رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

ولا بد من استيعاب الجبيرة بالمسح إذا كانت في موضع الغسل ، كما عن الخلاف والتذكرة ونهاية الإحكام (١). وعن المبسوط جعله أحوط (٢) ، وظاهره عدم اللزوم ؛ التفاتاً إلى صدق المسح عليها بالمسمّى. وهو مشكل ؛ لعدم تبادره من الإطلاق هنا ، فالمصير إلى الأول متعين. ولكن لا يشترط فيه الاستيعاب حقيقة بحيث يشمل الخلل والفرج والنقوب والثقوب ؛ لتعذره أو تعسره عادةً.

هذا كلّه إذا كانت الجبيرة طاهرة ، ومع نجاستها يجب وضع طاهر عليها ثمَّ المسح عليه ؛ تحصيلاً للأقرب إلى الحقيقة ، وخروجاً عن الشبهة ، وطلباً للبراءة اليقينية كما عن التذكرة (٣). وعن الشهيد إجراؤها مجرى الجرح في الاكتفاء عن غسله بغسل ما حولها فقط (٤).

وممّا ذكر يظهر وجوب تقليل الجبائر لو تعدّدت بعضها على بعض ، مع احتمال العدم والاكتفاء بالمسح على الظاهر ، لأنه بالنزع لا يخرجه عن الحائل كما عن نهاية الإحكام (٥) ، وهو مشكل.

والكسر المجرّد عن الجبيرة ، وكذا القرح والجرح إذا كان في موضع الغسل مع تعذر الغسل وجب مسحه مع الإمكان تحصيلاً للأقرب إلى الحقيقة ، ولتضمن الغسل إياه فلا يسقط بتعذر أصله ، وفاقاً لنهاية الإحكام والدروس (٦).

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ١٦٠ ، التذكرة ١ : ٢١ ، نهاية الإحكام ١ : ٦٥.

٢ ـ المبسوط ١ : ٢٣.

٣ ـ التذكرة ١ : ٢١.

٤ ـ الذكرى : ٩٧.

٥ ـ نهاية الإحكام ١ : ٦٦.

٦ ـ نهاية الإحكام ١ : ٦٦ ، الدروس ١ : ٩٤.

١٦١

ومع عدمه فالأحوط بل اللازم وضع جبيرة أو لَصوق عليه ، وفاقاً للمنتهى ونهاية الإحكام (١) ؛ تحصيلاً للأقرب إلى الحقيقة ، بل قيل : لا خلاف فيه ما لم يستر شيئا من الصحيح ، كما عن الذكرى (٢). والجمع بينه وبين التيمم أحوط. ويحتمل قوياً الاكتفاء بغسل ما حوله كما عن المعتبر والنهاية والتذكرة (٣) ؛ للحسن : عن الجرح ، قال : « اغسل ما حوله » (٤) ونحوه غيره (٥) ، ولكنهما لا ينفيان المسح على نحو الجبيرة ، ولكن في السكوت عنه إيماء إليه. فتأمل.

( ولا يجوز أن يولّي ) واجبات أفعال ( وضوئه ) كنفس الغَسل والمسح لا غير ( غيره اختياراً ) إجماعاً ، كما عن الانتصار والمعتبر والمنتهى ونهاية الإحكام وروض الجنان (٦) ؛ لظاهر الأوامر بها في الكتاب والسنّة ، والوضوءات البيانية مع قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلّا به ».

وخلاف الإسكافي وقوله بالجواز مع استحباب العدم (٧) ، شاذّ مدفوع بما ذكر.

ويستفاد من القيد هنا وفي كلام الأصحاب الجواز اضطراراً ، بل عن ظاهر المعتبر الإجماع عليه (٨). والمراد منه معنى الأعم الشامل للوجوب ، ولا

__________________

١ ـ المنتهي ١ : ٧٢ ، نهاية الإحكام ١ : ٦٦.

٢ ـ الذكرى : ٩٧.

٣ ـ المعتبر ١ : ٤١٠ ، النهاية : ١٦ ، التذكرة ١ : ٦٦.

٤ ـ الكافي ٣ : ٣٣ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٦٢ / ١٠٥٩ ، الاستبصار ١ : ٧٧ / ٢٣٩ ، الوسائل ١ : ٤٦٣ أبواب الوضوء ب ٣٩ ح ٢.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٦٣ / ١٠٩٦ ، الوسائل ١ : ٤٦٤ أبواب الوضوء ب ٣٩ ح ٣.

٦ ـ الانتصار : ٢٩ ، المعتبر ١ : ١٦٢ ، المنتهي ١ : ٧٢ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٩ ، روض الجنان : ٤٣.

٧ ـ نقله عنه العلامة في المختلف : ٢٥.

٨ ـ المعتبر ١ : ١٦٢.

١٦٢

ريب فيه هنا ؛ لعدم سقوط نفس الغَسل بتعذر المباشرة ، كيف لا؟! والميسور لا يسقط بالمعسور كما في المعتبر (١) ، مضافاً إلى ورود الأمر بالتولية في تيمم المجدور في المعتبرة (٢) ، ولا قول بالفرق ، فتجب أيضاً في المسألة.

( ومن دام به السلس ) أي تقطير البول بحيث لا يكون معه فترة تَسَع الصلاة ( يصلّي كذلك ) من دون تجديد للوضوء ، وفاقا للمبسوط وغيره (٣) ؛ لاستصحاب صحة الوضوء السابق مع الشك في حدثية القطرات الخارجة بغير اختيار بالشك في شمول إطلاقات حدثية البول لها لندرتها ، وظاهر إطلاق الموثق : عن رجل يأخذه تقطير في فرجه إمّا دم وإمّا غيره ، قال : « فليضع خريطة وليتوضأ وليصلّ ، فإنما ذلك بلاء ابتلي به ، فلا يعيدنّ إلّا من الحدث الذي يتوضأ منه » (٤).

ويؤيده ـ مضافاً إلى التعليل فيه ـ ظواهر المعتبرة الاُخر التي لم يتعرض فيها لذكر الوضوء لكل صلاة ، مع التعرض لما سواه ممّا دونه من التحفظ من الخبث بوضع الخريطة فيها والقطنة ، كالحسن : في الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه [ قال : فقال لي‏‏ ] : إذا لم يقدر على حبسه فاللّه تعالى أولى بالعذر ، يجعل خريطة » (٥) ومثله غيره (٦) ، مضافاً إلى الملة السمحة السهلة.

والأمر بالجمع بين الصلاتين الظهرين أو العشاءين بأذان وإقامتين في‏

__________________

١ ـ عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٥.

٢ ـ الوسائل ٣ : ٣٤٦ أبواب التيمم ب ٥.

٣ ـ المبسوط ١ : ٦٨ ؛ وانظر كشف الرموز ١ : ٦٩.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٤٩ / ١٠٢٧ ، الوسائل ١ : ٢٦٦ أبواب الوضوء ب ٧ ح ٩.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢٠ / ٥ ، الوسائل ١ : ٢٩٧ أبواب نواقض الوضوء ب ١٩ ح ٢ ، ومابين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٥١ / ١٠٣٧ ، الوسائل ١ : ٢٩٨ أبواب نواقض الوضوء ب ١٩ ح ٥.

١٦٣

الصحيح (١) لعلّه للخبث لا للحدث ، أو فيمن يمكنه التحفظ مقدارهما ، أو للاستحباب.

( وقيل : يتوضأ لكل صلاة ) وهو أشهر ، وعن الخلاف والسرائر (٢) ؛ لحدثية الصادر وناقضيته للوضوء ، ولا دليل على العفو مطلقاً واستباحة أكثر من صلاة بوضوء واحد مع تخلله ، وعليه تجب المبادرة إلى إيقاع المشروط بالوضوء عقيبه.

( وهو حسن ) قويّ متين لو وجد عموم على الأمرين (٣) فيه هنا أيضاً ، وليس إلّا الإطلاق ، وقد عرفت ما فيه مع ما تقدّم. ولا ريب أنه أحوط ، وليكن العمل عليه مهما أمكن.

وعن المنتهى المصير إلى هذا القول فيما سوى الظهرين والعشاءين ، وفيهما إلى الأول لكن مع الجمع لا مطلقاً (٤) ؛ للصحيح المتقدم. وقد مرّ الكلام فيه.

( وكذا ) الكلام قولاً ودليلاً واحتياطاً في ( المبطون ) الغير القادر على التحفّظ من الغائط أو الريح بقدر الصلاة. والمختار : المختار ، ويؤيده ما سيأتي من ظاهر بعض الأخبار ، وليس فيه القول الثالث.

( و ) القادر على ذلك (٥) ( لو فاجأه الحدث في أثناء الصلاة توضأ وبنى ) على الأشهر بين الأصحاب ؛ للمعتبرة ، كالصحيح : « صاحب البطن‏

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٣٨ / ١٤٦ ، التهذيب ١ : ٣٤٨ / ١٠٢١ ، الوسائل ١ : ٢٩٧ أبواب نواقض الوضوء ب ١٩ ح ١.

٢ ـ الخلاف ١ : ٢٤٩ ، السرائر ١ : ٣٥٠.

٣ ـ أي الحدث والناقضية. منه رحمه الله.

٤ ـ المنتهي ١ : ٧٣.

٥ ـ أي التحفظ من الغائط من بقدره الصلاة. منه رحمه الله.

١٦٤

الغالب يتوضأ ويبني على صلاته » (١) ومثله الموثق (٢).

ويحتمل البناء فيهما عدم القطع ، أي يبني على صحة صلاته ولا يقطعها بالحدث في الأثناء ، والمراد بالوضوء المأمور به حينئذ قبل الدخول فيها ، ويؤيده توصيف الداء بالغالب في الأول المشعر بالاستمرار المنافي للفترة المتسعة للصلاة ، فهما حينئذ دليلان للمختار من عدم حدثية مثله ، فلا يتم الاستناد إليهما حينئذ.

نعم في الموثق : « صاحب البطن يتوضأ ثمَّ يرجع في صلاته فيتم ما بقي » (٣) وهو ظاهر في المرام ، للفظي الرجوع والإتمام.

ولكن في مقاومته لما دلّ على اشتراط الصلاة بالطهارة وعدم وقوع الفعل الكثير فيها ـ من الأخبار والإجماع المحكي عن بعض الأخيار (٤) ـ نوع تأمل ، مع عدم الصراحة فيه ، بل وعدم الظهور المعتدّ به ، لاحتمال أن يراد منه أنه يجدد الوضوء بعد ما صلّى صلاة ثمَّ يرجع في الصلاة فيصلي الصلاة الباقية من عصر أو عشاء مثلاً.

ولعلّه لهذا اختار في المختلف والتذكرة ونهاية الإحكام وجوب الوضوء والاستئناف (٥). وتمام التحقيق سيأتي إن شاء اللّه تعالى في قواطع الصلاة.

والجمع بين القولين طريق الاحتياط ، وينبغي أن يكون العمل عليه.

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٢٣٧ / ١٠٤٣.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤١١ / ٧ ، الوسائل ١ : أبواب نواقض الوضوء ب ١٩ ح ٣.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٥٠ / ١٠٣٦ ، الوسائل ١ : ٢٩٨ أبواب نواقض الوضوء ب ١٩ ح ٤.

٤ ـ انظر التذكرة ١ : ١٣٢.

٥ ـ المختلف : ٢٥ ، التذكرة ١ : ٢١ نهاية الإحكام ١ : ٦٨.

١٦٥

( والسنن عشرة ) أُمور :

الأول : ( وضع الإناء على اليمين ) في المشهور للنبوي : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبّ التيامن في طهوره وشغله وشأنه كلّه (١).

وفي الحسن المروي في الكافي في باب علّة الأذان : « فتلقّى رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله الماء بيده اليمنى ، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمنى » (٢).

وربما علل بأنه أمكن في الاستعمال وأدخل في الموالاة. وفي الأول تأمل ، إلّا أن يكون النظر فيه إلى ما ورد من محبوبية السهولة له تعالى (٣).

وإطلاق المتن كغيره يشمل الإناء الضيّق الرأس كالإبريق ، والتعليلان لا يساعدانه ، بل يناسبهما الانعكاس ، كما عن نهاية الإحكام (٤). ولا بأس به ، ولا تنافيه الروايتان بعد الاغتراف باليمين. فتأمّل.

( و ) الثاني : ( الاغتراف بها ) لما مرّ ، مضافا إلى الوضوءات البيانية المتضمنة لاغترافهم بها عليهم‌السلام (٥).

وإطلاق المتن كغيره ـ وربما نسب إلى المشهور (٦) ـ الاستحباب مطلقاً حتى لغسلها ؛ ولعلّه لإطلاق الدليل مع ما في الصحيح في الوضوء البياني من قوله : ثمَّ أخذ كفاً آخر بيمينه ، فصبّه على يساره ، ثمَّ غسل به ذراعه الأيمن (٧)

____________

١ ـ مسند أحمد ٦ : ٩٤ ، صحيح البخاري ١ : ٥٣ ، بتفاوت يسير.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٩٠ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٥.

٣ ـ لم نعثر في كتب الحديث على نصّ يدلّ على ذلك ، ولكن أورد متنه في الجواهر ٢ : ٣٢٩ ـ نقلاً عن بعض ـ وهو : « إن الله يحب ما هو الأيسر والأسهل ».

٤ ـ نهاية الإحكام ١ : ٥٣.

٥ ـ الوسائل ١ : ٣٨٧ أبواب الوضوء ب ١٥.

٦ ـ كما في الحدائق ٢ : ١٤٥.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢٤ / ٣ ، الوسائل ١ : ٢٩١ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٧.

١٦٦

ومثله الموثق على نسخة التهذيب (١) ، ولكنه في الكافي بعكس ذلك كما في الصحاح (٢). وحملها على مجرّد الجواز وعدم الالتفات فيها إلى بيان استحباب ذلك ممكن ، ولكنه ليس بأولى من العكس (٣) ، ولكن إطلاق ما تقدم مع الشهرة يرجح الأول.

( و ) الثالث ( التسمية ) عند وضع اليد في الماء ، كما في الصحيح (٤) وغيره (٥) ، أو عند وضعه على الجبينين ، كما في آخر صريحا (٦) ، والصحاح ظاهراً ، ففي الصحيح : « من ذكر اسم اللّه تعالى على وضوئه فكأنما اغتسل » (٧) والجمع بينهما أكمل.

ولا ضرر في تركها إجماعا ؛ للأصل ، وظاهر الصحيح : « إذا سمّيت طهر جسدك كلّه ، وإذا لم تسمّ لم يطهر من جسدك إلّا ما مرّ عليه الماء » (٨) مؤيدا بظاهر الصحيح المتقدم.

وما في بعض الأخبار ممّا ينافي بظاهره ذلك (٩) ـ مع قصوره سنداً ومقاومة

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٥٦ / ١٥٨ ، الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٨ ، الوسائل ١ : ٣٩٢ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ١١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٢٢ / ٥ ، الوسائل ١ : ٣٨٨ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٣ ، وانظر أيضاً إلى أحاديث ٢ و ٤ و ٦ و ١٠ من ذلك الباب.

٣ ـ أي حمل الصحيح الأول على هذا الحمل دونها. منه رحمه الله.

٤ ـ التهذيب ١ : ٧٦ / ١٩٢ ، الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٨ ، الوسائل ١ : ٤٢٣ أبواب الوضوء ب ٢٦ ح ٢.

٥ ـ الوسائل ١ : ٤٢٣ أبواب الوضوء ب ٢٦.

٦ ـ الکافي ٣ : ٢٥ / ٤ ، الوسائل ١ : ٣٨٧ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.

٧ ـ ثواب الأعمال : ١٥ ، المقنع : ٧ ( مرسلاً ) ، الوسائل ١ : ٤٢٥ أبواب الوضوء ب ٢٦ ح ٩.

٨ ـ الكافي ٣ : ١٦ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٥٥ / ١٠٦٠ ، لاستبصار ١ : ٦٧ / ٢٠٤ ، الوسائل ١ : ٤٢٤ أبواب الوضوء ب ٢٦ ح ٥.

٩ ـ التهذيب ١ : ٣٥٨ / ١٠٧٥ ، الاستبصار ١ : ٦٨ / ٢٠٦ ، الوسائل ١ : ٤٢٤ أبواب الوضوء ب ٢٦ ح ٦.

١٦٧

لما تقدم وشذوذه ـ محمول على شدة تأكد الاستحباب.

وفي استحباب الإتيان بها في الأثناء مع الترك ابتداءً عمداً أو سهواً ـ كما عن الذكرى وغيره (١) ـ تأمل ، خصوصاً في الأول. وثبوته في الأكل ـ مع حرمة القياس ـ غير نافع. وشمول المعتبرة بعدم سقوط الميسور بالمعسور (٢) لمثله محل تأمل. ولكن الإتيان بها حينئذ بقصد الذكر حسن.

( و ) الرابع : ( غسل اليدين ) من الزندين للتبادر ، والاقتصار على المتيقن ( مرّة للنوم والبول ، ومرّتين للغائط ، قبل الاغتراف ) في المشهور ، بل عن المعتبر الاتفاق عليه (٣).

للحسن : كم يفرغ الرجل على يده قبل أن يدخلها في الإناء؟ قال : « واحدة من حدث البول ، واثنتان من الغائط ، وثلاث من الجنابة » (٤).

وفي الخبر : في الرجل يستيقظ من نومه ولم يبل ، أيدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها؟ قال : « لا ، لأنه لا يدري أين باتت يده ، فليغسلها » (٥).

وفي المرسل في الفقيه : « اغسل يدك من البول مرّة ، ومن الغائط مرّتين ، ومن الجنابة ثلاثاً ، وقال : اغسل يدك من النوم مرّة » (٦).

وإطلاق المرّة فيما عدا الجنابة ـ كما عن البيان والنفلية (٧) ـ لا دليل عليه ،

__________________

١ ـ الذكرى : ٩٣ ؛ وانظر الذخيرة : ٤٠.

٢ ـ عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٥.

٣ ـ المعتبر ١ : ١٦٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٢ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٦ / ٩٦ ، الاستبصار ١ : ٥٠ / ١٤١ ، الوسائل ١ : ٤٢٧ أبواب الوضوء ب ٢٧ ح ١ ، بتفاوت يسير.

٥ ـ الكافي ٣ : ١١ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ / ١٠٦ ، الاستبصار ١ : ٥١ / ١٤٥ ، الوسائل ١ : ٤٢٨ أبواب الوضوء ب ٢٧ ح ٣.

٦ ـ الفقيه ١ : ٢٩ / ٩١ و ٩٢ ، الوسائل ١ : ٤٢٨ أبواب الوضوء ب ٢٧ ح ٤ و ٥.

٧ ـ البيان : ٤٩ ، النفلية : ٦.

١٦٨

كإطلاق المرّتين فيه كما عن اللمعة (١).

وأمّا ما في الخبر : « يغسل الرجل يده من النوم مرّة ، ومن الغائط والبول مرّتين ، ومن الجنابة ثلاثاً » (٢) فمع شذوذه وقصوره سنداً ومقاومة لما تقدم يحتمل التداخل ، كما عن ظاهر الأصحاب (٣).

وهل هو لدفع النجاسة المتوهمة فلا يستحب إلّا في القليل وصورة عدم تيقن الطهارة ولا يحتاج إلى النية ، أم تعبّد محض فيعمّ جميع ذلك؟

الأقرب الثاني ، وفاقاً للمنتهى (٤) لإطلاق ما عدا الخبر الثاني ، وليس فيه ـ مع قصور سنده واختصاصه بالنوم ـ ما يوجب التقييد مطلقاً ، فالتعميم أولى.

ومنه يظهر عدم الاختصاص بالإناء الواسع الرأس وإن اختص هو (٥) كالحسن به لإطلاق الأخيرين وغيرهما. ولا وجه للتقييد لعدم المنافاة.

( و ) الخامس والسادس ( المضمضة ) وهي : إدارة الماء في الفم ( والاستنشاق ) وهو : جذبه إلى داخل الأنف ، على المشهور ، بل عن الغنية الإجماع عليه (٦) ، والنصوص به مستفيضة.

ففي المروي في الكتب الثلاثة ، مسنداً فيما عدا الفقيه ومرسلا فيه ، في وصف وضوء مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : « ثمَّ تمضمض فقال ـ وذكر الدعاء ـ ثمَّ استنشق وقال » الحديث (٧).

__________________

١ ـ الروضة ١ : ٧٨.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٦ / ٩٧ ، الاستبصار ١ : ٥٠ / ١٤٢ ، الوسائل ١ : ٤٢٧ أبواب الوضوء ب ٢٧ ح ٢.

٣ ـ انظر الحدائق ٢ : ١٤٩.

٤ ـ المنتهي ١ : ٤٨.

٥ ـ أي الخبر الثاني. منه رحمه الله.

٦ ـ الغنية ( الجوامع الفقية ) : ٥٥٤.

٧ ـ الكافي ٣ : ٧٠ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦ / ٨٤ ، التهذيب ١ : ٥٣ / ١٥٣ ، الوسائل ١ : ٤٠١ أبواب الوضوء ب ١٦ ح ١.

١٦٩

والمروي في مجالس أبي علي ولد شيخنا الطوسي رحمه اللّه : « فانظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة ، تمضمض ثلاث مرّات ، واستنشق ثلاثاً » (١).

والنبوي في ثواب الأعمال مسنداً : « ليبالغ أحدكم في المضمضة والاستنشاق ، فإنه غفران لكم ومنفرة للشيطان » (٢).

وفي الخصال في حديث الأربعمائة : « المضمضة والاستنشاق سنّة وطهور للفم والأنف » (٣).

وقصور أسانيدها كغيرها منجبر بالشهرة وأدلّة المسامحة في أدلّة السنن والكراهة.

خلافاً للعماني ، فليسا بفرض ولا سنّة (٤) ، وله شواهد من الأخبار (٥) ؛ لكنها ـ ككلامه ـ محتملة للتأويل القريب بحمل السنّة المنفية فيها على الواجبة النبوية ، ولعلّ سياقها شاهد عليه ، مضافاً إلى عدم ثبوت كونها فيها وفي كلامه حقيقة في المعنى المصطلح.

وعن أمالي الصدوق : أنهما مسنونان خارجان من الوضوء ، لكونه فريضة كلّه (٦) ، وحمل الأخبار عليه غير بعيد.

ومقتضى الخبر الأول كالترتيب الذكري في غيره : تقديم الأول ، كما عن الوسيلة والتحرير والتذكرة ونهاية الإحكام والذكرى والنفلية والجامع والمقنعة

__________________

١ ـ أمالي الطوسي : ٢٩ ، الوسائل ١ : ٣٩٧ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ١٩.

٢ ـ ثواب الأعمال : ١٩ ، الوسائل ١ : ٤٣٢ أبواب الوضوء ب ٢٩ ح ١١.

٣ ـ الخصال : ٦١٠ / ١٠ ، الوسائل ١ : ٤٣٣ أبواب الوضوء ب ٢٩ ح ١٣.

٤ ـ نقله عنه في المختلف : ٢١.

٥ ـ الوسائل ١ : ٤٣١ أبواب الوضوء ب ٢٩ ح ٥ و ٦.

٦ ـ لم نعثر عليه في الأمالي أو محكيّه ، نعم وجدناه في الهداية : ١٧.

١٧٠

والمصباح ومختصره والمهذّب والبيان (١) والمبسوط ، وفيه : أنه لا يجوز تقديم الاستنشاق (٢). وهو كذلك مع قصد المشروعية ؛ لعدم ثبوتها فيه ، للشك في شمول إطلاق الأخبار له ، سيّما مع الترتيب الذكري فيها والفعلي في غيرها.

ومقتضى الخبر الثاني التثليث فيهما ، وعن الغنية الإجماع عليه (٣). وليس فيه كغيره تعداد الغرفات ستّاً كما عن التذكرة ونهاية الإحكام (٤) ، أو الاقتصار بكف لكل منهما ، أو مرّتين لهما بالتوزيع بينها فيهما كما عن المصباح ومختصره والنهاية والمقنعة والوسيلة والمهذّب والإشارة (٥) ، بل ظواهر الإطلاقات فيهما جواز الاكتفاء بكف لهما كما عن الاقتصاد والجامع والمبسوط والإصباح (٦) ، وفي الأخيرين التصريح بالتخيير بين أن يكونا بغرفة أو بغرفتين كما في الأول ، أو ثلاث كما في الثاني ، ولكن المتابعة لهم جيدة بناء على المسامحة.

ومقتضى الخبرين الأخيرين ولا سيّما الأوّل منهما استحباب إدارة الماء في جميع الفم والأنف للمبالغة ، كما عن المنتهى والذكرى (٧).

__________________

١ ـ الوسيلة : ٥٢ ، التحرير ١ : ٨ ، التذكرة ١ : ٢١ نهاية الإحكام ١ : ٥٦ ، الذكرى : ٩٣ ، النفلية : ٧ جامع الشرائع : ٣٤ ، المقنعة : ٤٣ ، ٥٥ ، مصباح المتجهد : ٧ و ٩ المهذب ١ : ٤٣ ، ٤٥ ، البيان : ٥٠.

٢ ـ المبسوط ١ : ٢٠.

٣ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤.

٤ ـ التذكرة ١ : نهاية الإحكام ١ : ٥٦.

٥ ـ مصباح المتجهد : ٧ ، النهاية : ١٢ ، المقنعة ٤٣ ، الوسيلة : ٥٢ ، المهذب ١ : ٤٣. الأشارة ٧١.

٦ ـ الاقتصاد : ٢٤٢ ، جامع الشرائع : ٣٤ ، المبسوط ١ : ٢٠ ، ونقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٧٢.

٧ ـ المنتهي ١ : ٥١ ، الذكرى : ٩٣.

١٧١

وليس في شيء منها كغيرها اشتراط المجّ والاستنثار للمستعمل عن الموضعين في الاستحباب كما عن الذكرى وفاقاً للمنتهى (١) ، وجعلهما في النفلية مستحباً آخر » (٢).

( و ) السابع : ( أن يبدأ الرجل ) في صب الماء ( بظاهر ذراعيه ، والمرأة بباطنهما ) مطلقاً على الأشهر الأظهر للخبر : « فرض اللّه تعالى على النساء في الوضوء أن يبدأن بباطن أذرعهنّ ، وفي الرجال بظاهر الذراع » (٣) ومثله مروي في الخصال (٤).

وعن المبسوط والنهاية والغنية والإصباح والإشارة وظاهر السرائر : اختصاص ذلك بالغسلة الاولى وينعكس في الثانية (٥) ، وعليه الإجماع في الغنية والتذكرة (٦). فإن تمَّ وإلّا فمستنده غير واضح من الرواية ، واشتهار الإطلاق يدافع تمامية الإجماع.

ويتخير الخنثى بين البدأة بالظهر أو البطن على الأول ، وبين الوظيفتين على الثاني.

( و ) الثامن : ( الدعاء عند غسل كلّ من الأعضاء ) الواجبة والمندوبة بالمأثور في الخبر (٧).

__________________

١ ـ المنتهي ١ : ٥١ ، الذكرى : ٩٣.

٢ ـ النفلية : ٦.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢٨ / ٦ ، التهذيب ١ : ٧٦ / ١٩٣ ، الوسائل ١ : ٤٦٦ أبواب الوضوء ب ٤٠ ح ١.

٤ ـ الخصال : ٥٨٥ / ١٢ ، المستدرك ١ : ٣٣٨ أبواب الوضوء ب ٣٥ ح ١.

٥ ـ المبسوط ١ : ٢٠ و ٢١ ، النهاية : ١٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ حكاه عن الأصباح في كشف اللثام ١ : ٧٣ ، الاشارة ٧١ : السرائر ١ : ١٠١.

٦ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، التذكرة ١ : ٢١.

٧ ـ الكافي ٣ : ٧٠ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦ / ٨٤ ، التهذيب ١٥٣ / ٥٣ : ١ ، المقنع : ٣ و ٤ ، ثواب الأعمال : ١٦ ، أمالي الصدوق ٤٤٥ / ١١ ، المحاسن : ٤٥ / ٦١ ، الوسائل ١ : ٤٠١ أبواب الوضوء ب ١٦ ح ١.

١٧٢

( و ) التاسع : إسباغ ( الوضوء بمدّ ) بإجماعنا وأكثر أهل العلم كما عن التذكرة (١) ، وعليه تدل الأخبار المستفيضة ، ففي الصحيح : « كان رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضأ بمدّ ويغتسل بصاع » (٢).

خلافاً لبعض من أوجبه من العامة (٣). ويضعّفه بعد الإجماع ما تقدّم من الأخبار في إجزاء مثل الدهن (٤).

وليس في استحبابه دلالة على وجوب غسل الرّجلين ، بناء على زيادته عن ماء الوضوء مع مسحهما ، كما توهّمته العامة ؛ لمنعها على تقدير استحباب كلّ من المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ، وتعدّد الغسلات مرّتين ، مع غَسل اليدين مرّة أو مرّتين كما تقدّم ، فإنّ مجموع ذلك يبلغ ثلاث عشرة كفاً أو أربع عشرة ، والمدّ لا يزيد عن ذلك ، لكونه رطلاً ونصفاً بالمدني كما في الصحيح (٥) بحمل الأرطال فيه عليه إجماعاً مع تأيّده بكونه رطل بلد الإمام المذكور فيه ، فيكون رطلين وربعاً بالعراقي.

والرطل مائة وثلاثون درهما على الأشهر كما تقدّم في بحث الكرّ (٦).

والدرهم ستة دوانيق باتفاق الخاصة والعامة ونصّ أهل اللغة (٧).

والدانق ثمان حبّات من أوسط حبّ الشعير بلا خلاف منّا ، والخبر الوارد

__________________

١ ـ التذكرة ١ : ٢١.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٣٦ / ٣٧٩ ، الاسبتصار ١ : ١٢١ / ٤٠٩ الوسائل ١ : ٤٨١ أبواب الوضوء ب ٥٠ ح ١.

٣ ـ كالسرخسي في المبسوط ١ : ٤٥ ، وابن قدامة في المغني ١ : ٢٥٦.

٤ ـ راجع ص ١٢٨.

٥ ـ وهو الصحيح المتقدم في صدر المسألة.

٦ ـ راجع ص ٢٧.

٧ ـ منهم الطريحي في مجمع البحرين ٦ : ٦١ ، والفيومي في المصباح المنير : ١٩٣.

١٧٣

بخلافه (١) ( مع شذوذه ) (٢) ضعيف بجهالة الراوي.

فيكون المدّ على ما قلناه وزن ربع منّ تبريزي واف.

نعم يشكل ذلك على القول بعدم استحباب الأوّلين أو الثالث. وربما يؤوّل حينئذ بدخول ماء الاستنجاء فيه ، ولكنه بعيد وإن استشهد له ببعض الأخبار. ففيه (٣) شهادة حينئذ على استحباب الأمرين مع التثليث في كلّ من الأوّلين (٤).

( و ) العاشر ( السواك ) أي دلك الأسنان بعود وشبهه ، ومنه الإصبع كما في الخبر : « السواك بالمسبحة والإبهام عند الوضوء سواك » (٥).

ولكن في الصحيح : في الرجل يستاك بيده إذا قام إلى الصلاة وهو يقدر على السواك ، قال : « إذا خاف الصبح فلا بأس » (٦).

( عنده ) أي قبل الوضوء ، فإن لم يفعل فبعده للخبر : « الاستياك قبل أن يتوضأ » [ قلت : ] أرأيت إن نسي حتى يتوضأ ، قال : « يستاك ثمَّ يتمضمض ثلاث مرّات » (٧).

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٢٣ / ٦٩ ، التهذيب ١ : ١٣٥ / ٣٧٤ ، الاستبصار ١ : ١٢١ / ٤١٠ ، الوسائل ١ : ٤٨١ أبواب الوضوء ب ٥٠ ح ٣.

٢ ـ ليست في « ل ».

٣ ـ أي في الستحباب الإسباغ بالمد. منه رحمه الله.

٤ ـ أي المضمضة والاستنشاق. منه رحمه الله.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٥٧ / ١٠٧٠ الوسائل ٢ : ٢٤ أبواب السواك ب ٩ ح ٤.

٦ ـ الفقيه ١٢٢ / ٣٤ : ١ ، قرب الاسناد : ٢٠٧ / ٨٠٦ ، الوسائل ٢ : ٢٤ أبواب السواك ب ٩ ح ١ ، وفي الجميع : « إذا قام إلى صلاة الليل ».

٧ ـ الكافي ٣ : ٢٣ / ٦ ، المحاسن : ٥٦١ / ٩٤٧ ، الوسائل ٢ : ١٨ أبواب السواك ب ٤ ح ١ ، بدل ما بين المعقوفين في النسخ : قال. وما أثبتناه من المصادر.

١٧٤

ولعلّه مراد النفلية باستحبابه قبله وبعده (١). ويحتمل إرادة الظاهر (٢) ؛ لإطلاق النصوص باستحبابه لكل صلاة أو عندها (٣). إلّا أنّ الظاهر أنّ المأتي به قبل وضوء كل صلاة يكون لها أو عندها فلا تكرار.

والأولى تقديمه على غسل اليدين كما استظهره في الذكرى (٤) ، وجعله الشيخ في بعض كتبه أفضل (٥).

وظاهر المتن كغيره كونه من سنن الوضوء ، كما في الخبر : « السواك شطر الوضوء » (٦) وليس فيما دلّ على استحبابه على الإطلاق حتى فيمن لم يتمكن منافاة لذلك.

خلافاً لنهاية الإحكام ، فاحتمل كونه سنّة برأسها (٧). فتأمل.

والمستند في شرعيته مطلقاً وفي خصوص المقام الإجماع ، والنصوص بالعموم والخصوص.

فمن الأول الصحيح النبوي : « ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفى ـ أو أدرَد ـ » (٨) وهما بإهمال الحاء والدالين عبارة عن إذهاب الأسنان.

ومن الثاني ـ بعد ما تقدّم ـ الصحيح : « وعليك بالسواك عند كل‏

__________________

١ ـ النفلية : ٧.

٢ ـ أي ظاهر العبارة من الاستحباب قبل الوضوء وبعده أيضاً ، دون نقييد الأخير بعدم فعله أولاً. منه رحمه الله.

٣ ـ الوسائل ٢ : ١٦ و ١٨ أبواب السواك ب ٣ و ٥.

٤ ـ الذكرى : ٩٣.

٥ ـ كما في عمل اليوم والليلة ( الرسائل العشر ) : ١٤٢.

٦ ـ الفقيه ١ : ٣٢ / ١١٤ ، الوسائل ٢ : ١٧ أبواب السواك ب ٣ ح ٣.

٧ ـ نهاية الإحكام ١ : ٥٢.

٨ ـ الكافي ٣ : ٢٣ / ٣ ، الوسائل ٢ : ٥ أبواب السواك ب ١ ح ١.

١٧٥

وضوء » (١).

وظاهر كل منهما ، وخصوص الصحيح وغيره ، كالمتن وغيره : استحبابه للصائم مطلقاً ولو كان بالرطب ، ولعلّه الأشهر.

وربما قيل بالكراهة له حينئذ (٢) للمستفيضة الناهية عنه في هذه الصورة ، منها الحسن : « لا يستاك بسواك رطب » (٣).

ولعلّ مراعاته أحوط لظاهر النهي. إلّا أن يكون إجماع على الجواز فالأوّل متعين (٤).

__________________

١ ـ الروضة من الكافي ٨ : ٧٩ / ٣٣ ، الوسائل ٢ : ١٦ أبواب السواك ب ٣ ح ١.

٢ ـ قال به الشيخ في الاستبصار ٢ : ٩٢ والحلبي في الكافي في الفقه : ١٧٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٧٢.

٣ ـ الكافي ٤ : ١١٢ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٣٢٣ / ٩٩٢ ، الوسائل ١٠ : ٨٤ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٨ ح ١٠.

٤ ـ أي الاستحباب مطلقاً ، للشهره وخصوص الصحيح. وضعف المستفيضه والحسن لا يقاوم الصحيح مضافاً إلى شذوذ ظواهرها. منه رحمه الله.

١٧٦

( ويكره الاستعانة ) فيه أي في مقدّمات الوضوء كصبّ الماء ـ لا نفسه ، لكون توليته محرّمة كما تقدّم ـ للخبرين ، في أحدهما : « إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان لا يدعهم يصبون الماء على يديه ويقول : لا أحب أن أشرك في صلاتي أحداً » (١).

والآخر يظهر منه التحريم (٢) ، لكن لضعفه يحمل على الكراهة للاحتياط والمسامحة ، أو التولية المحرّمة.

وتوضئة أبي عبيدة الحذّاء مولانا الباقر عليه‌السلام في المشعر ـ كما في الصحيح (٣) ـ محمولة على بيان الجواز أو الضرورة لو كانت من الاستعانة ، وعلى الضرورة فقط لو كانت من التولية المحرّمة.

وليس منها استحضار الماء وإسخانه ؛ للأصل ، والخروج عن الصب المرغوب عنه في الخبرين ، والشك في شمول التعليل فيهما لمثله ، مضافا إلى فعلهم عليهم‌السلام ذلك. فتأمل.

( والتمندل ) أي تجفيف ماء الوضوء عن الأعضاء المغسولة بالمنديل ؛ للشهرة ، مع ما فيه من التشبه بالعامة المرغوب عنه في المعتبرة.

واستدل لها بالخبر (٤).

____________

١ ـ الفقيه ١ : ٢٧ / ٨٥ ، التهذيب ١ : ٣٥٤ / ١٠٥٧ ، المقنع : ٨ علل الشرائع : ٢٧٨ / ١ ، الوسائل ١ : ٤٧٧ أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ٦٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٦٥ / ١١٠٧ ، الوسائل ١ : ٤٧٦ أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٥٨ / ١٦٢ ، الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧٢ ، الوسائل ١ ، ٣٩١ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٨.

٤ ـ الكافي ٣ : ٧٠ / ٤ ، الفقيه ١ : ٣١ / ١٠٥ ثواب الأعمال : ١٦ ، المحاسن : ٤٢٩ / ٢٥٠ ، الوسائل ١ : ٤٧٤ أبواب الوضوء ب ٤٥ ح ٥.

١٧٧

وفيه نظر ، مع معارضته بأخبار اُخر (١) هي في استحباب التمندل من الكراهة أظهر ، إلّا أنّ مداومة العامة عليه شاهد ( قوي ) (٢) على ورودها للتقية.

ولعلّه لما ذكرنا من الأخبار قيل بعدم الكراهة فيه ، كما عن المرتضى في شرح الرسالة والشيخ في أحد قوليه (٣).

__________________

١ ـ الوسائل ١ : ٤٧٣ أبواب الوضوء ب ٤٥.

٢ ـ ليست في « ش ».

٣ ـ نقله عن المترضي في الذكرى : ٩٥ ، الشيخ في الخلاف ١ : ٩٧.

١٧٨

( الرابع : في الأحكام ) :

( من تيقن الحدث وشك في الطهارة ) بعده ، أو ظنّ ، على الأشهر الأظهر هنا وفيما سيأتي ( أو تيقنهما وجهل المتأخر ) منهما والحالة السابقة عليهما ( تطهّر ) فيهما إجماعاً فتوىً ونصاً.

فممّا يتعلق بالأولى منه الصحيح : « ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (١) وبمعناه الأخبار المستفيضة (٢).

مضافاً إلى الإطلاقات والقاعدة فيها وفي الثانية ، لتكافؤ الاحتمالين الموجب لتساقطهما من البين الرافع لليقين بالطهارة الواجب للمشروط بها.

وممّا يتعلق بالثانية منه الرضوي : « وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيّهما أسبق فتوضأ » (٣).

وإطلاقه يعمّ صورتي العلم والجهل بالحالة السابقة على الأمرين في الثانية كما هو الأظهر الأشهر ، وضعفه بها قد انجبر ، مضافاً إلى ما تقدّم.

وربما فصّل هنا بتفصيلين متعاكسين في صورة العلم بالحالة السابقة على الأمرين ، فيأخذ بضدّها على قول كما عن المصنف في المعتبر (٤) ، وبالمماثل على قول آخر كما عن الفاضل في القواعد والمختلف (٥) لاعتبارات هيّنة ووجوه ضعيفة هي في مقابلة النص المتقدم المعتضد بالشهرة مع الإطلاقات والقاعدة غير مسموعة.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٢١ / ١٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٨٣ / ٦٤١ ، علل الشرائع : ٣٦١ / ١ ، الوسائل ٣ : ٤٦٦ أبواب النجاسات ب ٣٧ ح ١.

٢ ـ الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٦٧ ، المستدرك ١ : ٣٤٢ أبواب الوضوء ب ٣٨ ح ١.

٤ ـ المعتبر ١ : ١٧١.

٥ ـ القواعد ١ : ١٢ ، المختلف : ٢٧.

١٧٩

( ولو تيقن الطهارة وشك ) أو ظن ( في الحدث ) بعدها ( أو شك ) أو ظن ( في شيء من أفعال الوضوء بعد انصرافه ) عنه وإتمامه له وإن لم يقم من محلّه في الأشهر الأظهر كما عن ثاني المحقّقين وثاني الشهيدين وغيرهما (١) لظاهر الصحيحين الآتيين مع قوة الظهور في أحدهما.

( بنى على الطهارة ) إجماعاً فيهما نصاً وفتوى.

فمن الأوّل في الأوّل ـ بعد ما تقدّم من المستفيضة الناهية عن نقض اليقين بالشك ـ الصحيح : في متطهّر حرّك إلى جنبه شيء ولم يعلم به ، قال : « لا حتى يستيقن أنه قد نام ، حتى يجي‏ء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبداً بالشك ، ولكن ينقضه بيقين آخر » (٢).

والموثق « إذا استيقنت أنك أحدثت فتوضأ ، وإياك أن تحدث وضوءا أبدا حتى تستيقن أنك أحدثت » (٣).

وظاهر النهي والتحذير فيهما الحرمة ، وربما حمل على الرخصة ، لا عليها ، بناء على استحباب التجديد. وإبقاؤهما عليه مع تقييد إطلاقهما بقصد الوجوب لعلّه أظهر.

إلّا إذا كان الشك بخروج البلل ولم يستبرئ ، فتجب الإعادة بالإجماع كما عن الحلّي (٤) ، ومفهوم المعتبرة ، منها الصحيح ، وفيه بعد الأمر بالاستبراء : « ثمَّ إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي » (٥).

__________________

١ ـ المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٢٣٧ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٤٤ ؛ وانظر المدارك ١ : ٢٥٧.

٢ ـ التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.

٣ ـ الكافي ٣ : ٣٣ / ١ ، التهذيب ١٠٢ / ٢٦٨ ، الوسائل ١ : ٢٤٧ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٧.

٤ ـ اسرائر ١ : ٩٧ ، ١٢٢.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٧ / ٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٦ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب نواقض الوضوء.

١٨٠