رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

ولا آخر لمن حيضها خمسة فما دون ، ولا آخر إن لم يزد حيضها عن منتهى الحدّ. وهو لعدم الدليل عليه ضعيف. كاعتبار الراوندي التثليث بالإضافة إلى أقصى الحيض مطلقاً (١) ، فلا وسط ولا آخر لذي الثلاثة ، ولا آخر لذي الأربعة وإن كان لها وسط وهو الثلثان الباقيان من اليوم الرابع. وهو الفارق بينه وبين القول الأوّل ؛ لأنّه في هذه الصورة على تقديره لا وسط لها ، لقصورها عن الخمسة التي خامسها مبدأ الوسط.

والمستند في هذا التفصيل رواية داود بن فرقد ، والخبر المتقدم لكن ليس فيه ذكر الآخر ، ومثل الأوّل الرضوي (٢). وقصور سندها مجبور بالعمل ، مضافاً إلى اعتبار الأخير في نفسه.

ومصرفها عند الأصحاب مستحق الزكاة. ولا يعتبر فيه التعدّد ؛ للأصل ، وإطلاق الخبر.

وهي في وطء الأمة ما تقدّم لما تقدّم ، مع شذوذ ما دلّ على خلافه (٣).

ولا كفارة على الموطوءة مطلقاً ولو كانت مطاوعة ؛ للأصل ، واختصاص دليلها بالواطئ. نعم : عليها الإثم حينئذ.

( ويستحب لها الوضوء ) المنوي به التقرب دون الاستباحة ( لوقت كلّ ) صلاة ( فريضة ) من فرائضها اليومية والاستقبال للقبلة ( وذكر اللّه تعالى ) بعده ( في مصلّاها ) كما عن المبسوط والخلاف والنهاية والمهذّب والوسيلة والإصباح والجامع (٤).

__________________

١ ـ فقه القرآن ١ : ٥٤.

٢ ـ راجع ص ٢٩٦ ـ ٢٩٧.

٣ ـ انظر المقنع : ١٦.

٤ ـ المبسوط ١ : ٤٥ ، الخلاف ١ : ٢٣٢ ، النهاية : ٢٥ ، المهذّب ١ : ٣٦ ، الوسيلة : ٥٨ ، ونقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٩٦ ، الجامع للشرائع : ٢٤.

٣٠١

أو محرابها ، كما عن المراسم والسرائر (١) ، وهما بمعنى واحد ، ويحتمله ما عن المقنعة : ناحية من مصلّاها (٢).

أو حيث شاءت مطلقاً (٣) ، كما في الشرائع والمعتبر والمنتهى والذكرى (٤) ، بل نسب في الأخيرين إلى غير الشيخين مطلقاً.

وهو أولى ؛ لإطلاق النصوص ، مع عدم الدليل على شيء ممّا تقدم بالعموم أو الخصوص. وليس في الصحيح : « ويجلس قريباً من المسجد » (٥) دلالة على شيء منه لو لم نقل بالدلالة على خلاف بعضه.

والأحوط ما ذكروه مع وجود ما عينّوه ، وإلّا فالإطلاق أحوط.

والحكم بالاستحباب مشهور بين الأصحاب ؛ للأصل ، وظاهر « ينبغي » في بعض المعتبرة (٦).

خلافاً للصدوقين فالوجوب (٧) ؛ للرضوي المصرّح به (٨) ، كالمرسل في الهداية (٩) ، وقريب منهما الحسن : « عليها أن تتوضأ » إلى آخره (١٠) ، مع الأوامر الظاهرة فيه في المعتبرة. ولو لا الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً بل‏

__________________

١ ـ المراسم : ٤٣ ، السرائر ١ : ١٤٥.

٢ ـ المقنعة : ٥٥.

٣ ـ أي سواء كان لها مصلي أم لا.

٤ ـ الشرائع ١ : ٣١ ، المعتبر ١ : ٢٣٢ ، المنتهي ١ : ١١٥ ، الذكرى : ٣٥.

٥ ـ الفقيه ١ : ٥٥ / ٢٠٦ ، الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ١.

٦ ـ الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٣.

٧ ـ الصدوق في الفقيه ١ : ٥٠ ، ونقل عن والده في المختلف : ٣٦.

٨ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩٢ ، المستدرك ٢ : ٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٢.

٩ ـ الهداية : ٢٢ ، المستدرك ٢ : ٢٩ أبواب الحيض ب ٢٩ ح ١.

١٠ ـ الكافي ٣ : ١٠١ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٦ ، الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٢.

٣٠٢

إجماع في الحقيقة ـ كما عن الخلاف (١) ـ لكان المصير إليه في غاية القوة لعدم معارضة ما تقدّم لمثل هذه الأدلة.

وإطلاق الذكر مذهب الأكثر ؛ لإطلاق أكثر المعتبرة.

وعن المراسم الاقتصار بالتسبيحة (٢) ، ومثله المقنعة بزيادة التحميدة والتكبيرة والتهليلة (٣).

ولا دليل على شيء منهما إلّا الدخول تحت الإطلاق. كما لا دليل على ازدياد الصلاة على النبي وآله مع الاستغفار على التسبيحات الأربع ـ كما عن النفلية (٤) ـ إلّا ذلك.

وليس في الخبر : « إذا كان وقت الصلاة توضأت واستقبلت القبلة وهلّلت وكبّرت وتلت القرآن وذكرت اللّه عز وجل » (٥) ـ كالحسن الآتي ـ دلالة على شيء منها ، كما لا يخفى.

وهو وإن اُطلق في أكثر المعتبرة إلّا أنّ التقييد له ( بقدر صلاتها ) قائم في المعتبرة كالحسن : « وتذكر اللّه تعالى وتسبحه وتهلّله وتحمده بمقدار صلاتها » (٦) وبمعناه غيره (٧).

( ويكره لها ) كالجنب ( الخضاب ) بالاتفاق ، كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة (٨). والروايات في كل من النهي عنه ونفي البأس ـ مع‏

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٢٣٢.

٢ ـ المراسم : ٤٣.

٣ ـ المقنعة ٥٥.

٤ ـ النفلية : ٩.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٠١ / ٢ ، الوسائل ٢ : ٣٤٦ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٥.

٦ ـ تقدم مصدره في الهامش (١٠) ص : ٣٠٣.

٧ ـ الوسائل ٢ : ٣٤٥ أبواب الحيض ب ٤٠ ح ٣.

٨ ـ المعتبر ١ : ٢٣٣ ، المنتهي ١ : ١١٥ ، التذكرة ١ : ٢٨.

٣٠٣

اشتمالها في الجانبين على المعتبرة ـ مستفيضة (١).

وحمل الأوّلة على الكراهة طريق الجمع كما فعله الجماعة لرجحان الثانية بعملهم ، مع أصالة الإباحة والإجماعات المنقولة.

ولا ينافيها فتوى الصدوق بلا يجوز (٢) ؛ لعدم البأس بخروجه مع معلومية نسبه ، مع عدم صراحته في أمثال كلامه في الحرمة ، فيحتمل شدة الكراهة ، وبإرادته لها من تلك العبارة صرّح العلّامة (٣).

ولا فرق فيه بين الحنّاء وغيره ، كعدم الفرق في المخضوب بين اليد والرجل وغيرهما في المشهور. والمسامحة في أدلة السنن تقتضيه وإن كان إثباته فيهما بالدليل فيه ما فيه ؛ لعدم عموم في المعتبرة ، إذ غايتها الإطلاق المنصرف إلى الأفراد المتبادرة التي ليس غير الحنّاء كما عدا اليدين والرجلين والشعور منها.

ولعلّه لذا اقتصر سلّار على الحنّاء (٤) ، والمفيد على اليدين والرجلين (٥) ولكن الأحوط ما قدّمناه.

( وقراءة ما عدا العزائم ) الأربع مطلقاً حتى السبع أو السبعين المستثناة في الجنب ، في المشهور ، كما هنا وفي الشرائع وعن المبسوط والجمل والعقود والسرائر والوسيلة والإصباح والجامع (٦) ؛ لإطلاق النهي عنه في المستفيضة ،

__________________

١ ـ الوسائل ٢ : ٣٥٢ أبواب الحيض ب ٤٢.

٢ ـ كما في الفقيه ١ : ٥١.

٣ ـ انظر التذكرة ١ : ٢٥.

٤ ـ المراسم : ٤٤.

٥ ـ المقنعة : ٥٨.

٦ ـ الشرائع ١ : ٣٠ ، المبسوط ١ : ٤٢ ، الجمل العقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٢ ، السرائر ١ : ١٤٥ ، الوسيلة : ٥٨ ، حكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٩٤ ، الجامع للشرائع : ٤٢.

٣٠٤

كالنبوي : « لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن » (١).

والمروي في الخصال : « سبعة لا يقرؤون القرآن » وعدّ منها الجنب والحائض (٢).

والمرسل عنه عليه‌السلام في بعض الكتب : « لا تقرأ الحائض قرآناً » (٣).

وعن مولانا الباقر عليه‌السلام : « إنّا نأمر نساءنا الحيّض أن يتوضأن عند وقت كل صلاة ـ إلى قوله ـ ولا يقربن مسجداً ولا يقرأن قرآناً » (٤).

وهي لضعفها ومخالفتها الأصل وموافقتها العامة (٥) محمولة على الكراهة ، مع ما عن الانتصار والخلاف والمعتبر (٦) في الجواز من الإجماعات المنقولة.

وعن التحرير والمنتهى (٧) ـ كبعض الأصحاب الذي حكي عنه في الخلاف (٨) ـ قصر الكراهة كالجنب على الزائد على السبع أو السبعين آية.

وهو متجه لو لا المسامحة في أدلة الكراهة ، بناءً على اشتراكها معه في أغلب الأحكام الشرعية كما يستفاد من الأخبار المعتبرة ، فيغلب لحوقها به هنا ، لإلحاق الظن الشي‏ء بالأعم الأغلب.

( وحمل المصحف ولمس هامشه ) وبين سطوره للصحيح : « الجنب‏

__________________

١ ـ سنن الدار قطني ١ : ١١٧ / ١ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٦ / ٥٩٦ ، سنن الترمذي ١ : ٨٧ / ١٣١.

٢ ـ الخصال : ٣٥٧ / ٤٢ ـ الوسائل ٢٦٤ أبواب قراءة القرآن ب ٤٧ ح ١.

٣ ـ دعائم الاسلام ١ : ١٢٨ : المستدرك ٢ : ٢٦ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ١. والرواية من علي عليه‌السلام.

٤ ـ دعائم الإسلام ١ : ١٢٨ ، المستدرك ٢ : أبواب الحيض ب ٢٩ ح ٣.

٥ ـ انظر : المغني ١ : ٦٨٥ ، وبدائع الصنائع ١ : ١٨٦.

٦ ـ الانتصار : ٣١ ، الخلاف ١ ، ١٠٠ ، المعتبر ١ : ١٨٧.

٧ ـ التحرير ١ : ١٥ ، المنتهي ١ : ١١٠.

٨ ـ الخلاف ١ : ١٠٠.

٣٠٥

والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب » (١).

مضافاً إلى ما عن المصنف في المعتبر من الإجماع على كراهة تعليقه (٢) فتأمل.

والأمر فيه محمول على الاستحباب لنفي البأس عن مسّ الورق للجنب في الرضوي (٣) ، فتلحق هي به أيضاً ، لما تقدّم ، مع الأصل. فالقول بالتحريم كما عن المرتضى (٤) رحمه‌الله ضعيف.

( والاستمتاع ) للزوج مطلقاً كالسيّد ( منها بما بين السرّة والركبة ) لظواهر المعتبرة كالصحيح : في الحائض ما يحلّ لزوجها؟ قال : « تتّزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرّتها ، ثمَّ له ما فوق الإزار » (٥) ومثله الموثق (٦) وغيره (٧).

وحملت على الكراهة جمعاً بينها وبين المعتبرة المستفيضة الصريحة في الجواز ، المعتضدة بالأصل والعمومات الكتابية والسنّية والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل هي إجماع في الحقيقة ، بل حكي صريحا عن جماعة كالتبيان والخلاف ومجمع البيان (٨) ، المخالفة لما عليه أكثر العامة (٩) ،

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٧١ / ١١٣٢ ، الوسائل ٢ : ٢١٧ أبواب الحيض ب ١٩ ح ٧.

٢ ـ المعتبر ١ : ٢٣٤.

٣ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٥ ، المستدرك ١ : ٤٦٤ أبواب الجنابة ب ١١ ح ١.

٤ ـ نقله عنه في المنتهي ١ : ٨٧.

٥ ـ الفقيه ١ : ٥٤ / ٢٠٤ ، التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٣٩ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ / ٤٤٢ ، الوسائل ٢ : ٣٢٣ أبواب الحيض ب ٢٦ ح ٢.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ / ٤٤٣ ، الوسائل ٢ : ٣٢٣ أبواب الحيض ب ٢٦ ح ٣.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٥٥ / ٤٤١ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ / ٤٤٤ ، الوسائل ٢ : ٣٢٤ أبواب الحيض ب ٢٦ ح ٣.

٨ ـ التبيان ٢ : ٢٢٠ ، الخلاف ١ : ٢٢٦ ، مجمع البيان ١ : ٣١٩.

٩ ـ منهم ابن قدامة في المغني ١ : ٣٨٤ ، ابن حزم في المحلّي ٢ : ١٧٦ ، الشوكاني في نيل الأوطار ١ : ٤٣٩.

٣٠٦

كالموثق بابن بكير فلا يضر الإرسال بعده : « إذا حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم » (١). ومثله الموثق الآخر وغيره في الصراحة باختصاص المنع بموضع الدم (٢).

وقريب منها الصحيح : ما للرجل من الحائض؟ قال : « ما بين أليتيها ولا يوقب » (٣).

للتصريح بحليّة ما عدا الإيقاب ، فالمراد به هنا الجماع في القبل بالإجماع المركب. فيجوز الاستمتاع بما عداه ولو كان الدبر ، كما عن صريح السرائر ونهاية الإحكام والمختلف والتبيان ومجمع البيان (٤) ، مع دعواهما الإجماع عليه ، وظاهر الخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة والتحرير والشرائع والمبسوط والنهاية والاقتصاد (٥) ، وإن ضعف في الثلاثة الأخيرة ، لتعليق الاستمتاع فيها بما عدا الفرج المحتمل للدبر أيضا ؛ ولكنه بعيد.

وممّا ذكر ظهر ضعف مرتضى المرتضى من تبديل الكراهة بالمنع (٦) ؛ لضعف دليله المتقدم. كضعف باقي أدلته من الآيتين : الناهية عن قربهنّ حتى‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٣٦ ، الاستبصار ١ : ١٢٨ / ٤٣٧ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢١ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٥.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٣٨ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ / ٤٣٩ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٦.

٣ ـ التهذيب ١ : ١٥٥ / ٤٤٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٩ / ٤٤١ ، الوسائل ٢ : ٣٢٢ أبواب الحيض ب ٢٥ ح ٨.

٤ ـ السرائر ١ : ١٥٠ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٢ ، المختلف : ٣٥ ، التبيان ٢ : ٢٢٠ ، مجمع البيان ١ : ٣١٩.

٥ ـ الخلاف ١ : ٢٢٦ ، المعتبر ١ : ٢٢٤ ، المنتهي ١ : ١١١ ، التذكرة ١ : ٢٧ ، التحرير ١ : ١٥ ، الشرائع ١ : ٣١ ، المبسوط ٤ : ٢٤٢ ، النهاية : ٢٦ ، الاقتصاد : ٢٤٥.

٦ ـ نقله عنه في الختلف : ٣٥.

٣٠٧

يطهرن والآمرة باعتزالهنّ في المحيض (١) ، لعدم إرادة المعنى اللغوي من القرب فينصرف إلى المعهود المتعارف ، وكون « المحيض » اسم مكان لا مصدر أو اسم زمان ، وإلّا لزم الإضمار أو التخصيص ، المخالف كلّ منهما للأصل.

( ووطؤها قبل الغسل ) مطلقاً وتتأكد إذا لم يكن شبقاً ؛ للنهي عنه في بعض المعتبرة كالموثق : أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال : « لا حتى تغتسل » (٢).

وهو محمول على الكراهة ؛ لإشعار الموثقين المتضمنين ل « لا يصلح » بها (٣) ، مع التصريح بالجواز إمّا مطلقاً أو مع الشبق في المعتبرة المستفيضة ، المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة ، بل حكي صريحاً عن جماعة كالانتصار والخلاف والغنية وظاهر التبيان ومجمع البيان وروض الجنان وأحكام الراوندي والسرائر (٤) ، ومع ذلك مخالفة لما عليه العامة (٥).

ففي الموثق : « إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء » (٦).

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٢. ولا يخفي أنهما آية واحدة.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٦٧ / ٤٧٩ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ / ٤٦٦ ، الوسائل ٢ : ٣٢٦ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٧.

٣ ـ الاول :

التهذيب ١ : ١٦٦ / ٤٧٨ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ / ٤٦٥ ، الوسائل ٢ : ٣٢٦ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٦.

الثاني :

التهذيب ١ : ٣٩٩ / ١٢٤٤ ، الوسائل ٢ : ٣١٣ أبواب الحيض ب ٢١ ح ٣.

٤ ـ الانتصار : ٣٤ ، الخلاف ١ : ٢٢٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، التبيان ٢ : ٢٢١ ، مجمع البيان ١ : ٣١٩ ، روض الجنان : ٨٠ ، فقه القرآن ١ : ٥٥ ، السرائر ١ : ١٥١.

٥ ـ انظر الام ١ : ٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ١١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٥٧.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٦٦ / ٤٧٦ ، الاستبصار ١ : ١٣٥ / ٤٦٤ ، الوسائل ٢ ٣٢٥ أبواب الحيض ب

٣٠٨

وفي آخر : عن الحائض ترى الطهر ، يقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال : « لا بأس ، وبعد الغسل أحبّ اليّ » (١).

وفي الخبر : « إذا طهرت من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل ، فإن فعل فلا بأس به » وقال : « تمس الماء أحب إليّ » (٢).

ولا يبعد دلالة الآية ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) (٣) عليه ، بناءً على حجية مفهوم الغاية ، وظهور يطهرن ـ بناءً على القراءة بالتخفيف ـ في انقطاع الدم خاصة ، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية له في معنى المتشرعة ، ويؤيده هنا السياق ، مع ما في بعض المعتبرة من كون غسل الحيض سنّة (٤) ، أي لا فريضة إلهية تستفاد من الآيات القرآنية. فتأمل.

ولا ينافيه القراءة بالتشديد ، إمّا لمجي‏ تفعّل بمعنى فَعَل مجازاً شائعاً ، فيكون هنا من قبيله ، لما تقدّم من الأدلة على الجواز من دون توقف على اغتسال ؛ وإمّا لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية في التطهير في معنى المتشرعة أي الاغتسال ، فيحتمل إرادة المعنى اللغوي ويكون إشارة إلى غسل الفرج ، كما يعرب عنه الصحيح : في المرأة ينقطع عنها دم الحيض في آخر أيّامها ، قال : « إذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثمَّ يمسها إن شاء » (٥).

__________________

٢٧ ح ٣.

١ ـ الكافي ٥ : ٥٣٩ / ٢ بتفاوت يسير ، التهذيب ١ : ١٦٧ / ٤٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ / ٤٦٨ ، الوسائل ٢ : ٣٢٥ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٥.

٢ ـ التهذيب ١ : ١٦٧ / ٤٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ / ٤٦٧ ، الوسائل ٢ : ٣٢٥ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ٤.

٣ ـ البقرة : ٢٢٢.

٤ ـ التهذيب ١ : ١١٠ / ٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٩ ، الوسائل ٢ : ١٧٦ أبواب الجنابة ب ١ ح ١١.

٥ ـ الكافي ٥ : ٥٣٩ / ١ ، التهذيب ١ : ١٦٦ / ٤٧٥ ، الاستبصار ١ : ١٣٥ / ٤٦٣ ، الوسائل ٢ : ٣٢٤ أبواب الحيض ب ٢٧ ح ١.

٣٠٩

ولذا حكي عن ظاهر الأكثر وجوب الغسل المزبور (١) ، إلّا أن الآية لا تساعد عليه ، بل غايته الشرطية كما عن صريح ابن زهرة (٢).

وعن ظاهر التبيان والمجمع وأحكام الراوندي : توقف الجواز على أحد الأمرين منه ومن الوضوء (٣). ولا دليل عليه.

وعن صريح التحرير والمنتهى والمعتبر والذكرى والبيان : استحبابه (٤). وهو غير بعيد ؛ للأصل ، وخلوّ أكثر الأخبار المجوّزة الواردة في الظاهر في مقام الحاجة عنه ، فلو وجب الغسل أو اشترط لزم تأخير البيان عن وقتها ، إلّا أن الأحوط مراعاته.

وقول الفقيه بالمنع فيما عدا الشبق (٥) شاذ ، كالصحيح الدال عليه. وربما حمل كلامه ـ كصحيحه ـ على شدة الكراهة ، فلا شذوذ ولا مخالفة.

( وإذا حاضت بعد دخول الوقت ولم تصلّ مع الإمكان ) بأن مضى من أوّل الوقت مقدار فعلها ولو مخفّفة مشتملة على الواجبات دون المندوبات ، وفعل الطهارة خاصة وكلّ ما يعتبر فيها ممّا ليس بحاصل لها ـ كما في الروضة (٦) ـ طاهرة ( قضت ) في المشهور ، بل حكى عليه الإجماع بعض الأصحاب صريحاً (٧).

للموثق : في امرأة دخل وقت الصلاة وهي طاهرة ، فأخّرت الصلاة حتى‏

__________________

١ ـ حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٩٧.

٢ ـ كما في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

٣ ـ التبيان ٢ : ٢٢١ ، مجمع البيان ١ : ٣٢٠ ، فقه القرآن ١ : ٥٥.

٤ ـ التحرير ١ : ١٦ ، المنتهي ١ : ١١٨ ، المعتبر ١ : ٢٣٦ ، الذكرى : ٣٤ ، البيان : ٦٣.

٥ ـ الفقيه ١ : ٥٣.

٦ ـ الروضة ١ : ١١٠.

٧ ـ الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٩٧.

٣١٠

حاضت ، قال : « تقضي إذا طهرت » (١) وبمعناه غيره (٢).

وتفسير الإمكان بما ذكرنا هو المشهور بين الأصحاب ، فلا يجب القضاء مع عدمه مطلقاً ، وعن الخلاف الإجماع عليه (٣).

خلافاً للإسكافي والمرتضى ، فاكتفيا في الإمكان الموجب للقضاء بمضيّ ما يسع أكثر الصلاة من الوقت والزمان طاهرة (٤). وهو ضعيف ، والدليل عليه غير معروف.

وليس في الخبر : عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلّت ركعتين ثمَّ ترى الدم ، قال : « تقوم من مسجدها ولا تقضي الركعتين » قال : « فإن رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلّت ركعتين فلتقم من مسجدها ، فإذا تطهّرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب » (٥) ـ مع ضعفه ، وأخصيته من المدّعى ، بل وإشعاره باختصاص الحكم بالمغرب ـ دلالة على ما حكي عنهما من لزوم قضاء مجموع الصلاة التي أدركت أكثرها طاهرة مطلقاً ، لدلالته على كفاية قضاء الغير المدرك مع فعل المدرك. فطرحه رأساً لشذوذه حينئذ متعيّن.

نعم : في الفقيه والمقنع (٦) أفتى بمضمونه. ويكتفي حينئذ بما أسلفناه من ضعف السند في ردّه ، مضافاً إلى الأصل والشهرة ودعوى الإجماع على‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٩٢ / ١٢١١ ، الاستبصار ١ : ١٤٤ / ٤٩٣ ، الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٤.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٩٤ / ١٢٢١ ، الاستبصار ١ : ١٤٤ / ٤٩٤ ، الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٥.

٣ ـ الخلاف ١ : ٢٧٤.

٤ ـ نقله عن الاسكافي في المختلف : ١٤٨ ، المرتضي في جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضي ٣ ) : ٣٨.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٠٣ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٩٢ / ١٢١٠ ، الاستبصار ١ : ١٤٤ / ٤٩٥ ، الوسائل ٢ : ٣٦٠ أبواب الحيض ب ٤٨ ح ٣.

٦ ـ الفقيه ١ : ٥٢ ، المقنع : ١٧.

٣١١

خلافه.

ثمَّ إنّ ما ذكرنا من اعتبار مضيّ زمان الطهارة أو مطلق الشرائط في تفسير الإمكان ظاهر الأكثر. وهو الأظهر ، بناءً على عدم جواز الأمر بالصلاة مع عدم مضيّ زمان الطهارة ، لاستلزامه التكليف بالمحال ، بناءً على اشتراطها في وجودها. فاستشكال العلّامة في النهاية فيه بمجرد إمكان التقديم على الوقت (١) لا وجه له.

ومقتضى ما ذكرنا من الدليل عدم اعتبار مضي زمانها مع الإتيان بها قبل الوقت ؛ لإمكان التكليف حينئذ. وعن التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى (٢) القطع بذلك.

( وكذا لو أدركت من آخر الوقت قدر الطهارة ) حسب ، أو وسائر الشروط كما في الروضة (٣) ، وحكي عن جماعة (٤) ( و ) أداء أقلّ الواجب من ركعة من ( الصلاة ) بحسب حالها من ثقل اللسان وبطء الحركات وضدّهما كما احتمله في نهاية الإحكام (٥) ( وجبت ) بإجماع أهل العلم في العصر والعشاء والصبح ، كما عن الخلاف (٦).

لعموم النبوي : « من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة » (٧).

وخصوص المرتضويين في الصبح والعصر ، ففي أحدهما : « من أدرك ركعة

____________

١ ـ نهاية الإحكام ١ : ٣١٧.

٢ ـ التذكرة ١ : ٧٨ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٣ ، الذكرى : ١٢٢.

٣ ـ الروضة ١ : ١١٠.

٤ ـ حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٩٧.

٥ ـ نهاية الإحكام ١ : ٣١٤.

٦ ـ الخلاف ١ : ٢٧٢.

٧ ـ الذكرى : ١٢٢ ، الوسائل ٤ : ٢١٨ أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ٤ ، ورواه أيضاً في سنن ابن ماجة ١ : ٣٥٦ / ١١٢٢ ، وسنن الدار قطني ١ : ٣٤٦ / ١ و ٢ ، وسنن الترمذي ١ : ١٩ / ٥٢٣.

٣١٢

من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر » (١).

وفي الثاني : « من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة » (٢).

ونحوه الصادقيّ : « فإن صلّى ركعة من الغداة ثمَّ طلعت الشمس فليتم الصلاة وقد جازت صلاته ، وإن طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلي حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها » (٣).

وكذلك في الظهر والمغرب على الأشهر الأظهر ، بل نفي الخلاف عنه في الخلاف (٤) ؛ لعموم النبوي المتقدم ، وعموم المستفيضة في المقام كالصحيح : « إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصلّ الظهر والعصر ، وإن طهرت من آخر الليل فلتصلّ المغرب والعشاء » (٥).

ونحوه روايات اُخر ، وأوضح منها الخبر : « إذا طهرت الحائض قبل العصر صلّت الظهر والعصر ، وإن طهرت في آخر وقت العصر صلّت العصر » (٦).

وبه يقيد الصحيح مع مضاهياته في الجملة ، كتقييد المجموع بمفهوم النبوي المتقدم ـ كغيره ـ من أنّ من لم يدرك الركعة فلم يدرك الصلاة ، فلا يشمل‏

__________________

١ ـ الذكرى : ١٢٢ ، الوسائل ٤ : ٢١٨ أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ٥.

٢ ـ التهذيب ٢ : ٣٨ / ١١٩ ، الاستبصار ١ : ٢٧٥ / ٩٩٩ ، الوسائل ٤ : ٢١٧ أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ٢.

٣ ـ التهذيب ٢ : ٢٦٢ / ١٠٤٤ ، الوسائل ٤ : ٢١٧ أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ٣.

٤ ـ الخلاف ١ : ٢٧٣.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٩٠ / ١٢٠٤ ، الاستبصار ١ : ١٤٣ / ٤٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٦٤ أبواب الحيض ب ٤٩ ح ١٠.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٩٠ / ١٢٠٢ ، الاستبصار ١ : ١٤٢ / ٤٨٧ ، الوسائل ٢ : ٣٦٣ أبواب الحيض ب ٤٩ ح ٦ٍ.

٣١٣

إطلاقها وجوب الصلاة أداء أو قضاءً بإدراك الطهارة وشي‏ء من الصلاة ولو كان أقل من ركعة ، فاحتمال المصنف العمل بإطلاقها مطلقاً (١) ضعيف. كضعف ما عن النهاية من لزوم قضاء الفجر عليها بحصول الطهر لها قبل طلوع الشمس على كل حال (٢).

فيجب ـ على المختار ـ قضاء الظهرين كالعشاءين بإدراك خمس ركعات بعد الطهارة أو الشروط قبل الغروب ، وانتصاف الليل أو الفجر ـ على الاختلاف في آخر وقت العشاءين. وهو المحكي عن المبسوط في الظهرين في بحث الصلاة وابن سعيد (٣) وكافة المتأخرين. خلافاً لموضع آخر من المبسوط والمهذّب فاستحبابهما حينئذ كالعشاءين (٤). وهو ضعيف. كضعف ما عن الإصباح من استحباب فعل الظهرين بإدراك خمس قبل الغروب والعشاءين بإدراك أربع (٥).

وما عن الفقيه من وجوب الظهرين بإدراك ستّ ركعات (٦) إن أريد به المثل فلا بأس به ، وإن أريد به اشتراط الست في الوجوب ـ كما هو ظاهر العبارة ـ فهو كسابقه ضعيف.

ثمَّ في كون الصلاة المدركة منها ركعة لو أتى بها في الوقت ( أداء ) بجميعها ، كما عن المبسوط والتحرير والمختلف والمنتهى ونهاية الإحكام (٧) ،

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٢٤٠.

٢ ـ النهاية : ٢٧.

٣ ـ المبسوط ١ : ٧٣ ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٦١.

٤ ـ المبسوط ١ : ٤٥ ، المهذّب ١ : ٣٦.

٥ ـ حكاه عن الاصباح في كشف اللثام ١ : ٩٧.

٦ ـ الفقيه ١ : ٢٣٢.

٧ ـ المبسوط ١ : ٧٢ ، التحرير ١ : ٢٧ ، المختلف : ٧٥ ، المنتهي ١ : ٢٠٩ ، نهاية الإحكام ١ : ١٢٤.

٣١٤

ولعلّه المشهور ، بل عن الخلاف نفي الخلاف عنه (١) ؛ لظاهر الإدراك في الأخبار المتقدمة.

أو قضاءً كذلك ، كما في المبسوط عن بعض الأصحاب (٢) ؛ لعدم الوقوع في الوقت ، بناءً على أنّ أجزاء الوقت بإزاء أجزائها ، فالآخر بإزاء الآخر ، وأوقع فيه ما قبله ، فلم يقع شيء منها في وقته.

أو المدركة أداء والباقي قضاءً ؛ لوقوع بعض في الوقت وبعضه خارجه ، مع كون الظاهر والأصل أن جملة الوقت بإزاء الجملة من دون توزيع.

أوجه ، أوجهها الأوّل.

ولا ثمرة لهذا الاختلاف على القول بعدم لزوم نية الأداء والقضاء في العبادة ، كما هو الأظهر.

( و ) يجب عليها ( مع الإهمال ) بما وجب عليها أداؤه فعله ( قضاءً ) إجماعاً فتوىً ونصوصاً عموماً وخصوصاً.

ففي الموثق : عن المرأة ترى الطهر عند الظهر ، فتشتغل في شأنها حتى يدخل وقت العصر ، قال : « تصلّي العصر وحدها ، فإن ضيّعت فعليها صلاتان » (٣) ومثله في آخر (٤).

وفيهما دلالة على اعتبار إدراك مقدار الطهارة في وجوب الصلاة.

ولم أقف على دليل على اعتبار سائر الشروط الملحقة بها فيه أيضاً ، مع‏

__________________

١ ـ الخلاف ١ : ٢٧١.

٢ ـ المبسوط ١ : ٧٢.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٨٩ / ١٢٠٠ ، الاستبصار ١ : ١٤٢ / ٤٨٦ ، الوسائل ٢ : ٣٦٣ أبواب الحيض ب ٤٩ ح ٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٠٣ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٩١ / ١٢٠٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٥ / ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٦٢ أبواب الحيض ب ٤٩ ح ٤.

٣١٥

اقتضاء عمومات الأوامر بالصلاة أو إطلاقاتها العدم ، فتكون بالنسبة إليها واجبة مطلقة لا مشروطة ، فالإلحاق ضعيف. كضعف احتمال عدم اعتبار وقت الطهارة ، كما عن العلّامة في النهاية (١) ، بناءً على عدم اختصاصها بوقت واشتراطها (٢) في اللزوم بل الصحة ؛ لدلالة المعتبرة المتقدمة المعتضدة بالشهرة العظيمة على خلافه ولزوم اعتباره.

( وتغتسل كاغتسال الجنب ) في كيفيته وواجباته ومندوباته لعموم المعتبرة كالموثق : « غسل الجنابة والحيض واحد » (٣).

وفي آخر : أعليها غسل مثل غسل الجنابة؟ قال : « نعم » يعني الحائض (٤).

ولكن عن النهاية : أنها تغتسل بتسعة أرطال من ماء ، وإن زادت على ذلك كان أفضل (٥). وفي الجنابة : فإن استعمل أكثر من ذلك جاز » (٦).

ولعلّه رأى الإسباغ لها بالزائد ، لشعرها وجلوسها في الحيض أياماً ، أو لاحظ مكاتبة الصفّار : كم حدّ [ الماء ] الذي يغسّل به الميت؟ كما رووا أنّ الجنب يغتسل بستة أرطال والحائض بتسعة أرطال (٧).

أو الخبر : عن الحائض كم يكفيها من الماء؟ قال : « فرق » (٨) وهو ـ كما

__________________

١ ـ نهاية الإحكام ١ : ٣١٥.

٢ ـ عطف على الاختصاص.

٣ ـ الفقيه ١ : ٤٤ / ١٧٣ ، التهذيب ١ : ١٦٢ / ٤٦٣ ، الوسائل ٢ : ٣١٥ أبواب الحيض ب ٢٣ ح ١.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٦٢ / ٤٦٤ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٨ ، الوسائل ٢ : ٣١٦ آبواب الحيض ب ٢٣ ح ٦.

٥ ـ النهاية : ٢٨.

٦ ـ النهاية : ٢٢.

٧ ـ التهذيب ١ : ٤٣١ / ١٣٧٧ ، الوسائل ٢ : ٥٣٦ أبواب غسل الميت ب ٢٧ ح ٢ ، ومابين المعقوفين أضفناه من المصدر.

٨ ـ التهذيب ١ : ٣٩٩ / ١٢٤٧ ، الاستبصار ١ : ١٤٨ / ٥٠٩ ، الوسائل ٢ : ٣١٢ أبواب الحيض

٣١٦

قاله أبو عبيدة بلا اختلاف بين الناس ـ : ثلاثة أصوع.

ولا بأس به ؛ للتسامح ، وإن كان في أدلته نظر.

( لكن لابدّ معه من وضوء ) على الأشهر الأظهر ، كما مرّ في بحث الجنابة.

____________

ب ٢٠ ح ٣.

٣١٧

( الثالث )

( غسل الاستحاضة ) وهي الدم الخارج من الرحم زائداً على العشرة مطلقاً ، أو العادة خاصة على الأشهر وأيّام الاستظهار أيضاً على الأظهر مستمراً إلى تجاوز العشرة ، فيكون تجاوزها كاشفاً عن كون السابق عليها بعد العادة خاصة أو الاستظهار أيضاً استحاضة.

أو بعد اليأس ببلوغ سنه.

أو بعد النفاس كالموجود بعد العشرة أو فيها بعد أيام العادة مع تجاوز العشرة ، بشرط عدم تخلل نقاء أقل الطهر فلو تخلّله وأمكن الحيض فهو حيض ، أو عدم (١) مصادفة أيام العادة بعد العشرة أو العادة (٢) إذا كانت لها عادة فإذا صادفها فهو حيض ، أو عدم حصول (٣) شرائط التميز فيه إن لم يكن لها عادة ، فلو حصل التميز بشرائطه التي من جملتها مضي عشرة فهو حيض.

( ودمها في الأغلب أصفر بارد رقيق ) كما عن المبسوط والاقتصاد والمصباح ومختصره والتبيان وروض الجنان والكافي والوسيلة والمراسم والغنية والمهذّب والإصباح والشرائع والمعتبر وجمل العلم والعمل (٤). وليس في الأربعة الاُول ذكر الثالث.

__________________

١ ـ عطف على قوله : عدم تخلل.

٢ ـ عطف على العشرة.

٣ ـ عطف على : عدم مصادفة.

٤ ـ المبسوط ١ : ٤٥ ، الاقتصاد : ٢٤٦ ، مصباح المتجهد : ١٠ ، التبيان ٢ : ٢٢٠ ، روض الجنان : ٨٣ ، الكافي : ١٢٨ ، الوسيلة : ٥٩ ، المراسم : ٤٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠ ، المهذّب ١ : ٣٨ ، نقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٩٨ ، الشرائع ١ : ٣١ ، المعتبر ١ : ٢٤١ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضي ٣ ) : ٢٦.

٣١٨

واعتبار هذه الصفات فيها معلوم ممّا سبق في أوصاف الحيض. كمعلومية اعتبار الفتور منه لوصف الحيض في بعض المعتبرة ثمّة بالدفع المقابل له. ولذا صرّح باعتباره المصنّف في الشرائع (١) ، كالشيخ في النهاية والاقتصاد والمبسوط (٢) ، والصدوق في الفقيه عن الرسالة ، والمقنع والهداية (٣) ، وإن لم يصرّحا بهذه ، بل بنفي الدفع كما في كتب الأول ، وعدم الإحساس بالخروج كما في كتب الثاني الملازمين لها ، وصرّح باعتباره في اللمعة والروضة (٤).

( لكن ما تراه بعد عادتها ) وأيام الاستظهار ( مستمراً ) إلى تجاوز العشرة ( وبعد غاية النفاس ) بالشرائط المتقدمة ( وبعد ) سنّ ( اليأس وقبل البلوغ ) إلى كمال تسع سنين ( ومع الحمل على الأظهر ) عند المصنف ( فهو استحاضة ولو كان ) مسلوب الصفات كأن كان ( عبيطاً ) كما أن المتصف بها في أيّام الحيض وما في حكمها حيض ، ولذا قيّد بالأغلب ، وتعريفه بها في المعتبرة منزّل عليه بالبديهة ، فلا يمكن جعلها خاصة مركبة.

( ويجب ) على المرأة بعد رؤيته‏‏ ( اعتباره ، فإن لطخ ) الدم ( باطن القطنة ) ولم يثقبها فهي قليلة و ( يلزمها إبدالها ) أو تطهيرها إذا تلوّثت ، وفاقاً لأكثر الأصحاب ، بل عليه الإجماع عن الناصرية والمنتهى (٥) ؛ لذلك ، مع عدم ثبوت العفو عن مثله مطلقاً ، وتصريح بعض الأخبار به في الكثيرة أو المتوسطة ، ويتم بالإجماع المركب كما حكي صريحاً (٦).

__________________

١ ـ الشرائع ١ : ٣١.

٢ ـ النهاية : ٢٣ ، الاقتصاد : ٢٤٦ ، المبسوط ١ : ٤٥.

٣ ـ الفقيه ١ : ٥٤ ، المقنع : ١٦ ، الهداية : ٢٢.

٤ ـ الروضة البهية ١ : ١١١.

٥ ـ الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٤ ، المنتهي ١ : ١٢٠.

٦ ـ الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( المخطوط ).

٣١٩

ففي كالصحيح : « فإذا ظهر عن الكرسف فلتغتسل ، ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي » (١).

وفي الصحيح : « هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين صلاتين بغسل » الحديث (٢).

ومثلهما غيرهما وسيجي‏ء قريباً.

ولا ينافي الإجماع المدّعى عدم ذكر الصدوقين ـ كالقاضي ـ له مطلقاً ، بناءً على معلومية النسب.

ولا يجب تغيير الخرقة هنا وفاقاً لجماعة (٣) ؛ للأصل ، وعدم الدليل عليه. فوجوبه ـ كما عن الشيخين والمرتضى (٤) ، بل والأكثر (٥) ـ غير جيد وإن كان أحوط.

( والوضوء ) خاصة ( لكل صلاة ) أيضاً على الأشهر الأظهر ، بل عن الناصريات والخلاف الإجماع عليه (٦) ؛ للمعتبرة المستفيضة ، ففي الصحيح : « وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلّت كل صلاة بوضوء » (٧).

__________________

١ ـ التهذيب ٥ : ٤٠٠ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٢ : ٣٧٥ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨.

٢ ـ الكافي ٣ : ٩٠ / ٦ ، التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٦ بتفاوت يسير ، الوسائل ٢ : ٣٧٢ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٣.

٣ ـ منهم العلامة في التذكرة ١ : ٢٩ ، ونهاية الإحكام ١ : ١٢٦ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٩٩.

٤ ـ المفيد في المقنعة : ٥٦ ، الطوسي في النهاية : ٢٨ ، والمبسوط ١ : ٦٧ ، والاقتصاد : ٢٤٦ ، المرتضي في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨.

٥ ـ حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٩٩.

٦ ـ الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨ ، الخلاف ١ : ٢٤٩.

٧ ـ الكافي ٣ : ٨٨ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٤ ، الوسائل ٢ : ٣٧١ أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١.

٣٢٠