كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

ومنها : قراءة سورة الواقعة والتوحيد في صلاة نافلة العشاء ، وفي الخبر : «من اشتاق إلى الجنّة وصفتها ، فليقرأ الواقعة ، ومن أحبّ أنّ ينظر إلى صفة النار ، فليقرأ سورة لقمان ، ومن قرأ الواقعة كل ليلة قبل أن ينام ، لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر» (١).

وفي خبر آخر «من قرأ الواقعة كلّ ليلة أحبّه الله ، وأحبّه الناس أجمعين ، ولم يرَ في الدنيا بؤساً أبداً ، ولا فقراً ، ولا فاقة ، ولا آفة من آفات الدنيا ، وكان من رفقاء أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهذه السورة لأمير المؤمنين عليه‌السلام خاصّة ، لم يشركه فيها أحد» (٢).

ومنها : قراءة هل أتى في الركعة الثانية من صلاة اللّيل.

ومنها : قراءة الإخلاص في الركعتين الأُوليين من صلاة اللّيل ، في كلّ واحدة ثلاثين مرّة ؛ لينفتل وليس بينه وبين الله ذنب.

ومنها : قراءة التوحيد مرّة مرّة ، أو ثلاثاً ثلاثاً في كل واحدة من ثلاثة الوتر ، وكلّما فرغ من الثلاثة قال : «كذاك أو كذلك الله ربّي».

ومنها : قراءة المعوّذتين في الشّفع : الفلق في الأُولى ، والناس في الثانية ، والتوحيد في الوتر.

ومنها : قراءة المعوّذتين والتوحيد في الوتر ، ليقال له : يا عبد الله قد قَبِلَ الله وِترَك.

ومنها : قراءة تسع سور رويت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاث ركعات الوتر ؛ في الأُولى : التكاثر ، والقدر ، والزلزال ، وفي الثانية : العصر ، والنصر ، والكوثر ، وفي المفردة من الوتر : الجحد ، والتوحيد ، وتبّت (٣).

ومنها : أن يقرأ في صلاة اللّيل ليلة الجمعة ؛ في الأُولى : الحمد والتوحيد ،

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١٤٤ ح ٣ ، أعلام الدين : ٣٧٨ ، الوسائل ٤ : ٧٨٤ أبواب القراءة ب ٤٥ ح ٤ و ٥.

(٢) أعلام الدين ٣٧٨ ، ثواب الأعمال : ١٤٤ ح ١ ، الوسائل ٤ : ٧٨٤ أبواب القراءة ب ٤٥ ح ٣.

(٣) مصباح المتهجد : ١٣٢ ، الوسائل ٤ : ٧٩٩ أبواب القراءة ب ٥٦ ح ١٠.

٤٨١

وفي الثانية : الحمد والجحد ، وفي الثالثة : الحمد والم سجدة ، وفي الرابعة : الحمد والمدثر ، وفي الخامسة : الحمد وحم سجدة ، وفي السادسة : الحمد والملك ، وفي السابعة : الحمد ويس ، وفي الثامنة : الحمد والواقعة والم ، ثمّ يوتر بالمعوّذتين والإخلاص.

وفي رواية : أنّ السابعة منها الحمد وسورة الملك ، والثامنة الحمد وهل أتى (١).

__________________

(١) مصباح المتهجد : ١٢٨ ، الوسائل ٤ : ٧٩٦ أبواب القراءة ب ٥٣ ح ١.

٤٨٢

كتاب الذكر

وفيه مقامات :

الأوّل : في أنّ ذكره تبارك وتعالى من أعظم الطاعات ، وشهد بذلك الكتاب في كثير من الآيات ، والأخبار المتواترات ، والسير القاطعات ، من أيّام أبينا آدم إلى هذه الأوقات ، وهو معدود من أعظم القُربات.

والعقل به شاهد ، مُستغنٍ عن أن يكون له من النقل مُعاضد ، ولا يقتصر منه على الذكر الخفيّ ، وإن كان رجحانه غير خفيّ ، فإنّ الإعلان باللّسان أبلغ في إظهار العبوديّة ممّا لم يطّلع عليه إنسان ، ولكلّ منهما جهة رجحان ، وبهما معاً جرت سيرة الأنبياء ، والخلفاء ، والعلماء ، والصلحاء ، كما لا يخفى على غَبيّ ، فضلاً عن ذكي.

الثاني : في أنّ ذكره راجح على كلّ حال ، فقد قال تعالى لموسى عليه‌السلام : «أنا جليس من ذكرني» (١). وقال تعالى في جواب موسى عليه‌السلام حيث قال : تأتي عليّ مجالس أعزّك وأجلّك أن أذكرك فيها : «إنّ ذكرى حسن على كلّ حال» وقال تعالى له : «ولا تدع ذكرى على كلّ حال ، فإنّ ترك ذكرى يقسي القلوب» (٢).

الثالث : في أنّه ينبغي ذكره تعالى في كلّ مجلس ، فعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٩٦ ح ٤ ، عدّة الداعي : ٢٥٠ ، الوسائل ٤ : ١١٧٧ أبواب الذكر ب ١ ح ١.

(٢) الكافي ٢ : ٤٩٧ ح ٧ ، علل الشرائع ١ : ٨١ ، عدّة الداعي : ٢٥٤ ، الوسائل ٤ : ١١٧٧ أبواب الذكر ب ١ ح ٢ ، وص ١١٧٩ ب ٢ ح ١.

٤٨٣

وسلم : «ما من مجلس يجتمع فيه أبرار وفجّار ، فيقومون على غير ذكر الله ، إلا كان عليهم حَسرة يوم القيامة» (١) وفي غيره إضافة «ذكر النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم» إلى ذكره (٢).

الرابع : تُستحبّ كثرة الذكر ؛ ليحبّه الله تعالى ، ويكتب له براءة من النار ، وبراءة من النفاق ، وليذكره الله ، وقال تعالى لموسى : اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكرى باللّيل والنهار تغنم (٣).

الخامس : الذكر في الخلوات ، فقد قال تعالى لعيسى عليه‌السلام : ألن لي قلبك ، واذكرني في الخلوات (٤).

السادس : يُستحبّ الذكر في ملأ (٥) الناس ، فقد قال تعالى لعيسى عليه‌السلام : «اذكرني في ملأ ، أذكرك في ملأ خير من ملأك) (٦). وفي البيت ؛ لتكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين.

السابع : يُستحبّ ذكر الله تعالى في كلّ واد ، ليملأ للذاكر حسنات.

الثامن : يُستحبّ لدفع الوسوسة.

التاسع : يستحبّ الذكر في الغافلين ؛ لأنّ الذاكر في الغافلين كالمقاتل عن الغازين.

العاشر : استحباب الذكر في النفس ، ورجحانه على (العلانية من بعض الوجوه) (٧).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٩٦ ح ١ ، الوسائل ٤ : ١١٧٩ أبواب الذكر ب ٣ ح ١ ـ ٢.

(٢) الكافي ٢ : ٤٩٦ ح ٢ ، الوسائل ٤ : ١١٨٠ أبواب الذكر ب ٣ ح ٢ ـ ٣.

(٣) الكافي ٢ : ٤٩٨ ح ١٠ ، وج ٨ : ٤٦ ح ٨ ، الوسائل ٤ : ١١٨٢ أبواب الذكر ب ٥ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٥٠٢ ح ٣ ، الوسائل ٤ : ١١٨٤ أبواب الذكر ب ٦ ح ٢.

(٥) الملأ : جماعة يجتمعون على رأي ، فيملئون العيون رواءً ومنظراً ، والنفوس كفاءً وجلالاً. مفردات الراغب : ٤٧٣.

(٦) الكافي ٢ : ٤٩٨ ح ١٢ ، المحاسن : ٣٩ ح ٤٤ ، عدّة الداعي : ٢٤٩ ، الوسائل ٤ : ١١٨٥ أبواب الذكر ب ٧ ح ١ ـ ٤.

(٧) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٤٨٤

الحادي عشر : يُستحبّ ذكر الله تعالى في السوق ؛ ليكتب له ألف حسنة ، ويغفر له يوم القيامة مغفرة لا تخطر على بال بشر.

(الثاني عشر : إنّ للذكر فضيلة خصوصيّة اللفظ ، ومحلّها اللّفظ العربي ، وتختلف مراتب فضيلته باختلاف فصاحته ، وبلاغته ، وفضيلة المعنى ، ويحصل أجرها بذكر أسمائه تعالى بالفارسيّة ، والرومية ، والعربيّة. وقد يقال بتفاوت الأجر بتفاوتها ، وتقديم بعضها على بعض على نحو ما سبق في ترجمة القراءة) (١).

ولكلّ من الأذكار الخاصّة ثواب خاصّ ، وأنحاؤها كثير :

منها : التحميد ثلاثمائة وستّين مرّة ، على عدد عروق البدن بقول : «الحمد لله ربّ العالمين كثيراً كما هو أهله» (٢) ، لأنّ عروق البدن مائة وثمانون متحرّكة ، ومائة وثمانون ساكنة.

ومنها : التحميد أربع مرّات في كلّ صباح ، ليؤدّي شكر يومه ، وفي كلّ مساء ، ليؤدّي شكر ليلته.

ومنها : قول «الحمد لله كما هو أهله» فإنّه يشغل كتّاب السماء.

ومنها : التحميد عند النظر إلى المرأة ، فإنّ الله أوجب الجنّة لشاب كان يُكثر النظر إليها ، ويُكثر الحمد (٣).

ومنها : التحميد عند تكاثر النعم.

ومنها : كثرة الاستغفار ؛ لأنّه خير الدعاء ، وإذا أكثر منها رفعت صحيفته تتلألأ ، وعنهم عليهم‌السلام استغفر ربّك في آخر اللّيل مائة مرّة ، فإن نسيت ، فاقض بالنهار (٤). ومنها : الاستغفار خمسة وعشرين مرّة في كلّ مجلس ، كما كان يفعل النبي صلّى

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) كذا ، والمأثور : الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كلّ حال ، انظر الوسائل ٤ : ١١٩٤ أبواب الذكر ب ١٨.

(٣) انظر الوسائل ٤ : ١١٩٦ أبواب الذكر ب ٢١.

(٤) مجمع البيان ١٠ : ٥٤٣ ، الوسائل ٤ : ١٢٠٠ أبواب الذكر ب ٢٣ ح ١١.

٤٨٥

الله عليه وآله وسلم (١).

ومنها : استغفار سبعين مرّة في كلّ يوم وإن لم يكن عليه ذنب ، ويتوب في ليلته سبعين مرّة ، كما كان يفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

ومنها : الاستغفار والتهليل ؛ لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «هما خير العبادة» (٣).

ومنها : الاستغفار بالأسحار ؛ فإنّ الله يدفع العذاب بذلك.

ومنها : الاستغفار للوالدين الكافرين ، إذا فارقهما ولم يعلم أنّهما أسلما أو لا.

ومنها : التكبير ، والتسبيح ، والتحميد ، والتهليل مائة مرّة كلّ يوم ؛ لأنّ الأوّل أفضل من عتق مائة رقبة. والثاني أفضل من سياق مائة بدنة. والثالث أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسُرُجها ولُجمها ، وركبها. والرابع يكون عامله أفضل الناس عملاً ذلك اليوم إلا من زاد.

ومنها : الإكثار من التسبيحات الأربع ، خصوصاً في الصباح والمساء ؛ فإنّ التسبيح يملأ نصف الميزان ، والحمد لله يملأ الميزان ، والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض ، وذكر للتحميد أجر عظيم.

ومنها : التهليل والتكبير ؛ لأنّه ليس شي‌ء أحبّ إلى الله تعالى من التهليل والتكبير ، ويكره أن يقال : الله أكبر من كلّ شي‌ء ، بل يقال : من أن يوصف. والتهليل أفضل الأذكار ، كما نطقت به الأخبار (٤).

وفي بعضها : إنّ الله تعالى قال لموسى عليه‌السلام : لو أنّ السماوات السبع ، وعامريهنّ عندي ، والأرضين السبع في كفّة ، ولا إله إلا الله في كفّة ، مالت بهنّ لا إله إلا الله (٥).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٣٦٦ ح ٤ ، الوسائل ٤ : ١٢٠٠ أبواب الذكر ب ٢٤ ح ١.

(٢) الكافي ٢ : ٣٦٦ ح ٥ ، الوسائل ٤ : ١٢٠١ أبواب الذكر ب ٢٥ ح ١.

(٣) الكافي ٢ : ٥٠٥ ح ٦ ، عدّة الداعي : ٢٦٥ ، الوسائل ٤ : ١٢٠١ أبواب الذكر ب ٢٦ ح ١.

(٤) انظر الوسائل ٤ : ١٢٢٣ أبواب الذكر ب ٤٤.

(٥) التوحيد : ٣٠ ح ٣٤ ، ثواب الأعمال : ١٥ ح ١ ، الوسائل ٤ : ١٢٢٤ أبواب الذكر ب ٤٤ ح ٣.

٤٨٦

ويُستحبّ رفع الصوت بها ؛ لتتناثر ذنوبه كورق الشجر.

ومنها : قول : «لا حَول ولا قوّةَ إلا بالله» ؛ لأنّ من ألحّ فيها ينفى عنه الفقر (١) ، ومن قالها ترتفع عنه الوَسوَسَة والحُزن.

ومع إضافة «العليّ العظيم» يندفع عنه تسعون نوعاً من البلاء ، أيسرها الخنق.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم عشر مرّات : «أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، إلهاً واحداً أحداً صمداً ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً» ؛ ليكتب الله له خمساً وأربعين ألف حسنة ، ويمحو عنه خمساً وأربعين ألف سيّئة ، ويرفع له خمساً وأربعين ألف درجة ، وليكونن له حرزاً في يومه من الشيطان والسلطان ، وليسلم من إحاطة كبيرة من الذنوب به ، وليكون كمن قرأ القرآن في يومه اثنتي عشرة مرّة ، ويبني الله له بيتاً في الجنّة.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم : «لا إله إلا الله حقّا حقّا ، لا إله إلا الله عبوديّة ورقّاً ، لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً» (٢) ؛ ليُقبل الله عليه بوجهه ، ولم يصرف وجهه عنه حتّى يدخل الجنّة. وفي رواية خمس عشرة مرّة (٣).

ومنها : أن يقول : «ما شاء الله ، لا حول ولا قوّة إلا بالله» سبعين مرّة ؛ ليصرف عنه سبعون نوعاً من أنواع البلاء.

ومنها : أن يقول : «اللهمّ إنّي أُشهدك ، وأُشهد ملائكتك المقرّبين ، وحملة عرشك المصطفين ، إنّك أنت الله ، لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم ، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك ، وأنّ فلان بن فلان إمامي ووليّي ، وأنّ آباءه رسول الله ، وعليّ ، والحسن ، والحسين ، وفلاناً ، وفلاناً حتّى ينتهي إليه أئمّتي ، وأوليائي ، على ذلك أحيى ، وعليه أموت ، وعليه أُبعث يوم القيامة ، وأبرأ من فلان وفلان» حتّى إذا مات ليلته دخل الجنّة.

__________________

(١) كذا ، والموجود في الوسائل : من ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول «لا حول ولا قوّة إلا بالله» ينفى عنه الفقر ، الوسائل ٤ : ١٢٢٩ أبواب الذكر ب ٤٧ ح ٨.

(٢) في «ح» : وتصديقاً ، بدل : وصدقاً.

(٣) ثواب الأعمال : ٢٤ ، المحاسن : ٣٢ ح ٢١ ، الوسائل ٤ : ١٢٣١ أبواب الذكر ب ٤٨ ح ٤.

٤٨٧

ومنها : أن يقول في كلّ يوم مائة مرّة : «لا حول ولا قوّة إلا بالله» ؛ ليدفع الله عنه بها سبعين نوعاً من البلاء ، أيسرها الهم.

ومنها أن يقول عشراً قبل طلوع الشمس ، وعشراً قبل غروبها ، وفي الرواية أنّها سنّة واجبة (١) ، وهي : «لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، لهُ الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي‌ء قدير».

وعشراً قبل طلوع الشمس ، وعشراً قبل غروبها : «أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين ، وأعوذ بك ربّ أن يحضرون ، إنّ الله هو السميع العليم» ، وإذا نسيت قضيت ، وروى بطور آخر (٢) ، وفيها واجب ومفروض ، ومن نسي شيئاً منه كان عليه القضاء (٣).

ومنها : أن يسبّح الله في كلّ يوم ثلاثين مرّة ؛ ليدفع عنه سبعين نوعاً من البلاء ، أدناها الفقر.

ومنها : أن يقول في كلّ يوم سبع مرّات : «أسأل الله الجنّة ، وأعوذ به من النار» ؛ لتقول النار : يا ربّاه أعذه منّي.

ومنها : أن يقول ثلاثين مرّة : «لا إله إلا الله الملك الحقّ المبين» ؛ ليستقبل الغنى ، ويستدبر الفقر ، ويقرع باب الجنّة.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٥٣٣ ح ٣١ ، الوسائل ٤ : ١١٥٥ أبواب الدعاء ب ٤٧ ح ١.

(٢) الكافي ٢ : ٥٣٣ ح ٣١ ، الوسائل ٤ : ١١٥٦ أبواب الدعاء ب ٤٧ ح ٢ ، ٣.

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤٨٨

ومنها : أن يقول في كلّ يوم سبع مرّات : «الحمد لله على كلّ نعمة كانت أو هي كائنة» ؛ ليكون قد شكر ما مضى ، وشكر ما بقي.

ومنها : أن يقول : «لا إله إلا الله» مائة مرّة ؛ ليكون أفضل الناس عملاً ذلك اليوم إلا من زاد.

ومنها : أن يقول مائة مرّة : «لا إله إلا الله [الملك] الحقّ المبين» ؛ ليعيذه الله من الفقر ، ويؤنس وحشته في القبر ، ويستجلب الغنى ، ويستقرع باب الجنّة.

ومنها : أن يكبّر الله عند المساء مائة تكبيرة ؛ ليكون كمن أعتق مائة نسمة.

ومنها : أن يقول : «سبحان الله» مائة مرّة ؛ ليكون ممّن ذكر الله كثيراً.

ومنها : أن يقول ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقوله في كلّ يوم إذا أصبح ، وطلعت الشمس : «الحمد لله ربّ العالمين كثيراً طيّباً على كلّ حال» ثلاثمائة وستّين مرّة شكراً.

ومنها : أن يحافظ على ما علّمه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي المنذر الجهني ، لمّا قال له : يا نبيّ الله ، علّمني أفضل الكلام ، فقال : «قل : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شي‌ء قدير ، مائة مرّة في كلّ يوم ، فأنت يومئذٍ أفضل الناس عملاً ، إلا من قال مثل ما قلت ، وأكثر من قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم. ولا تنسينّ الاستغفار في صلاتك ، فإنّها ممحاة للخطايا بإذن الله تعالى» (١).

ومنها : أن يقول أربعمائة مرّة شهرين متتابعين : «أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الحيّ القيوم ، بديع السماوات والأرض من جميع ظلمي ، وإسرافي على نفسي ، وأتوب إليه» ليُرزق كنز من علم أو كنز من مال.

ومنها : أن يقول ، من كانت به علّة ، على علّته في كلّ صباح أربعين مرّة مدّة أربعين يوماً : «بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربّ العالمين ، حسبنا الله ، ونعم الوكيل ، تبارك الله أحسن الخالقين ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم».

ومنها : ما يقال في الصباح والمساء ، وهو عدّة :

منها : أن يقول : «اللهمّ إنّي أُشهدك أنّه ما أصبح وأمسى بي من نعمة وعافية في دين أو دنيا ، فمنك ، وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ، ولك الشكر بها عليّ حتّى

__________________

(١) أمالي الطوسي ١ : ٣٥٦ ، الوسائل ٤ : ١٢٣٤ أبواب الذكر ب ٤٨ ح ٢٠.

٤٨٩

ترضى ، وبعد الرضا» إذا أصبح عشر مرّات ، وإذا أمسى عشراً ، ليُسمّى بذلك عبداً شكوراً.

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى : «اللهمّ إنّي أُشهدك أنّه ما أمسى وأصبح بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا ، فمنك ، وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ، ولك الشكر بها عليّ حتّى ترضى إلهنا» فإنّ نوحاً إنّما سمّي عبداً شكوراً ؛ لأنّه كان يقولها.

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى : «أصبحت وربّي محمود ، أصبحت لا أشرك بالله شيئاً ، ولا أدعو مع الله إلهاً آخر ، ولا اتخذ من دونه وليّاً» وإنّما وصف إبراهيم بالذي وفّى ، ودعي عبداً شكوراً ؛ لأنّه كان يقولها.

ومنها : أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرّات ، وقبل غروبها عشر مرّات : «لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، لهُ الملك ، ولهُ الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي‌ء قدير».

قال : عليه‌السلام ذلك في تفسير أية (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) (١) وذكر أنّها فريضة على كلّ مسلم (٢) ، ومراده تأكيد السنّة. وذكر الراوي زيادة «ويميت ويحيي» فقال : له : «قل مثل ما أقول».

وفسّر عليه‌السلام به أيضاً قوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ، وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) (٣) ، قال الراوي ، قلت : بيده الخير ، قال : «إنّ بيده الخير ، ولكن قل كما أقول عشر مرّات ، وأعوذ بالله السميع العليم حين تطلع الشمس ، وحين تغرب ، عشر مرّات» (٤).

وفي رواية أُخرى تقول : عشراً قبل طلوع الشمس ، وعشراً قبل غروبها : «أعوذ بالله السميع العليم من همزات الشياطين ، وأعوذ بك ربّ أن يحضرون ، إنّ

__________________

(١) طه : ٢٠.

(٢) الخصال : ٤٥٢ ح ٥٨ ح ، الوسائل ٤ : ١٢٣٦ أبواب الذكر ب ٤٩ ح ٤.

(٣) الأعراف : ٢٠٥.

(٤) الكافي ٢ : ٥٢٧ ح ١٧ ، الوسائل ٤ : ١٢٣٦ أبواب الذكر ب ٤٩ ح ٦.

٤٩٠

الله هو السميع العليم» ؛. (١)

ومنها : أن يقول ما كان عليّ عليه‌السلام يقوله إذا أصبح : «سبحان الله الملك القدّوس» ثلاثاً «اللهمّ إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك ، ومن تحويل عافيتك ، ومن فجأة نقمتك ، ومن درك الشقاء ، ومن شرّ ما سبق في اللّيل ، اللهمّ إنّي أسألك بعزّة ملكك ، وشدّة قوّتك ، وبعظيم سلطانك ، وبقدرتك على خلقك» ثمّ تسأل حاجتك (٢).

ومنها : أن يقول بعد الصبح : «الحمد لربّ الصباح ، الحمد لفالق الإصباح» ثلاث مرّات «اللهمّ افتح لي باب الأمر الذي فيه اليسر والعافية ، اللهمّ هيّئ لي سبيله ، وبصّرني مَخرجه ، اللهمّ إن قضيت لأحدٍ من خلقك مقدرة عليّ بالشرّ ، فخذه من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، ومن تحت قدميه ، ومن فوق رأسه ، واكفنيه بما شئت ، ومن حيث شئت ، وكيف شئت».

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى : «الحمدُ لربّ الصباح ، الحمد لفالق الإصباح» مرّتين «الحمد لله الذي أذهبَ اللّيل بقدرته ، وجاء بالنهار برحمته ، ونحن في عافية» ويقرأ أية الكرسي ، وآخر الحشر ، وعشر آيات من الصافّات ، «وسبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، و (الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ ، وَحِينَ تُصْبِحُونَ) ، ولهُ الحمد في السماوات والأرض ، وعشيّاً ، وحين تظهرون ، و (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) ، ويُحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون ، سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والروح ، سبقت رحمتك غضبك ، لا إله إلا أنت سبحانك ، إنّي عملت سوءاً ، وظلمت نفسي ، فاغفر لي ، وارحمني ، وتب عليّ ، إنّك أنت التواب الرحيم».

ومنها : أن يقول حين يطلع الفجر : «لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، لهُ الملك ولهُ الحمد ، يُحيي ويُميت ، وهو حيّ لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كلّ شي‌ء قدير»

__________________

(١) الكافي ٢ : ٥٣٣ ح ٣١ ، الوسائل ٤ : ١١٥٦ أبواب الدعاء ب ٤٧ ح ١.

(٢) الكافي ٢ : ٥٢٧ ح ٦ ، وص ٥٣٢ ح ٣٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٣٦ أبواب الذكر ب ٤٩ ح ٥.

٤٩١

عشر مرّات ، و «صلّى الله على محمّد وآله» عشر مرّات ، ويسبّح خمساً وثلاثين مرّة ، ويهلّل خمساً وثلاثين مرّة ، ويحمد خمساً وثلاثين مرّة ، فإنّه حينئذٍ لم يكتب في ذلك الصباح من الغافلين ، وإذا قالها في المساء لم يُكتب في تلك اللّيلة من الغافلين.

ومنها : أن يدعو بالدعاء المخزون ، وهو أن يقول : ثلاث مرّات إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى : «اللهمّ اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تُريد».

ومنها : أن يقول إذا أصبح وأمسى عشر مرّات : «اللهمّ ما أصبحت بي من نعمة أو عافية في دين أو دنيا فمنك ، وحدَك لا شريكَ لك ، ولكَ الحمد ، ولكَ الشكر بها عليّ يا ربّ حتّى ترضى ، وبعد الرضا» ؛ ليكون قد أدّى شكر ما أنعم الله به عليه في ذلك اليوم ، وتلك اللّيلة.

ومنها : أن يكبّر الله مائة تكبيرة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ؛ ليكتب الله له من الأجر كأجر من أعتق مائة رقبة ، ومن قال : «سبحانَ الله وبحمده» كتبَ الله له عشر حسنات ، وإن زادَ زادَه الله تعالى.

ومنها : أن يقول حين يُمسي ثلاث مرّات : «سبحان الله حين تُمسون ، وحين تُصبحون ، ولهُ الحمدُ في السماوات والأرض ، وعشيّاً ، وحين تظهرون» حتّى لا يفوته خير في تلك اللّيلة ، ويصرف عنه جميع شرّها. وإن قال مثل ذلك حين يُصبح ، لم يَفُته خير يكون في ذلك اليوم ، وصرفَ عنه جميع شرّه.

ومنها : أن يُسبّح الله تعالى مائة تسبيحة ؛ ليكون أفضل الناس ذلك اليوم ، إلا من قال مثل قوله.

ويُستحبّ الجلوس مع الذين يذكرون الله تعالى ، ومع الذين يتذاكرون العلم ، فإن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «بادروا إلى رياض الجنّة» قالوا : يا رسول الله ، ما رياض الجنّة ، قال : «حلق الذكر» (١).

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٩٣ ح ٨٨٥ ، أمالي الصدوق : ٢٩٧ ح ٢ ، معاني الأخبار : ٢٣١ ح ١ ، أعلام الدين : ٢٧٥ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٢٣٤ ، الوسائل ٤ : ١٢٣٩ أبواب الذكر ب ٥٠ ح ١.

٤٩٢

وروى عنهم عليهم‌السلام ، عن لقمان عليه‌السلام أنّه قال لابنه : «اختر المجالس على عينك ، فإن رأيت قوماً يذكرون الله تعالى ، فاجلس معهم ؛ فإن تكُ عالماً ، نفعك علمك ؛ وإن تكُ جاهلاً علّموك ، ولعلّ الله يُظلّهم برحمة ، فتعمّك معهم ؛ فإذا رأيت قوماً لا يذكرون الله ، فلا تجلس معهم ؛ فإنّك إن تكُ عالماً ، لا ينفعك علمك ؛ وإن تكُ جاهلاً ، يزيدوك جهلاً ، ولعلّ الله أن يظلّهم بعقوبة فتعمّك معهم» (١).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الملائكة يمرّون على حلق الذكر ، فيقومون على رؤسهم ، فيبكون لبكائهم ، ويؤمّنون على دعائهم إلى أن قال فيقول الله لهم : اشهدوا أنّي قد غفَرتُ لهم ، وآمنتهم ممّا يخافون ، فيقولون : ربّنا إنّ فيهم فلاناً ، ولم يذكرك ، فيقول : قد غفرتُ له بمجالسته لهم ، فإنّ الذاكرين ممّن لا يشقى بهم جليسهم» (٢).

ويتحقّق الذكر : بذكر أسماء الله تعالى ، وصفاته الخاصّة ، أو العامة ، مع إرادة الله منها ، مُفردة أو مُركّبة ، مُفيدة أو غير مُفيدة ، وبما يرجع إليه من ضمير أو إشارة.

وكذا بكلّ ما يشتمل على تعظيمه ، ومنه قول : بحول الله تعالى ، وبكلّ ما فيه مُناجاة الله ، وتكليمه ، مع إفادة المعنى.

وذكر بعض حروف الكلمة ليس من الذكر ، وكذا ما ذكر مَقلوباً ، وما نثرت فيه الحروف نثراً ، بحيث لا يترتّب عليها صوغ الكلمة.

والظاهر أنّ المحرّم منه لدخوله في الغناء ، أو فيما أضرّ الناس ، أو في خطاب الأجنبيّات مع التلذّذ لا يُعدّ من الذكر.

وأسماء العلماء ، والصلحاء ، والأنبياء ، والأوصياء السابقين لا يلحق ذكرهم بالذكر ، وإن كان راجحاً.

وأمّا أسماء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والزهراء عليها‌السلام ، والأئمّة عليهم‌السلام فلا يبعد فيها الإلحاق ، لكنّ الاحتياط أن لا تلحق إلا مع الإضافة إلى ذكر

__________________

(١) الكافي ١ : ٣٩ ح ١ ، علل الشرائع : ٣٩٤ ح ٩ ، الوسائل ٤ : ١٢٣٩ أبواب الذكر ب ٥٠ ح ٢.

(٢) إرشاد القلوب : ٦٢ ، أعلام الدين : ٢٨٠ ، عدّة الداعي : ٢٥٦ ، الوسائل ٤ : ١٢٣٩ أبواب الذكر ب ٥٠ ح ٤.

٤٩٣

الله تعالى ، فينبغي الاقتصار في ذكرهم في الصلاة على الإضافة أو الإدخال في ضمن الدعاء ، كالصلاة عليهم ، ونحوها.

والإخلال ببِنية الكلماتِ مُفسد لها في الواجبات والمندوبات من الصلوات ، ولا يستتبعها في العبادة فساد ، سواء خرجت عن العربيّة إلى غيرها من اللغات ، أو بقيَت في الاسم ، ودخلت في المحرّفات.

وأمّا الإخلال بما يعرض للبِنية من إعرابات ونحوها ، من الأُمور الخارجيّات ، فإفساده مقصور على الواجبات ، ويختصّ فيها ، دون ما دخلَت فيه من العبادات ، ودون ما كان فيها من المندوبات ، ويجري مثلها في الدعوات.

بخلاف قراءة ما في القرآن من السور والآيات ، فإنّ المحافظة فيها على مشهور القراءات من الأُمور الواجبات لا المسنونات.

(والظاهر أنّ كُلا من القراءات والذكر والدعاء ليس من العبادات الخاصة التي يُعاقب على فعلها مع الخلوّ عن نيّة القربة ، بل ممّا يتوقّف ثوابها على النيّة ، إلا إذا دخل شي‌ء منها ضمن عبادة خاصة) (١).

وروى : أنّه يكره أن يقال : الحمد لله منتهى علمه ، قال عليه‌السلام : لأنّ علمه ليس له انتهاء ، بل يقال : مُنتهى رضاه (٢).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «ح».

(٢) التوحيد : ١٣٤ ح ١ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ١١٦٨ أبواب الدعاء ب ٥٨ ح ١ ـ ٢.

٤٩٤

كتاب الدعاء

الدعاء مُستحبّ في نفسه ، عقلاً وشرعاً ، والآيات والروايات والإجماع والضرورة شاهدة عليه. وفيه معظم الشرف بعد شرف العبوديّة والخدمة ؛ لأنّ الداعي يكون في مقام الخطاب والمناجاة والتكلّم مع الله تعالى.

والاستكبار عنه حرام ، بل مكفّر ، وفسّرت في أخبار كثيرة أية (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (١) بأنّهم المستكبرون عن الدعاء والعبادة : الدعاء (٢).

وفي الخبر : «لو أنّ عبداً سدّ فاهُ ، ولم يسأل ، لم يُعطَ شيئاً ، فاسأل تُعطَ» (٣).

وفي آخر : «من لم يَسأل الله من فضله افتقر» (٤) إلى غير ذلك.

وللدعاء ثواب مقدّر ، ومقامات وكيفيّات ، فلا بدّ فيه من بيان أُمور تُستحبّ مُراعاتها :

__________________

(١) المؤمن : ٦٠.

(٢) الكافي ٢ : ٤٦٦ ح ٥١ ، عدّة الداعي : ٣٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٣ أبواب الدعاء ب ١ ح ١ ـ ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٤٦٦ ح ٣ ، عدّة الداعي : ٢٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٤ أبواب الدعاء ب ١ ح ٥.

(٤) الكافي ٢ : ٤٦٧ ح ٤ ، عدّة الداعي : ٢٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٤ أبواب الدعاء ب ١ ح ٦.

٤٩٥

منها : المحافظة على العربيّة ، فإنّ للدّعاء فضلاً من جهة اللفظ ، وهذا مخصوص بالألفاظ العربيّة ، وتختلف مراتبه أجراً باختلافه فصاحةً وبلاغةً ، (وفضلاً من جهة المعنى ، وهذا تستوي فيه اللّغات. وقد يقال : بترجيح بعض اللّغات على بعض ، على نحو ما تقدّم في بحث ترجمة القرآن) (١).

ومنها : الإكثار من الدعاء ، فقد فُسّر «الأوّاه» في الرواية بالدعاء (٢) ، وفي اخرى : «سل تعط ، إنّه ليس من باب يُقرع إلا يُوشك أن يُفتح لصاحبه» (٣).

وفي أُخرى : «إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كان رجلاً دَعّاءً» (٤).

وفي اخرى : «الدعاء ترس المؤمن ، ومتى تُكثر قرعَ الباب ، يُفتح لك» (٥).

وفي أخبار كثيرة : «أكثروا من الدعاء» (٦).

ومنها : استحباب الدعاء زيادة على غيره من العبادات ، ففي الأخبار : «إنّ أفضل العبادة الدعاء ، وإنّه ما من شي‌ء أفضل عند الله تعالى من أن يُسأل ، ويُطلب ممّا عنده ، وإنّ أحبّ الأعمال إلى الله تعالى الدعاء ، وإنّ كثرة الدعاء أفضل من كثرة القراءة» (٧).

ومنها : استحباب الدعاء في الحوائج ، وإلا تُرمى بالاحتقار ؛ لقولهم عليهم‌السلام : «إنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار» (٨).

ومنها : تسمية الحاجة ، وإن كان الله تعالى أعلم بها ، كما في الرواية (٩).

ومنها : كون الدعاء قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ؛ فإنّها ساعتا إجابة وغَفلة.

ومنها : الدعاء بردّ البلاء ؛ فإنّه يردّه ، وقد أُبرم إبراماً.

__________________

(١) هذا الأمر ليس في «م» ، «س».

(٢) الكافي ٢ : ٤٦٦ ح ١ ، عدّة الداعي : ٣٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٥ أبواب الدعاء ب ٢ ح ١.

(٣) الكافي ٢ : ٤٦٧ ح ٣ ، عدّة الداعي : ٢٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٥ أبواب الدعاء ب ٢ ح ٢.

(٤) الكافي ٢ : ٤٦٨ ح ٨ ، عدّة الداعي : ٣٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٥ أبواب الدعاء ب ٢ ح ٣.

(٥) الكافي ٢ : ٤٦٨ ح ٤ ، عدّة الداعي : ١٦ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٥ أبواب الدعاء ب ٢ ح ٤.

(٦) الكافي ٨ : ٧ ح ١ ، عدّة الداعي : ٣٠ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٦ أبواب الدعاء ب ٢ ح ٨٦.

(٧) الكافي ٢ : ٤٦٦ ح ١ و ٢ و ٨ ، عدّة الداعي : ١٤ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٩ أبواب الدعاء ب ٣ ح ١ و ٢ و ٤ و ٦.

(٨) الكافي ٢ : ٤٧٦ ح ٦ ، الوسائل ٤ : ١٠٩٠ أبواب الدعاء ب ٤ ح ١.

(٩) الكافي ٢ : ٤٧٦ ح ١ ، الوسائل ٤ : ١٠٩١ أبواب الدعاء ب ٥ ح ١ ، ٢.

٤٩٦

ومنها : الدعاء عند الخوف من الأعداء ، وعند توقّع البلاء ؛ فإنّه يردّ البلاء وقد قُدّر وقُضي ، فلم يبقَ إلا إمضاؤه ، ويَدفعُ البلاء النازل ، وغير النازل ، ويردّ القضاء ، وقد أُبرم إبراماً ، ويردّ ما يُقدّر ، وما لم يُقدّر.

وورد في الأخبار : أنّه أنفذ من سنان الحديد ، وسلاح المؤمن ، وسلاح الأنبياء ، وعمود الدين ، ونور السماوات والأرض ، وإذا اشتدّ الفزع ، فإلى الله المفزع ، وخير الدعاء ما صدر من صدرٍ نقيّ ، وقلب تقي (١).

ومنها : التقدّم بالدعاء في الرخاء قبل نزول البلاء ، ففي الأخبار : «من سرّه أن يُستجاب له في الشدّة ، فليكثر الدعاء في الرخاء. تعرّف إلى الله في الرخاء ، يَعرِفكَ في الشدّة. ومن تقدّم في الدعاء ، استجيب له إذا نزل البلاء ، وقيل : صوت معروف ، ولم يُحجب عن السماء ، ومن لم يتقدّم به لم يُستجب له ، وقالت الملائكة : صوت لا نعرفه» (٢).

ومنها : الدعاء بعد نزول البلاء ، ففي الأخبار : «إنّه يقصّر مدّة البلاء» (٣).

ومنها : الدعاء عند نزول المرض والسّقم ، روي عنهم عليهم‌السلام : «عليك بالدعاء ، فإنّه شفاء من كلّ داء» (٤).

وأن يقول المريض : اللهمّ اشفني بشفائك ، وداوني بدوائك ، وعافني من بلائك ، فإنّي عبدك وابن عبدك.

ومنها : رفع اليدين بالدعاء ، روي : أنّه التضرّع المراد بقوله تعالى (وَما يَتَضَرَّعُونَ) وأنّ الرغبة : أن تبسط يديك ، وتظهر باطنهما ، والرهبة : أن تظهر ظاهرهما.

والتضرّع : تحريك السبّابة اليمنى يميناً وشمالاً.

والتبتّل : تحريك السبابة اليُسرى ترفعها إلى السماء وتضعها.

__________________

(١) انظر الكافي ٢ : ٤٦٨ ، وعيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ٣٧ ح ٩٥ ، وعدّة الداعي : ١٦ ، والوسائل ٤ : ١٠٩٤ أبواب الدعاء ب ٨.

(٢) الكافي ٢ : ٤٧٢ ح ١ ، دعوات الراوندي : ١٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٩٦ أبواب الدعاء ب ٩.

(٣) الكافي ٢ : ٤٧١ ح ٢١ ، الوسائل ٤ : ١٠٩٨ أبواب الدعاء ب ١٠ ح ١ ٢.

(٤) الكافي ٢ : ٤٧٠ ح ١ ، دعوات الراوندي : ١٨ ، الوسائل ٤ : ١٠٩٩ أبواب الدعاء ب ١١ ح ١.

٤٩٧

والابتهال : تبسط يدك وذراعك إلى السماء. والابتهال حين ترى أسباب البكاء.

وإذا سألت فببطن كفّيك ، وإذا تعوّذت فبظهر كفّيك ، وإذا دعوت فبإصبعيك ، وورد غير ذلك (١).

ومنها : مسح الوجه والرأس والصدر باليدين عند الفراغ من الدعاء.

ومنها : حُسن النيّة ، وحُسن الظنّ بالإجابة ؛ لقوله عليه‌السلام : «إذا دعوتَ فأقبل بقلبك ، ثمّ استيقن بالإجابة. وإذا دعوت فاقبل بقلبك ، وظنّ حاجتك بالباب ، ولا يقبل الله تعالى دعاء قلب ساهٍ أو لاهٍ» (٢).

ومنها : ترك الاستعجال في الدعاء ، فإنّ الله تعالى لم يزل في حاجته ما لم يستعجل ، ولم يزل المؤمن بخير ورجاء رحمة من الله تعالى ما لم يستعجل ، فيقنط ، ويترك الدعاء.

ومنها : ترك اللحن ؛ فقد ورد : أنّ فضيلة الرجل تظهر بقراءة القرآن كما أُنزل ، ودعائه الله تعالى من حيث لا يلحن (٣).

ومنها : الإلحاح في الدعاء ، فقد روي : «والله لا يلحّ عبد مؤمن على الله تعالى في حاجته إلا قضاها الله تعالى له» (٤).

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله تعالى يُحبّ السائل اللّحوح» (٥).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رحمَ الله عبداً طلبَ حاجة ، فألحّ في الدعاء» (٦).

وفي التوراة : يا موسى ، مَن رجاني ألحّ في مسألتي (٧).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٧٩ ح ١ ٤ ، معاني الأخبار : ٣٦٩ ، الوسائل ٤ : ١١٠١ أبواب الدعاء ب ١٣.

(٢) الكافي ٢ : ٤٧٣ ح ١ ـ ٣ ، دعوات الراوندي : ٣٠ ح ٦١ ، عدّة الداعي : ٢٠ ، الوسائل ٤ : ١١٠٥ أبواب الدعاء ب ١٥ ، ١٦.

(٣) عدّة الداعي : ٢٣ ، الوسائل ٤ : ١١٠٧ أبواب الدعاء ب ١٨ ح ١.

(٤) الكافي ٢ : ٤٧٥ ح ٣ ، عدّة الداعي : ١٥٥ ، الوسائل ٤ : ١١٠٩ أبواب الدعاء ب ٢٠ ح ١.

(٥) دعوات الراوندي : ٢٠ ح ١٥ ، عدّة الداعي : ١٥٥ ، الوسائل ٤ : ١١١٠ أبواب الدعاء ب ٢٠ ح ٩.

(٦) الكافي ٢ : ٤٧٥ ح ٦ ، عدّة الداعي : ٣٢ ، الوسائل ٤ : ١١١٠ أبواب الدعاء ٢٠ ح ١٠.

(٧) أعلام الدين : ٣٢٨ ، عدّة الداعي : ١٥٦ ، الوسائل ٤ : ١١١١ أبواب الدعاء ب ٢٠ ح ١١.

٤٩٨

وفي زبور داود : يقول الله تعالى : يا ابن آدم تسألني ما ينفعك فلا أُجيبك ، لعلمي بما ينفعك ، ثمّ تلحّ عليّ بالمسألة فأُعطيك ما سألت (١).

وعنه عليه‌السلام : إنّ الله تعالى يُؤخر إجابة المؤمن ؛ حُبّاً لسماع صوته ونحيبه ، وغيره يعجل بإجابته ؛ بُغضاً لسماع صوته (٢).

ومنها : أن يقال في الدعاء قبل تسمية الحاجة : يا الله عشراً ، ويا ربّ عشراً ، ويا الله يا ربّ ، حتّى ينقطع النفس ، أو عشراً. وأيّ ربّ ثلاثاً ، وياأرحم الراحمين سبعاً.

أو في السجود : يا الله يا ربّاه يا سيّداه. أو يا ربّ يا الله يا ربّ يا الله ، حتّى ينقطع نفسه ؛ ليُجاب التلبية ، ويقال له : سل حاجتك.

ومنها : أن يكبّر الله تعالى ، ويسبّحه ، ويحمده ، ويهلّله ، ويصلّي على محمّد وآله مائة مرّة قبل الدعاء ؛ لطلب الحور العين ؛ ليكون ذلك مَهرها. ولعلّه يتمشّى في كلّ دعاء.

ومنها : أن يقال بعد الدعاء : «ما شاء الله ، لا حول ولا قوّة إلا بالله» ؛ ليقول الله تعالى : «اقضوا حاجته».

ومنها : قول : «ما شاء الله» ألف مرّة ؛ ليرزق الحجّ من عامه ؛ فإن لم يرزق فيه ، أخّره الله تعالى إلى أن يرزقه.

ومنها : الصلاة على محمّد وآله في أوّل الدعاء ، ووسطه ، واخره ؛ فإنّ كلّ دعاء محجوب عن السماء حتّى يصلّى على محمّد وآله.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اجعلوني في أوّل الدعاء ، ووسطه ، واخره» (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام مَن كانت لهُ إلى الله تعالى حاجة ، فليبدأ بالصلاة

__________________

(١) أعلام الدين : ٣٢٨ ، عدّة الداعي : ٢١١ ، الوسائل ٤ : ١١١١ أبواب الدعاء ب ٢٠ ح ١٢.

(٢) الكافي ٢ : ٤٨٩ ح ٣ ، قرب الإسناد : ٣٨٦ ح ١٣٥٨ ، أمالي الصدوق : ٢٤٥ ، الوسائل ٤ : ١١١١ أبواب الدعاء ب ٢١ ح ١.

(٣) الكافي ٢ : ٤٩٢ ح ٥ ، عدّة الداعي : ١٦٦ ، الوسائل ٤ : ١١٣٦ أبواب الدعاء ب ٣٦ ح ٧.

٤٩٩

على محمّد وإله ، ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآله ، فإنّ الله تعالى أكرم من أن يقبل الطرفين ، ويدع الوسط (١).

ومنها : التوسّل في الدعاء بمحمّد وآله ، فإنّ الصادق عليه‌السلام كان أكثر ما يلحّ في الدعاء على الله بحقّ الخمسة : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأمير عليه‌السلام ، والزهراء ، والحسنين عليهم‌السلام (٢).

وعن أبي جعفر عليه‌السلام : «إنّ عبداً مكث في النار سبعين خريفاً ، والخريف : سبعون سنة ، ثمّ إنّه سأل الله تعالى بحقّ محمّد وأهل بيته لما رحمتني ، فأوحى الله إلى جبرئيل أن اهبط إلى عبدي فأخرجه ، فقال له تعالى : يا عبدي كم لبثت في النار؟ فقال : لا أُحصي يا ربّ ، قال : وعزّتي وجلالي ، لولا ما سألتني به لأطلت هوانك ، ولكنّي ضمنت على نفسي أن لا يسألني عبد بحقّ محمّد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه ، وقد غفرت لك اليوم» (٣).

والكلمات اللاتي تلقّاها آدم من ربّه ، وسأله بحقّها أن يتوب عليه فتاب عليه : محمّد ، وعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، عليهم‌السلام ؛ فإنّه سأله بحقّهم أن يتوب عليه. وهي الكلمات الّتي ابتلي بها إبراهيم حيث دعا الله تعالى بحقّهم أن يتوب عليه ، فتاب عليه.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكني أقول : كانت توبة آدم ، ونجاة نوح من الغرق ، ونجاة إبراهيم من النار ، وجعلها عليه برداً وسلاماً ، ورفع خيفة موسى حين ألقى العصا بالسؤال بحق محمّد وآل محمّد» (٤).

وروى : أنّ يعقوب عليه‌السلام توسّل بهم في ردّ يوسف عليه‌السلام ، فرُدّ ، (٥).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٩٤ ح ١٦ ، عدّة الداعي : ١٦٧ ، الوسائل ٤ : ١١٣٧ أبواب الدعاء ب ٣٦ ح ١١.

(٢) الكافي ٢ : ٥٨٠ ح ١١ ، الوسائل ٤ : ١١٣٩ أبواب الدعاء ب ٣٧ ح ١.

(٣) أمالي الصدوق : ٥٣٥ ح ٤ ، الخصال : ٥٨٤ ح ٩ ، معاني الأخبار : ٢٢٦ ح ١ ، ثواب الأعمال : ١٨٥ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٨٢ ، الوسائل ٤ : ١١٣٩ أبواب الدعاء ب ٣٧ ح ٢.

(٤) أمالي الصدوق : ١٨١ ح ٤ ، الوسائل ٤ : ١١٤٠ أبواب الدعاء ب ٣٧ ح ٦.

(٥) أمالي الصدوق : ٢٠٨ ح ٧ ، الوسائل ٤ : ١١٤١ أبواب الدعاء ب ٣٧ ح ٧.

٥٠٠