كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

ظهر الزنا (١).

ويكره لبس البُرطُلّة ؛ (٢) لأنّها من لباس اليهود.

المبحث السادس : في ملابس القدمين

والنظر فيها في مقامين :

الأوّل : في لبس النعل

يُستحب اتّخاذ النعلين ، واستجادتها ؛ فإنّ أوّل من اتخذها إبراهيم عليه‌السلام (٣).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من اتّخذ نعلاً فليستجدها (٤). وعن عليّ عليه‌السلام استجادة الحِذاء وقاية للبدن ، وعَون على الصلاة ، والطهور (٥). وعن الباقر عليه‌السلام من اتّخذ نعلاً فليستجدها ، ومن اتخذ ثوباً فليستنظفه ، ومن اتخذ دابة فليستفرهها ، ومن اتخذ امرأة فليكرمها ، فإنّما امرأة أحدكم لعبته ، فمن اتخذها فلا يضيّعها ، ومن اتخذ شعراً فليُحسن إليه ، ومن اتّخذ شعراً فلم يفرقه فَرَقه الله تعالى يوم القيمة بمنشار من نار (٦). وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أراد البقاء ولا بقاء ، فليباكر الغداء ، وليجوّد الحذاء ، وليخفّف الرداء ، وليقلّل مجامعة النساء» ، قيل : يا رسول الله

__________________

(١) انظر مكارم الأخلاق : ١٢١ ، والوسائل ٣ : ٣٨٠ أبواب أحكام الملابس ب ٣١ ح ١٠.

(٢) كذا ضبطها في المغرب : ٦٨ ، وضبطها غيره بُرطُل أو بَرطُلّ ، انظر لسان العرب ١١ : ٥١ ، وحاشية ابن البري على المغرب : ٤٦.

(٣) انظر الكافي ٦ : ٤٦٢ ح ٢ ، الوسائل ٣ : ٣٨١ أبواب أحكام الملابس ب ٣٢ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٤٦٢ ح ٣ ، الوسائل ٣ : ٣٨١ أبواب أحكام الملابس ب ٣٢ ح ٣.

(٥) الكافي ٦ : ٤٦٢ ح ١ ، الخصال : ٦١١ ، الوسائل ٣ : ٣٨١ أبواب أحكام الملابس ب ٣٢ ح ٣.

(٦) قرب الإسناد : ٣٣ ، الوسائل ٣ : ٣٨١ أبواب أحكام الملابس ب ٣٢ ح ٤ ، ودابة فارهة نشيطة حادّة قوية. لسان العرب ١٣ : ٥٢١.

٤١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما خفّة الرداء؟ قال : «قلّة الدين» (١).

وعن الصادق عليه‌السلام : أنّ الإجادة للحذاء مكيدة للعدوّ ، وزيادة في ضوء البصر ، وخِفّة الدين زيادة للعُمر ، والادّهان ظهور الغناء ، والسواك يذهب وسوسة الصدر ، وإدمان الخفّ أمان من السلّ» (٢).

ويستحبّ فيهما أُمور ، وهي : أن تكونا بيضاوين ، لينال مالاً وولداً ، أو صفراوين ؛ لينال سروراً إلى أن يبليهما (٣).

وعن الصادق عليه‌السلام أنّ في الصفراء ثلاث خصال : تجلو البصر ، وتشدّ الذّكَر ، وتنفي الهمّ ، وهي من لباس النبيين (٤) و «أنّ صاحبها لا يبليها حتّى يستفيد علماً أو مالاً» (٥).

ويُستحبّ إطالة ذوائبها ، وخلعها عند الجلوس والأكل لاستراحة القدمين ، والبدأة في اللّبس باليمنى ، وفي الخلع باليسار ، وهبتها ، وهبة الشسع للمؤمن ؛ ليحمله الله تعالى على ناقة دكناء (٦) من قبره حتّى يقرع باب الجنّة (٧).

ويكره عقد الشّراك ، ولبس السوداء ؛ فإنّ من لبسها لم يُعدم همّاً وغمّاً ، ويحصل منها ضرر في البصر ، ورخوة في الذَّكَر ، وهي لباس الجبّارين (٨).

ويكره لبس ما لم يكن معقب الرجلين. ولبس الملس ، وهي من النعال ما فيه طول ولطافة كهيئة اللسان (٩) ؛ لأنّها لباس فرعون (١٠). ولبس الممسوحة غير المخصورة التي ليس

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٦١ ح ١٧١٥ ، الوسائل ٣ : ٣٨١ أبواب أحكام الملابس ب ٣٢ ح ٥.

(٢) هذا مضمون الحديث ، انظر أمالي الطوسي ٢ : ٢٧٩ ، والوسائل ٣ : ٣٨٢ أبواب أحكام الملابس ب ٣٢ ح ٦.

(٣) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٦ أبواب أحكام الملابس ب ٣٩.

(٤) الكافي ٦ : ٤٦٥ ح ٢ ، ثواب الأعمال : ٤٣ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٣٨٧ أبواب أحكام الملابس ب ٤٠ ح ٣.

(٥) تفسير العياشي ١ : ٤٧ ح ٥٩ ، ٦٠ ، الوسائل ٣ : ٣٨٨ أبواب أحكام الملابس ب ٤٠ ح ٥.

(٦) في المصدر : دمكاء ؛ قال في المصباح المنير : ١٩٨ دكن الفرس إذا كان لونه إلى الغبرة ، وهو بين الحمرة والسواد ، والأُنثى دكناء. وفي مجمع البحرين ٥ : ٢٦٧ دمكاء : أي سريعة ، وهو أنسب.

(٧) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٤ أبواب أحكام الملابس ب ٣٥.

(٨) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٥ أبواب أحكام الملابس ب ٣٨.

(٩) انظر القاموس المحيط ٤ : ٢٦٩.

(١٠) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٢ أبواب أحكام الملابس ب ٣٣ ح ٢ ، ٣.

٤٢

عرضها أقلّ من عرض الطرفين (١) لأنّها من لباس اليهود ؛ ، فإن كانت ممسوحة خصّرها. والمشي بنعل واحدة (٢) إلا إذا أراد إصلاح الأُخرى كما صنع الإمام عليه‌السلام (٣).

ويُكره لبسها من قيام.

وتُكره البيض المقشورة ؛ لأنّها من لباس الجبابرة ، والحُمر ؛ لأنّها من لباس الأكاسرة (٤).

المقام الثاني : في لبس الخفاف والحذاء

يستحب لبس الخفاف ، وإدمانه شتاءً وصيفاً ؛ فإنّه أمان من السلّ والجذام ، وقوّة للبصر (٥). والابتداء في اللّبس باليمين ، وفي الخلع باليسار. واختيار الأسود ؛ لأنّه سُنّة من لباس بني هاشم (٦).

ويُكره المشي في خفّ واحد ، أو حذاء واحد ؛ حذراً من أن يمسّه الشيطان مسّاً لا يدعه إلا أن يشاء الله تعالى (٧).

المبحث السابع : في ملابس الأصابع

يستحبّ التختّم ، وأن يكون بالفضّة ، وأن يكون باليمين ؛ لأنّه من علامات المؤمن الخمس (٨) ، وبه تنال درجة المقرّبين ، وهم جبرائيل وميكائيل (٩) ، ووردت رخصة في اليسار (١٠).

__________________

(١) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٢ أبواب أحكام الملابس ب ٣٣ ح ٢ ، ٣.

(٢) في «م» ، «س» : لا بأس بالمشي بنعل واحدة إلا.

(٣) الكافي ٦ : ٤٦٨ ح ٦ ، الوسائل ٣ : ٣٨٤ أبواب أحكام الملابس ب ٣٦ ح ٢.

(٤) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٩ أبواب أحكام الملابس ب ٤٢.

(٥) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٨ أبواب أحكام الملابس ب ٤١.

(٦) انظر الوسائل ٣ : ٣٨٩ أبواب أحكام الملابس ب ٤٢.

(٧) انظر الوسائل ٣ : ٣٩١ أبواب أحكام الملابس ب ٤٤.

(٨) مصباح المتهجد : ٧٣٠ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٣ أبواب المزار ب ٥٦ ح ١.

(٩) انظر الوسائل ٣ : ٣٩٧ أبواب أحكام الملابس ب ٤٩ ح ٥.

(١٠) الوسائل ٣ : ٣٩٤ أبواب أحكام الملابس ب ٤٨.

٤٣

والتبليغ بالخواتيم أواخر الأصابع ؛ لأنّ جعلها في أطرافها من عمل قوم لوط (١).

وأن يكون الفصّ أسود مدوّراً.

وأن يكون من العقيق ؛ لينفي النفاق ، وتُقضى به الحوائج. ولا يصيب المتختم به غمّ ما دام عليه. ولا يُعذب كفّ لابسه إذا تولّى عليّاً عليه‌السلام بالنار ، ويقضى له بالحُسنى. ولم تُرفع كفّ إلى الله تعالى أحبّ إليه من كفّ فيها عقيق. وينفي الفقر ، والمكروه. وهو أوّل جبل أقرّ بالوحدانيّة ، والنبوّة ، والوصيّة لعليّ عليه‌السلام ، وللشّيعة بالجنّة (٢).

وأن يكون من العقيق الأحمر ، أو الأصفر ، أو الأبيض ، وهي ثلاثة جبال في الجنّة ، فمن تختّم بها من شيعة آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يرَ إلا الخير ، والحُسنى ، والسعة في الرزق ، والسلامة من جميع أنواع البلاء ، ويأمن من السلطان الجائر ، ومن كلّ ما يخافه الإنسان ويحذره.

ويُستحبّ استصحابه في السفر ؛ لأنّه حرز فيه ، وعند الخوف ، والصلاة والدعاء.

والعقيق لا يرى المتختّم به مكروهاً ، ويحرس من كلّ سوء ، ويبارك على لابسه ، ويكون في أمن من البلاء.

ومن نَقَشَ فيه : محمّد نبيّ الله وعليّ وليّ الله ، وقاه الله مِيتة السوء ، ولم يَمت إلا على الفِطرة.

وصلاة ركعتين بعقيق تعدل ألف ركعة بغيره (٣).

أو من الياقوت ؛ لأنّه ينفي الفقر.

أو من الزمرّد ؛ لأنّه يُسر لا عُسر فيه.

أو بحصى الغريّ ؛ لاستحبابه ، والأبيض أولى.

أو البلور ؛ فإنّه نعم الفصّ.

أو بالفيروزج ؛ لأنّه لا تفتقر كفّ تختّمت به ، ولطلب الولد مع كتابة : ربّ

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٩٨ أبواب أحكام الملابس ب ٥٠.

(٢) انظر الوسائل ٣ : ٣٩٩ أبواب أحكام الملابس ب ٥١.

(٣) انظر الوسائل ٣ : ٣٩٩ أبواب أحكام الملابس ب ٥١ ـ ٥٢.

٤٤

لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ، عليه. وقال الله : لأنّي لأستحيي من عبد يرفع يده ، وفيها خاتم فصّه فيروزج أن أردّه خائباً (١).

أو بالجَزْع اليماني ؛ لأنّه يردّ مَرَدة الشياطين ، ويسبّح ، ويستغفر ، وأجره لصاحبه ؛ ولأنّ الصلاة فيه سبعون صلاة.

أو بالحديد الصيني ؛ لترتب القوّة عليه (٢).

أو بالخواتيم المتعدّدة ؛ للجمع بين الخواصّ.

ويُستحبّ نقش الخاتم : إمّا كنقش خاتم آدم عليه‌السلام : لا إله إلا الله محمّد رسول الله.

أو خاتم نوح : لا إله إلا الله ألف مرّة ربّ أصلحني.

أو خاتم إبراهيم عليه‌السلام الذي أمر بلبسه لتكون النار عليه برداً وسلاماً : لا إله إلا الله محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فوّضت أمري إلى الله ، أسندت ظهري إلى الله ، حسبي الله.

أو خاتم موسى عليه‌السلام : اصبر تُؤجر ، اصدق تنج.

أو خاتم سليمان عليه‌السلام : سبحان من ألجم الجن بكلماته.

أو خاتم عيسى عليه‌السلام : طوبى لعبد ذكر الله من أجله ، وويل لعبد نسي الله من أجله.

وورد في كثير منهم عليهم‌السلام أنّ النقش كان بغير ما ذكر ، وهو مُنَزّل على تعدّد الخواتيم.

وعن الصادق عليه‌السلام من كتب على خاتمه : ما شاء الله ، ولا قوّة إلا بالله ، أستغفر الله ، أمن من الفقر المدقع (٣). أو خاتم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : محمّد رسول الله صلّى الله عليه وإله وسلّم.

__________________

(١) مهج الدعوات : ٣٥٩ ، الوسائل ٣ : ٤٠٦ أبواب أحكام الملابس ب ٥٦ ح ٥.

(٢) انظر الوسائل ٣ : ٤٠٤ أبواب أحكام الملابس ب ٥٤ ٥٨.

(٣) ثواب الأعمال : ٢١٤ ، الوسائل ٣ : ٤١٢ أبواب أحكام الملابس ب ٦٢ ح ١٠.

٤٥

أو خاتم عليّ عليه‌السلام : الله الملك.

أو خاتم الحسن عليه‌السلام : العزّة لله.

أو خاتم الحسين عليه‌السلام : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ).

أو أحد خواتيم عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، فإنّ نقش خاتمه الياقوت : لا إله إلا الله الملك الحقّ المبين ، والفيروزج : الله الملك الحقّ ، والحديد الصيني : العزّة لله جميعاً ، والعقيق ثلاثة أسطر : ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ، أستغفر الله.

أو خاتم الباقر عليه‌السلام كخاتم الحسن عليه‌السلام : العزّة لله.

أو خاتم الصادق عليه‌السلام : الله خالق كلّ شي‌ء.

أو خاتم الكاظم عليه‌السلام : حسبي الله ، وفيه وردة.

أو خاتم الرضا عليه‌السلام : ما شاء الله ، لا قوّة إلا بالله. وروى غير ذلك (١).

ويُكره التختّم بالسبابة والوسطى ، وترك الخنصر ؛ لأنّه عمل قوم لوط (٢).

وتحويل الخاتم لغير عدد الركعات ؛ فإنّ تحويله لذكر الحاجة ، ونحوه من الشرك الخفي ، وهو أخفى من دبيب النمل (٣).

ولا بأس بتحلية النساء والصبيان قبل البلوغ ، والسيف ، والمصحف بالذهب والفضّة (٤).

ويُكره التختّم بالحديد ؛ فإن الكفّ لا يطهر ، أي لا تتنزّه ، وبغير الفضّة مطلقاً ، سوى الذهب ، فإنّه يحرم تختّم الرجال فيه (٥).

ثمّ إذا حصل التعارض بين مستحبّ ومكروه ، رجح الاجتناب ، إلا إذا قوي مرجّح الاستحباب. وبين المستحبّات والمكروهات بعض مع بعض لا بدّ من ملاحظة

__________________

(١) انظر الوسائل ٣ : ٤٠٩ أبواب أحكام الملابس ب ٦٢ ، ٦٠.

(٢) انظر الوسائل ٣ : ٤٠٧ أبواب أحكام الملابس ب ٥٩.

(٣) معاني الأخبار : ٣٧٩ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٤٠٩ أبواب أحكام الملابس ب ٦١.

(٤) الوسائل ٣ : ٤١٢ أبواب أحكام الملابس ب ٦٣ ، ٦٤.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٩٣ أبواب أحكام الملابس ب ٤٦.

٤٦

الميزان ، وهذا المقام ممّا يفضي بإطالة الكلام ، ويجري فيما بين المتجانسات ، والمختلفات.

القسم الثالث : المكان

وهو إمّا الفراغ الشاغل للجسم ، أو الجسم المحيط من جميع الجوانب ، كبيت سُدّ بابه ، أو قِربة شُدّ فمها ، أو المحيط بما عدا جهة العلوّ ، أو ما يستقرّ عليه الجسم.

وتختلف حال العبادات باختلاف معانيه من جهة التصرّفات من جهة الأعلى والأسفل ونحوها. فحُرمة الفراغ ، ومَسقط الجسم ، وما كان بجانب العلوّ أو أحد الجانبين ، كلّا أو بعضاً ، أو مركّباً من أيّ أقسام التراكيب باعثة على الفساد.

والكلام في مكان المصلّي

وفيه مقامات :

الأوّل : فيما تتوقّف عليه قابليّته من الشروط ،

وهي عديدة :

الأوّل : أن يكون مباحاً بملك عينٍ ، أو منفعة ، أو إذن مالك متسلّط شرعاً ولا يدخل الغاصب في الإذن العام أو شرع بحيث لا يتوجّه إليه منع التصرّف ، أو الانتفاع بوجه من الوجوه في أرض ، أو فضاء ، أو فراش ، أو خيمة ، أو صهوة ، أو أطناب ، أو حبال ، أو أوتاد ، أو خفّ ، أو نعل ، أو مركوب ، أو سرجه ، أو وطائه ، أو رحله ، أو نعله ، أو باقي ما اتّصل به ، أو بعض منها مع الدخول في الاستعمال وإن قلّ ، أو سقف ، أو جدار ، أو بعض منهما ، ولو حجراً واحداً (ما لم يخرج عن التصرّف ، كما في سؤر البلد وحائط الدار في وجه) (١) مع العلم بالغصب والاختيار ، عالماً بالحكم ، أو جاهلاً به.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : أو إباحة البيت مع إحاطة جدار الدار المغصوب لا يخرجه عن حكم الغصب بخلاف سور البلد.

٤٧

والأصل فيه بعد أصل بقاء الشغل ، وطلب يقين الفراغ بعد الشكّ ، ودخول الغصب في المقوّم أو في الممنوع من التصرف قولُ أمير المؤمنين عليه‌السلام في البشارة لكميل يا كميل انظر الى ما تصلّي فيه ، وعلى ما تصلّي عليه ؛ فإن لم يكن وجهه وحِلّةِ فلا قبول (١). وهو شاهد في باب اللباس أيضاً.

وإذا نقّحنا العلّة باعتبار ارتكاب المحرّم في مقام العبادة انجرّ إلى العبادات البدنيّة ، وإلى العبادات القوليّة في وجه ، أمّا التروك والقلبيّة فلا.

والرواشن المخرجة مع الإضرار في حقّ مخرجها أو من كان استعماله يبعث على استمرارها في حكم الغصب ، كغيرها من الموضوعات في المشتركات العامّة من المغصوب.

ومع جهل الموضوع لنسيان أو غيره أو الجبر تقوى الصحّة ، وإن شغلت الذمّة بعوض المنفعة في بعض الأقسام.

والتصرّف بمكان الغير كسائر أمواله من دونٍ إذن قولية أو فحوائية ، ولو مع احتمال الإذن ، ولو بظنّ غير شرعيّ في غير التسع المستثنيات ، وفي مكان المارّة لو قلنا بها في أحد الوجهين ، إذا لم يستلزم لبثاً زائداً على مقدار الاجتياز ، وفي الأراضي المتّسعة لغير الغاصب ، ومقوّميّة التي يلزم الحرج في المنع عنها.

والإذن بالدخول والجلوس ، والنوم ، ونحوها لا يستلزم الإذن بالصلاة ، إلا مع قرينة الحال أو المقال.

(وفي الالتزام بالنذر يثبت سلطان للمنذور له دون باقي الملزمات ، إلا من باب الأمر بالمعروف ، والأقوى أنّ للمجتهد الإجبار) (٢).

ولو أذن بصلاة واحدة مخصوصة اقتصر عليها ، ومع الإطلاق يتخيّر بين الرباعيّة ، والثلاثيّة ، والثنائيّة ، وذات الركعة الواحدة مع قابليّة كلّ منها ، والأحوط الأخيرة.

والمتصرف بالمشترك المُشاع ولو كان للشريك من الألف جزء من دون إذن

__________________

(١) بشارة المصطفى : ٢٨ ، وانظر تحف العقول : ١٧٤ ، والوسائل ٣ : ٤٢٣ أبواب مكان المصلّي ب ٢ ح ٢.

(٢) ما بين القوسين من «ح».

٤٨

الشريك أو من قام مقامه غاصب. فلو كان لأرباب الزكاة أو الخمس حصّة جزئيّة ولو جزء من ألف لم يضمن في مكان أو غيره دخل في المغصوب.

ولو أذِنَ له في الصلاة فدخل ثمّ أمره بالقطع ، أو نقله عن ملكه لم يجب القطع ، ولو نافلة. ويقوى استحقاق الأُجرة على مقدار ما بقي لو كان له أُجرة.

ولو كان عن فحوى فانكشف الخلاف قطع.

ويجب على المأذون مطلقاً أن لا يزيد على المتعارف ، فيجوز الإتيان بالندب المتعارف مع عدم عروض المنع ، ومع العروض يقتصر على أقصر ما يجزي وأقلّه (١). ومنه الركعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو بناءً على الفوريّة.

وإجازة المالك بعد العمل لا تصحّحه.

وغصب المكان الموقوف ممّن دخل تحت الوقف بمنزلة غصب الملك في الخاصّ ، وفي العام والمشترك بين المسلمين يقدّر بمقدار الحاجة للمغصوب منه. ويحتمل قويّاً الاكتفاء برفع يد الغصب ، وإعراض المغصوب منه.

فلو دفع شخصاً في وقف خاص أو عامّ أو مشترك بين المسلمين من سوق ، أو طريق ، أو مقبرة ، أو أرض مفتوحة عنوة جرى عليه حكم الغصب.

ولا بأس بالصلاة ، ومقدّماتها ، وغيرها من العبادات فيما يلزم الحرج بلزوم اجتنابه من غير فحصٍ عن رضا المالك وعدمه ، وعن كونه مولى عليه أو لا ، بل لو منع لا يسمع منعه ؛ لأنّ المالك للملك ومالكه أذنَ في ذلك ، كما في الأراضي المتّسعة المؤدّي فيها المنع إلى لزوم الحرج (العامّ ، فيسري إلى الخصوص ، كما في المياه إن لم يترتّب ضرر على بعض الماكثين أو العابرين أو الشاربين ، وقد يلحق بذلك نحو الجسر ، وأشباهه ، وساكن البلد لا يُعد متصرّفاً بسورها مع لزوم الحرج في المنع ، وساكن الدار متصرّف بحائطها ، ولا يفيد بناء الجدران دونها) (٢).

__________________

(١) في «ح» زيادة : ولو خصّ الإذن بصلاة دون غيرها اختصّ الجواز بالمأذون بها ، ولو عيّن المقصورة أو التامّة تعيّن حكمه في مقام التخيير كما في اللّباس المغصوب.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤٩

وبطلان الصلاة ليس باعتبار التصرّف ، بل مطلق الانتفاع ، فلو صلّى بإيماءٍ ونحوه بطلت ، إلا مع الكون الجائز ، كما في حال الخروج مع عدم زيادة التصرّف والعُذر في الدخول أو مطلقاً على اختلاف الوجهين.

ولو ضاقَ الوقت ودار الأمر بين المغصوب والنجس أو المتنجّس السارية نجاسته مع عدم العفو ، أو بين السجود على المغصوب وعليه ، أو بينه وبين ما لا يصحّ السجود عليه ، قدّم غير المغصوب.

وفي وجوب مراعاة مراتب الغصب ، مع الإلجاء والدَوَران لاختلاف المغصوب منه ، ونحوه ، وجه قوي.

ولو أذن في جميع التصرّفات سوى الصلاة بطلت ، وبالعكس صحّت.

والمصلّون في المطاف الضارّون بالطائفين ، وحول الضرائح المقدّسة الضارّون للزائرين غصّاب.

ولو اختصّ الغصب بالفضاء الأعلى جلس ، فإن لم يتسع اضطجع.

ولو اختصّ المباح بمقدار موضع القدمين وفراغ القامة ، وجب الوقوف والإيماء.

ولو وُضِع تراب أو جِصّ أو نورة أو قير أو نحوها غير مأذون فيه أو فراش كذلك أو نحوه في مكان من الوقف العامّ أو الخاصّ ، أو الملك ، أو المشترك على وجه الاستحقاق ، كالطرق والأسواق ونحوها ، أو الإباحة على إشكال ، فإن كان الواضع هو المالك صحّت الصلاة عليه ، وإلا فإن أمكن إزاحته بيسير أُزيح ، وإلا صلّي عليه والأُجرة على الغاصب.

ويجري الحكم في مثل الخيمة ، والصهوة ، والجدران ، والمصباح ، والنار ، ونحوها إذا كان الاستعمال اتفاقياً لا بالقصد ، وإنّما القصد هو الكون فيما أو على ما له سلطان عليه.

ولو وجد مغصوب عند حربيّ ولم يعلم أنّه غصبه من مثله ، أو من محترم ، جاز أخذه والصلاة عليه من غير فحص ، والأحوط الفحص.

والغاصب والمختار في دخول المغصوب وخروجه تبطل صلاته الكائنة حال دخوله ،

٥٠

ومكثه. وفي الخروج وجهان ، وقد يقال بتخصيص الحال بضيق الوقت عن ركعة ، أو عن إكمال الصلاة لتفويت بعض الأعمال ، هذا إذا لم يكن تصرّف زائد على الخروج.

وفي المجبور (١) مع ضيق الوقت لا ينبغي التأمّل في الصحّة ، مع عدم زيادة التصرّف ، وتلزم الأُجرة على الجابر (٢) ، ويحتمل لزوم الاقتصار على الواجبات ، والإسراع بقدر الإمكان عادة.

وتحريك اللسان من التصرف في المكان إن جُعل عبارة عن الفراغ ، والقول بخروجه منه أقوى (٣).

(وفي إلحاق التائب بالمعذور لجبر أو جهل أو نحوهما إشكال ، وغير التائب أشدّ إشكالاً) (٤).

وما كان فوق المكان من الجانب الأعلى أو الأسفل ولا يدخل أو تحت الأسفل ولا يدخل في اسمه لانفصاله عنه مع عدم حُرمة الفراغ كتراب أو فراش موضوعين على السطح أو مطلق السقف أو تحته مع الفصل فلا بأس بالصلاة عليه أو تحته ؛ إذ لا يُعدّ تصرّفاً وانتفاعاً.

أمّا ما يدخل تحت التصرّف والانتفاع بالنسبة إليه ، كالطين المطيّن به السطح المباح ، والأرض تحت الفراش المباح متّصلة به ، فيجري فيه حكم الغصب.

وما كان من الكنوز فلا يمنع من الصلاة على ما علاه من المكان.

ولو عيّن عليه في الإذن مع ضيق الوقت صفة لا تصحّ إلا من العاجز ، كالجلوس ، والاضطجاع والإيماء وكثرة الفعل وإيجادها متفرقة الأجزاء في الأمكنة المتعدّدة ممّا لم تُمحَ به الصورة ، أو إلى غير القبلة ، أو فيما لا يصحّ لبسه في الصلاة ونحوها ، أو مكاناً خاصّاً تعيّن عليه وبطل ما عداه.

والمحجور عليه في التصرّف من الملّاك لسبب من الأسباب من الغصّاب. ولو منع

__________________

(١) في «م» ، «س» زيادة : والتائب.

(٢) في «م» ، «س» زيادة : والتائب.

(٣) في «ح» زيادة : والقول بخروجه منه أقوى.

(٤) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٥١

المالك غيره عن الخروج عن ملكه لم يعتبر منعه عن الاكتساب في المعاملات ، ولا تحريم ولا فساد في فرائض الصلاة ، ولا أُجرةَ له على ما فعله المسبّحون أو عمله. ويقوى ذلك في التطوّعات أيضاً على إشكال.

ولمالك الدار ، والداخل في الوقف ، وصاحب الحقّ في المشتركات ، بل في المباحات في وجه قوي أن يقوم ، ويجلس ، وينام ، ويصلّي على فراش أو تراب أو أحجار أو نحوها وضعها صاحبها قهراً من غير أُجرة ، ولا وجوب دفع أو رفع.

وإن كان القاهر غير المالك ، فيقوى وجوب الرفع مع اليُسر ، وعدم لزوم البذل. ولو شاء الرفع وبذَلَ شيئاً فعلى الغاصب ، وليس له رجوع على المالك.

والمجبور من غير المالك على الكون في المغصوب إذا لم يحصل منه تصرّف من جهة الصلاة زائد على أصل الكون ، تصحّ صلاته.

الثاني : أن لا يكون نجساً أو مُتنجّساً تتعدّى نجاسته إلى بدن المصلّي أو ثيابه على وجه لا يُعفى عنه ؛ لرطوبتهما ، أو رطوبة القذارات ، أو الرطوبتين ، والرطوبة متعدّية كاسبة ، ولا بأس مع عدم الكسب ، ولو مع الشك على إشكال.

ولا بدّ من طهارة موضع الجبهة ممّا يُباشر بشرتها ، فلا يصحّ السجود بالجبهة على نجس أو متنجّس ، مع التعدّي وعدمه. وأمّا ما عدا الجبهة من باقي البدن أو الثياب فلا بأس بمباشرتها لنجس أو متنجّس مع عدم التعدّي.

ولا بأس بنجاسة ما تحت المباشر ، ما لم يُنافِ الاحترام ، كالملوّث لأسفل التربة الحسينيّة ، ولأسفل قرطاس مكتوب في وجهه الأسفل بشي‌ء من القرآن ، أو الأسماء المحترمة ونحوهما ، بل مُطلق المتصل ، وإن لم يكن ملوّثاً لهما في وجه قويّ لا يستند إلى النهي عن الضدّ.

ولو كان المُصيب من النجاسة غير متعدّ ، أو المتعدّي من النجاسة معفوّاً عنه غير مستغرق لما يجزي السجود عليه من الجبهة ، فلا بأس به.

ولو ضاقَ الوقت وانحصر ، انحنى للسّجود بمقدار ما يُقارب محلّ النجاسة ، ولا تلزمه

٥٢

الإصابة ، ولا يكفيه مجرّد الإيماء على الأحوط. وإن أمكن رفع مسجد طاهر ، لزم.

ولو دارَ بين النجس وإن ضعف ، والمتنجّس وإن قوي تنجيسه مع زوال العين ، سجدَ على المتنجس.

ولو دارَ بين آحاد النجاسات والمتنجّسات ، قُدّم الخفيف على الشديد ، والقليل على الكثير ، والمتعلّق بغير الجبهة في السجود على المتعلّق بها ، والساري إلى الثوب على الساري إلى البدن ، والساري إلى أحدهما على الساري إليهما ، والدّثار على الشعار ، وهكذا.

وتقدّم النجس وما لا يصحّ السجود عليه لذاته أو لقصد الاستقرار على المغصوب مع الإلجاء إلى أحدهما ، والثاني منهما على الأوّل ، وما فيه صفة واحدة من الأوّلين على ما جمع الصفتين مع الاضطرار.

ولو كان بدنه من الجبهة وغيرها وثيابه متلوّثة بالنجاسة ، استوى التعدّي وغيره في الجواز في وجه يشتدّ ضعفه مع زوال العين وبقاء الحكم.

ولو أُزيل المانع من النجاسة عن المكان وأمكن التطهير أو التبديل من غير فعل مُنافٍ ، لزم ، وأتمّ ، وإلا قطع وأعاد مع سعة الوقت ، ومع ضيقه بحيث لا يفي بركعةٍ أتمّ ، ولا قضاء.

الثالث : أن يكون ممّا يمكن أداء الأفعال فيه ، فلو كان فيه هبوط يمنع عن القيام ، أو ضيق يمنع عن امتداد الركوع والسجود ، أو عن الاستقبال ، أو عن الاعتدال في القيام ، أو الاستقلال ، بطلت فيه صلاة المختار ، مع اتساع الوقت.

وتختلف الحال باختلاف الأحوال ، فمن فرضه القيام يرعى جهة الارتفاع ، ومن فرضه الجلوس جهة الجلوس ، ومن فرضه الاضطجاع الاضطجاع.

ولو تعارض صنفان منافيان ، قُدّم أوسعهما. أو متفاوتان في شمول الموافق للاختيار ، قُدّم أشملهما. ويجري ذلك في الفرائض والنوافل فيما يُشترط فيهما.

ولو تمكّن من تحصيل فاقد الموانع أو المشتمل على الأقلّ منها بعمل أو شراء أو

٥٣

أُجرة لا يضرّ عوضهما بالحال وجب.

ولو تعارض ما يمكن فيه القيام مع الإيماء ، مع ما يمكن فيه الركوع والسجود مع الجلوس ، قُدّم الأوّل. ويقدّمان على المشي والركوب ، وهذان على التساوي.

وكذا يجب تجنّب ما يحصل فيه ازدحام يمنع عن الإتيان بالأفعال على نحو ما وضعت عليه في جمعة مع الاختيار ، أو جماعة أو مَطاف أو مَزار أو نحوها ، أو قيل وقال ، أو هرج أو مرج ، أو همّ أو فرح ، أو استطراق تبعث على عدم التمكّن من الأعمال ، أو على اضطراب الخيال ويشتغل الفكر عن الوثوق بالإتيان بصحيح الأعمال. ولو أمكن دفع ذلك ببذل ما لا يضرّ من المال ، وجب.

الرابع : أن يكون غير مخوف خوفاً يبعث على حرمة المكث والاستقرار ، والهرب عنه ، والفرار عن النفس المحترمة ، أو العِرض ، أو البدن من جرحٍ أو كسرٍ ، أو مالٍ يضرّ بالحال ، كانهدام سقف أو جدار ، أو حصول سبع ضارٍّ ، أو سارق لا يستطاع دفعهما ، أو تقيّة (لا تبعث على صحّة العمل) (١) مع العلم أو الظنّ أو الاحتمال القويّ. فمن صلّى مخاطراً ، بطلت صلاته.

ولو أمكن دفع ذلك بدفاع مقرون بمظنّة السلامة أو بمالٍ لا يضرّ بالحال ، وجب. ويأتي بالصلاة واجبة أو مندوبة فارّاً ، حيث لا يتمكّن منها قارّاً ، راكباً أو ماشياً ، مخيّراً بينهما ، مع احتمال الترجيح لكلّ منهما على صاحبه ، مع العدوِ وبدونه مرتّباً (٢).

ولو لم يتمكّن من التخلّص من المكان المخوف ، تعيّن عليه ما هو أقلّ خوفاً.

ولو أمكنه تخفيف الخوف بنحو ما ذُكر في دفعه من أصله ، وجبَ. ولو أمكنه الهرب إلى ما هو أقلّ خوفا ، بطلت صلاته فيما هو أكثر.

الخامس : أن لا يكون الكون عليه مُنافياً للشّرع ، فتجب الحركة عنه ، كالكون على

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) في «م» : مرتّباً.

٥٤

محترم : من قبر نبيّ ، أو إمام ، أو قران ، أو كتاب حديث ، أو تربة حسينيّة ، أو نحو ذلك.

وتختلف الحال باختلاف مراتب الاحترام ، فمنها : ما يُنافي احترامه مجرّد الكون عليه. ومنها : خصوص القيام. ومنها : خصوصه متنعلاً ، وهكذا.

وكالكون على بدن غير المحرم (١) مع المباشرة ، أو على شخص مالك أمره لا يرضى بالكون عليه ، فمتى صلّى على شي‌ء من ذلك عالماً مختاراً ، بطلت صلاته ؛ لحرمة الكون والاستقرار ، وهما شرطان بالنسبة إلى العالم المختار.

السادس : أن يكون مُستقرّاً بتمام بدنه ، غير مُتحرّك تبعث حركته على حركة المصلّي استقلالاً ، كما إذا قضي بعدم استقراره وصدق اضطرابه عُرفاً ، أو تبعاً ، كدابّة أو سفينة سائرتين ، أو أُرجوحة أو سقف ، أو تِبن ، أو رَمل ، أو كديس ، أو بَيدر ، أو طين ، أو محشوّ ، أو ذات زلزلة ، أو محمل ، أو عرّادة (٢) ، أو حطب ، أو قصب ، أو نبات ، ونحوها غير مستقرّة في الفريضة ، دون النافلة ، ومع الاختيار ، دون الإجبار والاضطرار. ولا بأس بها مع الاستقرار ، وعدم الاضطراب المعتبر في تحقّق وصفه.

ولو صلّى مجبوراً أو مضطراً قد ضاقَ عليه الوقت مثلاً مُدركاً للركعة أو لا فلا بأس عليه.

ولو دارَ أمره بين الاضطراب القليل والكثير ، رجح الأخير (٣). ويجب عليه الإتيان بتمام الأعمال عن استقبال (٤) ، ولا تلزمه الاستدارة إلى القبلة إذا كان مسير السفينة أو الدابة إلى غيرها بعدَ أن كبّر إليها في الفريضة وجوباً.

والظاهر لزوم بقائه على حاله : من البناء على استقبال ما استقبله حين التكبير

__________________

(١) في «ح» : المحترم.

(٢) أو العرادة شبيه المنجنيق صغيرة. لسان العرب ٣ : ٢٨٨ ، وسميت العرادة لأنّها تعرّد بالحجارة ، أي ترمي بها المرمى البعيد. جمهرة اللغة ٢ : ٦٣٣.

(٣) كذا ، والأصح رجّح الأوّل.

(٤) في «ح» زيادة : وغير استقبال.

٥٥

من رأس الدابة ، وذنبها ، وصدر السفينة ، ومؤخّرها ، إلا في الانحراف لمقابلة القبلة ، ويستحبّ في الركوع والسجود زيادة على ما عداهما.

ولو تمكّن من الإتيان بالبعض دون البعض على الموقف ، قدّم ما هو الأهمّ في نظر الشارع بسبب ركنيّته ، أو غيرها على غيره ، والظاهر تقديم المقدّم. ولو كانت الحركة أو الاضطراب غير محسوسة ، فلا مدار عليها.

ولو كان بحيث يرجع إلى الاستقرار من حينه ولم يكن شديداً ، فالظاهر عدم البأس.

ولو أمكن رفعه بعمل أو بذلِ مالٍ لا يضرّ بالحال مع امتناع غيره ، وجبَ في غير السفينة.

ولو دارَ الأمر بين السفينة وغيرها من المتحرّكات ، رُجّحت على غيرها ، ويأتي في الركوع فيها والسجود بالممكن.

ومع إمكان السجود يسجد على ما يصحّ السجود عليه ، وإلا فعلى القُطن والكَتّان ، وإلا فعلى القير أو غيره.

وإن تعذّرَ ، رجعَ إلى الإيماء مع رفع محلّ السجود إلى جبهته إن أمكن على وجه الوجوب في الواجبة ، والندب في المندوب.

ويتحرّى من أماكنها ما هو أجمع للشروط.

والواجب بالعارض من الصلاة كالواجب بالأصل. والأجزاء المنسيّة ، وركعات الاحتياط ، وسجود السهو بمنزلتها ، دون سجود الشكر والتلاوة ، وكذا صلاة الجنازة في وجه.

وتصحّ جماعة فيها مع المحافظة على الشروط ، ويأتي كلّ بتكليفه. وكذا في السفن المتعدّدة ، والدواب ، ونحوها مع اجتماع الشروط.

وتجوز المبادرة بها مع سعة الوقت ، مع تعذّر الخروج حين الفعل ، والأحوط التأخير إلى الأخير.

ولو دارَ الأمر بين القيام والإيماء والجلوس مع الإتيان بالركوع والسجود على حالهما ، قُدّم الأوّل.

٥٦

وتُعتبر مظنّة دوام الاستقرار ، فما كان معرّضاً للاضطراب بمنزلة المضطرب.

ولا فرق بين المضطرب لنفسه أو لعارض من هواء ونحوه.

ولو أمكنَ الخروج إلى الجدد بلا عسر ، وجب. ولو عدلَ عن القبلة مع توجّهه إليها أو عن الوجه الذي توجّه إليه إلى غيره لا للعود إلى القبلة بطلَت صلاته.

والجزائر العظام المتحدّرة في الماء لتكوّنها من النبات ونحوه بمنزلة الأرض ، دون الصغار المضطربة.

ولو دخلَ فيها أو ركب حيواناً مثلاً قبل دخول الوقت أو بعده مع الاطمئنان بإدراك الأرض ثمّ تعذّر عليه ، فلا شي‌ء عليه ، وبعد الدخول مع اليأس لا يبعد المنع.

والسفينة والحيوان مع أمن الحركة بمنزلة الأرض.

السابع : ألا يجب عليه الكون في غيره للصلاة أو لغيرها ، لإدخاله في عهدٍ أو نَذرٍ أو نحوهما ، مع وحدة الوقت ، وتعذّر الجمع ، فلو صلّى فيه والحال هذه عصى ، وصحّت صلاته بناءً على عدم فساد الضدّ الخاصّ بالنهي عنه لضدّيته.

ويحتمل الفرق بين ما يكون لأمرٍ شرعي وحقّ مخلوقي ؛ نظراً إلى أنّ المنفعة في الثاني مملوكة ، فلا تُستعمل في غير وجه.

ولو نذرَ أن لا يكون في مكان ، أولا يصلّي فيه لكراهة الصلاة فيه ، كحمّام أو مقبرة أو نحوهما ، إذا أجزنا النذر وشبهه ، عصى ، وبطلت صلاته مع مضادّةٍ (١) لتخصيص أو عموم. وإذا أطلق الوقت فلم تكن مُضادّة ، فلا معصية ، ولا فساد.

ولو عيّن الصلاة أو الوقت فجاء بأُخرى ، أو في آخر ، صحّت صلاته. ولو نذر موضعاً بهيئة خاصّة أو مقيّد بمكان خاصّ ، أو وقعت كذلك ، فأتى به ناوياً أداء النذر به ، عصى وفسد عمله.

ونهي المولى ومفترض الطاعة للمطيع عن الضد الخاصّ يفسده. فإذا عيّن له مكاناً للفعل منه وفعل غيره في غيره ، عصى وفسد.

__________________

(١) في «ح» زيادة : الوقت.

٥٧

الثامن : على قول أن لا يتقدّم ولا يساوي في صلاة فريضة أو توابعها أو نافلة أو صلاة جنازة قبر نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، دون باقي الأنبياء ، سوى من جمع منهم بين النبوّة والإمامة ، ولا يساوي ولا يصلّي على القبر ولا يسجد عليه وفي إلحاق قبر الزهراء عليها‌السلام وجه قويّ فلا يصلّي بين يديه ، ولا مع المساواة إذا صلّى إلى أحد جانبيه ، بل يتأخّر ولو يسيراً.

ومع الفاصلة من جدار أو باب أو سقف تكون فوق القبر أو تحته أو ارتفاع أو انخفاضٍ أو بُعد لا يصدق فيه اسم التقدّم يرتفع المحذور. وفي عدّ الشبابيك ، والصناديق ولا سيّما المخرّمة وحَجب حيوان أو إنسان فواصل وجه قريب.

ويسري الحكم إلى الركعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر والتلاوة.

وفي تسريته إلى الأذان ، والإقامة ، والأذكار ، والدعوات المتّصلة وجهان ، أوجههما العدم.

ولا فرقَ في الحُكم بين الابتداء ، والاستدامة. فلو شَرَعَ ثمّ تقدّم أو ساوى ، جرى عليه حكمهما.

ولو تقدّم أو ساوى بإحدى رجليه دون الأُخرى ، عُدّ متأخراً.

ولو اشتبه مَحلّ القبر ، ودار بين محصور ، كقبر الزهراء عليها‌السلام بين الأمكنة الثلاثة ، اجتنب الجميع.

ويقوى القول بناءً على الشرطيّة أنّه من العلميّة دون الوجوديّة.

ومع التقيّة الموجبة يجب التقدّم ، ولو خالفَ ، بطلت صلاته. ولو اندفعت به وبالمساواة ، قوي ترجيحها عليه.

ويستحبّ وضع الخدّ الأيمن عليه والالتصاق به.

والظاهر أنّ هذا الحكم من أصله مَبنيّ على الاستحباب ؛ (لأنّ قولهم عليهم‌السلام : «لأنّ الإمام لا يُتقدّم ولا يُساوى» إن أُخذ على ظاهره ، عمّ الحيّ والميّت ، ولا يخفى

٥٨

بُعده في القسم الأوّل ، وإن أُريد به الإشارة إلى إمام الجماعة ، وأنّ إمام الأصل أولى بالملاحظة ، فلا يتوجّه إلا على الندب ، وتركه في عدّ الشرائط في كلام المعظم شاهد على ما تقدّم) (١).

وينبغي الوقوف للصّلاة في مَقام لا يحاذي فيه الحديد إن تيسّر له ذلك.

التاسع : أن لا يصلّي الفريضة الواجبة بالأصالة أو بالعارض اختياراً في بطن الكعبة ، أو على ظهرها ؛ لأنّ الخارج يُعدّ مستقبلاً ، ولو كان إلى قليل منها ، والداخل فيها ظهراً وبطناً ليس كذلك ، وإن توجّه إلى معظمها.

فإذا اضطر إلى أحدهما ، قدّم الباطن على الظاهر ، في وجه.

والأحوط الوقوف مُتّصلاً ظهره بحيطانها ؛ ليكون متوجّهاً إلى معظم فضائها ، والكون على حدّ الوسط ، فإن تعدّى ، فالأحوط جعل بعض من السطح أمامه.

ولو جعل لها جناح ممّا يساوي البطن أو الظهر ، فخرج منه إليه شي‌ء من بدنه في شي‌ء منها اختياراً ، أو كان فرضه الاضطجاع فأخرج بعض رأسه أو رجليه اختياراً (زائداً على الشّاذَروَان) (٢) بطلت. وتصحّ مع الاضطرار لضيق وقت أو إلجاء مُلجئ.

وتصحّ النافلة اختياراً أو اضطراراً. ولو وجبت في الأثناء ، أتمّ ولم يجب القطع ، ولا يجب الخروج وإن اتّسع الوقت.

وتُستحبّ صلاة الجماعة للمضطرّين ، ويُجعل ما قابل الإمام أضيق ممّا قابل المأمومين أو مساوياً. والأحوط المساواة والاشتراك بالوقوف على ابتداء الحدّ.

ويجوز دورهم كالحلقة ، فتكون بعض الوجوه مقابلة لمثلها ، (وفي إجزاء مثل ذلك في جهة الماشي والراكب ونحوهما ، بناءً على أنّها قبلتهم ، لا أنّ القبلة ساقطة عنهم) (٣) وفي تجويز جعل الظهور إلى الظهور أو الجوانب هنا بخلاف الخارج وجه.

ولو استقبل جهة العلوّ أو السفل ، لم يكن مستقبلاً.

ويتمشّى الحكم إلى جميع ما يُعتبر فيه الاستقبال ، كالذّبح فيها مع أمن التلويث ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٥٩

ووضع الميّت ، إن أوجَبنا الاستقبال في جميع أحواله.

ويقرُب القول بتحريم التخلّي مع الأمن من التلويث ؛ لجرى حكم الاستقبال فيه ، ولا يتحقّق هنا انحراف عن القبلة.

وفي لزوم الدوام على ما استقبل حال الابتداء وجه ، وفي دخول مسألة استقبال باب الكعبة في مسألة كراهة استقبال الباب المفتوح وجه قوي.

ويتحقّق حكم الاستقبال وثوابه بالنسبة إلى الأذان والإقامة والأذكار والدعاء ونحوها ، وأنحاء الجلوس والاضطجاع ونحوهما. ويحتمل التسرية إلى جميع ما (١) يحرم أو يكره.

العاشر : ما قيل : أن لا يجتمع فيه مُصلّيان ، ذكر وأُنثى ، أو خنثى مُشكل أو ممسوح ، أو أُنثى كذلك (٢) ، أو ممسوح وممسوح أو خُنثى ، أو خُنثى وخُنثى مشكلين ، عالمين أو جاهلين بالحكم أو بالموضوع أو بهما ، أو مُختلفين ، بالغين أو غير بالغين أو مُختلفين ، أعميين أو مبصرين أو مختلفين ، مفترضين أو متنفّلين أو مختلفين ، في ظلمةٍ كانا أو في ضياء أو مختلفين ، مشتملَين على علاقة الزوجيّة أو المَحرميّة أو خاليين ، دون ما إذا كانا غير مُصلّيين أو مُختلفين.

وحالهما في الركعات الاحتياطيّة والأجزاء المنسيّة وسجود السهو دون التلاوة والشكر كحالهما مُصلّيين.

وصلاة الجنازة والتأذين والإقامة والمقدّمات القريبة ذوات وجهين ، أقواهما العدم.

فإن حصل الاقتران في الابتداء اشتركا في البطلان ، وإن دخل أحدهما في الأثناء اختصّ السابق ولو بتكبيرة الإحرام أو بالشروع فيها بالصحّة ، إلا أن يكون من الابتداء إلى الانتهاء بينهما حجاب من حيوان أو إنسان أو جماد غير الثياب تمنع رؤية الناظر المتوسّط.

__________________

(١) في «م» ، «س» زيادة : لا.

(٢) يعني : أُنثى وخنثى مشكل أو ممسوح.

٦٠