رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-089-7
الصفحات: ٥١٩

ويحصل التميز باُمور :

الأوّل : الاختلاف في الصفات المتقدمة ، منها الثخانة ، لوصف الاستحاضة في بعض الأخبار بالرقة ، فتجعل ما بصفة الحيض حيضاً والباقي استحاضة.

وأمّا إلحاق الرائحة الكريهة بصفات الحيض وضدّها بصفات الاستحاضة فلا دليل عليه سوى التجربة ، ولا يستفاد منها سوى المظنة ، وفي اعتبارها في مثل المقام مناقشة ، لمخالفته الأصل ، لإناطة التكليف بالاسم ، ومقتضاها حصول العلم به ، فالاكتفاء بالمظنة بدله يحتاج إلى دليل.

فلا تميز لفاقدة الصفات المنصوصة ، كما لا تميز لواجدتها للاستحاضة أو للحيض خاصة ، إجماعاً في المتساوية منها قوةً وضعفاً ، وعلى الأظهر في المختلفة جدّاً.

خلافاً للفاضلين وجماعة (١) ، فحكموا بالتميز هنا ، وأوجبوا الرجوع في الحيض إلى الأقوى ، وفي الاستحاضة إلى الأضعف.

واعتبروا القوة بأمور ثلاثة : اللون ، فالأسود قويّ الأحمر ، وهو قويّ الأشقر ، وهو قويّ الأصفر ، وهو قويّ الأكدر. والرائحة ، فذو الرائحة الكريهة قويّ ما لا رائحة له أو رائحة ضعيفة. والثخن ، فالثخين قويّ الرقيق. وذو الثلاث قويّ ذي الاثنين ، وهو قويّ ذي الواحدة ، وهو قويّ العادم.

وفيه ما عرفت إلّا أن يدّعى حصول الظن بالاستقراء وتتبّع موارد الحيض باكتفاء الشارع بالمظنة لها في تعيين حيضها. وهو غير بعيد.

ثمَّ إن اختلفت الدماء ثلاث مراتب ، كأن رأت الحمرة ثلاثا والسواد

__________________

١ ـ المحقق في المعتبر ١ : ٢٠٥ ، العلامة في نهاية الإحكام ١ : ١٣٥ ؛ وانظر جامع المقاصد ١ : ٢٩٧ ، المسالك ١ : ١٠ ، المدارك ٢ : ١٥.

٢٦١

كذلك والصفرة فيما بقي ، فهل الحيض السواد خاصة؟ كما عن المعتبر والمنتهى وموضع من التذكرة (١) ، أم هو مع الحمرة؟ كما عن نهاية الإحكام وموضع آخر من التذكرة (٢).

إشكال : ينشأ من أنه مع انفرادهما مع التجاوز كان الحيض السواد خاصة ، مؤيداً بالاحتياط وأصالة عدم الحيض. ومن قوّتهما بالنسبة إلى الصفرة ، وإمكان حيضيتهما ، مؤيداً بأصالة عدم الاستحاضة. وهذا أقوى ، لما عرفت ، بشرط عدم تجاوزهما عن العشرة ، وإلّا فلا تميز.

الثاني : كون ما بصفة الحيض غير قاصر عن الثلاثة ولا زائد على العشرة ؛ لعموم ما دلّ على اعتبار الأمرين في الحيض من الإجماع المنقول (٣) والأخبار المعتبرة (٤). وليس في إطلاق ما دلّ على الصفات مخالفة لذلك ، لورودها في بيان الوصف لا بيان المقدار ، وعلى تقدير وروده فيه يقيّد بما دلّ على اعتباره.

وأمّا ما في رواية يونس الطويلة من الأمر بتحيّض المضطربة برؤية ما بالصفة مطلقا ، قليلاً كان أو كثيراً (٥) ، فليس بمضارّ لما ذكرنا ؛ لاحتمال أن يراد بالقلّة والكثرة قليل الحيض وكثيره شرعا ، وليس فيها التصريح بقدر الأمرين ، بل لعلّه المتعيّن ، لذكر مثل ذلك في ذات العادة.

وعلى التسليم يحمل الإطلاق على ما تقدّم من الأدلة. ولو لم يحتمل ما ذكرناه وجب طرحها لشذوذها حينئذ ومخالفتها الإجماع والنصوص ، فلا وجه‏

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٢٠٥ ، المنتهي ١ : ١٠٥ ، التذكرة ١ : ٣١.

٢ ـ نهاية الإحكام ١ : ١٣٦ ، التذكرة ١ : ٣٢.

٣ ـ كما في كشف اللثام ١ : ٨٨.

٤ ـ الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ الأحاديث ٤ ، ٥ ، ٦.

٥ ـ الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.

٢٦٢

لتوهّم بعض من عاصرناه عدم اعتبار هذا الشرط (١) ، فلا تميز لفاقدته.

وهل تتحيض ببعض ما زاد على العشرة ممّا يمكن جعله حيضاً وبالناقص مع إكماله بما في الأخبار؟ كما عن المبسوط (٢) ، أم لا بل يتعين الرجوع إلى عادة النساء والروايات أوّلا؟ كما عن المعتبر والتذكرة والمنتهى والتحرير (٣).

قولان : من عموم أدلة التميز ، ومن عموم الرجوع إلى الأمرين. ولعلّ الأوّل أقرب ، ومراعاة الاحتياط أولى.

الثالث : عدم قصور الضعيف المحكوم بكونه طهراً أو مع النقاء المتخلل عن أقلّه في المشهور ، بل حكي عليه الإجماع (٤) ويدل عليه ما دلّ على اعتباره فيه من الأخبار. فلا يمكن جعل كل من الدمين المتخلل بينهما ذلك حيضاً وإن اجتمعت فيهما باقي الشرائط.

لكن وقع الخلاف فيما إذا تخلل الضعيف القوي الصالح للحيضية في كل من الطرفين ، فعن المبسوط : لو رأت ثلاثة دم الحيض وثلاثة دم الاستحاضة ثمَّ رأت بصفة الحيض تمام العشرة ، فالكلّ حيض. وإن تجاوز الأسود إلى تمام ستة عشر كانت العشرة حيضا والستة السابقة استحاضة (٥).

وكأنه نظر إلى أنّ دم الاستحاضة لمّا خرج عن كونه حيضاً خرج ما قبله أيضا ؛ كذا عن المحقّق (٦) وهو ضعيف ، لوروده فيما بعده أيضا ، فالترجيح من دون مرجح قبيح. ومنه يظهر الكلام في جعل المتقدم حيضاً كما عن الذكرى‏

__________________

١ ـ انظر الحدائق ٣ : ١٨٦ ، ١٩٥.

٢ ـ المبسوط ١ : ٤٦.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢٠٧ ، التذكرة ١ : ٣١ ، المنتهي ١ : ١٠٥ ، التحرير ١ : ١٤.

٤ ـ كما حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٨٨.

٥ ـ المبسوط ١ : ٥٠.

٦ ـ انظر المعتبر ١ : ٢٠٦.

٢٦٣

والمدارك (١). ولعلّه لهذا حكي عنه استحسان نفي التميز مطلقاً (٢) ، واستقربه في التذكرة (٣) ، وعن المنتهى والتحرير التردد فيه (٤).

الرابع : التجاوز عن العشرة ؛ لما عرفت من حيضية ما انقطع عليها فما دون بالقاعدة المتفق عليها.

الخامس : عدم المعارضة بالعادة على المختار ، لما سيأتي.

وذكر الشرطين الأخيرين في المقام استطرادي ، فتدبر.

والحكم برجوعهما إلى التميز ـ كما عرفت ـ مشهور بين الأصحاب منقول عليه الإجماعات المستفيضة في المبتدأة ، والإجماعات في المضطربة. ولم ينقل في ذلك خلاف في الكتب المعتبرة ، إلّا أنه حكى بعض الأصحاب عن ابن زهرة في ذلك المخالفة ، فجعل عملهما على أصل أقلّ الطهر وأكثر الحيض من دون ذكر التميز (٥).

وكذا عن الصدوقين والمفيد (٦) من عدم ذكرهم إياه.

وعن التقي : رجوع المضطربة إلى نسائها ، فإن فقدن فإلى التميز ؛ والمبتدأة إلى نسائها خاصة إلى أن تستقر لها عادة (٧).

وعن المبسوط : أنه إذا رأت المبتدأة ما هو بصفة الاستحاضة ثلاثة عشر يوماً ، ثمَّ رأت ما هو بصفة الحيض بعد ذلك واستمر ، كان ثلاثة أيام من أول‏

__________________

١ ـ الذكرى : ٢٩ ، المدارك ٢ : ١٥.

٢ ـ المعتبر ١ : ٢٠٦.

٣ ـ التذكرة ١ : ٣١.

٤ ـ المنتهي ١ : ١٠٥ ، التحرير ١ : ١٤.

٥ ـ حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٨٨ ، وهو في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

٦ ـ انظر الفقيه ١ : ٥٠ ، ونقل فيه عن رسالة أبيه ؛ المقنعة : ٥٥.

٧ ـ الكافي في الفقه : ١٢٨.

٢٦٤

الدم حيضاً والعشرة طهراً ، وما رأته بعد ذلك من الحيضة [ الثانية ] (١).

وعن المحقّق : استشكاله بعدم تحقق التميز لها ، إلّا أنه قال : لكن إن قصد أنه لا تميز لها فتقتصر على ثلاثة لأنه المتيقن كان وجها (٢). ونحوه عن التذكرة (٣).

والمعتمد ما عليه الأصحاب لما تقدّم من عدم دليل يعتدّ به على شيء من ذلك.

( ومع فقده ) أي التميز بفقد أحد شروطه ( ترجع المبتدأة ) خاصة بالمعنى الأول كما عرفت ( إلى عادة أهلها ) من أمّها وعشيرتها من أيّ الأبوين كنّ ، وفاقا للمشهور للخبر ـ المنجبر ضعفه بجميع جهاته بالشهرة والإجماع من الأصحاب على العمل بمضمونه كما عن الخلاف (٤) ( وغيره ) (٥) ـ وفيه : عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر ، قال : « قرؤها مثل قرء نسائها » (٦).

وفي الموثق : « المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها » (٧).

وفي آخر : « النفساء إن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست مثل‏

__________________

١ ـ المبسوط ١ : ٤٧ ، أضفناه ما بين المعقوفين من المصدر.

٢ ـ المعتبر ١ : ٢٠٦.

٣ ـ التذكرة ١ : ٣١.

٤ ـ الخلاف ١ : ٢٣٤.

٥ ـ كالمعتبر ١ : ٢٠٨ ، وما بين القوسين ليست في « ش ».

٦ ـ الكافي ٣ : ٧٩ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣٨ / ٤٧١ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواب الحيض ب٨ ح ٢. وفي الجميع : « مثل أقراء نسائها ».

٧ ـ التهذيب ١ : ٤٠١ / ١٢٥٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٨ / ٤٧٢ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواب الحيض ب٨ ح ١.

٢٦٥

أيام اُمها أو اُختها أو خالتها واستظهرت بثلثي ذلك » (١).

ولا دلالة فيهما على المطلوب بوجه ؛ لشمولهما المضطربة ، ودلالتهما على الاكتفاء ببعض النسوة ولو كانت واحدة ، ولا قائل بشي‏ء من ذلك.

أمّا الثاني فظاهر ، لتخصيص من جوّز الرجوع إلى البعض إياه بالأغلب.

وأمّا الأوّل فلإيجاب من جوّز رجوع المضطربة إلى النسوة الرجوع إلى الجميع ولم يجوّز الاقتصار بواحدة.

نعم : يمكن إرجاعهما إلى ما عليه الأصحاب بدفع الأول بتقييدهما بالمبتدأة ، والثاني بانحصار النسوة في البعض أو عدم التمكن من استعلام حال الباقيات للتشتّت. فتأمّل.

وظاهر المرسل الطويل (٢) رجوع المبتدأة إلى العدد خاصة مطلقاً. لكن احتمل الشهيد رحمه‌الله في قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لحمنة بنت جحش : « تلجّمي وتحيّضي في كلّ شهر في علم اللّه ستّة أيام أو سبعة أيام » أن يكون المعنى : فيما علّمك اللّه تعالى من عادات النساء فإنّه الغالب عليهنّ (٣). وهو بعيد.

والجواب بعدم المكافأة لما تقدم ، أو تقييده به أولى.

وفي اعتبار اتحاد البلد ـ كما عن الشهيد ـ (٤) وعدمه وجهان : من عموم النص ، وعدم تبادر غير المتحدة منه. ولعلّ الأول أولى لعدم اعتبار مثل هذا التبادر في العموم الوضعي المستفاد هنا من الإضافة مع عدم سبق معهود. فتأمل.

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٠٣ / ١٢٦٢ ، الوسائل ٢ : ٣٨٩ أبواب النفاس ب ٣ ح ٢٠.

٢ ـ المتقدم في ص : ٢٥٩ ـ ٢٦٢.

٣ ـ انظر الذكرى : ٣٠.

٤ ـ راجع الذكرى : ٣١.

٢٦٦

وخلاف الحلبيين (١) في المسألة ـ كما عرفت ـ ضعيف لا مستند له. كخلاف النهاية وتردده بين احتمال الردّ إلى أقل الحيض لتيقنه ومشكوكية الزائد عليه ولا يترك اليقين إلّا بيقين أو بأمارة ظاهرة كالتميز والعادة ، والردّ إلى الأكثر لإمكان حيضيته ولغلبة كثرة الدم في المبتدأة (٢). وإن هما إلّا اجتهاد في مقابلة النص المعتبر.

( و ) ظاهر جماعة جواز الرجوع هنا إلى ( أقرانها ) وذوات أسنانها أيضاً ، إمّا مطلقاً كما هنا وعن التخليص (٣) ، عاطفين لهنّ على الأقارب بأو ، أو مع فقد الأقارب خاصة مطلقا كما عن المهذّب والتحرير والتبصرة وجمل الشيخ واقتصاده والسرائر (٤) ، أو مقيداً باتحاد البلد كما عن الوسيلة (٥) ، أو مع اختلافهن أيضاً مطلقاً كما في القواعد وعن الإرشاد ونهاية الإحكام (٦) ، أو مقيداً باتحاد البلد كما عن المبسوط والإصباح (٧).

ولا دليل عليه من أصله ، عدا أمر اعتباري لا يصلح دليلاً.

والاستدلال عليه بلفظ « نسائها » في الخبر المتقدم ـ بناءً على كفاية أدنى الملابسة في صدق الإضافة ، وهي تحصل بالمشاكلة في السن واتحاد البلد غالبا ـ لا يخلو عن نظر لعدم التبادر. ويضعّف بما تقدّم.

وعدم القول بالاكتفاء باتحاد البلد أو السنّ لا يوجب وهن الخبر بعد

__________________

١ ـ أبو الصلاح في الكافي : ١٢٨ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

٢ ـ نهاية الإحكام ١ : ١٣٨.

٣ ـ حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٨٨.

٤ ـ المهذّب ١ : ٣٧ ، التحرير ١ : ١٤ ، التبصرة : ٩ ، جمل الشيخ ( الرسائل العشر ) : ١٦٣ ، الاقتصاد : ٢٤٧ ، السرائر ١ : ١٤٦.

٥ ـ الوسيلة : ٥٩.

٦ ـ القواعد ١ : ١٤ ، الإرشاد ١ : ٢٢٦ ، نهاية الإحكام ١ : ١٣٩.

٧ ـ المبسوط ١ : ٤٦ ، نقله ، عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٨٨.

٢٦٧

شمول إطلاقه الاكتفاء بأحدهما ، كيف لا؟! والعام المخصّص حجّة في الباقي.

فقول المصنف لا يخلو عن قوة ، لا سيّما مع اشتهاره بين الأصحاب.

ويؤيده المرسل : « إنّ المرأة أوّل ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم ، فيكون حيضها عشرة أيام ، فلا تزال كلّما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام » (١).

وهو ـ كما ترى ـ دالّ على توزيع الأيّام على الأعمار غالباً.

إلّا أنّ الأحوط الرجوع إلى الأقارب ، ثمَّ مع الفقد أو الاختلاف إلى الأقران. ولا يعتبر فيهن جميعهن ، بل يكفي من كانت من بلدها ممّن يمكنها استعلام حالها ، لاستحالة الرجوع إلى الجميع.

ويظهر من المصنف في الشرائع نوع تردد في الرجوع إليهنّ (٢) ، بل صرّح في المعتبر بالمنع منه (٣) ، وتبعه في المنتهى (٤). وهو مشكل.

( فإن لم يكنّ أو كنّ مختلفات ) مطلقاً وإن اتفق الأغلب منهنّ ، وفاقاً لنهاية الإحكام والمعتبر (٥) تبعاً لظاهر الخبر ، خلافا للذكرى (٦) ، ولا دليل عليه ، وما تقدم من الموثقين لا يقول بإطلاقهما. وحينئذ ( رجعت هي ) أي المبتدأة ( والمضطربة ) وقتاً وعدداً وتسمى بالمتحيرة بعد فقدها التميز ( إلى ) الأيام‏

____________

١ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ / ٤٥٢ ، الوسائل ٢ : ٢٩٤ أبواب الحيض ب ١٠ ح ٤.

٢ ـ الشرائع ١ : ٣٢.

٣ ـ المعتبر ١ : ٢٠٨.

٤ ـ المنتهي ١ : ١٠١.

٥ ـ نهاية الإحكام ١ : ١٣٩ ، المعتبر ١ : ٢٠٨.

٦ ـ الذكرى : ٣٠.

٢٦٨

التي في ( الروايات وهي ستة ) في كل شهر ( أو سبعة ) كما في مرسلة يونس ـ الطويلة ـ التي هي كالصحيحة ـ بل قيل : صحيحة ، لعدم تحقق الإرسال بمثل غير واحد ، مضافاً إلى كون المرسل مع وثاقته ممن أجمعت العصابة ـ من قوله عليه‌السلام للمبتدأة : « تحيّضي في كل شهر ستة أيام أو سبعة ، ثمَّ اغتسلي وصومي ثلاثة وعشرين يوماً أو أربعة وعشرين يوماً ».

وقول الصادق عليه‌السلام : « وهذه سنّة التي استمر بها الدم ، أول ما تراه أقصى وقتها سبع وأقصى طهرها ثلاث وعشرون ».

وقوله عليه‌السلام : « وإن لم يكن لها أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت فوقتها سبع وطهرها ثلاث وعشرون ».

وقوله عليه‌السلام في المضطربة الفاقدة للتميز : « فسنّتها السبع والثلاث والعشرون » (١).

واستفادة التخيير بين العددين في المرأتين منها مشكل لتخصيص المضطربة فيها بالعدد الأخير ، مع احتمال مشاركة صاحبتها لها في ذلك ـ وإن وقع الترديد بينهما في حقّها ـ بناء على التصريح فيه أخيرا بعد الترديد بكون الثلاث والعشرين أقصى مدّة طهرها ، ولو جاز الاقتصار على الست لما كان ذلك أقصى بل الأربع والعشرين. فتأمل.

ولا ينافيه الترديد أوّلا ؛ لاحتمال كونه من الراوي. ولذا عيّن السبع في القواعد (٢) ، وحكي عن الأكثر (٣) فهو الأقوى.

فظهر به ضعف ما في المتن من التخيير كما عن التحرير ونهاية الأحكام‏

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.

٢ ـ القواعد ١ : ١٤.

٣ ـ حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٨٩.

٢٦٩

والتذكرة والخلاف (١) ، نعم : فيه الإجماع على روايته ، كما أنّ في سابقة دعوى مشهوريته. ولا ريب أنّ اختيار السبع أولى لاتفاقهم على جوازه.

( أو ) تتحيّضان ( ثلاثة من شهر وعشرة من آخر ) في جميع الأدوار ؛ للموثق : « إذا رأت الدم في أوّل حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيّام ثمَّ تصلّي عشرين يوماً ، فإن استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلّت سبعة وعشرين يوماً » (٢).

وعن الخلاف الإجماع على روايته (٣). ومثله في آخر (٤).

وليس فيهما ـ مع اختصاصهما بالمبتدأة ـ دلالة على التحيض بذلك في جميع الأدوار ، بل ظاهرهما الاختصاص بالدور الأول ، ومع ذلك تضمّنا تقديم العشرة ، ولم أر عاملاً بهما سوى الإسكافي على ما حكاه بعض (٥) ، وربما حكي عنه القول بتعين الثلاثة مطلقا (٦).

فالرواية حينئذ شاذة ، فالاستدلال بها لذلك والقول بالتخيير بينها وبين ما تقدم للجمع بينها وبين ما مرّ ضعيف. مضافاً إلى عدم تكافئهما للأوّل ، وعلى تقدير التكافؤ فهو فرع وجود شاهد عليه ، وليس ، فيبطل. فتأمل. فالقول بالأوّل متعيّن ولا تخيير.

__________________

١ ـ التحرير ١ : نهاية الإحكام ١ : ١٣٨ ، التذكرة ١ : ٣١ ، الخلاف ١ : ٢٣٠.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٧ / ٤٦٩ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح٦.

٣ ـ الخلاف ١ : ٢٣٤.

٤ التهذيب ١ : ٤٠٠ / ١٢٥١ الستبصار ١ : ١٣٧ / ٤٧٠ الوسائل ٢ : ٢٩١ ابواب الحيض ب ٨ ح٥.

٥ ـ نقله عنه الشيهد في الذكرى : ٣١.

٦ ـ حكاه عنه العلامة في المختلف : ٣٨.

٢٧٠

وعن الصدوق والمرتضى (١) في المبتدأة : أنها تتحيّض في كل شهر بثلاثة إلى عشرة ؛ لمضمرة سماعة : « فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقلّه ثلاثة أيام » (٢).

وما في بعض المعتبرة : عن المستحاضة كيف تصنع؟ فقال : « أقلّ الحيض ثلاثة وأكثره عشرة وتجمع بين الصلاتين » (٣).

وفي التمسك بهما ـ مع أعمية الثاني ـ في مقابل المرسل المتقدم المعتضد بالشهرة والإجماع المحكي إشكال ، وإن تأيّدا باختلاف الأخبار في التحديد.

وعن النهاية : الموافقة للمتن في المبتدأة (٤) ، لما مرّ ، والمخالفة له ـ كغيره كالصدوق في الفقيه والمقنع وهو في الاستبصار (٥) أيضاً على احتمال ـ في المضطربة ، فحكما بأنها تترك الصوم والصلاة كلّما رأت الدم وتفعلهما كلّما رأت الطهر إلى أن ترجع إلى حال الصحة أي (٦) تعرف عادتها.

للموثق : عن المرأة ترى الدم خمسة أيام والطهر خمسة وترى الدم أربعة أيام والطهر ستة أيام ، فقال : « إن رأت الدم لم تصل ، وإن رأت الطهر صلّت ما بينها وبين ثلاثين يوماً ، فإذا تمت ثلاثون فرأت دما صبيبا اغتسلت‏

__________________

١ ـ نقله عنهما في المختلف : ٣٨.

٢ ـ الكافي ٣ : ٧٩ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣٨ / ٤٧١ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواب الحيض ب ٨ ح ٢.

٣ ـ التهذيب ١ : ١٥٦ / ٤٤٩ ، الاستبصار ١ : ١٣١ / ٤٥٠ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح ٤.

٤ ـ النهاية : ٢٤.

٥ ـ الفقيه ١ : ٥٤ ، المقنع : ١٦ ، الاستبصار ١ : ١٣٢.

٦ ـ في « ح » : أو ، وفي « ش » : إلى أن.

٢٧١

واستثفرت واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة ، فإذا رأت صفرة توضأت » (١) ومثله الآخر (٢).

وهما ـ مع قصورهما عن المعارضة لما دلّ على عدم قصور أقل الطهر عن عشرة من وجوه عديدة ، وخصوص المرسلة المتقدمة المعتضدة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون اتفاق الطائفة ـ لا اختصاص لهما بالمضطربة ، بل يعمان المبتدأة ؛ مع اختصاص الحكم فيهما بالشهر الأول ولم يقل به الشيخ في النهاية. فطرحهما رأسا متعيّن والرجوع إلى المرسل لازم.

وهنا أقوال أخر متشتتة :

كالمنقول عن الجامع : من تحيّض كل منهما بسبعة أو ثلاثة عملا بالرواية واليقين (٣).

والمنقول عن الاقتصاد : من تحيّض المضطربة بسبعة في كل شهر ، أو بثلاثة في الشهر الأول وعشرة في الثاني ، والمبتدأة بسبعة خاصة (٤).

وعن الخلاف والجمل والعقود والمهذّب والإصباح : العكس (٥). لكن في الخلاف تحيّض المبتدأة بستة أو سبعة أو بثلاثة وعشرة.

والمنقول عن المبسوط وابن حمزة : من القطع بتخير المبتدأة بين السبعة أو الثلاثة والعشرة ، وإيجاب العمل بالاحتياط في ( المتحيرة بأن تجمع بين عملي‏

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٣٢ / ٤٥٤ ، الوسائل ٢ : ٢٨٦ أبواب الحيض ب ٦ ح ٣.

٢ ـ الكافي ٣ : ٧٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٧٩ ، الوسائل ٢ : ٢٨٥ أبواب الحيض ب ٦ ح ٢.

٣ ـ الجامع للشرائع : ٤٢.

٤ ـ الاقتصاد : ٢٤٧.

٥ ـ الخلاف ١ : ٢٣٤ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٤ ، المهذّب ١ : ، وحكاه عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٨٩.

٢٧٢

الحيض والاستحاضة (١).

والمنقول عن موضع آخر من المبسوط والغنية : من جعل عشرة طهراً وعشرة حيضاً (٢).

والمنقول عن موضع آخر منه : من رجوع المبتدأة إلى ما حكم به في النهاية تبعا للصدوق في المضطربة مدعيا عليه رواية (٣).

والمنقول عن المصنف في المعتبر : من التحيض بالمتيقن ، استظهاراً وعملاً بالأصل في لزوم العبادة (٤).

إلى غير ذلك من الأقوال. وليس على شيء منها دليل يعتدّ به لا سيّما في مقابلة ما تقدّم مع ما في بعضها من لزوم العسر والحرج المنفيين إجماعاً ونصاً آية (٥) ورواية (٦) ؛ مع ما عن البيان وفي الروضة : من أن ذلك ليس مذهباً لنا. (٧).

فالقول بالرجوع إلى السبع مطلقاً أقوى ، كما عن الجمل (٨).

وحيثما خيّرت كان التعيين إليها ، إلّا إذا اختارت العدد الذي اختارته (٩) ، أو تعيّن عليها في أواسط الشهر أو أواخره الذي رأت الدم فيه فهل لها ذلك ،

__________________

١ ـ المبسوط ١ : ٤٧ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٦٠.

٢ ـ المبسوط ١ : ٤٦ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٠.

٣ ـ المبسوط ١ : ٦٦.

٤ ـ المعتبر.

٥ ـ المائدة : ٦ ، الحج : ٧٨.

٦ ـ الكافي ٣ : ٣٣ / ٤ ، التهذيب ١ : ٣٦٣ / ١٠٩٧ ، الاستبصار ١ : ٧٧ / ٢٤٠ ، الوسائل ١ : ٤٦٤ أبواب الوضوء ب ٣٩ ح ٥.

٧ ـ البيان : ٥٩ ، الروضة ١ : ١٠٦.

٨ ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٤.

٩ ـ في « ش » زيادة : على المشهور.

٢٧٣

أم لا بل يتعين جعل أول ما رأته حيضاً وجهان :

أحدهما : نعم ، وحكي عن المعتبر والإصباح والمنتهى والتحرير (١) ؛ للعموم ، وعدم إمكان الترجيح.

والآخر : لا ، كما عن التذكرة وظاهر المبسوط والجواهر (٢) ؛ للمرسل : « عدّت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ، ثمَّ هي مستحاضة ».

والموثق : « تركت الصلاة عشرة أيام ثمَّ تصلّي عشرين يوماً » (٤).

والمرسل الطويل : « تحيّضي في كل شهر في علم اللّه تعالى ستة أيام أو سبعة ، ثمَّ اغتسلي وصومي ثلاثة وعشرين يوما أو أربعة وعشرين يوماً » (٥).

ولأنّ عليها أوّل ما ترى الدم واحتمل حيضيته أن تتحيض به للقاعدة المسلّمة : كلّ ما يمكن أن يكون حيضاً إلى أن يتجاوز العشرة. ثمَّ لا وجه لرجوعها عن ذلك وتركها العبادة فيما بعد وقضائها لما تركته من الصلاة.

واختيار هذا القول أحوط وأولى.

ثمَّ الظاهر موافقة الشهر الثاني لمتلوه ، خلافاً للروضة فأوجب عليها فيه الأخذ بما يوافق الشهر الأول في الوقت (٦). ودليله غير واضح.

وهذا إذا نسيت المضطربة الوقت والعدد معا.

أمّا لو نسيت أحدهما خاصة وفقدت التميز :

__________________

١ ـ المعتبر ١ : ٢١١ ، نقله عن الإصباح في كشف اللثام ١ : ٩٠ ، المنتهي ١ : ١٠٢ ، التحرير ١ : ١٤.

٢ ـ التذكرة ١ : ٣١ و ٣٢ ، المبسوط ١ : ٦٧ ، جواهر الفقه : ١٦ ( الجوامع الفقهية ) : ٤٧٤.

٣ ـ الكافي ٣ : ٧٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ١٥٧ / ٤٥٢ ، الوسائل ٢ : ٢٩٩ ابواب الحيض ب ١٢ ح ٢.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٧ / ٤٦٩ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح ٦.

٥ ـ الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٨٨ أبواتب الحيض ب ٨ ح ٣.

٦ ـ الروضة ١ : ١٠٥.

٢٧٤

فإن كان الوقت : أخذت العدد كالروايات ، مع أولوية اختيارها الأول.

أو العدد : جعلت ما تيقنت من الوقت حيضاً أوّلاً أو آخراً أو ما بينهما وأكملته بالسبع أو إحدى الروايات مطلقاً على وجه يطابق.

فإن ذكرت أوّله أكملته ثلاثة متيقنة وأكملته بعدد مروي سبع أو غيره. أو آخره تحيضت بيومين قبله (١) وقبلهما تمام الرواية سبعاً أو غيره. أو وسطه المحفوف بمتساويين وأنه يوم حفّته بيومين واختارت السبع لتطابق الوسط ، أو يومان حفتهما بمثلهما فتيقنت أربعة واختارت هنا الستة مع احتماله الثمانية بل والعشرة ، بناءً على تعين السبع وإمكان كون الثامن والعاشر حيضاً ، فتجعل قبل المتيقن يوما أو يومين أو ثلاثة وبعده كذلك. أو الوسط بمعنى الأثناء مطلقاً حفته بيومين متيقنة وأكملت السبع أو إحدى الروايات متقدمة أو متأخرة أو بالتفريق ، ولا فرق هنا بين تيقن يوم وأزيد.

ولو ذكرت عدداً في الجملة ، كما لو ذكرت ثلاثة مثلاً في وقت لم تجزم بكونها جميع العادة ولا بعضها ولا أوّلها ولا آخرها ، فهو المتيقن خاصة ، وأكملته بإحدى الروايات قبله أو بعده أو بالتفريق.

كلّ ذلك إمّا لعموم أدلّتي الاعتبار بالعادة والرجوع إلى الروايات ، أو لعدم القول بالفصل. فتدبّر.

( و ) إنما ( تثبت العادة ) بأقسامها عندنا وأكثر العامة ( باستواء شهرين ) متواليين ، أو غيرهما مع عدم التحيض في البين ( في أيام رؤية الدم ) فتتحيّض بمجرد رؤيته في الثالث ، وترجع عند التجاوز عن العشرة إليها ، فتجعل العدد والوقت فيه كهما فيهما إن تساويا فيهما ، وإلّا فلتأخذ بما تساويا فيه وتراعي في غير المتساوي حكم المبتدأة أو المضطربة ؛ وذلك لإطلاق أخبار

__________________

١ ـ في « ش » زيادة : متيقنة.

٢٧٥

العادة بل وعموم بعضها الصادق بذلك ، وخصوص المعتبرين منهما الموثق : « إذا اتفق شهران عدّة أيام سواء فتلك عادتها » (١) مضافاً إلى الإجماع.

وفي اشتراط استقرار الطهر بتكرره مرتين متساويتين في استقرار العادة عدداً ووقتا قولان. الأقوى : العدم للأصل ، وظاهر الخبرين ، وفاقاً للعلّامة والروض (٢). وخلافا للذكرى فلا وقتية إلّا به (٣).

وتظهر الفائدة في الجلوس لرؤية الدم في الثالث لو تغاير الوقت فيه ، فتجلس على المختار بمجردها ، وعلى غيره بمضيّ ثلاثة أو حضور الوقت ، ولا فرق فيه بين التقدم والتأخر. نعم في الأخير ربما قطع بالحيضية فتجلس برؤيته فلا ثمرة هنا بل تنحصر في الأوّل.

( ولا تثبت ) برؤية الدم مرّة ( في الشهر الواحد ) إجماعا ، خلافا لبعض العامة (٤).

وكذا برؤيته فيه مرارا متساوية بينها أقل الطهر على قول تمسكا بظاهر الخبرين المعتبرين في تحققها الشهرين.

والأصح حصولها بذلك ، كما عن المبسوط والخلاف والمعتبر والذكرى والروض (٥) عملا بإطلاق أخبار العادة الصادق بذلك ، وتنزيلا لهما على الغالب ، فلا عبرة بمفهومهما. ولذا يحكم بحصول العادة برؤية الدمين المتساويين فيما يزيد على شهرين ، وورود مثله فيه مع عموم بعضها غير معلوم.

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٧٩ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨٠ / ١١٧٨ ، الوسائل ٢ : ٢٨٦ أبواب الحيض ب ٧ ح ١. وانظر أيضاً الوسائل ٢ : ٢٨٧ أبواب الحيض ب ٧ ح ٢.

٢ ـ العلامة في المنتهي ١ : ١٠٣ ، والتذكرة ١ : ٢٧ ، روض الجنان : ٦٣.

٣ ـ الذكرى : ٢٨.

٤ ـ نسبه في المغني ١ : ٣٦٣ إلى ظاهر الشافعي ، وانظر الأم ١ : ٦٧.

٥ ـ المبسوط ١ : ٤٧ ، الخلاف ١ : ٢٣٩ ، المعتبر ١ : ٢١١ ، الذكرى : ٢٨ ، روض الجنان : ٦٤.

٢٧٦

فلا يعتبر تعدد الشهر الهلالي بل يكفي تعدد الحيضي. والمراد به ما يمكن أن يعرض فيه حيض وطهر صحيحان ، وهو ثلاثة عشر يوماً.

ومما ذكرنا من الإطلاق يظهر وجه حصول العادة بالتميز مع استمرار الدم الشهرين أو الأشهرُ.

( ولو رأت في أيام العادة صفرة أو كدرة ، وقبلها أو بعدها ) أيضاً لكن ( بصفة الحيض ) وشرائطه ( وتجاوز ) المجموع ( العشرة ، فالترجيح للعادة ) كما عن الجمل والعقود وجمل العلم والعمل والشرائع والجامع والمعتبر والكافي وموضع من المبسوط وظاهر الاقتصاد والسرائر (١) ، وعن التذكرة والذكرى وغيرهما (٢) : أنه المشهور. وهو كذلك.

وهو الأصح ؛ عملاً بعموم أخبار العادة والعمل فيما عداها بالاستحاضة ، وقولهم عليهم‌السلام : « إنّ الصفرة في أيام الحيض حيض » (٣) واختصاص أخبار التميز بغير ذات العادة ، مع وقوع التصريح باشتراط فقدها في الرجوع إليه في المعتبرة منها ، كالمرسلة الطويلة ، وفيها بعد الحكم بأن الصفرة في أيام الحيض حيض : « وإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت حينئذ إلى النظر إلى إقبال الدم وإدباره » (٤).

وعلى تقدير تساوي العمومين فالترجيح للأول ؛ للشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، لرجوع الخصم عن المخالفة في باقي كتبه. مع كون‏

____________

١ ـ الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٦٤ ، جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضى ٣ ) : ٢٦ ، الشرائع ١ : ٣١ ، الجامع للشرائع : ٤٤ ، المعتبر ١ : ٢١٢ ، الكافي : ١٢٨ ، المبسوط ١ : ٤٣ ـ ٤٤ ، الاقتصاد : ٢٤٦ ، السرائر ١ : ١٤٧.

٢ ـ حكاه عنهما في كشف اللثام ١ : ٩٠ ، وقال في التذكرة ١ : ٣٢ : إنّه الأشهر ، وهو في الذكرى : ٢٩ ؛ وانظر الحدائق ٣ : ٢٢٦.

٣ ـ المبسوط ١ : ٤٤ ، الوسائل ٢ : ٢٨١ أبواب الحيض ب ٤ ح ٩.

٤ ـ الكافي ٣ : ٨٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢ : ٢٧٦ أبواب الحيض ب ٣ ح ٤.

٢٧٧

العادة أفيد للظن لاطرادها إجماعاً ، بخلاف التميز لتخلفها إجماعاً ونصوصاً.

( وفيه قول آخر ) بترجيح التميز لأخباره ، كما نسب إلى النهاية والمبسوط والاصباح (١). وظهر ضعفه. ومع ذلك فقد قوّى المختار في الكتب المزبورة بعد الحكم بتقديمه. وكذا القول بالتخيير ، كما عزي إلى ابن حمزة (٢).

ولا فرق في العادة بين الحاصلة بالأخذ والانقطاع والحاصلة بالتميز ؛ للعموم. وتبادر الأوّل دون الثاني بعد تسليمه غير مجد في مثله ، لكونه لغوياً لا عرفياً يجري فيه ذلك. فالقول بترجيح التميز عليها حينئذ ـ كما ينسب إلى بعض (٣) ـ لعدم مزية الفرع على أصله ضعيف.

ثمَّ إن محل الخلاف اتصال الدمين أو انفصالهما مع عدم تخلل أقل الطهر وتجاوزهما العشرة. أمّا مع الانفصال والتخلل وكذا مع عدم الأول وفقد التجاوز فالأقوى الرجوع إلى العادة هنا ؛ لعموم أخباره ، مع عدم معلومية شمول أدلة إمكان الحيض لمثل المقام. إلّا أن يتم الإجماع المنقول في الصورة الثانية.

فالقول بجعل الدمين حيضين في الصورة الاُولى وحيضاً في الثانية ـ كما نسب إلى جماعة من المتأخرين (٤) ـ لعموم الأدلة مشكل ؛ لما عرفت ، مضافاً إلى المرسلة المشترطة في الرجوع إلى التميز فقد العادة. لكن ما ذكروه لا يخلو عن قوّة سيّما في الصورة الثانية ، لما ستعرفه.

( وتترك ذات العادة ) الوقتية مطلقاً ( الصلاة والصوم برؤية الدم ) مطلقاً إذا كانت في إيامها إجماعاً ، كما عن المعتبر والمنتهى والتذكرة (٥) ، ونصوصاً

__________________

١ ـ النهاية : ٢٤ ، المبسوط ١ : ٤٩ ، حكاه عن الاِصباح في كشف اللثام ١ : ٩٠.

٢ ـ الوسيلة : ٦٠.

٣ ـ انظر جامع المقاصد ١ : ٣٠١.

٤ ـ نسب إليهم السبزواري في الذخيرة : ٦٥.

٥ ـ المعتبر ١ : ٢١٣ ، المنتهي ١ : ١٠٩ ، التذكرة ١ : ٢٨.

٢٧٨

عموماً وخصوصاً.

وكذا برؤيته قُبيلها أو بُعيدها مطلقاً ولو كان المرئي بصفة الاستحاضة ، على الأظهر الأشهر ، بل قيل : إنه إجماع (١) ، لأصالة عدم الآفة والخروج عن الخلقة ، ولعموم الأخبار المستفيضة في تحيّض المرأة بمجرد الرؤية كما سيأتي في حكم المبتدأة ، وخصوص الأخبار الدالة على أن المرئي قبل الحيض حيض.

منها الموثق : عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها ، قال : « فلتدع الصلاة فإنه ربما يعجّل بها الوقت » (٢).

وهي مع ما سيأتي حجة على من يدعي إلحاق هذه الصورة بالمبتدأة مطلقاً ، فأوجب فيه الاستظهار على تقدير وجوبه في المبتدأة.

كما أن المعتبرة المستفيضة الناطقة بأن الصفرة المرئية قبل الحيض بيومين منه ، كالموثقين (٣) ، في أحدهما : « ما كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض » الحديث. ومثلهما رواية اُخرى (٤). والرضوي : « والصفرة قبل الحيض حيض » (٥) حجة على من خصّ المختار بصورة اتصاف الدم المتقدم أو المتأخر بصفة الحيض.

__________________

١ ـ قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٩٠.

٢ ـ الكافي ٣ : ٧٧ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٥٨ / ٤٥٣ ، الوسائل ٢ : ٣٠٠ أبواب الحيض ب ١٣ ح ١.

٣ ـ أحدهما :

الكافي ٣ : ٧٨ / ٢ ، الفقيه ١ : ٥١ / ١٩٦ ، التهذيب ١ : ٣٩٦ / ١٢٣١ الوسائل ٢ : ٢٧٩ أبواب اليحض ب ٤ ح ٢.

ثانيهما :

الكافي ٣ : ٧٨ / ٥ ، الوسائل ٢ : ٢٨٠ أبواب الحيض ب ٤ ح ٦.

٤ ـ الكافي ٣ : ٧٨ / ٤ التهذيب ١ : ٣٩٦ / ١١٣٢ ، الوسائل ٢ : ٢٨٠ أبواب الحيض ب ٤ ح ٥.

٥ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ١٩١ ، المستدرک ٢ : ٨ أبواب الحيض ب ٤ ح ٢.

٢٧٩

وهي وإن اشتركت في الدلالة على أن الصفرة بعد الحيض ليس منه ، لكنها ـ مع مخالفتها الإجماع البسيط أو المركب (١) والأخبار الآتية في الاستظهار ـ محمولة على رؤيتها بعد انقضاء أيام العادة بيومين. وفي القوي : « إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيامها لم تصلّ ، وإن رأت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلّت » (٢) فتأمل.

هذا ، مع ما فيهما ولا سيّما الأوّل من العسر والحرج المنفيّين.

( وفي ) تحيّض ( المبتدأة ) مطلقاً ( والمضطربة ) بمجرد الرؤية كذات العادة ( تردد ) ينشأ من الأصل المتقدم ، والقاعدة المتفق عليها من أنّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ، وعموم النصوص المعتبرة المستفيضة في التحيّض بمجرد الرؤية الناشئ من ترك الاستفصال في أكثرها ، كالموثق : « المرأة ترى الدم أول النهار في رمضان تصوم أو تفطر؟ » قال : « تفطر ، إنما فطرها من الدم » (٣) ومثله الموثقات المستفيضة.

وفي الصحيح : « أيّ ساعة رأت الدم فهي تفطر ، الصائمة .. » (٤).

وخصوص بعض النصوص ، كالموثق : « إذا رأت الدم في أول حيضها واستمرت تركت الصلاة عشرة أيام ثمَّ تصلي عشرين » (٥).

__________________

١ ـ إذا كل من قال بكون ما قبل العادة من الحيض قال بكون ما بعده كذلك ، ومن لم يقل بالأول لم يقل بالثاني ، فالقول بالاول دون الثاني كما في هذة المعتبرة خرق للإجاع المزبور. منه رحمه الله.

٢ ـ الكافي ٣ : ٧٨ / ٣ ، الوسائل ٢ : ٢٨٠ أبواب الحيض ب ٤ ح ٤.

٣ ـ التهذيب ١ : ١٥٣ / ٤٣٥ ، الوسائل ٢ : ٣٧٦ أبواب الحيض ب ٥٠ ح ٧.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٩٤ / ١٢١٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٦ / ٤٩٩ ، الوسائل ٢ : ٣٦٦ أبواب الحيض ب ٥٠ ح ٣.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٨١ / ١١٨٢ ، الاستبصار ١ : ٤٦٩ / ١٣٧ ، الوسائل ٢ : ٢٩١ أبواب الحيض ب ٨ ح ٦.

٢٨٠