رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

إمكان غيرهما ؛ للإجماع منّا قطعاً على عدم الصبر إلى الثلاثين فما زاد كالأربعين والخمسين وإن دلّ على جوازه بعض الصحاح (١) ؛ لشذوذه ، وموافقته العامة (٢) وصرّح بها في الفقيه (٣) ؛ ومحكيّاً عن الانتصار والمبسوط (٤) فيما زاد على الثمانية عشر ولو يوماً.

( و ) تجب عليها أن ( تعتبر حالها ) وتستبرئ ( عند انقطاعه قبل العشرة ) بوضع قطنة في الفرج ( فإن خرجت القطنة نقية اغتسلت ) للنفاس ( وإلّا توقّعت النقاء أو انقضاء العشرة ، ولو رأت دما بعدها فهو استحاضة ).

إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في ذلك بين المبتدأة وذات العادة. وهو كذلك في الأوّل على المختار من أنّ أقصى مدّتها العشرة. ومشكل في الثاني ؛ للمستفيضة المتقدمة الدالّة على لزوم الرجوع إلى العادة مطلقاً ولو تجاوز العشرة ولم ينقطع على العادة. ولذا اُلزمت المعتادة في المشهور ـ كما عن العلّامة في كتبه والشهيد في الدروس والبيان والجعفي وابن طاووس (٥) ـ بالرجوع إليها.

ولم يقم للإطلاق دليل واضح ، عدا ما قيل : من أنّ العشرة أكثر الحيض ، فهو أكثر النفاس لأنّه حيضة (٦) ، والموثق : « تنتظر عدّتها التي كانت‏

____________

١ ـ التهذيب ١ : ١٧٧ / ٥٠٩ ، الاستبصار ١ : ١٥٢ / ٥٢٩ ، الوسائل ٢ : ٣٨٧ أبواب النفاس ب ٣ ح ١٣.

٢ ـ انظر المغني لابن قدامة ١ : ٣٩٢.

٣ ـ الفقيه ١ : ٥٦.

٤ ـ الانتصار : ٣٥ ، المبسوط ١ : ٦٩.

٥ ـ العلامة في المختلف : ٤١ ، والمنتهي ١ : ١٢٥ ، ونهاية الإحكام ١ : ١٣٢ ، الدروس ١ : ١٠٠ ، البيان : ٦٧ ، نقله عن الجعفي وابن طاووس في الذكرى : ٣٣.

٦ ـ قال به العلامة في المنتهي ١ : ١٢٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٤.

٣٤١

تجلس ، ثمَّ تستظهر بعشرة » (١).

وهو كما ترى لاقتضاء حيضية النفاس كونه مثله في عدم تنفس ذات العادة بالعشرة مع التجاوز عنها ، بل أيامها خاصة على الأشهر ، أو مع أيام الاستظهار التي أقصاها يومان أو ثلاثة ـ كما في النصوص المستفيضة ـ على الأظهر عند المصنف والأحقر ، كما في بحث الحيض قد مرّ.

والموثق معارض بالمستفيضة في أنّ أيام الاستظهار يوم أو يومان أو ثلاثة ، وقد اختارها ـ دون العشرة ـ ثمّة.

فإذا : الأجود ما عليه الجماعة من تنفس المعتادة بالعادة مع التجاوز عن العشرة ، بل مع الانقطاع عليها ؛ لإطلاق الأمر بالرجوع إلى العادة وجعلها مع التجاوز عن العادة أيام النفاس خاصة ، على احتمال قويّ. إلّا أنّ الأقوى منه التنفس بالعشرة حينئذ ؛ لأنه حيضة ، مضافاً إلى الصحيح : « إنّ الحائض مثل النفساء » (٢) ـ فتأمّل ـ وقد تقدّم ثبوته فيها ثمة.

ثمَّ إنه إنما يحكم بالدم نفاساً في أيام العادة وفي مجموع العشرة مع وجوده فيهما أو في طرفيهما. أمّا لو رأته في أحد الطرفين أو فيه وفي الوسط فلا نفاس لها في الخالي عنه متقدما أو متأخراً ، بل في وقت الدم أو الدمين فصاعداً وما بينهما.

فلو رأته أول لحظة وآخر السبعة لمعتادتها فالجميع نفاس ؛ لصدق دم الولادة على الطرفين. ويلحق بهما ما تراه من النقاء في البين لعموم ما دلّ على عدم نقص أقل الطهر عن العشرة.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٦ ، الوسائل ٢ : ٣٠٣ أبواب الحيض ب ١٣ ح ١٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٣ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.

٣٤٢

ولو رأته آخر السبعة خاصة فهو النفاس لكونه دم الولادة مع وقوعه في أيام العادة. ولا يلحق به المتقدم ؛ إذ لا مقتضي له ، إذ لا حدّ لأقلّه.

ومثله رؤية المبتدأة والمضطربة في العشرة ، بل المعتادة مطلقاً على تقدير انقطاعه عليها كما مرّ. مع إشكال في المعتادة دون العشرة مع رؤيتها الدم في العاشر خاصة للشك في صدق دم الولادة عليه مع كون وظيفتها الرجوع إلى أيام العادة التي لم تر فيها شيئا بالمرّة. والاحتياط لا يترك على حال ؛ لإشعار بعض العبارات بالإجماع عليه.

ولو تجاوز عن العشرة فما وجد منه في العادة وما قبله إلى أول زمان الرؤية نفاس خاصة ، كما لو رأت رابع الولادة مثلاً وسابعها لمعتادتها واستمر إلى أن تجاوز العشرة فنفاسها الأربعة الأخيرة من السبعة خاصة ؛ لما عرفت.

ولو رأته في السابع خاصة وتجاوزها فهو النفاس خاصة.

ولو رأته من أوّله والسابع وتجاوز العشرة سواء كان بعد انقطاعه على السبعة أم لا فالعادة خاصة نفاس.

ولو رأته أوّلاً وبعد العادة وتجاوز فالأوّل خاصة نفاس ، وعلى هذا القياس.

ولو لم تره إلّا بعد العشرة فليس من النفاس على المختار في عدد الأكثر البتة ، وبه صرّح جماعة كابني سعيد وبرّاج (١) لأن ابتداء الحساب (٢) من الولادة ، كما صرّح به العلّامة (٣) وأشعر به بعض المعتبرة : « إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثمَّ تستظهر بيوم ، فلا بأس بعد أن يغشاها

__________________

١ ـ ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٤٥ ، ابن البراج في المهذّب ١ : ٣٩.

٢ ـ في « ش » : النفاس.

٣ ـ انظر نهاية الإحكام ١ : ١٣١.

٣٤٣

زوجها » (١) ومثله غيره (٢). مع أنه لولاه لم يتحدد مدّة التأخر.

( والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ) ويجب ويكره في حقها ويستحب ؛ للصحيح المتقدم (٣) ، والإجماع المحكي في المعتبر والمنتهى والتذكرة عن أهل العلم (٤) ، مع شهادة الاستقراء باتحاد حكمهما في الأغلب إلّا ما شذّ. وإليه يومئ بعض المعتبرة المسؤول فيه عن الحائض فاُجيب بحكم النفساء (٥). مضافاً إلى ما عرفت من أن النفاس دم الحيض حبس لتربية الولد وغذائه.

( و ) منه يظهر أنّ ( غسلها كغسلها في ) الوجوب و ( الكيفية ، وفي استحباب تقديم الوضوء على الغسل وجواز تأخيره عنه ).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٧٦ / ٥٠٥ ، الاستبصار ١ : ١٥٢ / ٥٢٥ ، الوسائل ٢ : ٣٩٥ أبواب النفاس ب ٧ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٧٩ / ٥١٤ ، الوسائل ٢ : ٣٨٨ أبواب النفاس ب ٣ ح ١٩.

٣ ـ في ص : ٣٤٢.

٤ ـ المعتبر ١ : ٢٥٧ ، المنتهي ١ : ١٢٦ ، التذكرة ١ : ٣٦.

٥ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٣ أبواب الاستحاضة باب ١ ح ٥.

٣٤٤

( الخامس )

( غسل الأموات. والنظر في أمور أربعة ) :

( الأول : الاحتضار ) وهو السوق ، أعاننا اللّه تعالى عليه وثبّتنا بالقول الثابت لديه. سمّي به لحضور الموت ، أو الملائكة الموكّلين به ، أو إخوانه وأهله عنده.

( والفرض فيه ) كفاية ( استقبال الميت بالقبلة ) مع عدم الاشتباه ( على أحوط القولين ) وأشهرهما ، كما في الشرائع وعن المقنعة والمراسم والمهذّب والوسيلة والسرائر والإصباح (١) للأمر به في المستفيضة ، كالحسن بل الصحيح على الصحيح : « إذا مات لأحدكم ميّت فسجّوه (٢) إلى القبلة ، وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ، فيكون مستقبلا بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة » (٣).

والمراد بالميّت المشرف على الموت إجماعاً ؛ لعدم القائل بالأمر به بعد الموت ، مع إشعار الذيل ـ قوله : إذا غسّل يحفر له ـ بذلك ، للقطع بأن المراد إرادة الاغتسال لا تحققه.

__________________

١ ـ الشرائع ١ : ٣٦ ، المقنعة : ٧٣ ، المراسم : ٤٧ ، المهذّب ١ : ٥٣ ، الوسيلة : ٦٢ ، السرائر ١ :

١٥٨ ، وفيه ويستحب أن يوجّه إلى القبلة ؛ وحكاه عن الجميع في كشف اللثام ١ : ١٠٧.

٢ ـ سجّى الميت : غطّاه. والتسجية : أن يسجي الميت بثوب أي يغطّي به. لسان العرب ١٤ : ٣٧١.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٢٧ / ٣ ، الفقيه ١ : ١٢٣ / ٥٩١ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٥ ، الوسائل ٢ : ٤٥٢ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٢.

٣٤٥

ونحوه الخبران الآمران باستقبال باطن قدميه القبلة (١). وقصور سندهما منجبر بالشهرة ، كالمرسل المصرّح بزمان الاستقبال وأنه قبل الموت (٢). ووروده في واقعة خاصة لا ينافي التمسك به للعموم بعد تعليله بإقبال الملائكة عليه بذلك المشعر بالعموم.

وليس فيه إشعار بالاستحباب ، وعلى تقديره فلا يترك به ظاهر الأمر ، سيّما مع اعتضاده بالشهرة ، بل وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار ، وليس شيء من المستحبات يلتزمونه كذلك.

فالقول بالاستحباب ـ كما عن جماعة من الأصحاب (٣) ـ ضعيف لا يلتفت إليه.

ويراعى في كيفيته عندنا ( بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها ) لما مرّ من النصوص ، مضافاً إلى الصحيح : « إذا وجّهت الميت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة ، لا تجعله معترضاً كما يجعل الناس » الحديث (٤).

ثمَّ ـ على المختار ـ إنّ مقتضى الأصل سقوط الوجوب بعد الموت ؛ لاختصاص الأمر به في النصوص بحالة السوق كما عرفت. وربما قيل بعدمه (٥) ، وهو أحوط.

__________________

١ ـ الأول :

الكافي ٣ : ١٢٧ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٨٥ / ٨٣٤ ، الوسائل ٢ : ٤٥٣ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٤.

الثاني :

الفقيه ١ : ٧٩ / ٣٥١ ، الوسائل ٢ : ٤٥٣ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٥.

٢ ـ الفقيه ١ : ٧٩ / ٣٥١ ، الوسائل ٢ : ٤٥٣ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٥.

٣ ـ منهم الشيخ في الخلاف ١ : ٦٩١ ، والنهاية : ٣٠ ، والمحقق في المعتبر ١ : ٢٥٩ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٤٨.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٦٥ / ١٥٢١ ، الوسائل ٢ : ٤٥٢ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ١.

٥ ـ مدارك الأحكام ٢ : ٥٤.

٣٤٦

( والمسنون ) أمور :

( نقله ) مع تعسر نزعه ( إلى مصلّاه ) الذي أعدّه للصلاة فيه أو عليه ؛ للنصوص المستفيضة ، منها الصحيح : « إذا عسر على الميت موته ونزعه قرّب إلى مصلّاه الذي يصلي فيه » (١). أو « عليه ».

وليس فيه ـ كغيره ـ استحباب النقل مطلقاً ، بل ظاهره الاشتراط بعسر النزع. ولا مسامحة هنا ؛ لورود النهي عن تحريك المحتضر في بعض المعتبرة كالرضوي (٢) وغيره (٣).

( وتلقينه الشهادتين ) بالتوحيد ( والرسالة والإقرار بالنبي والأئمة عليهم‌السلام ) للنصوص المستفيضة.

ففي الصحيح : « إذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقّنه شهادة أن لا إله إلّا اللّه [ وحده‏‏ ] لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله » (٤).

وفي الخبر : « لقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا اللّه والولاية » (٥).

وفي آخر : « ما من أحد يحضره الموت إلّا وكلّ به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى يخرج نفسه ، فمن كان مؤمناً لم يقدر عليه ، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوهم شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمداً رسول اللّه حتى‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٢٥ / ٢ ، التهذيب ١ : ٤٢٧ / ١٣٥٦ ، الوسائل ٢ : ٤٦٣ أبواب الأحتضار ب ٤٠ ح ١.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ ، المستدرك ٢ : ١٣٩ أبواب الاحتضار ب ٣٤ ح ١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤١ ، الوسائل ٢ : ٤٦٨ أبواب الأحتضار ب ٤٤ ح ١.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٢١ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٦ ، الوسائل ٢ : ٤٥٤ أبواب الأحتضار ب ٣٧ ح ١ ، وما بين المعقوفين اصفناه من المصدر.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٢٣ / ٥ ، التهذيب ١ : ٢٨٧ / ٨٣٨ ، الوسائل ٢ : ٤٥٨ أبواب الاحتضار ب ٣٧ ح ٢.

٣٤٧

يموتوا » (١).

( وكلمات الفرج ) ففي الحسن : « إنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي ، فقال له : قل لا إله إلّا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلّا اللّه العلي العظيم ، سبحان اللّه ربّ السموات السبع وربّ الأرضين السبع ، وما فيهنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم ، والحمد للّه ربّ العالمين. فقالها ، فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمد للّه الذي استنقذه من النار » (٢).

وزيد فيها في الفقيه بعد روايته مرسلاً : ( وما تحتهن ) قبل ( رب العرش العظيم ) و ( وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ) بعده (٣) ، وبزيادة الأخير صرّح في الرضوي (٤).

( وأن تغمض عيناه ) بلا خلاف كما عن المنتهى (٥) ؛ للصون عن قبح المنظر. وفيه نظر. نعم : في الموثق : ثقل ابن لجعفر وأبو جعفر جالس في ناحية ، وكان إذا دنا منه إنسان قال : « لا تمسه فإنه إنما يزداد ضعفاً ، وأضعف ما يكون في هذه الحال ، ومن مسّه في هذه الحال أعان عليه » فلمّا قضى الغلام أمر به ، فغمض عيناه وشدّ لحياه الحديث (٦).

وفي الخبر قال : حضرتُ موت إسماعيل بن جعفر وأبوه جالس عنده ، فلما

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٢٣ / ٦ ، التهذيب ١ : ٧٩ / ٣٥٣ ، الوسائل ٢ : ٤٥٥ أبواب الاحتضار ب ٣٦ ح ٣.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٢٤ / ٩ ، الوسائل ٢ : ٤٥٩ أبواب الاحتضار ب ٣٨ ح ٢.

٣ ـ الفقيه ١ : ٧٧ / ٣٤٦.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ المستدرك ٢ : ١٨٢ أبواب الاحتضار ب ٢٨ ح ٢.

٥ ـ المنتهي ١ : ٤٢٧.

٦ ـ التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤١ ، الوسائل ٢ : ٤٦٨ أبواب الاحتضار ب ٤٤ ح ١.

٣٤٨

حضر الموت شد لحييه وغمض عينيه وغطّاه بالملحفة (١).

( ويطبق فوه ) ويشدّ لحياه للخبرين ، وفي المنتهى بلا خلاف (٢).

( وتمدّ يداه إلى جنبيه ) إن انقبضتا ـ كالساقين ـ كما عن الأصحاب (٣) ، وعن المعتبر : ولم أعلم في ذلك نقلا عن أهل البيت عليهم‌السلام ، ولعلّ ذلك ليكون أطوع للغاسل وأسهل للدرج (٤).

( ويغطّى بثوب ) لما تقدّم من الخبر ، مضافاً إلى نفي الخلاف عنه في المنتهى (٥).

( وأن يقرأ عنده القرآن ) قبل الموت وبعده للتبرك ، واستدفاع الكرب والعذاب ، وسيّما يس والصافات قبله ، وقد قيل : روي أنه يقرأ عند النازع آية الكرسي وآيتان بعدها ، ثمَّ آية السخرة ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ ) إلى آخرها (٦) ، ثمَّ ثلاث آيات من آخر البقرة ( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) إلى آخرها ، ثمَّ يقرأ سورة الأحزاب (٧).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت ، أو قرئت عنده ، جاء رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة فسقاها إياه وهو على فراشه ، فيشرب ، فيموت ريّان ويبعث ريّان ، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء » (٨).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤٢ ، الوسائل ٢ : ٤٦٨ أبواب الاحتضار ب ٤٤ ح ٣.

٢ ـ المنتهي ١ : ٤٢٧.

٣ ـ حكاه عنهم في المدارك ٢ : ٥٨ ؛ انظر المبسوط ١ : ١٧٤ ، والسرائر ١ : ١٥٨ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢١٧.

٤ ـ المعتبر ١ : ٢٦١.

٥ ـ المنتهي ١ : ٤٢٧.

٦ ـ الأعراف : ٥٤.

٧ ـ قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٦.

٨ ـ مجمع البيان ٤ : ٤١٣ : ، المستدرك ٤ : ٣٢٢ أبواب قراءة القرآن ب ٤١ ح ١.

٣٤٩

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس ، نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفاً ، يصلّون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلّون عليه ويشهدون دفنه » (١).

وعن سليمان الجعفري : أنه رأى أبا الحسن عليه‌السلام يقول لابنه القاسم : « قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك وَالصَّافَّاتِ صَفًّا حتى تستتمها » فقرأ فلمّا بلغ ( أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا ) قضى الفتى ، فلمّا سجّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال : كنّا نعهد الميت إذا نزل به الموت نقرأ عنده يس والقرآن الحكيم ، فصرت تأمرنا بالصافات!؟ فقال : « يا بني لم تقرأ عند مكروب من موت إلّا عجّل اللّه تعالى راحته » (٢).

والأمر بالإتمام يتضمن القراءة بعد الموت ، كذا قيل (٣).

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من دخل المقابر فقرأ يس خففت عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات » (٤).

وفي الرضوي : « إذا حضر أحدكم الوفاة فاحضروا عنده بالقرآن وذكر اللّه تعالى والصلاة على رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٥).

( و ) أن ( يسرج عنده ) كما عن الإصباح والوسيلة والمهذّب والكافي والمراسم والشرائع والجامع والتذكرة ونهاية الإحكام والتحرير والمنتهى (٦) ( إن‏

__________________

١ ـ مصباح الكفعمي : ٨ ، المستدرك ٢ : ١٣٦ ، أبواب الاحتضار ب ٣١ ح ٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٢٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٤٢٧ / ١٣٥٨ ، الوسائل ٢ : ٤٥٦ أبواب الاحتضار ب ٤١ ح ١.

٣ ـ كشف اللثام ١ : ١٠٦.

٤ ـ مجمع البيان ٤ : ٤١٣.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١.

٦ ـ نقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٠٦ ، الوسيلة : ٦٢ ، المهذب ١ : ٥٤ ، الكافي :

٣٥٠

مات ليلاً ) كما عن الكتب الثلاثة بعد الأربعة الأول والمقنعة ، ولكن ليس فيها لفظ عنده ، بل فيها : إن مات ليلاً في بيت أسرج فيه مصباح إلى الصباح (١).

ويمكن إرادتهم ما يعم الموت ليلاً والبقاء إليه. وأقرب إلى العموم قول النهاية والوسيلة : إن كان بالليل (٢) ، وقول المبسوط : إن كان ليلاً (٣) ، والأوضح قول القاضي : ويسرج عنده في الليل مصباح (٤).

ولعلّه لفحوى الخبر أنه : لمّا قبض الباقر أمر أبو عبد اللّه بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد اللّه عليه‌السلام ، ثمَّ أمر أبو الحسن بمثل ذلك في بيت أبي عبد اللّه حتى خرج به إلى العراق ، ثمَّ لم يدر ما كان (٥).

وضعف السند ـ لو كان ـ منجبر بالشهرة بين الأعيان ، مضافاً إلى المسامحة في أدلة السنن. والدلالة بالأولوية واضحة ؛ لظهور الخبر في موته عليه‌السلام في البيت المسرج فيه. فالمناقشة بكلا وجهيه مندفعة.

وينبغي الإسراج إلى الصباح ، كما عن المقنعة والنهاية والمبسوط والإصباح والجامع والمنتهى والتذكرة ونهاية الإحكام (٦).

( و ) أن ( يعلم المؤمنون بموته ) للنصوص ، منها الصحيح : « ينبغي‏

__________________

٢٣٦ ، المراسم : ٤٧ ، الشرائع ١ : ٣٦ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، التذكرة ١ : ٣٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢١٧ ، التحرير ١ : ١٧ ، المنتهي ١ : ٤٢٧.

١ ـ المقنعة : ٧٤.

٢ ـ النهاية : ٣٠ ، الوسيلة : ٦٢.

٣ ـ المبسوط ١ : ١٧٤.

٤ ـ المهذّب ١ : ٥٤.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢٥١ / ٥ ، الفقيه ١ : ٩٧ / ٤٥٠ ، التهذيب ١ : ٢٨٩ / ٨٤٣ ، الوسائل ٢ : ٤٦٩ أبواب الاحتضار ب ٤٥ ح ١ ، بتفاوت يسير.

٦ ـ المقنعة : ٧٤ ، النهاية : ٣٠ ، المبسوط ١ : ١٧٤ ، عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٠٦ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، المنتهي ١ : ٤٢٧ ، التذكرة ١ : ٣٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢١٧.

٣٥١

لأولياء الميت منكم أن يؤذنوا إخوان الميت بموته ، فيشهدون جنازته ، ويصلون عليه ، ويستغفرون له ، فيكتب لهم الأجر ، ويكتب للميت الاستغفار ، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار » (١).

وفي آخر : عن الجنازة يؤذن بها الناس؟ قال : « نعم » (٢).

وهو يعم النداء العام. فما عن الخلاف : لا نص في النداء (٣) ، إن أراد بالخصوص فنعم ، وإلّا فقد عرفت النص.

وعن الجعفي : كراهة النعي إلّا أن يرسل إليه صاحب المصيبة إلى من يختص به (٤).

وهو ـ مع عدم الدليل عليه ـ ينافي ما يترتب على الحضور من الثواب الجزيل على السنن الموظفة في التشييع من الحمل والتربيع والصلاة والتعزية ، وما فيه من الاتعاظ والتذكرة لأمور الآخرة ، وتنبيه القلب القاسي لانزجار النفس الأمّارة ، ونحو ذلك.

وفي الخبر : عن رجل دعي إلى وليمة وإلى جنازة ، فأيهما أفضل وأيهما يجيب؟ قال : « يجيب الجنازة ، فإنها تذكّر الآخرة ، وليدع الوليمة ، فإنها تذكّر الدنيا » (٥).

( و ) أن ( يعجّل تجهيزه ) وإيداعه ثراه بلا خلاف ؛ للنصوص المستفيضة ، منها : « لا تنتظروا موتاكم طلوع الشمس ولا غروبها ، عجّلوهم‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٦٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٢ / ١٤٧٠ ، علل الشرائع : ٣٠١ / ١ ، الوسائل ٣ : ٥٩ أبواب صلاة الجنازة ب ١ ح ١.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٦٧ / ٢ ، الوسائل ٣ : ٦٠ أبواب صلاة الجنازة ب ١ ح ٣.

٣ ـ الخلاف ١ : ٧٣١.

٤ ـ نقله عنه في الذكرى : ٣٨.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٦٢ / ١٥١٠ ، الوسائل ٢ : ٤٥١ أبواب الاحتضار ب ٣٤ ح ١.

٣٥٢

إلى مضاجعهم رحمكم اللّه تعالى » (١).

وفي المرسل : « كرامة الميت تعجيله » (٢).

ويستفاد من بعضها أفضليته من تقديم الصلاة في وقت فضيلته (٣).

( إلّا مع الاشتباه ) في موته فيحرم حتى يتحقق بمضي ثلاثة أيام ؛ للنصوص المستفيضة ، كالصحيحين (٤) والموثق (٥) والضعيف (٦) في المصعوق والغريق ، والقوي في الأخير (٧) ، ولا قائل بالفرق.

وفي الصحيح : « خمسة ينتظر بهم إلّا أن يتغيروا : الغريق ، والمصعوق ، والمبطون » وفي بعض « المطعون » « بدله والمهدوم ، والمدخّن » (٨).

ولعل التغيّر فيه وفي الصحيح والموثق يشمل الأمارات الدالة عليه من‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٣٧ / ١ ، الفقيه ١ : ٨٥ / ٣٨٩ ، التهذيب ١ : ٤٢٧ / ١٣٥٩ ، الوسائل ٢ : ٤٧١ أبواب الاحتضار ب ٤٨ ح ١.

٢ ـ الفقيه ١ : ٨٥ / ٣٨٨ ، الوسائل ٢ : ٤٧٤ أبواب الحتضار ب ٤٧ ح ٧.

٣ ـ التهذيب ٣ : ٣٢٠ / ٩٩٥ ، الاستبصار ١ : ٤٦٩ / ١٨١٢ ، الوسائل ٢ : ٤٧٣ أبواب الاحتضار ب ٤٧ ح ٤.

٤ ـ الاول :

الكافي ٣ : ٢٠٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٣٨ / ٩٩٢ ، الوسائل ٢ : ٤٧٤ أبواب الحتضار ب ٤٨ ح ١.

الثاني :

الكافي ٣ : ٢٠٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٣٨ / ٩٩٠ ، الوسائل ب‍ : ٤٧٥ أبواب الاحتضار ب ٤٨ ح ٣.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢١٠ / ٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧٥ أبواب الاحتضار ب ٤٨ ح ٤.

٦ ـ الكافي ٣ : ٢١٠ / ٦ ، الوسائل ١ : ٣٣٨ / ٩٩١ ، أبواب الاحتضار ب ٤٨ ح ٥.

٧ ـ دعائم الاسلام ١ : ٢٩٩ ، الجعفريات : ٢٠٧ ، المستدرك ٢ : ١٤٢ أبواب الاحتضار ب ٣٧ ح ٣.

٨ ـ الكافي ٣ : ٢١٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٧ / ٩٨٨ ، الخصال ٣٠٠ / ٧٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧٤ أبواب الاحتضار ب ٤٨ ح ٢.

٣٥٣

استرخاء رجليه ، وانفصال كفيه ، وميل أنفه ، وامتداد جلدة وجهه ، وانخساف صدغيه ، كما عن التذكرة (١).

وزيد في غيرها كاللمعة : تقلّص اُنثييه إلى فوق مع تدلي الجلدة (٢).

وعن الإسكافي : زوال النور من بياض العين وسوادها ، وذهاب النفس ، وزوال النبض (٣).

وعن جالينوس : الاستبراء بنبض عروق بين الاُنثيين ، أو عرق يلي الحالب والذكر بعد الغمز الشديد ، أو عرق في باطن الألية ، أو تحت اللسان ، أو في بطن المنخر (٤).

إلّا أن المتبادر منه التغيّر في الريح ، كما في الخبر الضعيف عن أبي إبراهيم عليه‌السلام : « ينبغي للغريق والمصعوق أن يتربص به ثلاثاً لا يدفن إلّا أن تجي‏ ء منه ريح تدل على موته » (٥).

فالأحوط الاقتصار عليه إلّا مع حصول العلم به من تلك الأمارات كما هو الغالب ، وإن كان المصير إليها مطلقاً غير بعيد ، للشهرة القرينة على الفرد الغير المتبادر.

( وإن كان ) الميت ( مصلوباً لا يترك ) على خشبته ( أزيد من ثلاثة أيام ) إجماعاً كما عن الخلاف (٦) ، وللخبر : « قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقرّوا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل ويدفن » (٧).

__________________

١ ـ التذكرة ١ : ٣٧.

٢ ـ الروضة ١ : ١٢٠.

٣ ـ نقله عن في الذكرى : ٣٨.

٤ ـ نقله عنه في الذكرى : ٣٨.

٥ ـ تقدم مصدره في ص : ٣٥٣ الرقم ٦.

٦ الخلاف ٢ : ٤٧٩.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢١٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٣٥ / ٩٨١ ، الوسائل ، الوسائل ٢ : ٤٧٦ أبواب الاحتضار ب ٤٩

٣٥٤

كذا في التهذيب وبعض نسخ الكافي ، وفي اُخرى : « لا تقربوا » بدل : « لا تقرّوا » فلا دلالة فيه ، فالعمدة الإجماع المحكي.

( ويكره أن يحضره ) حالة الاحتضار ، كما عن التلخيص ونهاية الإحكام وغيرهما (١) ( جنب أو حائض ) إجماعاً كما عن المعتبر (٢) ؛ للنصوص ، منها : « لا بأس أن تمرّضه » أي الحائض « فإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتنحّ عنه وعن قربه ، فإنّ الملائكة تتأذى بذلك » (٣).

ومنها الرضوي : « ولا يحضر الحائض ولا الجنب عند التلقين ، فإنّ الملائكة تتأذى بهذا ، ولا بأس أن يليا غسله ويصلّيا عليه ولا ينزلا قبره ، فإن حضرا ولم يجدا من ذلك بدّاً فليخرجا إذا قرب خروج نفسه » (٤).

ويستفاد منهما أن غاية الكراهة تحقق الموت وانصراف الملائكة.

وعن الفقيه والمقنع : لا يجوز حضورهما عند التلقين (٥).

ولعلّه للخبر المروي في الخصال ، قال : « لا يجوز للمرأة الحائض والجنب الحضور عند تلقين الميت لأن الملائكة تتأذى بهما ولا يجوز لهما إدخال الميت قبره » (٦).

ولضعفه لا يجوز تخصيص الأصل ، مع اعتضاده بعمل الأصحاب ، فيحمل ـ كعبارة عامله ـ على شدة تأكد الكراهة.

__________________

ح ١.

١ ـ نقله عن التلخيص في كشف اللثام ١ : ١٧٠ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢١٥ ؛ وانظر القواعد ١ : ١٧ ، والذخيرة ٨١.

٢ ـ المعتبر ١ : ٢٦٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٣٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٢٨ / ١٣٢٦ ، قرب الإسناد : ٣١٢ / ١٢١٤ ، الوسائل ٢ : ٤٦٧ أبواب الاحتضار ب ٤٣ ح ١.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ ، المستدرك ٢ : ١٣٨ أبواب الاحتضار ب ٣٣ ح ٣.

٥ ـ لم نعثر عليه في الفقيه ، نعم وجدناه في الهداية : ٢٣ ؛ المقنع : ١٧.

٦ ـ الخصال : ٥٨٥ / ١٢.

٣٥٥

( وقيل ) هو الشيخان (١) ، وفي التهذيب أنه سمعه من الشيوخ مذاكرة (٢) ، وادعى عليه في الخلاف الإجماع أنه ( يكره أن يجعل على بطنه حديد ) ولا بأس به ؛ لحجية الإجماع المحكي مع التسامح في مثله.

ولا يكره غيره في المشهور ؛ للأصل. ونقل القول بكراهته أيضاً (٣).

____________

١ ـ المفيد في المقنعة : ٧٤ ، الطوسي في الخلال ١ : ٦٩١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٩٠.

٣ ـ قال به العلامة في التذكرة ١ : ٣٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢١٦.

٣٥٦

( الثاني ) في بيان ( الغسل ).

( وفروضه ) اُمور ، منها :

( إزالة النجاسة ) العارضية ( عنه ) أي الميت قبل تغسيله كما عن المعتبر (١) ، بلا خلاف كما عن المنتهى (٢) وإجماعاً كما عن التذكرة ونهاية الإحكام (٣).

وفيهما كالأول التعليل بأنه يجب إزالة النجاسة الحكمية عنه فالعينية أولى. وفيه : أنه لا يستلزم وجوب التقديم ، بل مطلق الإزالة ، ولا كلام فيه.

وبصون ماء الغسل من التنجس. وفيه : لزومه على كل تقدير ولو اُزيلت النجاسة ، إلّا أن يقال بالعفو عنه هنا للضرورة.

إلّا أنه يتوجه منع لزوم الصون مطلقاً ، بل المسلّم منه ليس إلّا المجمع عليه ، وهو لزومه قبل الشروع في الغسل ، وأما بعده فلا ، كذا قيل.

وفيه نظر ؛ لتوقيفية صحة الغسل الذي هو عبادة على البيان ، وليس إلّا فيما صين ماؤه عن النجاسة مطلقاً ولو بعد الشروع في الاغتسال. وحيث لا يمكن الصيانة عن نجاسة الموت اغتفر بالإضافة إليها للضرورة. وإطلاقات الأوامر بالاغتسال لما ينجس ماؤه في الاغتسال فيما عدا الضرورة غير شاملة لعدم تبادر مثل تلك الصورة.

فلا يمكن الاجتزاء بالغسل الواحد عن الغسل وإزالة النجاسة العارضية. ومثله الكلام في غسل الجنابة.

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٢٦٤.

٢ ـ المنتهي ١ : ٤٢٨.

٣ ـ التذكرة ١ : ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٣.

٣٥٧

خلافاً للشيخ فاجتزأ به عنهما (١). وهو كما ترى.

هذا مضافاً إلى الإجماعات المنقولة هنا ، والنصوص المستفيضة فيه وفي الجنابة الآمرة بتقديم غسل الفرج على الغسل (٢). والأمر حقيقة في الوجوب ، ولا صارف عنه سوى وروده فيها في سياق المستحبات ، وهو بمجرّده سيّما مع الأمر فيها بكثير من الواجبات غير كافٍ في الصرف ، عملاً بالأصل في الاستعمال مع عدم تيقن الصارف.

وكثير من المستفيضة وإن اختص بالجنابة ، إلّا أن المستفاد من المعتبرة المستفيضة اتحاد غسل الأموات مع غسل الجنابة ، بل ربما أشعر بعضها أنه عينه (٣).

وبالجملة : شغل الذمة بغسل الميت يقيني لا بد في رفعه من يقين ، وليس إلّا مع تقديم الإزالة وعدم الاجتزاء عن الأمرين بالغسلة الواحدة.

ومنه ينقدح ضعف التأمل في وجوب التقديم ، كالتأمل في لزوم الغسلتين لإزالة الحدث والخبث ، والأخير أضعف ، بل مقطوع بفساده جزماً.

والقول باختصاص المستفيضة من الجانبين بنجاسة مخصوصة مدفوع بعدم القائل بالفرق ، ولعلّه لغلبتها ، لا لتغاير حكمها مع حكم ما عداها.

ومن الفروض : ستر عورته عن الناظر المحترم بالإجماع والنصوص (٤).

( وتغسيله بماء السدر ) ويُلقى منه فيه ما يصدق معه ماء السدر على الأشهر الأظهر ، كما عن الخلاف والمصباح ومختصره والجمل والعقود وجمل العلم والعمل والفقيه والهداية والمقنع والوسيلة والغنية والإصباح والإشارة

__________________

١ ـ انظر المبسوط ١ : ٢٩.

٢ ـ الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابه ب ٢٦.

٣ ـ الوسائل ٢ : ٤٨٦ أبواب غسل الميت ب ٣.

٤ ـ الوسائل ٢ : أبواب غسل الميت ب ٢.

٣٥٨

والكافي والإرشاد والتبصرة وظاهر التحرير ومحتمل الشرائع (١) ؛ لإطلاق النصوص بالغسل بالسدر أو بمائه أو بماء وسدر ، فلا يجزي القليل الذي لا يصدق معه ماء السدر. وكذا الورق غير مطحون ولا ممروس إذ ليس المتبادر منه إلّا ما ذكرنا.

خلافاً لبعض ، فمسمّى السدر (٢). وهو ضعيف. كاعتبار الرطل كما عن المفيد (٣).

وأضعف منه إضافة النصف إليه كما عن ابن البراج (٤) ؛ لعدم الدليل.

وأضعف منه إيجاب سبع ورقات صحاح (٥) ؛ للخبر : عن غسل الميت ، فقال : « يطرح عليه خرقة ، ثمَّ يغسل فرجه ويوضأ وضوء الصلاة ، ثمَّ يغسل رأسه بالسدر والاُشنان ، ثمَّ بالماء والكافور ، ثمَّ بالماء القراح يطرح فيه سبع ورقات صحاح من ورق السدر في الماء » (٦).

لأن ظاهره كما ترى إلقاؤها في القراح ، كخبر معاوية بن عمّار قال : أمرني أبو عبد اللّه أن أعصر بطنه ، ثمَّ أوضّئه ، ثمَّ أغسله بالأشنان ، ثمَّ أغسل رأسه بالسدر ولحيته ، ثمَّ اُفيض على جسده منه ، ثمَّ أدلك به جسده ، ثمَّ أفيض‏

____________

١ ـ الخلاف ١ : ٦٩٤ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٥ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٥٠ ، الفقيه ١ : ٩٠ ، الهداية : ٢٤ ، المقنع : ١٨ ، الوسيلة : ٦٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، نقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١١٢ ، الإشارة : ٧٥ ، الكافي : ١٣٤ ، الإرشاد ١ : ٢٣٠ ، التبصرة : ١١ ، التحرير ١ : ١٧ ، الشرائع ١ : ٣٨.

٢ ـ انظر البيان : ٧٠ ، وجامع المقاصد ١ : ٣٧٠ ، والروضة ١ : ١٢١.

٣ ـ المقنعة : ٧٤.

٤ ـ المهذّب ١ : ٥٦.

٥ ـ انظر التذكرة ١ : ٣٨ ، ونهاية الإحكام ٢ : ٢٢٣.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٧٨ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٦ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٢.

٣٥٩

عليه ثلاثاً ، ثمَّ أغسله بالماء القراح ، ثمَّ اُفيض عليه الماء بالكافور وبالماء القراح وأطرح فيه سبع ورقات (١).

ولكن يشترط عدم خروج الماء عن الإطلاق ، فلا يجزي الخارج وفاقاً لجماعة (٢) للشك في الامتثال معه ، مع إشعار الصحيحين به ، ففي أحدهما : عن غسل الميت ، كيف يغسل؟ قال : « بماء وسدر ، واغسل جسده كلّه ، واغسله اخرى بماء وكافور ، ثمَّ اغسله اُخرى بماء » الحديث (٣). وفي الثاني نحوه (٤) ، ونحوهما الرضوي (٥) ؛ لظهورها في بقاء الإطلاق.

والتأيد بالمستفيضة في أن غسل الميت كغسل الجنابة (٦).

وليس فيما دلّ على ترغية السدر كالمرسل : « واعمد إلى السدر ، فصيّره في طست وصبّ عليه الماء ، واضرب بيدك حتى ترتفع رغوته ، واعزل الرغوة في شيء ، فصب الآخر في الإجّانة التي فيها الماء ، ثمَّ اغسل يديه ثلاث مرات كما يغسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذراع ، ثمَّ اغسل فرجه ونقّه ، ثمَّ اغسل رأسه بالرغوة » إلى آخره (٧) دلالة عليه.

لعدم استلزام الإرغاء إضافة الماء الذي تحت الرغوة ، وخصوصاً مع‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٠٣ / ٨٨٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٩ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٨.

٢ ـ منهم العلامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٣ ، والتذكرة ١ : ٣٨ ، الشهيد الأول في البيان : ٧٠ ، الشهيد الثاني في الروضة ١ : ١٢١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٦.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٣٩ / ٢ ، التهذيب ١٠٨ / ٢٨٢ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٦ ـ الوسائل ٢ : ٤٨٦ أبواب غسل الميت ب ٣.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٠ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٣٦٠