رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

ميت ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه الإجماع في الخلاف (١) ؛ للمرسل المنجبر ضعفه بالشهرة : « إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة ، فإذا مسّه إنسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل » (٢).

وهو كالصريح في الأوّل ، ويستفاد من فحواه حكم الثاني ، مضافاً إلى الرضوي فيه : « وإن مسست شيئاً من جسد أكله السبع فعليك الغُسل إن كان فيما مسست عظم ، وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسّه » (٣).

فخلاف المعتبر (٤) للأصل ـ المخصّص بالخبرين والإجماع المنقول ـ ضعيف.

وفي إلحاق العظم المجرّد بها إشكال ، والأحوط ذلك وإن كان في تعيّنه نظر. وليس في الخبر النافي للبأس عن مس العظم الذي مرّ عليه سنة (٥) دلالة عليه ، فتأمل.

( وهو ) أي غسل المس ( كغسل الحائض ) في وجوب الوضوء معه على الأشهر الأظهر ، وعدمه على غيره ، وقد مرّ تحقيقه.

____________

١ ـ الخلاف ١ : ٧٠١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ٤ ، التهذيب ١ : ٤٢٩ / ١٣٦٩ ، الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٥ ، الوسائل ٣ : ٢٩٤ أبواب غسل المس ب ٢ ح ١.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٤ ، المستدرك ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل المس ب ٢ ح ١.

٤ ـ المعتبر ١ : ٣٥٣.

٥ ـ الكافي ٣ : ٧٣ / ١٣ ، التهذيب ١ : ٢٧٧ / ٨١٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٢ / ٦٧٣ ، الوسائل ٣ : ٢٩٤ أبواب المس ب ٢ ح ٢.

٤٨١

( وإمّا المندوب من الأغسال )

( فالمشهور ) منها ثمانية وعشرون غسلا ، وذكر الشهيد في النفلية أنها خمسون (١).

منها : ( غسل الجمعة ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه الإجماع في الخلاف والأمالي (٢). ومنه يظهر فساد نسبة القول بالوجوب إلى الكليني والصدوق (٣) ، مضافاً إلى عدم دلالة لفظ الوجوب في كلامهم على المعنى المصطلح صريحاً سيّما مع إردافه بلفظ السنّة في كلام الثاني فلا خلاف.

للأصل ؛ والنصوص المستفيضة ، وهي ما بين صريحة وظاهرة.

ففي الصحيحين : « إنه سنّة وليس بفريضة » (٤) بعد أن سئل ظاهراً عن حكمه دون مأخذه. وبه يندفع حمل السنّة هنا على ما ثبت وجوبه بالسنّة ، ويؤكده درج الفطر والأضحى في السؤال في أحدهما.

وفي الخبر : كيّف صار غسل الجمعة واجباً؟ قال : « إن اللّه تعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة ، وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة ، ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نقصان » كذا في‏

__________________

١ ـ النفلية : ٨.

٢ ـ الخلاف ١ : ٢١٩ أمالي الصدوق : ٥١٥.

٣ ـ الكليني في الكافي ٣ : ٤١ ، الصدوق في الهداية : ٢٢.

٤ ـ الأول :

التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٣ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٩.

الثاني :

التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٦ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٤ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٠.

٤٨٢

الكافي والتهذيب.

وعن المحاسن والعلل : « وأتم وضوء الفريضة بغسل الجمعة » (١) وهو الأنسب بالسياق ، والأول أقوى في الدلالة.

وفي المرسل قال : « الغسل في سبعة عشر موطناً ، الفرض ثلاثة » قيل : ما الفرض منها؟ قال : « غسل الجنابة وغسل من غسّل ميتاً والغسل للإحرام » (٢).

فذكر الأخيرين دليل على أن الفرض ليس بمعنى الواجب بنص الكتاب ، بل الواجب وما يقرب منه في التأكيد.

وفي الرضوي : « إن الغسل ثلاثة وعشرون : من الجنابة ، والإحرام ، وغسل الميت ، وغسل مسّ الميت ، وغسل الجمعة ـ إلى أن قال ـ : الفرض من ذلك غسل الجنابة ، والواجب غسل الميت وغسل الإحرام ، والباقي سنّة » (٣).

وفيه أيضاً : « وعليكم بالسنن يوم الجمعة وهي سبعة : إتيان النساء ، وغسل الرأس واللحية بالخطمي ، وأخذ الشارب ، وتقليم الأظافير ، وتغيير الثياب ، ومس الطيب ، فمن أتى بواحدة من هذه السنن نابت عنهن وهي الغسل ، فإن فاتك غسل يوم الجمعة قضيت يوم السبت أو بعده من أيام الجمعة ، وإنما سنّ الغسل يوم الجمعة تتميما لما يلحق الطهور في سائر الأيام من النقصان » (٤).

وفي النبوي : « من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٤٢ / ٤ ، التهذيب ١ : ١١١ / ٢٩٣ ، المحاسن : ٣١٣ / ٣٠ ، علل الشرائع : ٢٨٥ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣١٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٧.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٠٥ / ٢١٧ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٦ ، الوسائل ٢ : ١٧٤ أبواب الجنابة ب ١ ح ٤ ، بتفاوت.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ ، المستدرك ٢ : ٤٩٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٢٨ ، المستدرك ٢ : ٥٠٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣ ح ٤.

٤٨٣

أفضل » (١).

وفي بعض الأخبار : « إن الغسل أربعة عشر وجهاً ، ثلاثة منها غسل واجب مفروض متى نسيه ثمَّ ذكره بعد الوقت اغتسل وإن لم يجد الماء تيمم ، فإن وجدت الماء فعليك الإعادة ، وأحد عشر غسلا سنّة : غسل العيدين والجمعة » الخبر (٢).

ويؤيده درجة في قرن المستحبات في الأخبار ، ففي الصحيح : « ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة ويغتسل ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه » (٣).

وفيه أيضاً : « لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنّة ، وشمّ الطيب ، والبس صالح ثيابك » الحديث (٤).

ويعضده الرخصة في بعض الأخبار للنساء في تركه في السفر ، بل في بعضها في الحضر أيضا كالمروي في الخصال : « ليس على المرأة غسل الجمعة في السفر ، ويجوز لها تركه في الحضر » (٥).

وبهذه الأدلة يصرف ظاهر لفظ الوجوب والأمر في الصحاح المستفيضة وغيرها ، مضافاً إلى الوهن في دلالة الوجوب فيها على المعنى المصطلح ، بناءً على كثرة استعماله في بحث الأغسال في المستحبة منها إجماعاً.

( ووقته ما بين طلوع الفجر إلى الزوال ) إجماعاً ، فلا يجوز

____________

١ ـ مسند أحمد ٥ : ١٥ ، سنن ابن ماجه ١ : ٣٤٧ / ١٠٩١ ، سنن الترمذي ٢ : ٤ / ٤٩٥.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٣. المستدرك ٢ : ٤٧٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٣ ـ الكافي ٣ : ٤١٧ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٠ / ٣٢ ، الوسائل ٧ : ٣٩٥ أبواب صلاة الجمعة ب ٤٧ ح ٢.

٤ ـ الكافي ٣ : ٤١٧ / ٤ ، الوسائل ٧ : ٣٩٦ أبواب صلاة الجمعة ب ٤٧ ح ٣.

٥ ـ الخصال : ٥٨٥ / ١٢ ، وفيه « ولا يجوز لها تركه في الحضره » ، المستدرك ٢ : ٥٠٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ٣ ح ٣.

٤٨٤

التقديم إلّا يوم الخميس مع خوف إعواز الماء للخبرين (١). وذلك لكونه عبادة موظفة معلّقة شرعيتها على يوم الجمعة ، ولا يصدق إلّا بما ذكر ، مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار.

وأما التحديد إلى الزوال ففي المعتبر عليه إجماع الناس (٢). وهو المقيّد لإطلاق الأخبار كالصحيح : « وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال » (٣).

خلافاً للمحكي عن الشيخ من أن غايته صلاة الجمعة (٤) ؛ للإطلاق ، وإشعار المعتبرة بكون المقصود من شرعيته حصول التطهر حال الصلاة ، وفي الخبر : « إن الأنصار كانت تعمل في نواضحها وأموالها ، فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى الناس من أرواح آباطهم ، فأمرهم رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالغسل يوم الجمعة ، فجرت بذلك السنّة » (٥).

( وكلّما قرب من الزوال كان أفضل ) فيما قطع به الأصحاب ، ولعلّ مستندهم الرضوي : « ويجزيك إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر ، وكلّما قرب من الزوال فهو أفضل » (٦).

وربما كان في الصحيح السابق إشعار به ، فتأمل.

__________________

١ ـ الاول :

التهذيب ١ : ٤٦٠ / ١١٠٩ ، الوسائل ٣ : ٣١٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٩ ح ١.

الثاني :

الكافي ٣ : ٤٢ / ٦ ، الفقيه ١ : ٦١ / ٢٢٧ ، التهذيب ١ : ٤٦٥ / ١١١٠ ، الوسائل ٣ : ٣٢٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ٩ ح ٢.

٢ ـ المعتبر ١ : ٣٥٤.

٣ ـ الكافي ٣ : ٤١٧ / ٤ ، الوسائل ٣ : ٣١٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ٥.

٤ ـ كما في الخلاف ١ : ٦١٢.

٥ ـ الفقيه ١ : ٦٢ / ٢٣٠ ، التهذيب ١ : ٣٦٦ / ١١١٢ ، علل الشرائع : ٢٨٥ / ٣ ، الوسائل ٣ : ٣١٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٥.

٦ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٥ ، السمتدرك ٢ : ٥٠٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ٧ ح ١.

٤٨٥

( و ) منها : غسل ( أول ليلة من شهر رمضان ) على المعروف من مذهب الأصحاب كما عن المعتبر (١) ، وعن روض الجنان الإجماع عليه (٢) ؛ للمعتبرة منها الموثق (٣) ، والرضوي : « والغسل ثلاثة وعشرون ـ إلى قوله ـ : وخمس ليال من شهر رمضان : أول ليلة منه » الخبر (٤).

وعن مولانا الصادق عليه‌السلام : « من اغتسل أوّل ليلة من شهر رمضان في نهر جار ، وصبّ على رأسه ثلاثين كفاً من الماء ، طهر إلى شهر رمضان من قابل » (٥).

وروي نحوه في أول يوم منه (٦).

وعنه عليه‌السلام : « من أحب أن لا يكون به الحكّة فليغتسل أول ليلة من شهر رمضان ، يكون سالما منها إلى شهر رمضان من قابل (٧).

وينبغي إيقاعه في هذه الليلة ـ كسائر الليالي المستحبة فيها الأغسال ـ في أوّلها كما في الأخبار (٨) ، وفي الخبر : « عند وجوب الشمس قبيله ، ثمَّ يصلّي ويفطر » (٩).

ويأتي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يغتسل [ كلّ‏‏ ] ليلة من العشر الأواخر

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٣٥٥.

٢ ـ روض الجنان : ١٧.

٣ ـ الكافي ٣ : ٤٠ / ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ ، المستدرك ٢ : ٤٩٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٥ ـ الإقبال : ١٤ ، الوسائل ٣ : ٣٢٥ أبواب الأغسال المسنوتة ب ١٤ ح ٤.

٦ ـ الإقبال : ٨٦ ، الوسائل ٣ : ٣٢٦ أبواب الأغسال المسنوتة ب ١٤ ح ٧ وفيه بتفاوت.

٧ ـ الإقبال : ١٤ ، الوسائل ٣ : ٣٢٥ أبواب الأغسال المسنوتة ب ١٤ ح ٥ بتفاوت يسير.

٨ ـ انظر الوسائل ٣ : ٣٢٢ أبواب الأغسال المسنونة ب ١١ ح ٢ ، وص ٣٢٥ ب ١٤ ح ٢.

٩ ـ الكافي ٤ : ١٥٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ١٠٠ / ٤٤٨ ، الوسائل ٣ : ٣٢٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٣ ح ٢. وجوب الشمس : غروبها.

٤٨٦

بين العشاءين (١).

( و ) منها : غسل ( ليلة النصف ) منه كما عن الشيخين وغيرهما (٢) ؛ ولعلّه لما أسنده ابن أبي قرّة في كتاب عمل شهر رمضان ، عن مولانا الصادق عليه‌السلام : « يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان وليلة النصف منه » (٣).

وفضّل الشيخ في المصباح غسلها على سائر ليالي الأفراد (٤) ، والشهيد على أغسالها سوى الاولى وتسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين (٥).

( و ) منها : غسل ( ليلة سبع عشرة ) منه ( و ) ليلة ( تسع عشرة ) منه ( و ) ليلة ( إحدى وعشرين ) منه ( و ) ليلة ( ثلاث وعشرين ) منه الإجماع كما عن المعتبر (٦) ـ والأخبار ، منها الصحيح : « [ الغسل‏‏ ] في سبعة عشر موطناً : ليلة سبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان ، وليلة تسع عشرة وفيها يكتب الوفد وفد السنة ، وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي اُصيب فيها أوصياء الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم عليه‌السلام وقبض موسى عليه‌السلام. وليلة ثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر ، ويومي العيدين » (٧).

____________

١ ـ الإقبال : ٢١ ، الوسائل ٣ : ٣٢٦ أبواب الأغسال السمنونة ب ١٤ ح ٦ وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٢ ـ المفيد في المقنعة : ٥١ ، الطوسي في التهذيب ١ : ١١٤ ، والمصباح : ١١ ؛ وانظر المعتبر ١ : ٣٥٥.

٣ ـ الإقبال : ١٤ ، الوسائل ٣ : ٣٢٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٤ ح ١.

٤ ـ مصباح المتهجد : ١١.

٥ ـ النفلية : ٨.

٦ ـ المعتبر ١ : ٣٥٥.

٧ ـ التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١ وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٤٨٧

( و ) منها : غسل ( ليلة الفطر ) كما عن الشيخين وجماعة (١) ؛ للخبر : ما ينبغي لنا أن نعمل في ليلة الفطر؟ فقال : « إذا غربت الشمس فاغتسل ، فإذا صلّيت الثلاث ركعات ارفع يديك وقل » تمام الحديث (٢).

( و ) منها : غسل ( يومي العيدين ) الفطر والأضحى بإجماع العلماء كافة ، حكاه جماعة (٣) ؛ للمعتبرة ، منها : الصحيح المتقدم ، ونحوه الصحيح : عن الغسل في الجمعة والأضحى والفطر ، قال : « سنّة وليس بفريضة » (٤).

وفي الذكرى عن ظاهر الأصحاب : امتداد وقته إلى الزوال خاصة (٥) ؛ ولعلّه للرضوي : « فإذا طلع الفجر يوم العيد فاغتسل ، وهو أول أوقات الغسل ثم إلى وقت الزوال » (٦).

ويؤيده مساواة العيد للجمعة في أغلب الأحكام ، ومرّ امتداد وقت غسل الجمعة إليه.

وأسند ابن أبي قرّة في عمل رمضان ، عن مولانا الصادق عليه‌السلام في كيفية صلاة العيد يوم الفطر أن : « تغتسل من نهر ، فإن لم يكن نهر فل أنت بنفسك استقاء الماء بتخشع ، وليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حائط وتستر بجهدك ، فإذا هممت بذلك فقل : اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك‏

__________________

١ ـ المفيد في المقنعة : ٥١ ، الطوسي ، في المصباح : ١١ ، المحقق في المعتبر ١ : ٣٥٥ ، الشهيد في النفلية : ٨.

٢ ـ الكافي ٤ : ١٦٧ / ٣ ، الفقيه ١ : ١٠٩ / ٤٦٦ ، التهذيب ١ : ١١٥ / ٣٠٣ ، الوسائل ٣ : ٣٢٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٥ ح ١.

٣ ـ منهم المحقق في المعتبر ١ : ٣٥٦ ، العلامة في التذكرة ١ : ٦٠ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ١٨.

٤ ـ التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ١٠٢ / ٣٣٣ ، الوسائل ٣ : ٣٢٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٦ ح ١.

٥ ـ الذكرى : ٢٤.

٦ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٣١ ، السمتدرك ٢ : ٥١٢ أبواب الأغسال السمنونة ب ١١ ح ١.

٤٨٨

واتباع سنة نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ سمّ واغتسل ، فإذا فرغت من الغسل فقل : اللهم اجعله كفارة لذنوبي وطهّر ديني ، اللهم اذهب عنا الدنس » (١).

( و ) منها : غسل ( يوم عرفة ) إجماعاً كما عن الغنية (٢) ؛ للمستفيضة منها الصحيح : « الغسل من الجنابة ، ويوم الجمعة ، ويوم الفطر ، ويوم الأضحى ، ويوم عرفة عند زوال الشمس » (٣).

( و ) منها : غسل ( ليلة النصف من رجب ) كما عن جمل الشيخ ومصباحه واقتصاده والنزهة ؛ والجامع والإصباح (٤) ووجّهه في المعتبر بشرف الزمان واستحباب الغسل في الجملة (٥). وهو محل مناقشة.

وزيد اليوم في النزهة ولعلّه للمحكي عن الإقبال أنه أرسل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله ووسطه وآخره ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه » (٦).

( و ) منها : غسل ( يوم المبعث ) وهو السابع والعشرون من رجب. محكي عن جمل الشيخ ومصباحه واقتصاده (٧). ولم نظفر بمستنده. ووجّهه في المعتبر بما مرّ. وفيه نظر.

( و ) منها : غسل ( ليلة النصف من شعبان ) للخبرين ، في أحدهما : « صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه ». (٨)

__________________

١ ـ الإقبال : ٢٧٩ ، ٣٢٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٥ ح ٤ ، وفيه بتفاوت يسير.

٢ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥.

٣ ـ التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٠.

٤ ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٧ ، مصباح المتهجد : ١١ ، الاقتصاد : ٢٥٠ ، النزهة : ١٥ ، الجامع للشرائع : ٣٢ ، نقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٠.

٥ ـ المعتبر ١ : ٣٥٦.

٦ ـ الإقبال : ٦٢٨ ، الوسائل ٣ : ٣٣٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٢ ح ١.

٧ ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٧ ، المصباح : ١١ ، الاقتصاد : ٢٥٠.

٨ ـ التهذيب ١ : ١١٧ / ٣٠٨ ، الوسائل ٣ : ٣٣٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٣ ح ١.

٤٨٩

وفي الثاني المروي في المصباح ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من تطهّر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر » وساق الحديث إلى أن قال : « قضى اللّه تعالى [ له‏‏ ] ثلاث حوائج ، ثمَّ إن سأل أن يراني في ليلته رآني » (١).

( و ) منها : غسل يوم ( الغدير ) بإجماع الطائفة حكاه جماعة (٢) ؛ للمعتبرة منها : الرضوي (٣) ، والخبرين : « من صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول بمقدار نصف ساعة » وساق الحديث إلى قوله : « ما سأل اللّه حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلّا قضيت له ، كائنة ما كانت » (٤).

والمروي في الإقبال : « إذا كانت صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل صدر نهاره » (٥).

( و ) منها : غسل ( يوم المباهلة ) وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة في المشهور ، وقيل : الخامس والعشرون (٦). وعن الإقبال قيل : أحد وعشرون ، وقيل : سبعة وعشرون (٧).

وعلى الاستحباب الإجماع كما عن الغنية (٨) ؛ لموثقة سماعة : « غسل‏

__________________

١ ـ مصباح المتهجد : ٧٦٩ ـ ٧٧٠ ، الوسائل ٨ : ١٠٨ أبواب الصلوات المندوبه ب ٨ ح ٦ وما بين المعقوقين أضفناه من المصدر.

٢ ـ منهم الشيخ في التهذيب ١ : ١١٤ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١٨.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ ، المستدرك ٢ : ٤٧٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٤ ـ التهذيب ٣ : ١٤٣ / ٣١٧ ، الوسائل ٨ : ٨٩ ، أبواب الصلوات المندوبه ب ٣ ح ١. الخبر الثاني : بحار الأنوار ٩٥ : ٣٢١ / ٦ ، العدد القويه : ٣٣ ، المستدرك ٢ : ٥٢٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٠ ح ٢.

٥ ـ الإقبال : ٤٧٤ ، المستدرك ٢ : ٥٢٠ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٠ ح ١.

٦ ـ قال به المحقق في المعتبر ١ : ٣٥٧.

٧ ـ انظر الإقبال : ٥١٥.

٨ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥.

٤٩٠

المباهلة واجب » (١).

وليس فيها ذكر اليوم ، فلعلّه لأصل إيقاع المباهلة كما في الاستخارة ، ووردت به رواية صحيحة (٢) ، وعن جدّي المجلسي رحمه‌الله اشتهاره بين قدماء الطائفة (٣).

وهو حسن ، إلّا أن فهم الأصحاب اليوم منها أقوى قرينة ، مضافاً إلى دعوى الإجماع عليه في الغنية.

( و ) منها ( غسل الإحرام ) للحج أو العمرة على الأشهر الأظهر ؛ للأصل ، وفقد المخصّص له سوى ما تضمّن إطلاق الواجب عليه. وفي دلالته على المصطلح في بحث الأغسال تأمل ، مضافاً إلى المحكي عن الشيخين (٤) من دعوى عدم الخلاف المشعرة بالوفاق. ولا يعارضه نسبة المرتضى الوجوب إلى الأكثر (٥) ؛ لوهنه بمصير الأكثر إلى خلافه ودعوى الإجماع عليه. ويحتمل إرادته منه التأكد لبعد الخطأ في النسبة ، فيوافق الشيخين فيها ، إلّا أن كلامه مشعر بالخلاف وكلامهما بالوفاق.

ويؤيده تعداده مع المستحبات وكثير من الأغسال ـ المستحبة بالوفاق ـ في المعتبرة ، كالصحيح (٦) وغيره (٧).

ويدل عليه صريحا المروي في العيون ، عن مولانا الرضا عليه‌السلام

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٤٠ / ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

٢ ـ الكافي ٢ : ٥١٣ / ١.

٣ ـ حكاه عنه في الحدائق ٤ : ١٩٠.

٤ ـ المفيد في المقنعة : ٥٠ ، الطوسي في التهذيب ١ : ١١٣.

٥ ـ انظر الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١١٨.

٦ ـ الكافي ٤ : ٣٢٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٠٠ / ٩١٤ ، الوسائل ٣ : ٣٣٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٦ ح ١.

٧ ـ الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١.

٤٩١

أنه كتب إلى المأمون : « من محض الإسلام : ... وغسل الجمعة سنّة ، وغسل العيدين ، ودخول مكة والمدينة ، والزيارة ، والإحرام ، وأول ليلة من شهر رمضان ، وسبعة عشر ، وتسعة عشر ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وهذه الأغسال سنّة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله » (١).

وقصور السند منجبر بما مرّ ، فلا يعارضه المرسل : « الغسل في سبعة عشر موطناً ، الفرض ثلاثة : غسل الجنابة ، وغسل من مسّ ميتاً ، والغسل للإحرام » (٢) ونحوه الرضوي (٣).

إلّا أن الأحوط المحافظة عليه ، كما عن العماني (٤).

( و ) منها : غسل ( زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام ) قطع به الأصحاب ، ونصّت عليه الأخبار. إلّا أن أكثرها اقتصرت على الزيارة بحيث تحتمل زيارة البيت خاصة كما صرّحت به بعض المعتبرة (٥).

ولا ريب في الاستحباب لزيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأمير والحسين والرضا عليهم‌السلام ؛ لكثرة الأخبار.

وبالتعميم نص الرضوي : « والغسل ثلاثة وعشرون » وعدّ منها غسل زيارة البيت ، وغسل دخوله ، وغسل الزيارات (٦).

والمروي في التهذيب عن العلاء بن سيابة عن مولانا الصادق عليه‌السلام : في قوله تعالى ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) قال : « الغسل عند لقاء

__________________

١ ـ العيون ٢ : ١٢٠ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٦.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٠٥ / ٢١٧ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٦ ، الوسائل ٢ : ١٧٤ أبواب الجنابة ب ١ ح ٤.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ : المستدرك ٢ : ٤٧٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٤ ـ نقله عن العماني في المختلف : ٢٨.

٥ ـ الكافي ٣ : ٤٠ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٦ ـ تقدم مصدره في الهامش ٣ من نفس الصفحة.

٤٩٢

كل إمام » (١).

وروى ابن قولويه في كامل الزيارات في زيارة مولانا الكاظم والجواد عليهما‌السلام ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عمّن ذكره ، عن أبي الحسن عليه‌السلام وفيه قال : « إذا أردت موسى بن جعفر ومحمد بن علي عليهما‌السلام فاغتسل وتنظف » الحديث (٢).

وروى فيه أيضاً في زيارة أبي الحسن وأبي محمّد عليهما‌السلام وقال : روي عن بعضهم أنه قال : « إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما‌السلام وأبي محمّد الحسن بن علي عليهما‌السلام تقول إن وصلت ـ بعد الغسل ـ وإلّا أومأت بالسلام » الخبر (٣).

( و ) منها : الغسل ( لقضاء صلاة الكسوف ) والخسوف بشرط الاحتراق والترك متعمداً ، كما عن الهداية ومصباح الشيخ واقتصاده وجمله وخلافه والنهاية والمبسوط والكافي والمهذّب والمراسم ورسالة علي بن بابويه والنزهة والجامع والشرائع والمعتبر والغنية والإصباح والسرائر (٤) ، نافياً فيه الخلاف عن عدم الشرعية إذا انتفى الشرطان. وهو الأظهر ؛ للأصل ، والصحيح المروي في الخصال : « وغسل الكسوف ، إذا احترق القرص كلّه فاستيقظت ولم تصلّ فاغتسل واقض الصلاة » (٥).

__________________

١ ـ التهذيب ٦ : ١١٠ / ١٩٧ ، الوسائل ١٤ : ٣٩٠ أبواب المزار ب ٢٩ ح ٢.

٢ ـ كامل الزيارات : ٣٠١.

٣ ـ كامل الزيارات : ٣١٣ ، المستدرك ١٠ : ٣٦٤ ، أبواب المزار ب ٧٠ ح ٣.

٤ ـ الهداية : ١٩ ، مصباح المتهجد : ١٢ ، الاقتصاد : ٢٥٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٨ ، الخلاف ١ : ٦٧٨ ، النهاية ١٣٦ ، المبسوط ١ : ١٧٢ ، الكافي : ١٣٥ ، ١٥٦ ، المهذّب ١ : ٣٣ ، المراسم : ٥٢ ، نقله عن ابن بابويه في المختلف : ٢٨ ، النزهة : ١٦ ، الجامع للشرائع : ٣٣ ، الشرائع ١ : ٤٥ ، المعتبر ١ : ٣٥٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١١١ ، السرائر ١ : ١٢٥.

٥ ـ الخصال : ٥٠٨ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٤.

٤٩٣

ونحوه المرسل في الفقيه (١).

واشتراط الاستيقاظ وعدم الصلاة وإن لم يكن نصاً في اشتراط التعمد في الترك ، إلّا أن الإجماع قرينة عليه لعدم القائل باشتراطه بخصوصه ، بل كل من اشترط زائداً على الاحتراق اشترط الترك متعمداً لا غير ، ومن لم يشترط لم يشترط مطلقاً ، فاشتراط خصوص ما في النص لا قائل به إن حمل على عدم التعمد ، فحمله عليه لئلا يشذ أولى ، مع ظهوره فيه في الجملة ، فسقط الاعتراض عن عدم دلالته على اعتباره.

وأصرح منهما الرضوي : « وإن انكسفت الشمس أو القمر ولم تعلم به فعليك أن تصلّيها إذا علمت ، فإن تركتها متعمداً حتى تصبح فاغتسل وصلّ ، وإن لم يحترق القرص فاقضها ولا تغتسل » (٢).

خلافا للمرتضى في المصباح والمفيد في المقنعة (٣) ، فاقتصرا على التعمد ولم يعتبرا الاحتراق للمرسل : « إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلّي فليغتسل من غد وليقض الصلاة ، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه إلّا القضاء » (٤).

وهو مع ضعفه غير مكافئ لما تقدم ، ومع ذلك مطلق يقيّد به وبما يأتي.

وللمقنع والذكرى (٥) ، فعكسا فلم يعتبرا التعمد واقتصرا على الاحتراق للصحيح : « وغسل الكسوف ، إذا احترق القرص كلّه فاغتسل » (٦).

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٤٤ / ١٧٢.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٣٥ ، المستدرك ٢ : ٥١٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٧ ح ١.

٣ ـ نقله عن المرتضي في المعتبر ١ : ٣٥٨ ، المفيد في المقنعة : ٥١.

٤ ـ التهذيب ١ : ١١٧ / ٣٠٩ ، الاستبصار ١ : ٤٥٣ / ١٧٥٨ ، الوسائل ٣ : ٣٣٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٥ ح ١.

٥ ـ نقله عن المقنع في المختلف ب ٢٥ ح ١.

٦ ـ التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١.

٤٩٤

وهو مع قصوره عن المقاومة لما مرّ ليس فيه ذكر القضاء ، وظاهره العموم له وللأداء فخالف الوفاق من هذا الوجه. مع أن الظاهر اتحاده مع المروي في الخصال المتقدم ، وإنما حصل التغيير بنقل الشيخ له في التهذيب كما هنا ، فيرتفع الإشكال ويندفع الاستدلال.

وظاهر الأخبار وجوب هذا الغسل ، كما عن جمل السيّد وشرح القاضي له (١) ، مدعياً في الأخير عليه الإجماع ، وكذا في صلاة المقنعة والمراسم وظاهر الهداية والنهاية والخلاف والكافي وصلاة الاقتصاد والجمل والغنية (٢) ، ومال إليه في المنتهى لذلك (٣).

والأشهر بين المتأخرين الاستحباب ؛ للأصل ، وحصر الواجب من الأغسال في غيره في غير هذه الأخبار ، واحتمال الأمر للندب.

وفيه نظر ؛ لضعف الاحتمال كالحصر مع احتمال التخصيص بما مرّ ، وهو المعيّن في الجمع دون الاستحباب.

وعن ابن حمزة التردد فيه (٤). ولعلّه في محلّه.

إلّا أن الثاني أقوى لتعداده في الأغسال المستحبة ، وفاقاً للصحيحين المتقدمين (٥). وهو مع الشهرة العظيمة المتأخرة على الاستحباب أقوى قرينة ، فيحمل عليه الأوامر المتقدمة مضافاً إلى الأمور المتقدمة. والإجماع ممنوع‏

__________________

١ ـ جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٤٦ ، شرح الجمل : ١٣٥ ، ١٣٦.

٢ ـ المقنعة : ٢١١ ، المراسم : ٨١ ، الهداية ١٩ ، النهاية : ١٣٦ ، الخلاف ١ : ٦٧٨ ، الكافي : ١٥٦ ، الاقتصاد : ٢٧٢ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٩٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢.

٣ ـ المنتهي ١ : ١٣١.

٤ ـ الوسيلة : ٥٤. هذا في بحث الأغسال ، ولكن ظاهرة في بحث صلاة الكسوف الوجوب. انظر الوسيلة : ١١٢.

٥ ـ في ص : ٤٨٧ ، ٤٩٣.

٤٩٥

في أمثال محل النزاع. والأحوط عدم الترك.

( و ) منها : الغسل ( للتوبة ) عن فسق أو كفر ، كما عن المبسوط والسرائر والمهذّب والجامع والشرائع والمعتبر (١) ، صغيرة كان الفسق أو كبيرة كما عن المنتهى ونهاية الإحكام والنفلية (٢) ، وعن المقنعة وكتاب الاشراف والكافي والغنية والإشارة : التخصيص بالكبيرة (٣) ؛ وعليه يساعد المعتبرة كالرواية المروية في الكافي صحيحة فيمن أتى مولانا الصادق عليه‌السلام فقال : إنّ لي جيراناً ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود ، فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعاً مني لهن ، فقال عليه‌السلام : « لا تفعل » إلى أن قال الرجل : لا جرم أني تركتها وأنا أستغفر اللّه تعالى ، فقال عليه‌السلام : « قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك ، فلقد كنت مقيماً على أمر عظيم ، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك ، استغفر اللّه تعالى واسأله التوبة من كل ما يكره » (٤).

وما في أدعية السرّ من قوله سبحانه : « يا محمّد ، قل لمن عمل كبيرة من أمتك فأراد محوها والتطهر منها : فليتطهّر لي بدنه وثيابه ، وليخرج إلى برية أرضي ، فليستقبل وجهي حيث لا يراه أحد ، ثمَّ ليرفع يديه إليّ » الخبر (٥). والظاهر من التطهير الغسل ، فتأمل.

والإجماع المحكي عن الغنية غير معلوم المساعدة على الشمول للصغيرة ، فإذا الاقتصار على الكبيرة أولى. إلّا أن يتشبّث بذيل المسامحة في‏

__________________

١ ـ المبسوط ١ : ٤٠ ، السرائر ١ : ١٢٥ ، المهذّب ١ : ٣٣ ، الجامع للشرائع : ٣٣ ، الشرائع ١ : ٤٥ ، المعتبر ١ : ٣٥٩.

٢ ـ المنتهي ١ : ١٣١ ، نهاية ، الإحكام ١ : ١٧٨ ، النفلية : ٩.

٣ ـ المقنعة : ٥١ ، الإشراف ( مصنفات الشيخ المفيد ٩ ) : ١٧ ، الكافي : ١٣٥ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، الإشارة : ٧٢.

٤ ـ الكافي ٦ : ٤٣٢ / ١٠ ، الوسائل ٣ ، ٣٣١ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٨ ح ١.

٥ ـ انظر الجواهر السنية : ١٧٣ ، البحار ٩٢ : ٣٠٦ / ١.

٤٩٦

أدلة الاستحباب والكراهة والاكتفاء فيها بذكر واحد فضلاً عن جماعة.

ويستفاد من فحوى الرواية ـ مضافاً إلى ما فيها من العلّة العامة ـ الاستحباب للتوبة عن الكفر أصلياً كان أو ارتداديا ، مضافا إلى ما روي من أمره صلى‌الله‌عليه‌وآله بعض الكفار حين ما أسلم بالاغتسال (١). وفيه نظر لاحتمال كونه عن جنابة ، نعم : في أدعية السرّ : « يا محمّد ، ومن كان كافرا وأراد التوبة والإيمان فليطهّر لي ثوبه وبدنه » الخبر (٢). فتأمل.

وعن أحمد ومالك وأبي ثور : إيجابه للتوبة عن كفر (٣).

( و ) منها : الغسل ( لصلاة الحاجة ) وصلاة ( الاستخارة ) ممّا ورد له منهما الغسل ، لا مطلقاً ، مع احتماله ؛ لإطلاق المعتبرة كالرضوي : « وغسل الاستخارة ، وغسل طلب الحوائج من اللّه تبارك وتعالى » (٤).

ونحوه غيره ولكن في الأخير خاصة (٥).

وعلى الحكم في الجملة الإجماع عن الغنية وظاهر المعتبر والتذكرة (٦).

( و ) منها : الغسل ( لدخول الحرم ) إجماعاً كما عن الغنية (٧) ؛ للمعتبرة منها الصحيح في تعداد ما فيه الغسل : « وإذا دخلت الحرمين » (٨).

( و ) لدخول ( المسجد الحرام ) كما في أكثر الكتب ، إجماعاً كما عن‏

__________________

١ ـ الجعفريات : ١٧٥ ، المستدرك ٢ : ٥١٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٢ ح ٣ ، ورواه في مسند أحمد ٥ : ٦١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٨٦ / ٥٩.

٢ ـ الجواهر السنية : ١٧٥.

٣ ـ راجع المغني لابن قدامة ١ : ٢٣٩.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٢ ، المستدرك ٢ : ٤٩٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

٥ ـ فلاح السائل : ٦١ ـ ٦٢ ، المستدرك ٢ : ٤٩٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٢.

٦ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، المعتبر ١ : ٣٥٩ ، التذكرة ١ : ٥٨.

٧ ـ الغنية ( الجوامع الفقيهة ) : ٥٥٥.

٨ ـ الفقيه ١ : ٤٤ / ١٧٢ ، التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ ابواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١.

٤٩٧

الخلاف والغنية (١) ؛ للخبر : « إن اغتسلت بمكة ثمَّ نمت قبل أن تطوف فأعد غسلك » (٢) فتأمل جدّا.

( و ) لدخول ( الكعبة ) ـ عظّمها اللّه تعالى ـ كما في أكثر الكتب ، إجماعا كما عن الغنية والخلاف (٣) ؛ للمعتبرة منها الصحيحان في تعداد ما له الغسل ، ففي أحدهما : « ودخول الكعبة » (٤) وفي الثاني : « ويوم تدخل البيت » (٥).

( و ) لدخول ( المدينة ) ـ شرّفها اللّه تعالى ـ إجماعاً ، كما عن الغنية ؛ للمعتبرة منها الصحيح في تعداد ما مرّ : « ودخول مكّة والمدينة » (٦) والحسن : « إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها » (٧).

( و ) لدخول ( مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في المدينة ( إجماعاً ) ، كما عن الغنية للخبر : « وإذا أردت دخول مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٨).

( و ) منها ( غسل المولود ) حين ولادته على الأشهر الأظهر للأصل.

وقيل : يجب (٩) للموثق : « وغسل المولود واجب » (١٠).

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٢٨٦ ، الغنية ( الجوامع الفقيهة ) : ٥٥٥.

٢ ـ الكافي ٤ : ٤٠٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٩٩ / ٣٢٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٠٢ أبواب مقدمات الطواف ب ٦ ح ٢.

٣ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥. الخلاف ١ : ٢٨٦.

٤ ـ التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١٠.

٥ ـ التهذيب ١ : ١١٤ / ٣٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١١.

٦ ـ راجع الهامش ( ٥ ) من نفس الصفحه.

٧ ـ الكافي ٤ : ٥٥٠ / ١ ، التهذيب ٦ : ٥ / ٨ ، كامل الزيارات : ١٥ ، الوسائل ١٤ : ٣٤١ أبواب المزار ب ٦ ح ١.

٨ ـ التهذيب ١ : ١٠٥ / ٢٧٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٧ أبواب الإغسال المسنونة ب ١ ح ١٢.

٩ ـ قال به ابن حمزة في الوسيلة : ٥٤.

١٠ ـ الكافي ٣ : ٤٠ / ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ / ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٣.

٤٩٨

وفيه : ما مرّ من عدم ظهور الوجوب في المصطلح في بحث الأغسال لكثرة استعماله في المستحب إجماعاً ، وخصوصاً في الرواية ، فالمراد به تأكد الاستحباب. والحمد للّه.

٤٩٩
٥٠٠