رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

وهو ضعيف لأن اختصاص مورد الثاني بالجاري لا يستلزم اشتراطه ، وثبوت البأس في مفهوم الأول مع عدم الجريان أعم من النجاسة فيحتمل الكراهة.

مضافاً إلى ضعف الدلالة من وجوه أخر ، أظهرها احتمال إرادة الجريان من السماء ، المعبر عنه بالتقاطر في كلام الفقهاء.

ويقوّي هذا الاحتمال أنّ حمل الجريان على ما فهمه الشيخ من الجريان من الميزاب ونحوه يوجب خلو ما ذكروه من اشتراط التقاطر من السماء في عدم الانفعال من نص يدل عليه ، وهو بعيد.

( ومحصّل هذا الجواب إجمال متعلّق الجريان ، فكما يحتمل ما يستدلّ به للشيخ فكذا يحتمل ما ذكرناه ممّا لا خلاف فيه ) (١).

وربما يتردد بعض المتأخرين (٢) في إلحاقه بالجاري مع ورود النجاسة عليه مع عدم الجريان التفاتاً إلى اختصاص الروايات المتقدّمة النافية للبأس عنه بعد الملاقاة بوروده على النجاسة ، ولا دلالة فيها على الحكم المذكور مع العكس ، فينبغي الرجوع فيه إلى القواعد.

وهو ضعيف لما قدّمناه من الأصول ، وعموم المرسلة وإن تضمن صدرها ما في سابقيها ، لعدم تخصيص العام بالمورد الخاص فتأمل.

مع أن قوله عليه‌السلام في الصحيح المتقدم : « ما أصابه من الماء أكثر منه » في حكم التعليل ، وظاهره جعل العلّة خصوص الأكثرية ، ولا يختلف فيها الحال في الصورتين بلا شبهة.

هذا مع أنّ الصحيحة السابقة صريحة في ردّه من حيث وقوع التصريح‏

__________________

١ ـ ما بين القوسين ليست في « ش ».

كما في معالم الفقه : ١٢٠ ، مشارق الشموس : ٢١١.

٢١

فيها بصبّ الخمر في ماء المطر من دون تفصيل بين قلة ذلك الماء وكثرته.

وإطلاق كثير من الأخبار النافية للبأس عنه من دون تقييد بورود الماء شاهد أيضاً. وقصور الأسانيد ( فيها وفي المرسلة ) (١) غير ضائر بعد الاعتضاد بعمل الأصحاب.

مع أنّ القول بما قاله كاد أن يكون خرقا للإجماع إذ لم نقف على من نصّ على ما ذكره هنا ، بل كل من الحقة بالجاري ألحقه بقول مطلق.

وثبوت القول بالتفصيل المذكور في القليل لجماعة في غير المقام لا يستلزم ثبوته هنا لتغايرهما.

هذا مع أنّ القول به ثمّة إنّما نشأ عند محقّقيهم ـ وتلقّاه المورد في جملة من تحقيقاته بالقبول ـ من عدم العموم فيما دلّ على نجاسة القليل بالملاقاة ، بناءً على اختصاص أكثر أخبارها بصور مخصوصة ليس صورة ورود الماء على النجاسة منها ، وفقد اللفظ الدالّ على العموم في المطلق من أخبارها ، والاكتفاء في رفع منافاة الحكمة بثبوت الحكم بالانفعال في بعض أفراده وهو ورود النجاسة عليه.

وهذا كما ترى يقتضي عدم التفصيل في المقام لكون الصورة المفروضة هنا ليس من أفراد الأخبار الخاصة أيضا ، والمطلق من أخبارها لا عموم فيه ، فيكفي في رفع منافاة الحكمة ثبوت الحكم بالانفعال في غير ماء المطر.

فالمتجه فيه الرجوع فيه بأنواعه ـ سوى ما فيه الإجماع على قبوله النجاسة كما إذا انقطع وكان قليلاً وإن كان جارياً ـ إلى ما اقتضى الطهارة من الأصل والعمومات ، فما ذكره الأصحاب هو الوجه. واللّه العالم.

__________________

١ ـ في « ح » : في ما عدا المرسلة وفيها.

٢٢

( وينجس ) الماء ( القليل ) الناقص عن الكرّ ( من الراكد بالملاقاة ) للنجاسة مطلقا على الأصح ، وفاقاً للمعظم للإجماع المستفيض النقل عن جماعة من أصحابنا (١). وخروج من سيأتي غير قادح في انعقاده عندنا ، بل وفي الجملة عند غيرنا.

وللصحاح المستفيضة ، ومثلها من المعتبرة (٢) ، بل هي بحسب المعنى متواترة ، وقد صرّح به جماعة (٣).

ويفصح عنه تتبع الأخبار الواردة في الموارد الجزئية ، كالصحاح المستفيضة وغيرها في بيان الكرّ اشتراطاً ومقداراً :

منها والصحيح : عن الماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب ، قال : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء » (٤) ومثله آخر (٥).

ومنها الصحيح الآخر : عن قدر الماء الذي لا ينجّسه شيء فقال : « كرّ » الحديث (٦).

والصحاح والموثقات المستفيضة في وقوع يد قذرة ، أو قطرة من دم أو خمر فيه ، أو شرب طير على منقاره دم أو قذر.

____________

١ ـ منهم الشيخ في الخلاف ١ : ١٩٤ ، والعلامة في المختلف : ٢ ، وصاحب المدارك ١ : ٣٨.

٢ ـ الوسائل : ١ : ١٥٠ ، ١٥٨ أبواب الماء المطلق ب ٨ و ٩.

٣ ـ کصاحب المعالم : ٥ والعلامة المجلسي في مرآة العقول ١٣ : ٨ ، والوحيد الهبهاني في حاشية المدارك ( المدارك الحجري ) : ٨.

٤ ـ الکافي ٣ : ٢ / ٢ ، الفقيه ١ : ٨ / ١٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ / ١٠٧ الاستبصار ١ : ٦ / ١ ، الوسائل ١ : ١٥٨ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٨ ، الاستبصار ١ : ١١ / ١٧ ، الوسائل ١ : ١٥٩ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٥

٦ ـ الكافي ٣ : ٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٣٧ / ١٠١ ، الاستبصار ١ : ١٠ / ١٣ ، الوسائل ١ : ١٥٩ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٧.

٢٣

ففي الصحيح : عن الدجاجة والحمامة وأشباههما تطأ العذرة ثمَّ تدخل الماء ، يتوضأ منه للصلاة؟ قال : « لا إلّا أن يكون الماء قدر كرّ » (١).

وفي آخر : عن رجل رعف وهو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه ، هل يصلح الوضوء منه؟ قال : « لا » (٢).

وفي الموثق : عن رجل معه إناءان وقع في أحدهما قذر لا يدري أيّهما هو وليس يقدر على ماء غيره ، قال : « يهريقهما جميعا ويتيمم » (٣).

ففي الصحيح : عن الكلب يشرب من الإناء ، قال : « اغسل الإناء » (٤).و كالصحاح وغيرها المستفيضة في الأواني التي شرب منها نجس العين أو وقع فيها ميتة :

ومثله الآخر : إلّا أنّ فيه : « واغسله بالتراب أوّل مرّة ثمَّ بالماء » (٥).

وفي آخر : عن خنزير شرب من إناء ، كيف يصنع به؟ قال : « يغسل سبع مرّات » (٦).

وغير ذلك من الموارد التي يقف عليها المتتبّع ، وقد جمع منها بعض الأصحاب مائتي حديث ، ووجه دلالتها على المرام لنهاية وضوحه لا يحتاج إلى‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٩ ، الوسائل ١ : ١٥٩ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٤.

٢ ـ الكافي ٧٤ / ٦ : ٣ ، الوسائل ١ : ١٦٩ أبواب الماء المطلق ب ١٣ ح ١.

٣ ـ الكافي ٦ / ١٠ : ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٩ / ٦٦٢ ، الاستبصار ١ : ٢١ / ٤٨ ، الوسائل ١ : ١٦٩ أبواب الماء المطلق ب ١٢ ح ١.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٤ ، الاستبصار ١ : ١٨ / ٣٩ ، الوسائل ٣ : ٤١٥ أبواب النجاسات ب ١٢ ح ٣.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٩ / ٤٠ ، الوسائل ٣ : ٤١٥ أبواب النجاسات ب ١٢ ح ٣.

٦ ـ التهذيب ١ : ٢٦١ / ٧٦٠ ، الوسائل ٣ : ٤١٧ أبواب النجاسات ب ١٣ ح ١.

٢٤

تطويل في الكلام ، فالوجه الانفعال.

خلافاً للعماني ، فقال بالعدم مطلقا (١) ؛ لأخبار أسانيد أكثرها قاصرة ، وهي مع ذلك غير صريحة الدلالة ، بل ولا ظاهرة ، فأقواها الحسن : عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ، ويريد أن يغتسل منه ، وليس معه إناء يغرف به ، ويداه قذرتان ، قال : « يضع يده ويتوضأ ثمَّ يغتسل » الحديث (٢).

والاستدلال به يتوقف على ثبوت الحقيقة الشرعية في كل من القذر والقليل في المعنى المعروف ، ومع ذلك يتضمن الوضوء مع غسل الجنابة ، ولا يقول به.

وعلى تقدير سلامة الكلّ عن الكلّ فهي لمقاومة ما تقدّم من الأدلة غير صالحة وإن اعتضدها الأصل والعمومات ، لكون الأدلة خاصة معتضدة بعد التواتر بعمل الطائفة.

وفي دعوى تواتر النبوي ـ الحاصر لنجاسة الماء فيما إذا تغيّر أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة ـ نظر إذ لم نجد لحديث منه في كتبنا المشهورة عينا ولا أثرا ، ومع ذلك فهو كمثله مخصّص بما تقدّم من الأدلّة.

وقيل في انتصار هذا القول اعتبارات ضعيفة ووجوه هيّنة (٣) ، لا جدوى في التعرّض لها والجواب عنها.

وخلافاً للشيخ فيما لا يكاد يدركه الطرف من النجاسة مطلقا ، كما في المبسوط (٤) ، أو من الدم خاصة كما في الاستبصار.

____________

١ ـ نقله عنه في المعتبر ١ : ٤٨ ، والمختلف : ٢.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٩ / ٤٢٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٨ / ٤٣٦ ، الوسائل ١ : ١٥٢ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٥.

٣ ـ انظر الذخيرة : ١٢٤ : ، والحدائق : ١ : ٢٩٢.

٤ ـ المبسوط ١ : ٧.

٢٥

للصحيح : عن رجل [ رعف فامتخط ] فصار الدم قطعاً صغاراً فأصاب إناءه ، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال : « إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس » (١).

ولعسر الاحتراز عنه.

وهو شاذّ ، والصحيح غير دالّ ، والأخير ممنوع ، ومع ذلك فهو لتخصيص ما تقدّم غير صالح.

وللمرتضى (٢) وبعض من تأخر (٣) فيما إذا ورد الماء على النجاسة.

لاعتبارات ضعيفة يدفعها عموم المفهوم فيما اشترط فيه الكرية ، وخصوص الصحيح وغيره المتقدم في المبحث السابق (٤) ، الدالّ بمفهومه على عدم التطهير بماء المطر الوارد على النجاسة إذا لم يكن جاريا ، فغيره بطريق أولى ، لكنه على قول أو احتمال ، وأما على غيرهما فهو نص في المطلوب. وحصول التطهير بالمتنجسات حال التطهير كحجر الاستنجاء وغيره. مع إشعار الصحيح الآمر بغسل الثوب في المركن مرّتين (٥) بذلك ، لكون الغالب في غسله فيه وروده عليه.

والمركن على ما في الصحاح : الإجّانة التي يغسل فيها الثياب (٦).

( وفي تقدير الكر ّ ) وزنا ( روايات أشهرها ) المنقول عليه الإجماع‏

____________

١ ـ الكافي ٣ : ٧٤ / ١٦ ، التهذيب ١ : ٤١٢ / ١٢٩٩ ، لاستبصار ١ : ٢٣ / ٥٧ ، الوسائل ١ : ١٥٠ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١ ، وبدل ما بين المعقوفين في النسخ : امتخط ، وما أثبتناه من المصادر.

٢ ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٧٩.

٣ ـ منهم صاحب المدارك ١ : ٤٠.

٤ ـ راجع ص : ٢٠.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٥٠ / ٧١٧ ، الوسائل ٣ : ٣٩٧ أبواب النجاسات ب ٢ ح ١.

٦ ـ الصحاح ٥ : ٢١٢٦.

٢٦

المستفيض ـ المرسل كالصحيح على الصحيح : « الكرّ من الماء الذي لا ينجّسه شيء ( ألف ومائتا رطل ) » (١).

وفي حكمه الصحيح المؤوّل إليه بالنهج الصحيح (٢).

وغيره المخالف له باعتبار التقدير بحبّ مخصوص (٣) ، أو قلّتين (٤) ، أو أكثر من راوية (٥) ، مع شذوذه وضعف سند أكثره مطروح أو مؤوّل.

( وفسّره ) أي الرطل ـ المشهور ومنهم ( الشيخان بالعراقي ) (٦) الذي وزنه على المشهور المأثور : مائة وثلاثون درهما ، وعلى قول شاذّ (٧) موافق لبعض العامة (٨) : مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم.

للأصل ، والعمومات ، وخصوص : « كلّ ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر » (٩) والاحتياط في وجه ، ومناسبة الأشبار وما تقدّم من التقادير الأخر ، والصحيح المقدّر له بستمائة رطل لوجوب حمله على المكي المضعف على العراقي مرّة ،

__________________

١ ـ الکافي ٣ : ٣ / ٦ ، التهذيب ١ : ٤١ / ١١٣ ، الاستبصار ١ : ١٠ / ١٥ ، المقنع ١٠ ، الوسائل ١ : ١٦٧ أبواب الماء المطلق ب ١١ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤١٤ / ١٣٠٨ ، الاستبصار ١ : ١١ / ١٧ ، الوسائل ١ : ١٦٨ أبواب الماء المطلق ب ١١ ح ٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ٣ / ٨ ، التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٨ ، الاسبتصار ١ : ٧ / ٥ ، الوسائل ١ : ١٦٦ أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ٧.

٤ ـ الفقيه ١ : ٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤١٥ / ١٣٠٩ ، الاستبصار ١ : ٧ / ٦ ، الوسائل ١ : ١٦٦ أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ٨.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٧ ، الاستبصار ١ : ٦ / ٤ ، الوسائل ١ : ١٤٠ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٩.

٦ ـ المفيد في المقنعة : ٤٢ ، والطوسي في المبسوط ١ : ٦ ، والنهاية : ٣.

٧ ـ قال به العلاّمة في التحرير ١ : ٦٢ ، والمنتهي ١ : ٤٩٧.

٨ ـ كابن قدامة في المغني ٢ : ٥٥٨.

٩ ـ الكافي ٣ : ١ / ٢ و ٣ ، التهذيب ١ : ٢١٥ / ٦١٩ و ٦٢٠ ، الوسائل ١ : ١٣٤ أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٥.

٢٧

بالإجماع ، وشهادة حال الراوي الذي هو من أهل توابعه. وفيه شهادة أخرى على إرادة ذلك من المرسل من حيث كون السائل فيه عراقياً ، لمراعاة حال السائل فيه هنا مع كون الإمام مدنيا ، فكذلك هناك.

ويؤيده تقديره في الأغلب بذلك ، بل ربما يستفاد من بعض الأخبار شيوع ذلك ، ففي رواية في الشنّ الذي ينبذ فيه التمر للشرب والوضوء ، وكم كان يسع الماء؟ قال : « ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك » قلت : بأيّ الأرطال؟ قال : « بأرطال مكيال العراق » (١).

وآخرون بالمدني (٢) ، الذي يزيد عليه بنصفه كما في الخبر للاحتياط ، ومراعاة بلد الإمام عليه‌السلام ، وأصالة عدم تحقق ما هو شرط في عدم الانفعال.

والأول مع عدم كونه دليلا معارض بمثله. وكذلك الثاني مع أرجحيته بما تقدّم.

ومثلهما الثالث بناء على أنّ اشتراط الكرية في عدم الانفعال ملزوم لاشتراط عدمها في ثبوته ، فأصالة عدمها بناء على صحتها هنا معارض بمثلها في الحكم ، وبعد التساقط بعد التسليم فحكم ما دلّ على الطهارة عن المعارض سليم.

وفي تقديره بالمساحة أيضا روايات وأقوال ، أشهرها ما بلغ كلّ من طوله وعرضه وعمقه ثلاثة أشبار ونصفا للموثّق (٣) وغيره (٤) ، والإجماع‏

____________

١ ـ الكافي ٦ : ٤١٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٠ / ٦٢٩ ، الاستبصار ١ : ١٦ / ٢٩ ، الوسائل ١ : ٢٠٣ أبواب الماء المضاف ب ٢ ح ٢.

٢ ـ منهم الصدوق في الفقيه ١ : ٦ ، حكاه عن مصباح المرتضي في المعتبر ١ : ٤٧.

٣ ـ الكافي ٣ : ٣ / ٥ ، التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٦ ، الاستبصار ١ : ١٠ / ١٤ ، الوسائل ١ : ١٦٦ أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ٦ ؛ بتفاوت.

٤ ـ الوسائل ١ : ١٦٤ أبواب الماء المطلق ب ١٠.

٢٨

المنقول (١).

وأسقط القمّيون النصف (٢) للصحيح (٣) وغيره (٤).

وفي الصحيح إنّه : « ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته » (٥) ومال إليه بعض (٦).

والراوندي : ما بلغ مجموع أبعاده الثلاثة عشرة أشبار ونصفاً (٧) ، وأوّل بما يرجع إلى الأول بحمله على ما إذا تساوت الأبعاد (٨).

والسيّد ابن طاووس اكتفى بكل ما روي ، جمعا وأخذا بالمتيقن (٩) ، ويرجع إلى الثاني فالزائد مندوب.

والأول لو لم نقل بكونه الأقرب فلا ريب في كونه الأحوط في الأغلب.

و ( في نجاسة ) ماء ( البئر ) هي مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالباً ، ولا يخرج عن مسمّاها عرفاً ( بالملاقاة ) للنجاسة من دون تغيير.

( قولان ) مشهوران ( أظهرهما ) عند المصنّف تبعا للمشهور بين‏

____________

١ ـ انظر الغنية ( الجوامع الفقهيّة) : ٥٥١.

٢ ـ حكاه عنهم في المختلف : ٣.

٣ ـ اسماعيل بن جابر عن أبي عبدالله عليه‌السلام : قلت وما الكر؟ قال : « ثلاثة أشبار في ثلاثه أشبار » راجع الكافي ٧ / ٣:٣ ، التهذيب ١ : ٤٢ / ١١٥ ، الاستبصار ١ : ١٠ / ١٣ ، الوسائل ١ : ١٥٩ أبواب الماء الطلق ب ٩ ج ٧.

٤ ـ كرواية الصدوق في المجالس ، قال « روي أن الكر هو ما يكون ثلاثة أشبار طولاً في ثلاثة أشبار عرضاً في ثلاثه أشبار عمقاً » الوسائل ١ : ١٦٥ أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ٢.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤١ / ١١٤ ، الاستبصار ١ : ١٠ / ١٢ ، المقنع : ١٠ ، الوسائل ١ : ١٦٤ أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ١.

٦ ـ كالمحقق في المعتبر ١ : ٤٦ ، وصاحب المدارك ١ : ٥١.

٧ ـ نقله عنه في المختلف : ٤.

٨ ـ كما في الحبل المتين : ١٠٨.

٩ ـ نقله عنه في الذكرى : ٨.

٢٩

القدماء ، بل المجمع عليه بينهم ، كما عن الانتصار والغنية والسرائر (١) والمصريّات للمصنف ، لكن في الأخيرين عدم الخلاف ( التنجيس ).

لورود الأمر بالنزح في وقوع كثير من النجاسات فيها.

وهو فرع كونه للوجوب وثبوت التلازم بينه وبين النجاسة. وهما هنا في محل المنع ، مضافا إلى وروده فيما ليس بنجس إجماعاً.

وللصحاح وغيرها ، أقواها الصحيح : عن البئر يقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة والكلب والهرّة فقال : « يجزئك أن تنزح منها دلاء ، فإن ذلك يطهّرها إنشاء اللّه » (٢).

ويتلوه في القوة الآخر : عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر القطرات من بول أو دم ، أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها ، ما الذي يطهّرها حتى يحلّ الوضوء منها؟ فوقّع عليه‌السلام بخطّه في كتابي : « ينزح منها دلاء » (٣).

وغيرهما ضعيف الدلالة جدّاً.

وهما وإن قويت الدلالة فيهما إلّا أنّ الاكتفاء بنزح الدلاء المطلق للمذكورات فيها مع اختلاف تقاديرها إجماعاً يوهن التمسك بهما.

مع كون الثانية ـ مضافا إلى أنها مكاتبة ـ غير صريحة الدلالة ، بل ولا ظاهرة ، من حيث وقوع لفظ التطهير في كلام الراوي. والتقرير حجة مع عدم احتمال مانع من الردّ ، وهو في المقام ثابت ، لاحتمال كون الوجه فيه التقية ،

____________

١ ـ الانتصار : ١١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥١ ، السرائر ١ : ٦٩.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٣٧ / ٦٨٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧ / ١٠١ ، الوسائل ١ : ١٨٢ أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٢.

٣ ـ الكافي ٣ : ٥ / ١ ، التهذيب ٢٤٤ / ٧٠٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤ / ١٢٤ ، الوسائل ١ : ١٧٦ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢١.

٣٠

بناءً على كون النجاسة مذهبا لأكثر العامة (١) ، ويشهد له كونها مكاتبة.

ومع ذلك فهما معارضتان بالأصل ، والعمومات عموما في كل شيء ، وخصوصاً في الماء ، واختلاف الأخبار في مقادير نزح النجاسات جداً.

وعموم ما دلّ على عدم نجاسة الكرّ بالملاقاة منطوقاً أو فحوى قطعياً ، لكنه في الجملة.

والصحاح المستفيضة وغيرها :

منها الصحيحان : « ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغيّر » (٢).

وزيد في أحدهما : « ريحه أو طعمه ، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم ، لأنّ له مادة » (٣) وفيهما وجوه من الدلالة.

ومنها الصحيح : عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين ، أيصلح الوضوء منها؟ قال : « لا بأس » (٤).

ومنها الصحيح : « لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة بما وقع في البئر ، إلّا أن ينتن ، فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة » (٥).

وفي معناه غيره من المعتبرة (٦).

____________

١ ـ كما حكاه ابن حزم عن أبي حنيفة في المحلي ١ : ١٤٣ ، وكذا عن أبي يوسف في ا : ١٤٤ ، ونقل عن مالك ١ : ١٤٧ ؛ وانظر المغني ١ : ٦٦.

٢ ـ الكافي ٣ : ٥ / ٢ ، التهذيب ١ : ٤٠٩ / ١٢٨٧ ، الوسائل ١ : ١٧٠ أبواب الماء لمطلق ب١٤ ح ١.

٣ ـ الاستبصار ١ : ٣٣ / ٨٧ ، الوسائل ١ : ١٧٢ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٦.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٤٦ / ٧٠٩ ، الاستبصار ١ : ٤٢ / ١١٨ ، قرب الإسناد : ٨٤ ، الوسائل ١ : ١٧٢ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٨.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٤٦ / ٧٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠ / ٨٠ ، الوسائل ١ : ١٧٣ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ١٠.

٦ ـ الوسائل ١ : ١٧٠ أبواب الماء المطلق ب ١٤.

٣١

والمناقشات فيما ذكر ضعيفة جدا لا يلتفت إليها.

فإذا الأظهر القول بالطهارة مطلقاً ، وفاقاً لجماعة من القدماء (١) ، وأكثر المتأخرين (٢).

وفي قول : التفصيل بين ما بلغ كراً فالثاني ، وما لم يبلغ فالأول للخبر : « إذا كان ماء في الركيّ كرا لم ينجّسه شيء » (٣) وفي معناه الرضوي (٤) ، مضافاً إلى عموم ما دلّ على اعتبار الكرية في عدم نجاسة الماء.

وهو ضعيف لقصور الجميع عن المقاومة لما تقدّم ، مضافاً إلى ضعف الأوّلين وعدم عموم في الثالث.

وعلى الثاني فهل النزح الوارد في الأخبار لمحض الملاقاة على الاستحباب أو الوجوب؟

الأقرب : الأول ، وفاقا للأكثر ولما تقدّم من الاختلاف في مقادير النزح.

ونسب إلى التهذيب : الثاني (٥) ، وهو خيرة المنتهى (٦). وهو ضعيف.

( وينزح ) وجوبا أو استحبابا ( لموت البعير ) وهو من الإبل بمنزلة الإنسان يشمل الذكر والأنثى والصغير والكبير ( و ) كذا ( للثور ) وقيل : هو

__________________

١ ـ منهم ابن ابي عقيل على ما نقله في المختلف : ٤ ، وحكاه عن ابن الغضائري في المدارك ١ : ٥٤ ، والشيخ في التهذيب ١ : ٢٣٢.

٢ ـ منهم العلامة في المختلف : ٤ ، والتحرير ١ : ٤ ، ونهايةً الإحكام ١ : ٢٣٥ ، وفخر المحققين في الإيضاح ١ : ١٧ ، والفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٤٤ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١٣٧ ، وصاحب المدراك ١ : ٥٥.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢ / ٤ ، التهذيب ١ : ٤٠٨ / ١٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٣ / ٨٨ ، الوسائل ١ : ١٦٠ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٨. والركية البئر. وجمعها ركيّ وركايا ـ الصحاح ٦ : ٢٣٦١.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٩١ ، المستدرك ١ : ٢٠١ أبواب الماء المطلق ب ١٣ ح ٣.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٣٢.

٦ ـ المنتهي ١ : ١٠.

٣٢

الذكر من البقر (١) ، والأولى اعتبار إطلاق اسمه عرفاً مع ذلك ، فلا يلحق به الصغير منه للشك فيه ( و ) كذا ( لانصباب الخمر ) فيها ( ماؤها أجمع ).

بلا خلاف في الأول والثالث.

للصحيحين : « وإن مات فيها بعير أو صبّ فيها خمر فلينزح » (٢).

لكن في أحدهما بدل « البعير » : « ثور » (٣).

والاستدلال به للأول على هذا بفحوى الخطاب ، أو بوجود « أو نحوه » في بعض النسخ ، ولا ريب في دخوله فيه.

وفي رواية في الأول وفي الحمار كرّ من ماء (٤).

وهو مع شذوذه هنا ضعيف ، وعلى الاستحباب فالعمل بها غير بعيد للمسامحة وانجبارها في الجملة ، لكنه مع السابق مرتّب في الفضيلة.

وعلى الأشهر الأظهر في الثاني لأحد الصحيحين.

خلافاً لمن شذّ ، فكرّ من ماء (٥). وهو ضعيف ، لكن يأتي فيه ما تقدم.

ومقتضى الأصل في الجملة واختصاص العبارة والصحيحين وغيرهما بصورة الصب : عدم نزح الجميع لوقوع قطرة من الخمر بناءً على عدم إطلاق الصبّ عليه ، وهو حسن ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النص.

والأشهر خلافه ، ومستنده بالخصوص غير واضح ، ومع ذلك لا بأس به ،

__________________

١ ـ كما في القاموس المحيط ١ : ٣٩٨ ، ومجمع البحرين ٣ : ٢٣٨.

٢ ـ الكافي ٣ : ٦ / ٧ ، التهذيب ١ : ٢٤٠ / ٦٩٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤ / ٩٢ ، الوسائل ١ : ١٨٠ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ٦.

٣ ـ التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٥ ، الاستبصار ١ : ٣٤ / ٩٣ ، الوسائل ١ : ١٧٩ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ١.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٣٥ / ٦٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤ / ٩١ ، الوسائل ١ : ١٨٠ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ٥.

٥ ـ حكاه عن ابن ادريس في جامع المقاصد ١ : ١٣٨ ـ ١٣٩.

٣٣

للاحتياط بناء على المختار للتسامح في مثله.

وربما قيل (١) في القطرة منها بعشرين دلواً ، للخبر (٢) وهو ضعيف. وفي آخر مثله : ثلاثون (٣).

( وكذا قال الثلاثة ) الشيخان والمرتضى وغيرهم (٤) ، بل عليه الإجماع في الغنية والسرائر (٥) ( في ) وقوع ( المسكرات ) المائعة بالأصالة.

ومستنده غير واضح ، فيلحق بما لا نص فيه.

لكنه مع ذلك غير بعيد ، أمّا على ما اخترناه فظاهر ، وأمّا على غيره فلإطلاق لفظ الخمر عليها في الأخبار ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل مسكر خمر » (٦).

وقوله : « ما أسكر كثيره فالجرعة منه خمر » (٧).

وقوله : « الخمر من خمسة : العصير من الكرم ، والنقيع من الزبيب ، والبتع من العسل ، والمزر من الشعير ، والنبيذ من التمر » (٨).

وقول مولانا الكاظم عليه‌السلام : « ما فعل فعل الخمر فهو خمر » (٩).

____________

١ ـ كما في المقنع : ١١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٧ ، الاستبصار ١ : ٣٥ / ٩٦ ، الوسائل ١ : ١٧٩ ابواب ألماء المطلق ب ١٥ ح ٣.

٣ ـ الهذيب ١ : ٢٤١ / ٢٩٨ ، الاستبصار ١ : ٣٥ / ٩٥ ، الوسائل : ١ ١٧٩ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ٢.

٤ ـ المفيد في المقنعة : ٦٧ ، الطوسي في النهاية : ٦ ، نقله عن المرتضي في المنتهي ١ : ١٢ ، ابن الدريس في السرائر ٧٠ : ١ ، سلار في المراسم : ٣٥.

٥ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٢ ، السرائر ١ : ٧٠

٦ ـ الكافي ٦ : ٤٠٨ / ٣ ، التهذيب ٩ : ١١١ / ٤٨٣ ، الوسائل ٢٥ : ٣٢٦ أبواب الأشربة المحرمة ب ١٥ ح ٥.

٧ ـ أمالي الطوسي : ٣٨٨ ، الوسائل ٢٥ : ٣٤٠ أبواب الأشربة المحرّمة ب ١٧ ح ١٢.

٨ ـ الكافي ٦ : ٣٩٢ / ١ ، التهذيب ٩ ١٠١ / ٤٤٢ ، الوسائل ٢٥ : ٢٧٩ أبواب الأشربة المحرمة ب ١ ح ١.

٩ ـ الكافي ٦ : ٤١٢ / ١ ، الوسائل ٢٥ : ٣٤٣ أبواب الأشربة المحرمة ب ١٩ ح ٢.

٣٤

وقوله : « ما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر » (١).

والاستعمال فيها إمّا على الحقيقة ـ كما نقل عن بعض أهل اللغة هنا (٢) ، وقال بها بعض أصحابنا مطلقاً (٣) ـ أو المجاز والاستعارة ، ومقتضاه الاشتراك في جميع وجوه الشبه مطلقاً أو المتعارفة منها ، وما نحن فيه منها.

هذا مضافاً إلى الإجماع المتقدّم نقله ، وإن كان في التمسك بمثله في مثل المقام نوع كلام.

( و ) لعلّه لما ذكر ( الحق الشيخ ) بها ( الفقاع ) بضم الفاء (٤) ، بل وغيره أيضاً (٥) ، وفي الكتابين المتقدمين الإجماع هنا أيضاً لإطلاق الخمر عليه بالخصوص في كثير من الأخبار ، وفي بعضها : « إنه خمر مجهول » (٦) أو : « خمر استصغرها الناس » (٧) فتأمل.

( و ) ألحقوا أيضا بها ( المنيّ ) ممّا له نفس سائلة ( والدماء الثلاثة ) الحيض والنفاس والاستحاضة.

ومستنده غير واضح سوى الإلحاق بغير المنصوص مع القول بنزح الجميع فيه ، ولكن ذكرها بالخصوص من بين أفراده لم يظهر وجهه ، نعم في‏

____________

١ ـ الكافي ٦ : ٤١٢ / ٢ ، التهذيب ٩ : ١١٢ / ٤٨٦ ، الوسائل ٢٥ : ٣٤٢ أبواب الأرشبة المحرمة ب ١٩ ح ١.

٢ ـ انظر كشف اللثام ١ : ٣٥ ، حاشيه المدارك ( المدارك الحجري ) : ١٩.

٣ ـ كالسيد المترضي في الذريعة ١ : ١٣.

٤ ـ كما في النهاية : ٦.

٥ ـ كابن البراج في المهذب ١ : ٢١ ، والحلبي في الكافي في الفقه : ١٣٠ ، وسلّار في المراسم : ٣٥.

٦ ـ الكافي ٦ : ٤٢٣ / ٧ ، التهذيب ٩ : ١٢٥ / ٥٤٤ ، الاستبصار ٤ : ٩٦ / ٣٧٣ ، الوسائل ٢٥ : ٣٦١ أبواب الأشربة المحرمة ب ٨ ح ٢٧.

٧ ـ الكافي ٦ : ٤٢٣ / ٩ ، التهذيب ٩ : ١٢٥ / ٥٤٠ ، الاسبتصار ٤ : ٩٥ / ٣٦٩ ، الوسائل ٢٥ : ٣٦٥ أبواب الأشربة المحرمة ب ٢٨ ح ١.

٣٥

الكتابين الإجماع عليه.

( فإن غلب الماء ) وتعذّر نزح جميعه ( تراوح ) تفاعل من الراحة لأن كل اثنين يريحان صاحبيهما ( عليها قوم ) كما في موثقة عمّار (١) ، أو أربعة رجال كما في الرضوي (٢).

وعليه فلا يجزئ النساء والصبيان ، بل وعلى الأول أيضاً بناءً على المشهور من عدم صدقه عليهم ، أو عدم تبادرهم منه ، فيقتصر فيما خالف الأصل على المتيقن ، وهو الأشهر.

واحتمل الاجتزاء بهنّ المصنف في المعتبر ، وتبعه في المنتهى ، بل وقطع به في التذكرة (٣) ، وهو ضعيف.

( اثنان اثنان ) فلا يجزي الأنقص وإن نهض بعملهم ، على الأشهر الأظهر ، اقتصاراً على مورد النص.

خلافاً للمنتهى في الناهض بعملهم (٤) ، وهو ضعيف.

وإطلاق خبر عمّار يقتضي جواز الزيادة عليهم كما هو المشهور. لكن الرضوي خصّه بالأربعة ، ولعلّه لبيان أقل ما يجب. وربما علّل الجواز بفحوى الخطاب. وهو كما ترى.

( يوماً ) قصيراً كان أو طويلاً ، كاملاً من طلوع الفجر الثاني إلى الليل على الأشهر ، اقتصارا على المتيقن. وربما قيل من طلوع الشمس. وهو محتمل ، لكن الأول أحوط.

وعلى التقديرين فلا بدّ من إدخال جزء من الليل متأخراً ، وجزء منه أو من‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، الوسائل ١ : ١٩٦ أبواب الماء المطلق ب ٢٣ ح ١.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٤ ، المستدرك ١ : ٢٠٧ أبواب الماء المطلق ب ٢٢ ح ٤.

٣ ـ المعتبر ١ : ٧٧ ، المنتهي ١ : ١٣ ، التذكرة ١ : ٤.

٤ ـ المنتهي ١ : ١٣.

٣٦

قبل طلوع الشمس فيه متقدما ، من باب المقدّمة وتهيئة الأسباب قبل ذلك.

ولا يجزي مقدار اليوم من الليل ، ولا الملفّق منهما.

ويجوز لهم الصلاة جماعة ، لا جميعا بدونها كما قيل (١) ، ولا الأكل كذلك لعدم المانع في الأول ، وعدم صدق نزح اليوم في الثاني. وربما قيل بجوازه أيضا لقضاء العرف بذلك (٢) ، فعدم الصدق ممنوع. وهو محتمل ، لكن الأول أولى وأحوط.

والحكم في أصله ممّا لا خلاف فيه ، بل عن الغنية الإجماع عليه (٣) ، فينجبر به قصور سند الخبرين ، وتهافت الأول مع غيره فيه أيضاً (٤) ـ لو كان ـ (٥) لو قلنا (٦) بالنجاسة بالملاقاة ، وإلّا فلا احتياج لنا إليه بناء على التسامح في أدلّة السنن.

( و ) ينزح ( لموت الحمار والبغل ) فيها مقدار ( كرّ ) بلا خلاف في الأول للخبر : عمّا يقع في البئر ـ إلى أن قال ـ : حتى بلغت الحمار والجمل فقال : « كرّ من ماء » (٧).

ونقله في المعتبر بزيادة : « والبغل » (٨) ، وهو الموجود في بعض نسخ‏

__________________

١ ـ انظر المسالك ١ : ٣.

٢ ـ كما الذكرى : ١٠ وجامع المقاصد ١ : ١٣٩ ، والمدارك ١ ٦٨.

٣ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٢.

٤ ـ وجه التهافت أن ظاهره يدل على وجوب النزح يومين ، ونزح جميع الماء للأشياء المذكورة فيه ، ولم يذهب إليهما أحد من الأصحاب.

٥ ـ التعبير به من أجل التأمل في قصور السند من حيث كونه موثقاً ، والتأمل في التهافت من جهة احتمال التأويل القريب في دفعه. منه رحمه الله.

٦ ـ في « ش » و « ل » : وقلنا.

٧ ـ التهذيب ١ : ٢٣٥ / ٦٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤ / ٩١ ، الوسائل ١ : ١٨٠ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ٥.

٨ ـ المعتبر ١ : ٥٧.

٣٧

التهذيب ، ولعلّه لهذا اشتهر الحكم به في الثاني أيضاً. وعن الصدوق الاقتصار به في الأول (١).

وضعف السند والاشتمال على ما لا يقول به أحد غير قادح في التمسك به بعد اشتهار العمل بمضمونه ، مضافاً إلى دعوى الإجماع عليه في الغنية (٢) ، مع أنّ هذا الاعتذار على المختار غير محتاج إليه.

( وكذا قال الثلاثة في ) موت ( الفرس ) المعبّر عنه بالدابة ( والبقرة ) (٣) واشتهر بعدهم هذا القول حتى ادعى الإجماع عليه في الأول في الغنية.

ومستندهم غير ظاهر وإن ادعي دلالة الخبر المتقدم عليه ، ولكنه مشكل. فالوجه إلحاقه بغير المنصوص وإن كان ـ على المختار ـ متابعتهم لا بأس بها أيضا.

( و ) ينزح ( لموت الإنسان ) فيها ( سبعون دلواً ) للإجماع ـ كما في الغنية والمنتهى وظاهر المعتبر (٤) ـ والموثق ، فيه : « ينزح منها سبعون دلواً » (٥).

ولا فرق فيه بين ما إذا كان ذكراً أو أنثى ، صغيراً أو كبيراً ، مسلماً أو كافراً إن لم نوجب الجميع لما لا نصّ فيه ، وإلّا اختص بالمسلم في قول قويّ. خلافاً للأشهر لإطلاق النص. وفي شموله للكافر نوع نظر ، وعلى تقديره فالحيثية معتبرة كاعتبارها في جميع موجبات النزح ، فيكون الأمر بنزح السبعين‏

____________

١ ـ كما في المقنع : ١٠.

٢ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٢.

٣ ـ المفيد في المقنعة : ٦٦ ، الطوسي في النهاية : ٦ ، حكاه عن السيد المرتضي في المعتبر ١ : ٦١.

٤ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٢ ، المنتهي ١ : ١٣ ، المعتبر ١ : ٦٢.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٣٤ / ٦٧٨ ، الوسائل ١ : ١٩٤ أبواب الماء المطلق ب ٢١ ح ٢.

٣٨

مترتباً على موت الإنسان من حيث هو هو ، كافراً كان أو مسلماً ، وهو حينئذ لا يقتضي الاكتفاء به مطلقاً ، ولذا لو استصحب المسلم منياً أو غيره ممّا يوجب نزح الجميع مثلاً ومات فيه وجب نزح الجميع كما تقدّم ، وليس في النص دلالة على الاكتفاء بالسبعين حينئذ.

ربما فصّل بين وقوعه فيها ميتاً فالسبعين ، أو حياً فمات فالجميع لعموم النص في الأول ، وثبوت نزح الجميع قبل الموت وهو لا يزيله في الثاني (١).

مورد النص ـ كما ترى ـ هو الأخير ، وهو ظاهر في ملاقاته له حياً ، وتسليم العموم فيه للكافر يقتضي الاكتفاء بالعدد في الثاني أيضاً.

يلحق بموته فيها وقوعه فيها ميتاً ولم يغسّل ، ولم يقدّم الغسل إن وجب قتله فقتل لذلك وإن تيمم ، أو كان شهيدا إن نجسناه.

( و ) ينزح ( ل ) وقوع ( العذرة اليابسة ) وهي فضلة الإنسان ، كما عن تهذيب اللغة (٢) ، والغريبين ومهذّب الأسماء ( عشرة ) دلاء بلا خلاف ، كما عن السرائر (٣) ، بل الإجماع كما عن الغنية (٤).

وليس في النص ـ كما سيأتي ـ اعتبار هذا القيد ، بل المستفاد منه اعتبار عدم الذوبان ، وهي حينئذ أعم من اليابسة وما قابلها.

( فإن ذابت ) كما عن الصدوق والسيّد (٥) ، أو كانت رطبة كما عن النهاية والمبسوط والمراسم والوسيلة والإصباح (٦) ( فأربعون أو خمسون ) كما عن‏

__________________

١ ـ انظر جامع المقاصد ١ : ١٤٠ ، روض الجنان : ١٤٩.

٢ ـ تهذيب اللغة ٢ : ٣١١.

٣ ـ السرائر ١ : ٧٩.

٤ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٢.

٥ ـ الصدوق في المعقنع : ١٠ نقله عن السيد في المعتبر ١ : ٦٥.

٦ ـ النهاية : ٧ ، المبسوط ١ : ١٢ ، المراسم : ٣٥ الوسيله : ٧٥.

٣٩

الصدوق لظاهر النص : عن العذرة تقع في البئر ، قال : « ينزح منها عشرة دلاء ، فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلواً » (١).

ويتحتّم الأخير على المشهور لاستصحاب النجاسة ، واحتمال كون الترديد من الراوي.

والظاهر من الذوبان الميعان ، ويكفي فيه ميعان البعض لعدم الفرق بين القليل والكثير.

وربما فسّر في المشهور بالتقطع ولعلّه لتبادره منه بالنسبة إليها. ولعلّه لهذا قيّدها المصنف وغيره في الأول باليابسة ، بناء على أنّ الغالب في وقوع الرطبة تحققه ، فتنزيل التفصيل في النص على الغالب يستلزم التقييد بها في الأول ، فلو كان المراد منه الرطبة أيضا لما كان بينه ( في الأغلب ) (٢) وبين الثاني فرق وقد فرّق ، فتعيّن حمله على اليابسة لعدم غلبة التقطع فيه.

ومنه يظهر الوجه في تبديل من تقدّم الذوبان في الرطوبة. فتأمل.

( وفي ) مقدار ما ينزح منها بوقوع ( الدم ) فيها ( أقوال ) :

أشهرها ـ بل عليه الإجماع في الغنية (٣) ، وعدم الخلاف إلّا عن المفيد في السرائر (٤) ـ خمسون للكثير بنفسه على الأشهر ، أو بالنسبة إلى البئر على قول (٥) ، وعشرة للقليل كذلك.

وعنه في المقنعة عشرة في الكثير وخمس في القليل (٦).

____________

١ ـ التهذيب ١ : ٢٤٤ / ٧٠٢ ، الاستبصار ١ : ٤١ / ١١٦ ، الوسائل ١ : ١٩١ أبواب الماء المطلق ب ٢٠ ح ١.

٢ ـ ليست في : « ش ».

٣ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٢.

٤ ـ السرائر ١ : ٧٩.

٥ ـ حكاه عن الرواندي في التنقيح الرائع ١ : ٥١.

٦ ـ المقنعة : ٦٧.

٤٠