رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

وعن التذكرة احتمال الكراهة للأصل ، وضعف المعتبرة (١). وهو كما ترى.

( ولا الحجر المستعمل ) لما تقدّم. ولا المطعوم إجماعاً ، كما عن المنتهى (٢) لفحوى علّة المنع في العظم (٣) ، وخصوص الخبرين في الخبز (٤).

وفي الخبر : سأله عن صاحب له فلّاح يكون على سطحه الحنطة والشعير ، فيطؤونه ويصلّون عليه ، فغضب وقال : « لو لا أني أرى أنه من أصحابنا للعنته » (٥).

ولا المحترم ، كورق المصحف ونحوه ممّا كتب عليه اسمه سبحانه ، أو اسم أحد الأنبياء أو الأئمة عليهم‌السلام لفحوى ما دلّ على منع مسّ المحدث بالجنابة مثلا في الأوّلين ، وكونه إهانة موجبة للكفر لو فعل بقصدها في الجميع ، مضافاً إلى فحوى الخبر المذكور في الحنطة والشعير.

وكالتربة الحسينية على مشرّفها السّلام لما ذكر ، وللخبر الطويل عن أمالي الشيخ (٦).

____________

١ ـ التذكرة ١ : ١٤.

٢ ـ المنتهي ١ : ٤٦.

٣ ـ لأنه لو كان طعام الجن يحرم الاستنجاء به فطعام المؤمن بطريق أولي. منه رحمه الله.

٤ ـ الأول :

الكافي ٦ : ٣٠١ / ١ ، المحاسن : ٥٨٦ / ٨٥ ، الواسائل ١ : ٣٦٢ أبواب أحكام ، الخلوة ب ٤٠ ح ١.

الثاني :

تفسير العياشي ٢ : ٢٧٣ / ٧٩ ، الوسائل ٢٤ : ٣٨٦ أبواب آداب المائده ب ٧٩ ح ٦.

٥ ـ المحاسن : ٥٨٨ / ٨٨ ، الوسائل ٢٤ : ٣٨٥ أبواب آداب المائدة ب ٧٩ ح ٣ ؛ وفيهما بتفاوت يسير.

٦ ـ أمالي الطوسي : ٣٢٨.

١٠١

وفي الإجزاء مع الاستعمال وجهان ، والأحوط : العدم ، وفاقاً لجماعة (١). وقيل : نعم (٢). وهو مشكل ، وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعليل النهي عن العظم والروث بأنهما لا يطهّران (٣). فتأمّل.

( وسننها ).

ستر البدن كملاً ، بتبعيد مذهب (٤) ، أو دخول بيت ، أو ولوج حفرة ؛ تأسياً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) ، وللخبر في المحاسن في وصية لقمان لابنه : « إذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض » (٦).

وارتياد موضع مناسب للبول بالجلوس في مكان مرتفع أو ذي تراب كثير ؛ تأسيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) ، وتوقياً منه ، وللخبرين : « من فقه الرجل أن يرتاد موضعاً لبوله » (٨).

والتقنع عند الدخول للأخبار ، منها ما في مجالس الشيخ في وصية

__________________

١ ـ منهم الشيخ في المبسوط ١ : ١٧ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٦٩ ، والمحقق في الشرائع ١ : ١٩.

٢ ـ قال به العلامة في التذكرة ١ : ١٣.

٣ ـ راجع سنن الدار قطني ١ : ٥٦ / ٩.

٤ ـ المذهب : موضع الغائط. لسان العرب ١ : ٣٩٤.

٥ ـ الوسائل ١ : ٣٠٥ أبواب أحكام الخلوة ب ٤ ح ٣.

٦ ـ الفقيه ٢ : ١٩٤ / ٨٨٤ ، المحاسن : ٣٧٥ / ١٤٥ ، الوسائل ١ : ٣٠٥ أبواب أحكاه الخلوة ب ٤ ح ١.

٧ ـ الفقيه ١ : ١٦ / ٣٦ ، التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٧ ، علل الشرائع : ٢٧٨ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢ ح ٢.

٨ ـ الأول :

الكافي ٣ : ١٥ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢ ح ١.

الثاني :

التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٦ ، الوسائل ١ : ٣٣٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٢ ح ٣.

١٠٢

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر رحمه‌الله : « يا أبا ذر استحي من اللّه ، فإني ـ والذي نفسي بيده ـ لاُظلّ حين أذهب إلى الخلاء متقنّعا بثوبي استحياءً من الملكين اللذين معي » (١).

وبفحوى هذه الأخبار ربما يمكن الاستدلال لاستحباب ( تغطية الرأس عند الدخول ) لو كان مكشوفا ، مضافاً إلى الاتفاق المحكي عن المعتبر والذكرى (٢).

وفي الفقيه : إقرارا بأنه غير مبرئ نفسه من العيوب (٣).

وفي المقنعة : إنه يأمن به من عبث الشيطان ، ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه ، وأن فيه إظهار الحياء من اللّه سبحانه لكثرة نعمه على العبد وقلّة الشكر منه (٤).

( والتسمية ) دخولاً وخروجاً بالمأثور في الروايات ، منها الصحيح (٥) ، وفيما وجده الصدوق رحمه‌الله بخط سعد بن عبد اللّه مسنداً : « من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء : بسم اللّه وباللّه أعوذ باللّه من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم » (٦).

واستحباب مطلقها محتمل. وربما يستفاد من بعضها استحباب الإخفات بها (٧).

__________________

١ ـ أمالي الطوسي : ٥٤٥ ، الوسائل ١ : ٣٠٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٣ ح ٣.

٢ ـ المعتبر ١ : ١٣٣ الذكرى : ٢٠.

٣ ـ الفقيه ١ : ١٧.

٤ ـ المقنعة : ٣٩.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٥ / ٦٣ ، الوسائل ١ : ٣٠٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ١.

٦ ـ الفقيه ١ : ١٧ / ٤٢ ، الوسائل ١ : ٣٠٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ٨.

٧ ـ الوسائل ١ : ٣٠٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ٧.

١٠٣

وعند (١) التكشف مطلقاً ؛ للخبرين « إذا انكشف أحدكم لبول أو غيره فليقل : بسم اللّه ، فإنّ الشيطان يغضّ بصره » (٢).

( وتقديم الرجل اليسرى ) عند الدخول لفتوى الجماعة (٣) ، مع المسامحة في أدلة الندب والكراهة.

وهو في البناء واضح ، وفي الصحراء مثلاً يتحقق بتقديمها إلى المجلس. وربما يخص بالأول ، والتعميم نظرا إلى ما قدّمناه أقرب لفتوى البعض (٤).

( والاستبراء ) للرجل في البول ، توقياً عن نقض الطهارتين ، كما يستفاد من الإجماع المحكي عن ابن إدريس (٥) ، وفتاوي الأصحاب ، والمعتبرة ، منها : الحسن : « في الرجل يبول ، ثمَّ يستنجي ثمَّ يجد بعد ذلك بللاً ، قال : إذا بال فخرط ما بين المقعدة والاُنثيين ثلاث مرّات وغمز بينهما ثمَّ استنجى ، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي » (٦).

وعليها يحمل إطلاق ما دلّ على عدم البأس بالبلل الحادث بعد البول (٧).

__________________

١ ـ عطف على قوله دخولاً وخروجاً منه رحمه الله.

٢ ـ الاول :

الفقيه ١ : ١٨ / ٤٣ ، ثواب الأعمال : ٣٧ ، الوسائل ١ : ٣٠٨ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ٩.

الثاني :

التهذيب ١ : : ٣٥٣ / ١٠٤٧ ، الوسائل ١ : ٣٠٧ أبواب أحكام الخلوة ب ٥ ح ٤.

٣ ـ منهم المفيد في المقنعة : ٣٩ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٣٩ والمحقق الكاشاني في المفاتيح ١ : ٤٢.

٤ ـ كالعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٨١.

٥ ـ انظر السرائر ١ : ٩٦.

٦ ـ التهذيب ١ : ٢٠ / ٥٠ الاستبصار ١ : ٩٤ / ٣٠٣ ، الوسائل ١ : ٢٨٢ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٢ ؛ والسوق جمع الساق.

٧ ـ الوسائل ١ : ٢٨٢ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ١ ، ٤.

١٠٤

وفيه إشعار بعدم الوجوب.

وهو مع الشهرة العظيمة ، وخلو الأخبار المستفيضة الواردة في الاستنجاء من البول عن الأمر به بالمرة ، كالصحيح : « إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء » (١) بل وإشعار بعضها بانحصار الواجب فيه في غسل الإحليل خاصة ، كالموثق : « إذا بال الرجل ولم يخرج منه شيء فإنما عليه أن يغسل إحليله وحده ولا يغسل مقعدته » (٢) فتأمل.

كافٍ في حمل الصحيحين (٣) الآمرين به على الاستحباب ، مع عدم صراحتهما ، وإشعار ذيلهما بكون المقصود منه ما قدّمنا لا الوجوب.

ويؤيده الخبران المشعران بترك مولانا الصادق وأبي الحسن عليهما‌السلام إيّاه ، ففي أحدهما : بال الصادق عليه‌السلام وأنا قائم على رأسه [ ومعي إداوة (٤) ، أو قال : كوز ] فلما انقطع شخب (٥) البول قال بيده هكذا : إليّ ، فناولته ، فتوضأ مكانه (٦).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٧ / ٨ التهذيب ١ : ٣٥٦ / ١٠٦٥ ، الوسائل ١ : ٣٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٥ / ١٢٧ ، الاستبصار ١ : ٥٢ / ١٤٩ ، الوسائل ١ : ٣٤٦ أبواب احكام الخلوة ب ٢٨ ح ١.

٣ ـ الاول : التهذيب ١ : ٢٧ / ٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٦ ، الوسائل ١ : ٢٨٣ أبواب نواقض الوضوء ب ١٣ ح ٣.

الثاني : الكافي ٣ : ١٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٨ / ٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٩ / ١٣٧ ، مستطرفات

السرائر : ٧٤ / ١٤ ، الوسائل ١ : ٣٢٠ أبواب أحكام الخلوة ١١ ح ٢.

٤ ـ ألأداوة : إناء صغير من جلد يتخّذ للماء ـ لسان العرب ١٤ : ٢٥

٥ ـ الشخب ـ بالضم ـ : الجريان ، وبالفتح المصدر. مجمع البحرين ٢ : ٨٦

٦ ـ الكافي ٣ : ٢١ / ٨ ، التهذيب ١ : ٣٥٥ / ١٠٦٢ ، الوسائل ١ : ٣٥٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٤. وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

الخبر الثاني :

التهذيب ١ : ٣٥ / ٩٥ ، الوسائل ١ : ٣٤٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٨.

١٠٥

فسقط حجة القول بالوجوب ، كما عن ابن زهرة وابن حمزة (١) ، وربما نسب إلى الاستبصار ، وسياق كلامه في بابه يخالفه (٢). والأحوط مراعاته كيف كان.

والأحوط في كيفيته مراعاة تسع مسحات ، بل لا يبعد عدم الخلاف فيه ، كما سيأتي تحقيقه مستوفى في بحث غسل الجنابة.

( والدعاء ) بالمأثور في المعتبرة (٣) ( عند الدخول ) والخروج ( وعند النظر إلى الماء وعند الاستنجاء ) مطلقاً و ( عند الفراغ ) منه.

( والجمع بين الأحجار والماء ) مقدّماً الأول على الثاني ، كما في المرسل : « جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء » (٤).

وينبغي تخصيصه بغير المتعدي للأصل ، واختصاص الخبر به ، فتعديته إلى المتعدي ـ كما عن المصنف في المعتبر (٥) ـ يحتاج إلى دليل ، ولعل المسامحة لنا في أمثال المقام تقتضيه.

( والاقتصار على الماء إن لم يتعد ) مخرجه إن لم يجمع ، فإنه من الأحجار خاصة أفضل للمعتبرة ، منها الصحيح : « قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر الأنصار [ إنّ اللّه‏‏ ] قد أحسن الثناء عليكم فما ذا تصنعون؟ قالوا : نستنجي بالماء » (٦).

ومنها : « قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض نسائه : مُري نساء

__________________

١ ـ ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٤٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٤٧.

٢ ـ الاستبصار ١ : ٤٨.

٣ ـ الوسائل ١ : ٣٠٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٥.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٦ / ١٣٠ ، الوسائل ١ : ٣٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٤.

٥ ـ المعتبر ١ : ١٣٦.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٥٤ / ١٠٥٢ ، الوسائل ١ : ٣٥٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٤ ح ١. وما بين المعقوفين أضفناه من المصدرين.

١٠٦

المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن ، فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير » (١).

( وتقديم الرجل اليمنى عند الخروج ) لما تقدّم.

والبدأة في الاستنجاء بالمقعدة قبل الإحليل للموثق : عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بأيّما يبدأ ، بالمقعدة أو الإحليل؟ فقال : « بالمقعدة ثمَّ بالإحليل » (٢).

( ويكره الجلوس ) حال التخلي ( في المشارع ) جمع مشرعة ، وهي موارد المياه ، كشطوط الأنهار ورؤوس الآبار.

( والشوارع ) جمع شارع ، وهو الطريق الأعظم ، كما عن الجوهري (٣).

والمراد بها هنا مطلق الطرق النافذة ، إذ المرفوعة ملك لأربابها عند الأصحاب.

( ومواضع اللعن ) المفسّرة في الصحيح (٤) بأبواب الدور. ويحتمل أن يراد بها ما هو أعم منها ، باحتمال خروج التفسير بها مخرج التمثيل.

( وتحت الأشجار المثمرة ) بالفعل ، كما يستفاد من الخبر : « نهى أن يتغوط على شفير بئر ماء يستعذب منها ، أو نهر يستعذب ، أو تحت شجرة فيها ثمرتها » (٥).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٨ / ١٢ ، الفقيه ١ : ٢١ / ٦٢ التهذيب ١ : ٤٤ / ١٢٥ ، الاستبصار ١ : ٥١ / ١٤٧ ، علل الشرائع : ٢٨٦ / ٢ ، الوسائل ١ : ٣١٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ٣.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٧ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩ / ٧٦ ، الوسائل ١ : ٣٢٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٤ ح ١.

٣ ـ راجع الصحاح ٣ : ١٢٣٦.

٤ ـ الأتي في الصفحة ١٠٨ رقم ٢.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٥٣ / ١٠٤٨ ، الخصال : ٩٧ / ٤٣ ، الوسائل ١ : ٣٢٥ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٣.

١٠٧

ويشهد له الآخر في تعليل النهي بحضور الملائكة الموكّلين لحفظ الثمار (١) ، هذا مضافاً إلى الأصل.

أو مطلقاً ؛ لإطلاق الصحيح الآتي مع المسامحة. فتأمل.

كلّ ذلك للمعتبرة ، منها الصحيح : « تتقي شطوط الأنهار ، والطرق النافذة ، وتحت الأشجار المثمرة ، ومواضع اللعن ، قيل له : وأين مواضع اللعن؟ قال : أبواب الدور » (٢).

وظاهرها المنع. وحمل في المشهور على الكراهة للأصل.

وعن الهداية والفقيه والمقنعة : المنع من التغوط في الأخير خاصة (٣) ، وهو أحوط.

( وفي‏ء النزّال ) أي المواضع المعدّة لنزول القوافل والمترددين ، والتعبير به إمّا لغلبة الظل فيها ، أو لفيئهم ورجوعهم إليها للتأذي ، وكونه من مواضع اللعن بناء على الاحتمال المتقدم ، وللخبرين (٤) ، وظاهرهما التحريم وعدم الجواز كما عن الكتب الثلاثة المتقدمة ، وهو أحوط.

( واستقبال ) قرصي ( الشمس والقمر ) مطلقا حتى الهلال ، بفرجه‏

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ٢٢ / ٦٤ ، علل الشرائع : ٢٧٨ ، الوسائل ١ : ٣٢٧ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٨.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٢ ، الفقيه ١ : ١٨ / ٤٤ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٨ ، الوسائل ١ : ٣٢٤ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ١.

٣ ـ الهداية : ١٥ ، الفقيه ١ : ٢١ ذيل الحديث ٦٢ ، المقنعة : ٤١.

٤ ـ الاول :

الكافي ٣ : ١٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٩ ، الوسائل ١ : ٣٢٤ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٢.

الثاني :

الكافي ٣ : ١٦ / ٦ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٨٠ ، الوسائل ١ : ٣٢٥ أبواب أحكام الخلوة ب ١٥ ح ٤.

١٠٨

دون مقاديمه أو مئاخيره مطلقا على الأشهر للمرسلين في الكافي (١) والفقيه (٢).

أو في البول خاصة ، كما عن ظاهر الشيخ في الاقتصاد والجمل والمصباح ومختصره وابن سعيد وسلّار (٣) ، ومحتمل الإرشاد والبيان والنفلية (٤) للأصل ، واختصاص أكثر الأخبار به. وهو كما ترى.

وقيل بالمنع لظواهرها (٥). وهو ضعيف لضعفها ، وخلو كثير من الروايات المبيّنة لحدود الاستنجاء عمّا تضمّنته.

ولا يكره الاستدبار عند البول والاستقبال عند الغائط مع ستر القبل للأصل ، وحكاية الإجماع عليه عن فخر الإسلام (٦) ، وظهور اختصاص الأخبار بالاستقبال بالحدثين. وما في المرسل (٧) : « لا تستقبل الهلال ولا تستدبره » غير صريح لإمكان اختصاص النهي في الأول بالبول وفي الثاني بالغائط.

( والبول في الأرض الصلبة ) لما تقدّم في ارتياد المكان المناسب.

( وفي مواطن الهوامّ ) ولا يحرم.

خلافاً للهداية فلم يجوّزه (٨). والأصل مع ضعف ما فيه النهي عنه (٩)

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ذيل الحديث ٣ ، الوسائل ١ : ٣٤٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ٥.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٨ / ٤٨ ، الوسائل ١ : ٣٤٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٥ ح ٣.

٣ ـ الاقتصاد : ٢٤١ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٥٧ ، مصباح المتهجد : ٦ ؛ وانظر الجامع : ٢٦ ، والمراسم : ٣٣.

٤ ـ الإرشاد ١ : ٢٢٢ البيان : ٤٢ ، النفلية : ٥.

٥ ـ قال به المفيد في المقنعة : ٤٢.

٦ ـ حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٢٢.

٧ ـ المتقدم المنقول عن الفقيه.

٨ ـ الهداية : ١٥.

٩ ـ كنز العمال ج ٩ ص ٣٥٥ / ٢٦٤٢٤ ، سنن أبي داود ١ : ٨ / ٢٩ ، سنن النسائي ١ : ٣٣ ، مسند احمد ٥ : ٨٢.

١٠٩

حجةٌ عليه.

( وفي الماء جارياً أو ساكناً ) وفاقاً للأكثر للمستفيضة ، منها : الصحيح عن العلل : « ولا تبل في ماء نقيع ، فإنّه من فعل فأصابه شيء فلا يلومنّ إلّا نفسه » (١).

ومنها : الخبر المحكي عن جامع البزنطي : « لا تشرب وأنت قائم ، ولا تنم وبيدك ريح الغمر ، ولا تبل في الماء ، ولا تخلّ على قبر ، ولا تمش في نعل واحدة ، فإنّ الشيطان أسرع ما يكون على بعض هذه الأحوال » وقال : « ما أصاب أحداً على هذه الحال فكان يفارقه إلّا أن يشاء اللّه تعالى » (٢).

ومنها : الخبر المروي في الخصال : « لا يبولنّ الرجل من سطح في الهواء ، ولا يبولنّ في ماء جار ، فإن فعل ذلك فأصابه شيء فلا يلومنّ إلّا نفسه ، فإنّ للماء أهلاً وللهواء أهلا » (٣).

وروي أنّ البول في الراكد يورث النسيان (٤) ، وأنه من الجفاء (٥).

وعن بعض أنه فيه يورث الحصر ، وفي الجاري السلس (٦).

خلافاً لظاهر الهداية ووالده (٧) في الأول ، فنفيا البأس عنه للصحيح : « لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري ، وكره أن يبول في الماء الراكد » (٨).

__________________

١ ـ علل الشرائع : ٢٨٣ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٦.

٢ ـ بحار الأنوار ٧٧ : ١٩١ / ٤٩ ، المستدرك ١ : ٢٤٦ أبواب أحكام الخلوة ب ١٣ ح ١. وفيهما : فكاد يفارقه.

٣ ـ الخصال : ٦١٣ ، الوسائل ١ : ٣٥٢ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٣ ح ٦.

٤ ـ الفقيه ١ : / ذيل الحديث ٣٥ ، الوسائل ١ : ٣٤١ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٤ ح ٤.

٥ ـ دعائم الاسلام ١ : ١٠٤ ، المستدرك ١ : ٢٧١ أبواب أحكام الخلوة ب ١٩ ح ٦.

٦ ـ عوالي اللآلي ٢ : ١٨٧ / ٧٠ ، المستدرك ١ : ٢٧١ أبواب أحكام الخلوة ب ١٩ ح ٦.

٧ ـ الهداية : ١٥ ، ونقله عن والده في الذكرى : ٢٠.

٨ ـ التهذيب ١ : ٣١ / ٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٣ ، الوسائل ١ : ١٤٣ أبواب الماء المطلق ب ٥ ح ١.

١١٠

ويحمل على عدم تأكد الكراهة فيه ، أو عدم التنجيس أو التقذير وإن كره من جهة أخرى جمعاً. ولا يعتبر التكافؤ هنا مسامحة ، ويحتملهما كلامهما.

ولظاهرهما وظاهر المفيد (١) في الثاني ، فلم يجوّزوه. وهو أحوط.

وتتأكد كراهتهما في الليل لما ينقل من أنّ الماء بالليل للجن ، فلا يبال فيه ولا يغتسل ، حذراً من إصابة آفة من جهتهم (٢).

وظاهر الروايات ـ كالمتن ـ مع الأصل يقتضي اختصاص الكراهة بالبول خاصة.

خلافاً للأكثر ومنهم الشيخان ، فألحقا به الغائط (٣). ولا بأس للأولوية كما عن الذكرى (٤). فتأمّل.

وفي ثبوتها في الماء المعدّ في بيوت الخلاء لأخذ النجاسة واكتنافها كما يوجد في الشام وما جرى مجراها من البلاد الكثيرة الماء.

إشكال ، ينشأ من الإطلاق ، ومن الأصل وعدم تبادر مثله منه. والأول أحوط.

( واستقبال الريح به ) أي بالبول ، بل مطلقاً للمرفوع : ما حدّ الغائط؟ فقال : « لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها » (٥) ومثلها في المرسل (٦).

وعن علل محمّد بن علي بن إبراهيم بن هاشم : ولا يستقبل الريح‏

__________________

١ ـ كما في المقنعة : ٤١.

٢ ـ غوالي اللآلي ٢ : ١٨٧ ، وانظر نهاية الإحكام ١ : ٨٣.

٣ ـ المفيد في المقنعة : ٤١ ، والطوسي في المبسوط ١ : ١٨.

٤ ـ الذكري: ٢٠.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٣ ، الفقيه ا : ١٨ / ٤٧ ، التهذيب ١ : ٢٦ / ٦٥ ، الوسائل ١ : ٣٠١ أبواب أحكاه الخلوة ب ٢ ح ٢.

٦ ـ المقنع ٧ ، الوسائل ١ : ٣٠١ أبواب الخلوة ب ٢ ذيل الحديث ٢.

١١١

لعلّتين ، إحداهما : أنّ الريح يردّ البول فيصيب الثوب وربما لم يعلم الرجل ذلك أو لم يجد ما يغسله. والعلّة الثانية : أن مع الريح ملكاً فلا يستقبل بالعورة (١).

والخبران وإن احتملا الاستقبال عند البول والاستدبار عند الغائط ، ومرجعهما جميعاً الاستقبال بالحدث ، إلّا أن الظهور بل مطلق الاحتمال في مثل المقام لعلّه كاف. واللّه العالم.

( والأكل والشرب ) حال التخلي ، كما عن جماعة (٢) ، بل مطلقاً كما عن غيرهم ؛ (٣) لمهانة النفس ، وفحوى مرسلة الفقيه : إنّ أبا جعفر عليه‌السلام دخل الخلاء ، فوجد لقمة خبز في القذر ، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك له وقال : « تكون معك لآكلها إذا خرجت » (٤).

وأسند في عيون أخبار الرضا وفي صحيفة الرضا ، عن الرضا عليه‌السلام : أنّ الحسين بن علي عليهما‌السلام فعل ذلك (٥).

( والسواك ) أي الاستياك حال التخلي ، أو مطلقاً ، بناءً على اختلاف نسختي المرسل : « إنّ السواك على الخلاء يورث البخر » (٦) كذا في الفقيه‏

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٧٧ : ١٩٤ / ٥٢.

٢ ـ منهم الشيخ في مصباح المتهجد : ٦ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٤٠ ، والعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٨٥.

٣ ـ كالمحقق في المعتبر ١ : ١٣٨ ، والشهيد الأول في الذكرى : ٢٠ ، والشهيد الثاني في الروضة ١ : ٨٨ ، والسبزواري في الذخيرة : ٢٢.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٨ / ٤٩ ، الوسائل ١ : ٣٦١ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٩ ح ١.

٥ ـ العيون ٢ : ٤٣ / ١٥٤ ، صحيفة الرضا عليه‌السلام : ٨٠ / ١٧٦ ، الوسائل ١ : أبواب أحكام الخلوة ب ٣٩ ح ٢.

٦ ـ الفقيه ١ : ٣٢ / ١١٠ ، التهذيب ١ : ٣٢ / ٨٥ ، الوسائل ١ : ٣٣٧ أبواب أحكام الخلوة ب ٢١ ح ١ بخر الفم بخراً : أنتنت ريحه. المصباح المنير ٣٧.

١١٢

وظاهره الأول ، وفي التهذيب بدل « على » « في » وظاهره الثاني لو اُريد به بيته ، وإلّا فكالأول.

( والاستنجاء ) ومنه الاستجمار ( باليمين ) للنهي عنه في الأخبار (١) ، وفيها أنه من الجفاء ، وفيها النهي عن مسّ الذكر باليمين.

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كانت يمناه لطهوره وطعامه ، ويسراه لخلائه وما كان من أذى (٢).

واستحب أن يجعل اليمين لما علا من الاُمور ، واليسار لما دنا. ولا يدفعه ما في الخبر : « يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بلّت يمينك » (٣) فتدبّر.

( وباليسار وفيها خاتم عليه اسم اللّه تعالى ) بشرط عدم التلويث ، ومعه يحرم قطعاً.

والأخبار بالأول مستفيضة ، منها : الخبر المروي في الخصال : « من نقش على خاتمه اسم اللّه عز وجل فليحوّله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضّإ » (٤).

ومنها : الخبر المروي في أمالي الصدوق : الرجل يستنجي وخاتمه في إصبعه ونقشه لا إله إلّا اللّه ، فقال : « أكره ذلك له » فقلت : جعلت فداك أو ليس كان رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكلّ واحد من آبائك يفعل ذلك وخاتمه في إصبعه؟ قال : « بلى ، ولكن يتختّمون في اليد اليمنى ، فاتقوا اللّه وانظروا

__________________

١ ـ الوسائل ١ : أبواب أحكام الخلوة ب ١٢.

٢ ـ سنن أبي داود ١ : ٩ / ٣٣

٣ ـ الكافي ٣ : ٢٢ / ٦ وفيه : وفي نسخة من الوسائل : ماملئت ، بدلاً من « بلت » ، الوسائل ١ : ٣٢٢ أبواب أحكام الخلوة ب ١٣ ح ٢.

٤ ـ الخصال : ٦١٠ / ١٠ ، الوسائل ١ : ٣٣١ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٤ ، والمتوضّأ : الكنيف والمستراح ـ مجمع البحرين ١ : ٤٤١.

١١٣

لأنفسكم » (١).

ومنها : المروي في قرب الإسناد : عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم أو الشي‏ء من القرآن ، أيصلح ذلك؟ قال : « لا » (٢).

وما ربما يوجد في شواذّ الأخبار من عدم الكراهة لفعل الأئمة ذلك (٣) ، فمع ضعفه مؤوّل أو محمول على التقية.

وربما ينقل عن الصدوق المنع من ذلك (٤). وهو حسن لو لا ضعف الأخبار.

ويلحق باسمه تعالى اسم الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام. وهو حسن ، وإن اختصت النصوص بالأوّل لما دلّ على استحباب تعظيم شعائر اللّه تعالى (٥).

ولا ينافيه ما في الخبر : الرجل يريد الخلاء وعليه خاتم فيه اسم اللّه تعالى ، فقال : « ما أحبّ ذلك » قال : فيكون اسم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : « لا بأس » (٦) لضعفه ، وعدم تضمنه الاستنجاء.

ويلحق بذلك الفصّة من حجر زمزم للخبر : ما تقول في الفصّ من أحجار زمزم؟ قال : « لا بأس به ، ولكن إذا أراد الاستنجاء نزعه » (٧) فتأمل.

__________________

١ ـ أمالي الصدوق : ٣٦٩ / ، الوسائل : ٣٣٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٩.

٢ ـ قرب الإسناد : ٢٩٣ / ١١٥٧ الوسائل ١ : ٣٣٣ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ١٠.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣١ / ٨٣ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٤ ، قرب الإسناد : ١٥٤ / ٥٦٦ ، الوسائل ١ : ٣٢٢ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٨.

٤ ـ كما في الفقيه ١ : ٢٠ والهداية : ١٦ ، والمقنع : ٣.

٥ ـ الحج : ٣٢.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٢ / ٨٤ ، الاستبصار ١ : ٤٨ / ١٣٥ ، الوسائل ٣٣٢ أبواب أحكام الخلوة ب ١٧ ح ٦.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٧ / ٦ وفيه : من حجارة زمرد ، التهذيب ١ : ٣٥٥ / ١٠٥٩ ، الوسائل ١ : ٣٥٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٦ ح ١.

١١٤

قيل (١) : ويوجد في نسخة الكافي بلفظ « حجارة زمرّد » بدل « أحجار زمزم ».

( والكلام ) حال التخلي مطلقاً ، كما عن جماعة (٢) ، أو التغوط خاصة ، كما عن آخرين (٣) للأخبار ، منها : ما في العلل : « من تكلّم على الخلاء لم تقض حاجته » (٤) وفي خبر آخر : « إلى أربعة أيام » (٥).

وهما مشعران بالكراهة.

وعليها يحمل النهي عن إجابة الرجل لآخر وهو على الغائط في آخر (٦).

وهو مع الأصل وضعف الخبر يكفي لدفع المنع كما عن الصدوق (٧).

( الّا بذکرالله تعالي ) فإنّه حسن على كلّ حال ، كما في الصحيح وغيره (٨) ، وتعضده العمومات ، مع عدم تبادره من الأخبار الناهية.

والخبر كالمتن مطلقان فيه ، وربما يقيّدان بذكره فيما بينه وبين نفسه ، وهو حسن لأخبار التسمية عند الدخول (٩) ، وعن قرب الإسناد مسنداً عن أبي جعفر عليه‌السلام عن أبيه عليه‌السلام قال : « كان أبي يقول : إذا عطس‏

__________________

١ ـ قال به الشهيد في الذكرى : ٢٠ ، وهو في الكافي ٣ : ١٧ / ٦.

٢ ـ منهم الشيخ في الاقتصاد : ٢٤١ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٤٢ ، والعلامة في نهاية الإحكام ١ : ٨٤.

٣ ـ كالشيخ في المبسوط ١ : ١٨ ، والحلي في السرائر ١ : ٩٧ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٣.

٤ ـ علل الشرائع ٢٨٣ / ١ ، الوسائل ١ : ٣١٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٦ ح ٢.

٥ ـ لم نجده في كتب الحديث ، وقد نقله بعينه في كشف اللثام ١ : ٢٤.

٦ ـ التهذيب ١ : ٢٧ / ٦٩ ، علل الشرائع : ٢٨٣ / ٢ ، الوسائل ١ : ٣٠٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٦ ح ١.

٧ ـ انظر الفقيه ١ : ٢١.

٨ ـ انظر الوسائل ١ : ٣١٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٧ ، وج ٧ : ١٤٩ أبواب الذكر ب ١.

٩ ـ الوسائل ١ : ٣٠٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٥.

١١٥

أحدكم وهو على الخلاء فليحمد اللّه تعالى في نفسه » (١).

أو حكاية الأذان مطلقاً ، أو سرّا في نفسه للأخبار ، منها الصحيح : « ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر اللّه عزّوجلّ وقل كما يقول » (٢) وفي رواية : « إنّه يزيد في الرزق » (٣).

ولا يحتاج إلى تبديل الحيّعلات بالحوقلات التفاتا إمّا إلى إطلاق النصوص من دون إشارة فيها إلى ذلك ، أو إلى الشك في دخول مثله في الكلام المنهي عنه.

( أو للضرورة ) في طلب الحاجة إن لم يمكن بالإشارة أو التصفيق أو نحوهما ، فربما وجب ، وهو واضح.

أو لرّد السلام ، وحمد العاطس ، وتسميته ، كما عن المنتهى ونهاية الإحكام (٤) لعموم أدلة الوجوب والاستحباب.

__________________

١ ـ قرب الإسناد : ٧٤ / ٢٣٩ ، الوسائل ١ : ٣١٣ أبواب أحكام الخلوة ب ٧ ح ٩.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٨٧ / ٨٩٢ ، علل الشرائع : ٢٨٤ / ٢ ، الوسائل ١ : ٣١٤ ابواب أحكام الخلوة ب ٨ ح ١.

٣ ـ علل الشرائع : ٢٨٤ / ٤ ، الوسائل ١ : ٣١٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٨ ح ٣.

٤ ـ المنتهي ١ : ٤١ ، نهاية الإحكام ١ : ٨٤.

١١٦

( الثالث : في الکيفية )

( والفروض : سبعة )

( الأول : النية ) وهي القصد إلى فعله ( مقارنة لغسل الوجه ) المعتبر شرعا ، وهو أول جزء من أعلاه ، لعدم تسمية ما دونه غسلا شرعاً.

مشتملة على قصد الوجوب فيما لو كان واجباً بوقوعه في وقت عبادة واجبة مشروطة به ، والندب في غيره.

والتقرب به إلى اللّه تعالى ، بأن يقصد فعله للّه سبحانه ، امتثالاً لأمره ، أو موافقة لطاعته ، أو طلباً للرفعة عنده بواسطته تشبيهاً بالقرب المكاني ، أو لنيل الثواب عنده ، أو الخلاص من عقابه.

على خلاف في صحة الأخيرين من جمع (١) ، نسبه شيخنا الشهيد في قواعده إلى الأصحاب (٢) ، استناداً منهم إلى منافاته للإخلاص المأمور به. وهو خلاف ما يستفاد من الكتاب والسنّة المتواترة معنىً ، ولذا اختار جملة من المحقّقين الجواز (٣).

وقيل : أو (٤) مجرداً عن ذلك ، فإنه تعالى غاية كل مقصود (٥).

وعلى الاستباحة مطلقا (٦) ، أو الرفع حيث يمكن.

__________________

١ ـ نسب ذلك في روض الجنان : ٢٧ إلى السيد رضي الدين بن طاووس ، وقال في الحدائق ٢ : ١٧٧ : المشهور بين ألاصحاب ـ بل ادعي عليه الإجماع ـ بطلان العبادة بهاتن الغايتين.

٢ ـ القواعد والفوائد ١ : ٧٧.

٣ ـ منهم الشهيد في الذكرى : ٧٩ ، وصاحب المدارك ١ : ١٨٧ ، والسبزواري في الذخيرة : ٢٤.

٤ ـ عطفاً على قوله طلباً للرفعه. منه رحمه الله.

٥ ـ الذكرى : ٨٠.

٦ ـ أي سواء أمكن الرفع أم لا ، كوضوء المستحاضة والسلس والمبطون. منه رحمه الله.

١١٧

ولا شبهة في إجزاء النية المشتملة على ما تقدّم وإن كان في وجوب ما عدا القربة نظر ، لعدم قيام دليل عليه يعتدّ به. أمّا هي فلا شبهة في اعتبارها في كل عبادة ، بل ولا خلاف فيه فتوىً ودليلاً ، كتاباً وسنّة ، وربما نسب في الذكرى إلى الإسكافي الاستحباب في الطهارات الثلاث (١) ، ولكن المصنف في المعتبر نسب إليه الوجوب (٢).

وكذا (٣) تمييز العبادة عن غيرها حيث يكون مشتركاً ، إلا أنه ـ على ما قيل (٤) ـ لا اشتراك في مثل الوضوء حتى في الوجوب والندب ، لأنه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلّا واجباً ، وبدونه يكون مندوباً ، وعلى التقديرين يكون معيّناً.

( ويجوز ) بل ويستحب كما في القواعد (٥) ( تقديمها عند غسل اليدين ) المستحب للوضوء لوقوعه من حدث البول أو الغائط أو النوم ، والاغتراف من إناء لا يسع كرّاً أو مطلقاً ، مع خلوّهما عن النجاسة المتيقنة ، عند الأكثر التفاتاً إلى كونه من الأجزاء المندوبة له.

وهو غير معلوم ، فالتأخير إلى غسل الوجه أولى ، وفاقا لجماعة ، منهم الشهيد في البيان والنفلية (٦) ، وعن ابن طاووس (٧) التوقف في ذلك.

وعلى الأول جاز التقديم عند المضمضة والاستنشاق أيضا. وعن ظاهر الغنية وموضع من السرائر تخصيص الجواز به خاصة (٨).

__________________

١ ـ الذكرى : ٨٠.

٢ ـ المعتبر ١ : ١٣٨.

٣ ـ أي لا شبهة في اعتبار التمييز. منه رحمه الله.

٤ ـ قال به صاحب المدارك ١ : ١٨٨.

٥ ـ القواعد ١ : ٩.

٦ ـ البيان : ٤٣ ، النفلية : ٧.

٧ ـ وهو السيد جمال الدين صاحب البشري ، نقله عنه في التنقيح ١ : ٧٧.

٨ ـ الغنية ( الجوامع الفقيهة ) : ٥٥٣ ، السرائر ١ : ٩٨.

١١٨

وهو حسن لو ثبتت فيهما الجزئية ، ولكن النصوص بخروجهما من الوضوء كثيرة (١).

ودعوى الوفاق (٢) على كونهما ـ مع ما تقدّم (٣) ـ من سننه لا يستلزم الدلالة على الجزئية ؛ لكونه أعم.

( و ) تجب ( استدامة حكمها حتى الفراغ ) من الوضوء بمعنى أن لا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها كما في الشرائع (٤) ، وعن المبسوط والمنتهى والجامع والتذكرة ونهاية الإحكام (٥).

ونسبه الشهيد إلى الأكثر ، قال : وكأنه بناءً منهم على أنّ الباقي مستغن عن المؤثر (٦).

ولعلّه أراد أنه إذا أخلص العمل للّه تعالى ابتداء بقي الخلوص وإن غفل عنه في الأثناء.

وعن الغنية والسرائر : أن يكون ذاكراً لها غير فاعل لنية تخالفها (٧).

ومقتضاه اعتبار استدامتها فعلاً كما هو مقتضى الأدلة لوجوب تلبس العمل بجميعه بالنية ، والاستدامة الحكمية مستلزمة لخلوّ حلّ العمل عنها ، إذ ليست بنية حقيقة.

__________________

١ ـ الوسائل ١ : ٣٨٧ أبواب الوضوء ب ١٥.

٢ ـ ادّعاة العلامة في نهاية الإحكام ١ : ٢٨ ، والتذكرة ١ : ٢ ٠ ، والمنتهي ١ : ٤٩ ، الشهيد وفي الذكرى : ٩٣. منه رحمه الله.

٣ ـ أي غسل اليدين. منه رحمه الله.

٤ ـ الشرائع ١ : ٢٠.

٥ ـ المبسوط ١ : ١٩ ، المنتهي ١ : ٥٥ ، الجامع للشرائع : ٣٥ ، التذكرة ١ : ١٥ نهاية الإحكام ١ : ٢٩.

٦ ـ كما في الذكرى : ٨١.

٧ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٣ ، السرائر ١ : ٩٨.

١١٩

ومبنى الخلاف (١) هو الاختلاف في تفسير أصل النية المعتبرة ، هل هي الصورة المخطرة بالبال ، أم نفس الداعي إلى الفعل وإن لم يكن بالبال مخطرا في الحال؟ (٢).

فعلى الأول لا يمكن اعتبار الاستدامة الفعلية بناءً على تعذّرها أو تعسّرها ، إذ ما ( ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (٣). واعتبار الحكمية حينئذ بالمعنى المتقدّم بناءً على أنّ « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٤) وذلك لاعتبارها بالمعنى المزبور في أصل النّية كاعتبار الجزء في الكل ، وسقوط الكل بالأمرين لا يستلزم سقوط جزئه ، لما عرفت. فتأمّل.

وعلى الثاني ممكن اعتبارها فيجب.

وحيث إنّ المستفاد من الأدلّة ليس إلّا الثاني بناء على دلالتها على اعتبار النيّة في أصل العمل ومجموعه ، وهو ظاهر في وجوب بقائها بنفسها إلى منتهاه ، وهو في المخطر كما عرفت غير ممكن ، وليس بعد ذلك إلّا الداعي فتجب إرادته منها ، ولا صارف يوجب المصير إلى الأوّل.

هذا مع أنّ معناها لغةً وعرفاً ليس إلّا ذلك ، ولذا العامل عملاً لم يخطر القصد بباله حينه لا يكون في العرف عاملاً بغير نيّة ، بل لا ريب في تلبس عمله بها عند أهله ، وليست العبادات فيها (٥) إلّا مثل غيرها ، وإنما الفارق بينهما اعتبار الخلوص والقربة في الأوّل دون الثاني.

فالمكلّف به المشترط في صحّة العبادات ليس إلّا الخصوصيّة وهي‏

__________________

١ ـ أي اعتبار استدامة الفعلية أو الاكتفاء با لحكميه. منه رحمه الله.

٢ ـ أي حال الاتيان بالفعل. منه رحمه الله.

٣ ـ الأحزاب : ٤.

٤ ـ عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٧.

٥ ـ أي في النية. منه رحمه الله.

١٢٠