رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

مطلقاً ولو كان ممّن لا يعيش عادةً ، توصلا إلى بقاء الحي ، ولا يعرف فيه خلاف كما عن الخلاف (١) ، والنصوص به مستفيضة.

ففي الصحيح : عن المرأة تموت وولدها في بطنها يتحرك ، قال : « يشق عن الولد » (٢).

وإطلاقه كغيره ينزل على الغالب من عدم إمكان إخراجه بدون شق ، وإلّا فلو علم إمكان ذلك تعيّن كما عن الذكرى (٣).

وإطلاقها يقتضي عدم الفرق في الشق بين أن يكون من الأيمن أو الأيسر. ولكن عن المقنعة والنهاية والمبسوط والمهذّب والسرائر والجامع والتحرير والمنتهى والتلخيص ونهاية الإحكام والشرائع : تعيّن الأيسر (٤) ، كما هنا ولعلّه للرضوي : « إذا ماتت المرأة وهي حاملة وولدها يتحرك في بطنها شقّ من الجانب الأيسر واخرج الولد » (٥).

وبهذه العبارة عبّر الصدوق رحمه‌الله في الفقيه (٦).

وليس في هذه النصوص الأمر بخياطة المحل ( و ) لكن ( في رواية ) صحيحة أو حسنة إلى ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن مولانا الصادق عليه‌السلام إذ سئل : أيشق بطنها ويخرج الولد؟ فقال : نعم و ( يخاط

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٧٢٩.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٤٣ / ١٠٠٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧١ أبواب الإحتضار ب ٤٦ ح ٦.

٣ ـ الذكرى : ٤٣.

٤ ـ المقنعة : ٨٧ ، النهاية : ٤٢ ، المبسوط ١ : ١٨٠ ، المهذّب ١ : ٥٥ ، السرائر ١ : ١٦٩ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، التحرير ١ : ٢٠ ، المنتهي ١ : ٤٣٥ نهاية الإحكام ٢ : ٢٨١ ، الشرائع ١ : ٤٤.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٤ ، المستدرك ٢ : ١٤٠ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ١.

٦ ـ الفقيه ١ : ٩٧.

٤٦١

بطنها ) (١) ورواه الشيخ في التهذيب عنه عن ابن أُذينة مقطوعاً (٢). وهو وإن ضعف إلّا أن الأول مسند إلى الإمام ، وإرساله غير ضارّ ؛ لإجماع العصابة في الراوي على تصحيح ما يصح عنه وغير ذلك ، مضافاً إلى أن الظاهر كون البعض هو ابن أذينة الثقة بقرينة رواية الشيخ ، فتأمل.

فلا وجه للتأمل في الوجوب ، وبه أفتى المقنعة والنهاية والسرائر والمبسوط والمهذّب والجامع والشرائع (٣).

وليس في عدم التعرض له في باقي الأخبار دلالة على عدمه ، إذ محطّ النظر فيها ليس إلّا جواز الإخراج وعدمه ، وفيه مع ذلك الصيانة عن هتك حرمتها والمثلة بها وتسهيل لتغسيلها.

( السادسة : إذا وجد بعض الميت وفيه صدر ) كما عن السرائر (٤) ، أو الصدر وحده أيضاً كما عن الكتب الآتية ( فهو كما لو وجده كلّه ) فيجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ، كما في الشرائع وعن صريح النهاية والمبسوط والمراسم والسرائر (٥) ، وظاهر المقنعة والخلاف والوسيلة والمعتبر (٦) ؛ لذكرهم الصلاة عليه المستلزمة للأحكام الباقية.

للأولوية المستفادة من ثبوتها فيما عدا الصدر ممّا وجد فيه العظم بالإجماع ، كما عن الخلاف والمنتهى (٧).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٢٠٦ / ١ ، الوسائل ٢ : ٤٦٩ أبواب الأحتضار ب ٤٦ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٤٤ / ١٠٠٧ ، الوسائل ٢ : ٤٧١ ، أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ٧.

٣ ـ المقنعة : ٨٧ ، النهاية : ٤٢ ، السرائر ١ : ١٦٩ ، المبسوط ١ : ١٨٠ ، المهذّب ١ : ٥٥ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، الشرائع ١ : ٤٤.

٤ ـ السرائر ١ : ١٦٧.

٥ ـ الشرائع ١ : ٣٧ ، النهاية : ٤٠ ، المبسوط ١ : ١٨٢ ، المراسم : ٤٦ ، السرائر ١ : ١٦٧.

٦ ـ المقنعة : ٨٥ ، الخلاف ١ : ٧١٥ ، الوسيلة : ٦٣ ، المعتبر ١ : ٣١٧.

٧ ـ الخلاف ١ : ٧١٦ ، المنتهي ١ : ٤٣٤.

٤٦٢

ومن هنا يظهر دلالة المعتبرة الناصة على وجوب الصلاة على النصف الذي فيه القلب كما في الصحيح (١) ، أو مطلق العضو الذي فيه القلب كما في الخبرين (٢) ، أو الصدر واليدين كما في الخبر (٣) على ما ذكره المصنف وغيره (٤).

وضعف هذه الأخبار مجبور بأن الحكم مشهور معتضد بما في المعتبرة من عدم سقوط الميسور بالمعسور (٥) ، وإطلاق الحسن : « إذا قتل قتيل فلم يوجد إلّا لحم بلا عظم لم يصلّ عليه ، فإن وجد عظم بلا لحم صلّي عليه » (٦).

وعن الإسكافي : إيجابه الصلاة على العضو التام بعظامه والتغسيل خاصة في غيره (٧) ؛ للخبرين ، في أحدهما : « إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو تام صلي عليه ودفن ، وإن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه ودفن » (٨).

وفي الثاني المروي في المعتبر عن علي بن المغيرة قال : بلغني أن أبا جعفر عليه‌السلام قال : « يصلّى على كل عضو رجلاً كان أو يدا أو الرأس ، جزءاً

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٣٦ / ٩٨٣ ، الوسائل ٣ : ١٣٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٦.

٢ ـ الأول :

الفقيه ٤ : ١٢٣ / ٤٢٩ ، الوسائل ٣ : ١٣٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٣.

الثاني :

المعتبر ١ : ٣١٧ ، الوسائل ٣ : ١٣٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ١٢.

٣ ـ الفقيه ١ : ١٠٤ / ٤٨٤ ، التهذيب ٣ : ٣٢٩ / ١٠٣٠ ، الوسائل ٣ : ١٣٥ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٤.

٤ ـ المصنف في المعتبر ١ : ٣١٧ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٨.

٥ ـ عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٥.

٦ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٩ / ١٠٣١ ، الوسائل ٣ : ١٣٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٨.

٧ ـ نقله عن الإسكافي في المختلف : ٤٦.

٨ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٣٧ / ٩٨٧ ، الوسائل ٣ : ١٣٧ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٩.

٤٦٣

فما زاد ، فإذا نقص عن رأس أو يد أو رجل لم يصلّ عليه » (١).

وهو أحوط ، ويؤيده القاعدة المستفادة من المعتبرة وإطلاق الحسن المتقدم ، وإن كان في لزومه نظر للمعتبرة المتقدمة الظاهرة في اختصاص الصلاة بما فيه القلب والصدر المعتضدة بالشهرة ، فيخصّص بها القاعدة المزبورة.

مضافاً إلى معارضتهما ـ مع ضعفهما ـ بالنص في عدم لزوم الصلاة على ما ذكر ، كالخبر : « لا يصلى على عضو رَجُل من رجل أو يد أو رأس منفرداً ، فإذا كان البدن فصلّ عليه وإن كان ناقصاً من الرأس واليد والرجل » (٢).

وقال الكليني : روي أنه لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد (٣).

وقصور السند بما تقدّم منجبر ، فخلافه شاذ ، ومختار المشهور متعيّن. نعم : ما ذكره أحوط ، وأحوط منه العمل بإطلاق الحسن المتقدم وإن لم يوجد قائل به.

( وإن لم يوجد الصدر غسّل وكفّن ما فيه عظم ) في المشهور بين الأصحاب ، بل عن الخلاف والمنتهى عليه الإجماع (٤). وهو الحجة فيه ، كالقاعدة المستفادة من المعتبرة من عدم سقوط الميسور بالمعسور ، خرج منها الصلاة بما تقدم وبقي الباقي.

لا الصحيح الآمر بتغسيل عظام الميت وتكفينها والصلاة عليها (٥) ؛ لظهوره في مجموع العظام ، مع اشتماله على ما لم يقل به أحد من الأعلام لو عمّم العظام فيه ما يشمل الأبعاض.

____________

١ ـ المعتبر ١ : ٣١٨ ، الوسائل ٣ : ١٣٨ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ١٣.

٢ ـ التهذيب ٣ : ٣٢٩ / ١٠٢٩ ، الوسائل ٣ : ١٣٦ ، أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٧.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ذيل الحديث ٢ : الوسائل ٣ : ١٣٧ ، أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ١٠.

٤ ـ الخلاف ١ : ٧١٥ ، المنتهي ١ : ٤٣٤.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٢٩ / ١٠٢٧ ، الوسائل ٣ : ١٣٦ أبواب صلاة الجنازة ب ٣٨ ح ٥.

٤٦٤

وظاهر العبارة تخصيص الحكم بالمبانة من الميت دون الحي ، وهو مقتضى الأصل ، مع عدم جريان ما ذكرناه من الأدلة فيه. خلافاً لجماعة فعمّموه فيهما (١). وهو أحوط.

وفي إلحاق العظم المجرّد به قولان ، أحوطهما ذلك وإن كان في تعيّنه نظر.

ثم ظاهر المتن كالمحكي عن المقنعة والمبسوط والنهاية والسرائر والجامع والمراسم والمنتهى والإرشاد والتلخيص والتبصرة (٢) : التكفين ؛ ولعلّه للقاعدة ، فيعتبر القطع الثلاث على المختار وإن لم تكن بتلك الخصوصيات. وربما احتمل اختصاص وجوبها بما تناله الثلاث عند الاتصال بالكل ، فإن كان ممّا تناله اثنان منها لفّ فيهما ، وإن كان ممّا لا تناله إلّا واحدة لفّ فيها (٣).

وفي الشرائع وعن التحرير والتذكرة ونهاية الإحكام : اللفّ في خرقة (٤) ؛ فكأنهما حملا التكفين عليه. ولكن ينافيه التعبير بالتكفين هنا وباللف في الخرقة فيما يأتي.

والمعيّن الأول ؛ للقاعدة. ومنها يستفاد وجوب التحنيط لو كان الباقي محله كما عن التذكرة (٥). وعليه يحمل إطلاق كلام جماعة (٦).

( ولفّ في خرقة ودفن ما خلا عن عظم ) كما في الشرائع والقواعد وعن‏

__________________

١ ـ منهم ابن إدريس في السرائر ١ : ١٦٨ ، والعلامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٣٥ ، والشهيد في الذكرى : ٤٠ ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٥٧ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٧.

٢ ـ المقنعة : ٨٥ ، المبسوط ١ : ١٨٢ ، النهاية : ٤٠ ، السرائر ١ : ١٦٧ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، المسراسم : ٤٦ ، المنتهي ١ : ٤٣٤ ، الأرشاد ١ : ٢٣٢ ، التبصرة : ١٥.

٣ ـ انظر كشف اللثام ١ : ١٠٨.

٤ ـ الشرائع ١ : ٣٨ ، التحرير ١ : ١٦ ، التذكرة ١ : ٤١ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٣٥.

٥ ـ التذكرة ١ : ٤١.

٦ ـ كالمفيد في المقنعة : ٨٥ ، الشيخ في المبسوط ١ : ١٨٢ ، سلّار في المراسم : ٤٦.

٤٦٥

سلّار (١). ومستنده غير واضح ، والقاعدة توجب التكفين ، فهو كسائر الأحكام ـ دون الصلاة ـ متعيّن إن لم يجمع على خلافه. وإلّا ـ كما هو الظاهر ـ كان اعتبار ما في المتن أحوط لعدم الدليل على لزومه ، مع أن الأصل ينفيه ، وفاقاً للمعتبر وغيره (٢).

ويمكن أن يقال : لم يقع الإجماع إلّا على عدم التكفين بالقطع الثلاث ، ولا يستلزم ذلك الإجماع على عدم القطعة الواحدة ، فالإجماع المخرج عن القاعدة مختص بما عدا القطعة الواحدة ، فيقتصر في تخصيصها عليه ، وتجب هي لعمومها. وهو قوي.

( قال الشيخان ) وأكثر الأصحاب ( لا يغسّل السقط إلّا إذا استكمل شهوراً أربعة ) (٣) فيغسّل حينئذ ، قيل : ولا يعرف فيه خلاف إلّا من العامة (٤).

وهو ظاهر المحكي عن المعتبر (٥).

للمرفوع : « إذا تمَّ للسقط أربعة أشهر غسّل » (٦).

والموثق : عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن؟ قال : « نعم كل ذلك يجب إذا استوى » (٧).

وضعف الأول منجبر. والثاني في نفسه معتبر ، ودلالته واضحة بملاحظة المعتبرة المستفيضة الدالة على حصول الاستواء بالشهور الأربعة ، ففي‏

____________

١ ـ الشرائع ١ : ٣٨ ، القواعد الحكام ١ : ١٧ ، سلار في المراسم ٤٦.

٢ ـ المعتبر ١ : ٣١٩ ؛ وانظر الذخيرة : ٩١.

٣ ـ المفيد في المقنعة : ٨٣ ، الطوسي في الخلاف ١ : ٧١٠.

٤ ـ قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٧.

٥ ـ المعتبر ١ : ٣١٩.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٢٨ / ٩٦٠ ، الوسائل ٢ : ٥٠٢ أبواب غسل الميت ب ١٢ ح ٢.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢٠٨ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٢٩ / ٩٦٢ ، الوسائل ٢ : ٥٠١ أبواب غسل الميت ب ١٢ ح ١.

٤٦٦

الصحيحين : « إذا وقعت النطفة في الرحم استقرت فيها أربعين يوماً ، وتكون علقة أربعين يوماً ، وتكون مضغة أربعين يوماً ، ثم يبعث اللّه ملكين خلّاقين فيقول لهما : اخلقا كما أراد اللّه تعالى ذكراً أو أنثى » الحديث (١).

ونحوهما من المعتبرة المروية في الكافي في النكاح باب بدء خلق الإنسان.

وصرّح بالأمرين جميعاً الرضوي : « إذا أسقطت المرأة وكان السقط تاماً غسّل وحنّط وكفّن ودفن ، وإن لم يكن تاماً فلا يغسّل ويدفن بدمه ، وحدّ تمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر » (٢).

ويستفاد منه كالموثق السابق وجوب التكفين والدفن ، كما عن المبسوط والمقنعة والنهاية والمراسم والجامع والمنتهى والتبصرة ونهاية الإحكام (٣). وفي ظاهر الشرائع وعن التحرير : اللفّ في خرقة (٤) ، حملاً للتكفين عليه. وهو مشكل ، فالتكفين أولى.

وعن ظاهر الإرشاد (٥) والتلخيص ( وأكثر الكتب المذكورة ) (٦) وجوب التحنيط ؛ ولعلّه للرضوي المتقدم ، أو عموم أدلة تحنيط الأموات.

وعن الذكرى التردد في الجميع (٧) ؛ لما دلّ من الأخبار على عدم حلول الحياة إلّا بمضي الخمسة أشهر (٨). وهو مع قصور سنده غير مكافئ لما تقدّم من‏

__________________

١ ـ الكافي ٦ : ١٣ / ٤ ، ١٦ / ٧.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٥ ، المستدرك ٢ : ١٧٥ أبواب غسل الميت ب ١٢ ح ١.

٣ ـ المبسوط ١ : ١٨٠ ، المقنعة : ٨٣ ، النهاية : ٤١ ، المراسم : ٤٦ ، الجامع للشرائع : ٤٩ ، المنتهي ١ : ٤٣٢ ، التبصرة : ١٥ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٣٤.

٤ ـ الشرائع ١ : ٣٨ ، التحرير ١ : ١٧.

٥ ـ الإرشاد ١ : ٢٣٢.

٦ ـ ما بين اقوسين ليست في « ش ».

٧ ـ الذكرى : ٤٠.

٨ ـ الكافي ٧ : ٣٤٥ / ١١ ، الفقيه ٤ : ١٠٨ / ٣٦٦ ، التهذيب ١٠ : ٢٨٣ / ١١٠٥ / ، الوسائل ٢٩ :

٤٦٧

وجوه.

( ولو كان لدونها ) لم يجب تغسيله ، وعن المعتبر أنه مذهب العلماء خلا ابن سيرين (١). وفي صريح الرضوي كمفهوم الخبرين دلالة عليه.

نعم ( لفّ في خرقة ودفن ) ومستند اللف غير واضح ، بل في الرضوي المتقدم وغيره الاقتصار على الدفن بدمه الظاهر في عدم اللف ، ولذا خلا عنه كلام الشيخ وغيره. ولكنه منقول عن المفيد وسلّار والقاضي والكيدري (٢). وهو أحوط.

( السابعة ) : يشترط في الغاسل المماثلة أو المحرمية ف‍ ( لا يغسّل الرجل إلّا الرجل ) أو ذات محرم له ( وكذا المرأة ) لا يغسّلها إلّا المرأة أو ذو محرم لها على الأشهر الأظهر ، بل عليه الإجماع عن المعتبر (٣) ، وبه صرّح جماعة (٤) ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح : في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه إلّا النساء قال : « يدفن ولا يغسّل ، والمرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن ولا تغسّل » (٥).

خلافاً للمفيد فأوجب التغسيل من وراء الثياب (٦) ، ونحوه عن ابن زهرة

__________________

٣١٥ أبواب ديات الأعضاء ب ١٩ ح ٦.

١ ـ المعتبر ١ : ٣٢٠.

٢ ـ المفيد في المقنعة : ٨٣ ، سلار في المراسم : ٤٦ ، القاضي في المذّب ١ : ٥٦ ، نقله عن الكيدري في كشف اللثام ١ : ١٠٨.

٣ ـ المعتبر ١ : ٣٢٣.

٤ ـ منهم العلامة في التذكرة ١ : ٣٩ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٩٦ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٩.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٣٨ / ١٤١٤ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٣ ، الوسائل ٢ : ٥٢١ أبواب غسل الميت ب ٢١ ح ٤.

٦ ـ المقنعة : ٨٧.

٤٦٨

مع اشتراطه تغميض العينين (١) ؛ لأخبار هي مع ضعفها شاذة (٢) ولما قدّمناه غير مكافئة من وجوه عديدة.

ومقتضاه سقوط التيمم ؛ لعدم الأمر به فيها مع ورودها في مقام البيان.

وعن الشيخ التصريح بالسقوط في جملة من كتبه (٣) ، وعلّل باتحاد المانع فيه وفي التغسيل وإن قلّ في طرفه. وما دلّ على الأمر به من الأخبار (٤) ضعيف لا يعوّل عليه.

( ويغسّل الرجل بنت ثلاث سنين مجرّدة ) اختياراً واضطراراً ( وكذا المرأة ) تغسّل صبيا له ثلاث سنين مطلقا ، على الأشهر بين الأصحاب ، بل عليه الإجماع في الأوّل عن نهاية الإحكام (٥) ، وفي الثاني عنه وعن التذكرة والمنتهى (٦). وهو الحجّة فيهما ، كالخبر المنجبر ضعفه بالشهرة في الأخير : « عن الصبي إلى كم تغسّله النساء؟ فقال : إلى ثلاث سنين » (٧).

وبه يقيّد إطلاق الموثق : عن الصبي تغسله امرأة ، قال : « إنما تغسّل الصبيان النساء » (٨).

خلافاً للشيخ وغيره ، فاشترط فقد المماثل (٩). وهو أحوط.

__________________

١ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٢ انظر الوسائل ٢ : ٥٢٤ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٥ ، ٩.

٣ ـ الخلاف ١ : ٦٩٨ ، المبسوط ١ : ١٧٥.

٤ ـ انظر الوسائل ٢ : ٥٢٤ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٤.

٥ ـ نهاية الإحكام ٢ : ٢٣١.

٦ ـ التذكرة ١ : ٤٠ ، المنتهي ١ : ٤٣٦ ـ ٤٣٧.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٦٠ / ١ ، الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣١ ، التهذيب ١ : ٣٤١ / ٩٩٨ ، الوسائل ٢ : ٥٢٦ أبواب غسل الميت ب ٢٣ ح ١.

٨ ـ التهذيب ١ : ٤٤٥ / ١٤٣٨ ، الوسائل ٢ : ٥٢٧ أبواب غسل الميت ب ٢٣ ح ٢.

٩ ـ الشيخ في المبسوط : ١ : ١٧٦ ؛ وانظر السرائر ١ : ١٦٨.

٤٦٩

وللمفيد وسلّار ، فجوّزا للمرأة تغسيل ابن الخمس مجرداً (١).

وللصدوق فجوّز للرجل تغسيل ابنة الخمس مجردة (٢).

ولا دليل على الأوّل. والخبر في الثاني مع ضعفه بالإرسال مضطرب المتن لأنه مروي في التهذيب هكذا : « إذا كانت بنت أقلّ من خمس سنين أو ست دفنت » (٣).

وفي الفقيه والذكرى (٤) بدل الأقل : أكثر ، مع التصريح بالتغسيل في الأقل ، وفيه الدلالة عليه دون الأوّل ، وفي تعيّنه نظر.

ومال إلى القول بالخمس مطلقاً بعض المتأخرين (٥) ، لا لما ذكر ، بل للأصل والعمومات. وفيه نظر لعدم إثبات العبادة التوقيفية بالأول ، وتوقف الإثبات بالثاني على وجوده. وفيه تأمل ، والإجماع في محل النزاع ممنوع.

وللمعتبر ، فخصّ الجواز بتغسيل المرأة الصبي دون العكس ، فارقاً بينهما بإذن الشرع في اطلاع النساء على الصبي لافتقاره إليهن في التربية ، وليس كذلك الصبية ، قال : والأصل حرمة النظر (٦).

وفيه نظر ، بناء على عدم ثبوته بالإطلاق ، مضافا إلى ما يستفاد من النص الصحيح من جواز النظر إلى الصبية إلى عدم البلوغ (٧) ، وحكي عليه عدم‏

__________________

١ ـ المفيد في المقنعة : ٨٧ ، سلار في المراسم : ٥٠.

٢ ـ الفقيه ١ : ٩٤ ؛ ٤٣٢ ، المقنع : ١٩.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٤١ / ٩٩٩ ، الوسائل ٢ : ٥٢٧ أبواب غسل الميت ب ٢٣ ح ٣.

٤ ـ الفقيه ١ : ٩٤ ح ٤٣٢ ، الذكرى : ٣٩.

٥ ـ كصاحب المدارك ٢ : ٦٨.

٦ ـ المعتبر ١ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

٧ ـ انظر الوسائل ٢٠ : ٢٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٦. ولعلّ نظره ـ رحمه الله ـ إلى ثبوت الملازمة بين عدم وجوب الستر عليها وجواز النظر إليها.

٤٧٠

الخلاف (١) ، وفي المعتبرة جواز تقبيلها إلى الست كما في كثير منها (٢) ، أو الخمس كما في بعضها (٣).

نعم : يؤيده الموثق المتقدم حيث سئل في ذيله : عن الصبية ولا تصاب امرأة تغسّلها ، قال : « يغسّلها رجل أولى الناس بها ».

لكن ليس نصاً في إطلاق المنع حتى فيما إذا لم يوجد رجل أولى بها ، نعم ظاهر في المنع إذا وجد. إلّا أنه لا يقاوم الإجماع المحكي في نهاية الإحكام المصرّح بالجواز هنا (٤). ولكنه أحوط.

( ويغسّل الرجل محارمه ) المحرّمات عليه مؤبدا بنسب ( أو رضاع ) (٥) أو مصاهرة بلا خلاف في الجملة ؛ للنصوص المستفيضة ، وعليه الإجماع عن التذكرة (٦).

ويشترط في المشهور كونه من وراء الثياب للأمر به في المعتبرة المستفيضة ، منها الموثق : عن الرجل يموت وليس عنده من يغسّله إلّا النساء هل تغسّله؟ فقال : « تغسّله امرأته أو ذات محرم ، وتصبّ عليه النساء الماء من فوق الثياب » (٧).

وآخر : عن الرجل يموت في السفر وليس معه رجل مسلم ومعه رجال نصارى ومعه عمته وخالته مسلمتان ، كيف يصنع في غسله؟ قال : « تغسّله عمته‏

__________________

١ ـ الحدائق ٣ : ٣٩٧.

٢ ـ انظر الوسائل ٢٠ : ٢٣٠ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٧ ح ٢ ، ٤ ، ٦ ، ٧.

٣ ـ الكافي ٥ : ٥٣٣ / ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٣٠ أبواب مقدمات النكاح ب١٢٧ ح ٣.

٤ ـ نهاية الإحكام ٢ : ٢٣١.

٥ ـ ما بين القوسين ليست في « ش ».

٦ ـ التذكرة ١ : ٣٩.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٥٧ / ٤ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٦ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٥ ، الوسائل ٢ : ٥١٧ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٤.

٤٧١

وخالته في قميصه » وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة مسلمة ومعها نساء نصارى وعمها وخالها مسلمان؟ قال : « يغسّلانها ـ ولا تقربها النصرانية ـ كما كانت المسلمة تغسّلها غير أنه عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع » (١).

وآخر : عن رجل مات وليس عنده إلّا النساء ، قال : « تغسله امرأة ذات محرم وتصب النساء عليه الماء ولا يخلع ثوبه ».

وقال نحوه في المرأة : « وإن كان معها ذو محرم لها غسّلها من فوق ثيابها » (٢).

ونحوها خبران آخران (٣).

وعليها يحمل المطلق من الأخبار كالصحيح : عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلّا النساء ، قال : « تغسله امرأته أو ذو قرابته إن كانت وتصبّ النساء عليه الماء » (٤).

وربما جمع بينهما بحمل الأوّلة على الاستحباب لاستصحاب ؛ حلية النظر واللمس المجمع عليهما ، والنص الصحيح : عن الرجل يخرج في السفر

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٥٩ / ١٢ ، الفقيه ١ : ١٩٥ / ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٥ / ٤٣٦ ، التهذيب ١ : ٣٤٠ / ٩٩٧ ، الوسائل ٢ : ٥١٧ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٥.

٢ ـ الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٤ ، التهذيب ١ : ٤٤٤ / ١٤٣٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٤ / ٧٢٠ ، الوسائل ٢ : ٥١٩ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٩.

٣ ـ الأول :

التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٧ ، الوسائل ٢ : ٥١٨ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٧.

الثاني :

التهذيب ١ : ٤٤١ / ١٤٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢٠١ / ٧١١ ، الوسائل ٢ : ٥١٩ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٨.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٥٧ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٣٧ / ١٤١٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٦ / ٦٨٩ ، الوسائل ٢ : ٥١٧ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٣.

٤٧٢

ومعه امرأته يغسّلها؟ قال : « نعم وامه وأخته ونحو هذا ، يلقي على عورتها خرقة » (١).

والخبر : « إذا كان معه نساء ذوات محرم يؤزرنه ويصببن عليه الماء جميعا ويمسسن جسده ولا يمسسن فرجه » (٢).

ولا يخلو عن القوة ـ لو لا الشهرة العظيمة ـ كما عن ظاهر الكافي والإصباح والغنية (٣) ، وبه صرّح بعض الأصحاب (٤) لتقديم النص على الظاهر ، سيّما مع اعتضاده بالأصل والإطلاقات واستصحاب حلّية التكشف حال الحياة مع احتمال كون الأمر بذلك لعارض خارجي كوجود أجنبي أو أجنبيات كما يشعر به بعض ما تقدّم من الروايات مضافا إلى ظهور سياق بعضها باتحاد حكم الزوجة والمحارم في ذلك ، وسيأتي أن الحكم فيها للاستحباب.

( وكذا ) الحكم ( في المرأة ) تغسّل محارمها من وراء الثياب.

وإطلاق العبارة كالمصرّح به في كلام جماعة (٥) إطلاق الحكم بالجواز. خلافا للأكثر فخصّوه بحال الاضطرار لعموم الخبر : « لا يغسّل الرجل المرأة إلا أن لا توجد امرأة » (٦). واختصاص المجوّزة بصورة الاضطرار. وعورض بالأصل‏

____________

١ ـ الكافي ٣ : ١٥٨ / ٨ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٨ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٦٩٩ ، الوسائل ٢ : ٥١٦ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٤١ / ١٤٢٦ ، الاستبصار ١ : ٢٠١ / ٧١١ ، الوسائل ٢ : ٥١٩ أبواب غسل الميت ب ٢٠ ح ٨.

٣ ـ الكافي : ٢٣٦ ، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٠٩ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٤ ـ كصاحب الكفايه : ٦.

٥ ـ منهم العلامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٣١ ، السبزواري في الكفاية : ٦ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٠٩.

٦ ـ التهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢١ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠٢ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٧.

٤٧٣

وإطلاق الصحيح المتقدم المجوّز للتغسيل مجرّداً. وهو حسن ، إلّا أن الأوّل أولى.

كلّ ذا فيما عدا الزوجين ، وأما فيهما فالأشهر الأظهر في المقامين ما تقدّم من القولين بجواز التغسيل مجرداً وحال الاختيار ، كما عن المرتضى رحمه‌الله والخلاف والإسكافي والجعفي (١) وأكثر المتأخرين (٢).

خلافاً للشيخ وابن زهرة في الأول (٣) فمن وراء الثياب ، ولأوّلهما في الثاني فالاضطرار خاصة.

والصحيحان حجّة عليه ، في أحدهما : عن الرجل يصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسّلها إن لم يكن عنده من يغسّلها ، وعن المرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ قال : « لا بأس بذلك إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه » (٤) ونحوه الثاني (٥).

ويعضدهما إطلاق الصحيح المتقدم (٦). ولا يعارضه الخبر : « يغسل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل » (٧) لقصور السند. ونحوه الكلام في الخبرين المضاهيين له.

__________________

١ ـ نقله عن المرتضي في المعتبر ١ : ٢٣٠ ، ٣٢٢ ، الخلاف ١ : ٦٩٨ ، نقله عن الإسكافي والجعفي في الذكرى : ٣٨.

٢ ـ منهم العلامة في التذكرة ١ : ٣٩ ، صاحب المدارك ٢ : ٦١.

٣ ـ الشيخ في النهاية : ٤٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٧ ، الاستبصار ١ : ١٩٨ / ٦٩٨ ، الوسائل ٢ : ٥٢٨ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١ ، ورواه في الكافي ٣ : ١٥٧ / ٢ ، والفقيه ١ : ٨٦ / ٤٠١.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٥٨ / ١١ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٩ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠٠ ، الوسائل ٢ : ٥٢٩ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ٤.

٦ ـ في ص : ٤٧٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤٢٠ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠١ ، الوسائل ٢ : ٥٣٣ أبواب غسل الميت ب ٢٤ ح ١٤.

٤٧٤

وإطلاقهما كصريح الثالث حجة عليهما في الأول ، مضافاً إلى ما تقدم ، وعدم دليل عليه في تغسيل الزوجة صاحبها إلّا الموثق الأوّل والثالث وليسا نصّا لاحتمال كون الأمر بالصب فوق الثياب لمانع خارجي من وجود أجنبية كما يشعران به. فتأمل. والاحتياط في هذه المسائل أولى.

( الثامنة : من مات محرماً كان كالمحلّ ) في الأحكام حتى ستر الرأس على الأظهر الأشهر ، بل عليه الإجماع في الخلاف (١) ؛ للأصل ، والعمومات ، وخصوص الصحيحين (٢) ؛ والموثق : « يصنع به كما يصنع بالحلال ، غير أنه لا يقرب طيباً » (٣).

والصحيح : عن المحرم يموت كيف يصنع به؟ فحدّثني : « أن عبد الرحمن ابن الحسن مات بالأبواء مع الحسين عليه‌السلام وهو محرم ، ومع الحسين عليه‌السلام عبد اللّه بن عباس وعبد اللّه بن جعفر ، فصنع به كما صنع بالميت ، وغطّى وجهه ولم يمسّه طيباً ، قال : وذلك في كتاب علي عليه‌السلام » (٤).

ونحوه الموثق لكن فيه : « وخمروا وجهه ورأسه ولم يحنطوه » (٥) وهو أوضح دلالة.

خلافاً للمرتضى والعماني والجعفي (٦) ، فأوجبوا كشف الرأس ، وزاد

____________

١ ـ الخلاف ١ : ٦٩٧.

٢ ـ الاول :

التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٣٨ ، الوسائل ٢ : ٥٠٤ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٤.

الثاني :

التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٥ ، الوسائل ٢ : ٥٠٤ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٤.

٣ ـ الكافي ٤ : ٣٦٧ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٩ / ٩٦٤ ، الوسائل ٢ : ٥٠٣ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٢.

٤ ـ التهذيب ٥ : ٣٨٣ / ١٣٣٧ ، الوسائل ٢ : ٥٠٤ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٣.

٥ ـ الكافي ٤ : ٣٦٨ / ٣ ، الوسائل ٢ : ٥٠٥ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٨.

٦ ـ نقله عن المرتضي العماني وفي المعتبر ١ : ٣٢٦ ، وعنهما الجعفي في الذكرى : ٤١.

٤٧٥

الأخير كشف الرّجلين ؛ لدلالة النهي عن تطييبه على بقاء إحرامه. وفيه منع.

وأضعف منه الخبر : « من مات محرما بعثه اللّه ملبّياً » (١).

وأما الخبر : « لا تخمروا رأسه » (٢) فلم يثبت عندنا ، مع عدم مكافأته لأخبارنا.

نعم : ربما كان في الاكتفاء في الأخبار بالأمر بتغطية الوجه خاصة إشعار به ، إلّا أنه لا يعارض ما وقع من التصريح بعموم أحكام المحلّ له سوى التطييب ، مع أنه مفهوم ضعيف ، مع ما عرفت من النص الصريح بتخمير الرأس.

( لكن لا يقرب الكافور ) بتغسيله بمائه أو بتحنيطه به ، إجماعاً كما عن الغنية والمنتهى (٣). وعليه دلّت الأخبار المتقدمة ، لكون الكافور طيباً قطعاً ، مع التصريح بعدم التحنيط في بعضها.

وربما احتمل في بعض العبارة اختصاص المنع بالحنوط (٤). ولا وجه له.

( التاسعة : لا ) يجوز أن ( يغسل ) المسلم ( الكافر ولا يكفنه ولا يدفنه بين المسلمين ) (٥) لكون الكل عبادة توقيفية ووظيفة شرعية موقوفة على الثبوت عن صاحب الشرع ، ولم يصل إلينا فيها رخصة ، ففعلها بدعة مع ما عليه من الإجماع كما في الذكرى (٦) ، والتهذيب عن الأمة (٧) ، وقوله سبحانه : ( وَمَنْ

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٨٤ / ٣٧٩ ، الوسائل ٢ : ٥٠٥ ابواب غسل الميت ب ١٣ ح ٦.

٢ ـ المعتبر ١ : ٣٢٧ ، المستدرك ٢ : ١٧٧ أبواب غسل الميت ب ١٣ ح ٥.

٣ ـ الغنية ( الجوامع الفغقهية ) : ٥٦٣ ، المنتهي ١ : ٤٣٢.

٤ ـ انظر كشف اللثام ١ : ١٢١.

٥ ـ في المختصر المطبوع : لا يغسل الكافر ولا يكفن ولا يدفن بين مقبرة المسلمين.

٦ ـ الذكرى : ٤٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٣٥.

٤٧٦

يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (١). والموثق في التهذيب : عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت ، قال : « لا يغسّله مسلم ولا كرامة ، ولا يدفنه ، ولا يقوم على قبره ، وإن كان أباه » (٢).

وفي المعتبر عن شرح الرسالة للمرتضى رحمه‌الله أنه روى فيه عن يحيى ابن عمّار ، عن مولانا الصادق عليه‌السلام النهي عن تغسيل المسلم قرابته الذمي والمشرك وأن يكفنه ، ومنهم الخوارج والغلاة (٣).

وفي الاحتجاج عن صالح بن كيسان : أن معاوية قال للحسين عليه‌السلام : هل بلغك ما صنعتُ بحجر بن عدي شيعة أبيك وأصحابه؟ قال عليه‌السلام : « وما صنعتَ بهم؟ » قال : قتلناهم وكفّنّاهم وصلّينا عليهم ، فضحك الحسين عليه‌السلام فقال : « خصمك القوم يا معاوية ، لكنا لو قتلنا شيعتك ما كفّنّاهم ولا غسّلناهم ولا صلّينا عليهم ولا دفناهم » (٤).

ويلحق بهم على الأصح ما عدا الإمامية ؛ لما عرفت من القاعدة ؛ مع عدم انصراف إطلاقات الأدلّة إلى مثلهم ؛ مضافاً إلى ما ورد من أن تغسيل الميت لاحترامه (٥) ، ولا حرمة لهم. خلافاً للمشهور فجوّزوه.

( العاشرة : لو لقي كفن الميت نجاسة ) خارجة منه ( غسلت ما لم يطرح

____________

١ ـ المائدة ٥١.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٥٩ / ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٥ / ٤٣٧ ، التهذيب ١ : ٣٣٥ / ٩٨٢ ، الوسائل ٢ : ٥١٤ أبواب غسل الميت ب ١٨ ح ١.

٣ ـ المعتبر ١ : ٣٢٨ ، الوسائل ٢ : ٥١٤ أبواب غسل الميت ب ١٨ ح ٢.

٤ ـ الاحتجاج ٢ : ٢٩٦ ، الوسائل ٢ : ٥١٥ أبواب غسل الميت ب ١٨ ح ٣.

٥ ـ لم نعثر على خبر مصرّح بتلك العلّة. نعم : ورد في بعض الروايات في ذكر علل غسل الميت : ( ... لأنه يلقي الملائكه ويباشر أهل الآخرة ، فيستحب إذا ورد على الله عزّ وجل ولقي أهل الطهارة ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهراً نظيفاً ... ) الوسائل ٢ : ٤٨٠ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٤٧٧

في القبر ، وقرضت بعد جعله فيه ) وفاقاً للصدوقين والحلّي (١) ؛ للرضوي (٢).

خلافاً للمحكي عن الشيخ وبني حمزة والبراج وسعيد ، فأطلقوا القرض (٣) لإطلاق الحسنين ، أحدهما المرسل كالحسن : « إذا خرج من الميت شيء بعد ما يكفن فأصاب الكفن قرض من الكفن » (٤) وتقييدهما بالرضوي أولى.

وبالجميع يقيد إطلاق ما اُمر فيه بالغسل كالموثق : « إن بدا من الميت شيء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل » (٥) مضافاً إلى قصوره سنداً.

ويستفاد منه كالرضوي عدم وجوب إعادة الغسل كما هو الأشهر الأظهر ، مضافاً إلى الأصل بعد حصول الامتثال.

خلافاً للعماني فأوجب الإعادة لكونه كغسل الجنابة فينقض بالأحداث الخارجة (٦).

ولا يخفى ما فيه من المناقشة ، إلّا أن يريد الإعادة بالحدوث في أثناء الغسل. وله وجه لو قلنا به في الجنابة ، إلّا أن الأصح العدم كما مرّت إليه الإشارة ثمّة.

__________________

١ ـ نقله عن والد الصدوق في المعتبر ١ : ٣٣٠ ، الصدوق في الفقيه ١ : ٩٢ ، الحلي في السرائر ١ : ١٦٩.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٩ ، المستدرك ٢ : ٢٢٦ أبواب الكفن ب ٢٠ ح ١.

٣ ـ الشيخ في المبسوط ١ : ١٨١ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٦٥ ، ابن البراج في المهذّب ١ : ٥٩ ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٢.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٥٦ / ٣ ، الوسائل ٣ : ٤٦ أبواب التكفين ب ٢٤ ح ١. والحسن الثاني : التهذيب ١ : ٤٣٦ / ١٤٠٥ ، الوسائل ٣ : ٤٦ أبواب التكفين ب ٢٤ ح ٣.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٤٩ / ١٤٥٦ ، الوسائل ٢ : ٥٤٢ أبواب غسل الميت ب ٣٢ ح ١.

٦ ـ نقله عنه في المختلف : ٤٣.

٤٧٨

كلّ ذا إذا كان الخروج قبل التكفين. أما بعده فلا يجب إجماعا لاستلزام الإعادة المشقة العظيمة ، وعليه في المنتهى الإجماع من أهل العلم كافة (١).

( السادس ) : في بيان وجوب ( غسل من مسّ ميتاً ).

اعلم أنه ( يجب الغسل بمس الآدمي ) إذا مات ( بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل على ) الأشهر ( الأظهر ) للصحاح المستفيضة وغيرها ، ففي الصحيح : « إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل » (٢).

ويستفاد من إطلاقه كغيره وجوبه بعد البرد مطلقاً ولو غسّل ، بل ربما أشعر بذلك بعضها كالصحيح : « من غسّل ميتا فليغتسل » قال : « وإن مسّه ما دام حاراً فلا غسل عليه ، وإذا برد ثمَّ مسّه فليغتسل » قلت : على من أدخله القبر؟ قال : « لا غسل عليه إنما يمس الثياب » (٣) ونحوه غيره » (٤).

وهو صريح الموثق : « كلّ من مسّ ميتاً فعليه الغسل وإن كان الميت قد غسّل » (٥).

إلّا أن في الصحيح : « مسّ الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس به بأس » (٦).

____________

١ ـ المنتهي ١ : ٤٣١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٢٩ / ١٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٤ ، الوسائل ٣ : ٢٩٠ أبواب غسل المس ب ١ ح ٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٦٠ / ١ ، التهذيب ١ : ١٠٨ / ٢٨٣ ، الاستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢١ ، الوسائل ٣ : ٢٩٢ أبواب غسل المس ب ١ ح الحديث ١٤.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٦١ / ٨ ، الوسائل ٣ : ٢٩٧ أبواب غسل المس ب ٤ ح ٤.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٣٠ / ١٣٧٣ ، الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٨ ، الوسائل ٣ : ٢٩٥ أبواب غسل المس ب ٣ ح ٣.

٦ ـ الفقيه ١ : ٨٧ / ٤٠٣ ، التهذيب ١ : ٤٣٠ / ١٣٧٠ ، الاستبصار ١ : ١٠٠ / ٣٢٦ ، الوسائل ٣ : ٢٩٥ أبواب غسل المس ب ٣ ح ١.

٤٧٩

وفي الحسن : « لا بأس بأن يمسّه بعد الغسل ويقبّله » (١).

وأوضح منهما الصحيح : « إذا أصاب يدك جسد الميت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل » (٢).

وهذه الأخبار هي المفتي بها عندهم دون تلك ، وعليه الإجماع عن المنتهى (٣) ، وحملها على الاستحباب غير بعيد.

وخلاف المرتضى (٤) القائل بالاستحباب مطلقاً شاذ ، ومستنده بحسب السند والدلالة قاصر (٥) ؛ إذ ليس المستفاد منه إلا كونه سنّة غير فريضة ، وهي أعم من الاستحباب ، فيحتمل الوجوب الثابت من جهة السنّة النبوية في مقابل ما استفيد وجوبه من الآيات القرآنية الذي يطلق عليه الفريضة في الأخبار المعصومية (٦). ويقوّى هذا الاحتمال بتعداد الأغسال الواجبة بإجماع الاُمة في الأغسال المسنونة فيه.

ثمَّ إن قضية الأصل وحمل إطلاقات النصوص على الظاهر المتبادر منها عند الإطلاق القطع بعدم وجوب الغسل بمسّ الشهيد كما عن المعتبر (٧).

وفي وجوب الغُسل بمس عضو كمل غسله قبل تمام غسل الجميع وجهان ، أقربهما العدم ؛ للأصل ، وعدم انصراف إطلاق النصوص إلى مثله.

( وكذا يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم ، سواء أُبينت من حي أو

____________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٣٠ / ١٣٧٢ ، الاستبصار ١ : ٩٩ / ٣٢٢ ، الوسائل ٣ : ٢٩٥ أبواب غسل المس ب ٣ ح ٢.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٢٩ / ١٣٦٨ ، الوسائل ٣ : ٢٩٠ أبواب غسل المس ب ١ ح ٥.

٣ ـ المنتهي ١ : ١٢٧.

٤ ـ كما نقله عنه في المعتبر ١ : ٣٥١.

٥ ـ انظر الوسائل ٣ : ٣٠٦ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ٨.

٦ ـ نظر الواسائل ٦ : ٤٠١ ابواب التشهد ب ٧.

٧ ـ المعتبر ١ : ٣٤٨.

٤٨٠