٢٣٧ أبواب الأسآر ب ٨ ح ٥ ، بتفاوت يسير.

٥ ـ القواعد ١ : ٥ ، النهاية : ٤ ، الوسيلة ٧٦ ، السرائر ١ : ٦٢.

٦ ـ انظر الوسائل ١ : ٢٣٦ أبوب الأسآر ب ٨.

٧٨

كافٍ ولو قلنا بعدمها.

لكن عن المقنع : المنع عن الوضوء والشرب من سؤرها مطلقاً (١).

وهو جيد ، لكن لا على إطلاقه ، بل على التفصيل المتقدم لو لم ينعقد الإجماع على خلافه. فتأمل.

وربما الحق بها كل من لا يؤمن ، كما عن الشيخين والحلّي والبيان والمصنف في الأطعمة (٢) للاحتياط ، وفحوى الأخبار الناهية عن سؤرها ، وبخصوص سؤر الجنب الغير المأمون خبر عيص. وهو غير بعيد.

كسؤر الحمير والخيل والبغال على المشهور ؛ للموثق : هل يشرب سؤر شيء من الدواب ويتوضأ منه؟ فقال : « أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس » (٣) وقريب منه غيره (٤).

ولو لا الشهرة وتجويز المسامحة في أدّلة الكراهة لكان القول بنفيها في غاية القوة للمعتبرة المستفيضة التي أكثرها صحاح وموثقة ، ومع ذلك صريحة الدلالة ، ففي الصحيح : عن فضل الهرّة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع ، ولم أترك شيئا إلّا سألته عنه ، فقال : « لا بأس » الحديث (٥).

____________

١ ـ المقنع : ١٣ ، قال فيه : ولا تتوضأ بفضل الجنب والحائض. وأمّا المنع عن الشرب فقد نقله عن المقنع في كشف اللثام ١ : ٣١.

٢ ـ المفيد في المقنعة : ٥٨٤ ، الطوسي في النهاية ٥٨٩ , الحلي في السرائر ٣ : ١٢٣ ، البيان : ١٠١ اطعمة الشرائع (٣ : ٢٢٨ ) وفيه : يكره أكل ما يعالجه من لايتوقي النجاسات.

٣ ـ الكافي ٣ : ٩ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٧ / ٦٥٦ بتفاوت يسير ، الوسائل ١ : ٢٣٢ أبواب الأسآر ب ٥ ح ٣.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٢٧ / ٦٥٧ ، الوسائل ١ : ٢٣٢ أبواب الأسآر ب ٥ ح ٤.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٠ ، الوسائل ١ : ٢٢٦ أبواب الأسآر ب ١ ح ٤.

٧٩

وكسؤر الدجاجة ، كما عن الشيخ مطلقاً (١) ، وعن المصنف في المعتبر في الجملة (٢) ؛ لعلّة ضعيفة في مقابلة الأصل والمعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح : « لا بأس بأن يتوضأ ممّا يشرب منه ما يؤكل لحمه » (٣).

وفي معناه الموثق (٤).

وفي مثله : عن ماء شربت منه الدجاجة قال : « إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب ، وإن لم تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب » وقال : « كلّ ما يؤكل لحمه فليتوضأ منه وليشرب » (٥).

وفي الخبر : « فضل الحمامة والدجاجة لا بأس به والطير » (٦).

ومع هذا فالكراهة غير بعيدة بالنظر إلى المسامحة وفحاوي المعتبرة في الحائض المتهمة. فتأمّل.

( عدا الكلب ) في الجملة ( والخنزير ) والكافر وتفصيل الكلام فيها يأتي في بحث أحكام النجاسات.

( وفي ) طهارة ( سؤر ما لا يؤكل لحمه ) أم نجاسته ( قولان ) الأشهر : الأول مع الكراهة.

تمسكا في الأول بالأصل والعمومات والمعتبرة الواردة بطهارة كثير مما

__________________

١ ـ انظر المبسوط ١ : ١٠.

٢ ـ قال في المعتبر ١ : ١٠٠ : قال في المبسوط : يكره سؤر الدجاج على كل حال ، وهو حسن إن قصد المهملة ، لأنها لا تنفك من الاغتذاء بالنجاسة.

٣ ـ الكافي ٣ : ٩ / ١ ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأرسآر ب ٥ ح ١ ، بتفاوت يسير.

٤ ـ الكافي ٣ : ٩ / ٥ ، الوسائل ١ : ٢٣٠ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٢.

٥ ـ الفقيه ١ : ١٠ / ٨ رواه مرسلاً ، التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٤.

٦ ـ الكافي ٣ : ٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٢٨ / ٦٥٩ ، الوسائل ١ : ٢٣٠ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٤.

٨٠