رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

الدخول فيمكن إرادة ما تقدّم.

وعلى تقدير تمامية الجميع فهي لمقاومة شيء ممّا قدّمناه من الأدلة غير صالحة للاعتضاد بالشهرة العظيمة التي كادت تبلغ الإجماع لضعف المخالف قلّة مع رجوعه عنه في باقي كتبه (١).

( وفي وجوب الغسل بوطء الغلام ) تردّد ينشأ من الأصل ، وعدم النص مطلقا.

( و ) من دعوى ( السيّد ) الإجماع ( على الوجوب ) (٢).

وعن المعتبر اختياره العدم (٣) لمنع الدعوى.

وليس في محلّه ، لقوة دليل حجيتها ، فالوجوب أقوى ، مضافاً إلى فحوى الصحيح المتقدم (٤) ، وظاهر إطلاق الحسن في النبوي : « من جامع غلاما جاء جنبا يوم القيامة لا ينقيه ماء الدنيا » الحديث (٥).

ومن فحواه يظهر أيضا وجوب الغسل في وطء البهيمة ، مضافاً إلى ما روي عن الأمير عليه‌السلام : « ما أوجب الحدّ أوجب الغسل » (٦) لكنه على القول بثبوت الحد في وطئها دون التعزير ، أو شمول الحد فيه لمثله.

وعن السيّد ذهاب الأصحاب إليه (٧) ، وهو مختار المختلف والذكرى وصوم المبسوط (٨). خلافاً له في غيره (٩) ، وللخلاف والجامع والمصنف في‏

__________________

١ ـ انظر الخلاف ٢ : ١٩٠ ، المبسوط ١ : ٢٧٠ ، التهذيب ٤ : ٢٠٢.

٢ ـ حكاه عنه في المختلف : ٣١.

٣ ـ المعتبر ١ : ١٨١.

٤ ـ في ص : ١٩٩.

٥ ـ الكافي ٥ : ٥٤٤ / ٢ ، الوسائل ٢٠ ، ٣٢٩ أبواب النكاح المحرم ب ١٧ ح ١.

٦ ـ لم نعثر عليه في كتب الحديث ، نعم نقله صاحب الجواهر ٣ : ٣٨ عن بعض كتب الأصحاب.

٧ ـ كما حكاه عنه في المختلف : ٣١.

٨ ـ المختلف : ٣١ ، الذكرى : ٢٧ ، المبسوط ١ : ٢٧٠.

٩ ـ كما في المبسوط ١ : ٢٨.

٢٠١

الكتابين (١) للأصل ، وفقد النص. وهو ضعيف.

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ١١٧ ، الجامع للشرائع : ٣٨ ، المصنف في المعتبر ١ : ١٨١ ، الشرائع ١ : ٢٦.

٢٠٢

( وأمّا كيفيته واجبها خمسة ) اُمور:

الأوّل ( النية ) وقد تقدم تحقيقها في الوضوء.

ويجب على المشهور أن تكون ( مقارنة لغسل الرأس أو مقدّمة عند غسل اليدين ) بناءً على ما مرّ ، وفيه ما تقدّم.

وهل التقديم عند غسلهما على طريق الجواز فقط ، كما هو ظاهر القواعد وعن غيره (١) ، أو الاستحباب ، كما عن الإصباح والمبسوط والسرائر والشرائع والتذكرة ونهاية الإحكام (٢)؟ قولان.

( و ) الثاني ( استدامة حكمها ) بالمعنى المتقدم على الأشهر ، ونفسها كما هو الأظهر ، إلى الفراغ ، إلّا إذا لم يوال فيذهل عن النية السابقة فتجديدها عند المتأخر ، كما عن نهاية الإحكام والذكرى (٣) ؛ ووجهه واضح.

( و ) الثالث ( غسل البشرة بما يسمّى غسلاً ولو كان كالدهن ) لما مرّ في الوضوء.

( و ) الرابع ( تخليل ما لا يصل إليه ) أي البدن المدلول عليه بالبشرة ( الماء إلّا به ) كالشعر ولو كان كثيفاً ونحوه ، إجماعاً تمسكاً بعموم ما علّق الحكم فيه على الجسد الغير الصادق على مثل الشعر ونحوه ، والتفاتاً إلى النبوي المقبول : « تحت كل شعرة جنابة فبلّوا الشعر وانقوا البشرة » (٤).

__________________

١ ـ القواعد ١ : ١٣ ؛ وانظر المعتبر ١ : ١٨٢.

٢ ـ المبسوط ١ : ٢٩ ، السرائر ١ : ١١٨ ، الشرائع ١ : ٢٨ ، التذكرة ١ : ٢٤ ، نهاية الإحكام ١ : ١٠٦ و ١٠٨.

٣ ـ نهاية الإحكام ١ : ١٠٧ ، الذكرى : ٨٢ ، ١٠٠.

٤ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٩٦ / ٥٩٧ ، سنن الترمذي ١ : ٧١ / ١٠٦.

٢٠٣

ومثله الرضوي : « وميّز الشعر بأنا ملك عند غسل الجنابة ، فإنه يروى عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تحت كل شعرة جنابة ، فبلّغ الماء تحتها في اُصول الشعر كلّها ، وخلّل أذنيك بإصبعك ، وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلّا وتدخل تحتها الماء » (١).

وهذه الأدلة ـ كالإجماع ـ هي الفارقة بين المقام والوضوء حيث يجب التخليل فيه دونه.

وما في شواذ أخبارنا ممّا يشعر بالمخالفة لذلك وصحة الغسل بحيلولة الخاتم في حال النسيان كما في الحسن : « عن الخاتم إذا أغتسل ، قال : « حوله من مكانه » وقال في الوضوء : « تديره ، فإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد » (٢).

أو صفرة الطيب مطلقاً كما في الخبر : « كنّ نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطيب على أجسادهن ، وذلك أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرهن أن يصببن الماء صبّاً على أجسادهن » (٣).

فمطروح كالصحيح : الرجل يجنب فيصيب رأسه أو جسده الخلوق والطيب والشي‏ء اللكد مثل علك الروم والطرار ونحوه ، قال : « لا بأس » (٤).

أو مؤوّل بحمل الأوّل على ما لا يمنع الوصول وإن استحب التحويل‏

__________________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٣ ، المستدرك ١ : ٤٧٩ أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ٣.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٤ ، الوسائل ١ : ٤٦٨ أبواب الوضوء ب ٤١ ح ٢.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٦٩ / ١١٢٣ ، علل الشرائع : ٢٩٣ / ١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٩ أبواب الجنابة ب ٣٠ ح ٢.

٤ ـ الكافي ٣ : ٥١ / ٧ ، التهذيب ١ : ١٣٠ / ٣٥٦ ، الوسائل ٢ : ٢٣٩ أبواب الجنابة ب ٣٠ ح ١.

اللًّكِد : الذي يلزم الشيء ويلصق به. العلك كحمل : كلّ ما يمضغ في الفم من لبان وغيره.

الطَرار : الطين. انظر مجمع البحرين ٣ : ١٤٢ ، ٣٧٦ وج ص ٢٨٢.

٢٠٤

للاستظهار ، وكذا الثاني بحمل الصفرة فيه على الأثر العسر الزوال الذي لا تجب إزالته في التطهير من النجاسات فهنا أولى.

وظاهر الأصحاب عدم وجوب غسل الشعر ، بل عن المعتبر والذكرى الإجماع عليه (١). وهو مقتضى الأصل ، وخلو الأخبار البيانية عنه ، مع خروجه عن مسمى الجسد قطعاً ، وإطلاق الصحيح : « لا تنقض المرأة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة » (٢) الشامل لما لا يبلغ إليه الماء مع عدم النقض.

وفي الصحيح : « من ترك شعرة من الجنابة متعمداً فهو في النار » (٣).

وفي آخر : « الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها » (٤).

وهما بالدلالة على ما تقدم (٥) أولى من الدلالة على العدم كما فهمه الأصحاب ، سيّما بملاحظة الرضوي المتقدم (٦) ، والأمر ببلّة في النبوي (٧) لعلّه من باب المقدمة لا بالأصالة كما يستفاد من سياقه. نعم هو أحوط.

( و ) الخامس ( الترتيب ) وهو أن ( يبدأ برأسه ) إجماعاً كما عن الخلاف والانتصار والتذكرة والغنية والحلّي وغيرهم (٨) ممّن سيذكر للمعتبرة المستفيضة ، مضافاً إلى ما سيأتي.

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ١٩٤ ، الذكرى : ١٠٠.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٦ ، التهذيب ١ : ١٤٧ / ٤١٧ بسند آخر ، الوسائل ٢ : ٢٥٥ أبواب الجنابة ب ٣٨ ح ٤.

٣ ـ التهذيب ١ : ١٣٥ / ٣٧٣ ، أمالي الصدوق : ٣٩١ / ١١ ، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : ٢٢٨ الوسائل ٢ : ١٧٥ أبواب الجنابة ب ١ ح ٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ٨٢ / ٤ ، الوسائل ٢ : ٢٤١ أبواب الجنابة ب ٣١ ح ٤.

٥ ـ من عدم الوجوب.

٦ ـ في ص ٢٠٤.

٧ ـ راجع ص : ٢٠٣.

٨ ـ الخلاف ١ : ١٣٢ ، الانتصار : ٣٠ ، التذكرة ١ : ٢٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، الحلي في السرائر ١ : ١١٩ ؛ انظر الحدائق ٣ : ٦٩.

٢٠٥

منها الصحيح قولاً : « ثمَّ تصبّ على رأسك ثلاثاً ، ثمَّ صبّ على سائر جسدك مرّتين » (١).

ومثله الحسن فعلاً (٢).

وفي الحسن : « من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ، ثمَّ بدا له أن يغسل رأسه ، لم يجد بدّا من إعادة الغسل » (٣).

ومثله الرضوي : « فإن بدأت بغسل جسدك قبل الرأس فأعد الغسل على جسدك بعد غسل رأسك » (٤).

وبعين هذه العبارة أفتى والد الصدوق كما نقلها عنه في الفقيه (٥). ومنه يظهر فساد نسبة القول بعدم وجوبه هنا إليهما في الكتاب المذكور. وعبارة الإسكافي المنقولة لا تنفيه ، فنقل النفي عنه (٦) لا وجه له ، بل ربما أشعرت بثبوته ، فالظاهر عدم الخلاف فيه.

وبالمعتبرة هنا يقيد إطلاق الصحاح منها : « ثمَّ تمضمض واستنشق ثمَّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك » الحديث (٧). كتقييدها في الترتيب‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ١ ، التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤٢٠ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٣٣ / ٣٦٨ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٢ بتفاوت يسير ، ولكن لا يخفي أنّ الرواية متكفلّة لبيان قول الامام عليه‌السلام لافعله ، وإليك صدر الرواية : « قلت : كيف يغتسل الجنب؟ فقال : إن لم يكن أصاب كفّه شيء غمسها في الماء ، ثم بدأ بفرجه ... ثم صبّ على رأسه ... ». وظاهرٌ أنّ مرجع الضمائر هو الجنب. ولعلّ منشأ توهّم كون مضمون الرواية فعل الامام عليه‌السلام تقطيعها في الوسائل في ب ٢٨ ح ٢ ، فقد اثبت فيه من قوله : « ثم بدأ بفرجه » فتوهّم أن مرجع الضمير الامام عليه‌السلام.

٣ ـ الكافي ٣ : ٤٤ / ٩ ، الوسائل ٢ : ٢٣٥ أبواب الجنابة ب ٢٠ ح ١.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٥ ، المستدرك ١ : ٤٧٣ أبواب الجنابة ب ٢٠ ح ١.

٥ ـ الفقيه ١ : ٤٩.

٦ ـ حكاه عنه في الذكرى : ١٠١.

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

٢٠٦

الآخر بما سيأتي.

وما لا يقبل التقييد كالصحيح في أمر مولانا الصادق عليه‌السلام الجارية في الحكاية المعروفة بخلاف الترتيب (١) ، معارض لصحيح آخر لرواية تضمّن أمره الجارية بخلاف ما فيه (٢) ، وهذا مع ذلك دليل آخر لما نحن فيه.

ويدخل الرقبة هنا في الرأس ، كما عن المقنعة والتحرير وكتب الشهيد (٣) ، وظاهر أبي الصلاح والغنية والمهذّب (٤) لتصريحهم بغسل الرأس إلى أصل العنق. وما عن الإشارة من غسل كل من الجانبين من رأس العنق (٥) غير مخالف إذ يحتمل إرادة أصله من رأسه فيه فيوافق. وعن بعض مقاربي العصر الإجماع عليه (٦) ، ولعلّه كذلك.

ويشهد له الحسن : « ثمَّ صبّ على رأسه ثلاث أكف ، ثمَّ صبّ على منكبه الأيمن مرّتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين » الحديث (٧).

ونقله في الكافي والتهذيب مقطوعاً (٨) غير قادح أوّلا باشتهار العمل به ، وثانياً بنقله في المعتبر والتذكرة (٩) إلى الصادق عليه‌السلام مسندا.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٣٤ / ٣٧٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٤ / ٤٢٢ ، الوسائل ٢ : ٢٣٦ أبواب الجنابة ب ٢٨ ح ٤.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٣٤ / ٣٧١ ، الاستبصار ١ : ١٢٤ / ٤٢٣ ، الوسائل ٢ : ٢٣٧ أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ١.

٣ ـ المقنعة : ٥٢ ، التحرير ١ : ١٢ ؛ الشهيد وفي الذكرى : ١٠٠ ، واللمعة ( الروضة البهية ١ ) : ٩٤ ، والدروس ١ : ٦٦ ، والبيان : ٥٥.

٤ ـ الكافي في الفقه : ١٣٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، المهذّب ١ : ٤٦.

٥ ـ الإشارة : ٧٢.

٦ ـ حكاه صاحب الحدائق ٣ : ٦٦ عن والده.

٧ ـ تقدم مصوره في ص : ٢٠٦.

٨ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٨.

٩ ـ المعتبر ١ : ١٨٣ ، التذكرة ١ : ٢٤.

٢٠٧

وقريب منه الموثّق : « ثمَّ ليصب على رأسه ثلاث مرّات مل‏ ء كفيه ، ثمَّ يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ، ثمَّ يفيض الماء على جسده كلّه » الحديث (١).

( ثمَّ ) يغسل ( ميامنه ، ثمَّ مياسره ) كل منهما من أصل العنق إلى تمام القدم ، في المشهور بين الأصحاب ، بل عن المعتبر اتفاق فقهاء عصره عليه (٢) ، وعن التذكرة والغنية ، وظاهر الانتصار والخلاف والمنتهى والحلّي : الإجماع عليه (٣) ، وعن التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى والروض : الإجماع ممّن رتّب الرأس على البدن (٤) ، وفي الأخيرين : ومن رتّب بينهما في الوضوء أيضاً.

والأصل فيه بعد الاحتياط الواجب هنا ، وبعض الأخبار العامية (٥) المعتضدة بالشهرة ، وحبّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التيامن في طهوره (٦) ، النصوص (٧) المصرّحة به في غسل الأموات (٨) ، مع ما ورد باتحاده في الكيفيّة مع غسل الجنابة.

ففي الخبر : « غسل الميت كغسل الجنابة » (٩).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٤ ، الوسائل ٢ : ٢٣١ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٨.

٢ ـ المعتبر ١ : ١٨٤.

٣ ـ التذكرة ١ : ٢٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٤ ، الانتصار : ٣٠ الخلاف ١ : ١٣٢ ، المنتهي ١ : ٨٣ ، الحلي في السرائر ١ : ١١٩.

٤ ـ التذكرة ١ : ٢٤ ، نهاية الإحكام ١ : ١٠٧ ، الذكرى : ١٠٠ روض الجنان : ٥٣.

٥ ـ صحيح البخاري ١ : ٧٣ ، سنن أبي داود ١ : ٦٢ / ٢٤٠.

٦ ـ تقدّم في ص ١٦٦.

٧ ـ في « ح » زيادة : الرضوي المصرح بهذا الترتيب فيه. فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٧٠ أبواب الجنابة ب ١٨ ح ٢.

٨ ـ الوسائل ٢ : ٤٧٩ ، أبواب غسل الميت ب ١٨ ح ٢.

٩ ـ الفقيه ١ : ١٢٢ / ٥٨٦ ، التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣٢ ، الوسائل

٢٠٨

وفي آخر بعد ما سئل مولانا الباقر عليه‌السلام عن الميت لم يغسّل غسل الجنابة ، أجاب بما حاصله : لخروج النطفة التي خلق منها فلذلك يغسّل غسل الجنابة (١).

وفيه ـ زيادةً على الدلالة من جهة التشبيه ـ الدلالةُ من جهة التعليل المستفاد منه كون غسله عين غسل الجنابة ؛ والأخبار بهذا التعليل مستفيضة ـ بل كادت تكون متواترة ـ مروية في العلل والعيون (٢) ، وغيرهما من الكتب المعتبرة ، فلا وجه لتأمّل بعض المتأخرين منّا (٣) تبعاً لشاذ من أصحابنا (٤) في ذلك.

ولا يجب الابتداء في المواضع الثلاثة بالأعلى ؛ للأصل ، مع ظاهر عبارات الأصحاب ، والصحيحة المصرّحة باكتفاء الإمام عليه‌السلام بغسل ما بقي في ظهره ـ بعد الإتمام ـ من اللُمعة (٥). وهي للعصمة غير منافية ؛ لعدم التصريح فيها بالنسيان أو الغفلة.

نعم ، في الحسن السابق الآمر بصبّ الماء على الرأس والمنكبين (٦) إيماء إلى رجحانه واستحبابه ، وعن الذكرى استظهاره (٧). ولا بأس به.

ويتبع السرّة والعورتان الجانبين ، فيوزّع كلّ من نصفيها على كل منهما

__________________

٢ : ٤٨٦ أبواب غسل الميت ب ٣ ح ١.

١ ـ الكافي ٣ : ١٦١ / ١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٧ أبواب غسل الميت ب ٣ ح ٢.

٢ ـ علل الشرائع : ٢٩٩ العيون الأخبار ٢ : ٨٧.

٣ ـ كالمحقّق في المعتبر ١ : ١٨٣ ، وصاحب المدارک ١ : ٢٦٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٥٦.

٤ ـ كوالد الصدوق وابن الجنيد على ما حكاه عنهما في المدارک ١ : ٢٩٣ ، والصدوق في الهداية : ٢٠.

٥ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٥ ، التهذيب ١ : ٣٦٥ / ١١٠٨ ، الوسائل ٢ : ٢٥٩ أبواب الجنابة ب ٤١ ح ١.

٦ ـ المتقدم في ص : ٢٠٦.

٧ ـ الذكرى : ١٠٥٦.

٢٠٩

مع زيادة شيء في كل من النصفين من باب المقدّمة. وعن الذكرى الاكتفاء بغسلها مع أحدهما عن ذلك ؛ لعدم الفصل المحسوس ، وامتناع إيجاب غسلها مرّتين (١). وما ذكرناه أحوط وغسلها مع الجانبين أولى.

وتغسل اللمعة المغفلة هنا خاصة مع الجانب الآخر مطلقاً (٢) إذا كانت في اليمين ، وبدونه إذا انعكس ، كما عن الأصحاب.

( ويسقط الترتيب ) مطلقاً ( بالارتماس ) وشمول الماء لجميع البدن بالانغماس فيه دفعة واحدة ، إجماعا ؛ للنصوص المستفيضة.

منها الصحيح : « ولو أنّ رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده » (٣) ومثله الآخر (٤) ، والحسن (٥).

والترتيب الحكمي الذي قيل فيه (٦) ـ مع شذوذه بجميع تفاسيره ـ مدفوع بالأصل ، وخلوّ النصوص عنه ، مع عدم الدليل عليه ، لاختصاص أدلة الترتيب بغير ما نحن فيه ، ومع ذلك لا ثمرة فيه في التحقيق وإن أثبتها جماعة (٧).

وفي اعتبار توالي غمس الأعضاء بحيث يتحد عرفاً كما عن المشهور بين المتأخرين (٨) ، أو مقارنة النية للانغماس التام حتى تقارن انغماس جميع البدن كما عن الألفية (٩) ، أو عدم اعتبار شيء منهما حتى إذا نوى فوضع رجله مثلا في‏

__________________

١ ـ الذكرى : ١٠٢.

٢ ـ أي ولو كان قد غسل. منه رحمه الله.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

٤ ـ الفقيه ١ : ٤٨ / ١٩١ ، الوسائل : ٢٣٣ / ٢ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١٥.

٥ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٤٨ / ٤٢٣ ، الاستبصار ١ : ١٥٢ / ٤٢٤ ، الوسائل ٤٢٤ / ١٢٥ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١٢.

٦ ـ قال به سلار في المراسم : ٤٢ ، والعلامة في المختلف : ٣٢٠.

٧ ـ منهم صاحب المدارک ١ : ٢٩٦ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٧ ـ وصاحب الحدائق ٣ : ٧٨.

٨ ـ حكاه في كشف اللثام ١ : ٨١.

٩ ـ الألفية : ٣١.

٢١٠

الماء ثمَّ صبر ساعة فغمس عضواً آخر وهكذا إلى أن ارتمس كما هو مختار بعض المحقّقين (١) ، أقوال.

وليس في شيء من النصوص والعبارات الموصفة للارتماس بالوحدة دلالة على تعيين أحد الأوّلين لاحتمال إرادة عدم التفرقة من الوحدة تنبيهاً على سقوط التعدد والترتيب فيصح مع التأنّي في إتيانه ، كذا قيل (٢). وهو مشكل ، واعتبار الأوّلين أحوط.

وعلى الأوّل لا ينافي الوحدة توقف إيصال الماء إلى البشرة على تخليل ما يعتبر تخليله من الشعر ونحوه.

ويستفاد من مفهوم النصوص ـ مضافاً إلى الاحتياط اللازم في مثل المقام ـ عدم سقوط الترتيب بالوقوف تحت المطر ونحوه ، بناءً على عدم صدق الارتماس عليه ، مضافاً إلى ما دلّ على وجوبه مطلقاً إلّا ما خرج قطعاً ، وفاقاً لجماعة (٣).

وليس في الصحيح وغيره ـ مع ضعف الأخير ـ دلالة على السقوط ، بل هما ـ في النظر ـ على الدلالة بالثبوت أظهر ، ومع ذلك فهما مطلقان يقيّدان بما تقدّم.

فظهر سقوط حجة القول بالسقوط كما في القواعد (٤) ، وعن الإصباح وظاهر الاقتصاد والمبسوط (٥).

ولو أغفل لمعة ففي وجوب الاستئناف مطلقاً ، أم الاكتفاء بغسلها كذلك‏

__________________

١ ـ راجع كشف اللثام ١ : ٨١.

٢ ـ قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٨١ ، وصاحب الحدائق ٣ : ٧٨.

٣ ـ منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٨٤ ، والسبزواري في الذخيرة : ٧٥.

٤ ـ القواعد ١ : ١٣.

٥ ـ الاقتصاد : ٢٤٥ ، المبسوط ١ : ٢٩.

٢١١

خاصة ، أو مع ما بعده ، أو التفصيل بين طول الزمان فالأوّل وقصره فالثاني ، أقوال ، أصحّها الأوّل كما عن الدروس والبيان والمنتهى (١) ، لعدم صدق الارتماس المعنيّ منه شمول الماء لجميع البدن دفعةً المشترط في سقوط الترتيب وصحة الغسل نصّاً وإجماعاً حينئذ ، مضافاً إلى الأصل. وحجج الباقي ركيكة ، والخبر : « ما جرى عليه الماء فقد طهر » (٢) مورده الترتيبي خاصة ، فافهم.

__________________

١ ـ الدروس ١ : ٩٧ البيان ٥٦ ، المنتهي ١ : ٨٤.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ١ ، التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤٢٠ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

٢١٢

( ومسنونها سبعة ) :

الأول : ( الاستبراء ) اللمنزل أو محتمله ، مع تعيّن الغسل أو عدمه ، مع استحبابه بالبول للرجل.

ولا يجب على الأشهر الأظهر ؛ للأصل المؤيّد بخلوّ كثير من الأخبار البيانية المتضمنة لكثير من الواجبات والمستحبات عنه ، وإشعار أخبار إعادة الغسل بتركه به (١). وهو المحكي عن المرتضى والحلّي (٢) (٣) ومختار الفاضلين والشهيدين (٤).

خلافاً للمبسوط والجمل والعقود والمصباح ومختصره والمراسم والكامل والوسيلة والغنية والإصباح والجامع (٥) ، وفي الغنية الإجماع عليه كما حكي ، فأوجبوه لأخبار إعادة الغسل مع الإخلال به وخروج شيء من الذكر.

ولا دلالة فيها إلّا على الوجوب الشرطي ، ولعلّه مرادهم ، كما يومئ إليه كلامه في الاستبصار في المضمار ، لذكره الأخبار المزبورة في هذا الباب مع عنوانه بالوجوب (٦).

وليس في الصحيح : عن غسل الجنابة ، فقال : « تغسل يدك اليمنى من‏

__________________

١ ـ الوسائل ٢ : ٢٥٠ أبواب الجنابة ب ٣٦.

٢ ـ حكاه عنهما العلامة في المختلف : ٣٢.

٣ ـ في « ح » زيادة : وابن حمزة وابن البّراج والحلبي.

٤ ـ المحقق في المعتبر ١ : ١٨٥ ، والشرائع ١ : ٢٨ ، العلامة في المنتهي ١ : ٨٥ ، والمختلف ٣٢ ، الشهيد الأول في البيان : ٥٥ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٨.

٥ ـ المبسوط ١ : ٢٩ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦١ ، مصباح المتجهد : ٩ ، المراسم : ٤١ ، حكاه عن الكالمل في كشف اللثام ١ : ٨٢ ، الوسيلة : ٥٥ الغنية ( الجوامع الفقهية ) ٥٥٤ ، الجامع للشرائع : ٣٩.

٦ ـ الاستبصار ١ : ١١٨.

٢١٣

المرفقين إلى أصابعك وتبول إن قدرت على البول » (١) دلالة عليه ؛ لوروده في سياق الأوامر المستحبة الموهن لدلالة الأمر به على الوجوب ، بل سياقه ربما أشعر بالاستحباب. وعدم الترك أحوط.

وتخصيصه بالرجل ـ كما ذكرنا ـ محكي عن المبسوط والجمل والعقود والمصباح ومختصره والوسيلة والإصباح والسرائر والجامع (٢) ؛ لاختلاف المخرجين في المرأة فلا يثمر ، واختصاص الأخبار به.

خلافاً للمحكي عن النهاية والمقنعة فعمّماه (٣) ، وهو أحوط.

ثمَّ إنّه مع تركه وعدم خروج شيء بعد الغسل فلا كلام. وكذا معه مع العلم بالخارج منيّاً فيغتسل ، وبولا فيتوضأ. ومع عدمه والشك فيه فلا شيء إن بال واستبرأ منه بعده إجماعاً للأصل ، والعمومات ، والصحاح المستفيضة وغيرها.

منها : الصحيح في الغسل : « إلّا أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فإنّه لا يعيد غسله » (٤).

ومثله في الوضوء : « ينتره ثلاثاً ثمَّ إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي » (٥).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٣١ / ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٦.

٢ ـ راجع ص : ٢١٣ ، السرائر ١ : ١١٨,

٣ ـ النهاية : ٢١ ، المقنعة : ٥٤.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٤٤ / ٤٠٧ ، الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠٢ ، الوسائل ٢ : ٢٥١ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٦.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٧ / ٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٦ ، الوسائل ١ : ٢٥١ أبواب الجنابة ب ١٣ ح ٣ ، في التهذيب والاستبصار : « حتي يبلغ الساق ».

٢١٤

وما في الصحيح : « يجب الوضوء ممّا خرج بعد الاستبراء » (١) محمول على التقية كما في الاستبصار.

ويغتسل إن لم يأت بهما على الأشهر الأظهر ، بل عن الحلّي الإجماع عليه (٣) للصحاح المستفيضة وغيرها الآمرة بإعادة الغسل مع عدم البول مطلقاً (٤) كالصحيح : « وإن لم يبل حتى اغتسل ثمَّ وجد البلل فليعد الغسل » (٥).

والروايات بعدم الإعادة مطلقاً أو مع النسيان خاصة (٦) ـ مع ضعفها ـ شاذة لم يعرف قائل بمضمونها وإن نقل عن ظاهر الفقيه والمقنع (٧) الاكتفاء بالوضوء ، لعدم التصريح به في شيء منها مع التصريح بنفي الشي‏ء الشامل له في بعضها. ومتمسّكه ليس إلّا ما رواه مرسلاً : « إن كان قد رأى بللاً ولم يكن بال فليتوضأ ولم يغتسل ، إنّما ذلك من الحبائل » (٨).

وهو ـ مع ضعفه سنداً ومقاومة لما تقدّم من وجوه شتّى ـ يدافع ذيله صدره ، بناءً على عدم الوضوء فيما يخرج من الحبائل إجماعاً ، فحمله على مجرّد الغسل غير بعيد.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٢٨ / ٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٩ / ١٣٨ ، الوسائل ١ : ٢٨٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٩.

٢ ـ الاستبصار ١ : ٤٩.

٣ ـ السرائر ١ : ١٢٢.

٤ ـ أي سواء استبرأ أم لا.

٥ ـ التهذيب ١ : ١٤٤ / ٤٠٨ ، الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠٣ ، الوسائل ٢ : ٢٥٢ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٩.

٦ ـ الوسائل ٢ : ٢٥٢ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ١١ إلى ١٤.

٧ ـ الفقيه ٤٧ : ١ المقنع : ١٣.

٨ ـ الفقيه ١ : ٤٧ / ١٨٧ ، الوسائل ٢ : ٢٥٠ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٢.

٢١٥

وكذا إن لم يبل مع إمكانه وإن استبرأ ، على الأشهر الأظهر ، وعن الخلاف الإجماع عليه هنا وفي الصورة الآتية (١) ؛ لإطلاق ما تقدّم من الصحاح ، بل وعموم بعضها كالصحيح : عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما اغتسل شيء ، قال : « يغتسل ويعيد الصلاة إلّا أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله » (٢).

خلافاً لظاهر المصنف هنا وفي الشرائع (٣) ، فلم يوجبه ، اكتفاءً منه بالاستبراء باليد. وهو ضعيف ، والأصل مدفوع بما تقدّم من العموم.

ومنه يظهر اتحاد الحكم في هذه الصورة ومثلها بدون قيد الإمكان. خلافاً للمحكي عن الأكثر ، فلم يوجبوه. والروايات المتقدمة النافية للإعادة ـ مع ما فيها ممّا تقدم ـ لا اختصاص لها بهذه الصورة ، والجمع بينها وبين الصحاح بذلك فرع وجود شاهد وليس.

نعم ، في الرضوي : « إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة المني من إحليلك ، وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شيء عليك » (٤).

وهو أعم من المدعى ، ومع ذلك يحتمل نفي الشي‏ء فيه نفي الإثم أو المرجوحية. وكيف كان فالأحوط ما ذكرنا.

ويتوضأ إن انعكس الفرض في الأخيرين ، فبال ولم يستبرئ منه بلا خلاف للصحيح : « وإن كان بال ثمَّ اغتسل ثمَّ وجد بللا ، فليس ينقض غسله‏

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ١٢٦.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٤٤ / ٤٠٧ ، الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠٢ ، الوسائل ٢ : ٢٥١ أبواب الجنابة ب ٣٦ ح ٦.

٣ ـ الشرائع ١ : ٢٨.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٧٠ أبواب الجنابة ب ١٨ ح ٢.

٢١٦

ولكن عليه الوضوء » (١) ومثله الموثّق (٢).

مضافاً إلى عموم الأخبار الآمرة بالوضوء بترك الاستبراء بعد البول (٣).

وبمفهومها يقيّد إطلاق هذين الخبرين الشامل لما إذا استبرأ.

وربما ينقل عن ظاهر الشيخين في المقنعة والتهذيبين (٤) عدم الوضوء أيضاً ، بناءً على عدمه مع غسل الجنابة. وفي إطلاقه منع ؛ لاختصاصه بخروج موجبه مطلقا قبل الغسل لا بعده ، والخبران صريحان في أنّ السبب للأمر بالوضوء نفس البلل المشتبه لا غير.

( و ) كيفية الاستبراء مطلقاً (٥) ( هو أن يعصر ذكره من ) أصل ( المقعدة إلى طرفه ) أي الاُنثيين بإصبعه الوسطى بقوّة ( ثلاثاً وينتره ) بجذب القضيب من أصله إلى الحشفة بالإصبع المذكورة والإبهام ( ثلاثاً ) على الأشهر الأظهر المحكي عن النهاية والفقيه الهداية وبني حمزة وسعيد وإدريس وزهرة (٦) ، وشيخنا المفيد في المقنعة لكن بإسقاط مسحتين (٧) ، ولا دليل عليه.

ومستندهم الحسن : « إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرّات‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٤٤ / ٤٠٧ ، الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠٢ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٥.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٤٤ / ٤٠٦ ، الاستبصار ١ : ١١٩ / ٤٠١ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٦.

٣ ـ الوسائل ٢ : ٢٥٠ أبواب الجنابة ب ٣٦.

٤ ـ المقنعة : ٥٣ ، التهذيب ١ : ١٤٤ ، الاستبصار ١ : ١٢٠.

٥ ـ أي هنا وفي الوضوء. منه رحمه الله.

٦ ـ النهاية ١٠ ـ ١١ ، الفقيه ١ : ٢١ ، الهداية : ١٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٤٧ ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٢٨ ، ابن ادريس في السرائر ١ : ٩٦ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) ٥٤٩.

٧ ـ المقنعة : ٤٠.

٢١٧

وغمز ما بينهما ثمَّ استنجى » الحديث (١). بناءً على رجوع ضمير التثنية إلى الأنثيين والمراد به الذكر ولقبحه لم يذكر ـ لا هما والمقعدة ـ للقرب والاعتبار والصحيح : في الرجل يبول ، قال : « ينتره ثلاثاً » الحديث (٢). بناءً على كون ضمير المفعول عائداً إلى الذكر أو البول ، ولا مجال لرجوعه إلى ما تحت الأنثيين. وعلى التقديرين يتمّ الاستشهاد به ، بل هو على الثاني نصّ في المطلوب ، فتدبّر.

ومنه يظهر وجه تقييد الغمز المطلق في الحسن بالثلاث لتصريح الصحيح به ، مضافا إلى عدم القول بالفصل حتى من المفيد ، لتصريحه هنا بالمرتين واكتفائه بهما أيضا فيما تحت الأنثيين ، والحسن مخالف له في الأمرين.

ولا فرق في التحقيق بين القول بالست مسحات وبين القول بالتسع مسحات ، كما في القواعد والشرائع وعن المبسوط والتحرير (٣).

وعن والد الصدوق الاكتفاء بمسح ما تحت الأنثيين ثلاثاً (٤) ولا دلالة في الحسن عليه ، لما عرفت.

كما لا دلالة في الصحيح على مرتضى المرتضى والمهذّب (٥) من الاكتفاء بنتر القضيب من أصله ثلاثاً إلى الطرف كما زعم ، لما تقدّم. وربما حمل كلامهما على ما حمل الصحيح عليه ، فلا خلاف.

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٣٩ / ١٤٨ ، التهذيب ١ : ٢٠ / ٥٠ ، الاستبصار ١ : ٩٤ / ٣٠٣ الوسائل ١ : ٢٨٢ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٢.

٢ ـ تقدّم في ص : ٢٦٠.

٣ ـ القواعد ١ : ١٣ ، الشرائع ١ : ٢٨ ، المبسوط ١ : ١٧ ، التحرير ١ : ١٣.

٤ ـ حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٢١.

٥ ـ حكاه عن المرتضي في المنتهي ١ : ٤٢ ، المهذّب ١ : ٤١.

٢١٨

( و ) الثاني ( غسل اليدين ) قبل إدخالهما الإناء ( ثلاثاً ) لما مرّ في الوضوء.

من الزندين في المشهور وأكثر الأخبار ، منها الصحيح : « تبدأ بكفيك فتغسلهما ثمَّ تغسل فرجك » الحديث (١).

أو دون المرفق كما في الموثق (٢). أو إلى نصف الذراع كما في المرسل (٣). أو المرفقين كما في الصحيحين (٤) وغيرهما.

والنصوص بالتثليث مستفيضة (٥) ولا دليل على الاكتفاء بالمرة سوى الإطلاق في المعتبرة ، وتقييده بها مقتضى القواعد الشرعية.

( و ) الثالث والرابع ( المضمضة والاستنشاق ) بعد تنقية الفرج ، وفاقاً للمعظم ، بل في المدارك عليه الإجماع (٦) للنصوص منها الصحيح : « تبدأ فتغسل كفيك ، ثمَّ تفرغ بيمينك على شمالك ، فتغسل فرجك ، ثمَّ تمضمض وتستنشق » (٧).

ولم يذكرا في المقنع والكافي لأبي الصلاح. وتمام الكلام قد مضى.

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ١ ، التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤٢٠ ، الوسائل ٢ : ٢٢٩ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٤ ، الوسائل ٢ : ٢٣١ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٨.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، الوسائل ٢ : ٢٦٥ أبواب الجنابة ب ٤٤ ح ١.

٤ ـ الأول :

التهذيب ١ : ١٤٢ / ٤٠٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٦ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ١.

الثاني :

التهذيب ١ : ١٣١ / ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٣.

٥ ـ انظر الواسائل ١ : ٤٢٧ أبواب الوضوء ب ٢٧.

٦ ـ المدارك ١ : ٣٠٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

٢١٩

ومقتضى إطلاق المتن ـ كالنصوص (١) ـ الاكتفاء بالمرّة ، ولكن عن صريح المقنعة والنهاية والسرائر والوسيلة والمهذب والإصباح والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والذكرى والبيان : استحباب التثليث (٢) ؛ ولعلّه للرضوي وفيه : « وقد يروى أن يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ، ويروى مرّة يجزيه ، والأفضل الثلاث ، وإن لم يفعل فغسله تام » (٣).

( و ) الخامس ( إمرار اليدين على الجسد ) إجماعاً كما عن الخلاف والتذكرة وظاهر المعتبر والمنتهى (٤) ، واستظهاراً والتفاتاً إلى الرضوي : « ثمَّ تمسح سائر بدنك بيديك وتذكر اللّه تعالى » الحديث (٥).

وفي الصحيح : « ولو أنّ جنباً ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده » (٦).

وهو نص في عدم الوجوب في الجملة كالإجماعات المنقولة ولكنها نفته بالكلية. وعن مالك إيجابه (٧).

( و ) السادس ( تخليل ما يصل إليه الماء ) للمعتبرة ، منها الصحيح : « يبالغن في الماء » (٨) وفي الحسن « يبالغن في الغسل » (٩) وفي الرضوي :

__________________

١ ـ الوسائل ٢ : ٢٢٥ أبواب الجنابة ب ٢٤.

٢ ـ المقنعة : ٥٢ ، النهاية : ١٣ ، السرائر ١ : ١١٨ ، الوسيلة : ٥٦ ، المهذّب ١ : ٤٥ ـ ٤٦ ، التذكرة ١ : ٢٤ ، التحرير ١ : ١٣ ، نهاية الإحكام ١ : ١٠٩ ، الذكرى : ١٠٤ ، البيان : ٥٥.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٦٨ أبواب الجنابة ب ١٦ ح ١.

٤ ـ الخلاف ١ : ١٢٧ ، التذكرة ١ : ٢٤ ، المعتبر ١ : ١٨٥ ، المنتهي ١ : ٨٥.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٧٠ أبواب الجنابة ب ١٨ ح ٢.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٧٠ / ١١٣١ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥.

٧ ـ حكاه عنه في بداية المجتهد ١ : ٤٤ ، والمغني والشرح الكبير ١ : ٢٥١.

٨ ـ التهذيب ١ : ١٤٧ / ٤١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٥٥ أبواب الجنابة ب ٣٨ ح ١.

٩ ـ الكافي ٣ : ٤٥ / ١٧ ، التهذيب ١ : ١٤٧ / ٤١٨ الوسائل ٢ : ٢٥٥ أبواب الجنابة ب ٣٨ ح ٢.

٢٢٠