رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

وأوضح منه دلالة مماثله في السند : في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة « إنها تنتظر بالصلاة ، فلا تصلي حتى يمضي أكثر ما يكون من الحيض ، فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة » (١).

ومثله أيضاً الموثق : عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين وفي الشهر ثلاثة ، يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء ، قال : « فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة » (٢).

والمناقشة في الأخبار الأخيرة بالتدبر فيها مدفوعة.

مضافاً إلى عموم أخبار التميز فيما اتصف بصفة الحيض ، ويتم الغير المتصف بها بعدم القول بالفصل ، فإنّ محل النزاع أعم ، وليس كما توهم من الاختصاص بالأول.

ومن (٣) أصالة اشتغال الذمة بالعبادة إلّا مع تيقن المسقط ، ولا مسقط كذلك إلّا بمضيّ ثلاثة.

وفيه ـ بعد تماميته ـ : معارضة بالأصل المتقدم ، وبعد التساقط يبقى ما عداه ممّا تقدم سليماً من المعارض. وبعد تسليم فقد المعارض المزبور يكون ما عداه ممّا مرّ مخصصا لها ، والظن الحاصل منه قائم مقام اليقين كقيام غيره مقامه. وهو مسلّم عنده ، وإلّا لما حصل تيقن المسقط بمضيّ الثلاثة أيضا لجواز رؤيتها الأسود المتجاوز عن العشرة فيكون هو الحيض دونها. والتمسك‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٠٠ / ١٢٥١ ، الاستبصار ١ : ١٣٧ / ٤٧٠ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح ٥.

٢ ـ الكافي ٣ : ٧٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٧٨ ، الوسائل ٢ : ٣٠٤ أبواب الحيض ب ١٤ ح ١.

٣ ـ متعلق بقوله « ينشأ » في الصفحة السابقة.

٢٨١

في نفيه بالأصل غير مورث لليقين ، بل غايته الظن ، وهو حاصل بما تقدم من الأدلة على التحيض بمجرد الرؤية.

فالأصح الأول ، وفاقاً للشيخ وغيره (١) ، وهو المشهور. خلافاً للمرتضى ومن تبعه (٢) ، ومنهم الماتن في غير الكتاب صريحاً (٣) ، وفيه احتياطاً.

( و ) لكن لا يبعد كون ( الاحتياط للعبادة ) وامتثال التروك بمجرد الرؤية ( أولى حتى يتيقن الحيض ) بمضيّ الثلاثة.

وهنا قولان آخران هما بمحل من الشذوذ.

ثمَّ إن المبتدأة إذا انقطع دمها لدون العشرة تستبرئ وجوباً ـ كما عن ظاهر الأكثر (٤) ، بل قيل : إنّه لا خلاف (٥) ، وعن الاقتصاد التعبير عنه بلفظ « ينبغي » الظاهر في الاستحباب (٦) ولأجله احتمل الخلاف ـ بوضع القطنة مطلقاً على الأصح ، وفاقاً لجماعة (٧) عملا بإطلاق الصحيح (٨) ، والتفاتاً إلى اختلاف غيره في الكيفية ، ففي رواية (٩) والرضوي (١٠) : قيامها وإلصاق بطنها إلى الحائط ورفع رجلها اليسرى ، وفي اُخرى مرسلة بدل اليسرى اليمنى (١١) ، مع قصورها

____________

١ ـ الشيخ في المبسوط ١ : ٤٢ ، ٦٦ ؛ العلامة في المختلف : ٣٧ ، والمنتهي ١ : ١٠٩.

٢ ـ نقله عن المرتضي في المعتبر ١ : ٢١٣ ؛ وتبعة ابن الدريس في السرائر ١ : ١٤٩ ، والشهيد في والدروس : ١ : ٩٧.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢١٣ ، الشرائع ١ : ٣٠.

٤ ـ انظر كشف اللثام ١ : ٩٦.

٥ ـ قال به صاحب الحدائق ٣ : ١٩١.

٦ ـ الإقتصاد : ٢٤٦.

٧ ـ منهم : صاحب المدارك ١ : ٣٣١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٩.

٨ ـ الكافي ٣ : ٨٠ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٦١ / ٤٦٠ ، الوسائل ٢ : ٣٠٨ أبواب الحيض ب ١٧ ح ١.

٩ ـ الكافي ٣ : ٨٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٦١ / ٤٦١ ، الوسائل ٢ : ٣٠٩ أبواب الحيض ب ١٧ ح ٣.

١٠ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٣ ، المستدرك ٢ : ١٥ أبواب الحيض ب ١٥ ح ١.

١١ ـ الكافي ٣ : ٨٠ / ١ ، الوسائل ٢ : ٣٠٩ أبواب الحيض ب ١٧ ح ٢.

٢٨٢

ـ كالموثق المطلق في وضع الرجل (١) ـ عن المقاومة للصحيح سنداً واعتباراً ، فحملها على الاستحباب متعين مسامحة في أدلّته.

فإن خرجت نقية طهرت ، فلتغتسل من دون استظهار ، كما عن الأصحاب ، وعليه الأخبار. ولا وجه للقول به هنا مطلقاً كما عن السرائر وتوهّمه الشهيدان من المختلف (٢) ، أو مع ظن العود كما عن الدروس (٣).

وإلّا احتمل الحيض وإن لم يظهر عليها إلّا ضد صفته ، كما عن صريح سلّار (٤) ، ومحتمل المقتصر على ظهور الدم عليها كالشيخين والقاضي والعلّامة في التذكرة (٥). فعليها الصبر إلى النقاء أو مضي العشرة للإجماع المحكي (٦) والموثق : « فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة » (٧) وقريب منه موثقتا ابن بكير (٨).

( و ) مثلها في وجوب الاستبراء ( ذات العادة ) العددية مطلقاً مع انقطاع‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٦١ / ٤٦٢ ، الوسائل ٢ : ٣٠٩ أبواب الحيض ب ١٧ ح ٤.

٢ ـ السرائر ١ : ١٤٩ ، الشهيد الأول في الذكرى : ٢٩ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٧٣.

٣ ـ الدروس ١ : ٩٨.

٤ ـ المراسم : ٤٣.

٥ ـ المفيد في المقنعة : ٥٥ ، الطوسي في النهاية : ٢٦ ، القاضي في المهذب ١ : ٣٥ ، التذكرة ١ : ٢٩.

٦ ـ حكاه في المدارك ١ : ٣٣٢.

٧ ـ الكافي ٣ : ٧٩ / ١ ، الوسائل ٢ : ٣٠٤ أبواب الحيض ب ١٤ ح ١.

٨ ـ الأولي :

التهذيب ١ : ٤٠٠ / ١٢٥١ ، الاستبصار ١ : ١٣٧ / ٤٧٠ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح ٥.

الثانية :

التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٧٨ ، الاستبصار ١ : ١٣٧ / ٤٦٩ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح ٦.

٢٨٣

دمها عليها فيما دون ( ومع ) استمرار ( الدم ) وتجاوزه عنها ( تستظهر ) وتحتاط بترك العبادة مطلقاً كما هو ظاهر الفتاوي ، أو مع عدم استقامة الحيض كما في الصحيح (١) ويومئ إليه الخبر (٢).

وجوباً كما عن ظاهر الأكثر (٣) وصريح الاستبصار والسرائر (٤) ؛ عملاً بظاهر الأوامر الواردة به في الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة (٥) ، والاحتياط في العبادة فإنّ تركها على الحائض عزيمة ، واستصحاب الحالة السابقة.

أو استحباباً كما عن التذكرة وعامة المتأخرين (٦) ؛ التفاتاً إلى أخبار الأمر بالرجوع إلى العادة والعمل فيما عداها بالاستحاضة ، وأخذاً بظن الانقطاع على العادة وبظاهر لفظ الاحتياط في بعض المعتبرة (٧) ، وحملاً للأوامر على الاستحباب جمعاً.

وهو الأقوى ، لا لما ذكر ، لتصادم الأخبار من الطرفين ، وعدم مرجح ظاهر في البين إلّا التقية في الثانية لكونه مذهب أكثر العامة (٨) ، واختلاف الأدلة في مقادير الاستظهار مع التخيير فيها بينها الظاهر كل منهما في الاستحباب ؛ بل للأصل السليم عن المعارض في البين ، بناءً على ما عرفت من تصادم الأدلة

__________________

١ ـ التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٧٩ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧٩ أبواب الاستحاضة ب ٣ ح ١.

٣ ـ انظر كشف اللثام ١ : ٩٧.

٤ ـ الاستبصار ١ : ١٤٩ ، السرائر ١ : ١٤٩.

٥ ـ انظر الوسائل ٢ : ٣٠٠ أبواب الحيض ب ١٣ ، وص ٣٧١ أبواب الاستحاضه ب ١.

٦ ـ التذكرة ١ : ٢٩ ؛ وانظر المدارك ١ : ٣٣٣.

٧ ـ انظر الوسائل ٢ : ٣٠٢ أبواب الحيض ب ١٣ ح ٧ ، وص ٣٧٥ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨ و ١٢.

٨ ـ كما ذكرة العلامة في المنتهي ١ : ١٠٣.

٢٨٤

من الطرفين.

أو جوازاً مطلقاً عارياً عن قيدي الوجوب والاستحباب.

وهو مردود بظاهر الأوامر في الصحاح التي أقلها الاستحباب. ولا يعارض بأوامر الرجوع إلى العادة ؛ لورودها في مقام توهم الحظر المفيد للإباحة خاصة. والمناقشة بورود مثله في الأدلة غير مسموعة.

وكيف كان فتستظهر ( بعد عادتها بيوم أو يومين ) كما هنا وفي الشرائع (١) ، وعن النهاية والوسيلة والصدوق والمفيد (٢) للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.

منها : الصحيح المحكي في المعتبر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب : « إذا رأت دماً بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين ، ثمَّ تمسك قطنة ، فإن صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كلّ صلاتين بغسل » الحديث (٣).

أو بثلاثة ، كما عن السرائر والمعتبر والمنتهى والتذكرة والمقنع (٤) ، إلّا أنه اقتصر عليها خاصة ؛ للنصوص المعتبرة ، منها الصحيحان (٥) والموثقان (٦) ،

__________________

١ ـ الشرائع ١ : ٣٠.

٢ ـ النهاية : ٢٤ ، الوسيلة : ٥٨ ، نقله عن الصدوق والمفيد في المعتبر ١ : ٢١٤ ، والمدارك ١ : ٣٣٤.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢١٥ ، الوسائل ٢ : ٣٧٧ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٤.

٤ ـ السرائر ١ : ١٤٩ ، المعتبر ١ : ٢١٥ ، المنتهي ١ : التذكرة ١ : ٢٩ : المقنع : ١٦.

٥ ـ التهذيب ١ : ١٧٢ / ٤٨٩ و ٤٩١ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٤ و ٥١٥ ، الوسائل ٢ : ٣٠٢ أبواب الحيض ب ١٣ ح ٩ و ١٠.

٦ ـ أحدهما في : التهذيب ١ : ٣٨٦ / ١١٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣٩ / ٤٧٧ ، الوسائل ٢ : ٣٠٢ أبواب الحيض ب ١٣ ح ٦.

والآخر في : التهذيب ١ : ١٧٢ / ٤٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٣ ، الوسائل ٢ : ٣٠٢ أبواب الحيض ب ١٣ ح ٨.

٢٨٥

وأحدهما ـ كأحد الأولين ـ كالمقنع في الاقتصار عليها.

أو إلى العشرة كما عن السيّد والإسكافي (١) ، وظاهر المقنعة والجمل (٢) ، وأجازه الماتن في غير الكتاب ولكن احتاط بما فيه (٣) ، وكذا عن الشهيد إلّا أنه اشترط في البيان ظنها بقاء الحيض (٤).

للموثق : « تنتظر عدتها التي كانت تجلس ، ثمَّ تستظهر بعشرة أيام » (٥).

وفي معناه المرسل : « إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة » (٦).

وهما مع قصورهما سنداً وعملاً وعدداً يحتملان الورود مورد الغالب ، وهو كون العادة سبعة أو ثمانية ، فيتحدان مع الأخبار السابقة. وهو وإن جرى فيها فيخلو ما عدا الغالب عن النص بالاستظهار ، إلّا أنّ إلحاقه به بالإجماع المركب كاف في ثبوته فيه ؛ والإجماع لا يتم إلّا في الناقص عن الثلاثة ، فتبقى هي كالزائد عليها إلى العشرة خالياً من الدليل ، فيرجع حينئذ إلى مقتضى الأصل وهو عدم مشروعية الاستظهار.

فتعيّن القول بالأول أو الثاني سيّما مع كثرة القائل بهما ، والأول أقرب إلى الترجيح ولكن الثاني غير بعيد.

وغير خفي أنّ الاختلاف بين الأوّلين والثالث إنما هو مع قصور العادة عن العشرة بأزيد من الثلاثة ، وبين الأوّلين مع قصورها عنها بها ، وإلّا فلا خلاف.

__________________

١ ـ نقله عن السيد في المعتبر ١ : ٢١٤ ، حكاه عن الإسكافي كشف اللثام ١ : ٩٦.

٢ ـ المقنعة : ٥٥ ، الجمل ( الرسائل العشر ) : ١٦٣.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢١٥.

٤ ـ البيان : ٥٨.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٦ ، الوسائل ٢ : ٣٠٣ أبواب الحيض ب ١٣ ح ١٢.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٧٢ / ٤٩٣ ، الاستبصار ١ : ١٥٠ / ٥١٧ ، الوسائل ٢ : ٣٠٣ أبواب الحيض ب ١٣ ح ١١.

٢٨٦

كما لا خلاف في عدم الاستظهار مع استتمامها إياها وتطابقها معها ، إذ الاستظهار احتياط عن الحيض المحتمل وليس معه ، مع ورود بعض المعتبرة به (١).

( ثمَّ ) هي بعد أيام الاستظهار كيف كان ( تعمل ما تعمله المستحاضة ) وتصبر إلى العشرة إن احتيج إلى الصبر ( فإن استمر ) وتجاوز العشرة كان ما عدا أيام الاستظهار مطلقا (٢) استحاضة ، وهي داخلة في الحيض حكمها حكمه ، كما يستفاد من النصوص الواردة فيه (٣).

والمشهور دخولها حينئذ في الاستحاضة ، فيجب عليها قضاء ما تركته فيها من العبادة.

ولم أفهم المستند ، وبه صرّح جماعة (٤). ولعلّه لهذا الماتن لم يعدل عن ظواهر النصوص ، كالمرتضى في المصباح والعلّامة في ظاهر القواعد والنهاية (٥) ، حيث استشكل في الأخير وجوب قضاء العبادة ، ولم يذكر في الأوّل مع تصريحه فيه بإجزائها ما فعلته ، ومن جملته الكفّ عن العبادة ، وإجزاؤه كناية عن عدم وجوب قضائها.

( وإلّا ) يستمر بأن انقطع على العاشر فما دونه ( قضت الصوم ) الذي أتت به فيما بعد أيام الاستظهار أيضا ( دون الصلاة ) التي صلّتها فيه ؛ لظهور كون أيام الاستظهار مع ما بعده ـ إن كان ـ حيضاً.

____________

١ ـ انظر الوسائل ٢ : ٣٠١ أبواب الحيض ب ١٣ ح ٢ و ١١.

٢ ـ أي ولو كان دون العشرة.

٣ ـ الوسائل ٢ : ٣٠٠ أبواب الحيض ب ١٣.

٤ ـ منهم صاحب المدارك ١ : ٣٣٦ ، الفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ١٥ ، صاحب الذخيرة : ٧٠.

٥ ـ نقله عن المصباح في المنتهي ١ : ١٠٣ ، القواعد : ١٦ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٣.

٢٨٧

هذا هو المشهور ، بل ربما حكي عليه الإجماع (١).

ولا تساعده الأخبار في المضمار ، بل هي في الدلالة على دخول ما بعد الاستظهار في الاستحاضة بقول مطلق ولو مع الانقطاع عليه واضحة المنار.

ولكن قوة احتمال ورودها مورد الغالب توجب ظهورها في الشق الأوّل وهو انتهاء أيام الاستظهار إلى العاشر وانقطاعها عليه.

وعلى هذا يحمل لفظة « أو » على التنويع وبيان ما هو الغالب من الأفراد ـ كما فعله في المنتهى ولو من وجه آخر (٢) ـ لا التخيير كما هو المشهور ، فلا تشمل حينئذ المقام ، وليس في الحكم بتحيّضها الجميع حذر من جهتها.

نعم : فيه الحذر من جهة الأخبار الآمرة بالرجوع إلى العادة وجعلها حيضاً خاصة (٣) ؛ لكنها ـ مع تطرّق الوهن إليها بأخبار الاستظهار إجماعاً ـ معارضة بأدلة « ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض » بالبديهة. ولا ريب في رجحانها بالضرورة ؛ لغلبة الظن بالحيضية ، والاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون من الإجماع قريبة ، مع أنّ الحكاية في نقله صريحة كما مرّت إليه الإشارة.

مضافاً إلى الاعتضاد بإطلاق الحسنة : « إذا رأت المرأة الدم قبل العشرة أيام فهو من الحيضة الاولى ، وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة » (٤).

وخصوص المرسلة المنجبر ضعفها بالشهرة وقصور دلالتها بالإجماع‏

__________________

١ ـ التذكرة ١ : ٣٢.

٢ ـ وهو بيان تنويع مزاج المرأة بحسب قوته وضعفه الموجبين لزياردة الحيض وقلّته. انظر المنتهي ١ : ١٠٤.

٣ ـ انظر الوسائل ٢ : ٢٨١ أبواب الحيض ب ٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ٧٧ / ١ ، التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٤ ، الوسائل ٢ : ٢٨٩ أبواب الحيض ب ١١ ح ٣.

٢٨٨

المركب من الطائفة ، وفيها : « إذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام ثمَّ انقطع الدم اغتسلت وصلّت ، فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة ، فإن رأت الدم أوّل ما رأته الثاني الذي رأته تمام العشرة أيام ودام عليها عدّت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ، ثمَّ هي مستحاضة تعمل ما تعمله المستحاضة » (١).

وفي ذيلها دلالة أيضاً على ما اخترناه في الشق الأوّل. فتأمّل.

فإذاً الذي اختاره المصنف في المسألة بكلا شقّيها هو الأقرب. ولكن ما عليه المشهور أحوط ، بل وعليه العمل.

( وأقلّ الطهر عشرة أيام ) لما تقدم في حدّي الحيض.

( ولا حدّ لأكثره ) على المشهور ، بل بلا خلاف كما عن الغنية (٢).

وعن ظاهر الحلبي تحديده بثلاثة أشهر (٣) ، وحمل على الغالب (٤) ، وعن البيان احتمال أن يكون نظره إلى عدّة المسترابة (٥).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ / ٤٥٢ ، الوسائل ٢ : ٢٩٩ أبواب الحيض ب ١٢ ح ٢.

٢ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

٣ انظر الكافي : ١٢٨.

٤ ـ كما في التذكرة ١ : ٢٧.

٥ ـ البيان : ٥٨.

٢٨٩

( وأمّا الأحكام ) اللاحقة للحائض فأمور أشار إليها بقوله :

( فلاتنعقد ) ولا تصح ( لها صلاة ولا صوم ولا طواف ) مع حرمتها عليها بالإجماع والنصوص.

ففي الصحيح : « إذا كانت المرأة طامثاً فلا تحلّ لها الصلاة » (١).

وفي الخبر في العلل : « لا صوم لمن لا صلاة له » (٢) وعلّل به فيه حرمة الأوّلين عليها.

وفي نهج البلاغة جعل العلّة في نقص إيمانهن قعودهن عن الأوّلين (٣).

وفي النبوي خطابا للحائض : « اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي » (٤).

ولا فرق في ذلك بين بقاء أيام الحيض وانقطاعها قبل الغسل فيما سوى الثاني إجماعا ، وفيه أيضاً على قول قوي ، وفيه قول آخر بالتفصيل.

ولا فرق في العبادات بين الواجبة والمندوبة ؛ لفقد الطهور المشترط في صحة الأوّلين مطلقاً ، والواجب من الأخير إجماعاً ، وعلى الأصح في المقابل له منه أيضاً ، وعلى غيره أيضا كذلك ، لتحريم دخول المسجد مطلقا عليها.

( ولا يرتفع لها حدث ) لو تطهرت قبل انقضاء أيامها وإن كان في الفترة

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٠١ / ٤ التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٦ ، الوسائل ٢ : ٣٤٣ أبواب الحيض ب ٣٩ ح ١.

٢ ـ علل الشرائع : ٢٧١ ضمن علل الفضل بن شاذان ، الوسائل ٢ : ٣٤٣ أبواب الحيض ب ٣٩ ح ٢.

٣ ـ نهج البلاغة ١ : ، الوسائل ٢ : ٣٤٤ أبواب الحيض ب ٣٩ ح ٤.

٤ ـ مسند أحمد ٦ : ٢٤٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٨ / ٢٩٦٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٤ / ١٧٤٤ وفي الجميع بتفاوت.

٢٩٠

أو النقاء بين الدمين الملحق بالحيض ، وإن استحب لها الوضوء في وقت كل صلاة والذكر بقدرها ، وقلنا بوجوب التيمم إن حاضت في أحد المسجدين أو استحبابه ـ إلّا مع مصادفته فقد الماء على قول ـ فإنّ جميع ذلك تعبّد ، ففي الحسن : عن الحائض تطهّر يوم الجمعة وتذكر اللّه تعالى ، فقال عليه‌السلام : « أمّا الطهر فلا ، ولكنها تتوضأ في وقت الصلاة ثمَّ تستقبل القبلة وتذكر اللّه تعالى » (١) فتأمل.

( ويحرم عليها ) أيضاً كالجنب ( دخول المساجد ) مطلقاً ( إلّا اجتيازاً ) فيما ( عدا المسجدين ) الحرامين فيختص التحريم فيه باللبث ، ويعمّه والمستثنى فيهما.

كلّ ذلك على الأظهر الأشهر ، بل لا خلاف في حرمة اللبث كما عن التذكرة والمنتهى والمعتبر والتحرير (٢) ، مع وقوع التصريح في الأخيرين بالإجماع. ولا ينافيه استثناء سلّار في الأخير ، بناءً على عدم القدح فيه بخروجه ، لمعلومية نسبه.

وليس في إطلاق كراهة الجواز في المساجد كما في القواعد والشرائع وعن الخلاف والتذكرة والإرشاد ونهاية الإحکام (٣) ، أو إطلاقه من دونها كما عن الهداية والمقنعة والمبسوط والنهاية والاقتصاد والمصباح ومختصره والإصباح (٤) ، دلالة على المخالفة للمشهور في عدم جواز الجواز في‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٠٠ / ١ ، الوسائل ٢ : ٣٦٤ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٤.

٢ ـ التذكرة ١ : ٢٧ ، المنتهي ١ : ١١٠ ، المعتبر ١ : ٢٢١ التحرير ١ : ١٥.

٣ ـ القواعد ١ : ١٥ ، الشرائع ١ : ٣٠ ، الخلاف ١ : ٥١٧ ، التذكرة ١ : ٢٧ ، الإرشاد ١ : ٢٢٨ ، نهاية الإحكام ١ : ١١٩.

٤ ـ الهداية : ٢١ ، المقنعة : ٥٤ ، المبسوط ١ : ٤١ ، النهاية : ٢٥ ، الإقتصاد : ٢٤٤ ، مصباح المتهجد : ١٠ ، نقله عن مختصر المصباح والإصباح في كشف اللثام ١ : ٩٣.

٢٩١

المسجدين ، لاحتمال وروده مورد الغالب وهو ما عداهما.

وعليه يحمل إطلاق الصحيح : « الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلّا مجتازين » (١) لكونه الحكم في المطلق.

وللصحيح : « الحائض والجنب يدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ، ولا يقربان المسجدين الحرامين » (٢).

وهما حجّة على سلّار ، مع عدم الوقوف له على دليل سوى الأصل الغير المعارض لهما.

كما أنهما حجّة على المانع من الدخول مطلقاً ، بناءً على تحريم إدخال النجاسة في ( مطلق ) (٣) المسجد مطلقاً ولو مع عدم التلويث ، كما عن الفقيه والمقنع والجمل والعقود والوسيلة (٤).

وليس في إطلاقهما دلالة على الجواز ولو مع التلويث لندرته ، وغلبة ضده الموجبة لحمله عليه.

( و ) کذا يحرم عليها ( وضع شيء فيها ) مطلقاً ( على الأظهر ) الأشهر ، بل قيل : بلا خلاف إلّا من سلّار (٥) ؛ للصحاح.

ويجوز لها الأخذ منها مع عدم استلزامه المحرّم. ويحرم معه ؛ لعموم ما تقدّم ، إلّا مع الضرورة المبيحة للمحرَّم.

__________________

١ ـ علل الشرائع : ٢٨٨ / ١ ، تفسير القمي ١ : ١٣٩ ، الوسائل ٢ : ٢٠٧ أبواب الجنابة ب ١٥ ح ١٠.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٧١ / ١١٣٢ ، الوسائل ١ : ٢٠٩ أبواب الجنابة ب ١٥ ح ١٧.

٣ ـ ليست في « ش ».

٤ ـ الفقيه ١ : ٤٨ ، ٥٠ ، ١٥٤ ، المقنع : ١٣ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٢ ، الوسيلة : ٥٨.

٥ ـ قال به صاحب الحدائق ٣ : ٢٥٦ ، وهو في المراسم : ٤٣.

٢٩٢

( وقراءة ) إحدى سور ( العزائم ) وكذا أبعاضها بقصدها إن اشتركت ، وإلّا فيحرم مطلقاً ؛ لما مرّ في الجنب. وعن المعتبر والمنتهى : الإجماع عليه (١).

( ومسّ كتابة القرآن ) على الأشهر الأظهر ، بل عليه الإجماع كما عن الخلاف والمنتهى والتحرير (٢) ؛ لما مر ثمة.

خلافاً للإسکافي فحكم بالكراهة للأصل (٣). وهو ضعيف.

وقد تقدم هناك المراد من الكتابة.

( و ) كذا ( يحرم على زوجها ) ومن في حكمه ( وطؤها ) قبلاً أي : ( موضع الدم ) خاصة على الأشهر الأظهر ، ومطلقاً على قول يأتي ذكره ، عالماً به وبالتحريم ، عامداً ، إجماعاً ونصوصاً (٤) ، بل قيل : إنه من ضروريات الدين ، ولذا حكم بكفر مستحلّه (٥).

والمراد من العلم هنا المعنى الأعم الشامل لمثل الظن الحاصل من إخبارهنّ مع عدم التهمة ـ بلا خلاف بين الطائفة ـ به ، لإشعار الآية : ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ) (٦) وصراحة المعتبرة كالحسن : « العدّة والحيض إلى النساء إذا ادّعت صدّقت » (٧).

وقيّدت بعدم التهمة ، لاستصحاب الإباحة السابقة ، وعدم تبادر المتّهمة

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٢٢٣ ، المنتهي ١ : ١١٠.

٢ ـ الخلاف ١ : ٩٩ ، المنتهي ١ : ١١٠ ، التحرير ١ : ١٥.

٣ ـ نقله عنه في المختلف : ٣٦.

٤ ـ الوسائل ٢ : ٣١٧ أبواب الحيض ب ٢٤.

٥ ـ قال به الشهيد الثاني في روض الجنان : ٧٦ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٩٣.

٦ ـ البقرة : ٢٢٨.

٧ ـ الكافي ٦ : ١٠١ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٦٥ / ٥٧٥ ، الاستبصار ٣ : ٣٥٦ / ١٢٧٦ ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ١.

٢٩٣

من المعتبرة ، وإشعار بعض المعتبرة : في امرأة ادّعت أنها حائض في شهر واحد ثلاث حيض ، فقال : « كلّفوا نسوة من بطانتها أنّ حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت ، فإن شهدن صدّقت ، وإلّا فهي كاذبة » (١).

ويلحق بأيام الحيض أيام الاستظهار وجوباً على القول بوجوبه ، واستحباباً على تقديره. والأحوط اعتزالهن فيها إلى انقطاع العشرة مطلقاً ولو على الثاني ؛ لاحتمال الحيضية بالانقطاع إليها ، لما مرّ ، ولكن في بلوغه حدّ الوجوب ـ كما عن المنتهى (٢) ـ تأمل.

( ولا يصح طلاقها ) اتفاقاً ( مع دخوله ) أي الزوج ( بها وحضوره ) أو حكمه من الغيبة التي يجامعها معرفته بحالها وانتفاء الحمل ، وإلّا صحّ ، كما يأتي في محلّه إن شاء اللّه.

( ويجب عليها الغسل ) لمشروط بالطهارة ( مع النقاء ) أو ما في حكمه إجماعاً ونصوصاً ( وقضاء الصوم ) الواجب المتفق في أيامه في الجملة ، أو مطلقاً حتى المنذور على قول أحوط ( دون الصلاة ) إجماعاً ونصوصاً فيهما ، إلّا ركعتي الطواف مع فواتهما بعده ، والمنذورة المتفقة في أيّامها على قول.

( وهل يجوز ) لها ( أن تسجد لو سمعت ) آية ( السجدة ) أو تلتها أو استمعت إليها؟ ( الأشبه ) الأشهر ( نعم ) كما عن المختلف والتذكرة وظاهر التحرير والمنتهى ونهاية الإحكام والمبسوط والجامع والمعتبر والشرائع (٣) ، لكن ما عدا الثاني في صورتي التلاوة والاستماع ، وفي الخمسة الأول عدا الثاني‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٩٨ / ١٢٤٢ ، الاستبصار ١ : ١٤٨ / ٥١١ ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ٣.

٢ ـ المنتهي ١ : ١١٧.

٣ ـ المختلف : ٣٤ ، التذكرة ١ : ٢٨ ، التحرير ١ : ١٥ المنتهي ١١٥ : ١ ، نهاية الإحكام ١ : ١١٩ ، المبسوط ١ : ١١٤ ، الجامع للشرائع : ٨٣ ، المعتبر ١ : ٢٢٧ ، الشرائع ١ : ٣٠.

٢٩٤

تصريح بالوجوب ، وهو أيضاً ظاهر فيه ، وفيما عدا الأخيرين بالجواز ، وفيهما الاكتفاء بلفظ : تسجد ، المحتمل لهما الظاهر في الأوّل.

خلافاً للمقنعة والانتصار والتهذيب والوسيلة والنهاية والمهذّب (١) ، فحرّموا السجود عليها ؛ لاشتراطه بالطهارة كما في غيره ؛ وعن المفيد نفي الخلاف عنه (٢).

وهو ضعيف ؛ لعدم وضوح الدليل عليه ، وتطرّق الوهن إلى دعوى عدم الخلاف بمصير الأكثر من الأصحاب إلى العدم مع تصريح جمع منهم بالوجوب.

وليس في الموثق : عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد إذا سمعت السجدة؟ قال : « تقرأ ولا تسجد » (٣) ومثله الخبر المروي عن غياث في كتاب ابن محبوب : « لا تقضي الحائض الصلاة ، ولا تسجد إذا سمعت السجدة » (٤) حجة عليه ولا على المنع من سجود الحائض ، لمعارضتهما ـ مع ضعف الأخير ـ الأقوى منهما الصحيح : عن الطامث تسمع السجدة ، فقال : « إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها » (٥).

والموثق كالصحيح : « الحائض تسجد إذا سمعت السجدة » (٦).

__________________

١ ـ المقنعة : ٥٢ ـ الانتصار : ٣١ ، التهذيب ١ : ١٢٩ ، الوسيلة : ٥٨ ، النهاية : ٢٥ ، المهذب : ٣٤.

٢ ـ كلمة « بلا خلاف » ساقطة في المقنعة المطبوعة حديثاً ، وهي موجودة في الطبعة القديمة ص ٦.

٣ ـ التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٣ ، الوسائل ٢ : ٣٤١ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ٤.

٤ ـ مستطرفات السرائر : ١٠٥ / ٤٧ ، الوسائل ٢ : ٣٤٢ أبواب الحيض ب ٣٦ ح ٥.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٠٦ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٢٩ / ٣٥٣ ، الاستبصار ١ : ١١٥ / ٣٨٥ ، الوسائل ٢ : ٣٤٠ ابواب الحيض ب ٣٦ ح ١.

٦ ـ الكافي ٣ : ٣١٨ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٢ ، الوسائل ٢ :

٢٩٥

وغيرهما من المعتبرة المعتضدة بالشهرة ومخالفة العامة ، لكون المنع مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة (١).

وظاهرهما ـ كما ترى ـ الوجوب بمجرد السماع كما عن الأكثر (٢) مطلقاً ، وهو الأظهر كذلك. ولتحقيق المسألة محل آخر.

فما عن التذكرة والمنتهى من الفرق هنا بين الاستماع والسماع بالوجوب في الأوّل والتردد فيه في الثاني (٣) ، غير واضح ؛ ولذا صرّح في التحرير بعد اختيار جواز سجودها بعدم الفرق بينهما (٤).

( وفي وجوب الكفارة على الزوج ) بل الواطئ مطلقاً ، لعموم المستند ، مع ثبوت الحكم في بعض الصور بطريق أولى ـ فتأمل جدّاً ـ وإن اختص بعض الأخبار به في الظاهر ( بوطئها ) المحرّم ( روايتان ، أحوطهما الوجوب ) بل الأظهر عند أكثر المتقدمين كالمفيد والمرتضى وابني بابويه والشيخ في الخلاف والمبسوط (٥) ، بل عليه الإجماع عن الحلّي والانتصار والخلاف والغنية (٦) ؛ تمسّكاً بظواهر بعض المعتبرة ، كرواية داود بن فرقد (٧) المقيّدة هي ـ كالرضوي (٨) ـ لغيرها من المعتبرة كالحسن : عمّن أتى امرأته وهي طامث ، قال : « يتصدّق‏

__________________

٣٤١ أبواب الحيض ب ٣٦٣ ح ٣.

١ ـ كما في المغني ١ : ٦٨٥ ، بدائع الصنائع ١ : ١٨٦.

٢ ـ حكاه عنهم في الحدائق ٣ : ٢٥٧.

٣ ـ التذكرة ١ : ٢٨ ، المنتهي ١ : ١١٥.

٤ ـ تحرير الاحكام ١ : ١٥.

٥ ـ المفيد في المقنعة ٥٥ ، المرتضي في الانتصار : ٣٣ ، الصدوق في الفقيه ١ : ٥٣ ، والهداية : ١٦ ، ونقله عن والده المحقق في المعتبر ١ : ٢٢٩ ، الخلاف ١ : ٢٢٥ ، المبسوط ١ : ٤١.

٦ ـ السرائر ١ : ١٤٤ ، الانتصار : ٣٤ ، الخلاف ١ : ٢٢٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧١ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٥٩ ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ١.

٨ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٦ ، المستدرك ٢ : ٢١ أبواب الحيض ب ٢٣ ح ١.

٢٩٦

بدينار ويستغفر اللّه تعالى » (١).

والموثق : « من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدّق به » (٢).

والخبر : عن الرجل يأتي المرأة وهي حائض ، قال : « يجب عليه في استقبال الحيض دينار وفي وسطه نصف دينار » (٣).

وهي ـ مع اعتبار سند أكثرها ، واعتضادها بالشهرة العظيمة بين متقدمي الأصحاب والإجماعات المنقولة التي هي كأربع أحاديث صحيحة ـ مخالفة لما عليه الجمهور من العامة منهم مالك وأبو حنيفة كما حكاه العلّامة (٤).

خلافاً لأكثر المتأخرين ، فحكموا بالاستحباب (٥) للأصل ، والصحيح : عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال : « لا يلتمس فعل ذلك وقد نهى اللّه تعالى أن يقربها » قلت : إن فعل عليه كفارة؟ قال : « لا أعلم [ فيه‏‏ ] شيئاً ، يستغفر اللّه تعالى » (٦) ومثله الموثق (٧) ، والخبر (٨) لكنه في المجامع خطأً.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٦٣ / ٤٦٧ ، الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٥ ، الوسائل ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٣.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٦٣ / ٤٦٨ ، الاستبصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٦ ، الوسائل ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٤.

٣ ـ الكافي ٧ : ٢٤٣ / ٢٠ ، التهذيب ١٠ : ١٤٥ / ٥٧٦ ، الوسائل ٢٨ / ٣٧٧ أبواب بقية الحدود ب ١٣ ح ١.

٤ ـ العلامة في المنتهي ١ : ١١٥ ؛ وانظر المحلي لابن حزم ٢ : ١٧٦ ، نيل الأوطار للشوكاني ١ : ٣٥٢ ، المغني لابن قدامة ١ : ٣٨٤ ـ ٣٨٥.

٥ ـ منهم العلامة في المنتهي ١ : ١١٥ ؛ وانظر المنتهي ١ : ١١٥ ، والقواعد ١ : ١٥ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٧٧ ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والرهان ١ : ١٥٢ ، وصاحب المدارك ١ : ٣٥٣.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٠ ، الوسائل ٢ : ٣٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ١ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٦٥ / ٤٧٤ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٢ ، الوسائل ٢ : ٣٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٢.

٨ ـ التهذيب ١ : ١٦٥ / ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦١ ، الوسائل ٢ : ٣٢٩ أبواب الحيض

٢٩٧

مضافاً إلى اختلاف الأخبار الموجبة ، لأنها بين مطلق للدينار ، ومطلق لنصفه كما في الموثقين المتقدمين ، ومقيّد له بما يأتي كما في الرواية المتقدمة ، وموجب للتصدّق على مسكين بقدر شبعه مطلقاً كما في رواية (١) ، وموجب له على عشرة كذلك كما في الموثق إلّا أنه في وطء الجارية (٢) ، وموجب له على سبعة في استقبال الدم مع التصريح بلا شيء عليه في غيره مطلقاً كما في الصحيح (٣).

ولقائلٍ الجواب عن الأول : بالعدول عنه بما تقدّم.

وعن الثاني : بحمله على التقية المؤيد بكون روايته عن الصادق عليه‌السلام وفتوى أبي حنيفة في زمانه مشتهرة. مع ورود الخبر الثالث في الخاطئ منه ، والمراد منه إمّا الجاهل بالموضوع كما حمله الشيخ عليه (٤) ، أو الحكم كما يناسبه ذيله من نسبته إلى العصيان. ولا كفارة عليه على التقدير الأول إجماعاً ، وكذلك على التقدير الثاني ، لاشتراط العلم في الوجوب كما عن الخلاف والجامع (٥) ، أو الرجحان المطلق كما عن المنتهى والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والشرائع والذكرى (٦) ، بل وعن بعض الأصحاب‏

__________________

ب ٢٩ ح ٣.

١ ـ التهذيب ١ : ١٦٣ / ٤٦٩ ، الاسبتصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٧ ، الوسائل ٢ : ٣٢٨ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٥.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٠ ، الاسبتصار ١ : ١٣٣ / ٤٥٨ ، الوسائل ٢ : ٣٢٧ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٢.

٣ ـ الكافي ٧ : ٤٦٢ / ١٣ ، الوسائل ٢٢ : ٣٩١ أبواب الكفارات ب ٢٢ ح ٢.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٥٤.

٥ ـ الخلاف ١ : ٢٢٥ ، الجامع للشرائع : ٤١.

٦ ـ المنتهي ١ : ١١٥ ، التذكرة ١ : ٢٧ ، التحرير ١ : ١٥ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢١ ، الشرائع ١ : ٣١ ، الذكرى : ٣٤.

٢٩٨

الإجماع عليه أيضاً (١). فعدّ مثله من أدلة الاستحباب واضح الفساد.

وعن الثالث : بصحته مع استفادته من المعتبرة لا مطلقاً. وليس المقام كذلك إذ الاختلاف الذي تضمنته المعتبرة إنما هو بحسب الإطلاق والتقييد ، ومقتضى القاعدة المسلّمة حمل الثاني على الأوّل.

وأمّا باقي الاختلافات فليس المشتمل عليها بمعتبر ، إمّا سنداً ، كالموجب للتصدق على مسكين بقدر شبعه ، لاشتمال سنده على جهالة. أو من حيث العمل ، كهو وغيره وإن اعتبر سنده بالصحة في بعض والموثقية في آخر ، لعدم مفت بالتصدق بقدر الشبع لمسكين إلّا نادراً (٢) ، أو العشرة ، أو السبعة في استقبال الدم مع عدم شيء في غيره مطلقاً لا وجوباً ولا استحباباً. بل وربما نص على خلاف بعضها كالمتضمن للتصدق على عشرة ، فإنّها وردت في الجارية وقد أفتى الأصحاب وادعى عليه الإجماع في السرائر والانتصار (٣) ورود في الرضوي (٤) بكون التصدق فيها بثلاثة أمداد ، وظاهره عدم اتساعها العشرة ، بل وعن بعضهم التصريح بالتفريق على ثلاثة وهو الانتصار والمقنعة والنهاية والمهذّب والسرائر والجامع (٥). فهي شاذّة لا عمل عليها.

وبعد تسليم اعتبار مثل هذا الاختلاف فليس يبلغ درجة اعتبار تلك الإجماعات المنقولة التي هي بمنزلة الأخبار الصحاح الصراح المستفيضة ؛ إذ غاية الاختلاف التلويح والإشارة ، وأين هو من الظهور فضلاً عن الصراحة.

__________________

١ ـ حكاه في كشف اللثام ١ : ٩٥ عن كتاب الهادي.

٢ ـ كما قاله الصدوق في الهداية : ١٦ ، والفقيه ١ : ٥٣.

٣ ـ السرائر ٣ : ٧٦ ، الانتصار : ١٦٥.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٣٦ ، المستدرك ٢ : ٢١ أبواب الحيض ب ٢٣ ح ١.

٥ ـ الانتصار : ١٦٥ ، المقنعة : ٥٦٩ ، النهاية : ٥٧٢ ، المهذّب ٢ : ٤٢٣ ، السرائر ٣ : ٧٦ ، الجامع للشرائع : ٤١.

٢٩٩

ولعلّه لهذا لم يحكم المصنف هنا وفي الشرائع (١) بالاستحباب بل صرّح في الثاني أوّلا بالوجوب ، ومثل الكتاب اللمعة (٢). وظاهرهم التردد والتوقف كشيخنا البهائي (٣) ، ولعلّه في محلّه ، إلّا أنّ الاحتياط في مثل المقام كاد أن يكون لازما ، فلا يترك على حال.

( وهي أي الكفارة ) فيما عدا وطء الأمة ( دينار ) أي مثقال ذهب خالص إجماعاً ، مضروب على الأصح ، وفاقاً لجماعة (٤) للتبادر. خلافا لآخرين فاجتزؤا بالتبر (٥) ؛ لإطلاق الاسم. وهو ضعيف.

وفي إجزاء القيمة عنه قولان ، أصحّهما : العدم ؛ جمودا على ظاهر النص ، مع اختلافها وعدم انضباطها. وقيل بالجواز (٦). ولا دليل عليه.

( في أوّله ) أي الحيض ( ونصف في وسطه ، وربع في آخره ).

ويختلف بحسب اختلاف الحيض الذي وطئت فيه ، فالثاني أوّل لذات الستة ، ووسط لذات الثلاثة ، وهكذا.

وبالجملة : التثليث مرعيّ بالإضافة إلى أيام الحيض مطلقاً ، ذات عادة كانت أم غيرها ، كانت العادة عشرة أم لا. هذا هو الأشهر الأظهر ؛ عملا بظاهر الخبر.

وعن المراسم تحديد الوسط بما بين الخمسة إلى السبعة (٧) ، فلا وسط

__________________

١ ـ الشرائع ١ : ٣١.

٢ ـ اللمعة ( الروضة البهية ) : ١٠٨.

٣ ـ انظر الحبل المتين : ٥١.

٤ ـ منهم الشهيد الأول في الذكرى : ٣٥ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٧٧ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد : ٤٣.

٥ ـ كالعلامة في المنتهي ١ : ١١٧ ، والتحرير ١ : ١٥ ، ونهاية الإحكام ١ : ١٢٢.

٦ ـ قال به ابن فهد الحلّي في الموجز الحاوي ( الرسائل العشر ) : ٤٧.

٧ ـ المراسم : ٤٤.

٣٠٠