رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

وفي آخر : « وإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصلّ عند وقت كل صلاة » (١).

وفي الموثق : « وتصلّي كل صلاة بوضوء ما لم يثقب الدم الكرسف » (٢).

وفي الرضوي : « فإن لم يثقب الدم الكرسف صلّت صلاتها ، كلّ صلاة بوضوء » الحديث (٣).

مضافاً إلى استفاضة المعتبرة بإطلاق الأمر بالوضوء مع رؤية الصفرة ، كالصحيح : « فإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصلّ » (٤).

والحسن : « فإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلّت » (٥) وهي كثيرة.

خلافاً للعماني ، فنفاه كالغسل ، ولم يوجبهما (٦). ولا دلالة في الصحيح المتضمن للأغسال الثلاثة (٧) عليه لخروجه عن المقام.

نعم : في الخبر : « وإن هي لم تر طهراً اغتسلت واحتشت ، فلا تزال تصلّي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف ، فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف » (٨).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٩٥ / ١ ، التهذيب ١ : ١٦٨ / ٤٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ / ٤٨٢ ، الوسائل ٢ : ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٦٩ / ٤٨٣ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٩.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٣ ، المستدرك ٢ : ٤٣ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١ بتفاوت يسير.

٤ ـ الكافي ٣ : ٨٠ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٦١ / ٤٦٠ ، الوسائل ٢ : ٣٠٨ أبواب الحيض ب ١٧ ح ١.

٥ ـ الكافي ٣ : ٧٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٦ / ١٢٣٠ ، الوسائل ٢ : ٢٧٨ أبواب الحيض ب ٤ ح ١.

٦ ـ نقله عنع العلامة في المختلف : ٤٠.

٧ ـ الوسائل ٢ : ٣٧٢ أبواب الاستحاضة ب ١ ح٤.

٨ ـ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٢ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ أبواب الاستحاضة

٣٢١

وهو ـ مع ضعفه وعدم صراحته ـ لا يصلح لمعارضة ما تقدّم من وجوه.

وللإسكافي فأوجب الغسل في كل يوم وليلة مرّة (١) ؛ للمضمر : « المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلاً ، فإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة والوضوء لكلّ صلاة » الحديث (٢).

وهو ـ مع ضعفه بالإضمار ـ غير ظاهر الدلالة ، بل على الخلاف واضح المقالة ، لإشعار عدم الجواز بحصول الثقب ، مع تصريح ذيله بوجوب الوضوء خاصة مع الصفرة (٣) ، وليس ذا إلّا في القليلة ، وهو يقوّي الإُشعار المزبور.

وببعض ما ذكر يظهر الجواب عن الخبر الآخر المشارك له في قصور السند بذلك ، وفيه : « إن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد » (٤) مضافاً إلى احتمال إرادة غسل الحيض من الغسل الواحد وإن كان بعيدا.

وهما مع ذلك قاصران عن معارضة الأصل ، وظواهر المستفيضة المتقدمة الواردة في مقام الحاجة ، وخصوص سياق الرضوي ، ففيه بعد المتقدم : « وإن ثقب ولم يسل صلّت صلاة الليل والغداة بغسل واحد وسائر الصلوات بوضوء ، وإن ثقب وسال صلّت صلاة الليل والغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، تؤخر الظهر قليلاً وتعجّل العصر ، وتصلّي المغرب والعشاء بغسل ، تؤخر المغرب قليلاً وتعجّل العشاء » إلى آخره ، مضافاً إلى الإجماع المحكي عن الناصرية

__________________

ب ١ ح ١٠.

١ ـ نقله عنه العلامة في المختلف : ٤٠.

٢ ـ الكافي ٣ : ٨٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٥ ، الوسائل ٢ : ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦.

٣ ـ في ذيله : « هذا إن كان دمها عبيطاُ ، وإن كانت صفرة فعليها الوضوء ».

٤ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٦ ، وفيه بسند آخر عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، الوسائل ٢ : ٣٧٣ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.

٣٢٢

على عدم وجوب ما ذكر. (١)

ثم إنّ عموم المستفيضة يقتضي عدم الفرق في الصلاة بين الفريضة والنافلة. وهو الأظهر ، وفاقاً للفاضلين (٢). خلافاً للمبسوط والمهذّب ، فخصّا الوجوب بالفريضة واكتفيا في النوافل بوضوئها (٣). ولا دليل عليه.

( وإن غمسها ) الأولى التعبير بالثقب أو الظهور كما ورد في النصوص ( ولم يسل ) فهي متوسطة و ( لزمها مع ذلك ) من تغيير القطنة ، كما في الصحيح وغيره المتقدمين ، وعن فخر الإسلام في شرح الإرشاد إجماع المسلمين عليه (٤). والوضوء لكل صلاة ، كما في الصحيح والرضوي المتقدمين ، مضافاً إلى عموم وجوبه لكل غسل ويتم بالإجماع المركّب. ولا ينافيه عدم إيجاب الشيخ إياه للغداة في شيء من كتبه (٥) ، كالقاضي والصدوقين في الرسالة والهداية والحلبيين والناصرية (٦) ؛ لاحتمال اكتفائهم بوجوب الغسل عنه بناء على وجوبه عندهم مع كل غسل ، واختيار السيّد خلافه يحتمل في غير الكتاب ـ فتأمّل ـ هذا مع تصريحه به في الجمل للغداة وغيرها (٧).

هذا مضافاً إلى شمول إطلاق المستفيضة المتقدمة في القليلة لها.

__________________

١ ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨.

٢ ـ المحقق في المعتبر ١ : ٢٤٢ ، والشرائع ١ : ٢٨ ، والعلامة في نهاية الإحكام ١ : ١٢٧ ، والتحرير ١ : ١٦.

٣ ـ المبسوط ١ : ٦٨ ، المهذّب ١ : ٣٩.

٤ ـ نقله عنه في كشف اللثام ١ : ١٠٠.

٥ ـ كالمبسوط ١ : ٦٧ ، الخلاف ١ : ٢٤٩ ، النهاية : ٢٨.

٦ ـ القاضي في المهذّب ١ : ٣٧ ، حكاه عن والد الصدوق في كشف اللثام ١ : ١٠٠ ، الصدوق في الهداية : ٢١ ، أبو الصلاح في الكافي : ١٢٩ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨.

٧ ـ جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٢٧.

٣٢٣

( تغيير الخرقة ) أيضاً ، وفاقاً للأكثر ؛ للإجماع عليه كما عن المنتهى (١). مضافاً إلى شمول المثبت لتغيير القطنة في القليلة لتغييرها هنا ؛ لفحوى الخطاب. فتدبّر. وليس في عدم ذكر السيّدين له وكذا القاضي في الناصرية والجمل وشرحه والغنية والمهذّب (٢) منافاة للإجماع المحكي. فتأمّل.

( وغسل للغداة ) بلا خلاف ، كما صرّح به بعض الأصحاب (٣) ، بل عن الناصرية والخلاف الإجماع عليه (٤) ؛ للصحيح : « ولتغتسل » أي عن الحيض « ولتستدخل كرسفا ، فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل ثمَّ تضع كرسفاً آخر ثمَّ تصلي ، فإن كان دماً سائلاً فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة ، ثمَّ تصلّى الصلاتين بغسل واحد » الحديث (٥).

وفي الصحيح : « فإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ، ثمَّ صلّت الغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، والمغرب والعشاء بغسل ، وإن لم يجز الكرسف صلّت بغسل واحد » (٦).

ولا عموم فيه للقليلة ؛ لإشعاره بالمتوسطة كما عرفت.

نعم : ليس فيه ـ كالسابق ـ تعيين محل الغسل ؛ والكافل له هو الإجماع والرضوي المتقدم الصريح فيه. وهو ـ كالصحيحين ـ كالصريح في عدم اعتبار الأغسال الثلاثة هنا واختصاصها بالكثيرة كما يأتي. مضافا إلى الصحيح‏

__________________

١ ـ المنتهي ١ : ١٢٠.

٢ ـ الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) ٢٧ ، شرح الجمل : ٦٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، المهذّب ١ : ٢٤٩.

٣ ـ الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٩٩.

٤ ـ الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٤ ، الخلاف ١ : ٢٤٩.

٥ ـ التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨.

٦ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٣ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.

٣٢٤

الآخر (١) الدالّ على الأقسام الثلاثة بأوضح دلالة وإن توهّم عدمها جماعة (٢) ولطوله أعرضنا عن ذكره ؛ والموثقين بل الصحيحين (٣) المشترطين في اعتبارها انصباب الدم وسيلانه ، وفقده كما في المتوسطة يستلزم عدمها بمقتضى الشرطية وقريب منهما الصحيح في النفساء المستحاضة : « فإذا تمّت ثلاثون يوما فرأت دماً صبيباً اغتسلت واستثفرت واحتشت في وقت كلّ صلاة ، فإذا رأت صفرة توضأت » (٤) وخروج البعض عن الحجية غير ملازم لخروج الجميع عنها ، وإن هو إلّا كالعام المخصّص.

وأمّا اعتبارها في مطلق الاستحاضة كما في الصحيحين (٥) ، أو مع الثقب كما في الصحيح (٦) ، فمقيّد بما ذكر كتقيد الأوّلين بالقليلة. مضافاً إلى إشعار ذيل الأخير الآمر بالتحشي ـ المفسّر بربط القطنة للتحفظ من الدم ـ والاستثفار

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٩٥ / ١ ، التهذيب ١ : ١٦٨ / ٤٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ / ٤٨٢ ، الوسائل ٢ : ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.

٢ ـ منهم صاحب المدارك ٢ : ٣٣ ، صاحب الذخيرة ٧٥ ، البهائي في الحبل المتين : ٥٣.

٣ ـ الاوّل :

التهذيب ١٣٩٠ / ٤٠٠ : ٥ ، الوسائل ٣٧٥ : ٢ أبواب استحاضه ب ١ ح ٨.

الثاني :

التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٦ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١١.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ ، الوسائل ٢ : ٢٨٦ أبواب الحيض ب ح ٣.

٥ ـ الأول : الكافي ٣ : ٩٠ / ٦ ، التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٦ ، الوسائل ٢ : ٢٨٦ بواب الحيض ب ١ ح ٣.

الثاني : الكافي ٣ : ٩٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧٢ : أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٤.

٦ ـ الكافي ٣ : ٨٨ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٦ / ٢٧٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧١ : أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١.

٣٢٥

والاحتباء وضمّ الفخذين في المسجد بالكثيرة.

هذا ، مع ما في الإطلاق من الوهن ؛ لندرة المتوسطة ، بناءً على غلبة التجاوز مع الظهور على الكرسف ؛ بل وندرة القليلة كما قيل (١). ولذا لم يتعرض لهما في كثير من المعتبرة ، فتأمل.

ولذا ذهب الأكثر إلى اختصاص الأغسال بالكثيرة ، والواحد بالمتوسطة. خلافاً لجماعة ؛ (٢) لإطلاق النصوص المتقدمة.

ثمَّ إنّ وجوب الغسل للصبح مشروط بالثقب قبله ؛ ومع عدمه له حكمه (٣).

( نعم : معه بعده يجب الغسل للظهرين أو العشاءين أيضاً إذا استمر إليهما أو حدث قبلهما ، كالصبح من اليوم الآخر إذا استمرّ إليه أو حدث قبله ؛ لكونه حدثاً بالنظر إلى جميع الصلوات اليومية ويرتفع بالغسل الواحد ، غاية الأمر لزومه وقت الصبح ، وذلك لا يدل على اختصاص حدثيته بالنظر إليه خاصة.

ويؤيد كونه حدثاً بالنسبة إلى الجميع الأمر بالجمع بينه وبين صلاة الليل بالغسل في الرضوي (٤) ، فلو لا عموم حدثيته لاُجيز فيه الاكتفاء في صلاة الليل بالوضوء ، فتدبر.

ويومئ إليه إطلاق الأمر بالغسل هنا فيما تقدّم في مقابل الأمر بالأغسال مع التجاوز ، فكما أنّ موجبها حدث بالنظر إلى الصلوات مع الاستمرار كذلك موجبه حدث بالنسبة إليها ، والفارق بينهما حينئذ الاكتفاء بالغسل الواحد في‏

__________________

١ ـ شرح المفاتيح للبهبهاني ( المخطوط ).

٢ ـ منهم : المحقق في المعتبر ١ : ٢٤٥ ، والعلامة في المنتهي ١ : ١٢٠ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ٥٥ ، والشيخ حسن في المنتقي ١ : ٢٢٧ ، وصاحب المدارك ٢ : ٣٣ ، وصاحب الذخيرة : ٧٥ ، والشيخ البهائي في الحبل المتين : ٥٣.

٣ ـ من هنا إلى قوله : وقت صلاة الصبح ، غير موجودة في « ش ».

٤ ـ المتقدم في ص : ٣٢٢.

٣٢٦

جميعها في الثاني مع الاستمرار ، بل وعدمه ، ولزوم الثلاثة في الأوّل معه ، نعم : لا فرق بينهما حينئذ مع رؤية الدم مطلقاً في وقت الصلاتين ظهرين أو عشاءين ، كما أنه لا فرق بينهما مع رؤيته كذلك في وقت صلاة الصبح ) (١).

( وإن سال لزمها مع ذلك غسل للظهر والعصر تجمع بينهما ، وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما ، وكذا تجمع بين صلاة الليل والصبح بغسل واحد إن كانت متنفلة ) وإلّا فللصبح خاصة.

بلا خلاف فيما عدا الوضوء ، بل والإجماع عن الخلاف والتذكرة والمنتهى والمعتبر والذكرى (٢) في الأغسال ؛ للصحاح المستفيضة التي مرّ أكثرها ، وهي فيها ـ كبعضها في تغيير القطنة ـ ظاهرة. وتغيير الخرقة مستفاد منه بفحوى الخطاب مع بعض ما مرّ سابقاً.

وفي الوضوء خلاف. وظاهر المتن كالشرائع والمحكي عن ظاهر جماعة (٣) : لزومه هنا كالسابقتين ؛ لعموم الآية ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) إلى آخر الآية (٤) ، وثبوت نقض قليل هذا الدم فكثيرة أولى ، مع أصالة عدم إغناء الغسل عنه ، وعموم : كلّ غسل قبله وضوء (٥).

وفي الجميع نظر ؛ لعدم العموم في الآية ، وغايتها الإطلاق المنصرف إلى غير محل البحث أعني الأحداث الصغريات الأخر كالنوم مثلاً ، مع ورود

____________

١ ـ من قوله : نعم معه بعده ، إلى هنا غير موجودة في « ش ».

٢ ـ الخلاف ١ : ٢٤٩ ، التذكرة ١ : ٢٩ ، المنتهي ١ : ١٢٠ ، المعتبر ١ : ٢٤٥ ، الذكرى : ٣٠.

٣ ـ الشرائع ١ : ٣٤ ؛ وانظر السرائر ١ : ١٥٣ ، الجامع للشرائع : ٤٤ ، ١ : ٣٤٢ ، الروضة ١ : ١١٣.

٤ ـ المائدة : ٦.

٥ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٣ ، الوسائل ١ : ٢٨٤ ابواب الجنابة ب ٣٥ ح ١ ، عوالي اللآلي ٣ : ٢٩ / ٧٦.

٣٢٧

المعتبرة بتفسير القيام فيها بالقيام منه (١) ، وذكر ذلك عن المفسّرين (٢). وعلى تقدير العموم بالنظر إلى الأحداث لا عموم فيها بالنظر إلى الأشخاص ، وغايتها إفادة الحكم للرجال ، وإلحاق النسوة بهم بالإجماع ، وهو مفقود في المقام.

والأولوية ممنوعة مع وجوب الأغسال. وأصالة عدم الإغناء إنما هي على تقدير الدليل على اللزوم ، وليس إلّا الأولوية الممنوعة ، فلا أصالة.

والثالث أخصّ من المدّعى.

ولعلّه لذا لم يتعرّض الصدوقان ولا الشيخ في شيء من كتبه ولا المرتضى في الناصرية ولا الحلبيّان ولا ابن حمزة ولا سلّار للوضوء هنا. ولا دليل عليه سوى ظاهر خلو النصوص عنه ، مع الأصل.

وهو قويّ لو لا صراحة الأدلّة بأنّ كلّ غسل قبله وضوء. ولذا اختار المفيد والمرتضى في الجمل والمصنف في المعتبر القول بلزومه في كل صلاتين ، لا كلّ صلاة (٣) ، وحكي عن أحمد بن طاووس (٤).

ثمَّ إنّه إنما يجب الغسل هنا وفي المتوسط مع وجود الدم الموجب له قبل فعل الصلاة وإن كان في غير وقتها ، إذا لم تكن قد اغتسلت له بعده ، كما يدلّ عليه خبر الصحّاف (٥). وربما قيل باعتبار وقت الصلوات (٦) ، ولا شاهد له منه ـ كما توهّم ـ ولا من غيره.

__________________

١ ـ انظر الوسائل ١ : ٢٥٣ أبواب نواقض الوضوء ب ٣ ح ٧.

٢ ـ انظر التبيان ٣ : ٤٨٨ ، والدر لمنثور ٢ : ٢٦٢.

٣ ـ المفيد في المقنعة : : ٥٧ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) ٢٧ ، المعتبر ١ : ٢٤٧.

٤ ـ حكاه عنه في الذكرى : ٣٠.

٥ ـ الكافي ٣ : ٩٥ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٨ / ١١٩٧ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ / ٤٨٢ ، الوسائل ٢ : ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.

٦ ـ قال به الشهيد في الذكرى : ٣٠ ، والدروس : ١ : ١٠٠.

٣٢٨

وتجب الثلاثة مع استمرار الكثرة من الفجر إلى الليل أو حدوثها قبل فعل كلّ من الصلوات ولو لحظة. ومع عدم استمرارها أو حدوثها كذلك فاثنان إن استمر وحدث إلى الظهر ، أو واحد إن لم يستمر ولم يحدث كذلك.

وفي وجوب معاقبة الصلاة للغسل مطلقاً (١) كالوضوء كذلك (٢) وجهان ، بل قولان. الأحوط بل لعلّه الأظهر من الأخبار (٣) ذلك.

وظاهر المتن ـ كصريح المفيد وغيره (٤) ـ وجوب الجمع بين الصلاتين من دون تفريق وتعدد الغسل لكل صلاة. وهو الأوفق بظواهر الأخبار. فالأحوط عدم تركه لضعف القول بالتفريق لضعف دليله.

( وإذا فعلت ) المستحاضة مطلقاً ( ذلك ) أي جميع الأعمال التي تجب عليها بحسب حالها لاستباحة الصلاة ( صارت طاهرة ) يباح لها كلّ مشروط بها كالصلاة ، والصوم ، لتوقفه على الغسل على الأشهر الأظهر. ومسّ كتابة القرآن ، بناءً على منعها عنه لكونها محدثة ، وكلّية الكبرى قد مرّ دليلها (٥). واللبث في المساجد كالجواز في المسجدين إن حرّمناهما عليها. وإلّا ـ كما هو الأصح ، للأصل وعدم صارف عنه معتدّ به ـ فلا يتوقفان على الأفعال من الوضوء أو الأغسال.

نعم : يكره لها دخول الكعبة مطلقاً حتى مع الأفعال للمرسل : « المستحاضة تطوف بالبيت وتصلّي ولا تدخل الكعبة » (٦).

__________________

١ ـ أي في المتوسطة والكثيرة.

٢ ـ أي مطلقاً.

٣ ـ الوسائل ٢ : ٣٧٢ ـ ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ الأحاديث ٣ ، ٤ ، ٥ ، ٦.

٤ ـ المفيد في المقنعة : ٥٧ ؛ وانظر جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٢٧.

٥ ـ راجع ص ٢٢٢.

٦ ـ الكافي ٤ : ٤٤٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٩٩ / ١٣٨٩ ، الوسائل ١٣ : ٤٦٢ أبواب الطواف ب ٩١ ح ٢.

٣٢٩

وليس يحرم ؛ للأصل ، وضعف الخبر ، وفاقاً للحلّي وابن سعيد والتحرير والمنتهى والتذكرة (١). فما عن الشيخ وابن حمزة من التحريم (٢) ، ضعيف.

ولا ريب في جواز جماعها بعد الأفعال ، وقد ادعي عليه الإجماع صريحاً (٣) ، والأخبار الآتية ناصّة عليه. فما يخالفه من ظاهر بعض الأخبار في الكثيرة (٤) ، شاذّ ولا يلتفت إليه.

لكن في توقفه عليها مطلقاً ، كثيرة كانت الاستحاضة أو غيرها ، أغسالاً كانت الأفعال أم غيرها ، كما عن المقنعة والاقتصاد والجمل والعقود والكافي والإصباح والإسكافي والمصباح والحلّي (٥) ؛ لصحيح أو الصحيح : « وكل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها » (٦) وكالصحيح أيضاً : « فإذا حلّت لها الصلاة حلّ لزوجها أن يغشاها » (٧).

أو على الغسل خاصة ، كما عن الصدوقين في الرسالة والهداية (٨) ؛

____________

١ ـ الحلي في السرائر ١ : ١٥٣ ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٤٤ ، التحرير ١ : ١٢٥ ، المنتهي ١ : ٨٥٨ ، التذكرة ١ : ٣٩٩.

٢ ـ الشيخ في المبسوط ١ : ٣٣١ و ٣٣٢ ، والنهاية : ٢٧٧ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٩٣.

٣ ـ كما في المنتهي ١ : ١٢١.

٤ ـ لعلّه أراد به ما روي في قرب الإسناد في المستحاضة الكثيرة « ... قلت : يواقعها زوجها؟

قال : إذا طال بها ذلك فلتغتسل ولتوضأ ، ثم يواقعها إن أراد » فبمفهومه يدل على عدم جواز المواقعة في صورة عدم طول الاستحاضة. قرب الإسناد : ١٢٧ / ٤٤٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧٧ ابواب الاستحاضة ب ١ ح ١٥.

٥ ـ المقنعة : ٥٧ ، الاقتصاد : ٢٤٦ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٤ ، الكافي : ١٢٩ ، نقله عن الاصباح في كشف اللثام ١ : ١٠١ ، نقله عن الإسكافي والمصباح في المعتبر ١ : ٢٤٨ ، الحلي في السرائر ١ : ١٥٣.

٦ ـ التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ أبواب الإستحاضة ب ١ ح ٨.

٧ ـ التهذيب ٥ : ٤٠١ / ١٢٥٣ ، الوسائل ٢ : ٣٧٦ أبواب الإستحاضة ب ١ ح ١٢.

٨ ـ الفقيه ١ : ٥٠ ، الهداية : ٢٢.

٣٣٠

لمضمرة سماعة الموثقة : « وإن أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل » (١).

أو مع تجديد الوضوء ، كما عن المبسوط (٢) ؛ للخبر : « فلتغتسل ولتتوضأ ، ثمَّ يواقعها إن أراد » (٣).

أو الاحتشاء بدل الوضوء ، كما عن سلّار (٤) ؛ لما في باب المحرّمات من الكافي أن منها وطء المستحاضة حتى تستنجي (٥) ، فتأمّل.

أو عدم توقفه على شيء من ذلك ، كما عن المهذّب والدروس والبيان والمعتبر والتحرير والتذكرة (٦) ، واختاره من المتأخرين جماعة (٧) لكن مع الكراهة ؛ للأصل ، والآية ، والعمومات ، وضعف خبر عبد الرحمن بأبان.

أقوال ، أقواها الأوّل ؛ للنصوص المستفيضة المعتضدة بالشهرة العظيمة ، فيخصص بها أدلة الجواز على الإطلاق كالأصل والآية (٨) والعمومات وظواهر إطلاق الصحاح ، كالصحيح : « ولا بأس أن يأتيها بعلها متى شاء إلّا في أيام حيضها » (٩).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٨٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٥ ، الوسائل ٢ : ٣٧٤ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦.

٢ ـ المبسوط ١ : ٦٧.

٣ ـ قرب الإسناد : ١٢٨ / ٤٤٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧٧ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٥.

٤ ـ المراسم : ٤٥.

٥ ـ الكافي في الفقيه : ٢٨٤.

٦ ـ المهذّب ١ : ٣٨ ، الدروس ١ : ٩٩ ، البيان : ٦٦ ، المعتبر ١ : ٢٤٨ ، التحرير ١ : ١٦ ، التذكرة ١ : ٣٠.

٧ ـ منهم المحقق في المعتبر ١ : ٢٤٩ ، صاحب المدارك ٢ : ٣٧ ، السبزواري في الذخيرة : ٧٦.

٨ ـ البقرة : ٢٢٢.

٩ ـ الكافي ٣ : ٩٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٧ ، الوسائل ٢ : ٣٧٢ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦ ، في الوسائل والكافي بتفاوت يسير.

٣٣١

فمن المستفيضة ـ مضافاً إلى المتقدم ـ الأخبار المتقدمة مستنداً للقول الثاني والثالث ، والرضوي : « ومتى ما اغتسلت على ما وصفت حلّ لزوجها وطؤها » وفيه أيضا : « والوقت الذي يجوز فيه نكاح المستحاضة وقت الغسل وبعد أن تغتسل وتنظف ، لأنّ غسلها يقوم مقام الغسل للحائض » (١).

والصحيح : « هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة ، وتجمع بين الصلاتين بغسل ، ويأتيها زوجها إن أراد » (٢).

ومثله الصحيح المروي في المعتبر عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب وفيه ـ بعد الأمر بالأغسال والجمع بين الصلاتين ـ : « ويصيب منها زوجها إذا أحبّ ، وحلّت لها الصلاة » (٣).

وهذه الأخبار وإن اختصت بالكثيرة ، إلّا أنه لا منافاة بينها وبين ما دلّ على الإطلاق كالخبرين المتقدمين (٤) ليحملا عليها. إلّا أن يقال لا عموم فيهما ؛ لورودهما في الكثيرة خاصة ، ولا عموم في الجواب فيهما بناءً على اشتماله على الضمير الراجع إليها ، فيحتمل قوياً اختصاص الحكم المزبور بها. مضافاً إلى إشعار الأخبار الأخيرة بها ، سيّما الرضوي لا سيّما عبارته الأوّلة الواردة بعد ذكر الأقسام الثلاثة للمستحاضة وأحكامها ، فلو توقف على الوضوء في القليلة لكان الأنسب تغيير تلك العبارة بقوله : ومتى أتت بالأفعال على ما وصفت ، ليشمل الصور الثلاث ، فعدم التغيير

__________________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩١ ، ١٩٣ بتفاوت يسير ، المستدرك ٢ : ٤٥ أبواب الاستحاضة ب ٣ ح ١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٩٠ / ٦ ، التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٢ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢١٥ ، الوسائل ٢ : ٣٧٧ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٤.

٤ ـ في ص : ٣٣٠.

٣٣٢

أمارة الاختصاص.

ولا ريب أنّ العمل على الأول أولى وأحوط ، وأحوط منه غسل آخر مع وضوء مجدّد وغسل الفرج لخصوص الوطء ، كما يستفاد من بعض المعتبرة (١) ، وربما احتمل في عبارات بعض الأجلة ».

( ولا تجمع بين صلاتين بوضوء ) مطلقاً إلّا في الكثيرة على الأقوى ؛ لما مرّ من الأخبار في الأمرين.

( و ) يجب ( عليها الاستظهار ) والاحتياط ( في منع الدم من التعدي بقدر الإمكان ) بعد غسل الفرج وتغيير القطنة ، كما هنا وفي الشرائع (٣) ، وعن المعتبر والمنتهى والتلخيص والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والبيان (٤) ، وظاهر الفقيه والمقنع (٥) ، ومعطي المبسوط والخلاف (٦) ؛ للمعتبرة المتقدمة. ومقتضاها كون محلّه قبل الوضوء في القليلة ، وبعد الغسل في المتوسطة والكثيرة.

وعلّل الوجوب بدفع النجاسة وتقليلها لعدم العفو عنها وحدثيتها.و مقتضاه الشرطية ، حتى لو خرج الدم بعد الوضوء مثلا للتقصير في الشدّ بطل ، أو في الصلاة بطلت.

( وكذا يلزم من به ) داء ( السلس والبطن ) فيستظهر بقدر الإمكان ؛ لعين التعليل المتقدم ، مضافاً إلى الخبر في الأوّل (٧).

__________________

١ ـ الوسائل ٢ : ٣٧٧ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٥.

٢ ـ انظر كشف اللثام ١ : ١٠١.

٣ ـ الشرائع ١ : ٣٤.

٤ ـ المعتبر ١ : ٢٥٠ ، المنتهي ١ : ١٢٢ ، حكاه عن التلخيص في كشف اللثام ١ : ١٠١ ، التذكرة ١ : ٢٩ ، التحرير ١ : ١٦ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٦ ، البيان : ٦٦.

٥ ـ الفقيه ١ : ٥٤ ، المقنع : ١٦.

٦ ـ المبسوط ١ : ٦٨ ، الخلاف ١ : ٢٣٣.

٧ ـ الفقيه ١ : ٣٨ / ١٤٦ ، التهذيب ١ : ٣٤٨ / ١٠٢١ ، الوسائل ١ : ٢٩٧ أبواب نواقض الوضوء ب ١٩ ح ١.

٣٣٣

( الرابع )

( غسل النفاس ) بكسر النون ، وهو ـ كما قيل ـ لغة : ولادة المرأة (١) ، لاستلزامه خروج الدم غالبا ، من النفس يعني الدم ، ولذا سمّي اصطلاحا دم الولادة.

( و ) لذا ( لا يكون ) الولادة ( نفاساً إلّا مع ) رؤية ( الدم ) إجماعاً منّا ؛ تمسّكا بالأصل ، واقتصاراً في الخروج عنه على المتبادر المتيقن من الأخبار ، فليس غيره ـ كما نحن فيه ـ نفاساً ( ولو ولدت ) الولد ( تامّاً ) وعن الشافعي قولان (٢) ، وعن أحمد روايتان (٣).

( ثمَّ ) إنه ( لا يكون الدم ) الخارج حال الطلق ( نفاساً ) مع رؤيته قبل خروج شيء من الولد ، إجماعاً ونصوصاً.

ففي الموثق : في المرأة يصيبها الطلق أياماً أو يوماً أو يومين ، فترى الصفرة أو دماً ، قال : « تصلّي ما لم تلد » الحديث (٤). ونحوه غيره (٥). مضافا إلى الأصل.

ولا ريب في كونه حينئذ استحاضة مع عدم إمكان حيضيته برؤيته أقل من ثلاثة إجماعاً ونصوصاً ، وكذا معه بشرط عدم تخلل أقلّ الطهر بينه وبين النفاس على الأشهر الأظهر ، بل نفي عنه الخلاف في الخلاف (٦). وهو الحجّة فيه ،

__________________

١ ـ كما في القاموس ٢ : ٢٦٥ ، والنهاية لابن الأثير ٥ : ٩٥.

٢ و ٣ ـ انظر المغني ـ لابن قدامة ـ ١ : ٢٤٢ ، المجموع للنووي ٢ : ١٥٠.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٠٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٠٣ / ١٢٦١ ، الوسائل ٢ : ٣٩١ أبواب النفاس ب ٤ ح ١.

٥ ـ الفقيه ١ : ٥٦ / ٢١١ ، الوسائل ٢ : ٣٩٢ أبواب النفاس ب ٤ ح ٣.

٦ ـ الخلاف ١ : ٢٤٩.

٣٣٤

مضافاً إلى الموثق المزبور ونحوه ، وخبر الخلقاني الآتي ، والمعتبرة الدالة على عدم نقص أقل الطهر عن العشرة مطلقا. وتخصيصها بما بين الحيضتين لا دليل عليه.

فاحتمال الحيضية حينئذ ـ كما عن النهاية والمنتهى وظاهر التذكرة (١) ـ غير وجيه.

كلّ ذلك على المختار من اجتماع الحيض مع الحبل ، وإلّا فلا يكون هذا الدم حيضا كما لا يكون نفاسا ( حتى ترى بعد الولادة أو معها ) فيكون نفاساً في الأول إجماعاً ، كما عن المنتهى والذكرى ونهاية الإحكام (٢). وفي الثاني على قول قوي محكي عن القواعد والمبسوط والخلاف (٣) صريحاً ، وعن النهاية والاقتصاد والمصباح ومختصره والمراسم والسرائر والمهذّب والشرائع (٤) ظاهراً. ولعلّه المشهور ، بل عليه الإجماع عن الخلاف. وهو الحجة فيه ، كالخبر المعتضد به وبالشهرة ، المروي في أمالي الشيخ رحمه‌الله عن رزيق الخلقاني ، عن الصادق عليه‌السلام : عن امرأة حامل رأت الدم ، فقال : « تدع الصلاة » قال : فإنها رأت الدم وقد أصابها الطلق فرأته وهي تمخض ، قال : « تصلّي حتى يخرج رأس الصبي ، فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة » الخبر (٥). ونحوه آخر على الظاهر (٦).

____________

١ ـ نهاية الإحكام ١ : ١٣١ ، المنتهي ١ : ١٢٣ ، التذكرة ١ : ٣٦.

٢ ـ المنتهي ١ : ١٢٣ ، الذكرى : ٣٣ ، نهاية الإحكام ١ : ١٣١.

٣ ـ قواعد الأحكام ١ : ١٦ ، المبسوط ١ : ٦٨ ، الخلاف ١ : ٢٤٦.

٤ ـ النهاية : ٢٩ ، الاقتصاد : ٢٤٧ ، مصباح المتهجد : ١١ ، المراسم : ٤٤ ، السرائر ١ : ١٥٤ ، المهذًب ١ : ٣٩ ، الشرائع ١ : ٣٥.

٥ ـ أمالي الطوسي : ٧٠٨ ، الوسائل ٢ : أبواب الحيض ب ٣٠ ح ١٧.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٨٧ / ١١٩٦ ، الاستبصار ١ : ١٤٠ / ٤٨١ ، الوسائل ٢ : ٣٣٣ ابواب الحيض ب ٣٠ ح ١٢.

٣٣٥

خلافاً للمحكي عن جمل العلم والعمل والجمل والعقود والكافي والغنية والوسيلة والإصباح والجامع (١) ، من اختصاصه بالأوّل ؛ للأصل ، والموثق المتقدم ذكره كغيره المعلّق ترك الصلاة فيهما على الولادة المتبادر منها خروج الولد بتمامه. ويحتملان ـ كالكتب ـ ما تقدّم. وكيف كان : يتعين حملهما عليه ؛ لترجيح النص على الظاهر ، والتكافؤ حاصل بما مرّ ، فيخصّص به الأصل.

ومظهر الثمرة عدم بطلان الصوم كعدم وجوب الغسل بالدم الخارج مع الجزء ، المفقود (٢) بعد التمام ، على الثاني ، وعدمهما على الأوّل.

ثمَّ إنّ ظاهر الأخبار كمقتضى الأصل حصر النفاس في الدم الخارج مع الولد التام أو الناقص ، لا مثل المضغة والعلقة والنطفة. فإلحاق الأوّل به ـ كما عن المعتبر والتحرير والمنتهى والنهاية وفي الروضة (٣) مطلقاً ، أو مع العلم بكونه مبدأ نش‏ء آدمي كما عن الذكرى (٤) ، أو الاكتفاء بشهادة القوابل أنها لحم ولد كما عن التذكرة مع دعواه الإجماع على تحقق النفاس حينئذ (٥) ـ غير واضح ، إلّا الإجماع المزبور المعتضد بالشهرة. وهو الحجّة فيه ، لا صدق الولادة ، لعدم كفايته في الإطلاق مع عدم تبادر مثله منه.

ومثله في ضعف الإلحاق من غير جهة الإجماع إلحاق الأخيرين به ،

__________________

١ ـ حكاه عن جمل العلم والعمل في كشف اللثام ١ : ١٠٣ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٥ ، الكافي في الفقيه ١٢٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، الوسيله : ٦١ ، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٠٣ الجامع للشرائع : ٤٤.

٢ ـ صفة للدم.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢٥٢ ، التحرير ١ : ١٦ ، المنتهي ١ : ١٢٣ ، نهاية الإحكام ١ : ١٣٠ ، الروضة ١ : ١١٤.

٤ ـ الذكرى : ٣٣.

٥ ـ التذكرة ١ : ٣٥.

٣٣٦

وحيث لا إجماع محكياً هنا وجب القطع بعدمه مطلقاً كما عن المعتبر والمنتهى (١) ، أو مع عدم العلم بكونه مبدأ نش‏ء آدمي كما عن التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى والدروس والبيان (٢). ولا وجه للثاني فتعيّن الأوّل.

وذات التوأمين الوالدة لهما على التعاقب مع رؤية الدم معهما تبتدئ النفاس من الأول وتستوفي عدده من الثاني في المشهور ، بل عليه الإجماع عن المنتهى والتذكرة (٣) ؛ لصدق دم الولادة على كلّ منهما ، وثبوت أنّ أكثر النفاس عشرة أو ثمانية عشر ، فحكم كلّ منهما ذلك. ولا دليل على امتناع تعاقب النفاسين وتداخل متمم العدد الأول مع قدره من الثاني.

ومنه يظهر حكم ولادة القطعتين أو القَطع ، على المختار من ثبوت النفاس مع الولادة ، وعلى احتمال عن الذكرى والدروس (٤) ، فتأمّل.

( ولا حدّ لأقلّه ) بالنص والإجماع ، مضافاً إلى الأصل ، فيجوز أن يكون لحظة.

ففي الخبر : عن النفساء كم حدّ نفاسها حتى تجب عليها الصلاة وكيف تصنع؟ قال : « ليس لها حدّ » (٥) والمراد في جانب القلّة ؛ للإجماع والنصوص في ثبوت التحديد في طرف الكثرة.

وقريب منه الصحيح : « تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط » (٦).

( وفي ) تحديد ( أكثره روايات ) مختلفة لأجلها اختلفت الفتاوى في‏

____________

١ ـ المعتبر ١ : ٢٥٢ ، المنتهي ١ : ١٢٣.

٢ ـ التذكرة ١ : ٣٥ ، نهاية الإحكام ١ : ١٣٠ ، الذكرى : ٣٣ ، الدروس : ١ : ١٠٠ ، البيان : ٦٧.

٣ ـ المنتهي ١ : ١٢٣ ، التذكرة ١ : ٣٦.

٤ ـ الذكرى : ٣٣ ، الدروس : ١ : ١٠٠.

٥ ـ التهذيب ١ : ١٧٤ / ٤٩٧ ، الوسائل ٣٨٧ : ٢ أبواب النفاس ب ٣ ح ١٦.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٨٠ / ٥١٦ ، الاستبصار ١ : ١٥٤ / ٥٣٣ ، الوسائل ٢ : ٣٨٢ أبواب النفاس ب ٢ ح ١.

٣٣٧

المسألة ( أشهرها ) وأظهرها ( أنه لا يزيد عن أكثر الحيض ) مطلقاً وهو العشرة ، والصحاح منه بذلك مستفيضة كالموثقات.

ففي الصحيحين : « النفساء تكفّ عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها ، ثمَّ تغتسل وتعمل كما تعمل المستحاضة » (١).

وفي الصحيح : « تقعد بقدر حيضها ، وتستظهر بيومين ، فإن انقطع الدم وإلّا اغتسلت واحتشت واستثفرت » الحديث (٢). ونحوه الموثّق (٣).

وفي آخر : « تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض ، وتستظهر بيومين » (٤).

وهي ـ كما ترى ـ كغيرها مختصة بذات العادة وأنها ترجع إليها ولو قصرت عن العشرة.

وليس في عبارة المصنف بمجردها ـ كالأكثر ـ منافاة لذلك كما توهّم (٥) ؛ إذ ليس فيها غير أن أكثره ذلك ، وذلك لا ينافي وجود الأقل. ويومئ إليه استدلال من صرّح بها بالأخبار المزبورة التي لا يستفاد منها سوى الرجوع إلى العادة المحتملة لأقلّ من العشرة. ومثله نسبة المصنف مفاد العبارة إلى الأشهر ، وليس‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٥ ، الوسائل ٢ : ٣٨٢ أبواب النفاس ب ٣ ح ١.

والصحيح الثاني :

الكافي ٣ : ٩٧ / ١ ، التهذيب ١ : ١٧٥ / ٤٤٩ ، الاستبصار ١ : ١٥٠ / ٥١٩ ، الوسائل ٢ : ٣٨٢ أبواب النفاس ب ٣ ح ١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٨٣ أبواب النفاس ب ٣ ح ٢.

٣ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٧٥ / ٥٠٠ ، الاستبصار ١ : ١٥٠ / ٥٢٠ ، الوسائل ٢ : ٣٨٥ أبواب النفاس ب ٣ ح ٨.

٤ ـ الكافي ٣ : ٩٩ / ٦ ، التهذيب ١ : ١٧٥ / ٥٠١ ، الاستبصار ١ : ١٥١ / ٥٢١ ، الوسائل ٢ : ٣٨٤ أبواب النفاس ب ٣ ح ٢.

٥ ـ راجع الذكرى : ٣٣.

٣٣٨

سوى ما ذكرنا من الأخبار ممّا يومئ إليه عين ولا أثر.

نعم : في الرضوي : « النفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام ، وتستظهر بثلاثة أيام ثمَّ تغتسل » (١).

وإرادة المصنف إياه منه بعيد ، مع احتمال جريان الاحتمال المتقدم فيه.

ومنه يستفاد الحكم في المبتدأة والمضطربة من رجوعهما إلى العشرة ، مضافا إلى الإجماع المركّب.

لعدم إمكان المصير إلى القول بالعشرة مطلقاً ولو وجد القائل به ، لعدم الدليل عليه سوى الرضوي المتقدم على تقدير وضوح دلالته عليه ، ولا ريب في عدم مقاومته لشي‏ء ممّا تقدم ، مع أنه غير مناف لرجوعهما إلى العشرة. ومنافاته لذات العادة مندفعة بالأخبار المتقدمة.

ولا إلى القول بالثمانية عشر كذلك ، كما عن المفيد والمرتضى وابن بابويه والإسكافي وسلّار (٢) ؛ لقصور أدلته إمّا بحسب السند ، كالمرويين في العلل والعيون (٣).

أو الدلالة ، كالمروي في الأخير والصحاح الدالة على تنفس أسماء بثمانية عشر (٤) ، إذ ليس فعلها حجة ، إلّا مع ثبوت تقرير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لها عليه ولم يثبت.

بل المستفاد من بعض الأخبار خلافه ، وأنّ قعودها للجهل ، وأنها لو سألته صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمرها بالاغتسال قبل ذلك ، ففي المرفوع : « إنّ‏

__________________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩١ ، المستدرك ٢ : ٤٧ أبواب النفاس ب ١ ح ١.

٢ ـ المفيد في المقنعة : ٥٧ ، المرتضي في الانتصار : ٣٥ ، ابن بابويه في المقنع : ١٦ ، نقله عن الاسكافي في المختلف : ٤١ ، سلار في المراسم : ٤٤.

٣ ـ علل الشرائع : ٢٩١ / ١ ، العيون ٢ : ١٢٠ / ١ ، الوسائل ٢ : ٣٩٠ أبواب النفاس ب ٣ ح ٢٣ و ٢٤.

٤ ـ الوسائل ٢ : ٣٨٤ أبواب النفاس ب ٣ ح ٦ و ١٥ و ١٩ و ٢١.

٣٣٩

أسماء سألت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أتى لها ثمانية عشر يوماً ، ولو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل وتفعل ما تفعل المستحاضة » (١).

ونحوه الخبر المروي في المنتقى (٢) مع التصريح في ذيله بما مرّ في الأخبار المتقدمة.

أو الشذوذ ، كالصحيح الدالّ على الأمر بالقعود ثماني عشرة سبع عشرة (٣) ، إذ ظاهره التخيير ولا قائل به. مع احتماله ـ كمضاهيه ـ الحمل على التقية ، مضافاً إلى عدم مكافاتها لما تقدّم من الأدلة.

ولا إلى القول بالرجوع إلى العادة لمعتادتها وإلى الثمانية عشر لفاقدتها كما في المختلف (٤) لعدم الدليل عليه سوى الجمع بين الأخبار الآمرة بالرجوع إلى العادة والأخبار الآمرة بالرجوع إلى الثمانية عشر ، حملاً للأخيرة على فاقدة العادة.

وهو مع عدم الشاهد عليه ضعيف ؛ لاستلزامه حملها على الفرض النادر. مع بعد جريانه في حكاية أسماء ؛ لأنّها تزوجت بأبي بكر بعد موت جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام ، وكانت قد ولدت منه عدّة أولاد ، ويبعد كلّ البعد عدم استقرار عادة لها في تلك المدّة. هذا مضافاً إلى ما عرفت ممّا فيها من الأجوبة.

فإذا لم يمكن المصير إلى شيء من الأقوال المزبورة تعيّن ما قلناه ، لعدم‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٩٨ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٧٨ / ٥١٢ ، الاستبصار ١ : ١٥٣ / ٥٣٢ ، الوسائل ٢ : ٣٨٤ أبواب النفاس ب ٣ ح ٧.

٢ ـ المنتقي ١ : ٢٣٥ ، الوسائل ٢ : ٣٨٦ أبواب النفاس ب ٣ ح ١١.

٣ ـ التهذيب ١ : ١٧٧ / ٥٠٨ ، الاستبصار ١ : ١٥٢ / ٥٢٨ ، الوسائل ٢ : ٣٨٦ أبواب النفاس ب ٣ ح ١٢.

٤ ـ المختلف : ٤١.

٣٤٠