كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

فلا على إشكال.

الثالث : أن لا يكون [من الذهب] هو أو جزؤه ولو جزئيّاً أو طليه ممّا يُعدّ لباساً أو لبساً ، ولو مجازاً بالنسبة إلى الذهب من الذهب ؛ إذ لبسه ليس على نحو لبس الثياب ؛ إذ لا يُعرف ثوب مصوغ منه ، فلبسه إمّا بالمزج أو التذهيب أو التحلّي أو التزيين بخاتم ونحوه.

وأمّا المحمول منه والموضوع على ظاهره وضعاً أو في بعض مغابنه والمشدود به فلا بأس به.

والأقرب عدم المنع في السلاح وما يتبعه ، والضبّ للأسنان ، أو بعض الأعضاء ، والوجود في البواطن لا بأس به.

(وما ورد من جواز ضبّ الأسنان بالذهب (١) يؤذن بجواز الحمل في الصلاة) (٢).

وحكم المنع مخصوص في حقّ الرجل ، والخنثى المشكل ، والممسوح.

ولا بأس بالمحمول ، مسكوكاً أو لا ، مُتخذاً للنفقة أو لا.

ويحرم لبسه في نفسه ، وللصّلاة ذاتاً ، وتشريعاً ؛ فيجمع في لبسه فيها ثلاثة آثام ، ثالثها إفساد الصلاة.

والظاهر أنّه من الشرائط الوجوديّة ، يستوي فيه عالم الحُكم وجاهله ، وعالم الموضوع وجاهله ، والناسي والغافل.

ولبس الإجبار والاضطرار لا يترتّب عليه فساد.

والممزوج مزجاً يخرجه عن الاسم خارج عن الحكم ، والمشكوك في خروجه عن الاسم بالخلط داخل في المنع. وما شكّ في زوال الاسم عنه ، يستصحب فيه بقاء الاسم ، والمشكوك في أصله يُبنى على منعه.

وصلاة المميّز إن قلنا بصحّتها يُشترط فيها ما اشترط في صلاة المكلّف.

ولو دارَ بين الذهب والمذهّب ، قويَ اختيار الثاني.

__________________

(١) انظر الوسائل ٣ : ٣٠٢ أبواب لباس المصلي ب ٣١.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٢١

ولو كان في ذيل الثوب مما يجرّ على الأرض ، ولا يُسامت البدن ، فلا بأس به ، كما في غيره من اللباس الممنوع عنه في الصلاة ، سوى الغصب إذا دخل في اسم الانتفاع للصّلاة ، أو التصرّف.

ويجري الحكم في الأجزاء المنسيّة ، والركعات الاحتياطيّة ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر والتلاوة ، وصلاة الجنازة على إشكال ، ولا سيّما في الأخير.

الرابع : أن لا يكون من الحرير والقز المحض ، أو المخلوط بنادرٍ لا يدخله في اسم المخلوط في صلاة الذكَر وإن لم يبلغ والخنثى والممسوح فيما يعدّ ملبوساً ؛ لا محمولاً ، ولا موضوعاً ، ولا جزءاً ، كالعلم أو الرقاع ما لم تبعث على الاسم ؛ ولا ملفوفاً أو مشدوداً ، كخرق الجبيرة ، وعصائب الجروح والقروح ، وحفيظة المسلوس والمبطون ؛ ولا موضوعاً في البواطن ، كخرقة المستحاضة ؛ ولا متّصلاً مجروراً على الأرض لا يُسامت البدن.

ويدخل فيه الحزام ، والرداء ، والعمامة ، والقلنسوة ، وما يوضع فيه القدم.

ويخرج عن المنع ما لا يستر العورتين في ذي العورتين ، أو الأربع أو الثلاث أو الواحدة فيما له ذلك ، أو البعض في المقطوع. ويحتمل كون المدار على عورة الرجل والمرأة المعتادة ، ومع النقص أو الزيادة يؤخذ بالفرض.

والمدار في كلّ شخص على حاله ، لا على الوسط ، وإلا جاز كون تمام الثوب الساتر لتمام البدن حريراً بالنسبة إلى بعض ، ومنع الساتر بمقدار عُشر العورة بالنسبة إلى بعض آخر ، ومع اختلاف حاله بالسمن والهزال يختلف حكمه باختلاف الأحوال.

وهذا الشرط كغيره من الشرائط سوى الإباحة والطهارة من الخبث وجوديّ ، لا علميّ.

والمراد عدم ستره لعدم سعته ، لا لخروقه ، ولا لرقّته ، مع بقائه على حاله ، لا مع فرض التصرّف به بإدخال عرضه بطوله أو بالعكس. ولو أتى عليهما بدورانه على حاله ، عُدّ ساتراً.

٢٢

والمشكوك في حريريّته كالمقطوع بها ، والشاكّ يرجع إلى العارفين. ولو اختلفوا رجّح بالعدالة والأكثرية ، (ومع التعادل والاختلاف بالنفي المطلق والإثبات يُؤخذ بقول المثبت ، ولو ادّعى النافي نوعاً خاصّاً رجع مثبتاً على إشكال) (١).

ولو دار الأمر بين اللّبس والتعرّي ، قدّم التعرّي.

ويكفي إخبار صاحب اليد ، واستعمال المسلم في معرفة نوعه وتجويز الصلاة.

والحشو في المحشوّ ليس ملبوساً ، بخلاف الوجهين.

وفرشه والكون تحته كالفسطاط والدثار به حال الصلاة لا بأس به على إشكال.

ولبسه في الصلاة لمن يحرم عليه مستتبع للمعصية من وجوه ثلاثة : الحُرمة الذاتيّة ، والصلاتيّة (٢) ذاتيّة ؛ وتشريعيّة. ولو كان في الأثناء كان وجه رابع ، وهو إفساد الصلاة ، وفي غير الصلاة ونحوها الحرمة الذاتيّة فقط.

وليس على النساء تحريم ذاتاً ولا عارضاً.

الخامس : أن لا يكون كلا أو بعضاً نجساً ، كالمتّخذ من شعر الكلب والخنزير. وفي تمشية العفو عمّا لا تتم به الصلاة وحده (٣) وجه قوي ، والأقوى خلافه فيه ؛ لدخوله تحت غير مأكول اللّحم ، بخلاف الكافر ، وكذا ما كان من الميتة من مأكول أو غيره.

ولا متنجّساً بشي‌ء من النجاسات أو المتنجّسات بدرجة أو درجات ، قلّ موضع الإصابة أو كثُر ، ممّا لم يُعفَ عنه من قليل الدم الناقص عن الدرهم البغلي المصوغ من ثمانية دوانيق ، لا المصوغ من أربعة دوانيق ، وهو الطبري ، والإسلامي الذي اتخذه عبد الملك بن مروان ، بجمعه الأوّلين ، واتخاذ نصف مجموعهما درهماً ، وقد مرّ الكلام في تقديره ، بشرط أن يكون من طاهر العين : من الإنسان غير الدماء الثلاثة ، ومن مأكول اللّحم من الحيوان ، أو مطلق النجاسة فيما لا تتم الصلاة به وحده ، من

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) في «م» ، «س» زيادة : وفي وجه.

(٣) في «ح» زيادة : من جهة النجاسة كشعر الكافر.

٢٣

طاهر العين أو نجسها ، من الإنسان ، وممّا يؤكل لحمه من الحيوان ، حيّاً أو ميّتاً ، دون ما لا يؤكل لحمه منه ، حيّاً أو ميّتاً ، طاهر العين أو نجسها ، أو بول الرضيع من أولاد المسلمين الكائن قبل الإزالة وبعدها في المربيّة مع جمع الشرائط ، أو دم الجروح ، والقروح مع الشروط بالنسبة إلى المجروح والمقروح ، أو الدم فيما يتبع اللّباس من قطنة المستحاضة ، وحفيظة المسلوس والمبطون ، مع التطهير قبل الدخول في الصلاة ، أو مطلق النجاسة في طرف من الثوب مسحوب على الأرض لا يُسامت بعض بدن اللابس ، تحرّك بحركته أو لا ، وضعه تحت قدميه أو لا. وقد مرّ تفصيل الحال ، فلا حاجة إلى الإطالة في المقال.

ولو وجد من الماء ما يغني في طهارة الثوب أو البدن ، لا فيهما معاً ، أو في الشعار أو الدثار ، قدّم الوسطان احتياطاً ، ولا سيّما الأوّل منهما.

ولو دار الأمر بين تطهير ما يتوجّه إليه المنع من وجه واحد ، كغالب النجاسات ، أو من وجهين ، كدم غير مأكول اللحم من طاهر العين ودم الكافر حيين ، أو دار بين ذي الجهتين كما مرّ في القسمين وبين ذي ثلاث ، كما إذا كانا منهما ميّتين ، أو من حيوان حيّ نجس العين ، أو ذي ثلاث وأربع ، كما بينها وبين حيوان ميّت نجس العين ، لزم تقديم الأخير في النزع أو التطهير في المقامات الثلاثة.

ويقدّم المتنجّس مع بقاء العين على ذي النجاسة الحكميّة ، وغليظ النجاسة على خفيفها ، وكثيرها على قليلها ، ومتعدّد الأنواع على متّحدها.

ولو تعارضت الجهات لوحظت الترجيحات ، ومع التساوي يبني على التخيير ، ويقدّم في النزع ما كان كلّه من نجس العين أو بعضه على مقابله من المتنجّس به. ويحتمل تقديم البعض على الكلّ في الكلّ ويجب تخفيف النجاسة مع الأوّل إلى العفو (ومطلقاً) (١) في وجه قويّ.

ولو دار الأمر بين لبس المتنجّس والتعرّي ثبت الخيار ، والأحوط التعرّي ، وتختلف مراتبه باختلاف الشدّة والضعف ، والكثرة والقلّة.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٢٤

وهذا بتمامه مقتضى الاحتياط في يقين البراءة بعد يقين الشغل ، وأصالة عدم الصحّة في العبادة ، لكن خلوّ الأخبار وكلام الأصحاب يوقع فحول العلماء في الاضطراب ، غير أنّ الأخذ بالحائطة طريق النجاة.

السادس : أن لا يكون من جلد ميتة نجسة ، أو جلد ميّت نجس أُخذ من حيّه ، أو من جلد إنسان حيّ أو ميّت ، بعد تطهيره أو قبله ، ولا من بعض أبعاض ما ذُكر من غير الجلود ، من الأمعاء ونحوها.

وما كان طاهراً من غير ذوات النفوس فلا بأس به من جهة الموت.

وما كان من أبعاضها طاهراً ولم يمت ؛ لعدم حلول الحياة فيه : من شعر ، أو صوف ، أو وبر ، أو عظم ، أو ظفر ، مع كونها من حلال اللّحم على كراهة أو بدونها لا بأس بالصلاة فيه.

ويستوي في المنع القليل والكثير ، فيما تتم به الصلاة وما لا تتمّ ، وما يُسمّى لباساً في العادة وغيره. فلو وضع وضعَ الخاتم ، والحلقة ، والحلي ، والحبل لشدّ الرأس أو الظهر أو البطن ، أو القلادة ، أو في السلاح ، أو وقعت منه أجزاء صغار على اللباس حال الصلاة فسدت.

وأمّا المحمول ظرفاً ولا ربط له في الاستعمال ميتة أو جزؤها ، فلا يقضي بالفساد ، والأحوط تركه.

ومجهول التذكية محكوم بعدمها فيه ، سواء وجد في أرض الإسلام أو سوقه ولم يظهر عليه أثر الاستعمال ، أو في أرض الكفر.

أمّا لو ظهر عليه الاستعمال ، كنعل أو خفّ أو حذاء ونحوها مستعملة ، أو التعرّض له ، كأن يوجد مفصّلاً ، وكذا غير الجلد إذا ظهر سبق الانتفاع به ، أو الإعداد له ، كالطبخ للّحم ، والتقطيع له ، وكان في أرض المسلمين أو سوقهم حكم بتذكيته.

وإذا استقرّت عليه يد مسلم ، مع العلم أو الشك بإرادة الملك أو الانتفاع (١) أو الوكالة

__________________

(١) في «ح» زيادة : لا مع العلم بقصد الإلقاء.

٢٥

أو الولاية لمثل ذلك ، سبقتها يد الكافر أو لا ، تعقّبتها أولا ، مستح كان المسلم لجلد الميتة بالدباغ وكانت مدبوغة أولا ، أو كان في سوق المسلمين ، أو في أرضهم ، ولم يعلم بصاحب اليد فلا بأس به.

ولو اشترك السوق أو الأرض أو اليد ، قدّمت جهة الإسلام. والمدار في الإلحاق على الغلبة ، دون السلطان.

ولو وجد في يد المسلمين أو أرضهم أو سوقهم مع احتمال إرادة الإلقاء لم يحكم عليه بالتذكية.

ولو ترافع الكافر والمسلم فيه ، وكلّ يدّعيه ، بقي على الحكم بعدم التذكية حتّى يحكم به للمسلم ، ولا يبنى هنا على ترجيح الأرض والسوق.

ومع الحكم بالتذكية وحصول الشبهة يستحبّ الاحتياط ، إلا في الأُمور العامّة ، كالبرغال والقضاغي : فانا قد بيّنا سقوط الاحتياط عن النجاسة والتحريم في الأُمور العامّة.

ويد الكافر غالبة على أرض المسلمين وسوقهم.

ولو علم وجوده في السوقين ، وعليه آثار التصرّف أو اليدين ، علم التاريخ أو جهل ، بنى على التذكية. وفي الأرضين مع سبق الإسلام يقوى ذلك ، وفي خلافه يقوى خلافه.

ولو اضطر قدّم طاهر العين من مأكول اللّحم على مثله من غير المأكول ؛ لتحريم الأوّل من وجه ، والثاني من وجهين ، وعلى نجس العين من الحيوان ؛ لتحريم هذا من ثلاثة وجوه ، النجاسة مع الوجهين السابقين.

ويقدّم غير المأكول ميّتاً من طاهر العين على الميّت من نجس العين ؛ لانحصار المنع في الأوّل في وجهين ، ومحتمل التذكية وإن كان بحكم المقطوع بعدمها على المقطوع بالعدم.

ولو اندفعت الضرورة بلبس الصغير والكبير ، قدّم الصغير.

ولو دار الصغير في حقّ المرأة بين وضعه على العورتين ، وعلى غيرهما ، قدّم وضعه عليهما.

٢٦

ولو ربط شي‌ء منه بطرف الثوب ، وبقي مسحوباً على الأرض ، ولم يدخل في اسم الاستعمال في الصلاة ، لم يكن بأس.

ولو دار بين اللّبس والتعرّي ، تعيّن الثاني. والمدار في إثبات هذه الفروع الاعتماد على القاعدة الممهّدة المقرّرة.

السابع : أن لا يكون مُحرّماً من جهة خصوص الزي ، كلباس الرجال للنساء ، وبالعكس ، ولباس الشهرة البالغة حدّ النقص والفضيحة. والحاصل أنّ كلّما عرضت له صفة التحريم بوجه من الوجوه لا تصحّ به الصلاة على الأقوى.

الثامن : أن لا يكون من حيوان غير إنسان له لحم لا يجوز أكله شرعاً حال التذكية وعدمها ، بالأصل أو بالعارض : لوطء ، أو جلاليّة لم يتعقّبها استبراء ، أو شرب لبن خنزيرة يتولّد منه نبات لحم أو اشتداد عظم ، برّي أو بحري ، ذي نفس أو لا ، ولا من نسلهما في وجه قوي ، من جلد مدبوغ أو غير مدبوغ ، وريش ، وصوف ، وشعر ، ووبر ونحوها ، جعلت لباساً أو جزءاً للباس ، وما التصق منها ومن الرطوبات بالثوب أو البدن ، من بول أو غائط أو دم ، ولو في مقام العفو فيها ، أو عرق أو بصاق أو نخامة أو قيح أو دمع عين إلى غيرها من الرطوبات ، دون ما كان من إنسان ، من نفسه أو من غيره ، أو من غير ذي لحم ، كزنبور ، وبعوض ، وخنفساء ، وعقرب ، ودود ، وديدان ، وقراد ، وقمل ، وبرغوث ، وهكذا. فلا بأس بالشمع والعسل ، ونحوهما.

وقضيّة إطلاق جواز التلبيد في الحجّ ، بل ظهوره فيما بعضه الشمع من الشواهد على ذلك.

وما كان من مكروه اللّحم من المحلل ومباحه ، فالمحلل منه والمحرّم كالبول والروث سواء. ولو تكوّن حال التحريم ، وخرج بعد الاستبراء أو بالعكس ، فالمدار على حال الخروج.

وما كان من المحمول الصرف من حيوان غير مأكول اللّحم أو أبعاضه ظاهراً ، أو المتّصل فضلاً عن المنفصل باطناً في الفم أو الأنف مثلاً فلا بأس به.

٢٧

وهذا شرط وجوديّ يستوي فيه عالم الحكم وجاهله ، وعالم الموضوع وجاهله ، والغافل ، والناسي ، والمختار. وأمّا المجبور فيقوى جواز صلاته.

ولو اضطر إلى لبسه لحرّ أو بردٍ ، صحّت صلاته فيه.

ولو دار بين العراء واللّبس ، قدّم العراء.

وجميع أقسامه متساوية في المنع : من سمّور ، وفنك ، أو ثعلب ، أو أرنب ، أو سنجاب ، أو حواصل.

ولو قيل بالترتيب مع الدوران بين هذه المراتب ، بتقديم السنجاب ، ثمّ الحواصل ، ثمّ الثعالب والأرانب ، ثمّ الفنك ، والسمور كان قريباً (سوى جلد الخز ووبره) (١).

وقد اختلفت الأخبار وكلمات الأصحاب في تحقيق حقيقته ، ففي رواية أنّه كلب الماء (٢). وفي اخرى سبع يرعى في البرّ ، ويأوي إلى الماء (٣). وفي ظاهر أُخرى : «دابّة تخرج من الماء ، أو تُصاد من الماء ، فإذا فقدت الماء ماتت» (٤).

وقيل : هو القندس إن كان ذا إلية ، وإلا فهو كلب (٥).

وقيل : وبر السمك ، وهو معروف بمصر (٦).

وقيل : دابّة صغيرة تشبه الثعلب ، ترعى في البرّ وتنزل بالبحر ، لها وبر يعمل منه ثياب (٧) ، وربّما قيل فيه غير ذلك (٨).

والظاهر أنّ المدار على ما يتداول عليه إطلاق الاسم بين التجار ، والمشكوك فيه

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : سوى الخزّ دون سائر الأجزاء ومن غير الرطوبات ، والجميع معروف وأما الخز.

(٢) الكافي ٦ : ٤٥١ ح ٣ ، التهذيب ٩ : ٤٩ ح ٢٠٥ ، علل الشرائع ٢ : ٣٥٧ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٢٦٣ أبواب لباس المصلّي ب ١٠ ح ١ ، وج ١٦ : ٤٥٩ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٣.

(٣) التهذيب ٩ : ٤٩ ح ٢٠٥ ، الوسائل ١٦ : ٤٥٨ أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٩ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٠ ح ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١١ ح ٨٢٨ ، الوسائل ٣ : ٢٦١ أبواب لباس المصلّي ب ٨ ح ٤.

(٥) نقله الفاضل الهندي الأصفهاني في كشف اللثام ٣ : ١٩١ عن الشهيد في حاشية الكتاب عن بعض مدمني السفر.

(٦) الذكرى : ١٤٤.

(٧) مجمع البحرين ٤ : ١٨.

(٨) انظر الروضة البهيّة ١ : ٥٢٧.

٢٨

يجب اجتناب الصلاة فيه. وقد مرّ بيان أحكام النجاسات مفصّلاً.

التاسع : أن لا يكون مانعاً عن بعض الواجبات ، كالمانع عن السجود لضيقه ، أو عظمه ، أو صلابته ، أو استيلائه ، أو نحوها ، عن الإتيان ببعض الواجبات ، ككفّين يمنعان الكفّين ، أو سراويل كثير القطن يمنع الركبتين ، أو خفّ أو نعل ونحوهما يمنع الإبهامين ، أو عمامة أو قناع يستغرق الجبهة ، أو لثام أو نقاب يمنعان القراءة ، إلى غير ذلك.

ولو اضطر إلى لبس نوع من الأنواع كان المقدّم على الجميع المتنجّس ، والمؤخّر عنها الحرام ، وشبهه. وبين الإبريسم والذهب للرّجل ، والميتة ، وما لا يؤكل لحمه مع كونهما من طاهر العين مساواة. ويحتمل تقديم الأخيرين على الأولين. وما كان من نجس العين مؤخر عن الأولين والأخيرين.

والحاصل أنّه إذا تعارضت الأنواع ، قُدّم الأشدّ على غيره ، والأجمع على غيره ، ومع تعارض الشدّة والجمع يؤخذ بالميزان ، وإذا تعارضت الأفراد من كلّ نوع ، لوحظ فيها الأكثر والأقلّ ، والعينيّة والحكميّة.

ويجب تقليل الثياب ، وتخفيف المانع.

وأولى الثياب بالنزع أو التطهير للرّجال ما جمع بين الفضيّة ، والذهبيّة ، والحريريّة ، والميتيّة ، وعدم المأكوليّة ، والتنجسيّة مع العينيّة ، وزيّ النساء ، ومفوت بعض الواجبات ، وغير الساتر.

ويجب الاقتصار مع الضرورة على ما قلّت جهة مانعيّته ، وضاق مقدار سعته.

ولو أمكن تخفيف الممنوع من لبسه بالقطع ، احتمل وجوبه ، ما لم يلزم منه ضرر في المال. والعمل على مثل هذه التدقيقات يبعده ما يظهر فيه المسامحة بترك التعرّض له في كلام الأصحاب ، وفي الروايات.

وكلّما شكّ فيه من المذكورات يجب التجنّب عنه إلا ما تعلّق بأحكام النجاسات (١).

وتشترك جميع أوضاع اللّباس في الإفساد في الغصب. ويعتبر اللبس دون الاتصال

__________________

(١) في «ح» زيادة : ويجري في الفراش ، والدثار ، ونحوهما مع استلزام العلوق حكم ما تعلق عنها.

٢٩

والحمل في إفساد الحرير ، والذهب ، والمتنجّس. واللّبس أو الاتصال في غير المأكول اللّحم. وإلحاق جلد الميتة بهذا القسم لا يخلو من قُرب.

ويستوي العلم والجهل بالموضوع أو الحكم والنسيان فيما عدا المغصوب والمتنجّس وغير الساتر ، فإن المنع فيها خاص بالعلم (وقيل بالفرق في الناسي بين العلم بالوقت وخارجه ، فيعيد ولا يقضي (١)) (٢).

ويستوي الجميع في عدم الإفساد في الجبر على إشكال.

(وفي قوله عليه‌السلام حيث سئل عن الرجل يمسّ أنفه في الصلاة فيرى دماً : «إن كان يابساً فليرم به الأرض» (٣) إرشاد إلى عدم نجاسة الباطن ، وعدم ضرر الحمل ، وكذا في قطع البثور في أمر النجاسة ، وقد يلحق بها غيرها) (٤).

المقام الرابع : في بيان المستحبّات

تُستحبّ الصلاة بالعِمامة. والتحنّك بها ولبس السراويل ؛ فإنّ الصلاة بكلّ واحدٍ منها تعدل أربع صلوات.

والإكثار ممّا يصحبه في الصلاة من لباس ، وغيره ؛ لأنّه يسبّح.

وبخاتم فصّه من عقيق ؛ لتُحسب الصلاة به بألف صلاة ، وبخاتم فصّه من الجَزع اليماني ؛ لتُحسب بسبعين صلاة ، وهو الحرز اليماني الصيني فيه سواد وبياض ، تشبّه به العين. والنعل العربيّة.

وللعاري الذي لا لباس له أو عنده مئزر يستر بعض البدن أن يضع على عاتقه شيئاً ، ولو حبلاً أو خيطاً ، وكلّما كان أوسع أو أغلظ كان أولى. ولعلّ جعله من جنس ما يلبس ، ثمّ ما يلبس في الصلاة أولى ، والوضع على العاتقين أولى من الوضع على العاتق الواحد.

ولبس الأخشن والأغلظ إذا كان وحده.

ويُستحبّ تعدّد الثوب ، وأن يكون بالغاً في الستر ، واختيار السليم من الشبهة ،

__________________

(١) الدروس الشرعية ١ : ١٥١.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٣) الكافي ٣ : ٣٦٤ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٢٤ ح ١٣٢٧ ، الوسائل ٢ : ١٠٣١ أبواب النجاسات ب ٢٤ ح ٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٣٠

ولبس ما يعتاده المتّقون ؛ لتميل القلوب إليه ، ولبس البياض ، والساتر لما بين السرة ونصف الساق.

المقام الخامس : في بيان المكروهات

تُكره الصلاة بثوب واحد يحكي الحجم وحده. وأقلّ منه كراهة ما لا يحكي مع وحدته بالنسبة إلى ما قابل العورة.

وبالثياب السود التي بينها وبين البيض كمال الضدّية ، لا كل ما لم يكن أبيض ويؤيّده أنّ عليّ بن الحسين عليه‌السلام لبس الأزرق (١) ، أو جميع ما كان مخالفاً للبياض من جميع الألوان ، عدا العمامة ، والخفّ ، والكساء.

وكلّما اشتدّ السواد ، اشتدّت الكراهة. والمبعّض تتوزّع الكراهة على مقداره.

والتوشّح والاتزار فوق القميص ، خصوصاً للإمام.

ولبس الأحمر ، والمزعفر ، والمعصفر المشبع المفدم.

واشتمال الصماء ، ويسمّى التحاف الصمّاء ، وهو على ما قيل : إدخال الثوب تحت الجناح ، وجعله على منكب واحد (٢).

وقيل : أن يتجلّل بثوبه ، ولا يرفع منه جانباً (٣).

وقيل : أن يجلّل جسده بثوبه على نحو شملة الأعراب بأكسيتهم ، وهو أن يردّ الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ، ثمّ يردّه ثانية من خلفه على يده اليمنى وجانبه الأيمن ، ويغطّيهما جميعاً (٤).

وقيل : إنّ الشملة الصمّاء التي ليس تحتها قميص ولا سراويل (٥).

وقيل : مع نسبة القول إلى الفقهاء هي أن يشتمل بثوبٍ واحدٍ ليس عليه غيره ،

__________________

(١) انظر الكافي ٦ : ٤٤٩ ح ٣ ، الوسائل ٣ : ٣٦١ أبواب أحكام الملابس ب ١٨ ح ٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٤ ، الفقيه ١ : ١٦٨ ، التهذيب ٢ : ٢١٤.

(٣) تذكرة الفقهاء ٢ : ٥٠٣ ، ونقله عن الهروي في الذكرى : ١٤٧.

(٤) القاموس المحيط ٢ : ١٤٢.

(٥) العين ٦ : ٢٦٦.

٣١

ثمّ يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه ، فتبدو برميه عورته (١). وقيل غير ذلك.

وينبغي العمل على الجميع ؛ إذ لا مُنافاة ؛ ولأن النفي لا يعارض الإثبات.

ولبس ما يستر ظهر القدم ولا ساقَ له ، ويكفي من الساق مسمّاه ، والمخيط به يتبعه في الجواز ، والملبوس معه من غير خياطة له حكم نفسه.

وما ستر البعض لا كراهة فيه. وما استغرق تمام ظهرها ولم يستر لعدم كثافته تجري فيه كراهته. وكذا في المخرّق ما لم تتّسع خروقه فيخرج عن اسم الساتر.

وترك التحنّك ، وهو التلحّي عبارة عن إدارة جزء من العمامة تحت حنكه من الجانب الأيمن أو الأيسر ، ولعلّ الأوّل أولى ، ولا يستدعي استغراق الحنك ؛ لقوله عليه‌السلام من صلّى مقتعطاً فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلا نفسه (٢). وقال الصدوق : سمعت مشايخنا يقولون : لا تجوز الصلاة في طابقيّة ، ولا يجوز للمتعمّم أن يصلّي إلا وهو متحنّك (٣).

وترك الرداء للإمام ، والظاهر تخصيصه بذي الثوب الواحد ، والعباءة من الرداء ، والظاهر أنّه يغني عنه القباء.

واستصحاب الحديد بارزاً ، والأولى أن يكون في غلاف ، ولبس اللّباس للذي فيه مظنّة النجاسة ، أو الغصب.

وفي خلخال له صوت ، بخلاف الأصم ، وفي ثوب فيه تماثيل ، وخاتم فيه صورة ، والظاهر أنّ المدار على صورة الحيوان ، دون النبات والشجر ونحوهما.

واللثام للرّجل ، والنقاب للمرأة ، إذا لم يمنعا عن القراءة ونحوها ، وإلا حرُما.

وفي القَباء المشدود ، قيل : هو عربيّ من القبو ، وهو الضم والجمع (٤) ، وقيل : معرّب (٥) وفسّره بعضهم : بأنّه قميص ضيّق الكمين مفرج المقدّم والمؤخّر (٦). والمراد

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٢ : ٥٠٣ ، ونقله أبو عبيدة عن الفقهاء كما في الصحاح ٥ : ١٩٦٨ ، ولسان العرب ١٢ : ٣٤٦.

(٢) عوالي اللآلي ٢ : ٢١٤ ح ٦.

(٣) الفقيه ١ : ١٧٢.

(٤) المصباح المنير ٢ : ١٦٧.

(٥) نقله الفاضل الهندي الأصفهاني في كشف اللثام ٣ : ٢٦١.

(٦) نقله الفاضل الهندي في كشف اللثام ٣ : ٢٦١ ، عن عيسى بن إبراهيم الربعي في نظام الغريب.

٣٢

بالشد : شدّ بعضه ببعض ، فيكون ضيقاً كلباس العجم ، أو ما يصنع بعض أهل الصحراء من شدّ أحد طرفي الثوب بالطرف الأخر ، ولعلّ قول من قال «يكره أن يصلّي مشدود الوسط (١)» يُريد به ذلك.

فما روته العامّة من قوله : «لا يصلّي الرجل وهو محتزم» (٢) لأعمل عليه ، أو يُنزّل على ما ذكر ، أو يراد بالاحتزام أن يتأهّب كتأهّب المحارب ، ولعلّ التحزّم أولى ؛ لأنّه أوفق بالستر.

وفي البُرطلة ؛ لأنّ الطواف بالبيت صلاة ، ولأنّها من زيّ اليهود.

وفي الثوب المصلّب الذي في طرفيه خطوط.

(وتستحبّ إعادة الصلاة في ثوب فيه مني أمَرَ الجارية بغسله ثمّ رأى فيه ، وربّما يتسرى وتلغى الخصوصيّة ، بخلاف ما إذا غسله بنفسه ، وفي ثوب نجس اضطر إلى استعماله ، وترك زيادة الاعتناء بتطهيره من دم غيره على دم نفسه) (٣).

خاتمة

فيما يتعلّق باللباس من جهة ذاته ممّا يدخل فيه حقيقة أو مجازاً ، وما يشبهه من فراش أو حال أو مال وفيه مباحث :

الأوّل : فيما يحرم منه وهو أُمور :

منها : ما يترتّب عليه الإنكار التام ؛ لبعثهِ على الشهرة.

ومنها : ما يقضي بتشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، تشبّهاً ظاهراً.

__________________

(١) الدروس ١ : ١٤٨ ، مسالك الأفهام ٢ : ٤٩ ، جامع المقاصد ٢ : ١٠٩.

(٢) جامع المقاصد ٢ : ١٠٩ ، مسالك الأفهام ٢ : ٤٩.

(٣) ما بين القوسين زيادة في هامش «ح».

٣٣

ومنها : لباس التبختر والخيلاء ، فإنّ من اختال نازع الله تعالى في جبروته ، وحفّ الله به شفير جهنّم ، وكان قرين قارون.

ومنها : لباس سائر المحرّمات ، وقد عُلمت سابقاً.

ومنها : فرش المحترمات ، كأثواب الكعبة ، والضرائح المقدّسة ، إلا لقصد التبرّك ونحوه.

ومنها : (فرش ما تعلق من غير المأكول ولا يمكن إزالته ، أو متنجّس تسري نجاسته الى المصلي حال الصلاة) (١).

المبحث الثاني : في المستحبّات

وهي أُمور :

منها : إظهار النعمة ؛ لأنّه أحبّ عند الله تعالى من الصيانة ، ولأنّه يسمّى حبيب الله ، محدّثاً بنعمةِ الله ، وإذا لم تظهر عليه سُمّي بغيض الله ، مكذّباً بنعمة الله ؛ ولأنّه يكره للرّجل أن لا يظهر نعمة الله.

ومنها : أن يتزيّا بزيّ أهل زمانه.

ومنها : التجمّل ، فإنّ الله يحبّ الجمال ، ويكره التبؤس.

ومنها : تكثير الثياب وإجادتها.

ومنها أن يتزيّا بأحسن زيّ قومه.

ومنها : أن يلبس اللّباس الفاخر ، ويظهر أمواله إذا رُمي بالفقر وإن كان فقيراً ، كما صنعه عليّ عليه‌السلام في إظهاره المال لطلحة والزبير ، والحسن عليه‌السلام ، وعلي بن الحسين عليه‌السلام ، في إرسال كلّ واحدٍ منهما ألف للمصدّق ، لإثبات صفة الغنى (٢).

ومنها : استشعار الغليظ منها.

ومنها : تزيّن المسلم للمسلم ، وللغريب ، ولأهله وأصحابه. وأن ينظر في

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «ح».

(٢) انظر الوسائل ٣ : ٣٤٢ أبواب أحكام الملابس ب ٣.

٣٤

المرأة ، ويتمشّط.

ومنها : التزيّن لأعداء الدين بقدر المقدور.

ومنها : سعة الجرّبان ، وهو الجيب في الثوب ، فعن الصادق عليه‌السلام : «أنّه ونبات الشعر في الأنف أمان من الجذام» أمّا سمعت قول الشاعر : ولا ترى قميصي إلا واسع الجيب واليد. وسعة الأكمام.

ومنها : أن يلبس ويتزيّن بالفاخر في زمان اتّساع الأُمور على الخلق ، وبالردي‌ء في زمان الضيق ، وبذلك اختلف حال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحال أكثر الأئمّة عليهم‌السلام.

ومنها : أن يتشبّه الشباب بالكهول في اللّباس أو الأوضاع.

ومنها : التعمّم قائماً ، والتسرول جالساً.

المبحث الثالث : في المكروهات

وهي أُمور :

منها : ما فيه تشبّه النساء بالرجال ، وبالعكس في الجملة.

ومنها : ما فيه أثر الخيلاء ، ولم يبلغ حدّ الخطر.

(ومنها : ما فيه التماثيل) (١).

ومنها : استعمال ما فيه خلاف الجمال.

ومنها : لبس السواد فيما عدا الخفّ والعمامة والكساء.

ومنها : التزيّي بزيّ أعداء الله ، وأهل النار ، فعن الصادق عليه‌السلام : «أوحى الله إلى نبيّ : قل للمؤمنين : لا تلبسوا لباس أعدائي ، ولا تطعموا طعام أعدائي ، ولا تسلكوا مسالك أعدائي ، فتكونوا أعدائي ، كما هم أعدائي» (٢).

ومنها : ما فيه شُهرة ، من لباسٍ أو زينة أو دابّةٍ ، ولو كان مُستحبّ الأصل ، كالعصى

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) الفقيه ١ : ١٦٣ ح ، علل الشرائع : ٣٤٨ ح ٦ ، الوسائل ٣ : ٢٧٩ أبواب لباس المصلّي ب ١٩ ح ٨.

٣٥

والحَنَك من غير مَن به القُدوة ، وقد تبلغ الشهرة مبلغاً يبعث على التحريم ؛ لأن الشهرة خيرها وشرّها في النار ، وكفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً يُشهره أو يركب دابّة تُشهره ، ومن لبس ثوباً يُشهره كساه الله تعالى يوم القيمة ثوباً من النار (١).

ويكره تشبّه الكهول بالشباب ؛ أعمّ من أن يكون باللباس أو الأوضاع.

ويكره اتخاذ أكثر من ثلاثة فرش ؛ واحد لهُ ، وآخر لعياله ، وآخر لضيفه ، وينزّل على غير متّسع الدائرة.

ومنها : مباشرة الشي‌ء الدني‌ء ؛ لبساً ، وحملاً ، وعملاً مثلا ؛ لئلا يُستخفّ به ، وربّما يرجح مع الأمن من ذلك.

(ومنها : لبس جلد ما لا يُؤكل لحمه ممّا لا تجوز فيه الصلاة في غير الصلاة من غير دَبغ على الأظهر ، وإن قيل : إنّ التحريم قول الأكثر (٢)) (٣).

المبحث الرابع : في خصوص الثياب المتعلّقة بما بين الرأس ومنه الرقبة والقدم

وفيه بحثان :

الأوّل : فيما يستحبّ فيها ولها ،

وهو أُمور :

منها : نظافة الثوب من الأقذار ، شرعيّة أو عُرفيّة ؛ لأنّ التنظيف من الثياب يكبت العدوّ ، ويذهب الغمّ ، والحزن ، وهو طهور للصّلاة (٤).

ومنها : لبس الثوب الحسن من خارج للنّاس ، والخَشِن من داخل لله (٥).

__________________

(١) هذه نصوص الأخبار ، انظر الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب أحكام الملابس ب ١٢ ح ٣٥٤.

(٢) قال الشهيد الأوّل في الدروس ١ : ١٥١ ويجوز لبس غير المأكول في غير الصلاة إذا كان طاهراً في حال الحياة ذكيا ، والأشهر اشتراط دبغه.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) انظر الوسائل ٣ : ٣٤٦ أبواب أحكام الملابس ب ٦.

(٥) انظر الوسائل ٣ : ٣٥٠ أبواب أحكام الملابس ب ٨.

٣٦

ومنها : لبس السراويل ؛ لأنّ الأرض شَكَت إلى الله تعالى ممّا رأت من عورة بعض الأنبياء ، فاتّخذ شيئاً يسترها عن الأرض (١).

ومنها : لبس البياض ؛ لأنّه أطيب وأطهر ، وفيه تشبّه بالأنبياء (٢).

ومنها : لبس ثياب القُطن ؛ لأنّه لباس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام (٣).

ومنها : تقصير الثياب ، وهو إحدى الثلاثة التي من عرفهنّ لم يدعهنّ : تشمير الثياب ، وجزّ الشعر ، ونكاح الإماء (٤).

ومنها : لبس الكَتّان ؛ لأنّه من لباس الأنبياء ، ويُنبت اللّحم (٥).

ومنها : لبس الصفيق من الثياب دون ما يشفّ.

ومنها : قطع القميص الطويل.

ومنها : طيّ الثياب.

ومنها : تشميرها إلى نصف الساق.

ومنها : قطع الرجل ما زاد من الكُمّ على أطراف الأصابع ، وما زاد من الثوبين على الكعبين ، دون المرأة.

(ومنها : لبس الحليّ للمرأة فلا تصلّي عَطلاء) (٦).

ومنها : لبس الثوب الغليظ والخَلَق في البيت ، لا بين الناس.

ومنها : لبس السراويل من قعود ؛ ليوقي وجع الخاصرة (٧).

ومنها : لبس القميص قبل السراويل.

__________________

(١) علل الشرائع : ٥٨٤ ح ٢٩ ، الوسائل ٣ : ٣٥٣ أبواب أحكام الملابس ب ١١ ح ١.

(٢) الكافي ٦ : ٤٤٥ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٣٥٥ أبواب أحكام الملابس ب ١٤ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ٤٤٦ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ٣٥٧ أبواب أحكام الملابس ب ١٥ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ٤٨٤ ح ١ ، الفقيه ١ : ٧٥ ح ١٠٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٤ أبواب أحكام الملابس ب ٢٢ ح ١.

(٥) الكافي ٦ : ٤٤٩ ح ١ ، الوسائل ٣ : ٣٥٧ أبواب أحكام الملابس ب ١٦ ح ١.

(٦) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٧) الكافي ٦ : ٤٧٩ ح ٧ ، الوسائل ٣ : ٤١٦ أبواب أحكام الملابس ب ٦٨ ح ١.

٣٧

ومنها : كسوة أخيه المؤمن ؛ ليكسوه الله تعالى من الثياب الخُضر في الجنّة (١).

ومنها : الوضوء وصلاة ركعتين للبس الثوب الجديد يقرأ فيهما : الفاتحة ، وآية الكرسي ، وقل هو الله أحد ، والقدر.

ومنها : قراءة القدر ستّ وثلاثين مرّة ، وإخراج شي‌ء من الماء ، ورشّ بعضه على الثوب الجديد رشّاً خفيفاً ، ثمّ صلاة ركعتين ، أو قراءتها اثنين وثلاثين مرّة على إناء جديد فيه ماء ، ورشّه على الثوب الجديد ، أو قراءة القدر والتوحيد والجحد عشراً عشراً على قَدَحٍ فيه ماء ثمّ رشّه ، كلّ ذلك عند لبسه.

ومنها : الذكر عند لبس الجديد بالتحميد أو التهليل أو الاستغفار أو الحوقلة.

ومنها : الدعاء ، وقد ورد بأنحاء ، وله أن يأتي منها ومن غيرها بما شاء.

ومنها : التسمية عند النزع.

ومنها : لبس الثياب من الجانب الأيمن.

ومنها : الإكثار ممّا يُعجبه من الثياب.

البحث الثاني : فيما يكره منها ولها

وهو أُمور :

منها : لباس العجم ، كأطعمتهم ، فعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا تزال الأُمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم ، ويطعموا أطعمة العجم ، فإذا فعلوا ذلك رماهم الله تعالى بالذلّ (٢). ولعلّ المراد بالعجم الكفّار.

ومنها : لباس الشعر والصوف ، إلا من علّة ؛ ولا بأس بلبس النساء والصبيان الخزّ والذهب والحرير.

ومنها : لبس ثوب الصون في موضع الابتذال ؛ لأنّه من الإسراف ، كإراقة فضل الإناء ، وإلقاء النوى يميناً وشمالاً ، وقَطع الدرهم ، والدينار (٣).

__________________

(١) الكافي ٢ : ١٦٤ ح ٤ ، الوسائل ٣ : ٤٢٠ أبواب أحكام الملابس ب ٧٣ ح ٢.

(٢) المحاسن : ٤٤٠ ، الوسائل ٣ : ٣٥٦ أبواب أحكام الملابس ب ١٤ ح ٤.

(٣) انظر الوسائل ٣ : ٣٧٤ أبواب أحكام الملابس ب ٢٨.

٣٨

ومنها : إسبال الثوب ومجاوزته الكعبين للرّجال ، وتطويل الكُمّين بحيث تزيد على أطراف الأصابع.

ومنها : نشر الثياب بالليل ؛ فإنّ الشياطين تلبسها (١).

ومنها : لبس السراويل من قيام ، فمن فعله لم تُقضَ له حاجة ثلاثة أيّام ، وعن عليّ عليه‌السلام أنّه اغتمّ يوماً فقال

ما أدري من أين أُوتيت ، لا جلستُ على عتبة باب ، ولا شققت بين غنم ، ولا لبست سراويل من قيام

(٢). وكذا لبسها مستقبل القبلة أو مستقبل إنسان.

ومنها : مسح الوجه واليد بالذيل ؛ لأنّه يورث الهمّ ، كما قاله علي عليه‌السلام (٣).

ومنها : مسح اليد بثوب من لم يكسه.

ومنها : لبس صاحب العيال والأولاد الخَشِن من الثياب مع لزوم الغمّ والهمّ لهم ، كما تكره الرهبانيّة لذلك.

ومنها : لبس الثوب الأحمر المشبع ، إلا للعروس ، والمزعفر والمعصفر.

ومنها : لبس الثياب السود ، إلا في ثلاثة : العمامة ، والخفّ ، والكساء.

المبحث الخامس : في خصوص ملابس الرأس

وهي قسمان :

أوّلهما : العمائم

ويستحبّ التعمّم للرّجال بالعمائم ، وهي تيجان العرب ، إذا وضعوها ، وضع الله عزّهم.

والأولى في كيفيته : ما صنعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنفسه ولعليّ عليه‌السلام ، وصنعه جبرئيل عليه‌السلام ، وأبو الحسن الرضا عليه‌السلام ، بإلقاء

__________________

(١) انظر الكافي ٦ : ٤٨٠ ح ١١ ، والوسائل ٣ : ٤١٥ أبواب أحكام الملابس ب ٦٦ ح ٣.

(٢) الخصال : ٢٢٥ ح ٥٩ ، الوسائل ٣ : ٤١٦ أبواب أحكام الملابس ب ٦٨ ح ٢.

(٣) الخصال : ٢٢٥ ح ٥٩ ، الوسائل ٣ : ٤١٦ أبواب أحكام الملابس ب ٦٨ ح ٢.

٣٩

طرف منها بين اليدين ، وطرف بين الكتفين. أو كليهما على الكتفين ، كما صنعه عليّ عليه‌السلام يوم الغدير ، وصنعه عليّ بن الحسين عليه‌السلام.

والأولى تقصير ما على الخلف مقدار أربع أصابع ، كما فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث عمّم عليّاً عليه‌السلام (١).

والظاهر أنّ الحَنَك مخصوص بذات الطرف الواحد ، أو بالأغراض والمقاصد.

والظاهر استحباب البِيض ، كما روي أنّها كانت على الملائكة يوم بدر (٢) ، وتعمّم أبو الحسن عليه‌السلام بالبيضاء (٣).

ولا بأس بالسود ، فقد تعمم بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

ويكره القِناع للرجال بالليل والنهار ؛ لأنّه ريبة باللّيل ، وذلّ بالنهار (٥). وقيل : يُستحبّ باللّيل ، ويُكره بالنهار (٦).

ثانيهما : القَلانِس

وينبغي أن تكون بيضاء مضربة ؛ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يلبسها ، ولها أُذنان ، وكان له بُرنس يتبرنس به (٧) ، وهو قَلَنسُوة طويلة كان الصلحاء يلبسونها (٨) ويكره تصديقها ، أي تغييرها (٩) وجعلها مترّكة ؛ فإنّه إذا ظهرت القلانس المترّكة

__________________

(١) انظر الوسائل ٣ : ٣٧٧ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠.

(٢) الكافي ٦ : ٤٦١ ح ٣ ، الوسائل ٣ : ٣٧٧ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ٢.

(٣) الكافي ١ : ٤٠٨ ح ٧ ، الوسائل ٣ : ٣٧٨ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ٥.

(٤) مكارم الأخلاق : ١١٩ ، الوسائل ٣ : ٣٧٩ أبواب أحكام الملابس ب ٣٠ ح ١٠.

(٥) انظر الوسائل ٣ : ٤١٤ أبواب أحكام الملابس ب ٦٥.

(٦) الشهيد في الدروس ١ : ١٥٢.

(٧) الكافي ٦ : ٤٦١ ح ١ ، ٢ ، الوسائل ٣ : ٣٧٩ أبواب أحكام الملابس ب ٣١ ح ٢ ، ٣.

(٨) انظر الصحاح ٣ : ٩٠٨.

(٩) في «م» تصديفها ، وفي «ح» ، وتصديقها أي تغيّرها ، ويحتمل كونه تصحيف تصنيعها أي تكسيرها ، فقد أورد في مكارم الأخلاق : ١٢١ ، قول أبي الحسن الأوّل (ع) : اعمل لي قلنسوة لا تكون مصنعة ، فإنّ السيد مثلي لا يلبس المصنع ، وقال : المصنع المكسر بالظفر ، وأورد في الكافي ٦ : ٤٦٢ ح ٤ ، اتخذ لي قلنسوة ولا تجعلها مصبغة ، وفي الوسائل ٣ : ٣٨٠ مصبعة (مصبغة).

٤٠