كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

ومن عجز عن السجود يومئ برأسه ، فإن عجز فبعينيه ، أخفض من الركوع في وجه.

والمضطَجِع والمستلقي لا يلزم عليهما الإشارة بالمَساجِد ، لا قصداً ولا فعلاً.

ويسقط عن المومئ في سجود جبهته السجود على الأعضاء الباقية في وجه قويّ ، وفي جميع الأحكام الجارية (في سجود المختار تجري في سجود العاجز ؛ لتحقق موضوعها فيه) (١).

ويُعتبر فيه في كلّ ركعة سجدتان : هما جزءان ، لو تركت إحداهما عمداً اختياراً في فرض أو نفلٍ بطلت الصلاة. وبقيد الاجتماع إيجاداً أو تركاً ركن تفسد الصلاة بهما زيادةً ونقصاً ، عمداً وسهواً ، ولا ركنية للمنفردة منهما ، ولا للمجموعيّة. كما أنّ الارتفاعين اللذين قبل السجدتين ، والاستقرارين فيهما في أحد الوجهين (بحسب النقص) (٢) كذلك.

ولا فرق بين ما كانتا من الركعتين الأوّلتين أو الأخيرتين.

ولا ركنيّة في المتعدّدة من ركعتين أو ركعات ، ولو ترك شرطاً من شرائط وضع الجبهة عمداً ، فإن لم يرفع ، ولم يحصل مناف ، أتى بالشرط ، وصحّ سجوده ، وإن رفع بطلت صلاته. بخلاف المساجِد الباقية ، فإنّه إذا أعادها صحّت.

ويُشترط في هُويّ السجود كهُويّ الركوع عدم قصد العدم.

وما شُرِطَ من عدم الزيادة على أربعة أصابع ، (والسجود على الست) (٣). إنّما يُعتبر في سجود الصلاة ، والسجود المنسيّ ، وسجود السهو ، دون سجود الشكر ، والتلاوة.

ويُعتبر فيه الانحناء مع الاختيار ، بحيث لا يزيد ارتفاع موضع جبهته على موضع ما قام عليه من القدمين أو بدلهما من مقطوعهما ويقوى اعتبار ما كان من البدن ، لا ما تلبّس به ؛ إذ لا يكتفي عنه به (٤) بمقدار ثخن لبنة ، بمقدار عرض أربعة أصابع مضمومة من أقلّ مراتب مستوي خلقتها قياماً.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في الركوع العادي تجري على ركوع العاجز.

(٢) ما بين القوسين زيادة من «ح».

(٣) ما بين القوسين زيادة من «ح».

(٤) ما بعد المنقوطة ليس في «س» ، «م».

٢٠١

ولا بأس بالتسريح ، ما لم يَتَفاحَش ، فتفوت به هيئة السجود ، ولا انخفاضه بذلك النحو في وجه قوي ، وإن كان الاحتياط فيه (١) (وربّما تُراعى النسبة بالنظر إلى من تناهي في الطول أو القصر) (٢) ، ولا يعتبر شي‌ء منهما بينها وبين الفُرَج التي بين المساجد ، ولا بينها وبين شي‌ء من مساجد المساجد ، ولا مساجد المساجِد بعض مع بعض ، وإن استحبّ في القسمين الأخيرين ، والأحوط المحافظة على ذلك فيهما.

ويجب في الواجب ، ويدخل في أجزائه ، وأجزاء المندوب بحيث يفسدان بتركه أُمور :

منها : وضع المسمّى من سبعة أعضاء بحيث يُطلق عليها السجود. ولا حدّ لها ولا لبعضها سوى ذلك ، فلا اعتبار بمقدار درهم أو أقلّ أو أكثر.

أوّلها : الجبهة ؛ وهي السطح المحاط من الجانبين بالجبينين ، ومن الأعلى بقصاص الشعر من المنبت المعتاد. ومن الأسفل بطرف الأنف الأعلى والحاجبين. ولا استقامة للخطوط فيما عدا الجانبين.

ثانيها وثالثها : باطنا الكفّين ، وحدّاهما أسفل الزندين ، وأطراف الأنامل.

رابعها وخامسها : طرفا إبهامي الرجلين من مسطح ؛ (٣) الطرفين ، أو خصوص الباطنين ، أو الظاهرين من العقدين الأخيرين.

سادسها وسابعها : سطحا الركبتين ؛ ويقوى الاكتفاء بالحافتين ، وهما الجامعان بين الفخذين والساقين.

ولو سقط أحد الكفّين أو الإبهامين أو الركبتين ، سجد على طرف ما بقي من اليدين أو الرجلين. ولو تعذّر السجود إلا على أحدها ، قدّمت الجبهة (وكذا لو دار الأمر بينها وبين تمام الست) (٤) ، والستة الباقية متساوية في الرتبة على الأقوى.

__________________

(١) بدلها في «م» ، «س» : والأقوى خلافه.

(٢) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٣) بدلها في «س» ، «م» : مسح.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٢٠٢

ولو دار الأمر بين الواحد والاثنين ، سجد على الاثنين.

وإذا تعذّرت الجبهة ، سجد على باقي الستّ. وإن تعذّر بعضها ، سجد على ما أمكن.

ولا بأس برفع المساجِد عن محالّها ثمّ وضعها ، وإنّما يجب استمرار السجود عليها بمقدار الذكر الواجب.

وإذا وضع الجبهة على ما لا يصحّ السجود عليه ، أو على محلّ صعب لا يمكن الصبر عليه ، جرّها إن أمكن ، وإلا رفعها ولو مراراً (وفيما زاد على اللبنة إشكال) (١).

وإن فرغ من السجود ، ثمّ علم الخلل قبل الدخول (فيما زاد على اللّبنة) (٢) أعاد (جرّاً إن أمكن ، وإلا رفعاً مرّة أو مراراً ، وإلا فلا. ولو كان المانع قبل الوصول إلى مقدارها جرّ جبهته أو رفعها ، وسجد مرّة أو مراراً) (٣).

ولو بانَ الخطأ في المساجد الباقية ، وأمكن إعادتها منفردة ، أُعيدت. وإن توقّفت على عَود الجبهة (بعد التجاوز) (٤) فلا تُعاد.

ويلزم انفصال محلّ مباشرة الجبهة عمّا يسجد عليه. فلو استمرّ متّصلاً إلى وقت السجود مع الاختيار ، لم تصحّ. ولا يلزم فصله فوراً لو اتّصل حال الرفع ، بل إنّما يلزم لسجود آخر على الأقوى ، بخلاف الستة الباقية.

وفي دلالة الإطلاق ، وكراهة مسح التراب ونحوه عن الجبهة ضعف ، فلا يقوى على أصالة بقاء الشغل (٥) (مع أنّ ما دلّ على رفع الحصى (٦) عنها أقوى دلالة على العكس).

نعم يشترك الجميع في لزوم انفصال محلّ الاعتماد ، ومسقط العضو على الأقوى. فما بقي معلّقاً لا يُعدّ ساجداً.

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٥) في «م» : النقل.

(٦) الفقيه ١ : ١٧٦ ح ٨٣٥ ، الوسائل ٤ : ٩٧٥ أبواب السجود ب ١٨ ح ٣.

٢٠٣

وأمّا اتصال الثياب وما أشبهها بشي‌ء من الست فلا بأس به.

ولا يجزي السجود على أعضائه مُنبطحاً على بطنه ، ويجب الاعتماد عليها من دون تحاملٍ ، وما كان من اللباس يقضي بانفصاله وعدم اعتماده من حذاء وغيره فلا يجوز لبسه.

ويجب تمكين المساجد (بإيقاع ثقلها) (١) ولا يكفي مجرّد الطرح مع الاختيار ، (ولا يجوز وضع ما يُسجد عليه على ثَلج أو تِبن أو محشوٍ أو نحوها غير ملبّدة ، ولو تلبّدت بسبب الوضع بمقدار واجب الذكر فلا بأس) (٢).

ولو حصل مانع عن السجود على البعض تعيّن البعض الأخر ، فإذا امتنع وضع السالم إلا بعمل كحفر حفيرة لدمل أو نحوه لزم ؛ فإن تعذّر ، سجد على أحد جنبيه ، والأولى بل الأحوط تقديم الأيمن.

فإن تعذّر فعلى ذَقَنهِ (٣) ، ولا يُشترط كَشفُ اللحيةِ على الأقوى محافظاً على الاستقبال بقدر الإمكان ؛ فإن تعذّر ؛ أتى من الانحناء بقدر الممكن ، ورفع محلّ السجود مع الإمكان فرضاً في الفرض ، ونفلاً في النفل.

فإن عجز عن الجميع أومأ برأسه ، فإن عجز أومأ بعينيه ، فإن عجز فبواحدة ، وإن لم يكن جفنان ولا عينان فبأعضائه الأُخر ، وإن تعذّر فبقلبه ، ويجعل أو يضمر في غير المتعلّق بالقلب السجود أخفض من الركوع ، ويضمره في قلبه فيما تعلّق بالقلب ، وعدم وجوب مثل ذلك قوي.

(والإيماء في النافلة للراكب والماشي سائغ ، مع إمكان الموافق وعدمه ، دون الفريضة. ثمّ هو رخصة لا عزيمة ، فلو ركعا وسجدا على وفق القاعدة فلا بأس) (٤).

ولو نذر مثلاً سجوداً دخلت الجبهة ، ولا يكتفي بغيرها عنها من غير ريب.

__________________

(١) في «س» ، «م» : ووقوع نقلها.

(٢) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٣) الذَّقن من الإنسان مجمع لحييه. المصباح المنير : ٢٠٨.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

٢٠٤

وفي الاكتفاء بها وحدها وعدمه وجهان ، أضعفهما الثاني.

ومثله يجري فيما ورد فيه مطلق السجود ، من سجود شكر أو تلاوة ، دون سجود السهو ، فإنّ حكمه حكم السجود المنسي.

ومنها : الذكر ؛ ويُشترط فيه أن يكون تسبيحاً ، إمّا تسبيحة كبرى واحدة بلفظ «سبحان ربّي الأعلى» والأحوط إضافة قول : «وبحمده» ، وقد مرّ بيان حسن التسبيح والتحميد ، وأنّه ذو وجوه على وفق العربيّة.

وحُسن ذكر الأعلى في مقام السجود ؛ لأنّه نهاية الخضوع والانحطاط ، فناسب الارتباط بها بنهاية التعظيم والارتفاع.

أو ثلاث تسبيحات صغريات بلفظ «سبحان الله» ، والأولى تثليث الكبريات ، وربّما يقال : إنّه أحوط. وأفضل منه التخميس ، ثمّ التسبيع ، ثمّ ما زاد.

وروى عن الصادق عليه‌السلام : «أنّه عدّ له ستّون تسبيحة» (١) ومع العجز عن الجميع ، يأتي بالبدل من الذكر ، مقدّماً للتسبيح على غيره مع المساواة دون الزيادة مع قصد الجزئية ، كلمات أو حروف ، ويكفي فيه مجرّد التخمين.

ومع العجز عن البعض يأتي بعوض التتمّة.

ومع العجز عن العربيّة ، يأتي بالعربي الملحون. ومع العجز ، يرجع إلى باقي اللغات مُرتّباً أو لا ، على نحو ما سبق.

ويُشترط فيه الترتيب على النحو المذكور ، وعدم الفاصلة المخلّة بالهيئة من ذكر أو سكوت طويلين ، والاطمئنان والاستقرار مع الاختيار. ويسقط الجميع مع الاضطرار ، ويأتي حينئذٍ بالممكن.

ويجب عليه في الواجب ، ويُشترط في غيره كما في غيره من القراءة والأذكار الواجبة تحصيل مُلقّن يلقنه ، وهو يتبعه بغير عوض ، ما لم يبلغ إلى غاية نقص الاعتبار ، أو بعوضٍ من ثمن أو أُجرةٍ لا يضرّان بالحال.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٢٩ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ ح ١٢٠٥ ، الوسائل ٤ : ٩٢٦ أبواب الركوع ب ٦ ح ١.

٢٠٥

فإن لم يمكن ، فكاتب في قرطاس (١) أو غيره ليقرأه إن أمكنه ، وإن توقّف على البذل بذل.

فإن عجز عن ذلك ، أشارَ ولاك لسانه كالأخرس في وجه.

وهذا الاحتمال جارٍ في جميع القراءات والأذكار ، وعليه أن يقصد التسبيح كالأخرس.

ولا بدّ أن يفهم معنى التسبيح أو لفظه ليقصده.

وفي جميع الأذكار عدا القراءة ، وقد مرّ حكمها يجوز الجهر والإخفات للذكور والإناث ، والأوّل أولى للقسم الأوّل ، والثاني للثاني.

وقد مرّ البحث فيما يصحّ السجود عليه ، وما لا يصحّ ، فلا حاجة فيه إلى الإعادة.

ويُستحبّ فيه أُمور :

منها : التكبير جالساً مطمئناً كغيره من التكبيرات ، وورد التكبير حال الهويّ على نحو الركوع (٢).

(ومنها : الابتداء بالكفّين قبل الركبتين في الهبوط ، وبالركبتين في القيام.

ومنها : السجود على الأرض ، فإنّها أفضل ، ولا شكّ فيه بالنسبة إلى الجبهة ، ويجري في المساجد الباقية ، مع كشفها سوى الركبتين أو مطلقاً وفي الكفين أظهر) (٣).

ومنها : تلقّي موضع الصلاة بالكفّين ، فإن لم يمكن فبواحدة.

ومنها : أن يُصيب أنفه ما يُصيب جبينه.

ومنها : السجود على التربة الحسينيّة ؛ فإنّه ينوّر الأرضين السبع ، ويخرق الحجب السبع. والظاهر أنّ ما قرب منها إلى القبر أفضل (٤).

__________________

(١) القرطاس : ما يكتب فيه ، وكسر القاف أشهر من ضمها. المصباح المنير : ٤٩٨.

(٢) في «م» ، «س» زيادة : ولا بأس بالعمل به.

(٣) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٤) في «م» ، «س» زيادة : ومنها : إرغام الأنف بالتراب ، ودونه إصابة الأرض به ، ودونهما مراعاة مساواة موضعه لموضع الجبهة.

٢٠٦

ومنها : التجنيح برفع ذراعيه ، وبسط كفّيه.

ومنها : ضمّ أصابعه ووضعها حِذاء أُذنيه.

ومنها : نظره بكلتا عينيه إلى طرف أنفه.

ومنها : إرغام الأنف بالتراب ، (ثمّ الأرض) (١) ووضعه على ما وضعت عليه الجبهة (ولا يتعيّن الأعلى) (٢).

ومنها : أن يقول في سجود المكتوبة اليوميّة لطلب الرزق في أيّ ركعة شاء : «يا خير المسئولين ، ويا خير المعطين ، ارزقني ، وارزق عيالي من فضلك ، فإنّك ذو الفضل العظيم» والأولى أن يأتي بالدعاء في آخر سجدة ؛ لأنّ الدعاء عند الإشراف على الفراغ من العبادة أقرب إلى الإجابة.

ومنها : التكبير للرفع بعد الجلوس ، ورخّص فيه حين الأخذ به.

ومنها : جلسة الاستراحة بعد السجود الأخير قبل القيام.

ومنها : الجلوس على الورك الأيسر ، وجعل ظاهر القدم الأيمن على باطن الأيسر.

ومنها : النظر حال الجلوس إلى الحجر ، كما يستحبّ في السجود النظر إلى طرف الأنف ، وقائماً إلى محلّ السجود ، وراكعاً إلى ما بين رجليه ، وقانتاً الى باطن كفّيه.

ومنها : كشف قصّة (٣) المرأة زائداً على محلّ السجود.

ومنها : تجنيح العَضُدين ، وفتح الإبطين ، وإخراج الذارعين عن الجيبين ، وجعل اليدين بارزتين أو في الكمّين ، وجعل التسبيحة الأُولى هي الواجبة ، وتجب زيادة الاطمئنان لو قدّم السنن ، ويُستحبّ لو أخّرها.

ومنها : قول : «بحول الله» مع قوله «وقوّته» وبدونها «أقوم وأقعد» إذا أراد القيام ، وربّما جرى «في بدله» (٤) في فريضة ، يوميّة أو غيرها أو نافلة ، مع الصلاة قياماً أو مطلقاً ، أو قول : «اللهمّ ربّي بحولك ، وقوّتك أقوم وأقعد» بدون إضافة «أو» مع إضافة

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٢) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٣) القصّة : الناصية. المصباح المنير : ٥٠٦.

(٤) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : في جلوسه وقيل في قيامه.

٢٠٧

«وأركع وأسجد».

ويجزي الأقلّ ، فإن زاد زاد أجره. ولو أضاف «تعالى» بقصد الذكر فلا بأس ، (والاعتراض بلزوم الاعتراض في غير محلّه ، وخروجه عن الذكر ، حريّ بالإعراض وعدم الذكر) (١).

ومنها : التخوية (٢) بين الأعضاء ، وتفتيحها ، والتجنيح بها للرّجل بأن لا يضع بعضاً منها على بعض ، عكس المرأة.

ومنها : طهارة ما زاد على المسجد الواجب ، مع عدم التعدّي إلى نحوٍ يزيد على العفو في الجبهة ، وفي المساجِد الباقية مطلقاً مع عدم التعدّي على النحو المذكور ، بخلاف المغصوب فيهما ، (فإنّه يلزم منه الفساد بسبب أيّ جزء كان) (٣).

ومنها : الدعاء بين السجدتين بقوله : «اللهمّ اغفر لي ، وارحمني ، وأجرني ، وادفع عنّي ، إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير ، تبارك الله ربّ العالمين».

ومنها : وضع كلّ يمني من الأعضاء قبل اليسرى ، ويحتمل القول باستحباب الترتيب بتقديم الجبهة ، ثمّ اليدين ، ثمّ الركبتين ، ثمّ الإبهامين ، ثمّ الأنف ، ووضع رؤوس الأصابع إلى القبلة.

ومنها : أن يخطر في باله في السجدة الأُولى : «اللهمّ منها أو من الأرض خلقتنا» وفي الرفع منها : «ومنها أخرجتنا» وفي السجدة الثانية : «وإليها تعيدنا» وفي الرفع منها : «ومنها تخرجنا تارةً أُخرى».

ومنها : قول : «أستغفر الله ربّي وأتوب إليه» بعد رفعه من السجود الأوّل. وربّما يُستفاد من بعض الأخبار جريه في الرفع الأخير.

ويُستحبّ أن يكون مفتوح العينين في الصلاة ، مُحافظاً على الخضوع والخشوع ، والسكينة والوقار.

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٢) التخوية : ترك ما بين الشيئين خالياً. مفردات الراغب : ١٦٣.

(٣) ما بين القوسين زيادة في «ح».

٢٠٨

ويُكره التلثّم (١) الغير المانع عن أداء الواجبات ، ولو منع حرم.

والعبث باليد ، والرأس ، واللحية ، ونحوها ممّا لا يدخل في الفعل الكثير ، وإلا أفسد.

وحديث النفس الملهي عن التوجّه.

والتثاؤب ، والتمطّي ، والاحتفاز (٢) بمعنى التضامّ ، بل ينفرج كما ينفرج البعير.

وفرقعة (٣) الأصابع ، والقعود على القدمين.

والإقعاء للرجال بين السجدتين : بوضع الأليتين على الأرض ونصب الساقين والفخذين من دون وضع الكفّين على الأرض ، أو مع بسطهما عليهما كإقعاء الكلب ، أو نصب الساقين والفخذين كيف ما وضع الأليتين والعَقِبين (٤) ، أو الاعتماد على صدر القدمين والأليتين على العقبين. وقيل : وضع الفخذين على العقبين. وقيل : مجرّد وضع الكفّين مبسوطتين.

ويُستحبّ حال السجود الدعاء لأُمور الدنيا والآخرة ، لنفسه ، وأوليائه ، وأحبّائه. وعلى مُبغضيه وأعدائه ، ممن يستوجب الدعاء عليه ، وإن شاء سمّاهم بأسمائهم ، وأظهر ما لهم وما عليهم ، وإطالة السجود ، والدعاء والذكر.

روي : أنّ آدم عليه‌السلام بكى على الجنة مائتي سنة ، ثمّ سجد ثلاثة أيّام بلياليها (٥).

وروى : أنّه أُحصي على عليّ بن الحسين عليهما‌السلام في سجوده مقالة ألف مرّة : «لا إله إلا الله حقّا حقّا ، لا إله إلا الله تعبّداً ورقّاً ، لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً» (٦).

ومباشرة الأرض بالكفّين ، وزيادة تمكين الجبهة والأعضاء من السجود ، وعدم تكرار وضع غير الجبهة من المساجِد.

__________________

(١) التلثّم : شدّ اللثام.

(٢) في حديث علي عليه‌السلام : إذا صلّى الرجل فليتخوّ ، وإذا صلّت المرأة فلتحتفز ، وفسّره الهروي : التضامّ في الجلوس والسجود. غريب الحديث ٢ : ٣٠٥.

(٣) التفرقع : هو صوت بين شيئين يضربان. جمهرة اللغة ٢ : ١١٥٣.

(٤) العقب بكسر القاف مؤخّر القدم ، والسكون جائز ، والجمع أعقاب. المصباح المنير : ٤١٩.

(٥) الوسائل ٤ : ٩٨١ أبواب السجود ب ٢٣ ح ١٦.

(٦) اللهوف على قتلى الطفوف : ١٧٤ ، الوسائل ٤ : ٩٨١ أبواب السجود ب ٢٣ ح ١٥.

٢٠٩

وترك مسح الحصى والتراب عن الجبهة. وفيه إشعار بجواز بقاء اللصوق ، وتنزيله أولى. وفي بعض الأخبار «مسح الحصى».

وكان أثر السجود على جميع مساجد زين العابدين عليه‌السلام ، وكان له خمس ثفنات يقطعها في السنة مرّتين ، ولذلك كان يُدعى «ذا الثفنات» (١).

والاعتماد على الكفّين عند القيام من السجود ، واستيعاب الجبهة ، وأدنى من ذلك قدر درهم ، وربّما يقال باستحباب استيعاب باقي المساجد.

ورفع الحصى والتراب عن الجبهة ، إذا عَلِقا بها من غير مسح.

والدعاء بعد الرفع منه.

وترك نفخ موضع السجود وغيره مع عدم توليد الحرفين مصرّحين ، كما يُكره النفخ في الرُّقى والطعام والشراب.

وترك البصاق إلى القبلة ، وهو أشدّ كراهة من فعله في غير الصلاة.

وأن يقول في سجوده : «اللهمّ لك سجدت ، وبك أمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكّلت ، وأنت ربّي ، سجد وجهي للذي خلقه ، وشقّ سمعه وبصره ، الحمد لله ربّ العالمين ، تبارك الله أحسن الخالقين».

وأن يقول في آخر سجدة من نافلة المغرب ليلة الجمعة ، وإن قاله في كلّ ليلة فهو أفضل : «اللهم إني أسألك بوجهك الكريم ، واسمك العظيم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي ذنبي العظيم سبع مرّات ، انصرف ، وقد غفر له» (٢) ، قيل : ويعدّ السبع عدّاً.

وعن الصادق عليه‌السلام إذا قال العبد وهو ساجد : يا الله ، يا ربّاه ، يا سيّداه ثلاث مرّات ، أجابه الله تبارك وتعالى : لبيك عبدي ، سَل حاجتك (٣).

__________________

(١) ثفنات البعير : ما أصاب الأرض من أعضائه ، الركبتان والسعدانة وأصول الفخذين. جمهرة اللغة ١ : ٤٢٩ باب التاء والفاء وواحد الثفنات ثفنة.

(٢) الفقيه ١ : ٢٧٣ ح ١٢٤٩ ، الخصال : ٣٩٣ ح ٩٥ ، الوسائل ٥ : ٧٦ أبواب صلاة الجمعة ب ٤٦ ح ١.

(٣) أمالي الصدوق : ٣٣٥ ح ٦ ، الوسائل ٤ : ١١٣١ أبواب الدعاء ب ٣٣ ح ٥.

٢١٠

وزيادة التمكن من السجود لحصول السيماء. ووضع اليدين عند السجود حذاء الركبتين ، لا متصلين بهما ، ولا بالوجه. والمساواة بين موضع الجبهة والقدمين وبواقي المساجد.

ورفع الركبتين عند القيام قبل اليدين. وعدم رفع شي‌ء من الأعضاء الستّة حتّى يتم ذكر السنّة ، أو مُطلق الذكر ، على اختلاف الوجهين.

ولو كانت بيده مسجدته يرفعها ويضعها فلا بأس.

ويُستحبّ السجود لأُمور :

أحدها : التلاوة في أحد عشر موضعاً : في آخر الأعراف ، والرعد ، والنحل ، وبني إسرائيل ، ومريم ، والحج في موضعين ، والفرقان ، والنمل ، وص ، والانشقاق.

والظاهر استحبابه في كلّ ما اشتمل على الأمر بالسجود.

ويجب لها في أربعة مواضع : الم تنزيل ، وحم السجدة ، والنجم ، والعلق. وذكر" لقمان" لبعض الأعيان من سهو القلم (١).

والخطاب في القسمين يتوجّه إلى القارئ ، والمستمع ، قاصداً للخصوصيّة أولا (ولو قصد الذكر دون القراءة ، فلا شي‌ء) (٢).

والأحوط في تحصيل السنة في القسم الأوّل ، والواجب في القسم الثاني وإن لم نقل بوجوبه إجراؤه بالنسبة إلى السامع.

والمدار في وجوب السجود وندبه على القارئ والمستمع على ائته ، لا لفظ السجود. ويختصّ بالقارئ والمستمع في مقام الوجوب ، ويستحبّ للسّامع في المقامين.

وهو فوري في مقام الوجوب والندب.

ويجب على السامع ، وإن كان القارئ غير مكلّف ، بل غير مميّز.

ولا فرق بين الاستماع الحرام كصوت الأجنبيّة مُتلذّذاً أو مطلقاً على اختلاف

__________________

(١) التذكرة ٣ : ٢١٢ مسألة ٢٨١.

(٢) ما بين القوسين زيادة من «ح».

٢١١

الرأيين والاستماع الحلال ، ولا بين القراءة الحرام بنحو الغناء ، والقراءة الحلال على إشكال.

ويتكرّر السجود بتكرار الآية ، ولا يكفي الاستمرار ، بل يرفع ويضع. ومجرّد الجرّ لا يكفي في التكرار.

وتُكره قراءة السور من دون قراءة الآيات ، كما تُكره قراءة الآيات بدونها.

ويستوي فيها التجنيح وخلافه ، (ولا يجب في الملحونة شي‌ء) (١).

وموضع السجود في حم قوله (وَاسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ) (٢) لا اسجدوا فقط ، كما عليه بعض أصحابنا (٣) ، وعند أكثر المخالفين (٤) (لا يَسْأَمُونَ) (٥).

ومتى فاتت سجدة ، قضيت.

ولا ينبغي التكبير في ابتداء السجود ، ويُستحبّ بعد الرفع ، ويأتي بالسجود على نحو ما أمكن جالساً أو راكباً أو على نحو آخر.

ثانيها : لِشُكر النِّعَم ، ودفع النِّقَم ، ولا سيّما المتجدّدة منهما ، سواء تعلّقت بنفسه أو بمن يلتحق به ، أو بإخوانه المؤمنين ، ويشتدّ استحبابهما باشتدادهما سجدتا الشكر ، والظاهر فوريّتهما مع هذا القصد ، وهما مُستحبان لأمرين :

أحدهما : لشكر التوفيق بعد صلاة الفرض ، أصليّاً أو عارضيّاً ، والظاهر إلحاق النفل به.

روي : «أنّ سجدة الشكر واجبة على كلّ مسلم ، تتمّ بها صلاتك ، وترضي بها ربّك ، وتعجب الملائكة منك.

وأنّ العبد إذا صلّى ، ثمّ سجد سجدة الشكر ، فتح الربّ الحجاب بين العبد وبين الملائكة ، فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ، أدّى قربتي وفي نسخة فرضي وأتم

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة من «ح».

(٢) فصلت : ٣٧.

(٣) الخلاف ١ : ٤٢٩ مسألة ١٧٧.

(٤) كسعيد ابن المسيّب ، والنخعي ، والثوري ، وأبي حنيفة ، وأحمد ، انظر المجموع ٤ : ٦٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٤ ، والمغني ١ : ٦٨٥ ، والشرح الكبير ١ : ٨٢٤.

(٥) فصّلت : ٣٨.

٢١٢

عهدي ، ثمّ سجد لي شكراً على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ماذا له عندي؟ فيقولون : يا ربّنا رحمتك ، فيقول الربّ تعالى : ثمّ ماذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربّنا جنّتك ، فيقول تعالى : ثمّ ماذا؟ فيقولون : كفاية مهمّه ، ثمّ يقول تعالى : ثمّ ماذا؟ فلا يبقى شي‌ء من الخير إلا قالته الملائكة ، ثم يقول تعالى : ثمّ ماذا؟ فيقولون : لأعلم لنا ، فيقول تعالى : لأشكرنّه كما شكرني ، وأُقبل إليه بفضلي ، وأُريه رحمتي» (١).

وأنّ الكاظم عليه‌السلام في بضع عشر سنة ، كلّ يوم يسجد سجدة بعد ابيضاض الشمس إلى الزوال (٢).

وأنّه أُحصي للرضا عليه‌السلام خمسمائة تسبيحة (٣).

وأنّ الرضا عليه‌السلام كان يسجد بعد طلوع الشمس حتّى يتعالى النهار (٤).

وأنّ من ذكر نعمة فليضع خدّه على التراب شكراً لله تعالى ، فإن كان راكباً فلينزل ، فليضع خدّه على التراب ، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة ، فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر ، فليضع خدّه على كفّه ، ثمّ ليحمد الله على ما أنعم عليه ؛. (٥)

وأن من ذكر نعمة ولم يكن أحد ، ألصق خدّه بالأرض. وإذا كان في ملأ من الناس ، وضع يده على أسفل بطنه ، وأحنى ظهره ، ويُري أنّ ذلك غمز في أسفل بطنه (٦).

ثانيهما : لِشُكر النعمة في غير الصلاة ؛ فإنّ من سجد سجدة لِشُكر نعمة في غير صلاة ، كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيّئات ، ورفع له عشر درجات في الجنان (٧).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١١٠ ح ٤١٥ ، الفقيه ١ : ٢٢٠ ح ١٣ ، والقول فيها بتفاوت يسير ، الوسائل ٤ : ١٠٧١ أبواب سجدتي الشكر ب ١ ح ٥.

(٢) عيون أخبار الرضا (ع) ١ : ٩٥ ح ١٤ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٣ أبواب سجدتي الشكر ب ٢ ح ٤.

(٣) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ١٣٦ ح ١ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٣ أبواب سجدتي الشكر ب ٢ ح ٥.

(٤) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ١٨٠ ح ٥ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٤ أبواب سجدتي الشكر ب ٢ ح ٦.

(٥) الكافي ٢ : ٨٠ ح ٢٥ ، الوسائل ٤ : ١٠٨١ أبواب سجدتي الشكر ب ٧ ح ٣.

(٦) التهذيب ٢ : ١١٢ ح ٤٢١ ، الوسائل ٤ : ١٠٨١ أبواب سجدتي الشكر ب ٧ ح ٥.

(٧) علل الشرائع : ٢٣٢ ح ١ ، الوسائل ٤ : ١٠٨٢ أبواب سجدتي الشكر ب ٧ ح ٧.

٢١٣

والأفضل سجدتان ، ودونهما الواحدة ، فلو قصد الآحاد عدد بما أراد. وتعفير (١) الخدّين بينهما ، وأقلّ منه أحدهما أو بعضهما ، ويقوى استحبابه بعدهما ، وبعد الواحدة.

ويُستحبّ أن يقال فيه أحد أُمور على نحو ما ورد :

منها : أن يقول : «ما شاء الله» مائة مرّة ، حتّى يناديه الله ، ويقول له : عبدي إلى كم تقول ما شاء الله ، أنا ربّك ، وإليّ المشيئة ، وقد شئت قضاء حاجتك ، فاسألني ما شئت.

وتعفير (٢) الخدّين بينهما ، وأقلّ منه أحدهما أو بعضهما ، ويقوى استحبابه بعدهما ، وبعد الواحدة.

ويُستحبّ أن يقال فيه أحد أُمور على نحو ما ورد :

منها : أن يقول : «ما شاء الله» مائة مرّة ، حتّى يناديه الله ، ويقول له : عبدي إلى كم تقول ما شاء الله ، أنا ربّك ، وإليّ المشيئة ، وقد شئت قضاء حاجتك ، فاسألني ما شئت (٣).

ومنها : قول الحمد لله مائة مرّة (٤).

ومنها : أن يقول في سجوده شُكراً شُكراً ، مائة مرّة (٥).

ومنها : عفواً عفواً كذلك (٦).

ومنها : يا ربّ يا ربّ حتّى ينقطع النفس حتّى يقول له الرب : لبّيك ما حاجتك؟ (٧) ومنها : ثلاث مرّات يقول : شُكراً لله (٨) ، والظاهر أنّه لا بأس بالإتيان بالذكر وإن

__________________

(١) العفر : وجه الأرض ، ويطلق على التراب وعفرت الإناء عفراً. المصباح : ٧١٤.

(٢) العفر : وجه الأرض ، ويطلق على التراب وعفرت الإناء عفراً. المصباح : ٧١٤.

(٣) أمالي الصدوق : ١١٩ ح ٦ ، الوسائل ٤ : ١٠٧١ أبواب سجدتي الشكر ب ١ ح ٤.

(٤) مصباح المتهجد : ٧٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٩ أبواب سجدتي الشكر ب ٦ ح ٤ وفيها الحمد لله شكراً.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٤ ح ٢٠ ، الفقيه ١ : ٢١٨ ح ٩٦٩ ، العيون ١ : ٢٨٠ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١١١ ح ٤١٧ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٩ أبواب سجدتي الشكر ب ٦ ح ٢.

(٦) الكافي ٣ : ٣٤٤ ح ٢٠ ، الفقيه ١ : ٢١٨ ح ٩٦٩ ، العيون ١ : ٢٨٠ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١١١ ح ٤١٧ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٩ أبواب سجدتي الشكر ب ٦ ح ٢.

(٧) الفقيه ١ : ٢١٩ ح ٩٧٥ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٩ أبواب سجدتي الشكر ب ٦ ح ٣.

(٨) الفقيه ١ : ٢١٩ ح ٩٧٧ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٠ أبواب سجدتي الشكر ب ١ ح ٢.

٢١٤

قلّ ، والنداء وإن قلّ ، وله الأجر فيما قلّ وإن قلّ ، والظاهر أنّه سُنّة في سُنّة. ولو جمع بينهما ، كانت زيادة الأجر في ذلك. ولو نقص منهما ، نقص أجرهما.

ويُستحبّ فيهما بَسط الذراعين على الأرض ونحوها ، وإلصاق الصدر والبطن بها ، ثمّ إلصاق الخدّ الأيمن ، ثمّ الأيسر كذلك. وبإلصاق الواحد أو بعضه يتأدّى بعض السنة.

والأفضل العود بعد ذلك إلى السجود.

والأقوى استحباب التكبير قبله وبعده ؛ لأنّه مفتى به.

ويُستحبّ المسح باليد على موضع السجود ، ثمّ الإمرار على الوجه من جانب الخدّ الأيسر إلى الجبهة إلى جانب الخدّ الأيمن ، ثمّ الصدر.

وفي الخبر : إذا أصابك همّ ، فامسح على موضع سجودك ، ثمّ امسح يدك على وجهك من جانب خدّك الأيسر ، وعلى جبهتك إلى جانب خدّك الأيمن ، ثمّ قل : «بسم الله الّذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، اللهمّ أذهب عنّي الهمّ والحزن» ثلاثاً (١).

ولا يُشترط في سجود التلاوة والشكر شي‌ء من شروط الصلاة ، من رفع حدث ، أو خبث ، أو استقرار لا يخلّ بالهيئة ، ولا غير ذلك سوى النيّة ، وإباحة المكان ، واللباس ، فلا يصحّان مع غصب أحدهما ، والله يكون اللباس من جلد الميتة.

وأمّا اشتراط عدم الحريريّة والذهبيّة ، وطهارة موضع الجبهة ، فغير خال عن القوّة.

ولا ينافيهما شي‌ء من مُنافياتها مِن كلامٍ أو ضحكٍ أو أكلٍ أو شربٍ أو غيرها ، سوى ما أخلّ بالهيئة.

والأقوى عدم اشتراط وضع ما عدا الجبهة من المساجد السبعة ، وإن كان الفضل فيه.

والظاهر اشتراط ألا يكون محلّ السجود من مُعتادَي المأكول والملبوس ؛ للتعليل ، وتُستحبّ مُراعاة ما يصحّ السجود عليه في الصلاة في سجود الشكر والتلاوة

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١٨ ح ٩٦٨ ، التهذيب ٢ : ١١٢ ح ٤٢٠ ، الوسائل ٤ : ١٠٧٧ أبواب سجدتي الشكر ب ٥ ح ١.

٢١٥

، (وسجود الجالس غير المتمكن من وضع الجبهة ، أو القائم كذلك في الشكر والتلاوة ، والماشي ، والراكب أيضاً بالإيماء. ويحتمل اشتراطه بالاستقرار في الواجب من سجود التلاوة أصالة ، وفي الواجب بالعارض من سجودها ، وسجود الشكر ، وإطلاق الجواز كالمندوب في الفرض والنفل ، والله أعلم) (١).

السابع : التشهّد

ويجب في الفريضة ، وهو جزء منها ، ومن النافلة ، تبطلان بتركه عمداً.

ومحلّه في الثنائيّة فريضة أو نافلة والأحاديّة واحد ، وهو ما بعد السجدة الأخيرة منها.

وفي الثلاثيّة منها والرباعيّة تشهّدان :

أحدهما : بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الثانية.

وثانيهما : بعد السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة.

وهو وإن كان بالنسبة إلى المعنى الأصلي يحصل بإحدى الشهادتين ، إلا أنّ المراد منه في لسان الشارع والمتشرّعة مجموع الشهادتين بلفظ : «أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والأحوط قول : «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» من غير واو ، ثمّ الصلاة على النبيّ وآله بلفظ : «اللهمّ صلّ على محمّد وآله».

ثمّ الأقرب منهما إلى الاحتياط قول : «أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» محافظاً على العربيّة ، والترتيب والموالاة.

ومع العجز يأتي بالمقدور. ومع العجز عن تمامه أو بعضه يأتي بمقدار ما عجز عنه من الذكر ، مع الزيادة وبدونها ؛ إذ ليس له شي‌ء مقدّر.

فإن عجز ، فترجمته.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٢١٦

فإن عجز ، فترجمة الذكر ، مخيّراً بين اللّغات ، أو مُرتباً على نحو ما مرّ.

والأخرس يشير ويلوك لسانه.

(ويجب كونه عن حفظ ، لا عن قِراءةِ مَكتوبٍ ، ولا مُتابعة متبوع ، كما يلزم في جميع الأقوال والأذكار الواجبة في الصلاة الواجبة ، ولا بأس بذلك في النافلة ، والأقوال المستحبّة في الواجبة على إشكال) (١).

ويجب التعلّم ، وبذل الأُجرة للمُعلّم ممّا لا تضرّ بالحال ، وإن حَرُم عليه الأخذ. وليس هذا من الحمل على المنكر المحرّم.

وإن قدر بنحو الكتابة ، كتب له.

ولا تجب الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله من غير التزام إلا فيه.

والقول بلزومها في العُمر مرّة ، أو في كلّ مجلس يذكر فيه ولو ألف مرّة مرّة ، أو متى ذكر ، وكلّما نطق باسمه ناطق. وربّما أُلحق به صفاته الخاصّة أو مطلقاً ، وكلّ مفيد للمعنى من إشارة أو ضمير أو نسب أو فعل ونحوها غير مرضيّ ؛ لخلوّ الأدعية الموظّفة ، والخُطب المعروفة ، والقصص المنقولة عن المعصومين عليهم‌السلام غالباً عنها ، مع أنّ إثباتها (٢) فيها أوجب من إثبات كلماتها ، ولما يظهر من تتبع الأخبار من استحبابها ، ومن السيرة ، والإجماع على استحبابها.

ويُشترط فيه الجلوس بأيّ نحو اتفق ، فإنّ المدار على ما يُسمّى جلوساً بمقدار الذكر الواجب والاطمئنان والاستقرار كذلك.

فلو أتى بشي‌ء منه أخذاً بالرفع من السجود ، أو بالقيام ، أو على حالة غير مُستقرة ، بطل وأعاد ما خالف فيه مع بقاء المحلّ ، وفي مقام العمد الأحوط إعادة الصلاة أيضاً.

وتُستحبّ فيه أُمور :

منها : التورّك حالته للرّجال ؛ بأن يجعل ثقله على فخذه الأيسر ، وظاهر قدمه

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) في «م» «س» : إتيانها.

٢١٧

اليمنى على ظاهر (١) اليسرى.

روي : أنّه قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ما معنى رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى؟ فقال : «تأويله : اللهمّ أَمِت الباطل ، وأقم الحق» (٢) وربّما يظهر منه استحباب إخطار هذا المعنى بالبال.

ومنها : قول «بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله» وأن يضيف «التحيات لله» في أحد التشهّدين. ولو أتى بها في كليهما لقضيّة التفويض مع قصد الخصوصيّة فلا بأس.

وأنّ يضيف بعد الصلاة على النبي وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التشهّد الأوسط قول : «وتقبّل شفاعته في أُمّته ، وارفع درجته».

والأقوى استحبابه في التشهّد الأخير بقصد الخصوصيّة ؛ لما يظهر من بعض الأخبار من تساوي التشهّدين ، وللتفويض ، وإفتاء بعض العلماء ، وحديث المعراج.

وقد رأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عالم الرؤيا ، فأمرني أن أضيف إليها قول : «وقرّب وسيلته» وكان الوالد رحمه‌الله مُحافظاً على ذلك في التشهّد الأوسط. ولم أزل أتى بها سرّاً ؛ لئلا يُتوهّم ورودها ، قاصداً أنّها من أحسن الدعاء ، ولا بأس بالإتيان بها وبغيرها أيضاً بقصد الخصوصيّة ؛ لقضية التفويض.

وروى بعد قول : وارفع درجته : «الحمد لله ربّ العالمين» ثلاثاً أو اثنتين (٣).

ومنها : أن يكثر من الذكر والدعاء مع تمام الخضوع والخشوع. ولا بأس بأن يأتي الدعوات والأذكار المسنونة الغير الموظّفة أو الموظّفة لا بقصد الخصوصيّة في الصلاة بأيّ لُغة كانت ، بل ومع قصد الخصوصيّة ؛ للتفويض.

ومنها : التسبيح سبعاً بعد التشهّد الأوّل.

ومنها : الإطالة فيه بالمنصوص وغيره ، ما لم يُخلّ بالهيئة.

__________________

(١) كذا ، والأنسب : باطن.

(٢) الفقيه ١ : ٢١٠ ح ٩٤٥ ، الوسائل ٤ : ٩٨٨ أبواب التشهد ب ١ ح ٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٩٩ ح ٣٧٣ ، الوسائل ٤ : ٩٨٩ أبواب التشهد ب ٣ ح ٢.

٢١٨

ويكره قول : «تبارك اسمك ، وتعالى جَدّك» ؛ لأنّه كلام قالته الجنّ ، ويحرم إن قصد من التشهّد ؛ لعدم دخوله في التفويض.

الثامن : التسليم

والواجب فيه أحد أمرين لأنّ التسليم الثالث المتقدّم سنّة إمّا الجمع بين قول : «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» وقول : «السلام عليكم» ، والأحوط إضافة «ورحمة الله» والأولى أن يضاف إليها «وبركاته» ويكون مع ذلك الجمع بالتسليم الأوّل ، فلا يبقى حرج في ترك شي‌ء.

ولو جمع في النيّة بين الصلاتيّة والابتداء أو الجواب للتحيّة العُرفيّة ، قوي البطلان.

ولو جمع بين الثلاث ، كان الخروج بالتسليم الوسط ، فلا يبقى حينئذٍ حرج في ترك شرط من شرائط الصلاة ، أو عمل مُنافٍ من مُنافياتها. وأمّا التسليم الثالث فواجب خارجيّ.

وأمّا الإتيان بالتسليم الثاني ؛ وبه وحده يتأدّى الواجب ، ويكون داخلاً حينئذٍ ، ويحصل به الخروج.

لا بدّ من التعريف في المبتدأ ، وتقديمه ، والمحافظة على الإعراب في الجميع ، وكان خطاب المذكّر في الأوّل ، وخطاب الجماعة في الأخير ، وضمير جمع المتكلّم في الأوسط ، والجمود على خصوص الصيغ من غير تبديل.

وأمّا قول : «السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله» قبلهما ، فهو سنّة غير واجبة.

ولا بدّ في القدر الواجب منه من المحافظة على العربيّة السالمة. ويجري في الأخرس والعاجز والأجير والمعلّم والكاتب وغيرها. ما جرى في غيرها.

وفي اعتبار الترجمة والبدل من تحيّات أُخر أو من أذكار أو قراءة أو دعاء للعاجز وجه بعيد.

والأولى الوقوف قبل ذكر كلّ تسليم ، وقطع الهمزة فيها.

ولا يلزم تعيين المُخرج منها ، ولا نيّة الخروج من الصلاة ، كما لا تلزم في الخروج عن

٢١٩

سائر العبادات ، ولا في الدخول ، ويلزم العلم به لترتّب الأحكام ؛ ولو كان لازماً لأُشير إليه في كلام أهل العصمة عليهم‌السلام ، ولنبّهوا الناس عليه ، ويُستحبّ خروجاً عن الخلاف.

ويُستحبّ للمنفرد أن يسلّم تسليمة واحدة إلى القبلة ، وأن يومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه. وللإمام أن يومئ بصفحة وجهه إلى يمينه فقط. وللمأموم أن يومئ بصفحة وجهه اليمنى فقط ، إن لم يكن على يساره أحد ؛ وإن كان على يساره أحد ، أومأ بصفحة وجهه اليسرى أيضاً.

وقيل : المنفرد والإمام يسلّمان إلى أمام ، والمأموم على نحو ما سبق (١).

ويقصد الإمام والمنفرد بالتسليمة من حضر من الملائكة ، والنبيّين ، والجنّ ، والإنس. والمأموم يقصد بالأُولى جواب الإمام ، وبالثانية الحاضرين من المأمومين ، والملائكة ، والنبيين ، وهو سنّة في سنّة.

ويُستحبّ أن يكبّر ثلاثاً رافعاً يديه على نحو تكبيرة الصلاة قائلاً : «لا إله إلا الله وحده وحده ، أنجز وعده ، وأعزّ جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فلهُ الملك ، ولهُ الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كلّ شي‌ء قدير» (٢).

والظاهر استحبابه بعد جميع الصلوات من الفرائض الأصليّة ، والعارضيّة ، والمستحبات ، والأحوط الاقتصار على الفريضة اليوميّة.

المقام الرابع : في القنوت

وهو في الأصل : الخضوع. وعند الشارع والمتشرّعة : الدعاء المخصوص.

ويُستحبّ في كلّ ثانية من الرباعيّة أو الثلاثيّة أو ركعة مُتمّمة ، من فريضة أو نافلة ، شفع أو غيره ، سوى صلاة العيد ، ففيها قنوتات سيأتي تفصيلها ، وفي الأُولى من صلاة الجمعة ، ومفردة الوِتر ، بعد تمام القراءة قبل الركوع ، وروى فيه ثانٍ بعد الركوع ،

__________________

(١) الجمل والعقود : ٧٣.

(٢) علل الشرائع : ٣٦٠ ح ١ ، الوسائل ٤ : ١٠٣١ أبواب التعقيب ب ١٤ ح ٢.

٢٢٠