رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

صبه في الماء المطلق الذي في الإجّانة الاُخرى كما في الخبر ، وليس فيه مع ذلك إيماء إلى غسله بالرغوة ، بل مصرّح بغسله بماء تحتها مع الماء المطلق الذي في الإجّانة الاُخرى ، وأن الرغوة إنما يغسل بها الرأس خاصة ، وفي الخبر حينئذ إشعار بل دلالة بما ذكرناه لا ما ذكر.

ونحو الخبر في عدم الدلالة على جواز المضاف كلام المفيد وابن البراج (١) ؛ لذكرهما بعد غسل الرأس واللحية بالرغوة تغسيله بماء السدر على الترتيب ، من غير نص على أن ماء السدر هو الباقي تحت الرغوة ، فيجوز كونه غيره أو إياه إذا صب عليه الماء حتى صار مطلقاً ، مع ما عرفت من عدم استلزام الإرغاء إضافة الماء الذي تحت الرغوة.

وخصوصاً أفاد المفيد رحمه‌الله أنه يغسل رأسه ولحيته بعد الغسل بالرغوة بتسعة أرطال من ماء السدر ثمَّ ميامنه بمثل ذلك ثمَّ مياسره بمثل ذلك ، وهو ماء كثير لعلّه لا يخرج عن الإطلاق برطل من السدر كما قاله. فتأمل.

مضافاً إلى ظهور كون مستندهما المرسل المزبور ، لمشابهة عبارتيهما مع عبارته ، وقد عرفت الكلام في دلالته ، فكذا الكلام في دلالة كلامهما ، فافهم.

( ثمَّ ) يجب بعد ذلك تغسيله ( بماء ) طرح فيه من ( الكافور ) ما يقع عليه الاسم من دون خروج عن الإطلاق لعين ما مرّ ، مضافا إلى الموثق المقدّر للكافور بنصف حبة (٢) ، وفي آخر إلقاء حبّات (٣) ، وفي آخر تغسيل الأمير عليه‌السلام للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بثلاثة مثاقيل (٤). وليسا نصاً في الوجوب ،

__________________

١ ـ المفيد في المقنعة : ٧٥ ، ابن البراج في المهذّب ١ : ٥٨.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٠٥ / ٨٨٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١٠.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٠ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٥٠ / ١٤٦٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٥ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١١.

٣٦١

فيحتمل الاستحباب.

وكيف كان : فلا يقيّد بهما إطلاق المستفيضة كالصحيح : « ويجعل في الماء شيء من السدر وشي‏ء من الكافور » (١).

خلافاً للمفيد وسلّار وابن سعيد ، فنصف مثقال (٢) ؛ وهو مع عدم الدليل عليه ليس نصاً في وجوبه.

( ثمَّ ) بعد ذلك ( ب ) ماء ( القراح ) الخالص عن الخليط مطلقاً حتى التراب كما عن بعض (٣) ، أو الخليطين خاصة كما هو ظاهر الأخبار ، نعم يعتبر الإطلاق مع خليط غيرهما.

ويعتبر في القراح أن لا يسمى بماء السدر أو الكافور أو غيرهما ، ولا يسمى الغسل به غسلاً بهما أو بغيرهما وإن اشتمل على شيء منهما أو من غيرهما. والأمر في المرسل (٤) بغسل الآنية عن ماء السدر والكافور قبل صب القراح فيها ليس نصاً في الوجوب ، فيحتمل الاستحباب ، سيّما مع اشتماله لكثير من المستحبات ، مضافاً إلى الأمر بإلقاء سبع ورقات من السدر في القراح فيما تقدّم من الخبرين (٥).

ثمَّ إن وجوب الأغسال مشهور بين الأصحاب بحيث كاد أن يكون إجماعا للصحاح المستفيضة ، أظهرها دلالة الصحيحان المتقدمان قريباً (٦).

ونحوهما الخبر الضعيف في المشهور بسهل والصحيح على قول :

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٧.

٢ ـ المفيد في المقنعة : ٧٥ ، سلار في المراسم : ٧٤ ، ابن سعيد في الجامع اللشرائع : ٥١.

٣ ـ انظر كشف اللثام ١ : ١١٤.

٤ ـ المتقدّم في ص : ٣٦٠.

٥ ـ في ص ٣٥٩ ، ٣٦٠.

٦ ـ في ص : ٣٦٠.

٣٦٢

« يغسل الميت ثلاث غسلات : مرة بالسدر ، ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ، ومرة أخرى بالماء القراح » (١).

وضعفه لو كان ـ كغيره ـ منجبر بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة ، مضافاً إلى التأسي اللازم الاتباع في أمثاله.

ولا يعارض شيئاً من ذلك الأصل ، والتشبيه بغسل الجنابة في المعتبرة (٢) ، وتغسيل الميت الجنب غسلاً واحداً. مضافاً إلى ضعف الأول في أمثال المقام. واحتمال التشبيه فيما عدا الوحدة ، بل صرّح في الرضوي : « وغسل الميت مثل غسل الحي من الجنابة ، إلّا أن غسل الحي مرة بتلك الصفات ، وغسل الميت ثلاث مرات بتلك الصفات » إلى آخره (٣). والتداخل في الغسل الواحد كما فهمه الأصحاب.

فالاكتفاء بالقراح ـ كما عن سلّار (٤) ـ ضعيف.

وفي جواز الارتماس هنا كما في الجنابة نظر :

من ظاهر الأوامر بالترتيب.

ومن ظاهر المستفيضة المسوّية بينه وبين الجنابة ، منها الرضوي المتقدم ، والحسن : « غسل الميت مثل غسل الجنب » (٥).

وهو الأظهر ، إلّا أن المصير إلى الأول أحوط.

ويجب أن يكون في كل غسل من الأغسال ( مرتباً ) للأعضاء بتقديم‏

____________

١ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٠٠ / ٨٧٦ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ أبواب غسل الميت ب ٢ ح٤.

٢ ـ انظر الوسائل ٢ : ٤٨٦ أبواب غسل الميت ب ٣.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٤ ـ المراسم : ٤٧.

٥ ـ الفقيه ١ : ١٢٢ / ٥٨٦ ، التهذيب ١ : ٤٧٧ / ١٤٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣٢ ، الوسائل ٢ : ٤٨٦ أبواب غسل الميت ب ٣ ح ١.

٣٦٣

الرأس على اليمين ، وهو على اليسار ( كغسل الجنابة ) إجماعاً هنا ، كما عن الانتصار والخلاف والمعتبر والتذكرة (١).

للنصوص المستفيضة المصرحة هنا بالأمر بالترتيب بين الأعضاء الثلاثة. وبها تقيّد الأخبار المطلقة.

والمناقشة باشتمالها على كثير من المستحبات غير قادحة في الدلالة بعد الأصل والشهرة العظيمة التي هي إجماع في الحقيقة ، مع اشتمالها على كثير من الاُمور الواجبة.

وتعتبر النية في الأغسال على أصح الأقوال ؛ لعموم ما دلّ على اعتبارها في الأعمال ، خرج المجمع عليه وبقي الباقي بلا إشكال. وهو المشهور بين الأصحاب ، بل عليه الإجماع عن الخلاف (٢) ، مضافاً إلى المستفيضة المسوّية بينها وبين غسل الجنابة.

فالقول بعدم الاعتبار مطلقاً ـ كما عن مصريات المرتضى والمنتهى ـ (٣) ضعيف. كالاكتفاء بها في أوّلها ، كما في ظاهر اللمعة وعن جماعة (٤).

ثمَّ إن اتحد الغاسل تولّى هو النية ولا تجزي من غيره. وإن تعدد واشتركوا في الصبّ نووا جميعاً. ولو كان البعض يصبّ والآخر يقلب نوى الأول ، لأنه الغاسل حقيقة ، واستحبت من الآخر. وعن التذكرة الاكتفاء بها منه أيضاً (٥).

ولو ترتبوا بأن غسل كل واحد منهم بعضا اعتبرت من كل واحد عند ابتداء فعله.

( ولو تعذّر السدر والكافور كفت المرّة بالقراح ) عند المصنف‏

____________

١ ـ الانتصار : ٣٦ ، الخلاف ١ : ٦٩٣ ، المعتبر ١ : ٢٦٦ ، التذكرة ١ : ٣٨.

٢ ـ الخلاف ١ : ٧٠٢.

٣ ـ حكاه عن مصريات المرتضي في كشف اللثام ١ : ١١٢ ، المنتهي ١ : ٤٥٣.

٤ ـ اللمعة ( الروضة البيهه ) ١ : ١٢٢ ؛ وانظر المدارك ٢ : ٨١ ، كفاية الأحكام : ٦.

٥ ـ التذكرة ١ : ٣٨.

٣٦٤

وجماعة (١) ؛ لفقد المأمور به بفقد جزئه. وهو ـ بعد تسليمه ـ كذلك إذا دلّت الأخبار على الأمر بالمركب. وليس كذلك ؛ لدلالة أكثرها ـ وفيها الصحيح وغيره ـ على الأمر بتغسيله بماء وسدر ، فالمأمور به شيئان متمايزان وإن امتزجا في الخارج ، وليس الاعتماد في إيجاب الخليطين على ما دلّ على الأمر بتغسيله بماء السدر خاصة حتى يرتفع الأمر بارتفاع المضاف إليه.

وبعد تسليمه لا نسلّم فوات الكل بفوات الجزء بعد قيام المعتبرة بإتيان الميسور وعدم سقوطه بالمعسور (٢) ، وضعفها بعمل الأصحاب طرّاً مجبور. فإذن الأقوى وجوب الثلاث بالقراح وفاقا لجماعة (٣).

ولو وجد الخليطان قبل الدفن ففي وجوب الإعادة وجهان ، والأحوط الأول.

وأما بعد الدفن فلا ؛ لاستلزامه النبش الحرام. وقيل : للإجماع. مضافاً إلى عدم المقتضي له لانصراف إطلاقات الأخبار إلى غير المقام.

( وفي وجوب الوضوء ) هنا ( قولان ) أظهرهما وهو الأشهر العدم ؛ للأصل ، وخلو المعتبرة المستفيضة الواردة في البيان عنه ، مع تضمن كثير منها المستحبات. وفيه إشعار بعدم الاستحباب أيضاً ، كالصحيح : عن غسل الميت ، أفيه وضوء الصلاة أم لا؟ فقال عليه‌السلام : « يبدأ بمرافقه فيغسل بالحُرُض ، ثمَّ يغسل وجهه ورأسه بسدر ، ثمَّ يفاض عليه الماء ثلاث مرّات » الخبر (٤).

__________________

١ ـ المصنف في المعتبر ١ : ٢٦٦ ، والشرائع ١ : ٣٨ ؛ وانظر الذكرى : ٤٥ ، مجمع الفائدة والبرهان ١ : ١٨٤ ، المدارك ٢ : ٨٤.

٢ ـ عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٥.

٣ ـ منهم العلّامة في نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٥ ، ٢ : ٢٢٥ ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٣٢٧ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٣.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل

٣٦٥

وهو ـ كما ترى ـ ظاهر في عدم الاستحباب ؛ لعدم الأمر به مع وقوع السؤال عنه ، بل أمر بغيره من المستحبات.

ويؤيد عدم الاستحباب تشبيه غسل الميت بغسل الجنابة في المستفيضة ، بل مصرح بعضها بالعينية.

وحينئذ فعدم ( الاستحباب ) أيضاً ( أشبه ) كما عن الخلاف وظاهر السرائر (١) ، ومحتمل كلام سلّار (٢) ، وإن كان الاستحباب أشهر.

وعن التذكرة ونهاية الإحكام (٣) التردد في المشروعية.

وعن المبسوط دعوى الإجماع على ترك العمل بما دل على الوضوء (٤).

وليس في أمر مولانا الصادق عليه‌السلام معاوية بن عمّار بأن يعصر بطنه ثمَّ يوضئه (٥) ـ مع قصور سنده ومخالفته لاُصول المذهب ـ منافاة لذلك ؛ لاحتمال التوضؤ فيه التطهير ، بل ربما أشعر سياقه به ، ويحتمل التقية.

نعم : في الخبر عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ أبي أمرني أن اغسّله إذا توفّي ، وقال لي : اكتب يا بني ، ثمَّ قال : إنهم يأمرونك بخلاف ما تصنع ، فقل لهم : هذا كتاب أبي ، ولست أعدو قوله. ثمَّ قال : تبدأ فتغسل يديه ثمَّ توضئه وضوء الصلاة » الحديث (٦).

وهو ـ كما ترى ـ لا يقبل الحمل المتقدم. إلّا أنه ضعيف جداً بالإرسال‏

__________________

الميت ب ٢ ح ٧.

١ ـ الخلاف ١ : ٦٩٣ ، السرائر ١ : ١٥٩.

٢ ـ كما في المراسم : ٤٨.

٣ ـ التذكرة ١ : ٤٢ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٦.

٤ ـ المبسوط ١ : ١٧٨.

٥ ـ راجع ص : ٣٥٩.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٠٣ / ٨٨٣ ، الاستبصار ١ : ١٠٧ / ٧٣٠ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ : أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٤.

٣٦٦

وغيره ، نعم : ربما كانت الشهرة جابرة ، إلّا أن الظن الحاصل منها أضعف من الظن الحاصل من الاُمور المتقدمة.

وكيف كان : الأحوط الترك ؛ لأن احتمال الضرر في الترك أقل منه في الإتيان ، لضعف القول بالوجوب ـ كما عن جماعة (١) ـ جدّاً ، لعدم معلومية شمول ما دلّ على أن كل غسل معه وضوء (٢) لما نحن فيه ، لتعقبه باستثناء غسل الجنابة المحتمل كون المقام منه ، لما عرفت من المستفيضة ، وبعد التسليم فيخصّص بما قدّمناه من الأدلة.

( ولو خيف من تغسيله تناثر جلده ) أو غير ذلك ( ييمّم ) كالحي العاجز ، إجماعاً كما في التهذيب وعن الخلاف (٣) للنصوص المعتبرة بعموم البدلية ، وخصوص الخبر المنجبر ضعفه بالوفاق : « إنّ قوماً أتوا رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : مات صاحب لنا وهو مجدور ، فإن غسّلناه انسلخ ، فقال يمّموه » (٤).

وبجميع ما ذكر يرفع اليد عن الأصل ، والصحيح في الجنب والمحدث والميت ، الآمر باغتسال الأول ، وتيمم الثاني ، ودفن الثالث (٥). المشعر بالعدم.

وظاهر إطلاق النص والفتاوي الاكتفاء بالمرة ، والأحوط التعدد بدل كل غسل.

__________________

١ ـ منهم المفيد في المقنعة : ٧٦ ، ابن البرّاج في المهذب ١ : ٥٨ ، الحلبي في الكافي : ١٣٤.

٢ ـ انظر الوسائل ٢ : ٢٤٨ أبواب الجنابة ب ٣٥.

٣ ـ لم نعثر على ادّعاء الإجماع في التهذيب ، الخلاف ١ : ٧١٧.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٣٣ / ٩٧٧ ، الوسائل ٢ : ٥١٣ أبواب غسل الميت ب ١٦ ح ٣.

٥ الفقيه ١ : ٥٩ / ٢٢٢ ، التهذيب ١ : ١٠٩ / ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٠١ / ٣٢٩ ، الوسائل ٣ : ٣٧٥ أبواب التيمم ب ١٨ ح ١. ولايخفي أن في الفقيه « يدفن الميت بتيمم ».

٣٦٧

( وسننه ).

( أن يوضع ) الميت ( على ) لوح من خشب أو غيره مما يؤدي فائدته ( مرتفع ) بلا خلاف كما عن المنتهى (١) ؛ للمرسل : « وتضعه على المغتسل مستقبل القبلة » (٢).

والرضوي : « ثمَّ ضعه على المغتسل » (٣).

وحفظاً لجسده من التلطخ.

وليكن مكان الرجلين منحدراً.

وأن يكون ( موجّهاً إلى القبلة ) نحو توجّهه حال السوق ؛ للأمر به في النصوص ، منها الحسن المتقدم في توجيه المحتضر (٤). وليس للوجوب على الأشهر للأصل ، والصحيح : عن الميت ، كيف يوضع على المغتسل ، موجّهاً وجهه نحو القبلة ، أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة؟ قال : « يوضع كيف تيسّر » (٥).

وردّ الأصل بالأوامر ، والصحيح بعدم الكلام فيه لعدم وجوب ما تعسّر.

فالوجوب متعين وهو أحوط وإن كان في التعيين نظر.

( مضلّلاً ) مستورا عن السماء اتفاقاً ، كما عن الماتن والذكرى (٦)

__________________

١ ـ المنتهي ١ : ٤٢٨.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٠ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح٣.

٤ ـ في ص : ٣٤٥.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧١ ، الوسائل ٢ : ٤٩١ أبواب غسل الميت ب ٥ ح ٢.

٦ ـ الماتن في المعتبر ١ : ٢٧٥ ، الذكرى : ٤٥.

٣٦٨

للخبرين ، منهما الصحيح : عن الميت هل يغسل في الفضاء؟ قال : « لا بأس ، وإن ستر بستر فهو أحب إليّ » (١).

( و ) أن ( يفتق جيبه ) إن احتاج إليه ( وينزع ثوبه من تحته ) لأنه مظنة النجاسة فيتلطخ بها أعالي البدن.

وللخبر المروي في المعتبر (٢) صحيحا كما قيل » ، وفيه : « ثمَّ يخرق القميص إذا فرغ من غسله وينزع من رجليه ».

وصريحه ـ كظاهر التعليل ـ استحباب ذلك بعد الغسل. لكن ظاهر المتن ـ كالمقنعة (٤) ـ استحبابه قبله ، فلا دليل عليه.

ويستفاد من الخبر ـ كغيره ـ جواز تغسيله فيه ، بل في الروضة عن الأكثر أنه الأفضل (٥). وعن المختلف اشتهار العكس (٦). والصحاح مع الأول ، ففيها : قلت : يكون عليه ثوب إذا غسّل؟ قال : « إن استطعت أن يكون عليه قميص تغسّله من تحته فيغسّل من تحت القميص » (٧).

وظاهرها طهره من غير عصر.

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٤٢ / ٦ ، الفقيه ١ : ٨٦ / ٤٠٠ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٩ ، الوسائل ٢ : ٥٣٨ أبواب غسل الميت ب ٣٠ ح ١. والآخر في : التهذيب ١ : ٤٣٢ / ١٣٨٠ ، الوسائل ٢ : ٥٣٩ أبواب غسل الميت ب ٣٠ ح٢.

٢ ـ المعتبر ١ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ ورواه أيضاً في الكافي ٣ : ١٤٤ / ٩ ، والتهذيب ١ : ٣٠٨ / ٨٩٤ ، والوسائل ٣ : ٨ أبواب التفكين ب ٢ ح ٨ ، ولكن في جمعيها : « إذا غسّل » بدل : « إذا فرغ من غسله ».

٣ ـ مرآة العقول ١٣ : ٣١٢.

٤ ـ المقنعتة : ٧٦.

٥ ـ الروضة ١ : ١٢٧.

٦ ـ المختلف : ٤٣.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٣٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٠٠ / ٨٧٥ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١ ، وانظر أيضاً الحديثين ٦ و ٧ من باب المذكور.

٣٦٩

( و ) على تقدير نزعه ( تستر عورته ) وجوباً ، به أو بخرقة ، إلّا أن يكون الغاسل غير مبصر أو واثقاً من نفسه بكفّ البصر فيستحب استظهارا. وعلى هذا يحمل عبارة المتن.

( و ) ويستحب أيضاً ( تليين أصابعه برفق ) إن أمكن وإلّا فيترك ؛ للخبر : « ثمَّ تليّن مفاصله ، فإن امتنعت عليك فدعها » (١) ونحوه الرضوي (٢).

وعليه الإجماع عن المعتبر والخلاف (٣).

ولا ينافيه النهي عن غمز المفاصل في الخبر (٤) ؛ لضعفه. مضافاً إلى احتمال كون الغمز غير التليين ؛ لاشتماله على العنف دونه.

وربما حمل على ما بعد الغسل (٥). ولعلّه تكلّف ، مع عدم جريانه في الحسن : « إذا غسّلتم الميت منكم فارفقوا به ، ولا تعصروه ، ولا تغمزوا له مفصلاً » الحديث (٦). والجواب ما قدّمناه.

وعن العماني الفتوى بمضمون الخبر (٧) ، فيجري فيه ما احتمله.

( و ) أن ( يغسل رأسه وجسده ) أمام الغسل ( برغوة السدر ) لاتفاق فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام كما عن المعتبر (٨). وهو الحجة فيه مع‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٥ ـ ١٦٦ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ ِأبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢٧٢ ، الخلاف ١ : ٦٩١.

٤ ـ التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب غسل الميت ب ٩ ح ١.

٥ ـ كما في المختلف : ٤٢.

٦ ـ التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٩ ح ١.

٧ ـ نقله عنه في المختلف : ٤٢.

٨ ـ المعتبر ١ : ٢٧٢.

٣٧٠

المسامحة ، لا المرسل : « ثمَّ اغسل رأسه بالرغوة ، وبالغ في ذلك ، واجتهد أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه ، ثمَّ أضجعه على جانبه الأيسر ، وصبّ الماء من نصف رأسه إلى قدمه ثلاث مرّات » الخبر (١).

لعدم دلالته ـ كغيره من الأخبار ـ على خروج ذلك عن الغسل ، بل ظهوره في أنه أوّله.

نعم : يشعر به الصحيح : « غسل الميت يبدأ بمرفقه فيغسل بالحُرُض ، ثمَّ يغسل رأسه ووجهه بالسدر ، ثمَّ يفاض عليه الماء ثلاث مرّات » الخبر (٢). فتأمل.

فإن تعذّر السدر فالخطمي وشبهه في التنظيف ، كما عن التذكرة والمنتهى والتحرير ونهاية الإحكام (٣).

ولم أقف له على دليل. وليس في الخبر : « وإن غسلت رأسه ولحيته بالخطمي فلا بأس » (٤) دلالة عليه بوجه.

( و ) أن ( يغسل فرجه بالحُرُض ) أي الاُشنان خاصة ، كما عن المقنعة والاقتصاد والمصباح ومختصره والمراسم والسرائر (٥). أو بإضافة السدر إليه ، كما عن النهاية والمبسوط والمهذّب والوسيلة والشرائع والجامع (٦).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٠ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٤ الاستبصار ١ : ٢٠٨ / ٧٣١ ، الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٧.

٣ ـ التذكرة ١ : ٣٨ ، المنتهي ١ : ٤٢٨ ، التحرير ١ : ١٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٣.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٢٢ / ٥٨٥ ، الوسائل ٢ : ٤٨٥ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ١٢.

٥ ـ المقنعة : ٧٦ ، الاقتصاد : ٢٤٨ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، المراسم : ٤٨ ، السرائر ١ : ١٦٢.

٦ ـ النهاية ٣٤ ، المبسوط ١ : ١٧٨ ، المهذّب ١ : ٥٨ ، الوسيلة : ٦٤ ، الشرائع ١ : ٣٩ ، الجامع للشرائع : ٥١.

٣٧١

ولم أقف على مستندهما سوى رواية الكاهلي ، وليس فيها إلّا غسله بالسدر خاصة (١). وفي الصحيح غسل مرافقه بالحرض (٢) ، وفي الخبر غسله به (٣) ، الظاهر في غسل جميعه.

( و ) أن ( يبدأ بغسل يديه ) كما عن جمل العلم والعمل والغنية وكتب المصنف (٤). ثلاثاً ، كما عن الاقتصاد والمصباح ومختصره والسرائر والفقيه (٥). بماء السدر ، كما عن الأخير. من رؤوس الأصابع إلى نصف الذراع ، كما عن الدروس (٦).

كلّ ذلك للمرسل : « ثمَّ اغسل يديه ثلاث مرّات كما يغتسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذراع » الخبر (٧).

والمراد : بماء السدر ، كما يستفاد من سياقه ، وصرّح به في الحسن أو الصحيح : « ثمَّ تبدأ بكفيه ورأسه ثلاث مرّات بالسدر ثمَّ سائر جسده » الحديث (٨).

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ / ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ ، أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥. وفيها « ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض » ولعله سهو منه رحمه الله ، كما أشار إليه في الجواهر ٤ : ١٥٢.

٢ ـ المتقدم في ص : ٣٧١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ ، أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٩.

٤ ـ جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٥٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ؛ وانظر المعتبر ١ : ٢٧٢ ، والشرائع ١ : ٣٩.

٥ ـ الاقتصاد : ٢٤٨ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، السرائر ١ : ١٦٢ ، الفقيه ١ : ٩٠.

٦ ـ الدروس : ١ : ١٠٦.

٧ ـ تقدم في ص : ٣٧١.

٨ ـ الكافي ٣ : ١٣٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ / ٨٧٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ ، أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٢.

٣٧٢

ويحمل الكف فيه على ما يعمّ الذراعين. أو يجمع بينه وبين السابق بالحمل على الاختلاف في الفضل.

ونحو المرسل الرضوي (١).

وعن الغنية : الإجماع على الاستحباب مع خلوهما عن النجاسة ، وإلّا فالوجوب (٢).

( ثم ) المستحب في غسل رأسه أن يبدأ ( بشق رأسه الأيمن ) ثمَّ بغسل الأيسر إجماعاً كما عن المعتبر والتذكرة ؛ (٣) للخبر : « ثمَّ تحوّل إلى رأسه ، فابدأ بشقه الأيمن من لحيته ورأسه ، ثمَّ تثني بشقه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه » (٤).

ويعمّه ما في آخر : « تبدأ بميامنه » (٥).

( و ) أن ( يغسل كل عضو منه ثلاثاً في كل غسلة ) إجماعاً ، كما عن المعتبر والتذكرة والذكرى (٦) ؛ للخبرين ليونس (٧) والكاهلي (٨) ، ونحوهما الرضوي : « تبتدئ بغسل اليدين إلى نصف المرفقين ثلاثاً ثلاثاً ، ثمَّ الفرج‏

__________________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٨١ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٢ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٣ ـ المعتبر : ١ : ٢٧٢ التذكره : ١ ٣٨.

٤ ـ الكافي: ٣ : ١٤٠ / ٤ التهذيب ١ : ٨٧٣ / ٢٩٨ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ ، أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥.

٥ ـ التهذيب : ١ ٤٤٦ / ١٤٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ ابواب غسل الميت ب ٢ ح ٩

٦ ـ لمعتبر ١ : ٢٧٣ ، التذكره ١ : ٣٨ ، الذكرى : ٤٦.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٤١ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠١ / ٨٧٧ ، الوسائل ٢ : ٤٨٠ ابواب غسل الميت ب ٢ ح ٣

٨ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥.

٣٧٣

ثلاثاً ، ثمَّ الرأس ثلاثاً ، ثمَّ الجانب الأيمن ثلاثاً ، ثمَّ الجانب الأيسر ثلاثا بالماء والسدر ، ثمَّ تغسله مرّة اُخرى بالماء والكافور على هذه الصفة ، ثمَّ بالماء القراح مرّة ثالثة ، فيكون الغسل ثلاث مرّات كل مرّة خمسة عشر صبة » إلى آخره (١).

( و ) أن ( يمسح بطنه ) برفق ( في ) الغسلتين ( الأوّلتين ) بالسدر والكافور قبلهما ، حذراً من خروج شيء بعد الغسل ؛ لخبر الكاهلي وغيره (٢) ، وعن المعتبر الإجماع عليه (٣).

( إلّا الحامل ) فيكره ، كما عن صريح الوسيلة والجامع والمنتهى (٤) ، حذرا من الإجهاض ؛ لخبر أم أنس بن مالك ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إذا توفّيت المرأة فإن أرادوا أن يغسلوها فليبدءوا ببطنها ، ويمسح مسحاً رقيقاً إن لم تكن حبلى ، وإن كانت حبلى فلا تحرّكيها » (٥).

ولا يستحب في الثالثة اتفاقاً ، كما عن المعتبر والتذكرة والذكرى وظاهر نهاية الإحكام (٦) ؛ للأصل ، وخلوّ الأخبار البيانية عنه. بل وعن الخلاف والوسيلة والجامع والذكرى والدروس كراهته (٧) ؛ لأنه تعرض لكثرة الخارج كما عن الشهيد (٨) ، فتأمل.

( و ) أن ( يقف الغاسل ) له ( على يمينه ) ، كما عن النهاية والمصباح‏

__________________

١ ـ تقدّم في ص : ٣٧٣ الرقم (١).

٢ ـ انظر الوسائل ٢ : ٤٨٣ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٧ ، ٩.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢٧٣.

٤ ـ الوسيلة : ٦٥ ، الجامع للشرائع : ٥١ ، المنتهي ١ : ٤٣٠.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٠٢ / ٨٨٠ ، الاستبصار ١ : ٢٠٧ / ٧٢٨ ، الوسائل ٢ : ٤٩٢ أبواب غسل الميت ب ٦ ح ٣.

٦ ـ المعتبر ١ : ٢٧٣ ، التذكرة ١ : ٣٩ ، الذكرى : ٤٥ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٥.

٧ ـ الخلاف ١ : ٦٩٥ ، الوسيلة : ٦٥ ، الجامع للشرائع : ٥١ : الذكرى : ٤٥ الدروس ١ : ١٠٦.

٨ ـ انظر الذكرى : ٤٥.

٣٧٤

ومختصره والجمل والعقود والمهذّب والوسيلة والسرائر والجامع والشرائع والغنية (١) ، وفيها الإجماع. وهو الحجّة فيه بعد المسامحة ، مع عموم التيامن المندوب إليه في الأخبار (٢).

وعن المقنعة والمبسوط والمراسم والمنتهى : الاقتصار على الوقوف على الجانب (٣) ولعلّه للأصل ، وخلوّ النصوص عن الأيمن بالخصوص.

وفيه نظر ؛ لكفاية العموم مع الشهرة والإجماع المحكي ، مضافاً إلى المسامحة في السنن الشرعية.

( و ) أن ( يحفر للماء ) المنحدر عن الميت ( حفيرة ) تجاه القبلة ؛ لأنه ماء مستقذر فيحفر له ليؤمن تعدي قذرة ؛ وللحسن أو الصحيح : « وكذلك إذا غسّل يحفر له موضع الغسل تجاه القبلة » الحديث (٤).

( و ) أن ( ينشف ) بعد الفراغ ( بثوب ) إجماعاً ، كما عن المعتبر ونهاية الإحكام والتذكرة (٥) ؛ للمستفيضة منها الصحيح أو الحسن : « فإذا فرغت من ذلك جعلته في ثوب ثمَّ جففته » (٦).

__________________

١ ـ النهاية ٣٥ ، مصباح المتهجد : ١٨ ، الجمل العقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٥ ، المهذّب ١ : ٥٨ ، الوسيلة : ٦٤ ، السرائر ١ : ١٦٦ ، الجامع للشرائع : ٥٢ الشرائع ١ : ٣٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٢ ـ قد تقدّم خبر في بحث سنن الوضوء ، وهو : « كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يحب التيامن في طهوره وشغله وشأنه كلّه » مسند احمد ٦ : ٤٩ صحيح البخاري ١ : ٥٣.

٣ ـ المغنعة ٧٦ ، المبسوط ١ : ١٧٨ ، المراسم : ٤٩ ألمنتهي ١ : ٤٣١

٤ ـ الكافي ٣ : ١٢٧ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢٨٦ / ٨٣٥ ، الوسائل ٢ : ٤٥٢ أبواب الاحتضار ب ٣٥ ح ٢.

٥ ـ المعتبر ١ : ٢٧٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٧٧ و ٢٤١ من دون ذكر الإجماع ، التذكرة ١ : ٤٢.

٦ ـ الكافي ٣ : ١٣٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٩ / ٨٧٤ ، الوسائل ٢ : ٤٧٩ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٢.

٣٧٥

ومنها الرضوي : « فإذا فرغت من الغسلة الثالثة فاغسل يديك من المرفقين إلى أطراف أصابعك ، وألق عليه ثوباً ينشف به الماء عنه » إلى آخره (١).

( ويكره إقعاده ) إجماعاً ، كما عن الخلاف (٢) ؛ للنهي عنه في الخبر (٣) ، ولأنه ضدّ الرفق المأمور به في الخبرين منهما الحسن (٤).

ولاشتماله على كثير من المستحبات ، مع الأصل والشهرة العظيمة على الجواز ، بل عن المعتبر الإجماع عليه (٥) ، مع إشعار إجماع الشيخ به ، وورود الأمر به في الصحيح : عن الميت فقال : « أقعده واغمز بطنه » (٦) حمل على الكراهة.

فالحرمة ـ كما عن ابن سعيد وابن زهرة (٧) ـ ضعيف. كالتأمل من الماتن في المعتبر في الكراهة ، بناءً على الأمر به في الصحيح المتقدم ، ونحوه‏

__________________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٧ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ذيل الحديث ٣.

٢ ـ الخلاف ١ : ٦٩٣.

٣ ـ الكافي ٣ : ١٤٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٨ / ٨٧٣ ، الوسائل ٢ : ٤٨١ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٥.

٤ ـ الاول :

التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٥ ، الاستبصار ١ : ٢٠٥ / ٧٢٣ ، الوسائل ٣ : ٣٤ أبواب التكفين ب ١٤ ح ٥.

الثاني :

االتهذيب ١ : ٤٤٥ / ١٤٤١ ، الاستبصار : ٢٠٥ / ٧٢٢ ، الوسائل ٢ : ٤٩٧ أبواب غسل الميت ب ٩ ح ٢.

٥ ـ المعتبر ١ : ٢٧٧.

٦ ـ االتهذيب ١ : ٤٤٦ / ١٤٤٢ ، الاستبصار : ٢٠٦ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢ : ٤٨٤ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٩.

٧ ـ ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥١ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٣٧٦

الرضوي (١) لاحتماله الإباحة ، بناءً على احتمال وروده مورد توهّم الحرمة من النهي الوارد عنه في الرواية ، فلا يفيد سوى الإباحة. مضافاً إلى قوّة احتمال الحمل على التقية لكون الاستحباب مذهب العامة (٢).

( وقصّ ) شيء من ( أظفاره وترجيل شعره ) وجزّه ونتفه ، وفاقاً للأكثر ، بل عن المعتبر والتذكرة الإجماع عليه (٣) للنهي عن الجميع في المستفيضة ، منها المرسل كالحسن أو الصحيح : « لا يمسّ من الميت شعر ولا ظفر ، وإن سقط شيء فاجعله في كفنه » (٤).

وظاهره الحرمة ، كما عن ابني سعيد وحمزة فيهما (٥) ، والخلاف والمبسوط والمقنعة في الأوّل (٦) ، مدّعياً عليه الإجماع في الأوّل.

وهي أحوط ، وإن كانت الكراهة ليست بذلك البعيد ؛ للأصل ، والتصريح بها في الخبرين : « كره أن يقصّ من الميت ظفر ، أو يقصّ له شعر ، أو يحلق له عانة أو يغمز له مفصل » (٧).

وهي وإن كانت أعم من الحرمة والكراهة ، إلّا أن الشهرة العظيمة ، ودرج الغمز في الرواية مع كون الكراهة بالنسبة إليه اصطلاحية باتفاق الطائفة ، مضافاً

__________________

١ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٦٦ ، المستدرك ٢ : ١٦٧ أبواب غسل الميت ب ٢ ح ٣.

٢ ـ كما في المغني لابن قدامة ٢ : ٣١٨.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢٧٨ ، التذكرة ١ : ٤٢.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٥٥ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤٠ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ١.

٥ ـ ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥١ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٦٥.

٦ ـ الخلاف ١ : ٦٩٥ ، المبسوط ١ : ١٨١ ، المقنعة : ٨٢.

٧ ـ الكافي ٣ : ١٥٦ / ٣ بتفاوت يسير ، التهذيب ١ : ٣٢٣ / ٩٤١ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ ابواب غسل الميت ب ١١ ح ٤. والثاني في الكافي ٣ : ١٥٦ / ٢ ، الوسائل ٢ : ٥٠٠ أبواب غسل الميت ب ١١ ح ٢.

٣٧٧

إلى الإجماعين المحكيين عن المعتبر والتذكرة ، تعيّن الثاني.

هذا مضافاً إلى ضعف الأخبار كلّها حتى الأوّل بالإرسال. وجعله فيه كالمسند بناءً على ذكر الأصحاب له ، وقد خالفوا هنا ، فكالمرسل.

وبالجملة : العمدة في قبول مثل هذا المرسل تصريح الأصحاب بقبوله ، وهو مختص بمورده ، وقد ردّه الأصحاب هنا ، فلا عبرة به ، فتأمل.

ولا يعارض شيئاً ممّا ذكر ـ سيّما الإجماعين المحكيين على الكراهة ـ الإجماع المحكي عن الخلاف على تحريم الأوّل خاصة ، مع تطرّق الوهن إليه بمصير معظم الأصحاب على خلافه. ويحتمل شدة الكراهة ، ويؤيده النص عليها بعد ذلك في الكتاب المذكور ونقل الإجماع عليها.

( وجعله بين رجلي الغاسل ) وفاقاً للأكثر ؛ للنهي عنه في الخبر (١).

وقد صرف عن ظاهره لآخر : « لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك وأن تقوم فوقه فتغسله إذا قلبته يميناً وشمالاً تضبطه برجليك لئلّاً يسقط لوجهه » (٢).

مع الأصل ، والشهرة العظيمة ، واتفاق الطائفة المحكية عن الغنية على الجواز وعلى الكراهة (٣).

( وإرسال الماء ) المغتسل به ( في الكنيف ) للبول والغائط ، وفاقاً للمعظم ، بل عن الذكرى الإجماع عليه (٤) لمكاتبة الصفّار في الصحيح إلى مولانا العسكري عليه‌السلام : هل يجوز أن يغسّل الميت وماؤه الذي يصبّ‏

__________________

١ ـ رواه في المعتبر ١ : ٢٧٧. ولم نعثر عليه في كتب الحديث.

٢ ـ الفقيه ١ : ١٢٢ / ٥٨٧ ، التهذيب ١ : ٤٤٧ / ١٤٤٨ ، الاستبصار ١ : ٢٠٦ / ٧٢٥ ، الوسائل ٢ : ٥٤٣ أبواب غسل الميت ب ٣٣ ح ١.

٣ ـ الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣.

٤ ـ الذكرى : ٤٥.

٣٧٨

عليه يدخل إلى بئر كنيف؟ فوقّع عليه‌السلام : « يكون ذلك في بلاليع » (١).

وعن الفقيه عدم الجواز (٢). ويحتمل شدة الكراهة.

( و ) يظهر من المكاتبة أنه ( لا بأس بالبالوعة ) وفاقاً للفقيه وكتب الماتن (٣) ، ونسب في المعتبر إلى الخمسة وأتباعهم.

واشترط في ذلك في النهاية والمبسوط والوسيلة والمهذّب ونهاية الإحكام والتذكرة تعذر اتخاذ حفيرة (٤).

وهل تشمل البالوعة ما تشتمل على النجاسة؟ وجهان. أظهرهما : نعم ، والأحوط : لا.

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٥٠ / ٣ ، التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٨ ، الوسائل ٢ : ٥٣٨ أبواب غسل الميت ب ٢٩ ح ١.

٢ ـ الفقيه ١ : ٩١.

٣ ـ الفقيه ١ : ٩١ ، الماتن في الشرائع ١ : ٣٨ ، والمعتبر ١ : ٢٧٨.

٤ ـ النهاية ٣٣ المبسوط ١ : ١٧٧, الوسيلة ٦٥ ، المهذّب ١ : ٥٧ ، نهاية الإحكام ٢ : ٢٢٢ ، التذكرة ١ : ٣٨.

٣٧٩

( الثالث ) : في بيان أحكام ( الكفن ).

( والواجب ) منه ثلاث قطع مطلقاً في الرجل والمرأة ، على الأشهر الأظهر ، بل عليه الإجماع عن الخلاف والغنية والمعتبر (١) ؛ للمعتبرة المستفيضة وغيرها.

منها الصحيح : « يكفّن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة : درع ومنطق وخمار ولفّافتين » (٢).

والصحيح : « كفّن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في ثلاثة أثواب : برد أحمر حبرة ، وثوبين أبيضين صحاريين » (٣).

والحسن : « كتب أبي في وصيته أن اُكفّنه بثلاثة أثواب : أحدها رداء حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر ، وقميص » (٤).

والموثق : عمّا يكفّن به الميت ، فقال : « ثلاثة أثواب ، وإنّما كفّن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في ثلاثة أثواب : ثوبين صحاريين وثوب حبرة ، والصحارية تكون باليمامة. وكفّن أبو جعفر عليه‌السلام في ثلاثة أثواب » (٥).

وظاهر نقل تكفينهما صلّى اللّه عليهما وآلهما الدلالة على لزوم الثلاثة ، بناء على لزوم التأسي في أمثال المسألة. ومنه ظهر وجه الاستناد إلى الخبرين المتقدمين على هذه الرواية.

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٧٠١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٣ ، المعتبر ١ : ٢٧٩.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٤٧ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ / ٩٤٥ ، الوسائل ٣ : ٨ أبواب التكفين ب ٢ ح ٩.

٣ ـ التهذيب ١ : ٢٩٦ / ٨٦٩ ، الوسائل ٣ : ٧ أبواب التكفين ب ٢ ح ٣.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٤٤ / ٧ ، الفقيه ١ : ٩٣ / ٤٢٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ / ٨٥٧ ، الوسائل ٣ : ٩ أبواب التكفين ب ٢ ح ١٠.

٥ ـ التهذيب ١ : ٢٩١ / ٨٥٠ ، الوسائل ٣ : ٧ أبواب التكفين ب ٢ ح ٦.

٣٨٠