كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

وقد رُخّص في تركها ، والاقتصار على تكبيرة الإحرام ، وفي الإتيان باثنين منها ، وتكون تكبيرة الإحرام ثالثة ، وبأربع فتكون خامسة (١).

ويجوز الاقتصار على الأقلّ والأكثر ممّا بين الواحدة والسّبع.

ويتخيّر في تعيين ما شاء من السّبع بتكبيرة الإحرام ، والأولى بل الأحوط جعلها الأخيرة.

والقول : بأنّ القدر المشترك بينها تكبيرة إحرام ، وأنّ الركنيّة فيها على نحو ركنيّة السّجدتين ، كما يظهر من كلام بعض مشايخنا المعاصرين (٢) نوّر الله تعالى ضريحه بعيد عن طريقة الفقاهة.

ومنها : الدعاء بعد ثلاث تكبيرات منها ، والموظّف فيه : «اللهمّ أنت الملك الحقّ ، لا إله إلا أنت ، سبحانك إنّي ظلمت نفسي ، فاغفر لي ذنبي ، إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت» ثمّ يكبّر اثنتين ، ثمّ يقول : «لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشّرّ ليس إليك ، والمهديّ من هديت ، لا ملجأ منك إلا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك ربّ البيت».

والأفضل أن يقول بعد الثلاث أو الخمس : «يا مُحسن قد أتاك المسي‌ء ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، وأنت المحسن ، وأنا المسي‌ء ، فصلّ على محمّد وآله ، وتجاوز عن قبيح ما تعلم منّي».

قال الصّادق عليه‌السلام ثمّ تكبّر تكبيرتين ، وتقول (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ، عالم الغيب والشّهادة حنيفاً مسلماً (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) وأنا من المسلمين ثمّ تعوّذ من الشيطان الرجيم ، واقرأ الفاتحة (٣). وفي رواية عن أبي جعفر عليه‌السلام زيادة : «على ملّة إبراهيم» بعد لفظ

__________________

(١) انظر التهذيب ٢ : ٦٦ ح ٢٣٩ ، والوسائل ٤ : ٧٢١ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٧ ح ٣.

(٢) انظر حاشية المدارك : ١٨٦.

(٣) انظر الكافي ٣ : ٣١٠ ح ٧ ، والتهذيب ٢ : ٦٧ ح ٢٤٤ ، والوسائل ٤ : ٧٢٣ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٨ ح ١.

١٦١

«الأرض» ، وبعدهما (حَنِيفاً مُسْلِماً) إلى أخره (١).

وفي رواية أُخرى بعد ذكر ملّة إبراهيم : «ودين محمّد ، وهدى عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام» (٢).

وفي أُخرى بعد ذكر : «ملّة إبراهيم» زيادة : «ودين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنهاج عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، والائتمام بال محمّد صلوات الله عليهم» (٣).

وفي أُخرى جعل الختام : «اللهمّ اجعلني من المسلمين ، أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم» (٤).

فيكون التوجّه بعد السّبع ، بعد تكبيرة الإحرام إن جُعلت أخيرة ، كما هو الأحوط ، وإلا فبعد غيرها.

ويجوز الإتيان بأقلّ من السّبع كائناً ما كان ، ويحصل الأجر بمقداره. ولو أراد النّاقص ، جاز له العدول إلى الزائد ، وبالعكس ، والزائد سنّة. وكذا كلّ مخيّر بين الأقلّ والأكثر من تسبيحات البدل ، والركوع ، والسّجود ، والشّعر في الحلق والتقصير ، والهَدي في القليل والكثير ، والوقوف في الموقفين الطويل والقصير ، وضرب التيمّم لو قلنا بالتخيير ، والزائد في الحضر إلى غير ذلك.

ولو زاد على السّبع بقصد الذكر فلا بأس ، وبقصد الخصوصيّة تشريع.

والمراد بـ «أكبر» الأعظم معنى ، مع التفضيل الصوري أو سلبه ، وفي الخبر : أكبر من أن يوصف ، أو من أن يُلتمس ، أو يُدرك بالحواس ، أو ممّا يخاف ويحذر (٥).

وفيما ورد من أنّ التكبير جزم (٦) دلالة على التمشية في جميع التكبيرات.

ومنها : التّحميد سبعاً ، والتسبيح سبعاً ، والتهليل سبعاً ، وحمد الله والثناء عليه

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٦٧ ح ٢٤٤ ، الوسائل ٤ : ٧٢٤ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٨ ح ٢.

(٢) الاحتجاج : ٤٨٦ ، الوسائل ٤ : ٧٢٤ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٨ ح ٣.

(٣) الاحتجاج : ٤٨٦ ، الوسائل ٤ : ٧٢٤ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٨ ح ٣.

(٤) الاحتجاج : ٤٨٦ ، الوسائل ٤ : ٧٢٤ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٨ ح ٣.

(٥) التوحيد : ٢٣٨.

(٦) الفقيه ١ : ١٨٤ ح ٨٧١ ، التهذيب ٢ : ٥٨ ح ٢٠٣ ، الوسائل ٤ : ٦٣٩ أبواب الأذان والإقامة ب ١٥ ح ٣.

١٦٢

بعد تكبيرة الافتتاح.

ومنها : أنّه بعد استفتاح صلاة اللّيل يقرأ أية الكرسي والمعوّذتين.

ومنها : الإسرار بالسّتّ ، والجهر بالسّابعة والظاهر أنّها تكبيرة الإحرام (١) خصوصاً للإمام ؛ فإنّ الجهر له أشدّ استحباباً.

ومنها : أنّه يُستحبّ رفع اليدين بالتكبير الواجب والمستحبّ حيال خدّيه إلى أن تحاذي أُذنيه ، مُستقبل القبلة ببطن كفّيه ، ولا سيّما الإمام ، بما يُسمّى رفعاً ، وتقليب اليدين حين الرّفع. ويُكره تجاوز الأُذنين.

ومنها : أن يكون بين الرّفع والتكبير مقارنة في البدأة والختام ، ولا بأس بالأقسام الأُخر من التّسعة ، وما زاد عليها.

ومنها : أن يأتي بالتكبير على الوجه العربي ، في واجبه ومندوبه ، على الأقوى.

ومنها : الإتيان بستّ وعشرين تكبيرة في الافتتاح ، حتّى إذا نسي شيئاً من التكبير كانت عوضاً عنه.

ومجموع التكبيرات كما روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في الصلاة خمس وتسعون تكبيرة (٢) ، منها : خمس للقنوتات ، وتكبيرات الافتتاح.

ودعواتها وتوجّهها جارية في الإمام والمنفرد ، وكذا المأموم على الأقوى. وفي الفرائض اليوميّة ، وصلاة الجمعة ، وكذا في غيرها من الفرائض والنّوافل ، وتركها أقرب إلى الاحتياط ، عملاً بالسّيرة.

ورفع اليدين يزيد على التكبير في التمام سبعة عشر للرّفع من الركوع وإن لم يكن بمعتبر عند الأكثر فيكون مائة واثنى عشر رفعاً.

المقام الثالث : في الأفعال الواجبة

وأركانها التي يبطلها نقصها عمداً وسهواً : النّيّة لو جعلناها شطراً ، أو القيام فيها

__________________

(١) المعترضة ليست في «م» ، «س».

(٢) التهذيب ٢ : ٨٧ ح ٣٢٥ ، الخصال : ٥٩٣ ، الوسائل ٤ : ٧٢٠ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٥ ح ٣.

١٦٣

والانتصاب لها ، لو جعلناها إخطاراً. وتكبيرة الإحرام ، والقيام فيها ، والانتصاب. والقيام الذي عنه يركع. والركوع. وجميع السّجدتين ، والارتفاعين اللّذين عنهما يسجد (١). والوقوف على القدمين حال القيام لمن فرضه القيام. والجلوس على الفخذين أو ما قام مقامهما لمن فرضه الجلوس.

وفي إلحاق الطمأنينة في جميع الأركان وجه ، وكذا زيادة ما يعقل فيه الزيادة منها ، وسيجي‌ء تمام التحقيق في محلّه.

والركنيّة هي الأصل في كلّ عبادة ، وتقرير الأصل بخلاف ذلك ؛ لما ورد في حصر المُفسدات أو الأجزاء لا وجه له بعد معرفة إرادة الإضافة.

والواجبات غير الأركان كثيرة تجي‌ء في تضاعيف المباحث ، ويتمّ الكلام في تفاصيل الواجبات ببيان أُمور :

الأوّل : النيّة

وهي شرط فيها وفي العبادات ، لا شطر على الأصحّ ، تبطل بفقدها ابتداء مع العلم والجهل والعمد والسّهو. وبعد عقدها لا تفسد بنسيانها والغفلة عنها. وتفسد بالإتيان بما ينقضها ، من رياءٍ ، وعُجب ، وترك شرطٍ ، وفعل منافٍ.

ولا تبطل بالعلم بالانقطاع فضلاً عن الظنّ وغيره ، متّصلاً أو منفصلاً.

ولا بنيّة القطع ، أو القاطع ، أو نيّتهما معاً ، مُعجّلاً ، أو مؤخّراً ، في عبادة موصولة أو مفصولة.

ولا فرق في المؤخّر بين الرّياء وغيره في أقوى الوجهين.

وحقيقتها : قصد العبوديّة والطّاعة للأمر ، فلا عمل مقبول عند الله تعالى أو عند مطلق مُفترض الطاعة من مالك وغيره كائناً ما كان ، إلا مع القصد ، وإلا كان مُتبرّعاً ،

__________________

(١) في «م» ، «س» زيادة : وجميع الطمأنينتين في كلّ من المقامين الأوّلين ، والوقوف على القدمين على نحو السجدتين في وجه ، وكذا زيادتها فيما عدا النيّة ، وما يكون من الاستقرار والوقوف والركنيّة هي الأصل في كلّ عبادة ، والواجبات غير الأركان.

١٦٤

غير مُؤد للمأمور به.

ويلزم التّعيين في العمل ؛ لأنّ المُبهم لا وجودَ لهُ ، ولا يوجد ، فيستحيل الامتثال به ، فيستحيل طلبه ، ولا يُعدّ منويّاً ، ويجتزي به عن التّعيين مع الدّوران بين الأفراد المتحدة الجنس والنّوع ، والتغاير شخصيّ كالدّوران بين النوافل المبتدأة بعضها مع بعض ، وكذا آحاد (١) الرّاتبة ، كنافلة الزوال ، ونافلة (٢) العصر ونحوها.

أو صنف عرضيّ ، كالمتجانس ، من القضاء والأداء ، والقصر والإتمام ، والوجوب والندّب ، ونحو ذلك ، إلا مع حصول الإبهام. والوجوب والندب إنّما يفرّق بينهما شدّة الطلب وضعفه. ولو التزمنا به ، لزمت نيّة مراتب الاستحباب.

أمّا مختلف الجنس ، كالدّوران بين الزكاة والخمس أو الكفّارة ، أو بين الحجّ والعمرة. أو مختلف النوع ، كحج القِران والإفراد ، وعمرة التمتع والإفراد ، والصّلوات الخمس بعضها مع بعض ، فلا بدّ فيه من التّعيين ، إلا مع التعذّر ؛ لأنّ النيّة فيها مقوّمة لصدق الاسم المتوقّف عليه قبول العبادة.

فنيّتا الوجوب والنّدب لا اعتبار لهما ، لا على وجه التقييد ، ولا الغائيّة ، مع اتفاقهما واختلافهما. فلا تلزم نيّة الوجوب للواجب ، ولا النّدب للندب ، ولا الندب للواجب كالاحتياط ، ولا الوجوب للندب ، كالمنذور منه ونحوه وكذا القضاء والأداء ، والقصر والإتمام ، ما لم يكن مُتعمّداً مُشرّعاً في الدّين. ولا نيّة الأسباب من النّذور وغيرها ما لم يتوقّف عليها قصد القربة.

ولا يجوز العدول من نيّة صلاة إلى غيرها في غير المنصوص ، كالعدول من يوميّة حاضرة أو فائتة إلى سابقة حاضرة أو فائتة (٣) أو من فريضة إلى نافلة لناسي سورة

__________________

(١) في «ح» زيادة : ركعات.

(٢) في «م» ، «س» : وركعات نافلة.

(٣) في «ح» زيادة : مع الذّكر في الأثناء ، توافقتا في الجهر والإخفات أو اختلفتا ، ثمّ يعدّ العدول ، ويجيئها الحكم الجديد ، توافقتا في عدد الرّكعات أو تخالفتا. وأمّا بعد الفراغ فلا عدول ، لكنه إن جاء بالأخيرة أو تعدّى وقت العدول كما إذا ذكر بعد الركوع في رابعة العشاء فريضة المغرب جرى عليه حكم الفراغ ، والأقوى أنّ الشّاك في الأثناء بمنزلة النّاسي ، والشّاك بعد الفراغ يبني على الأُولى من الفرضين.

١٦٥

الجمعة في الجمعة أو ظهرها ، وناسي الأذان والإقامة ، أو بعضهما ، أو الإقامة وحدها ، أو بعضها في وجه. وطالب صلاة الجماعة إذا خافَ عدم اللحوق.

ولا يجوز العدول من سابقة إلى لاحقة.

ولا يجوز ترامي العدول وزيادته على المرّة ، وشرطه عدم فوات محلّه. والظاهر أنّه يثبت بالدّخول في ركن. لا بمجرّد الدّخول في واجب.

ويجوز العدول من الإمامة بقومٍ إلى الإمامة بغيرهم ، ومن المأموميّة بإمام إلى مأموميّة بغيره ، ومن المأموميّة إلى الإمامة أو الانفراد ، ومن الإمامة إلى الانفراد.

وأمّا العدول من الانفراد إلى الإمامة مع الفراغ من الصّلاة وبدونه ، أو الإماميّة إلى المأموميّة فغير جائز. وقضيّة عزل النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا بكر قضيّة في واقعة.

ونيّة الإماميّة والمأموميّة لا تلزم إلا فيما هما شرط فيها كالجمعة مثلاً. وفي كون المُعيد ينوي الفرض في الجماعة في الثانية إرشاد إلى عدم اعتبار الوجه.

(فنيّة الإماميّة والمأموميّة في محلّ الوجوب واجبة وشرط ، وفي محلّ النّدب نيّة المأموميّة شرط دون الإمامة ، وإن توقّف الأجر على نيّتها. ونيّة الانفراد بعد الإمامة أو المأموميّة بإمام آخر في الأثناء ، ونيّة الوجوب من المميّز البالغ في أثناء الصّلاة ، وإعادة صلاته مع البلوغ في الأثناء أو بعد الفراغ ، فيكون أتياً بظهرين مثلاً ، لا لزوم فيها) (١).

ولا يجوز الاكتفاء عن فريضة بمماثلها في العدد والكيفيّة من دون نيّتها.

ولو نوى فريضة فظهر غيرها فسدت.

ولو نوى صفة خارجة ولم يخلّ بشرط فظهر خلافها صحّت ، كما إذا نوى الإمامة أو المأموميّة فظهر له بعد الفراغ أو في الأثناء عدم صحّة الوصفين بعدم الإمام ، أو عدم قابليّته ، أو عدم الإتيان بشرط الانعقاد من اللّحوق قبل الرّفع من الرّكوع ، انفرد وصحّت صلاته.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٦٦

أمّا لو نوى جمعة ، فبانت ظهراً في الأثناء ، أو من بعد ، فسدت.

وتُشترط فيها المقارنة لتكبيرة الإحرام ؛ دون ما عداها من التكبيرات والدعوات.

ولتتمّة هذا المبحث مباحث طويلة ، ومقامات جليلة ، وقد تقدّم الكلام فيها مفصّلاً ، فلا نعيدها.

الثاني : تكبيرة الإحرام

وبها تنعَقِد الصّلاة ، ويترتّب عليها اعتبار شروطها ومُنافياتها ، وحُرمة قطعها.

ولا يكون ذلك بمجرّد الدّخول فيها ، بل بعد تمامها ، وبه تنكشف جزئيّة ما سبق منها.

وهي أوّل أجزاء الصّلاة وأركانها ، فرضها ونفلها ، بعدَ قولنا بشرطيّة النيّة ، وما تقدّم عليها من السّنن من المسنونات الخارجة ، ولذا جُعلت النية مقرونة بها. ولو أوجبنا الأذان والإقامة ، لم تفسد الصّلاة بفسادهما ، ولا بتركهما ؛ إذ ليسا جزأين ولا شرطين.

وإذا تُركت تكبيرة الإحرام عمداً أو سهواً أو أُتي بها بوجهٍ فاسد لخَللٍ في نيّتها أو عدم مقارنتها القيام أو ما يقوم مقامه ، لم تنعقد الصّلاة.

وليس تعيين ما به الدخول أو استقراره من ابتدائها أو ختامها شرطاً في صحّتها ، بخلاف تعيينها بين التكبيرات ، فإنّه شرط فيها ، وله الخيار في جعلها أيّ السّبع شاء ، والأولى الأخيرة.

ولو قصد الإحرام بأكثر من واحدة بطل ، وكذا لو أحرم ولم يعيّن.

ولو قصد الإحرام بواحدة ، فليس له العدول إلى غيرها ، فلو عَدَل في شفعٍ بطل ، وفي وترٍ لا مانع.

وفي إفساد التكبيرة الاحتياطيّة أخذٌ (١) بالاحتياط ، والظاهر أنّ الاحتياط فيما دخل في قران أو ذكر أو دعاء بقصدها لا بأس به ، بخلاف الأفعال.

وجعل زيادة الركن مُفسدة مع العمد مبنيّ على أن نيّة القاطع لا تقطع ، أو على وجه بعيد.

__________________

(١) في «ح» : أخذنا.

١٦٧

ولو قصد بها الإحرام والركوع معاً بطلت.

وصورتها للقادر كغيرها من التكبيرات : «الله أكبر» بفتح الهمزتين وقطعهما ، من دون تولّد ألف فيهما أو نحوه. وفتح الباء مع عدم الإشباع بحيث يتولّد في البين ألف أو نصف ألف ، فتخرج عن صِدق الفَتح عُرفاً. وإسكان اللام الأولى ، والكاف. وإدغام اللام في مثلها ، وإردافها بالألف ، طالت أو قصرت ، ما لم تخرج عن الاسم (١) ، أو يحدث فصل يجعلها ألفين مثلاً. وضمّ الهاء من دون إشباع يتولّد منه واو. وتنكير أكبر ، وفتح ألفها وبائها ، من دون توليد ألف ، وسكون الكاف والرّاء.

فلو غيّر أو أبدل ، لم تصحّ تكبيرته ، سواء أتى بمرادف من أسماء الله وصفاته ، أو مما يفيد معنى التعظيم (٢) أو لا.

ولا تجوز التّرجمة بعجميّ أو تركيّ أو هنديّ مثلاً.

ومع العجز (٣) يأتي بالملحون العربي. ومع العجز فالأحوط تقديم الفارسي على التركي ، والتركي على الهندي ، وربّما قيل بتقديم العبراني والسرياني عليها ؛ لأنّها موافقة للكتب المنزلة ، ولا يخلو من بُعد.

وفي تمشية التراجم إلى الأذكار والدعوات المسنونات إشكال.

وأمّا حكم الألثغ والأخرس فجارٍ فيها.

ولو قال مختاراً : «إيزد» أو «إيزدان» أو «تاري» أو «أدناي» عوضاً عن اسم الجلالة. أو «بزركتر» بفتح الرّاء الأخيرة أو كسرها «أو بزركتراست» على اختلاف لغتهم ، لم يصحّ.

ويجب التعلّم إلى ضيق الوقت ، ولو مع بذل الأُجرة للمعلّم إن لم تضرّ بحاله ضرراً كلّياً ، وإن حَرُمت عليه ، ما لم يتعذّر عليه الجمع بين الكسب الواجب والتعليم ، فإن قصّر وأخّر إلى ضيق الوقت ، صحّت صلاته.

__________________

(١) في «ح» زيادة : أو الوحدة.

(٢) في «س» : العظيم.

(٣) في «ح» زيادة : أو ضيق الوقت.

١٦٨

والواجب منها ما يُسمّى لفظاً ، سرّاً أو جهراً.

ولو كبّر ثانياً قصدَ بها الإحرام ، فسدتا ؛ ولو ثلّث ، صحّت الثالثة ، وهكذا كلّ شفع ووتر. ولو قصد بالمكرّر الذّكر ، فلا بأس.

والقيام والانتصاب حالها شرطان في صحّتها ، وجزءان من الصّلاة ، فهما ركنان.

فلو كبّر أخذاً بالقيام أو مُنحنياً أو أخذاً في الهويّ ، بطلت. ولو أتى بها عن جلوس ونحوه عمداً أو سهواً ، بطلت صلاته.

وتكبير الأخرس كجميع الأقوال الواجبة عليه بلوك لسانه والإشارة بإصبعه أو بغيره ، وإن لم تُفهم المعنى.

ويجب على النّاس تعليمه.

ويعتبر فيها ما يعتبر في القراءة من العربيّة ، وترك الفصل المُخلّ ، بسكوتٍ أو غيره.

ويجبُ عليه التعيين ، والاقتصار في المعيّنة على الواحدة.

وهل يجب قصد الصحيحة بحسب العربية؟ الأقوى العدم.

ويُستحب ترك الإشباع الغير المولّد في حركاتها ، والمدّ غير المخلّ في ألفها ، وعدم الجهر المفرط فيها ، وإسماعها المأمومين من الإمام ، قيل : وإسماعهم إيّاه (١) ؛ حتّى لا ينتظرهم ، وله وجه مع الاحتياج إليه.

ويُستحبّ فيها كغيرها من التكبيرات رفع اليدين إلى شحمتي الأُذنين ، أو المنكبين ، أو الخدّين ، أو الأُذنين ، أو الوجه ، أو النّحر ؛ عملاً بجميع ما في أخبار الباب (٢) ، وكلمات الأصحاب (٣) ، ويكره تجاوزه الرأس والأُذنين ، وهو سنّة في سنّة (٤).

وضمّ الأصابع فيه كذلك. وروى : فتح الخنصر (٥).

__________________

(١) الروضة البهية ١ : ٨٠٣.

(٢) الوسائل ٤ : ٧٢٥ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٩.

(٣) كالشيخ في الخلاف ١ : ١ : ٣١٩ و ٣٢٠ ، والعلامة في القواعد ١ : ٢٧٢ ، والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٤٠.

(٤) في «س» : وهو ستة في ستة ، ويحتمل كونه تصحيف : سنة في ستة.

(٥) البحار ٨١ : ٢٢٥ ب ١٥ ح ١٢.

١٦٩

وينبغي تطبيقها على رفع اليدين بدأة وختاماً ، ولا مانع من تطبيق أوّله أو وسطه أواخره على أوّل الرّفع ، أو الوضع ، أو وسطهما ، أو آخرهما ، أو مجموعة على شي‌ء منها.

واستحباب رفع اليدين متأكّد في حقّ الإمام على ما قيل (١) ، ولا بأس به.

وأحكامها من السّنن جارية في النوافل أيضاً.

الثالث : القيام

يستحبّ الدّعاء بالمأثور (٢) عند القيام إلى صلاة اللّيل ، تقول عند القيام من المنام : «الحمد لله الذي ردّ عليّ روحي لأحمده وأعبده».

وعند سماع صوت الدّيك : «سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والرّوح ، سبقت رحمتك غضبك ، لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، عملتُ سوءاً ، وظلمتُ نفسي ، فاغفر لي ، وارحمني ، إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت».

وعند النظر إلى أفاق السماء : «اللهمّ إنّه لا يواري عنك ليل ساج ، ولا سماء ذات أبراج ، ولا أرض ذات مهاد ، ولا ظلمات بعضها فوق بعض ، ولا بحر لُجّيّ ، تدلج بين يدي المدلج من خلقك ، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور ، غارت النجوم ، ونامت العيون ، وأنت الحيّ القيّوم ، لا تأخذك سِنة ولا نوم ، سبحان ربّ العالمين ، وإله المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين».

ثمّ تقرأ الخمس آيات من آخر آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلى (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ).

ثمّ تستاك ، وتتوضأ ، فإذا وضعت يدك في الماء فقل : «بسم الله وبالله ، اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين» فإذا فرغت فقل : «الحمد لله ربّ العالمين».

وإذا قُمت إلى الصّلاة فقل : «بسم الله وبالله ، وإلى الله ، ومن الله ، وما شاء الله ،

__________________

(١) الشيخ في التهذيب ٢ : ٢٨٧ ذ. ح ١١٥٣.

(٢) الكافي ٣ : ٤٤٥ ح ١٢ ، التهذيب ٢ : ١٢٢ ح ٤٦٧ ، الوسائل ٤ : ٧٣١ أبواب تكبيرة الإحرام ب ١٣ ح ١.

١٧٠

ولا قوّة إلا بالله ، اللهم اجعلني من زوّارك ، وعُمّار مساجدك ، وافتح لي باب توبتك ، وأغلق عنّي باب معصيتك ، وكلّ معصية ، الحمد لله الذي جعلني ممّن يناجيه ، اللهم أقبل عليّ بوجهك جلّ ثناؤك» ثمّ افتتح الصّلاة بالتكبير (١).

والقيام : هو عبارة عن نصب فَقَار الظهر (٢) معتدل القامة ، والأحوط مراعاته في العنق إلا يسيراً للخضوع ، فإنّه ربّما كان سنّة ، وكثيراً ما يقع من الأتقياء ؛ لدلالته على الخضوع والخشوع ، كما يفعله العبيد بين يدي مواليهم. والأحوط أن لا يبالغ فيه.

والمُبالغ في تفريج الرّجلين ، وإخراج الركبتين ، وخفض الكفل ونحو ذلك ممّا يخرج عن هيئة القيام مُفسد صلاته.

والوقوف على القدمين معاً فيه واجب غير ركن ، وترك الجميع مخلّ كالسجدتين. والاعتماد على القدمين معاً سنّة ، وعلى الواحدة مكروه.

والمحافظة عليه فيهما من كمال الاحتياط.

وهو أحد أجزاء الصّلاة ، ولا تصحّ من القادر إلا معه على النحو المألوف في الفريضة مع الاختيار ، وفي النّافلة مع الاستقرار.

والرّكن منه المتّصل بالركوع الذي عنه يركع ، وعنه يتكوّن التقويس. وفي الأكوان الأُخر يتبع ما قارنه في وجوب من غير ركنيّة ، أو مع ركنيّة ، أو ندب ، كما في القراءة ، والقنوت ، وتكبيره ، ونحوها (٣).

وكذا كلّ ما يركع عنه ، من جلوس ، أو نصبِ رأس ، أو جفن مع الوجوب بالأصالة ، أو بالعارض ، من عروض مُلزم شرعي ، من إجارة أو نذر ونحوهما.

ولا يُشترط في النّافلة باقية على الاستحباب قيام مع عدم الاستقرار ، في ركوب ومشي ونحوهما ، إلا مع عروض الوجوب ، فيلحق الغرض.

__________________

(١) هذا كلّه ما رواه زرارة عن الباقر (ع) كما في الكافي ٣ : ٤٤٥ ح ١٢ ، والتهذيب ٢ : ١٢٢ ح ٤٦٧ ، والوسائل ٤ : ٧٣١ أبواب تكبيرة الإحرام ب ١٣ ح ١.

(٢) فقارة الظهر الخرزة ، والجمع فقار. المصباح المنير : ٤٧٨.

(٣) في «ح» زيادة : بمعنى جواز تركه مع تركه.

١٧١

وأمّا الاضطجاع والاستلقاء ، فلا يجوز فيها إلا اضطراراً.

ولو تعلّق المُلزم بغير هيئة القيام ، لم ينعقد. وإلزام السيّد والوالد لا يخرجها عن حكم السنّة ، فلا يتعيّن فيها القيام. وحرمة القطع في النّافلة لا يلحقها بالواجب.

نعم لو وجب الإتمام بالعارض كما لو سبق منه النذر بأنّه إن وفّق الله له كذا وكان في صلاة أتمها قوي وجوب القيام في الباقي مع بقاء محلّه.

ولو نذر الجلوس مع عجزه ، وعوفي من حينه لم ينعقد. ولو حصلت له فُسحة ، فأهمل ، انتظر العارض إن أطلق ، وإلا كفّر.

وكلّ مُلزم تعلّق بما يخصّ النّافلة من المقوّمات كالقران ، والتبعيض في مثل صلاة الوصيّة والنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأمير والزهراء عليها‌السلام ، ومثل صلاة الغفيلة ، ونحوها ، لم يغيّرها عمّا كانت عليه ، بخلاف ما كان من الرّخص ؛ لأجل المساهلة ممّا يعلم من تتبّع الأدلّة.

ونذر الوتيرة جلوساً والجلوس فيها لو صلاها لا مانع منهما. ولو نذر بعد الدّخول الإتمام ، أو عاهد أو حلف بصورة الدّعاء أو حصل شرط وجوب الإتمام بوجوه أُخر ، لحقه فيما بقي حكم الواجب.

وحالها بالنّسبة إلى المشي والركوب والكون في السّفينة أو الكعبة كحال الجلوس في الفرق بين نذرها مع القدرة ، ونذرها مع العجز.

وكما أنّ اعتدال القيام الذي عنه يركع ركن في الصّلاة (فيفسد لو كان عن جلوس ، فترك اعتدال الجلوس الذي عنه يركع ، مفسد بالنسبة إلى الجلوس الذي عنه يركع ، ومفسد بالنسبة إلى) (١) الاضطجاع على الأيمن ، والأيمن بالنّسبة إلى الأيسر ، والأيسر بالنّسبة إلى الاستلقاء.

فعلى الجالس نصب فقار الظهر ، وإيقاع الجلوس على القدمين أو الكفل إلى غير ذلك.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : كذلك اعتدال الجلوس عنه يركع وكذا.

١٧٢

وفي لزوم اعتدال القامة مُضطجعاً ، ومُستلقياً وجه قويّ ، والأقوى خلافه.

وما قارنَ منه أركان أُخر من نيّة بناءً على ركنيّتها ، والقول بأنّ الخطور مقوّمَها لقلّة الثمرة مع اعتبار الداعي في حقيقتها أو تكبيرة إحرام ركن. وقد يقال بإجراء حكم الركنيّة فيه بالنسبة إلى النيّة ، وإن قلنا بالشرطية.

والركن للمتنفّل القادر أحد أمرين : قيام أو جلوس ، وللرّاكب جلوس على ظهر الدابة في وجه ، أو قيام ، لا اضطجاع بقسميه ، ولا استلقاء.

وفي لزوم نصب فَقَار الظهر حال ركوبه ومشيه مع تعذّر الجلوس يرجع إلى ترتيب الفرض على إشكال.

والعاجز عن القيام في التمام يرتفع حكمه عنه رأساً ، وفي البعض في ذلك البعض خاصّة ، وتُقدّم التكبيرةُ على غيرها.

ولو دارَ بين الأغيار ، قُدّمَ المتّصل بالأركان. ولو دارَ بينها ، قدّم المقدّم منها ، ويُرعى الأشدّ وجوباً فيما عدا الأركان ، ويُحتمل تقديم المقدّم مطلقاً.

والعاجز عن مرتبة إنْ نوى الثانية عوض الأُولى جاءه حكمها ، وإنْ نواها على حالها ، بقيت على حالها. وتختلف بذلك حال النافلة في تضعيفها وعدمه ، وحال الصلاة الاحتياطيّة.

ولو قيل : باعتبار الصورة أو حال المرتبة الأُولى مطلقاً فيهما ، لم يكن بعيداً.

(والزوج من جلوس محتسب بفرد من القيام ، وكذا النوم وأقسامه الثلاثة ، ولا يلحق بذلك ما بين الأقسام الأربعة.

ولو خالفَ بين الركعتين بجلوس وركوب ومشي ، فلا بأس. وفي تبعيض الركعة إشكال ، فلو أتى بركعة جلوسيّة وأُخرى قياميّة ، فلا بأس ، وهكذا.

ولو جلس في الركعتين ، وقام ، فركع عن قيام ، احتُسبت له بصلاة القيام ، ولو خالفَ بينهما في أحد الوجوه ، وزّع الثواب على النسبة) (١).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٧٣

والقيام الواجب لغير الركن كالقراءة ليس بركن.

ولا يجوز الاعتماد إلا لعُذر ، ويقتصر فيه على محلّ العجز. ولو دارَ جاءت مسألة الدوران ، ويقدّم الاعتماد في المرتبة السابقة أو بعضها على المرتبة الحقة.

ولو دارَ الأمر في الاعتماد بين الأركان وغيرها ، والأشدّ والأضعف ، جعل الراجح للراجح ، ويحتمل تقديم المقدّم.

ولو فقدَ ما يعتمد عليه ، توصّل إليه بشراء أو استيجار بثمن أو أُجرة لا يضرّان بحاله بالنسبة إلى جميع المراتب السابقة بالنسبة إلى الحقة ، من استقلال في قيام مع اعتدال ، ثمّ انحناء ، ثمّ اعتماد ، ثمّ استقلال جلوس ، ثمّ اعتماد ، ثمّ استقلال في اضطجاع يمين ، ثمّ اعتماد ، ثّم اضطجاع يسار ، ثمّ اعتماد في الكلّ ، ثمّ الأكثر من البعض ، ثمّ الأقل. وهكذا بالنسبة إلى الركوب والسفينة والمشي والكعبة ونحوها في تقديم الراجح.

والعجز عن القيام عُرفي ، وليس لقدرته على المشي مقدار الصلاة وعدمها مدخليّة.

ومتى تعارض شرط وشطر ، يُقدّم الشرط. (وفي) (١) تقديم الانحناء ، وتباعد الرجلين ، والميل إلى أحد الجانبين ، والوقوف على الرُّكبتين بعض على بعض إشكال.

ولو دارَ الأمر بين القيام والإتيان بالركوع والسجود إيماء ، وبين الجلوس ، والإتيان بهما على الوقف ، قدّم الأوّل. وتترتّب الأحوال بتقديم القيام فيها كلا عليه ، ثمّ مُبعّضاً ، ثمّ الجلوس كلا ، ثمّ مُبعّضاً ، ثمّ الاضطجاع على اليمين كلّا ، ثمّ (٢) على اليسار كذلك ، ثمّ الاستلقاء.

ولو دارَ الحال بين الأخذ بمرتبة سابقة مع (٣) فوات بعض الأفعال ، والأخذ بلاحقة سالمة من التفويت ، كما إذا دار بين القيام مومئاً ، والجلوس مع كونه راكعاً ساجداً ،

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : ثمّ الجلوس كلا ، ثم مبعّضاً ، ثمّ الاضطجاع على اليمين كلا ، ثمّ مبعّضاً ، وتترتّب الأحوال بتقديم القيام فيها كلا ، ثمّ مبعّضاً أنه في.

(٢) في «ح» زيادة : مبعّضاً.

(٣) في «ح» زيادة : كمال.

١٧٤

قدّمت السابقة على الأقوى.

ولو قامَ في القراءة لعروض القدرة ، سكتَ عنها حتّى يعتدل ويستقرّ.

ولو دار الأمر بين الجلوس مستقراً ، وبين المشي أو الركوب أو الكون في السفينة مثلاً أو الكعبة قائماً ، قدّم الأوّل على الثاني ، والأخيران على السابقين.

ولو دارَ بين المشي والعدو والركوب ، قوي تقديم المشي ، ثمّ العدو. ولو حصل في بعضها أوفقيّة في بعض الأفعال رجّح ، والاحتياط لا ينبغي تركه.

ونصب فَقَار الظهر في الجلوس للعَجز ، أو في النفل مع الاستقرار ، أو للتشهّد لازم ، ومع عدم إمكان الإتمام للفريضة أو للركعة يأتي بالممكن.

وفي اعتبار الاعتدال في الاضطجاع والاستلقاء وجه قويّ كما مرّ.

والتفريق بين الرجلين ، وإبراز الركبتين ، والميل إلى القدّام أو الخلف أو أحد الجانبين مُتفاحشة مُخرجة عن حكم القيام.

والأفضل للجالس العاجز جلوس القُرفصاء إن لم نوجبه ؛ لأنّه أقرب إلى هيئة القيام بوضع الأليتين والقدمين على الأرض مثلاً ، ونصب الفخذين والساقين.

وبعدها التربّع ، وهو جمع القدمين ، ووضع إحداهما على الأُخرى.

وقد يقال : بأفضليّة الحال الأُولى في مقام القراءة ومقام الركوع ، والثانية في مقام الجلوس.

ويُستحبّ لمن صلّى النافلة جالساً احتساب كلّ ركعتين بواحدة. وفي إلحاق الاضطجاع وما بعده والمركوب ونحوه به وجه.

ومن صلّى جالساً نفلاً ، استحب له أن يقوم للركوع ؛ لتحتسب له صلاة القائم ، ويستحب تورّكه حال التشهّد.

ولا يجب على العاجز مداواة بدنه للصّلاة ، ومع سهولة العلاج وسرعته يقوى ذلك ، ولا الانتظار ، وإن اتّسع الوقت كسائر أصحاب الأعذار.

ولو طرأ العجز في الأثناء ، أو طرأت القدرة ، أُعطي كلّ حكمه ، ولا يعاد السابق.

ولو قدر الجالس على القيام بعد الهوي قبل بلوغ حدّ الركوع ، قام ، وركع.

١٧٥

ولو ركع وقدر قبل الإتيان بالذكر الواجب ، قام منحنياً وذكر. والقول ببقائه على حاله حتّى يتمّ لا يخلو من قوّة.

وعلى الأوّل ، لو أتى ببعض التسبيحة الواجبة ، قطعها وأتمّها بعد الوصول إلى محلّ الراكع إن لم تفت الموالاة. ولو قدر بعد إتمام ذكر الركوع ، وجب القيام للهوي إلى السجود.

ولو تجدّدت في أثناء القراءة ، قام ساكتاً وأتم. ومع الإخلال بالموالاة يعيد.

وفي رواية عليّ بن جعفر عليه‌السلام عن أخيه موسى عليه‌السلام ما يعطي إجراء المسامحة في الواجب من النفل بالعارض ، حيث قال : سألته عن رجل جعل لله عليه أن يصلّي كذا وكذا ، هل يجزيه أن يفعل ذلك على دابته وهو مسافر؟ قال : «نعم» (١).

ولما ظهر لي من تتبّع الأدلّة من أنّ المسامحة فيها لكونها تطوّعاً ، ولأصالة شُغل الذمة ، والشك في شمول العمومات والإطلاقات ، وعدم صراحة الخبر في النذر ، وظهور إرادة العُذر من التقييد بالسفر ، واحتمال قصد رفع اشتباه الراوي في الفرق بين الفريضة النذريّة ؛ لعدم توقيتها مع العُذر ، واليوميّة ، وإمكان الحمل على ضيق وقت النذر ، واحتمال عدم قصد الإنشاء بلفظ الجعل ، تركت العمل عليها.

والذي يظهر من أحكام الطواف وشرائطه : عدم الفرق بين واجبه الأصلي والعارضي ، والطواف بالبيت صلاة.

ويُستحبّ له : أن يدعو أمام الصلاة بقوله : «اللهمّ إنّي أُقدّم إليك محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين يدي حاجتي ، وأتوجّه به إليك ، فاجعلني به وجيهاً في الدنيا والآخرة ، ومن المقرّبين ، واجعل صلاتي به متقبّلة ، وذنبي به مغفوراً ، ودعائي به مستجاباً ، إنك أنت الغفور الرحيم» (٢).

والخشوع والخضوع ، والسكينة والوقار ، والخلوّ عن التناعس ، والتكاسل ، والتماهن ، والعجلة.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٣١ ح ٥٩٦ ، الوسائل ٣ : ٢٣٨ أبواب القبلة ب ١٤ ح ٦.

(٢) الكافي ٢ : ٥٤٤ ، الوسائل ٤ : ٧٠٨ أبواب القيام ب ١٥ ح ٣ ، بحار الأنوار ٨٤ : ٣٧.

١٧٦

والنظر إلى موضع سجوده.

والاستقبال بإبهاميه ، بل جميع أصابعه القبلة.

ويجعل بين قدميه مقدار عرض ثلاث أصابع مُفرجات ، وأقل منها إصبع من مستوي الخلقة ، وأكثره شبر.

وقيام النحر.

وترك الحركة عن محلّه إلا لسدّ الخلل.

والكون كالخشبة اليابسة من شدّة الخشية.

وترك رفع البصر إلى السماء.

وإرسال يديه ، ووضعهما على فخذيه مقابل ركبتيه مضمومتي الأصابع.

وسدل منكبيه.

وترك العبث بالرأس ، والأنف ، والذكَر ، والثديين ، واللّحية ، والشارب ، والاشتغال بأُمور الدنيا وأفكارها ، والتثاؤب ، فإنّه وإن لم يكن اختياريّاً ، فمقدّماته اختياريّة ، والتمطّي ، والمخاط ، والبزاق ، ونقض الأصابع.

ويجوز الاعتماد على رجلٍ واحدة ، وعلى أصابع الرجلين ، والمراوحة بينهما على كراهة.

ويُستحبّ أن يستقبل بإبهاميه بل بجميع أصابعه القبلة ، والله يرفع بصره إلى السماء ، وأن يقوم قيام العبد الذليل بين يدي المولى الجليل.

الرابع : القراءة

وهي (١) واجبة في الجملة في الفريضة ، وشرط في النافلة بغير خلاف ، إلا ممّن انقرض من بعض أهل الخلاف (٢).

__________________

(١) في «ح» زيادة : جزء من الصلاة مطلقاً و.

(٢) كالحسن بن صالح بن حي ، وابن عليّة ، والأصمّ ؛ فإنهم قالوا باستحبابها ، انظر المجموع ٣ : ٣٣٠ ، وعمدة القاري ٦ : ٩ ، والكفاية ١ : ٢٥٥ ، والتذكرة ٣ : ١٢٨.

١٧٧

وليست من ضروريات الدين ، ويقوى أنّها من ضروريات المذهب.

وليست رُكناً ، خلافاً لمن قال بالركنيّة في الجملة من بعض الإماميّة (١) ، وإنّما هي جزء تبطل الصلاة بتركها عمداً في كلّ ثنائيّة أو أحاديّة ، أو الأوّلتين من كلّ رباعيّة ، أو ثلاثيّة ، بالحمد وسورة واحدة ، لا بالحمد وحدها ، ولا مع بعضها ، ولا مع ثانية ، ولا مع بعض سورتين ، ولا بواحدة وبعض أُخرى ، في كلّ واجبة أصليّة أو عارضيّة.

ولو اختلف المجتهدان أو اختلف المقلّدان أو المختلفان في وجوب السورة ، وعدد التسبيحات ، ونحو ذلك ، أو حصول العجلة الباعثة على ترك السورة ، أو الاضطرار الباعث على ترك الفاتحة ، أو بعضها ، جاز اقتداء أحدهما بالآخر ، سواء علم أحدهما بحال صاحبه أو لا ، على إشكال ، ولا سيّما في غير الأخير.

وبدليّة الإمام في القراءة كبدليّة النائب في سائر الأفعال. ولو توافقا عملاً لا علماً ، فلا إشكال في الصحّة ، والمنع للاختلاف بالوجه لا وجه له.

والبسملة أية من الفاتحة ، ومن كلّ سورة ؛ فمن نقصها ، نقصهما.

ومجموع الضحى وأ لم نشرح وبسملتاهما سورة واحدة ، وكذا الفيل وقريش.

ولا يجوز القِران بين سورتين (٢) ، بقصد الجزئيّة فيهما ، في الفريضة الواجبة أصالة أو بالعارض ، ما لم تكن مقوّمة.

وكذا العدول من سورة إلى سورة بعد بلوغ الثلثين ، آيات أو كلمات أو حروفاً ، ولعلّ الأقوى الأخير. والمدار على التخمين ، ولا يلزم التدقيق ، والأحوط مُراعاة النصف.

ومن سورة الإخلاص والجحد إلى غيرهما ، مع الدخول فيهما على الوجه الصحيح. فلو بسملَ لغيرهما ، ثمّ دخل فيهما ، عدل.

ولو عدل غافلاً عنهما ، ثمّ ذكر في الأثناء أو بعد الفراغ ، رجع إليهما إن لم تفُت الموالاة في وجه قويّ. وإن فاتت ، احتمل وجوب العود من المبدأ ، والبقاء على حاله

__________________

(١) حكاه الشيخ في المبسوط ١ : ١٠٥.

(٢) في «ح» زيادة : ولا التبعيض بأقسامه في محلّ القراءة ، وليس منهما ما في القنوت والرّكوع ونحوهما ، ويختصّ المنع بما إذا أتى بهما.

١٧٨

بإتمام ما دخل فيها ، وبطلان الصلاة ، وخير الثلاثة أوسطها.

والتكرار في السور والآيات ليس من العدول.

وتكرار العدول فيه عدول عن الاحتياط ، ولا بأس بالتكرار احتياطاً ، أو إصلاحاً ، أو غير ذلك ، ممّا لم يُخلّ بالنظم.

ولا من أحدهما إلى الأُخرى.

ويجوز العدول منهما ، ومن غيرهما بعد تجاوز الثلثين ، إلى الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهرها ، وللمتحيّر إذا أُرتِجَ عليه (١) ، أو منعه مانع شرعيّ ، كما إذا عرف العزيمة بعد الدخول فيها (٢).

والمكرّر من سورة أو بعضها ، والمأتي به لكونه قراناً لا لكونه جزء صلاة لا يدخلان في المنع.

ويُعتبر في القراءة ما يُسمّى قراءة ، ولا يجزي حديث النفس ، والتقطيع ، والترديد ، ونحوها ممّا يخرجها عن اسم القراءة.

ولا يكفي إبراز المعنى بذكر مُرادفه ، من عربي أو عجمي أو غيرهما. وتلزم المحافظة على الحروف بالإتيان بما يدخل تحت اسمها.

ولا عبرة بالمخارج المقرّرة عند القرّاء ، وإنّما المدار على المخارج الطبيعيّة ، فلو خرجت عن الاسم كجعل الضاد والظاء زاءً ، والقاف غيناً ، أو بالعكس ؛ لمقتضى العجميّة ، أو القاف همزة ؛ لمقتضى الشاميّة ، أو الظاء ضاداً ، وبالعكس ؛ لمقتضى العجميّة ، أو اشتباه العربية ، فَسَدَت وأُعيدت ، أو أفسدت على وجه.

(وفي العجز يقوم العُذر ، ولا يجب الائتمام ، ومع القدرة والتقصير في التعلّم يجب ذلك) (٣).

__________________

(١) أُرتِجَ على القارئ : إذا لم يقدر على القراءة كأنّه منع منها. المصباح المنير : ٢١٨.

(٢) في «ح» زيادة : أو ما يضيق الوقت بها لو أتمّها أو حصل له باعث قويّ على القطع من عجلة لأمر مهمّ أو مدافعة خبث أو نحو ذلك بعد الدّخول فيهما.

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٧٩

والمحافظة على الحركات والسكنات الداخلة في الكلمات ، أو الإعرابيّة والبنائيّة ممّا يُعدّ تركه لحناً في فنّ العربيّة ، فمتى بدّل ، فقد أبطل القراءة ، أو هي مع الصلاة ، على اختلاف الوجهين.

ولو وقف على المتحرّك ، أو وصل بالساكن ، أو فكّ المدغم من كلمتين ، أو قصر المدّ قبل الهمزة أو المدغم ، أو ترك الإمالة والترقيق ، أو الإشباع أو التفخيم أو التسهيل ونحوها من المحسّنات ، فلا بأس عليه.

وإبقاء همزة الوصل في الوصل زيادة مُخلّة ، كما أنّ حذف همزة القطع فيه مُخلّ.

ولا تجب معرفة قراءة القرّاء السبعة ، وهم : حمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، ونافع. ولا العشرة بإضافة يعقوب ، وخلف ، وأبي شعبة ، ولا التجسّس عليها ، وإنّما اللازم القراءة على نحو إعراب المصاحف ، وقراءة الناس.

ويجوز اتباع السبعة بل العشرة في عملهم لا في مذاهبهم ، كاحتسابهم السور الأربع أربعاً ، وإخراج البسامل من جزئيّة القرآن أو السور.

ثمّ لا يجب العمل على قراءتهم إلا فيما يتعلّق بالمعاني ، من حروف وحركات وسكنات بنية أو بناء ، والتوقيف على العشرة إنّما هو فيها. وأمّا المحسّنات في القراءة من إدغام بين كلمتين أو مدّ أو وقف أو تحريك ونحوها فإيجابها كإيجاب مقدار الحرف في علم الكتابة ، والمحسّنات في علم البديع ، والمستحبات في مذاهب أهل التقوى.

ولو أنّ مثل هذه الأُمور مع عدم اقتضاء اللسان لها من اللوازم ، لنادى بها الخطباء ، وكرّر ذكرها العلماء ، وتكرّر في الصلوات الأمر بالقضاء ، ولأكثروا السؤال في ذلك للأئمة الأُمناء ، ولتواتر النقل ؛ لتوفّر دواعيه.

ومراعاة قراءة أُبيّ لا تخلو من رجحان ؛ لما دل على أنّها توافق قراءة الأئمّة عليهم‌السلام ؛ لقول الصادق عليه‌السلام إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ، وإنما نحن فنقرأ على قراءة أُبي (١).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٦٣ ح ٢٧ ، الوسائل ٤ : ٨٢١ أبواب القراءة ب ٧٤ ح ٤.

١٨٠