رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

ومثله الحسن وفيه : « فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول ولكنه من الحبائل » (١).

ومن الأول في الثاني الصحيح : « فإذا قمت من الوضوء وفرغت ، وقد صرت في حال اُخري في الصلاة أو غيرها ، فشككت في بعض ما سمّى اللّه تعالى ممّا أوجب اللّه تعالى عليك فيه وضوءاً لا شيء عليك » (٢).

ومثله الآخر المضمر : قال ، قلت : الرجل يشك بعد ما يتوضأ ، قال : « هو حين ما يتوضأ أذكر منه حين يشك » (٣).

ومن هذا التعليل يستفاد اتحاد الغسل مع الوضوء في حكم الشك المزبور ، مضافاً إلى استلزام وجوب الرجوع والإتيان بالمشكوك فيه بعد الانصراف الحرج المنفي آيةً وروايةً وفتوىً ، وخصوص الصحيح : عن رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة ، فقال : « إذا شك وكانت به بلّة وهو في صلاته مسح بها عليه ، وإن كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلّة ، فإن دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شيء عليه » (٤).

ولو كان شكّه في العضو الأخير منه أو من الغسل وجب التدارك قبل الانصراف ، لعدم تحقّق الإكمال ، ومنه الجلوس وإن لم يطل زمانه كذا قيل (٥) ، فتأمل. ولا ريب أنه أحوط في الجملة.

__________________

ب ١٣ ح ٣.

١ ـ الكافي ٣ : ١٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٨ / ٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٩ / ١٣٧ ، الوسائل ١ : ٣٢٠ أبواب أحكام الخلوة ب ١١ ح ٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ٣٣ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٦١ / ١٠٠ ، الوسائل ١ : ٤٦٩ أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٢٦٥ / ١٠١ ، الوسائل ١ : ٤٧١ أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٧.

٤ ـ الكافي ٣ : ٣٣ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٦١ / ١٠٠ ، الوسائل ٢ : ٤٦٠ أبواب الجنابة ب ٤١ ح ٢.

٥ ـ المدارک ١ : ٢٥٨.

١٨١

( ولو كان ) شكّه في شيء من أفعال الوضوء أو الغسل ( قبل انصرافه ) عنه ( أتى به ) أي بالمشكوك فيه و ( بما بعده ) وجوباً في الغسل مطلقاً ، وفي الوضوء إن لم يحصل الجفاف ، ومعه فيعيد ، لما تقدّم (١) ، كما هو ظاهر الأصحاب.

للإجماع كما في المدارك وغيره (٢) ، والأصل (٣) ، والصحيح : « إذا كنت قاعداً على وضوئك ، فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا ، فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه ممّا سمّى اللّه تعالى ما دمت في حال الوضوء » الحديث (٤).

ولا ينافيه الموثق : « إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشي‏ء ، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه » (٥).

لإجماله ، باحتمال رجوع الضمير في « غيره » إلى الوضوء ، وما قبله (٦). ولا منافاة على الأول ، بل هو معاضد للصحيح حينئذ. فتأمل.

وبه وبالإجماع تخصّ أو تقيّد المعتبرة الدالة على عدم العبرة بالشك مع تجاوز المحل ـ كما هو المجمع عليه في الصلاة ـ بغير المقام ، ومع ظهور سياقها في ورودها فيها. وربما خصت بها لذلك ، ومنع عمومها لما سوى ذلك ، وفيه تأمل (٧). فتأمل.

__________________

١ ـ من وجوب الموالاة. منه رحمه الله.

٢ ـ المدارك ١ : ٢٥٦ ؛ وانظر الذخيرة : ٤٣.

٣ ـ أي أصالة عدم الإتيان به. منه رحمه الله.

٤ ـ الكافي ٣ : ٣٣ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٠ / ٢٦١ ، الوسائل ١ : ٤٦٩ أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ١.

٥ ـ التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٢ ، مستطرفات السرائر : ٢٥ / ٣ ، الوسائل ١ : ٤٦٩ أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.

٦ ـ أي لفظ : شيء. منه رحمه الله.

٧ ـ في « ش » زيادة : لكون العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.

١٨٢

وفي عموم الحكم لمن كثر شكّه أيضاً ، أم تخصيصه بمن عداه وجهان.

للأول : إطلاق الصحيح المتقدم ، وفي شموله لمثله تأمل ، مع كون المواجه بالخطاب خاصاً لم يعلم كونه كذلك ، ولا إجماع على التعميم. فتأمل.

وللثاني ـ بعد التأيد بالحرج ، وعدم الأمن من عروض الشك ـ مفهوم التعليل في الصحيح فيمن كثر شكّه في الصلاة بعد الأمر له بالمضي في الشك فيها : « لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد » (١).

وظاهر خصوص الصحيح : قال : ذكرت له رجلاً مبتلىً بالوضوء والصلاة وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبداللّه عليه‌السلام : « وأيّ عقل له وهو يطيع الشيطان؟! » فقلت له : كيف يطيع الشيطان؟ فقال : « سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء ، فإنّه يقول لك : من عمل الشيطان » (٢). وهو أقوى ، وفاقاً لجماعة (٣).

( لو تيقن ترك غسل عضو ) أو بعضه أو مسحه ( أتى به على الحالين ) أي في حال الوضوء أو بعده ( وبما بعده ) إن كان ( ولو كان مسحاً ) إن لم يجف البلل من الأعضاء مطلقاً ولو مع عدم اعتدال الهواء على الأصح كما مرّ. فإن جفّ مع الاعتدال استأنف الوضوء مطلقاً على الأشهر بين الأصحاب.

خلافاً للإسكافي ، فاكتفى بغسل المتروك خاصة إن كان دون الدرهم ،

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٣٥٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ١٨٨ / ٧٤٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٤ / ١٤٢٢ ، الوسائل ٨ : ٢٢٨ أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ٢.

٢ ـ الكافي ١ : ١٢ / ١٠ ، الوسائل ١ : ٦٣ أبواب مقدمة العبادات ب ١٠ ح ١.

٣ ـ منهم العلامة في نهاية الإحكام ١ : ٦٨ ، والشهيد في الذكرى : ٩٨ , والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٢٣٧ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٥٧.

١٨٣

وقال : إنه حديث [ أبي‏‏ ] أمامة عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وأبي منصور عن زيد بن علي عليه‌السلام (١).

وهو ضعيف ، وأدلة وجوب الترتيب المتقدمة في بحثه من الأخبار تردّه.

( ولو لم تبق على أعضائه ) الماسحة ( نداوة أخذ من لحيته ) الغير المسترسل عن حدّ الوجه على الأحوط ، أو مطلقاً على الأقوى كما عن الذكرى (٢) ؛ لإطلاق الروايات. وتعيّن الأول منقول عن العلّامة في النهاية (٣) ( وأجفانه ) لا مع البقاء كما تقدّم في مسح الرأس.

( ولو لم تبق نداوة ) أصلاً ( يستأنف الوضوء ) من أوّله ؛ لوجوب المسح ، وعدم صحته بغير البلّة ، وللروايات المنجبر ضعفها بالشهرة ، ففي الخبر : « وإن لم يكن في [ لحيته‏‏ ] بلل فلينصرف وليعد الوضوء » (٤).

وفي آخر : « وإن لم يبق من بلة وضوئك شيء أعدت الوضوء » (٥) ومثله في آخر (٦).

وهو (٧) مع إمكان المسح بالبلة بالوضوء ثانيا لكثرة الماء واعتدال الهواء مقطوع به في كلام الأصحاب مدلول عليه بالروايات.

وأمّا مع العدم ففي وجوبه حينئذ مع استئناف ماء جديد للمسح كما عن‏

__________________

١ ـ نقله عنه في المختلف : ٢٧ ، وما بين المعقوفين أضفناها من المصدر.

٢ ـ الذكرى : ٨٧.

٣ ـ نهاية الإحكام ١ : ٤٣.

٤ ـ التهذيب ٢ : ٢٠١ / ٧٨٨ ، الوسائل ١ : ٤٠٩ أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٧ ، ما بين المعقوفين في النسخ : رأسه. وما أثبتناه من المصدر.

٥ ـ الفقيه ١ : ٣٦ / ١٣٤ ، الوسائل ١ : ٤٠٩ أبواب الوضوء ب ٢١ ح ٨.

٦ ـ الكافي ٣ : ٣٥ / ٧ ، التهذيب ١ : ٨٧ / ٢٣٠ ، الاستبصار ١ : ٧٢ / ٢٢٠ ، علل الشرائع : ٢٨٩ / ٢ ، الوسائل ١ : ٤٤٦ أبواب الوضوء ب ٣٣ ح ٢.

٧ ـ أي الا ستئناف من رأس. منه رحمه الله.

١٨٤

المعتبر والمنتهى والبيان (١) للضرورة ، أو العدم والعدول إلى التيمم كما عن التحرير (٢) ، لإطلاق ما دل على لزوم التيمم مع عدم التمكن من الوضوء ، قولان ، ولعل الثاني أقوى ، والعمل بهما أحوط.

( ويعيد الصلاة ) وجوباً ( لو ترك غسل أحد المخرجين ) وما في حكمه (٣) وصلّاها في تلك الحال مطلقاً ، على الأصح الأشهر ؛ للمعتبرة المستفيضة ، منها الصحاح وغيرها ، ففي الصحيح فيمن بال وتوضأ ونسي الاستنجاء : « اغسل ذكرك ، وأعد صلاتك ، ولا تعد وضوءك » (٤) ومثله الصحيح الآخر (٥) والموثق (٦).

وفي الموثق : « إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثمَّ توضأت ونسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الإعادة ، فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صلّيت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك ، لأن البول مثل البراز » (٧) أو « ليس » كما في بعض نسخ الكافي (٨).

خلافاً للإسكافي ، فخص وجوب الإعادة في الوقت واستحبابها في‏

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ١٥٨ ، المنتهي ١ : ٧٠ ، البيان : ٩ ـ ١٠.

٢ ـ التحرير ١ : ١٠.

٣ ـ أي الاستنجاء بالأحجار. منه رحمه الله.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٦ / ١٣٣ الاستبصار ١ : ٥٢ / ١٥٠ ، الوسائل ١ : ٢٩٤ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٣.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٨ / ١٤ ، التهذيب ١ : ٤٧ / ١٣٥ الاستبصار ١ : ١٥٢ / ١٥٣ ، الوسائل ١ : ٢٩٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٧.

٦ ـ الكافي ١٦ / ١٨ : ٣ ، الوسائل ١ : ٢٩٤ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٥٠ / ١٤٦ الاستبصار ١ : ٥٥ / ١٦٢ ، علل الشرائع: ١٢ / ٥٨٠ ، الوسائل ١ : ٣١٩ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ٥.

٨ ـ الكافي ٣ : ١٩ / ١٧.

١٨٥

خارجه ، وكلامه في البول خاصة (١).

ولا مستند له سوى الجمع بين المعتبرة والروايات الآتية النافية للإعادة بقول مطلق ، بحمل الأولة على الوقت والثانية على الخارج. ولا شاهد له ، مع عدم التكافؤ ، لاعتضاد الأولة بالكثرة وصحة سند أكثرها والشهرة التي هي العمدة في الترجيح.

وللصدوق في ترك الاستنجاء من الغائط خاصة ، فلم يوجب الإعادة فيه في الفقيه مطلقاً (٢) ؛ ولعلّه للموثق : « لو أنّ رجلا نسي أن يستنجي من الغائط حتى يصلّي لم يعد الصلاة » (٣).

وفي المقنع في الخارج خاصة (٤) ؛ للموثق الآخر : في الرجل ينسى أن يغسل دبره بالماء حتى يصلي إلّا أنه قد تمسّح بثلاثة أحجار ، قال : « إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة وليعد الوضوء ، وإن كانت قد خرجت تلك الصلاة التي صلى فقد جازت صلاته وليتوضأ لما يستقبل من الصلاة » (٥).

وهما ـ مع تعارض كل من مستندهما مع الآخر فيتساقطان ـ لا يصلحان لمقاومة ما قدّمناه من المعتبرة بوجوه عديدة.

وللعماني ، فجعل الإعادة مطلقاً أولى (٦) ؛ ولعلّه للخبرين في أحدهما : في الرجل يتوضأ وينسى أن يغسل ذكره وقد بال ، فقال : « يغسل ذكره ولا يعيد

__________________

١ ـ نقله عنه في المختلف : ١٩ و ٢٠.

٢ ـ الفقيه ١ : ٢١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤٣ ، الاستبصار ١ : ٥٤ / ١٥٩ ، الوسائل ١ : ٣١٨ أبوب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ٣.

٤ ـ المقنع : ٥.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٥ / ١٢٧ ، الاستبصار ١ : ٥٢ / ١٤٩ ، الوسائل ١ : ٣١٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ١.

٦ ـ نقله عنه في المختلف : ٢٠.

١٨٦

الصلاة » (١).

ويرد عليهما ما تقدّم ، مضافاً إلى قصور سندهما واختصاصهما بالبول خاصة ، فلا يساعدان الإطلاق. وتتميمه بالموثق الأول للفقيه غير تام لمعارضة الموثق الثاني للمقنع إياه.

( ولا ) يجب أن ( يعيد الوضوء ) بترك أحد الاستنجاءين مطلقاً (٢) ، على الأشهر ( الأظهر ) (٣) للأصل ، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة الصريحة.

ففي الصحيح : عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء الصلاة ، قال : « يغسل ذكره ولا يعيد وضوءه » (٤) وقد تقدم مثله أيضاً (٥).

وتؤيده المعتبرة الأخرى الآمرة بإعادة الصلاة وغسل الذكر (٦) ، من دون تعرض للأمر بإعادته مع كون المقام مقامه.

خلافاً للصدوق في الفقيه ، فأوجب الإعادة في نسيان الاستنجاء من البول خاصة (٧) ؛ للمعتبرة ، منها الصحيح : عمّن توضأ وينسى غسل ذكره ،

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٨ / ١٤٠ ، الاستبصار ١ : ٥٤ / ١٥٧ ، الوسائل ١ : ٣١٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٠ ح ٢

والخبر والثاني : التهذيب ١ : ٥١ / ١٤٨ ، الاستبصار ١ : ٥٦ / ١٦٣ ، الوسائل ١ : ٢٩٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٦ ؛ بتفاوت يسير.

٢ ـ عمداُ كان الترك أو سهواً ، في الوقت أو خارجه. منه رحمه الله.

٣ ـ ليست في « ل » زيادة : الأقوى.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٨ / ١٥ التهذيب ١ : ٤٨ / ١٣٨ ، الاستبصار ١ : ٥٣ / ١٥٥ بتفاوت يسير ، الوسائل ١ : ٢٩٤ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ١.

٥ ـ في ص : ١٨٥.

٦ ـ الكافي ٣ : ١٨ / ١٤ ، التهذيب ١ : ٤٧ / ١٣٥ ، الاستبصار ١ : ٥٦ / ١٦٤ ، الوسائل ١ : ٢٩٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٧.

٧ ـ الفقيه ١ : ٢١.

١٨٧

قال : « يغسل ذكره ثمَّ يعيد الوضوء » (١) ومثله الموثق المتقدم (٢).

وهي لقصورها عن المقاومة لما تقدم من طرق شتّى يجب طرحها ، أو حملها على الاستحباب ، أو ارتكاب التأويل فيها بنحو آخر.

وفي المقنع ، فأطلق الإعادة حتى في نسيان الاستنجاء من الغائط ظاهراً (٣) ؛ للموثق المتقدم (٤) مستنداً له فيما تقدم من عدم إعادة الصلاة في خارج الوقت كما اختاره في هذا الكتاب.

وهو وإن لم أقف له على معارض هنا ، إلّا أن تطرّق القدح إليه من الجهات المتقدمة ، ودلالته على عدم كفاية الاستجمار بدلاً عن الماء مع كونها مجمعاً عليها فتوىً وروايةً ، يمنع من التمسك به. مع أنّ ظاهر الأصحاب الإجماع على عدم إعادة الوضوء هنا. هذا مع احتمال حمل الوضوء فيه كالوضوء في كلامه على الاستنجاء بالماء. فتأمّل.

( ولو كان الخارج ) من السبيلين ( أحد الحدثين ) خاصة ( غسل مخرجه دون ) مخرج ( الآخر ) إجماعاً ، كما عن المعتبر والذكرى (٥) للأصل ، والموثق : « إذا بال الرجل ولم يخرج منه شيء غيره فإنّما عليه أن يغسل إحليله وحده ، ولا يغسل مقعدته ، فإن خرج من مقعدته شيء ولم يبل فإنّما عليه أن يغسل المقعدة وحدها ولا يغسل الإحليل » (٦).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤٢ ، الاستبصار ١ : ٥٤ / ١٥٨ ، الوسائل ١ : ٢٩٦ أبواب نواقض الوضوء ب ١٨ ح ٩.

٢ ـ في ص : ١٨٥.

٣ ـ المقنع : ٥.

٤ ـ في ص : ١٨٦.

٥ ـ المعتبر ١ : ١٧٤ ، الذكرى : ٢١.

٦ ـ التهذيب ١ : ٤٥ / ١٢٧ ، الاستبصار ١ : ٥٢ / ١٤٩ ، الوسائل ١ : ٣٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٨ ح ١.

١٨٨

( وفي جواز مسّ كتابة المصحف للمحدث ) بالحدث الأصغر ، أم العدم ( قولان ، أصحهما المنع ) وهو أشهرهما ، بل عن ظاهر التبيان ومجمع البيان : إجماعنا عليه وعلى رجوع الضمير في ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) (١) إلى القرآن دون الكتاب (٢).

لهذه (٣) الآية بمعونة ما ذكر ، مع تفسيرها بذلك في الخبر : « المصحف لا تمسّه على غير طهر ، ولا جنباً ، ولا تمسّ خطه أو خيطه ـ على الاختلاف في النسخة ـ ولا تعلّقه ، إنّ اللّه تعالى يقول ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) (٤).

ومثله آخر مروي في مجمع البيان عن مولانا الباقر عليه‌السلام (٥).

هذا مضافاً إلى المعتبرة المعتضدة أو المنجبرة بالشهرة ، والآية بمعونة التفسير الوارد عن أهل العصمة.

ففي الموثق عمّن قرأ القرآن وهو على غير وضوء ، قال : « لا بأس ، ولا يمسّ الكتاب » (٦).

وفي المرسل : « لا تمسّ الكتابة ، ومسّ الورق » (٧).

ويؤيده الصحيح : عن الرجل أ يحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح‏

__________________

١ ـ الواقعة : ٧٩.

٢ ـ التبيان ٩ : ٥١٠ ، مجمع البيان ٥ : ٢٢٦.

٣ ـ متعلق بقوله : اصحهما المنع. منه رحمه الله.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٢٧ / ٣٤٤ ، الاستبصار ١ : ١١٣ / ٣٧٨ ، الوسائل ١ : ٣٨٤ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٣.

٥ ـ مجمع البيان ٥ : ٢٢٦ ، الوسائل ١ : ٣٨٥ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٥.

٦ ـ الكافي ٣ : ٥٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٢٧ / ٣٤٣ ، الاستبصار ١ : ١١٣ / ٣٧٧ ، الوسائل ١ : ٣٨٣ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٢٦ / ٣٤٢ ، الاستبصار ١ : ١١٣ / ٣٧٦ ، الوسائل ١ : ٣٨٣ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٢.

١٨٩

والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال : « لا » (١) بناء على أن المنع من الكتابة فيه للمحدث لعلّه من حيث احتمال تحقق المساورة لأصل الكتابة فمنع عنها من باب المقدمة ، وإلّا فلا قائل به على الظاهر.

خلافاً للمبسوط وابني برّاج وإدريس (٢) ، فالكراهة ؛ للأصل ، وضعف سند الأخبار ودلالة الآية باحتمال عود الضمير فيها إلى الكتاب المكنون ، والتطهير : التطهير من الكفر. وضعف الجميع ظاهر بما تقدّم.

وليس في النهي عن التعليق ومس الخيط الذي هو للكراهة اتفاقاً من المشهور دلالة على كون النهي عن المس لها أيضاً لوحدة السياق لمعارضته (٣) بنهي الجنب فيه عنه أيضاً ، وهو للتحريم إجماعاً ، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى ، فيكون النهي عن المس كذلك أيضا لذلك (٤) ، وتعارض السياقين يقتضي بقاء النهي عن المس على ظاهره.

هذا مع احتمال كون المنهي فيه عن تعليقه ما يمكن فيه مساورة كتابته لجسده ، ولا تصريح فيه لغيره ، وكون (٥) الخط بدل الخيط كما في النسخة الأخرى ، فيكون (٦) حينئذ تأكيداً للنهي عن مس الكتابة ، أو بياناً لأنواع المنهي عنه في المس ، ولا إجماع على الكراهة في شيء من ذلك ، فلا سياق يشهد على الكراهة أصلاً.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٢٧ / ٣٤٥ ، الوسائل ١ : ٣٨٤ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٤ ، ورواها في البحار ١٠ : ٢٧٧.

٢ ـ المبسوط ١ : ٢٣ ، ابن البراج في المهذب ١ : ٣٢ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٥٧.

٣ ـ علة لقوله : ليس في النهي دلالة. منه رحمه الله.

٤ ـ أي وحدة السياق. منه رحمه الله.

٥ ـ أي ولاحتمال ، فهو عطف على قوله : المنهي. منه رحمه الله.

٦ ـ أي النهي عن الأمرين. منه رحمه الله.

١٩٠

( أمّا الغسل‏‏ )

( ففيه : الواجب والندب ) :

( فالواجب منه ستة ) على الأشهر الأظهر ، كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.

١٩١

( الأول ) :

( غسل الجنابة : والنظر ) فيه في أمور ثلاثة :

الأوّل ( في موجبه ) وسببه.

( و ) الثاني في ( كيفيته ).

( و ) الثالث في ( أحكامه ).

( أمّا الموجب له فأمران‏‏ ) الأوّل ( إنزال المني ) وخروجه إلى خارج الجسد ـ لا مطلقا ـ بجماع أو غيره ( يقظة أو نوماً ) رجلاً كان المنزل أو امرأة ، إجماعاً في الأوّل ، واشتهاراً في الثاني ، بل كاد أن يكون اتفاقاً كما حكي في كلام جماعة (١) ، بل في بعضها إجماع الأمّة (٢) ، والصحاح به مستفيضة كغيرها.

منها الصحيح : في الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج وتنزل المرأة هل عليها غسل؟ قال : « نعم » (٣).

وفي آخر : عن المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل ، قال : « إن أنزلت فعليها الغسل ، وإن لم تنزل فليس عليها الغسل » (٤).

__________________

١ ـ انظر التذكرة ١ : ٢٣ ، الذخيرة : ٤٩ ، كشف اللثام ١ : ٧٨.

٢ ـ كما في المعتبر ١ : ١٧٧ ، المدارك ١ : ٢٦٧ ، شرح المفاتيح ( المخطوط ).

٣ ـ الكافي ٦ / ٤٧ : ٣ ، التهذيب ١ : ١٢٥ / ٣٣٧ ، الوسائل ٢ : ١٨٦ أبواب الجنابة ب ٧ ح ٣.

٤ ـ الكافي ٣ : ٤٨ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٢٣ / ٣٣١ ، الاستبصار ١ : ١٠٧ / ٣٥٢ الوسائل ٢ :

١٩٢

نعم بإزائها أخبار معتبرة (١) ، إلّا أنها في الظاهر شاذة لا يرى القائل بها ، ولم ينقل إلّا عن ظاهر الصدوق في المقنع ، لكن عبارته النافية في احتلامها خاصة (٢).

والأصل في المسألة بعد إجماع العلماء كافة ـ كما ادعاه جماعة (٣) ـ الآية الكريمة (٤) ، والنصوص المستفيضة التي كادت تكون متواترة بل هي متواترة بالبديهة.

منها كالصحيح : « كان عليّ عليه‌السلام (٥) لا يرى في شيء الغسل إلّا في الماء الأكبر » (٦) والحصر إضافي بالنسبة إلى الوذي والودي والمذي.

ومقتضى إطلاقه كغيره كالمتن ـ وعن صريح غيره ـ (٧) عدم الفرق في ذلك بين خروجه عن المحل المعتاد ، أو غيره مطلقاً وإن لم يعتد أو ينسد الخلقي.

وربما قيل باختصاصه بالأول أو الثاني مع اعتبار أحد الأمرين فيه للأصل ، وعدم انصراف إطلاق النصوص إلى غيرهما.

وهو أقوى كما عن الذكرى (٨) ، فلا فرق بينه وبين الحدث الأصغر ، ولكن‏

__________________

١٨٧ أبواب الجنابة ب ٧ ح ٥ ، ورواها في الفقيه ١ : ٤٨ / ١٩٠ مرسلاً.

١ ـ الوسائل ٢ : ١٩١ أبواب الجنابة ب ٧ احاديث ، ١٩ الي ٢٢.

٢ ـ المقنع : ١٣.

٣ ـ منهم العلامة في التذكرة ١ : ٢٣ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٦٧ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٧٨.

٤ ـ المائدة : ٦.

٥ ـ في النسخ زيادة : يقول.

٦ ـ التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٥ ، الاستبصار ١ : ١٠٩ / ٣٦١ ، الوسائل ٢ : ١٨٨ أبواب الجنابة ب ٧ ح ١١.

٧ ـ كالعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٩٩ ، والمنتهي ١ : ٨١.

٨ ـ الذكرى : ٢٧.

١٩٣

الأوّل أحوط.

ومنه ينقدح وجه الإشكال في التعميم بالنسبة إلى الخالي عن الصفات الغالبة لو لا الإجماعات المنقولة (١) ، ولكنها كافية في إثباته.

ولا ينافيه الصحيح : عن الرجل يلعب مع المرأة يقبّلها ، فيخرج منه المني ، فما عليه؟ قال : « إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر فعليه الغسل ، وإن كان إنّما هو شيء لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس » (٢) ومثله الآخر : « إذا أنزلت بشهوة فعليها الغسل » (٣).

لحملهما على صورة الاشتباه كما فهمه الأصحاب ، أو التقية لاشتهاره بين العامة ونقل عن مالك وأحمد وأبي حنيفة (٤). على أنّ المنافاة في الثاني بالمفهوم الوارد مورد الغالب ، ولا عبرة به.

ثمَّ إنّ هذا مع القطع بكون الخارج منياً ( و ) أمّا ( لو اشتبه ) بغيره ( اعتبر ) في الرجل الصحيح ( بالدفق ) والشهوة و ( فتور البدن ) إذا خرج ، فما اشتمل عليها جميعاً أوجبه وإلّا فلا ؛ للصحيح المتقدم ، مضافاً إلى الأصل في الثاني (٥). فتأمل.

وكذلك في المرأة ، كما يقتضيه إطلاق المتن كغيره. ولم يساعده الصحيح المزبور لاختصاصه بالرجل. ولعلّه لإطلاق الآية بتوصيف الماء

____________

١ ـ كما في كشف اللثام ١ : ٧٨ ، شرح المفاتيح ( المخطوط ).

٢ ـ التهذيب ١ : ١٢٠ / ٣١٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤٢ ، الوسائل ٢ : ١٩٤ أبواب الجنابة ب ٨ ح ١.

٣ ـ الكافي ٣ : ٤٧ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٢٣ / ٣٢٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٤ ، الوسائل ٢ : ١٨٦ أبواب الجنابة ب ٧ ح ٢.

٤ ـ نقلها ابن رشد في بداية المجتهد ١ : ٤٧ ، والكاساني في بدائع الصنائع ١ : ٣٧ ، وابن قدامة في المغني ١ : ٢٣٠ ، والمرداوي في الأنصاف ١ : ٢٢٨.

٥ ـ أي إذا لم يشتمل فلا يجب. منه رحمه الله.

١٩٤

بالدافق (١) ، وفيه تأمل.

والأظهر فيها الاكتفاء بمجرّد الشهوة للصحيح المتقدم ذيل الصحيح الأوّل ، وغيره : « إذا جاءت الشهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل » (٢).

وعن نهاية الإحكام الاستشكال في ذلك (٣) ولعلّه لإطلاق الآية ، والاكتفاء في هذه الأخبار بمجرّد الشهوة. وقد عرفت ما في الأوّل.

والاكتفاء بالأول في الأول (٤) ؛ كما عن ظاهر نهاية الإحكام والوسيلة والمبسوط والاقتصاد والمصباح ومختصره وجمل العلم والعمل والعقود والمقنعة والتبيان والمراسم والكافي والإصباح ومجمع البيان وروض الجنان وأحكام الراوندي (٥) ؛ لعلّه للآية. إلّا أنّها معارضة بالصحيح المتقدم المعتبر فيه الاُمور الثلاثة ، إلّا أن يحمل على الغالب ، لكنه ليس بأولى من حملها عليه ، المستلزم لعدم شمولها للماء الدافق خاصة ، لغلبة مصاحبة الدفق باقي الأوصاف ، وتجرّده عنها فرد نادر لا يحمل عليه ، والأصل يقتضي العدم. واللّه العالم. وكيف كان فهو أحوط.

واعتبار الأوصاف المزبورة للصحيح المتقدم خاصة مع الاعتضاد بعمل الطائفة ، لا لكونها صفات لازمة غالبة حتى يعتبر فيه قربه من رائحة الطلع وغير ذلك ، لأنه لا يستفاد منه إلّا الظن ولا عبرة به ، ولا ينقض يقين الطهارة إلّا بمثله ،

__________________

١ ـ الطارق : ٦.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٧ / ٧ ، التهذيب ١ : ١٢٢ / ٣٢٦ ، الوسائل ٢ : ١٨٧ أبواب الجنابة ب ٧ ح ٤.

٣ ـ نهاية الإحكام ١ : ١٠٠.

٤ ـ أي الدفق في الرجال. منه ورحمه الله.

٥ ـ نهاية الإحكام ١ : ٩٨ ، الوسيلة : ٥٥ ، المبسوط ١ : ٢٧ ، الاقتصاد : ٢٤٤ مصباح المتجهد : ٨ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٢٥ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٠ المغنعة : ٥١ ، التبيان ٣ : ٤٥٧ ، المراسم : ٤١ الكافي في الفقه : ١٢٧ ، مجمع البيان ٢ : ١٦٧ ، روض الجنان : ٤٨ فقه القرآن ١ : ٣٢.

١٩٥

لا به ، نعم الأحوط المراعاة.

( وتكفي في المريض الشهوة ) خاصة ؛ للصحاح منها : في الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة فيستيقظ وينظر فلا يجد شيئا ثمَّ يمكث بعد فيخرج ، فقال : « إن كان مريضاً فليغتسل ، وإن لم يكن مريضاً فلا شيء عليه » قال قلت : فما فرق بينهما؟ فقال : لأنّ الرجل إذا كان صحيحاً جاء الماء بدفعة وقوة ، وإذا لم يكن صحيحاً لم يجيء إلّا بعد » (١).

( و ) يجب أن ( يغتسل المستيقظ إذا وجد منياً على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به ) مع إمكان كونه منه ، وعدم احتماله من غيره.

للموثق : عن الرجل ينام ولم ير في نومه أنه احتلم ، فوجد في ثوبه وعلى فخذه الماء ، هل عليه غسل؟ قال : « نعم » (٢).

ومثله في آخر : عن الرجل يرى في ثوبه المني بعد ما يصبح ، ولم يكن رأى في منامه أنه احتلم ، قال : « فليغتسل ويغسل ثوبه » (٣).

وظاهر إطلاقهما جواز الاكتفاء بالظاهر هنا عملاً بشهادة الحال ، ونقل القطع به هنا عن الشيخ والفاضلين والشهيد وغيرهم (٤) ، وعن التذكرة الإجماع عليه (٥).

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٦٩ / ١١٢٤ ، الاستبصار ١ : ١١٠ / ٣٦٥ ، الوسائل ١٩٥ : ٢ أبواب الجنابة ب ٨ ح ٣ ، وفي الجميع بتقاوت يسير.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤٩ / ٧ ، التهذيب ١ : ٣٦٨ / ١١١٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦٨ / ١١١ ، الوسائل ٢ : ١٩٨ أبواب الجنابة ب ١٠ ح ١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٦٧ / ١١١٨ ، الاستبصار ١ : ١١١ / ٣٦٧ ، الوسائل ٢ : ١٩٨ أبواب الجنابة ب ١٠ ح ٢.

٤ ـ الشيخ في النهاية : ٢٠ ، المحقق في المعتبر ١ : ١٧٨ ، العلامة في نهاية الإحكام ١ : ١٠١ ، والتحرير ١ : ١٢ ، الشهيد في الذكرى : ٢٧ ؛ وانظر الذخيرة ٥١ ، وكشف اللثام ١ : ٧٩.

٥ ـ التذكرة ١ : ٢٣.

١٩٦

وينبغي الاقتصار فيه على ظاهر موردهما من وجدانه عليهما بعد الانتباه كظاهر المتن ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل المتيقن ـ من عدم نقض اليقين إلّا بمثله الوارد في الصحاح (١) وغيرها المعتضدة بالاعتبار وغيره ـ على القدر المتيقن من الروايتين.

فلا يجب الغسل بوجدانه عليهما مطلقاً ، بل ينحصر الوجوب في الصورة المزبورة دون غيرها.

وعليه يحمل الخبر : عن الرجل يصيب بثوبه منياً ولم يعلم انه احتلم ، قال : « ليغسل ما وجد بثوبه وليتوضأ » (٢).

وحمله على ما سيأتي من الثوب المشترك كما عن الشيخ (٣) بعيد.

ومنه الوجدان في الثوب المشترك مطلقاً ـ ولو بالتعاقب ـ مع وجدان صاحب النوبة له بعد عدم العلم بكونه منه واحتمال كونه من الشريك ، وفاقا لظاهر المتن ، وغيره ظاهرا كما في عبارة (٤) ، وصريحا كما في اُخري (٥).

وعن الدروس والروض والمسالك : وجوبه على صاحب النوبة (٦) ولعلّه لأصالة التأخر ، المعارضة بأصالة الطهارة وغيرها ، فليس بشي‏ء ، إلّا أن يستند إلى إطلاق الروايتين ، ولعلّه خلاف المتبادر منهما. ولكنه أحوط.

وحيث لا يجب الغسل عليهما ففي جواز ائتمام أحدهما بالآخر ، كما

__________________

١ ـ الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٧٦ / ١١١٧ ، الاستبصار ١ : ١١١ / ٣٦٩ ، الوسائل ٢ : ١٩٨ أبواب الجنابة ب ١٠ ح ٣.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٦٨ ، الاستبصار ١ : ١١١.

٤ ـ راجع النهاية : ٢٠.

٥ ـ انظر جامع المقاصد ١ : ٢٥٨ ، وكشف اللثام ١ : ٧٩.

٦ ـ الدروس ١ : ٩٥ ، روض الجنان : ٤٩ ، المسالك ١ : ٧.

١٩٧

عن التحرير والتذكرة والمنتهى ونهاية الإحكام (١) ، وهو صريح غيرها (٢).

أم العدم ، كما عن المعتبر والشهيدين (٣).

قولان ، أحوطهما الثاني ؛ احتياطاً في العبادة ، وتحصيلاً للبراءة اليقينية ، وإن كان الأوّل أقوى ، لإناطة التكليف بالظاهر ، وعدم العبرة بنفس الأمر ولو علم به إجمالاً ، ولذا تصح صلاتهما وتسقط أحكام الجنابة عنهما قطعاً ووفاقاً.

ويعيد من وجب عليه الغسل كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة ، وفاقاً للأشهر اقتصاراً فيما خالف الأصل على القدر المتيقن. وفيه قول آخر للمبسوط وغيره (٤) ضعيف لا دليل عليه.

( و ) الثاني ( الجماع في القبل ) إجماعاً من المسلمين كافة ، ولو في الميتة إجماعاً منّا خاصة خلافا لأبي حنيفة (٥).

والصحاح وغيرها به مستفيضة ، منها الصحيح : عن الرجل يجامع المرأة قريباً من الفرج فلا ينزلان ، متى يجب الغسل؟ فقال : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل » (٦).

وفي آخر : « إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم » (٧).

( وحدّه غيبوبة الحشفة ) للصحيح : قلت : التقاء الختانين هو غيبوبة

__________________

١ ـ التحرير ١ : ١٢ ، التذكرة ١ : ٢٣ ، المنتهي ١ : ٨١ ، نهاية الإحكام ١ : ١٠١.

٢ ـ كالمدارك ١ : ٢٧٠ ، الحدائق ٣ : ٢٧.

٣ ـ المعتبر ١ : ١٧٩ ، الشيهد الأول في البيان : ٥٤ الشهيد الثاني في روض الجنان : ٤٩.

٤ ـ المبسوط ١ : ٢٨ ؛ وانظر المسالك ١ : ٧.

٥ ـ نقله عنه في المغني والشرح الكبير ١ : ٢٣٥.

٦ ـ الكافي ٣ : ٤٦ / ٢ ، التهذيب ١ : ١١٨ / ٣١١ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٩ ، الوسائل ٢ : ١٨٣ أبواب الجنابة ب ٦ ح ٢.

٧ ـ الكافي ٣ : ٤٦ / ١ ، التهذيب ١ : ١١٨ / ٣١٠ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٨ ، الوسائل ٢ : ١٨٢ أبواب الجنابة ب ٦ ح ١.

١٩٨

الحشفة؟ قال : « نعم » (١).

أو قدرها في مقطوع الذكر كما عن ظاهر الأصحاب (٢) لا غير ، اقتصاراً في مخالفة الأصل على المتيقن. وربما احتمل الاكتفاء فيه بالمسمى (٣) ؛ لظاهر إطلاق : « إذا أدخله ». وهو ضعيف لحمله على الغالب وهو غيره ، فلا يشمله ، مع تقييده في صحيح الذكر بقدر الحشفة بالصحيح المتقدم.

ومقتضى إطلاق الصحاح وصريح المتقدم منها كالإجماع : الاكتفاء بالدخول في وجوب الغسل و ( إن أكسل ) عن الإنزال.

( وكذا ) يجب الغسل على الفاعل والمفعول في الجماع ( في دبر المرأة ) مع إدخال قدر الحشفة ( على الأشبه ) الأشهر ، بل نقل عليه المرتضى إجماع المسلمين كافة ، بل ادعى كونه ضروري الدين (٤).

لفحوى الصحيح : « أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟ » (٥).

وخصوص المرسل ـ المنجبر بالشهرة ، المؤيد بإطلاق الملامسة في الآية (٦) ، المفسّرة بالإجماع والصحيح (٧) بالوقاع في الفرج الشامل للقبل والدبر لغة وعرفاً ، وبالإدخال في المعتبرة (٨) ـ : في رجل يأتي أهله من خلفها ، قال :

__________________

١ ـ نقدم مصدره في الهامش ٦ ص : ١٩٨.

٢ ـ انظر مشارق الشموس : ١٦٠.

٣ ـ كما في كشف اللثام ١ : ٨٥.

٤ ـ حكاه عنه في المختلف : ٣١.

٥ ـ التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٤ ، السرائر ١ : ١٠٨ ، الوسائل ٢ : ١٨٤ أبواب الجنابة ب ٦ ح ٥.

٦ ـ المائدة ٦ ، النساء ٤٣.

٧ ـ التهذيب ١ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ١ : ٨٧ / ٢٧٨ ، الوسائل ١ : ٢٧١ أبواب نواقض الوضوء ب ٩ ح ٤.

٨ ـ لم نعثر على رواية فُسرت االملامسة بالإدخال ، ولكن قد فسرت في عدّة روايات بالجماع والوقاع. اُنظر الوسائل ١ : ٢٧٣ أبواب نواقض الوضوء ب ٩ ح ١١ إلى ١٤.

١٩٩

« هو أحد المأتيين فيه الغسل » (١).

مضافاً إلى الإجماع المنقول (٢) المتلقى حجيته ـ مطلقاً وفي خصوص المقام عند أكثر الأصحاب ـ بالقبول.

خلافاً لظاهر الاستبصار والنهاية وسلّار (٣) ، فلم يوجباه.

للأصل ، والصحيح : عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج ، أعليها غسل إن أنزل هو ولم تنزل هي؟ قال : « ليس عليها غسل ، وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل » (٤).

والمراسيل منها : « إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما ، وإن أنزل فلا غسل عليها وعليه الغسل » (٥).

ومنها : في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي صائمة ، قال : « لا ينقض صومها وليس عليها غسل » (٦) ونحوه غيره (٧).

وفي الجميع نظر لتخصيص الأول بما تقدّم ؛ وعدم الصراحة في الثاني لاحتمال إرادة التفخيذ ، بل ولا يبعد عدم الظهور بناء على شمول الفرج حقيقة للدبر كما تقدّم ، فتأمل ؛ والضعف بالإرسال في البواقي ، مع عدم الصراحة في

__________________

١ ـ التهذيب ٧ : ٤١٤ / ١٦٥٨ ، الاستبصار ٣ : ٢٤٣ / ٨٦٨ ، الوسائل ٢ : ٢٠٠ أبواب الجنابة ب ١٢ ح ١.

٢ ـ نقله عن السيد المرتضي في المختلف : ٣١.

٣ ـ الاستبصار ١ : ١١٢ ، النهاية ١٩ ، سلار في المراسم : ٤١.

٤ ـ الفقيه ١ : ٤٧ / ١٨٥ ، التهذيب ١ : ١٢٤ / ٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ١١١ / ٣٧٠ ، الوسائل ٢ : ١٩٩ أبواب الجنابة ب ١١ ح ١.

٥ ـ الكافي ١ : ٤٧ / ٨ ، التهذيب ١ : ١٢٥ / ٣٣٦ ، الاستبصار ١ : ١١٢ / ٣٧١ ، الوسائل ٢ : ٢٠٠ أبواب الجنابة ب ١٢ ح ٢.

٦ ـ التهذيب ٤ : ٣١٩ / ٩٧٥ ، مستطرفات السرائر : ١٠٣ / ٤٠ ، الوسائل ٢ : ٢٠٠ أبواب الجنابة ب ١٢ ح ٣.

٧ ـ التهذيب ٧ : ٤٦٠ / ١٨٤٣ ، الوسائل ٢ : ٢٠٠ أبواب الجنابة ب ١٢ ح ٣.

٢٠٠