رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

كالرضوي : « ثمَّ احث عليه التراب بظهر كفك ثلاث مرّات » (١).

وقريب منه ما في آخر قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام وهو في جنازة فحثا التراب على القبر بظهر كفّه (٢).

ومصرحة بإهالة مولانا الصادق عليه‌السلام ببطن الكف كما في الصحيح (٣). وفيه ـ كالرضوي وغيره ـ التثليث كما عن المنتهى والفقيه والهداية والاقتصاد والسرائر (٤) والإصباح.

وعن الذكرى أقلّه ثلاث حثيات باليدين جميعاً ؛ لفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

وينبغي كونهم عند الإهالة ( مسترجعين ) قائلين ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) ولم أعثر لاستحبابه هنا بخصوصه على أثر.

والاقتصار عليه محكي عن الأكثر ، وعن القاضي زيادة : « هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، اللهم زدنا إيماناً وتسليماً » (٦).

وفي الخبر : « إذا حثوت التراب على الميت فقل : إيماناً بك وتصديقاً ببعثك ، هذا ما وعدنا اللّه ورسوله ، قال : وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من حثا على ميت وقال هذا القول أعطاه اللّه بكل ذرة حسنة » (٧).

____________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧١ ، المستدرك ٢ : ٣٣٤ أبواب الدفن ب ٢٨ ذيل الحديث ٣.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣١٨ / ٩٢٥ ، الوسائل ٣ : ١٩١ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٥.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٩٨ / ٤ ، الوسائل ٣ : ١٩٠ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٢.

٤ ـ المنتهي ١ : ٤٦٢ ، الفقيه ١ : ١٠٩ ، الهداية : ٢٧ ، الاقتصاد : ٢٥٠ ، السرائر ١ : ١٦٥ ، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٣٥.

٥ ـ الذكرى : ٦٧.

٦ ـ المهذّب ١ : ٦٣.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٩٨ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣١٩ / ٩٢٦ ، الوسائل ٣ : ١٩٠ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٤.

٤٤١

والأخبار في الأدعية المأثورة عند الإهالة مختلفة ، لا بأس بالعمل بكلّ منها.

( و ) ينبغي أن ( لا يهيل ذو رحم ) وعليه فتوى الأصحاب للموثق : « إنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أن يطرح الوالد ذو رحم على ميّته » وعلّل فيه بإيراثه القسوة ، ومن قسا قلبه بُعد عن ربّه (١).

( ثم يطمّ القبر ولا يوضع فيه من غير ترابه ) فإنه ثقل على الميت كما في المرسل (٢).

وفي الخبر : « إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن يزاد على القبر تراب لم يخرج منه » (٣).

وعن الإسكافي تخصيص الكراهة بوقت الدفن فلا بأس به بعده (٤).

( و ) ينبغي أن ( يرفع ) متسطحاً مربعاً ذا أربع زوايا قائمة ، إجماعا منّا في التسطيح كما عن الذكرى (٥) ، وبه صرّح جماعة (٦) ، للرضوي : « والسنة أن القبر يرفع أربع أصابع مفرّجة من الأرض ، وإن كان أكثر فلا بأس ، ويكون مسطّحاً لا مسنّماً » (٧).

____________

١ ـ الكافي ٣ : ١٩٩ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣١٩ / ٩٢٨ ، علل الشرائع : ٣٠٤ / ١ ، الوسائل ٣ : ١٩١ أبواب الدفن ب ٣٠ ح ١.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٢٠ / ٥٧٦ ، الوسائل ٣ : ٢٠٢ أبواب الدفن ب ٣٦ ح ٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢٠٢ / ٤ ، التهذيب ١ : ٤٦٠ / ١٥٠٠ ، الوسائل ٣ : ٢٠٢ أبواب الدفن ب ٣٦ ح ١.

٤ ـ نقله عنه في الذكرى : ٦٧.

٥ ـ الذكرى : ٦٧.

٦ ـ منهم الشيخ في الخلاف ١ : ٧٠٦ ، العلامة في التذكرة ١ : ٥٣ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٤٣.

٧ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٥ ، المستدرك ٢ : ٣٣٥ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ١.

٤٤٢

ويومئ إليه أخبار التربيع كالخبر : « ويربّع قبره » (١).

والمروي في العلل : لأيّ علة يربّع القبر؟ قال : « لعلّة البيت لأنه نزل مربعاً » (٢).

وينص على كراهة التسنيم المروي في الخصال : « القبور تربع ولا تسنّم » (٣).

وفي الخبر في المحاسن : « لا تدع صورة إلّا محوتها ، ولا قبراً إلّا سوّيته ، ولا كلباً إلّا قتلته » (٤).

وفي آخر : « ولا قبراً مشرفاً إلّا سوّيته » (٥) والإشراف ظاهر في التسنيم.

وينبغي كون الرفع ( مقدار أربع أصابع ) باتفاق الأصحاب كما عن المعتبر (٦) ، بل العلماء كما عن المنتهى (٧) ، وتكون على الأشهر ( مفرّجات ) كما في الرضوي المتقدم ، والمعتبرة كالصحيحين في وصية مولانا الباقر عليه‌السلام بذلك (٨) ، ونحوهما غيرهما ممّا تضمّن الأمر به (٩).

وعن العماني كونها مضمومة (١٠) ؛ للموثق (١١).

__________________

١ ـ الكافي ١ : ٣٠٧ / ٨ ، إرشاد المفيد : ٣٧١ ، الوسائل ٣ : ١٩٤ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٩.

٢ ـ علل الشرائع : ٣٠٥ / ١ ، الوسائل ٣ : ١٩٥ أبواب الدفن ب ٣١ ح ١٢.

٣ ـ الخصال : ٦٠٣ / ٩ ، الوسائل ٣ : ١٨٢ أبواب الدفن ب ٤٣ ح ٢.

٤ ـ المحاسن : ٦١٣ / ٣٤ ، الوسائل ٣ : ٢٠٩ أبواب الدفن ب ٤٣ ح ٢.

٥ ـ صحيح مسلم ٢ : ٦٦٦ / ٩٣ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٥ / ٣٢١٨.

٦ ـ المعبتر ١ : ٣٠١.

٧ ـ المنتهي ١ : ٤٦٢.

٨ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٠٠ / ٨٧٦ ، التهذيب ١ : ٣٢١ / ٩٣٤ ، الوسائل ٣ : ١٩٣ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٦ و ٧.

٩ ـ العيون ١ : ٨٢ / ٦ ، الوسائل ٣ : ١٩٥ أبواب الدفن ب ٣١ ح ١١.

١٠ ـ نقله عنه في الذكرى : ٦٧.

١١ ـ الكافي ... : ١٩٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٠ / ٩٣٢ ، الوسائل ٣ : ١٩٢ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٤.

٤٤٣

وعن ابن زهرة وابن البراج (١) التخيير بين الأول وبين الشبر للخبر : « إنّ قبر رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله رفع شبر من الأرض » (٢).

والأول أولى ، مضافاً إلى المنع عن الزائد عن الأربع أصابع في المروي في العيون : « لا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرّجات (٣).

وقريب منه الخبر : « ويلزق القبر بالأرض إلّا قدر أربع أصابع مفرّجات » (٤).

وعن المنتهى أن كراهته فتوى العلماء (٥).

( و ) أن ( يصبّ عليه الماء ) باتفاق العلماء كما عن المنتهى (٦) ، وعن الغنية الإجماع عليه (٧) ؛ للأخبار ، منها المرسل : « يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب » (٨).

وبه أمر أبو جعفر عليه‌السلام في وصيته (٩).

وهي مطلقة في كيفية الرش ، والأفضل أن يبدأ ( من ) قبل ( رأسه ) وينتهي إليه ( دوراً ، وإن فضل ماء صبّه على وسطه ) وهو مذهب الأصحاب‏

__________________

١ ـ ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤ ، ابن البراج في الهذّب ١ : ٦٤.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٦٩ / ١٥٣٨ ، علل الشرائع : ٣٠٧ / ٢ ، الوسائل ٣ : ١٩٣ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٨.

٣ ـ العيون ١ : ٨٢ / ٦ ، الوسائل ٣ : ١٩٥ أبواب الدفن ب ٣١ ح ١١.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٩٥ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٥٨ / ١٤٩٤ ، الوسائل ٣ : ١٨١ أبواب الدفن ب ٢٢ ح ٢.

٥ ـ المنتهي ١ : ٤٦٢.

٦ ـ المنتهي ١ ٤٦٣.

٧ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤.

٨ ـ الكافي ٣ : ٢٠٠ / ٦ ، علل الشرائع : ٣٠٧ / ١ ، الوسائل ٣ : ١٩٦ أبواب الدفن ب ٢٢ ح ٢.

٩ ـ الكافي ٣ : ٢٠٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٢٠ / ٩٣٣ ، الوسائل ٣ : ١٩٣ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٥.

٤٤٤

كما عن المصنف (١) للخبر (٢) : « السنّة في رشّ الماء على القبر أن تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس إلى عند الرجلين ، ثمَّ تدور على القبر من الجانب الآخر ، ثمَّ ترشّ على وسط القبر فكذلك السنّة » (٣).

وقوله « تدور » يحتمل الدور بالصب كما فهمه الصدوق (٤) ، وصرّح به الرضوي (٥).

ويستفاد منها استحباب استقبال القبلة في ابتداء الصب كما عن الفقيه والهداية والمنتهى (٦).

( و ) أن ( يضع الحاضرون الأيدي عليه ) بعد رشّه بالماء ، وهو مذهب فقهائنا كما عن الماتن (٧) ؛ للمعتبرة المستفيضة كالصحيح : « إذا حثي عليه التراب وسوّي قبره فضع كفك على قبره عند رأسه ففرّج أصابعك واغمز كفّك عليه بعد ما ينضح [ بالماء ] » (٨).

ويستفاد منه كغيره استحباب تفريج الأصابع والتأثير بها في القبر كما عن الشيخين (٩) وجماعة (١٠).

____________

١ ـ المعتبر ١ : ٣٠٢.

٢ ـ في « ش » : للموثق.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٢٠ / ٩٣١ ، الوسائل ٣ : ١٩٥ أبواب الدفن ب ٣٢ ح ١.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٠٩.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧١ ، المستدرك ٢ : ٣٣٦ أبواب الدفن ب ٣٢ ح ١.

٦ ـ الفقيه ١ : ١٠٩ ، الهداية : ٢٨ ، المنتهي ١ : ٤٦٣.

٧ ـ المعتبر ١ : ٣٠٢.

٨ ـ التهذيب ١ : ٤٥٧ / ١٤٩٠ ، الوسائل ٣ : ١٩٧ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ١. وبدل ما بين المعقوفين في النسخ : الماء وما أثبتناه من المصادر.

٩ ـ لم نعثر عليه في مقنعة المفيد ، الطوسي في النهاية : ٣٩.

١٠ ـ منهم ابن البراج في المهذّب ١ : ٤٦ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٤٤ ، الشهيد الثاني في الروضة ١ : ١٤٨.

٤٤٥

ويستحب استقبال القبلة حينئذ كما عن المهذب (١) ؛ لأنه خير المجالس ، وأقرب إلى استجابة الدعاء. ويؤيده الخبر : كيف أضع يدي على قبور المؤمنين؟ فأشار بيده إلى الأرض ووضعها عليها ورفعها وهو مقابل القبلة (٢).

وهو صريح الرضوي : « ثمَّ ضع يدك على القبر وأنت مستقبل القبلة » (٣).

وينبغي كونهم حينئذ ( مسترحمين ) طالبين للرحمة ذكره الأصحاب ؛ للروايات ، منها الخبر : كنت مع أبي جعفر عليه‌السلام في جنازة رجل من أصحابنا ، فلمّا أن دفنوه قام إلى قبره فحثا على رأسه ثلاثاً بكفه ، ثمَّ بسط كفّه على القبر ، ثمَّ قال : « اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وأصعد إليك روحه ، ولقّه منك رضواناً ، وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه عن رحمة من سواك » ثمَّ مضى (٤).

وقريب من الدعاء فيه الدعاء في الخبرين ، أحدهما الرضوي (٥).

( و ) أن ( يلقنه الوليّ ) أو من يأمره به ( بعد انصرافهم ) عنه ، إجماعاً كما عن الغنية والمعتبر وظاهر المنتهى ونهاية الإحكام والتذكرة (٦) ؛ للروايات الخاصية والعامية ولكن ليس فيما يختص بهم ذكر الأئمة عليهم‌السلام ، وهي‏

__________________

١ ـ المهذّب ١ : ٦٤.

٢ ـ الكافي ٣ : ٢٠٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٦٢ / ١٥٠٨ ، الوسائل ٣ : ١٩٨ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ٥.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٢ ، المستدرك ٢ : ٣٣٨ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٢.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٩٨ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣١٩ / ٩٢٧ ، الوسائل ٣ : ١٩٠ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٣.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٢ و ١٨٥ ، المستدرك ٢ : ٣٢٤ أبواب الدفن ب ٢١ ح ٦. والخبر الثاني : التهذيب ١ : ٤٥٧ / ١٤٩٢ ، الوسائل ٣ : ١٨٠ أبواب الدفن ب ٢١ ح ٦.

٦ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٤ ، المعتبر ١ : ٣٠٣ ، المنتهي ١ : ٤٦٣ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٧٩ ، التذكرة ١ : ٥٣.

٤٤٦

من طرقنا مستفيضة ، ففي الخبر : « ما على أحدكم إذا دفن ميّته وسوّى عليه وانصرف عن قبره أن يتخلف عند قبره ثمَّ يقول : يا فلان بن فلان ، أنت على العهد الذي عهدناك به من شهادة أن لا إله إلّا اللّه ، وأن محمّداً رسول اللّه ، وأن علياً أمير المؤمنين إمامك ، وفلان وفلان حتى يأتي على آخرهم ، فإنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه : قد كفينا الوصول إليه ومسألتنا إياه فإنه قد لقّن ، فينصرفان عنه ولا يدخلان إليه » (١).

ونحوه غيره باختلاف يسير في كيفية التلقين (٢).

وفي المرسل المروي في العلل : « ينبغي أن يتخلف عند القبر أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه ، ويقبض على التراب بكفه ويلقّنه برفيع صوته ، فإذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره » (٣).

ونحوه في الرضوي (٤).

وينبغي استقبال القبلة حين التلقين كما في القواعد وعن السرائر (٥) لأن خير المجالس ما استقبل فيه القبلة (٦) ، مع مناسبته للتلقين الثاني.

وعن المهذّب والجامع استقبال وجه الميت واستدبار القبلة ؛ لأنه أنسب بالتلقين والتفهيم (٧).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٥٩ / ١٤٩٦ ، وفيه ولا يدخلان عليه ، الوسائل ٣ : ٢٠١ أبواب الدفن ب ٣٥ ح ٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ٢٠١ / ١١ ، الفقيه ١ : ١٠٩ / ٥٠١ ، التهذيب ١ : ٣٢١ / ٩٣٥ ، الوسائل ٣ : ٢٠٠ أبواب الدفن ب ٣٥ ح ١.

٣ ـ علل الشرائع ٣٠٨ / ١ ، الوسائل ٣ : ٢٠٢ أبواب الدفن ب ٣٥ ح ٣.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٢ ، المستدرك ٢ : ٣٤١ أبواب الدفن ب ٣٣ ح ١.

٥ ـ القواعد ١ : ٢١ ، السرائر ١ : ١٦٥

٦ ـ ورد فيه حديثٌ مرسلٌ رواه في الشرائع ٤ : ٧٣.

٧ ـ المهذّب ١ : ٦٤ ، الجامع للشرائع : ٥٥.

٤٤٧

( ويكره فرش القبر بالساج ) لاستلزامه الإتلاف المنهي عنه من دون رخصة إلّا مع الحاجة كنداوة القبر للخبر : إنه ربما مات الميت عندنا ويكون الأرض ندية فيفرش القبر بالساج أو يطبق عليه ، فهل يجوز ذلك؟ فكتب : « ذلك جائز » (١).

( وتجصيصه ) بإجماعنا ، كما عن التذكرة والمبسوط ونهاية الإحكام والمنتهى (٢) للمستفيضة الناهية عنه ، منها الخبر (٣) : « لا يصلح البناء عليه ، ولا الجلوس ، ولا تجصيصه ، ولا تطيينه » (٤).

وإطلاقها يقتضي عدم الفرق بين الباطن والظاهر والابتداء وبعد الاندراس.

وربما خص الكراهة بالباطن دون الظاهر جمعا بينه وبين ما دلّ على أمر مولانا الكاظم عليه‌السلام بتجصيص قبر ابنته ووضع لوح عليه (٥).

وربما جمع بتخصيص الكراهة بما بعد الاندراس.

ولا شاهد عليهما. فإذاً الكراهة مطلقاً أقوى ، ويحمل الخبر على وجود داع لم نطّلع عليه.

وربما يستثنى من ذلك قبور الأنبياء والعلماء والصلحاء استضعافاً لخبر المنع ، والتفاتاً إلى أن في ذلك تعظيما لشعائر الإسلام وتحصيلاً لكثير من‏

____________

١ ـ الكافي ٣ : ١٩٧ / ١ ، التهذيب ١ : ٤٥٦ / ١٤٨٨ ، الوسائل ٣ : ١٨٨ أبواب الدفن ب ٢٧ ح ١.

٢ ـ التذكرة ١ : ٥٤ ، المبسوط ١ : ١٨٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٤ ، المنتهي ١ : ٤٦٣.

٣ ـ في « ح » و « ل » : الخبر الموثق.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٦١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٧ / ٧٦٧ ، الوسائل ٣ : ٢١٠ أبواب الدفن ب ٤٤ ح ١.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢٠٢ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٦١ / ١٥٠١ ، الاستبصار ١ : ٢١٧ / ٧٦٨ ، الوسائل ٣ : ٢٠٣ أبواب الدفن ب ٣٧ ح ٢.

٤٤٨

المصالح الدينية كما لا يخفى.

وهو في غاية الجودة. لا لضعف الخبر المانع ؛ للاكتفاء في مثل الكراهة بمثله ، بناء على المسامحة. بل لوروده مورد الغالب ، وهو ما عدا المذكورين.

( وتجديده ) بعد الاندراس إن كان بالجيم كما عن النهاية والمبسوط والمصباح ومختصره والسرائر والمهذّب والوسيلة والإصباح (١) ، أو بالحاء المهملة بمعنى تسنيمه ، ويحتملهما قول مولانا أمير المؤمنين في خبر الأصبغ : « من جدّد قبرا أو مثّل مثالا فقد خرج عن الإسلام » (٢) ويحتمل قتل المؤمن ظلما فإنه سبب لتجديد قبر ، إلى غير ذلك من الاحتمالات المعروفة.

وهذه الاحتمالات كافية لإثبات الكراهة في كل من المعاني المحتملة ، بناء على المسامحة في أدلّتها ، سيّما مع اعتضاد كلّ منها بفتوى جمع.

وعن المحقّق إسقاط الرواية لضعفها ، فلا ضرورة إلى التشاغل بتحقيق نقلها (٣).

وفيه : أن اشتغال الأفاضل كالصفار وسعد بن عبد اللّه وأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي والصدوق والشيخين (٤) بتحقيق هذه اللفظة مؤذن بصحة الحديث عندهم. فتأمل.

( ودفن ميتين ) ابتداءً ( في قبر واحد ) كما هنا وفي الشرائع والقواعد

__________________

١ ـ النهاية : ٤٤ ، المبسوط ١ : ١٨٧ ، المصباح : ٢٢ ، السرائر ١ : ١٧١ ، المهذّب ١ : ٦٥ ، الوسيلة : ٦٩ ، نقله عن الاصباح في كشف اللثام ١ : ١٣٨.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٢٠ / ٥٧٩ ، التهذيب ١ : ٤٥٩ / ١٤٩٧ ، المحاسن : ٦١٢ / ٣٣ ، الوسائل ٣ : ٢٠٨ أبواب الدفن ب ٤٣ ح ١.

٣ ـ المعتبر ١ : ٣٠٤ وفي حاشية « ش » و « ل » : متنها بدل نقلها ، وفي المصدر الحجري والمطبوع ما أثبتناه.

٤ ـ راجع التهذيب ١ : ٤٥٩.

٤٤٩

وعن الوسيلة (١) ؛ للمرسل في المبسوط عنهم عليهم‌السلام : « لا يدفن في قبر واحد اثنان » (٢) وفحوى ما دلّ على كراهة حملهما على جنازة (٣) ، مع ما فيه من احتمال تأذي أحدهما بالآخر وافتضاحه عنده.

وعن ابن سعيد النهي عنه إلّا لضرورة (٤). والأصل حجة عليه ، وضعف إسناد الناهي يمنعه من الاستناد إليه.

أما لو حفر قبر فيه ميت ليدفن فيه ميت آخر فعن المبسوط والنهاية الكراهة هنا أيضاً (٥) ، إلّا أن في المبسوط ما يشعر بإرادته منها التحريم (٦) ، وحكي عن المنتهى والنهاية والتحرير والتذكرة (٧).

وعلّله المصنف بصيرورة القبر حقاً للأول (٨). وفيه منع. وغيره باستلزامه النبش المحرّم (٩). وفيه : أن الكلام في إباحة الدفن نفسه لا النبش ، وأحدهما غير الآخر.

فإذاً القول بالكراهة أقوى ، إلّا أنه على التحريم إجماع المسلمين كما عن الذكرى (١٠) ، وهو أحوط وأولى.

كل ذا مع الاختيار ، ولا كلام في الجواز مع الاضطرار ، وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال للأنصار يوم اُحد : « احفروا ووسّعوا وعمّقوا

____________

١ ـ الشرائع ١ : ٤٣ ، القواعد ١ : ٢١ ، الوسيلة : ٦٩.

٢ ـ المبسوط ١ : ١٥٥.

٣ ـ الوسائل ٣ : ٢٠٨ أبواب الدفن ب ٤٢.

٤ ـ الجامع للشرائع : ٥٧.

٥ ـ المبسوط ١ : ١٨٧ ، النهاية : ٤٤.

٦ ـ لأنه قال بعد ذلك : وإن وجد فيه عظماً أو غيرها ردّ التراب ولم يدفن فيه.

٧ ـ المنتهي ١ : ٤٦٤ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٣ ، التحرير ١ : ٢٠ ، التذكرة ١ : ٥٤.

٨ ـ المعتبر ١ : ٣٠٦.

٩ ـ كما في الحدائق ٤ : ١٤١.

١٠ ـ الذكرى : ٦٤.

٤٥٠

واجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد » (١).

وعن المعتبر ونهاية الإحكام والتذكرة : تقديم الأفضل ، وجعل حاجز بين كلّ اثنين ليشبها المنفردين (٢). وعن المهذّب : جعل الخنثى خلف الرجل وأمام المرأة ، وجعل تراب حاجز بينهما (٣).

( ونقل الميت ) قبل الدفن ( إلى غير بلد موته ) بإجماع العلماء كما عن المعتبر والتذكرة ونهاية الإحكام (٤) ؛ لمنافاته تعجيل التجهيز المأمور به.

والأولى الاستدلال له بالمروي في الدعائم عن علي عليه‌السلام : إنه رفع إليه أن رجلاً مات بالرستاق فحملوه إلى الكوفة ، فأنهكهم عقوبة وقال : « ادفنوا الأجساد في مصارعها ولا تفعلوا كفعل اليهود بنقل موتاهم إلى بيت المقدس » وقال : « إنّه لمّا كان يوم أحد أقبلت الأنصار لتحمل قتلاها إلى دورها ، فأمر رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديه فنادى : ادفنوا الأجساد في مصارعها » (٥).

( إلّا إلى ) أحد ( المشاهد المشرّفة ) فيستحب بإجماعنا ، وعليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة عليهم‌السلام إلى الآن ، وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه ، فهو إجماع منهم ، صرّح به الفاضلان ، قالا : ولأنه قاصد بذلك التمسك بمن له أهلية الشفاعة ، وهو حسن بين الأحياء توصّلا إلى فوائد الدنيا ، فالتوصل إلى فوائد الآخرة أولى (٦). انتهى.

__________________

١ ـ سنن أبي داود ٣ : ٢١٤ / ٣٢١٥.

٢ ـ المعتبر ١ : ٣٣٨ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٦ ، التذكرة ١ : ٥٤.

٣ ـ المهذّب ١ : ٦٥.

٤ ـ المعتبر ١ : ٣٠٧ ، التذكرة ١ : ٥٤ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٣.

٥ ـ دعائم الإسلام ١ : ٢٣٨ ، المستدرک ٢ : ٣١٣ أبواب الدفن ب ١٣ ح ١٥.

٦ ـ المحقق في المعتبر ١ : ٣٠٧ ، العلامة في التذكرة ١ : ٥٤.

٤٥١

ويرشد إليه المروي في مجمع البيان وقصص الأنبياء للراوندي ، عن محمّد ابن مسلم ، عن مولانا الباقر عليه‌السلام : « لمّا مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس » (١).

وفي إرشاد القلوب للديلمي وفرحة الغري للسيد عبد الكريم بن السيد أحمد بن طاووس رحمه‌الله من حديث اليماني الذي قدم بأبيه على ناقة إلى الغري ، قال في الخبر : أنه كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا أراد الخلوة بنفسه ذهب إلى طرف الغري ، فبينما هو ذات يوم هناك مشرف على النجف فإذا رجل قد أقبل من اليمن راكبا على ناقة قدّامه جنازة ، فحين رأى عليا عليه‌السلام قصده حتى وصل إليه وسلّم عليه فردّ عليه وقال : « من أين؟ » قال : من اليمن ، قال : « وما هذه الجنازة التي معك؟ » قال : جنازة أبي لأدفنه في هذه الأرض ، فقال له علي عليه‌السلام : « ألّا دفنته في أرضكم؟! » قال : أوصى بذلك وقال : إنه يدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر ، فقال عليه‌السلام : « أتعرف ذلك الرجل؟ » قال : لا ، فقال عليه‌السلام : « أنا واللّه ذلك الرجل ـ ثلاثاً ـ فادفن » فقام فدفنه (٢). فتأمل.

وفحوى المروي في الكافي والفقيه والخصال والعيون وغيرها عن الصادقين عليهم‌السلام : « إنّ اللّه تعالى أوحى إلى موسى عليه‌السلام أن أخرج عظام يوسف عليه‌السلام من مصر » (٣).

__________________

١ ـ الأول :

مجمع البيان ٣ : ٢٦٦ ، الوسائل ٣ : ١٦٤ أبواب الدفن ب ١٣ ح ٩.

الثاني :

قصص الأنبياء : ١٢٦ ، المستدرك ٢ : ٣١٠ أبواب الدفن ب ١٣ ح ٦.

٢ ـ إرشاد القلوب : ٤٤٠ ، المستدرك ٢ : ٣١٠ أبواب الدفن ب ١٣ ح ٧. ولم نعثر عليه في فرحة الغري.

٣ ـ روضة الكافي ٨ : ١٥٥ / ١٤٤ ، الفقيه ١ : ١٢٣ / ٥٩٤ ، الخصال ٢٠٥ / ٢١ ، العيون ١ :

٤٥٢

وعن العزّية : قد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت إلى بعض مشاهد آل الرسول عليهم‌السلام إن وصّى الميت بذلك (١).

وعن الجامع : لو مات بعرفة فالأفضل نقله إلى الحرم (٢).

قلت : لعلّه للخبرين : عن الميت يموت بمنى أو عرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيّهما أفضل؟ فكتب عليه‌السلام : « يحمل إلى الحرم ويدفن فهو أفضل » (٣).

وقيّد الشهيد رحمه‌الله استحباب النقل بالقرب إلى أحد المشاهد وعدم خوف الهتك ، ثمَّ قال : أمّا الشهيد فالأولى دفنه حيث قتل (٤) للنبوي المتقدم عن الدعائم (٥).

( ويلحق بهذا الباب مسائل ) :

( الاولى : كفن المرأة ) الواجب ( على الزوج ولو كان لها مال ) إجماعاً كما عن صريح الخلاف ونهاية الإحكام وظاهر المعتبر والمنتهى والتذكرة والذكرى (٦) للخبر : « على الزوج كفن امرأته » (٧) ونحوه المرسل في الفقيه (٨) ،

__________________

٢٠٣ / ١٨ ، الوسائل ٣ : ١٦٢ ، ١٦٣ أبواب الدفن ب ١٣ ح ٢ ، ٧.

١ ـ نقله عن عزيّة المفيد في الذكرى : ٦٥.

٢ ـ الجامع للشرائع : ٥٦.

٣ ـ الكافي ٤ : ٥٤٣ / ١٤ ، التهذيب ٥ : ٤٦٥ / ١٦٢٤ ، الوسائل ١٣ : ٢٨٧ أبواب مقدمات الطواف ب ٤٤ ح ٢. والآخر في التهذيب ٥ : ٤٧٨ / ١٦٩٤ ، الوسائل ١٣ : ٢٨٨ أبواب مقدمات الطواف ب ٤٤ ح ٣.

٤ ـ الذكرى : ٦٤.

٥ ـ في ص : ٤٥١.

٦ ـ الخلاف ١ : ٧٠٨ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٤٧ ، المعتبر ١ : ٣٠٧ ، المنتهي ١ : ٤٤٢ ، التذكرة ١ : ٤٤ ، الذكرى : ٥٠.

٧ ـ التهذيب ١ : ٤٤٥ / ١٤٣٩ ، الوسائل ٣ : ٥٤ أبواب التكفين ب ٣٢ ح ٢.

٨ ـ الفقيه ٤ : ١٤٣ / ٤٩١ ، الوسائل ٣ : ٥٤ أبواب التكفين ب ٣٥ ح ١.

٤٥٣

وقصور سندهما منجبر بالعمل.

وإطلاقهما ككلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين الصغيرة والكبيرة ، المدخول بها وغيرها ، الدائمة وغيرها. فإن كان إجماع وإلّا فهو محل كلام لعدم انصراف الإطلاق إلى نحو المتمتع بها والناشزة.

وفي إلحاق سائر المؤن الواجبة به إشكال. والأصل يدفعه. خلافاً للمحكي عن المبسوط والسرائر ونهاية الإحكام ، فملحق به (١). وهو أحوط.

ولو أعسر بعدم مالكيته لما يزيد عن قوت يومه وليلته والمستثنيات في دينه كفّنت من تركتها إن كان ، كما عن نهاية الإحكام (٢) ؛ لتقدم الكفن على الإرث. وإلّا دفنت عارية ، ولا يجب على المسلمين بذله لها ولا لغيرها إجماعا كما حكي (٣).

ولا يلحق بها ما عداها من واجبي النفقة ؛ للأصل ، وفقد النص ، مع حرمة القياس ، وإن اقتضى الإلحاق بعض تعليلاتهم في المسألة ، وهي قاصرة. نعم يجب للمملوك على مولاه لدعوى الإجماع عليه (٤) وإن كان مدبّراً أو مكاتباً ، مشروطاً أو مطلقاً لم يتحرر منه شيء أو أمّ ولد. ولو تحرّر فبالنسبة.

( الثانية : كفن الميت ) الواجب يخرج ( من أصل تركته اقبل الدين والوصية ) (٥) بإجماع الطائفة وأكثر العامة حكاه جماعة (٦) ؛ للمعتبرة منها

__________________

١ ـ المبسوط ١ : ١٨٨ ، السرائر ١ : ١٧١ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٤٨.

٢ ـ نهاية الإحكام ٢ : ٢٤٨.

٣ ـ انظر المفاتيح ٢ : ١٧٥.

٤ ـ انظر المدارك ٢ : ١١٨ ، المفاتيح ٢ : ١٧٥.

٥ ـ في المختصر المطبوع زيادة والميراث.

٦ ـ منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٠٠ ، وصاحب المدارك ٢ : ١١٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٧٥.

٤٥٤

الصحيح : « الكفن من جميع المال » (١).

والصحيح : عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه ، قال : « يجعل ما ترك في ثمن كفنه ، إلّا أن يتّجر عليه إنسان يكفنه ويقضي دينه ممّا ترك » (٢).

والخبر : « أول شيء يبدأ به من المال الكفن ثمَّ الدين ثمَّ الوصية ثمَّ الميراث » (٣).

ولأن المفلّس لا يكلّف بنزع ثيابه ، وحرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً.

وإطلاقها كالعبارة هنا وفي كلام الطائفة يقتضي تقديمه على حق المرتهن وغرماء المفلّس. وفيه إشكال ؛ للشك في الانصراف إلى مثله. وأولى منهما حق المجني عليه ، ولذا احتمل تقديمهما عليه بعض الأصحاب (٤) ، وأفتى به في الأول في الذكرى (٥).

( الثالثة : لا يجوز نبش القبر ) إجماعاً من المسلمين ، كما عن المعتبر والمنتهى والذكرى ونهاية الإحكام والتذكرة (٦) ، وبه صرّح جماعة (٧) ؛ لأنه مثلة بالميت وهتك لحرمته. ولا نص هنا يدل عليه ، فالحجّة هو الإجماعات المنقولة

__________________

١ ـ الفقيه ٤ : ١٤٣ / ٤٩٠ ، التهذيب ١ : ٤٣٧ / ١٤٠٧ ، الوسائل ٣ : ٥٣ ابواب التكفين ب ٣١ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٨٧ / ٣٩١ ، الوسائل ١٨ : ٣٤٥ أبواب الدين القرض ب ١٣ ح ١.

٣ ـ الكافي ٧ : ٢٣ / ٣ ، التهذيب ٤ : ١٤٣ / ٤٨٨ ، الوسائل ١٨ : ٣٤٥ أبواب الدين القرض ب ١٣ ح ٢.

٤ ـ كالفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٢١.

٥ ـ الذكرى : ٥٠.

٦ ـ المعتبر ١ : ٣٠٨ ، المنتهي ١ : ٤٦٥ ، الذكرى : ٧٦ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٠ ، التذكرة ١ : ٥٤.

٧ ـ منهم ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٦ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٥٢ ، وصاحب المدارك ٢ : ١٥٣.

٤٥٥

التي هي في قوة الصحاح المستفيضة المعتضدة بعمل الاُمة ، فلا وجه للتأمل في المسألة.

وليس في أخبار قطع يد النبّاش دلالة عليه ؛ لظهورها في كون الوجه في القطع السرقة لا نبش القبر وهتك الحرمة.

وقد استثني من التحريم مواضع ليس المقام محلّ ذكرها.

( ولا نقل الموتى بعد دفنهم ) إلى غير المشاهد المشرفة إجماعاً ، وكذا إليها على الأشهر كما في القواعد والمنتهى والتلخيص والتذكرة والمختلف ونهاية الإحكام والعزّية والسرائر والإصباح والذكرى والبيان (١).

ولا دليل عليه سوى استلزام النبش المحرّم ، وهو غير المدّعي. فإذاً الجواز أقوى ، وفاقاً لظاهر النهاية والمبسوط والمصباح (٢) ومختصره ـ لذكرهم ورود الرخصة به مع عدم ردّهم له الظاهر في قبوله ـ تمسّكاً بالأصل السالم عن المعارض ، مؤيداً بما روي من نقل نوح عليه‌السلام آدم (٣) ، وموسى يوسف عليهم‌السلام (٤) ، وإن لم يكن فيهما حجة ، لاحتمال الاختصاص ، وإمكان البلى ـ فتأمل ـ مع أن المنقول أن آدم كان في تابوت فأخرج التابوت ، ويوسف في صندوق مرمر. ولا ريب أن الأحوط الترك.

( الرابعة : الشهيد ) وهو المسلم ومن بحكمه الميّت بمعركة قتال أمر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الإمام عليه‌السلام كما عن المقنعة والمراسم‏

__________________

١ ـ القواعد ١ : ٢١ ، المنتهي ١ : ٤٦٤ ، التذكرة ١ : ٥٤ ، المختلف : ١٢٣ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٣ ، حكاه عن العزّية في الذكرى : ٦٥ ، السرائر ١ : ١٧٠ ، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ١٣٩ ، الذكرى : ٦٥ ، البيان : ٨١.

٢ ـ النهاية : ٤٤ ، المبسوط ١ : ١٨٧ ، المصباح : ٢٢.

٣ ـ كامل الزيارات : ٣٨ ، المستدرك ٢ : ٣٠٩ أبواب الدفن ب ١٣ ح ٥.

٤ ـ تقدم مصدره في ص : ٤٥٢.

٤٥٦

والشرائع (١) ، أو نائبهما كما عن المبسوط والنهاية والسرائر والمهذّب والوسيلة والجامع والمنتهى (٢) ، أو في كل جهاد حقّ كما عن المعتبر والغنية والإشارة (٣) ، وظاهر الكافي ومحتمل نهاية الإحكام والتذكرة (٤) ، ورجّحه في الذكرى وجماعة (٥) ، لإطلاق الشهيد في المعتبرة (٦) ، والحسن : « الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن بثيابه ولا يغسل » (٧).

والخبر : « اغسل كلّ الموتى الغريق وأكيل السبع وكلّ شيء إلّا ما قتل بين الصفّين » (٨).

والخروج عن مقتضى الأصل القطعي من وجوب تغسيل كلّ مسلم بمثل هذا الإطلاق مشكل ، سيّما مع مخالفته الشهرة العظيمة لانصرافه إلى ما هو المتبادر منه وهو الذي قتل بين يدي الإمام أو نائبه الخاص.

نعم : ربما أشعر بعض المعتبرة بالعموم وإناطة حكم الشهيد بالطاعة وارتفاعه عنه بالمعصية ، كالرضوي : « وإن كان الميت قتيل المعركة في طاعة اللّه لم يغسّل ودفن في ثيابه التي قتل فيها بدمائه » إلى أن قال : « وإن كان قتل‏

__________________

١ ـ المقنعة : ٨٤ ، المراسم : ٤٥ ، الشرائع ١ : ٣٧.

٢ ـ المبسوط ١ : ١٨١ ، النهاية : ٤٠ ، السرائر ١ : ١٦٦ ، المهذّب ١ : ٥٥ ، الوسيلة : ٦٣. الجامع للشرائع : ٤٩ ، المنتهي ١ : ٤٣٣.

٣ ـ المعتبر ١ : ٣١١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، الإشارة : ٧٦.

٤ ـ الكافي في الفقه : ٢٣٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٣٦ ، التذكرة ١ : ٤١.

٥ ـ الذكرى : ٤١ ؛ وانظر الدروس ١ : ١٠٥ ، جامع المقاصد ١ : ٥٠.

٦ ـ الوسائل ٢ : ٥٠٦ أبواب غسل الميت ب ١٤.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ٥ ، التهذيب ١: ٣٣٢ / ٩٧٣ ، الوسائل ٢ : ٥١٠ أبواب غسل الميت ب ١٤ ح ٩.

٨ ـ الكافي ٣ : ٢١٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ / ٧٥٣ ، الوسائل ٢ : ٥٠٦ أبواب غسل الميت ب ١٤ ح ٣.

٤٥٧

في معصية اللّه غسّل كما يغسّل الميت وضمّ رأسه إلى عنقه » الحديث (١).

ولكن في مقاومته للأصل المعتضد بالشهرة إشكال. والأحوط عند الفقير عدم إجراء أحكام الشهيد عليه وإن كان الإجراء لا يخلو عن قوة.

وكيف كان : لا يجري عليه الأحكام إلّا ( إذا مات في المعركة ) ولم يدركه المسلمون وبه رمق ، فحينئذ ( لا يغسّل ولا يكفّن ) إلّا إذا جرّد فيكفّن حينئذ ، ذكره جماعة (٢) ، وأشعر به بعض المعتبرة (٣).

( بل يصلّى عليه ويدفن بثيابه ) وجوباً إجماعاً حكاه جماعة (٤) ، وعن المعتبر أنه إجماع أهل العلم كافة خلا شذوذ من العامة (٥).

والنصوص به مستفيضة كالصحيح أو الحسن يقول : « الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه ولا يغسل ، إلّا أن يدركه المسلمون وبه رمق ثمَّ يموت بعد فإنه يغسل ويكفن ويحنط ، إنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كفّن حمزة في ثيابه ولم يغسّله ولكن صلّى عليه » (٦).

وبمعناه غيره من الصحاح وغيرها (٧).

وظاهرها الاكتفاء في وجوب التغسيل بإدراك المسلمين له حيّاً وإن لم‏

____________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٤ ، المستدرك ٢ : ١٧٩ ، ١٨٠ أبواب غسل الميت ب ١٤ ، ١٥ ح ٥ ، ١.

٢ ـ منهم العلامة في القواعد ١ : ١٧ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٣٦٦ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١١١.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢١٠ / ١ ، الفقيه ١ : ٩٧ / ٤٤٧ ، التهذيب ١ : ٣٣١ / ٩٦٩ ، الاستبصار ١ : ٢١٤ / ٧٥٥ ، الوسائل ٢ : ٥٠٩ أواب غسل الميت ب ١٤ ح ٧.

٤ ـ منهم ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، والعلامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٨٧.

٥ ـ المعتبر ١ : ٣٠٩.

٦ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٢ / ٩٧٣ ، الوسائل ٢ : ٥١٠ أبواب غسل الميت ب ١٤ ح ٩.

٧ ـ المتقدمة في ص : ٤٥٧.

٤٥٨

ينقض الحرب ولا نقل من المعركة بل مات فيها ، وفاقاً للمهذّب والذكرى وظاهر شيخنا المفيد في المقنعة (١).

خلافاً لإطلاق عبارة المصنف وجماعة (٢) ، وعلّل في المنتهى بما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال يوم اُحد : « من ينظر ما فعل سعد بن ربيع؟ » فقال رجل : أنا أنظر لك يا رسول اللّه ، فنظر فوجده جريحا به رمق فقال له : إن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات ، فقال : أنا في الأموات فأبلغ رسول اللّه عني السلام ، قال : ثمَّ لم أبرح أن مات ولم يأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بتغسيل أحد منهم (٣).

وهو ضعيف ؛ لعدم مقاومته الأصل والصحاح وغيرها.

( وينزع عنه الخفّان ) مطلقاً كما عن المقنعة والغنية والشرائع والمعتبر والمبسوط والمهذّب والنهاية (٤) لخروجهما عن الثياب عرفاً فيتعلق بدفنهما النهي عن تضييع المال المحترم جزماً.

وعن المراسم والوسيلة والسرائر (٥) : تخصيص ذلك بعدم إصابتهما الدم وإلّا فيدفن ؛ لعموم الأخبار بدفنه بدمائه (٦).

وفيه : أنّ المعنى النهي عن التغسيل ، فإنّ من المعلوم أن العموم غير مراد ، لنزع السلاح عنه.

وأما الخبر : « ينزع عن الشهيد الفرو والخف والقلنسوة والعمامة والمنطقة

__________________

١ ـ المهذّب ١ : ٥٥ ، الذكرى : ٤١ ، المقنعة : ٨٤.

٢ ـ منهم الشيخ في الخلاف ١ : ٧١٠ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٤٣٣.

٣ ـ المنتهي ١ : ٤٣٣.

٤ ـ المقنعة : ٨٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣. الشرائع ١ : ٤٣ ، المعتبر ١ : ٣١٣ ، المبسوط ١ : ١٨١ ، المهذّب ١ : ٥٥ ، النهاية : ٤٠.

٥ ـ المراسم : ٤٥ ، الوسيلة : ٦٣ ، السرائر ١ : ١٦٦.

٦ ـ الوسائل ٢ : ٥٠٦ ابواب غسل الميت ب ١٤.

٤٥٩

والسراويل إلّا ان يكون أصابه دم ، فإن أصابه دم ترك » (١).

فلا دلالة فيه ؛ لاحتمال عود الضمير إلى الأخير مضافاً إلى ضعف سنده ، ومخالفته لعموم الصحاح وغيرها الدالة على الأمر بدفنه بثيابه ، ولا ريب في شمولها لكثير ممّا فيه ، ولذا اقتصر الأكثر على دفنها خاصة ونزع ما عداها ، ومنها السراويل ( والفرو ) على إشكال فيه وإن كان الظاهر عدم إطلاق الثوب عليه عرفا فنزعه لازم ظاهرا.

وهنا أقوال اُخر ضعيفة المستند والمأخذ ، والمحصّل من الأدلة ما ذكرناه وفاقا للأكثر.

( الخامسة : إذا مات ولد الحامل ) في بطنها فإن أمكن التوصل إلى إسقاطه صحيحا بعلاج فعل ، وإلّا ( قطع واخرج ) بالأرفق فالأرفق ، إجماعاً كما عن الخلاف (٢).

ويتولّى ذلك النساء ، فإن تعذّر فالرجال المحارم ، فإن تعذّر جاز أن يتولاه غيرهم للضرورة ، والخبر : في المرأة في بطنها الولد فيتخوف عليها ، قال : « لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم ترفق به النساء » (٣).

والرضوي : « إن مات الولد في جوفها ولم يخرج أدخل إنسان يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه » (٤).

وقصور الأسانيد منجبر بالعمل.

( ولو ماتت هي دونه شقّ جوفها ) وجوباً ( من الجانب الأيسر واُخرج‏ )

____________

١ ـ الكافي ٣ : ٢١١ / ٤ ، الفقيه ١ : ٩٧ / ٤٤٩ ، التهذيب ١ : ٣٣٢ / ٩٧٢ ، الخصال : ٣٣٣ / ٣٣ ، الوسائل ٢ : ٥١٠ أبواب غسل الميت ب ١٤ ح ١٠.

٢ ـ الخلاف ١ : ٧٢٩.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٥٥ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٤٤ / ١٠٠٨ ، قرب الأسناد : ١٣٦ / ٤٧٨ ، الوسائل ٢ : ٤٧٠ أبواب الاحتضار ب ٤٦ ح ٣ ، وفي الجميع بتفاوت يسير.

٤ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٧٤ ، المستدرك ٢ : ١٤٠ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ١.

٤٦٠