كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

خامس عشرها : لو نسي ما لزمه من الاحتياط ، بطلت صلاته ، ويحتمل الاجتزاء بالأقلّ. ولو أتى بجميع الصور المحتملة ، ثمّ أعاد ، وافق الاحتياط.

سادس عشرها : لو نسي الاحتياط حتّى كبّر لصلاة أُخرى ، بطلت الصلاتان على الأقوى.

سابع عشرها : لو دخل في لاحقة ، وذكر سابقة في أثناء عمل الاحتياط ، وكذا الأجزاء المنسية ، قوي جواز العدول.

ثامن عشرها : لو تكلّم أو سلّم قبل المحلّ في أثناء صلاة الاحتياط ، لم يجب سجود السهو. ولو فعلَ مُنافي الصلاة عمداً أو سهواً ، بطلَت.

تاسع عشرها : تجب المبادرة إليها بعد التسليم بلا فصل.

والإتيان بالتكبيرات المسنونة ، وتسبيح الزهراء عليها‌السلام ، وسائر التعقيبات قبلها تشريع.

العشرون : إذا أتى بعمل الاحتياط ، وشكّ في أنّ المأتيّ به هل كان موافقاً للشكّ أو لا ، بنى على الصحّة. ولو أتى بأحد عملين منه ، ثمّ نسي المأتي به ، كما إذا لم يعلم أنّ ما فعله كان ركعتين من قيام أو ركعتين من جلوس ، بَنى على صحّة ما فعل ، وأتى بالمتأخّر.

(الحادي والعشرون : لو اشتركَ الشكّ بين الإمام والمأمومين فلزمتهم صلاة الاحتياط ، جازَ لهم الانفراد والاجتماع ، ما لم يكن القعود من الإمام والمأموم حالة القيام في أحد الوجهين ، ولا يجوز للمسبوق الدخول معهم فيها ، بل ينفرد عنهم على الأقوى) (١).

الثاني والعشرون : لو ماتَ بعد التسليم قبل عمل الاحتياط ، بطلَت صلاته ، ويجب قضاؤها على الوليّ من أصلها ، ولا يكتفي بقضاء صلاة الاحتياط ، وإن لم يكن فصل مخلّ.

الثالث والعشرون : أنّ ما بين ركعات الاحتياط وما بين الصلاة بمنزلة ما بين أجزاء

__________________

(١) هذا الأمر ليس في «م» ، «س».

٤٠١

الصلاة ، يفسدها في العمد مُفسدها فيه ، وفي السهو مُفسدة فيهما.

الرابع والعشرون : لو نَذَرَ صلاة ركعة أو ركعتين وأطلق ، لم يمتثل بصلاة الاحتياط ؛ لأنّها من النادر.

الخامس والعشرون : يلزم تعيين الفريضة المحتاط عنها على الأقوى ، (فإذا تعذّر التعيين ، نوى ما في الواقع.

السادس والعشرون : لو زادَ عمل الاحتياط على النائب ، فليس للنائب الرجوع بأُجرة الزيادة ، كما أنّه لا رجوع على النائب مع النقيصة.

السابع والعشرون : أنّ العاجز عن قراءة الفاتحة يبدل بغيرها من القرآن ، فإن عجز رجع إلى الذكر ، ويحتمل هنا العكس.

الثامن والعشرون : لو علمَ أنّه ليس له مرجع في مكان يصل إليه ، وأنّه كثير البلوى بالشكّ ، لزمَه التعلّم قبل الوقوع فيه ، كغيره من المسائل المتكرّرة ، كأحكام السهو ونحوه.

التاسع والعشرون : لو سلّمَ على ركعة للاحتياط فذكر ركعتين ، فإن فعل ما يُنافي عمداً وسهواً ، أعادَ من الأصل ؛ وإلا صحّ وأتمّ ، ولا سهو) (١).

المقصد الثالث : في الأجزاء المنسيّة وفيه مبحثان :

الأوّل : في أقسامها ، وهي عديدة :

منها : ما يجب تداركه في الصلاة ، ولا يلزم فيه شي‌ء سواه. وهو كلّ جزء مَنسي ذُكر قبل الدخول في رُكن ، رُكناً كان أو غيره. ولو ذَكَرَه ، فأراد التدارك ، فنسي ، جرى

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤٠٢

حكم المنسي من الأصل فيه.

ومنها : ما لا يجب تداركه ، ولا يجب في تركه شي‌ء ، وإن كان الأحوط الإتيان بسجود السهو لتركه ، وهو المنسيّ من غير الأركان ، غير التشهّد والسجدة الواحدة ، من الركعة الواحدة أو المتعدّدة من الركعات المتعدّدة ، إذا ذكر بعد الدخول في ركن.

ومنها : ما لا يجب تداركه ، ويجب قضاؤه بعد الفراغ من الصلاة. وهو التشهّد المنسيّ ، والسجود غير الركن إذا ذكر بعد الدخول في الركن. ويستحبّ تدارك السجود في النافلة ، وروى : أنّ من شكّ في ترك سجدة قضاها (١) ، ويحمل على الندب. وروى : كراهة تسميتها نقرة (٢).

ومنها : ما لا يُتدارك ، ونقصه مُفسد للصّلاة ، وهو الركن ، مع الدخول في ركن.

الثاني : في أحكامها ، وفيه مقاصد :

الأوّل : أنّه يلزم في مقضيّاتها من شروط الصلاة.

وترك مُنافياتها ما يلزم فيها على نحو ما مرّ في أحكام الصلاة.

الثاني : في وجوب الإتيان بمقضياتها فوراً من غير فصل مُفسد في العمد ، أو في العمد والسهو ، ويلزم فيه ما يلزم في الفصل في الصلاة من سجود السهو حيث يلزم. ولا تسبيح ، ولا تكبير ، ولا تعقيب ، إلا بعد الإتيان بها.

ولو نسيها أتى بها حين يذكرها حيث لا يلزم فيه خلل (ومع حصول المخلّ سهواً يلغو اعتبارها) (٣).

الثالث : أنّه لا يجب فيها سوى الإتيان بها على نحو ما يؤتى بها في الصلاة من دون تكبير إحرام ، وفي الاكتفاء بالنية الضمنيّة وجه.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٦ ح ٦٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ ح ١٣٦٦ ، الوسائل ٤ : ٩٧٢ أبواب السجود ب ١٦ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٦ ح ٦٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٦٠ ح ١٣٦٦ ، الوسائل ٤ : ٩٧٢ أبواب السجود ب ١٦ ح ١.

(٣) ما بين القوسين من «ح».

٤٠٣

الرابع : أنّه يجب ترتيب اللاحق من التشهّد ، والسجود على السابق.

ومع نسيان كيفيّة ترتيبهما ، يكرّرهما ، والأحوط الإعادة. وأمّا الترتيب بين السجودات المتعدّدة فليس بلازم.

الخامس : أنّه يجب سجود السهو بعدهما على الفور من دون تأخير.

ولو أخّر عمداً ، عصى ولم تفسد صلاته ، وسهواً ليس عليه شي‌ء. ولو قدّمَ سجود السهو عليهما ، أتى بهما احتياطاً مع إعادته ، والأقوى البطلان.

(السادس : لو شكّ في المتروك منهما ، أتى بهما معاً مع سجدتي سهو احتياطاً مع الإعادة ، والأقوى البطلان) (١).

السابع : أنّه لو شكّ في أنّ المنسي ممّا يُتدارك أو لا ، بنى على العدم. ومع الدوران بين الركن وغيره مع فوات المحلّ وعدم الخروج يحكم بالفساد في بعض الصور دون بعض ، وقد مرّ بيانه ، وبعده يحكم بعدمه.

الثامن : أنّه إذا بنى على سبق سابق فأتى به ، وثمّ ظهر لاحقاً ، صحّ. والأحوط الترتيب ، ثمّ الإعادة.

التاسع : أنّ ما يقضى من الأجزاء المنسيّة مخصوص بالواجبات الأصليّة ، دون العارضيّة في وجه ، فضلاً عن النوافل الباقية على حالها. وسجود السهو لها مخصوص بالواجبات الأصليّة ، وقد يخصّ بخصوص اليوميّة ، والظاهر التعميم لليوميّة وغيرها. ويستحبّ قضاء السجود للنّافلة مع بقاء استحبابها.

العاشر : أنّه يستحب تخفيف الصلاة ، وقراءة التوحيد والجحد ، والاقتصار على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود لخوف السهو.

الحادي عشر : أنّ من كثر عليه السهو يعدّ بالحصى ، وبوضع الخاتم ، وأنّه ليس من الفعل الكثير. والظاهر عدم وجوبه ، والاحتياط في فعله.

الثاني عشر : لو كانَ المنسي كون محلّ السجود ممّا يسجد عليه أو الطمأنينة أو

__________________

(١) هذا المقصد ليس في «م» ، «س».

٤٠٤

الذكر ، لا نفسه ، أو ما عدا الجبهة من المساجد ، فلا قضاء ، ولا سهو (١).

الثالث عشر : أنّه لو كان المنسي نقص التشهّد ، كإحدى الشهادتين أو الصلاة ، وجبَ القضاء ؛ تحصيلاً ليقين الفراغ. ويقوى لزوم سجود السهو ، والأحوط قضاء تمام التشهّد ، ثمّ الأحوط لحوق أبعاضهما.

الرابع عشر : يجب على كلّ من المأمومين والإمام العمل على مقتضى سهوه مع تساويهما في الضبط.

الخامس عشر : لو شكّ في أنّ المسهوّ عنه ركن أو غيره ، ركعة أو غيرها بعد الفراغ ، بنى على الصحّة ، وفي الأثناء يحكم بالبطلان في بعض الصور كما مرّ.

السادس عشر : لو علمَ بالسهو المُفسد في فريضة واحدة ، ودار بين صلوات مختلفة الكيفيّة أو المقدار ، وجبَت إعادتها أو قضاؤها جميعاً.

ولو دارَ بين المتفقة ، أجزأ الإتيان بواحدة.

السابع عشر : أنّ كثير السهو ككثير الشكّ ، لا اعتبار بسهوه ، مع تعذّر أسباب الضبط ، وإذا أمكنت وجبت.

الثامن عشر : أنّ الأحوط ترك الاعتماد على حكم كثرة سهوه مع عدم إمكان تنبيهه وضبطه في إمامة أو نيابة عن ميّت ، فلا يكون ككثير الشك.

التاسع عشر : أنّه لا يُعتبر الشكّ والسهو في إتيانها بعد محلّه أو الفراغ منها.

العشرون : أنّه لا يجوز ترك التدارك ، وإعادة الصلاة من رأس.

الحادي والعشرون : أنّه لو ضاقَ وقت العصر عن الوفاء بتدارك ما فات من الظهر ، وركعة من العصر ، أبطلَ الظهر ، وأتى بالعصر.

الثاني والعشرون : لو ماتَ قبل التدارك ، لزم قضاء الفريضة من رأس.

الثالث والعشرون : لو اشترك التدارك ، واتحد بين المأمومين والإمام ، تخيّروا بين الانفراد والائتمام.

__________________

(١) في «ح» ، زيادة : والأحوط في الأوّل ذلك.

٤٠٥

الرابع والعشرون : لو نسي التدارك حتى كبر لصلاة أخرى حتّى كبّر لصلاة أُخرى ، بطلت الصلاتان.

الخامس والعشرون : يجب تعيين الفريضة المتدارك لها.

المقصد الرابع : في سجدتي السهو

وفيه مباحث :

الأوّل : في الموجب ،

وهو ستة :

الأوّل : الكلام ممّا يقطع الصلاة لو وقع عمداً إذا وقع سهواً ، ولم يكن قراناً ، ولا ذكر الله ، ولا أوليائه من حيث قُربهم إلى الله تعالى مطلقاً مع الانضمام إليه ، ومخصوصاً بالنبي وآله عليهم‌السلام مع الانفراد ، ولا دعاء ، ولا بعضاً منها ، قصدَ به الاتصال ففصل عمداً ، أو انفصل ، ولا ما أُريد به شي‌ء منها فوقع غيره غلطاً. وإن كان الاحتياط في إلحاقه بالنسيان ، ولا ما وقع منها في غير محلّه ، أو في محلّه غفلة أو نسياناً.

الثاني : السلام بقصد الصلاة في غير محلّه ، وبغير القصد من الكلام مع الإتيان بواحدة من فصوله ، أو بالبعض بمقدار المُفسد من الكلام.

ولو أتى به في أثناء الصلاة بقصد الدعاء لا بقصد التحيّة ، كما يقصد في مثل (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) فلا بأس به.

(ولو أتى بصيغة واحدة ، كانَ عليه سجود واحد ، ومع التعدّد يقوى ذلك ، والأحوط التعدّد بمقدار العدد) (١).

الثالث : نسيان التشهّد كملاً ، وفي إلحاق الأبعاض ممّا يكون كلاماً مفيداً وجه.

الرابع : نسيان سجدة ، أو سجدات كلّ واحدة من ركعة ، ممّا يتعلّق بالجبهة مُنفردة ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤٠٦

أو مع الانضمام. ويُلحق بذلك نسيان (اطمئنان أو استقرار أو الوضع على ما لا يصحّ السجود عليه ، على الأقوى) (١).

الخامس : الشكّ بين الأربع والخمس على وجهٍ يصحّ.

السادس : القيام في موضع القعود وبالعكس في وجهٍ لا يخلو من قوّة ، والأحوط الإتيان بهما لكلّ زيادة ونقصان.

وتُستحبّان للشاكّ بين الثلاث والأربع إذا ذهب وهمه إلى الأربع أو الثلاث ، أو بين الثنتين والأربع ، أو بين الثنتين والثلاث والأربع ، ولمن لا يعلم أزاد أو نقص ممّا لا يخلّ بالصلاة ، ولكلّ زيادة أو نقيصة ، (ولمن ظنّ تعداد الركعات ، ولمن أراد أن يقرأ فسبّح ، أو يسبّح فقرأ) (٢).

المبحث الثاني : في كيفيّتهما

وهما سجدتان على هيئة سجود الصلاة ، فيُعتبر فيهما بعد النيّة ما يُعتبر فيه من السجود على الأعضاء السبعة ، والاستقرار ، والمقدار (وعدم الانفصال المخلّ بالهيئة ، فلو أتى بواحدة ، ونسي الثانية ، فلم يذكرها إلا بعد فصلٍ طويل ، أعادهما معاً في وجه قويّ) (٣).

إنّما يخالفانه في الذكر ، والتشهّد ، أمّا الأوّل : فإنّ الذكر فيهما على التخيير عوض التسبيح بين قول : «بسم الله وبالله ، وصلّى الله على محمّد وآل محمّد» وقول : «بسم الله وبالله ، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته» وبين قول : «بسم الله وبالله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».

وأمّا الثاني : فبأنّ التشهّد فيهما خفيف على طريق الوجوب أو الندب ، ويقوى الأوّل. وليس له لفظ مخصوص ، والظاهر أنّه على نحو تشهّد الصلاة ، غير

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : الوضع على ما يصحّ السجود عليه دون الذكر ، وكذا الاستقرار على الأقوى.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤٠٧

أنّه تُترك زوائده ، وله الاكتفاء فيه بقول : «أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله».

والأقرب عدم وجوب الصلاة ، وإن كان الأحوط عدم تركها.

ولا تكبير فيهما ، غير أنّه يُستحب للإمام أن يُكبّر في سجوده ورفعه ، ليعلم المأمومين بسهوه.

المبحث الثالث : في أحكامهما

وهي أُمور :

منها : أنّهما يجبان فوراً ، فلا يجوز تأخيرهما اختياراً ، ولو تأخّرا اضطراراً سهواً أو إجباراً بقيتا في الذمّة ، ولزم إيقاعهما حالَ حصول المُكنة.

ولو تركَهما عمداً ، لم تفسد الصلاة ، لكنه يعصي ، ويبقى مُطالباً بهما ، بخلاف الركعات الاحتياطيّة ، والأجزاء المنسيّة ، ولا تجوز فعل القواطع بينها وبين الفريضة.

ومنها : أنّه يجب تأخيرهما عن الأجزاء المنسيّة ، والركعات الاحتياطيّة ، فلو قدّمهما عمداً ، فسدت الصلاة.

ومنها : أنّه يُشترط فيهما ما يُشترط في سجود الصلاة من شرائط الصلاة ، من طهارة حدثٍ ، وخبثٍ ، وانتصاب جلوس قبلهما ، وبينهما ، وبعدهما ، واستقرار فيه ، وسجود على الأعضاء السبعة ، وعلى ما يصحّ السجود عليه ، وخصوص لباس ، ومكان ، واستقبال ، ومُنافيات ، ومقام اختيار ، واضطرار ، وسنن ، وهكذا.

ومنها : أنّهما يتعدّدان بتعدّد الأسباب مُتجانساً ، كتعدّد الكلام ، والسلام ، وتعدّد نسيان السجودات ونحوها ، أو مُختلفاً ، كالمجتمع من نوعين. ويتعدّد الكلام بالفصل ، والسلام بتكرار الفصول الثلاثة ، وبالواحد مع اختلاف المحلّ ، والأحوط تكرار السجودات بتعدّد آحاد التسليمات.

ومنها : أن يقدّم سجود المقدّم على سجود المؤخّر ، مع الاتحاد في السبب. ومع الاختلاف يقدّم مَعلول النقص على مَعلول الزيادة ، ومعلول السهو على معلول

٤٠٨

الشك ، منوياً به التعيين. والأقوى عدم وجوب التعيين ؛ فلو اشتبه المقدّم بالمؤخّر ، لم يجب التكرار.

ومنها : أنّه لو دَخَلَ فيهما فذكر عدم السبب ، قطعهما. ولو شكّ فيه ، أتمهما. وفي إلحاق الظنّ بأيّهما احتمالان ، أقواهما الإلحاق بالثاني.

ومنها : أنّ الحكم متمشّ في الفرائض الأصليّة اليوميّة ، وفي جريانه في الأصليّة غير اليوميّة وجه قويّ ، وفي العارضية ضعيف كما مرّ.

ومنها : أنّها لو كانت بحيث لو فعلت بعد الظهر ضاقَ وقت العصر عن ركعة ، أُخّرت ، ولم تفسد الظهر.

ومنها : أنّه لو علمَ حصول سبب وجوبهما ، ولم يعلم بوحدته وتعدّده ، بَنى على الوحدة ، ويقصد الواقع إن لم يتعيّن عنده.

تتمّة :

فيما يتعلّق بالثلاثة من الأجزاء المنسيّة ، والركعات الاحتياطيّة ، وسجود السهو ، وهو أُمور :

منها : أنّها لو اجتمعت ، قدّم ما كان من الاحتياطيّة على الأجزاء المنسيّة ، وعلى سجود السهو ، تَقَدّمَ السبب أو تأخّر. وفي بعض الروايات تقديم سجود السهو على الأجزاء المنسيّة (١) ، ثمّ ما كان منهما على ما كان من سجود السهو.

ولو قيل : بوجوب تقديم المقدّم من القسمين الأوّلين ، لم يكن بعيداً.

ومنها : أنّها تشترك في وجوب المبادرة ، ويختصّ الأوّلان بفساد الصلاة مع عدمه ، ومع الإتيان بالمُفسد على نحو الصلاة ، ومنزلتهما منها منزلة الأجزاء.

ومنها : أنّ الشكّ فيها لا مَدار عليه ، وكذا السهو مع فوات محلّ التدارك ، ومع بقائه يقوى القول بلزوم تداركه. وكذا الكلام (ونحوه ممّا يُفسد مع العمد دون السهو ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٧ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ ح ١٤٣٠ ، الوسائل ٥ : ٣٤١ أبواب الخلل ب ٢٦ ح ٢.

٤٠٩

ولو أزاد سجدة فلا بأس ، وفي السجدتين إشكال ، وما أخلّ بالسورة أفسدهما كما) (١) في إعادة الصلاة.

ومنها : أنّه لو دارَ الأمر بين أحدهما مُعيّناً ، وبين سجود السهو ، أتى به أوّلاً ، ثمّ بسجود السهو. ولو دارَ بينهما ، فسدَت الصلاة.

ومنها : أنّها تشترك في لزوم شرائط (الصلاة) (٢) وفي الاختصاص بالصلاة اليوميّة دون غيرها من الصلوات في وجه قويّ.

ومنها : أنّه مع فوات الوقت بالخروج ، يحتمل أن يكون أداءً تبعاً للصّلاة ، ويحتمل القضاء.

ومنها : إنّ للمأموم مُتابعة الإمام مع الاشتراك في السبب ، (والأفضل مُتابعته) (٣) مع عدم الاشتراك أيضاً ؛ تحصيلاً للأجر.

ومنها : وجوب نيّة مستقلّة ، ولا تكفي الحكميّة في شي‌ء منها.

المبحث السابع عشر : في عوارض الصلاة

وهي أربعة أقسام :

الأوّل : ما يُبطل عمداً وسهواً ، واختياراً وإجباراً ، فرضاً ونفلاً ، مع ضيق الوقت وسعته ، وهو أُمور :

أحدها : الحدث من غير مُستدامه ، من المستحاضة ، والمبطون (٤) ، والمسلوس (٥) ، فإنّه إذا انقطع ، وحدث في أثناء الصلاة ، لم يفسدها ، على نحو ما سبق ذكره.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) في «م» ، «س» : السجود.

(٣) بدل ما بين القوسين في «س» ، «م» : والأحوط متابعته في سجود السهو.

(٤) المبطون الذي في بطنه مرض كالاستسقاء ونحوه لسان العرب ١٣ : ٥٣.

(٥) سَلَسُ البول : استرساله وعدم استمساكه لحدوث مرض بصاحبه. المصباح المنير : ٢٨٥.

٤١٠

ثانيها : السكوت الطويل ، والفعل الكثير الماحيان لصورة الصلاة ، (وكذا القليل مع المحو ، كبعض هيئة اللهو واللعب وإن قلّت) (١).

ثالثها : عروض ما يُفسد الإخلاص ، من رياءٍ وعُجبٍ ونحوهما ، متعلّقين بنفس العمل أو صفاته المقارنة مع المقارنة ، ومع التأخّر يقوى العدم. ولو تَعلّقا بغير العمل بزعم العمل ، قويَ البطلان.

ولا فرق بين جاهل الموضوع أو الحكم ، وناسيهما وناسي العمل.

رابعها : عروض الكُفر أو مُطلق فساد العقيدة ، والجنون ، والإغماء ، في فرضٍ أو نفل ، والأخيران داخلان في القسم الأوّل.

خامسها : دخول عمل اللهو والصوت بلا حروف على نحو الغناء ، وإن قِ ، لذهاب الهيئة (٢).

القسم الثاني : ما يُبطل عمداً وسهواً ، مع سعة الوقت ، والاختيار ، وعدم الإجبار في الفريضة مطلقاً ، وفي النافلة مع الاستقرار أو التوجّه إلى غير جهة حركته ، وهو التشريق ، والتغريب ، والاستدبار ، مع الذكر في الوقت.

القسم الثالث : ما يُبطل عمداً مع الاختيار ، دون الاضطرار في وجه قويّ ، وهو أُمور :

أحدها : عروض الانحراف عن القبلة إلى ما بين المشرق والمغرب في غير النافلة مع عدم الاستقرار.

وتفصيل مسألة الالتفات : أنّه إمّا بكلّ البدن ، أو ما عدا الوجه ، أو بالوجه كلا ، أو بعضاً ، بتمام الصفحة اليمنى أو اليُسرى أو بعضهما ، أو بالعينين ، أو إحداهما ، إلى دُبر

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «ح».

(٢) الأمر الخامس ليس في «م» ، «س».

٤١١

القبلة ، أو المشرق ، أو المغرب ، أو ما بينهما ، عمداً اختياراً ، أو اضطراراً ، أو سهواً.

فالالتفات إلى عكس القبلة أو المشرق أو المغرب في الأقسام الثلاثة الأُول مُبطل في الأحوال الثلاثة ، لكن في السهو مشروط بحصول الذكر قبل مضيّ الوقت المتّسع لفعل الكلّ ، لا البعض ، وإن كان ركعة على إشكال.

وإلى ما بين المشرق والمغرب مُفسد فيهما مع العمد فقط.

ويقوى ذلك في تمام إحدى صفحتي الوجه أو أكثرها. وأمّا في البعض يسيراً ، وفي الساقين والقدمين ، فلا إفساد بسببهما ، إلا فيما لم يكن بين المشرق والمغرب.

وأمّا فيما بين المشرق والمغرب ، فلا يفسد العمد ، ولا السهو. وأمّا العينان ، فلا بأس بالتفاتهما ، ما لم يستتبع مُفسداً.

وما كان من الشرائط العلميّة الاختياريّة كنجاسة الخبث ، وانكشاف العورة ، وعدم الإباحة في محلّ اشتراطها ، ونحو ذلك من ذلك.

ثانيها : الكلام بغير القرآن ، والذكر ، والدعاء. ولو أتى بها بوجهٍ حرام كالغناء ونحوه ، دخلت في الكلام (وفيه وفي جميع مُفسدات العمد دلالة على أنّ نيّة القطع والقاطع غير مُفسدة).

والمُراد به هنا (١) وإن كان عاما في أصل اللغة ما تركّب من حرفين مُنفصلين (٢) أو مُتّصلين ، مُمتزجين أو مُنفردين ، مُهملين أو مُستعملين ، واجبين كما إذا توقّف عليهما تخليص نفس مُحترمة أو ردّ السلام أو غير واجبين ، مُتجانسين أو مُختلفين ، أو كان حرفاً مُفهماً للمعنى ، غير قران غير منسوخ التلاوة ، متلوّ على الوجه الصحيح ، أو ذكرٍ ، أو دعاءٍ ، عربيّين أو غير عربيّين ، أو مُحرّفين ، أو ملحونين ، ومنه السلام ، وسائر الألفاظ ، والتحيّة ، عربيّة وغيرها. ومع قصد القرآن أو الدعاء لا بأس بها.

والحرف الممدود مع التقطيع حروف ، وبدونه حرف واحد ، ولو كان بفرض التقطيع يعود حروفاً.

__________________

(١) في «ح» زيادة : في الحكم ، لا في صدق الاسم.

(٢) في «ح» زيادة : مقترنين.

٤١٢

والحرف مع المَدّةِ حرفان.

والتنحنح ، والتنخّم ، والبصاق ، والنفخ ، والسعال ، والتثاؤب ، والعطاس ، والبكاء ، والضحك ، وإن ولّدت حرفين غير مقصودين ليست بكلام.

والتأوّه ، والتأفيف والأنين إذا ولّدت حرفين ، من الكلام مطلقاً. والغلط ولو بسلام الصلاة ليس بكلام مُفسد. وروى : أنّ من تكلّم في صلاته كبّر فيها تكبيرات.

ويُستثنى منه : ردّ السلام ، دون باقي التحيّات في مقام وجوبه وتعيّنه ، أو كفائيّته ولم يتقدّمه أحد.

ولو كان المُسلّم كافراً ، أو مُسلِماً غير مؤمن ، أو مجنوناً ، أو غير مميّز ، أو قاصداً به آخر ، أو لا يسمع الردّ ، ولا ينتفع به ، أو كان السلام مهدوم الهيئة ، لنقصٍ ، أو تفريق الكلمات ، أو الحروف ، أو تبديلها ، أو الاقتصار على المبتدأ أو الخبر ، أو تقديم الخبر على المبتدأ ، أو أُضيف إليه شي‌ء كقول : «سلام الله ، أو سلام أنبيائه ، ورسله ، أو سلام منّي أو منّا ، ونحوها ، أو تسليمات ، أو سلامات ، أو أُسلّم ، أو نسلّم ، أو كلّ السلام ، أو بعض السلام ، أو كرّر صيغة السلام بعد الردّ في المجلس الواحد ، ونحو ذلك ، لم يجب الردّ.

ولا على من كان سلامه مُشتملاً على خطاب الأُنثى في السلام على الذَّكَر ، أو الواحد في مقام الجمع والاثنين ، ونحو ذلك ، فلا يجوز الرد في الصلاة ، وفي آخر الأقسام كلام.

وصورة الردّ في الصلاة : سلام عليكم ، أو السلام عليكم ، أو سلام عليك ، أو السلام عليك. وبالنسبة إلى الإناث يؤتى بما يناسبهن. والأحوط الاقتصار على الأوّلين ، قصداً للمجاز ، والوقف في الأخيرين ، وأمّا التثنية فالأحوط تركها في المقامين) (١).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤١٣

والأقوى جواز ردّ السلام بمثل ما قال : إن دخل تحت المتعارف.

ولو تركَ الردّ مع الوجوب عصى ، وصحّت صلاته ، وسيجي‌ء بيان حكم السلام مُفصّلاً.

ولا يجوز الابتداء بالسلام ، ولا الجواب مع سبق المُجيب.

ولو كانَ يقرأ القرآن فقال (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) قارئاً مُحيياً أو مجيباً ، قويَ الجواز.

ولو قصدَ الدعاء دون التحيّة ، لم يكُن حرج. ولو قصدَهما معاً ، أشكل.

ويجوز تحميد العاطس ، ويستحبّ فيه الجهر بحيث يسمع ، وتسميت المؤمن المُماثل ، ولو قيلَ بالعموم ، لم يبعد. وهو عينيّ لا كفائي ، وفوريّ لا قضاء. ويُعتبر الإسماع بقول : «يرحمكم الله» أو «يرحمك الله» أو «رحمك الله» بقصد الدعاء.

ويُستحبّ الردّ بقول : «يَغفر الله لك ، أو لنا ولكم ، أو يَرحمكم الله ، أو يهديكم الله ، ويصلح بالكم» وهو فوريّ كفائيّ (١) لا يُقضى ، ولا يجوز تغيير الهيئة بوجه من الوجوه (٢).

ويُستحبّ التحميد عند سماع العطسة ، فقد روي : أنّ من سمع العطسة فليقل : الحمد لله ، وصلّى الله على النبي وآله ، أو على محمّد وآله (٣).

ولا فرق في المتكلّم بين العالم بالحكم والجاهل به ، والعالم بالموضوع والجاهل به. وأمّا الناسي فلا بأس عليه ، ويلزمه سجود السهو كما مرّ.

وليس منه ما يقع من الغلط في قران أو ذكر أو دعاء ، ولا الحروف المقتطعة بسبب الإصلاح من القرآن وتابعيه. ولو فصّل عمداً ، ولم يقصد الإصلاح ، أو كرّر لمجرّد الوسواس في إحداثها ، فالظاهر أنّه خارج عنها.

ولو اشتبه في بِنية كلمةٍ أو حكمها ، ودارَ بين آحاد محصورة ، جاز الإتيان

__________________

(١) في «ح» زيادة : على الأقوى.

(٢) في «ح» زيادة : مع عدم قصد الدعاء.

(٣) الكافي ٣ : ٣٦٦ ح ٣ ، الفقيه ١ : ٢٣٩ ح ١٠٥٨ ، التهذيب ٢ : ٣٣٢ ح ١٣٦٨ ، الوسائل ٤ : ١٢٦٨ أبواب قواطع الصلاة ب ١٨ ح ٣ ، ٤.

٤١٤

بالجميع. والأحوط الرجوع إلى غير تلك السورة إن أمكن ، وإلا أتمّ مكرّراً ، أو موحداً ، أو أعاد.

ولو توهّم مقام السلام فسلّم ، أو زعمَ إتمام الصلاة فتكلّم ، ثمّ ذكر النقص ، عُدّ ساهياً.

وإشارة الأخرس ، وإدارة لسانه تتبع قصده ، كلاماً ، وقراناً ، وذكراً ، ودعاءً ، وسلاماً ، وجواباً ، وهكذا.

ثالثها : التكفير ؛ بوضع اليمين على الشمال بقصد السنّة في محلّها ، فإنّه من مُبطلات العمد. وفي تغيير الوضع بأقسامه أو القصد إشكال.

ولا بدّ من المحافظة على الاحتياط ، فيدخل فيه وضع زند اليمنى أو كفّها (١) مُتقرّباً أو لا ، تحت السرة بحيث لا تشغل عن النظر ، أو فوقها إلى حدّ العنق ، ظهراً على ظهر أو بطن ، أو بطناً كذلك ، مع الاتصال بالبدن أو الانفصال يسيراً ، حال القراءة أو ما قام مقامها ، أو القيام أو ما قام مقامه ، أو غيرهما من أحوال الصلاة ، وأجزائها المنسيّة ، وركعاتها الاحتياطيّة ، فرضاً أصليّاً يوميّاً أو غيره ، أو عارضيّاً ، أو نفلاً. وفي إلحاق صلاة الجنازة ، وسجود الشكر والتلاوة وجه.

ووضع اليسير ، وإلصاق الكفّين ، بل مُطلق اليدين ، من دون وضع لا يُلحق به. وكذا لو كانتا مشدودتين من غير قصد.

رابعها : القهقهة ؛ والمراد بها ما قابل التبسّم ، ويُسمّى ضحكاً ، اشتمل على قول قه قه أو لا. وفي إبطاله مع عدم الاختيار لأنّ الغالب فيه ذلك وكون مقدّماته غالباً اختياريّة وجه وجيه ، ولا يبطل مع السهو (٢).

خامسها : الدعاء بالمحرّم.

سادسها : ما اشتمل على تحسين الصوت بحيث يُسمّى غناءً ، من قران أو ذكر أو دعاء أو غيرها.

__________________

(١) في «ح» زيادة : أو عضدها على المماثل من اليسرى أو المخالف أو الجمع بالإلصاق في وجه.

(٢) في «ح» زيادة : على إشكال.

٤١٥

سابعها : ما نهي عنه ؛ لاشتماله على ما كان من العزائم ، أو ما تفوت الصلاة به ، ونحو ذلك.

ثامنها : الفعل الكثير الموضوع على الانفصال ، دون المستدام الغير الماحي للصورة وإن قلنا بعدم بقاء الأكوان. والمدار في الكثرة على صدق العُرف ، دون ما قيل من وجوه أُخر ، كالمحو للصورة (١) ، وبأنّه بفعل ركعة ، والاحتياج فيه إلى عمل اليدين ، والبعث على ظنّ أنّ فاعله عند رؤيته غير مُصل (٢).

تاسعها : البكاء لأُمور الدنيا ؛ وهو المشتمل على الصوت ، ويُسمّى نحيباً ، اختياراً أو اضطراراً ، لا نسياناً ؛ لفقد محبوبٍ ، أو طلب مرغوبٍ ، بصورة دعاء أو غيره. وما كان للاخرة فهو مكمّل لثواب الصلاة.

وما اجتمع فيه السببان ، وفيه إضافة ، فالمدار على المُضاف إليه. وإن تساويا في العليّة التامّة أو اشتركا ، فالأقوى الفساد ، وليس منه البكاء لفقد آل الله.

عاشرها : الأكل والشرب بما يُسمّى أكلاً وشرباً. فلا بأس بابتلاع الريق ، وفيه بقيّة الطعم ، ولا الأجزاء الصغار ، وليس المدار على التدقيق ، كما في الصوم.

ورخّص بشربِ الماء في دعاء الوِتر من غير استدبار لمن أراد الصيام (٣) ، وخافَ طلوع الفجر ، وكان الماء أمامه ، مع كراهة قطع الدعاء.

وهو مُبطل اختياراً واضطراراً ، لا سهواً.

ولو أدخلَ لُقمة قبل الصلاة ، فابتلعها فيها ، بطلَت. وبالعكس صحّت.

وليس منه ابتلاع النُّخامة ، صدريّة أو دماغيّة ، والريق المجتمع في الفم ، ووضع العلك ، وابتلاع أجزاء صغار لا تُسمّى أكلاً.

وابتلاع السكر من الأكل.

__________________

(١) انظر الروضة البهيّة ١ : ٢٣٣ ، ومدارك الأحكام ٣ : ٤٦٦.

(٢) حكى هذه الأقوال في التذكرة ٣ : ٢٨٩ ، وانظر المجموع ٤ : ٩٣ ، وفتح العزيز ٤ : ١٢٦.

(٣) في «ح» العبارة هكذا : ورخّص للعطشان والكاره للإصباح عطشاناً أن يشرب الماء في دعاء الوتر من غير استدبار إن أراد الصيام.

٤١٦

حادي عشرها : (الفعل الكثير غير الماحي للصورة ، عمداً اختياراً ، أو اضطراراً ، أو نسياناً) (١).

ثاني عشرها : عروض ما يُوجب قطعها لحفظ نفس مُحترمة ونحوها ، ويحرم الإتيان بشي‌ء من القواطع اختياراً بعد تكبيرة الإحرام إلى تمام المخرج من السلام ، فرضاً أصليّاً أو عارضيّاً ، أو نفلاً. وتُلحق به ركعات الاحتياط ، والأجزاء المنسيّة ، وسجود السهو ، وصلاة الجنازة في وجه ، دون سجود الشكر والتلاوة.

القسم الرابع : ما لا يبطل عمداً ولا سهواً ، وهو على قسمين :

أحدهما : مكروه ، ومنه : تطبيق إحدى الراحتين على الأُخرى ، وعقص الرجل شعره ، وهو جمعه في وسط الرأس ، وربّما أُخذ فيه الظفر والفتل.

والتثاؤب إذا زاد على مقدار الاضطرار ، أو بجميع أقسامه ؛ لأنّ مقدّماته اختياريّة.

والتنخّم (٢) ، والبصاق ، والتأوّه ، والنّفخ خصوصاً بموضع السجود ما لم يتولّد فيها حرفان متميّزان مقصودان مصداقان لاسم الحرف في العُرف.

والتمطّي وفرقعة الأصابع ما لم ينتهيا إلى الفعل الكثير.

والتكلّم بحرفٍ واحد ، والتحرّك ، ولو بمقدار خطوة أو خطوتين أو ثلاث ، إلا لسدّ الفرجة بين الجماعة ، أو لأجل لحوقها ، مع ترك القراءة.

والالتفات بالعينين أو بالوجه يسيراً ، وتحريف بعض المقاديم عن القبلة.

ومُدافعة الأخبثين. ويلحق بهما الريح ، والمني ، والدم الخارج من السبيلين ، والقي‌ء ، وكلما يقتضي شغل البال عن التوجّه للصلاة ، وقد يُلحق بها سائر الأعمال.

ومنها : النظر خلف المرأة ، فعن يونس ، عن الصادق عليه‌السلام : أنّه من تأمّل

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : الأقوال من التسبيحات مع الإخلال بالهيئة أو الموالاة فيما فيه ذلك.

(٢) التنخم : رمي النخامة ، والنخامة ما يخرجه الإنسان من حلقه. المصباح المنير : ٥٩٦ ، ٥٩٧.

٤١٧

خلف امرأة فلا صلاة له ، قال يونس : يعني في الصلاة (١).

ومنها : رفع اليد من الركوع أو السجود ، فعن الصادق عليه‌السلام : أنّ من حكّه جلده راكعاً أو ساجداً ، لهُ أن يرفع يده من ركوعه وسجوده إذا شقّ عليه ، والصبر أفضل (٢).

ومنها : قول الرجل والظاهر لحوق المرأة تبارك اسمك ، وتعالى جدّك ؛ لقول الباقر عليه‌السلام إنّه مُفسد للصّلاة ؛ لأنّه من مَقالة الجنّ ، فحكاه الله عنهم (٣) ويتمشّى على الظاهر في جميع أقوال الجنّ.

وعن الصادق عليه‌السلام أنّ النظر إلى نقش الخاتم أو في المصحف أو في كتاب في القبلة نقص في الصلاة (٤). وروى : أنّها لا يصلح فيها قرض الأظافير ، واللحية ، والعضّ على اللحية مع التعمّد (٥).

وروى : أنّه لا يصلّي من حَمَلَ دواءً حتّى يطرحه (٦).

وأنّ القملة إذا رؤيت في الصلاة أو المسجد أو مُطلق المكان استحبّ دفنها في الأرض (٧).

__________________

(١) المحاسن : ٨٢ ح ١٣ ، الوسائل ٣ : ٤٧٥ أبواب مكان المصلّي ب ٤٣ ح ٤ ، وفي نسخة فيه «خلق» بدل خلف ، وانظر الوسائل ٤ : ١٢٧٣ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٢ ح ٣.

(٢) قرب الإسناد : ٨٨ ح ٧٠٥ ، مسائل عليّ بن جعفر : ٢١٥ ح ٤٦٨ ، الوسائل ٤ : ١٢٧٨ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٨ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٦١ ح ١١٩٠ ، الخصال ١ : ٥٠ ح ٥٩ ، الوسائل ٤ : ١٢٧٩ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٩ ح ١.

(٤) قرب الإسناد : ١٩٠ ح ٧١٥ ، مسائل عليّ بن جعفر : ١٨١ ح ٣٤٧ ، الوسائل ٤ : ١٢٨٢ أبواب قواطع الصلاة ب ٣٤ ح ٣.

(٥) قرب الإسناد : ١٩٠ ح ٧١٣ ، الوسائل ٤ : ١٢٨٢ أبواب قواطع الصلاة ب ٣٤ ح ١.

(٦) الكافي ٣ : ٣٦ ح ٧ ، التهذيب ١ : ٣٤٥ ح ١٠٠٩ ، قرب الإسناد : ١٨٩ ح ٧٠٧ ، الوسائل ٤ : ١٢٨١ أبواب قواطع الصلاة ب ٣٣ ح ١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٦٧ ح ٤ ، ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٢٩ ح ١٣٥٢ ، ١٣٥٣ ، قرب الإسناد : ٢٠٩ ح ٨١٢ ، الوسائل ٤ : ١٢٧١ أبواب قواطع الصلاة ب ٢٠ ح ٤ ـ ٨.

٤١٨

وأنّ من حبس ريقه إجلالاً لله في صلاة ، أورثه الله صحّة حتّى الممات (١).

وأن من ابتلع نخامته ، لا تمرّ بداء إلا أبرأته (٢).

القسم الثاني : ما لا كراهية فيه

ومنه تعداد الركعات بالحصى ، وضبطها بإدارة الخاتم من إصبع إلى إصبع.

ونحو ذلك قتل الحيّة ، والعقرب ، والإشارة باليد ، أو بالعينين ، والتصفيق ، وحكّ الجلد ، ووضع العمامة أو الرداء ، ونحوهما مع سقوطهما أو مطلقاً.

(وحكّ النُّخامة من المسجد ، فعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه رأى نُخامة في المسجد ، فمشى إليها بعرجون (٣) من عراجين أبي طالب ، فحكّها ، ثمّ رجع القهقرى ، وبنى على صلاته. قال الصادق عليه‌السلام : «وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة» (٤)) (٥) إلى غيرها من الأعمال القليلة.

والأفضل أن يكون كالخشبة اليابسة ، لا يحرّك طرف من أطرافها.

تتمّة في أحكامها ، وفيه أبحاث :

الأوّل : أنّ كلّما ذُكر من راجح الأقوال ومرجوحاتها ، وواجباتها ومُفسداتها ، تتمشّى في إدارة لسان الأخرس وإشارته مع قصدها ، ففي كلّ تحريك حرف مهمل إن قصده ، وذو معنى إن قصده.

ولو أراد بالتحريك الواحد حروفاً متعدّدة ، أو المتعدّد حرفاً واحداً ، احتمل

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٨٠ ح ٨٥٣ ، ثواب الأعمال : ٤٩ ، الوسائل ٤ : ١٢٦٣ أبواب قواطع الصلاة ب ١٤ ح ٤.

(٢) الفقيه ١ : ١٥٢ ح ٧٠٠ ، التهذيب ٣ : ٢٥٦ ح ٧١٤ ، ثواب الأعمال : ٣٥ ، الوسائل ٣ : ٥٠٠ أبواب أحكام المساجد ب ٢٠ ح ١.

(٣) العرجون : هو الإهان الذي في طرفه العذق ، فإذا كان رطباً فهو إهان ، وإذا يبس فهو عرجون. جمهرة اللغة ٢ : ١١٣٧.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٠ ح ٨٤٩ و ٨٥٠ ، الوسائل ٣ : ٤٧٦ أبواب مكان المصلّي ب ٤٢ ح ٥.

(٥) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

٤١٩

إجراء الحكم تبعاً للقصد.

ولو قصد الدعاء المُحرّم بتحريكه ، أو الكلام ، أو الغناء ، أو الغيبة ، أو الكذب ، أو الفحش ، أو القذف ، أو نحوها ، جرى عليه حكمه ، وعليه تبتني مسألة التبعيض ، والقران ، وقراءة العزائم ، وأية السجدة ، والعهود ، والنذر ، والايمان ، ونحوها.

البحث الثاني : أنّ كلّما ذُكر من راجحٍ أو مرجوحٍ في آداب وسنن يشتدّ استحبابها وكراهتها باشتدادها في الرجحان ، ويضعفان بضعفها فيه ، ولو في المحلّ الواحد ، وكذا بقلّتها وكثرتها من خضوع ، وخشوع ، وتثاؤب وتمطّي ، وفرقعة ، ونحوها.

البحث الثالث : أنّ ما حكم بكراهته وندبه يشتدّ حكمه باشتداد الرجحان في الصلاة ، ففي اليوميّة أشدّ ، ثمّ فيما عداها من الواجبات ، ثمّ في المندوبات على اختلاف المراتب.

البحث الرابع : أنّه في مقام الاضطرار أو الإجبار حيث تصحّ الصلاة معهما إذا حصل الغرض ببعضها ، فلا بدّ من تقديم الأضعف مرجوحيّةً ، والأقوى راجحيّة في مقام الاختيار على غيرهما ، وفي المندوبات يندب ذلك.

البحث الخامس : أنّ ما تضمّن الآداب والكراهة والاستحباب الظاهر تمشيته فيما دخل في العبادات من سجود شكر وتلاوة ، وصلاة جنازة ، ودعاء ، وذكر ، ونحوها ، وما تضمّن التحريم والإيجاب فلا يجري إلا في الصلاة وما التحق بها ، ما لم يقم دليل عليه.

ويقوى القول بإجرائه في صلاة الجنازة ، إلا ما قام الدليل على خلافه.

البحث السادس : أنّ ما شكّ في حصوله من المُنافيات يُحكم بعدمه.

والظاهر إلحاق الظنّ هنا بالشكّ. ولو علم بحصول شي‌ء من المرجوحات ، وتردّد بين المُفسد وغيره ، يُحكم بعدم الإفساد.

البحث السابع : أنّه لو عرضَ له الشكّ في أنّ ما وقع موجب لسجود السهو أو لا ، بَنى على العدم.

والظاهر أنّ الظنّ هنا يتبع الشكّ ، والحكم معلوم ممّا سبق.

البحث الثامن : أنّه متى علم بوقوع مُفسد في صلاة ، وغفَل عن تعيينها ، فلا يخلو الحال من أحوال :

٤٢٠