كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-030-3
الصفحات: ٥٥٢

أبوه أو مُعلّموه ، وجب عليه عرض الحال بعد الاطّلاع على الأحوال على المجتهدين ، فما حكموا فيه بالموافقة صحّ ، وما قضوا فيه بالمخالفة بطل.

المقام الثاني : في الأفعال الخارجة

وهي أُمور :

أحدها : الأذان

وفيه مباحث :

الأوّل : في بيان حكمه وفضله ورجحانه في الجملة من ضروريات الدّين ، فقد ورد : أنّ من أذّن في مصر من أمصار المُسلمين سنة وجبت له الجنّة (١).

وأنّ ثلاثة في الجنّة على المسك الأذفر (٢) : مؤذّن مُحتسب ، وإمام رضي به المأمومون ، ومملوك يطيع الله ومواليه (٣).

وأنّ من أذّن سبع سنين احتساباً جاء يوم القيامة بلا ذنب (٤).

وأنّ للمؤذّن من الأذان والإقامة مثل أجر الشهيد المتشحّط بدمه في سبيل الله (٥).

وأنّ أوّل من سبق إلى الجنة بلال ؛ لأنّه أوّل من أذّن (٦).

وأنّه يغفر للمؤذّن مدّ صوته ، وشهد له كلّ شي‌ء سمعه (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٨٥ ح ٨٨١ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ ح ١١٢٦ ، الوسائل ٤ : ٦١٣ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ١.

(٢) يقال : مسك أذفر إذا كانت فيه حدّة رائحة. أساس البلاغة ٢ : ٢٩٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٨٣ ح ١١٢٧ ، الوسائل ٤ : ٦١٣ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٢.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٦ ح ٨٨٣ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ ح ١١٢٨ ، ثواب الأعمال : ٥٢ ، الوسائل ٤ : ٦١٣ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٣.

(٥) الفقيه ١ : ١٨٤ ح ٨٦٩ ، التهذيب ٣ : ٢٨٣ ح ١١٣٠ ، ثواب الأعمال : ٥٣ ح ١ ، الوسائل ٤ : ٦١٣ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٨٤ ح ١١٣٣ ، الوسائل ٤ : ٦١٤ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٧.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٧ ح ٢٨ ، التهذيب ٢ : ٥٢ ح ١٧٥ ، الوسائل ٤ : ٦١٥ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ١١.

١٤١

وفي خبر آخر : «مدّ بصره ، ومدّ صوته في السّماء ، ويصدّقه كلّ رطب ويابس يسمعه ، وله من كل من يصلّي معه في مسجده سهم ، وله من كلّ من يصلّي بصوته حسنة» (١) ولتوجيه صدر الحديث وجوه.

وروى : أنّ الأذان في البيت يطرد الشّيطان ، ويمنح الولد ، ويرفع السّقم (٢).

وفي الخبر : «أذّن خلف من تقرأ خلفه» (٣) وفيه ظهور في سقوطه عن المأموم ، وأنّه لا يقرأ خلف الإمام العادل.

والرّوايات في فضله كثيرة ، وأعظمها ما روي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّ من أذّن مُحتسباً يُريد بذلك وجه الله تعالى ، أعطاه الله تعالى ثواب أربعين ألف شهيد ، وأربعين ألف صدّيق ، ويدخل في شفاعته أربعون ألف مسي‌ء من أُمّتي إلى الجنّة ، ألا وإنّ المؤذّن إذا قال : «أشهد أن لا إله إلا الله» صلّى عليه سبعون ألف ملك ، واستغفروا له ، وكان يوم القيامة في ظلّ العرش حتى يفرغ الله تعالى من حساب الخلائق ، ويكتب ثواب قول : «أشهد أن محمّداً رسول الله» أربعون ألف ملك (٤).

وهو عبارة عن ثمانية عشر فصلاً : أربع تكبيرات بلفظ : «الله أكبر».

وشهادتا التوحيد بلفظ : «أشهد أن لا إله إلا الله». والرّسالة بلفظ : «أشهد أنّ محمّداً رسول الله».

وحيعلتين بلفظ : «حيّ على الصّلاة». ومثلهما بلفظ : «حيّ على الفلاح».

ويعملتين بلفظ : «حيّ على خير العمل».

وتكبيرتين بلفظ : «الله أكبر».

وتهليلتين بلفظ «لا إله إلا الله».

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٨٥ ح ٨٨٢ ، التهذيب ٢ : ٢٨٤ ح ١١٣١ ، ثواب الأعمال : ٥٢ ، الخصال : ٤٤٨ ح ٥٠ ، الوسائل ٤ : ٦١٤ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٠٨ ح ٣٣ ، ٣٥ ، الوسائل ٤ : ٦٤١ أبواب الأذان والإقامة ب ١٨ ح ١ ، ٢.

(٣) التهذيب ٣ : ٥٦ ح ١٠٤ ، الوسائل ٤ : ٦٦٤ أبواب الأذان والإقامة ب ٣٤ ح ٢.

(٤) الفقيه ٤ : ١٠ ح ١ ، الوسائل ٤ : ٦١٦ أبواب الأذان والإقامة ب ٢ ح ٢٠.

١٤٢

ووردت رُخصة في التخفيف للمرأة في الاقتصار على التكبير والشهادتين ، وروى لها الاقتصار على الشهادتين أيضاً (١).

وروى للمسافر واحدة واحدة ، وكذا المستعجل ، وللمعذور (٢).

ورخّص للمسافر الاختصار على الإقامة (٣).

وروى : أنّه عشرون فصلاً ؛ بتربيع التكبير في أخره (٤).

(والمرويّ عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّة قول : «أشهد أنّ محمداً» ، وأُخرى «أنّي رسول الله» (٥) والظاهر نحوه في الإقامة ، والتشهّد) (٦).

وليس من الأذان قول : «أشهد أنّ عليّاً وليّ الله» أو «أنّ محمّداً وآله خير البريّة» و «أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّا» مرّتين مرّتين ؛ لأنّه من وضعِ المفوّضة لعنهم الله على ما قاله الصّدوق (٧).

ولما في النّهاية : أنّ ما روي أنّ منه : «أنّ عليّاً وليّ الله ، وأنّ محمّداً وآله خير البشر أو البرية» من شواذّ الأخبار ، لا يعمل عليه (٨).

وفي المبسوط : قول : «أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين عليه‌السلام وآل محمّد خير البريّة» من الشّاذّ لا يعول عليه (٩).

وما في المنتهي : ما روي : من أنّ قول : «إنّ عليّاً وليّ الله ، وآل محمّد خير البريّة» من الأذان من الشاذّ لا يعوّل عليه (١٠).

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٦٣٧ أبواب الأذان والإقامة ب ١٤.

(٢) انظر الوسائل ٤ : ٦٥٠ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٢.

(٣) انظر الوسائل ٤ : ٦٢١ أبواب الأذان والإقامة ب ٥.

(٤) مصباح المتهجد : ٢٦ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٦٩ ، الوسائل ٤ : ٦٤٨ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ٢٢ ، ٢٣.

(٥) الفقيه ١ : ١٩٣ ح ٩٠٥ ، الوسائل ٤ : ٦٤٥ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ١٣.

(٦) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٧) الفقيه ١ : ١٨٨.

(٨) النهاية : ٦٩.

(٩) المبسوط ١ : ٩٩.

(١٠) منتهى المطلب ١ : ٢٥٥.

١٤٣

ثمّ إنّ خروجه من الأذان من المقطوع به (لإجماع الإماميّة من غير نكير ، حتّى لم يذكره ذاكر بكتاب ، ولا فاهَ به أحد من قدماء الأصحاب) (١).

ولأنّه وضع لشعائر الإسلام ، دون الإيمان (ولذا ترك فيه ذكر باقي الأئمّة عليهم‌السلام) (٢).

ولأنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام حين نزوله كان رعيّة للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يذكر على المنابر.

(ولأنّ ثبوت الوجوب للصّلاة المأمور بها موقوف على التوحيد والنبوّة فقط) (٣).

على أنّه لو كان ظاهراً في مبدأ الإسلام ، لكان في مبدأ النبوّة من الفترة ما كان في الختام ، وقد أُمر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكرّراً في نصبه للخلافة ، والنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستعفي ؛ حذراً من المنافقين ، حتّى جاءه التشديد من ربّ العالمين.

ومَن حاول جعله من شعائر الإيمان ، لزمه ذكر الأئمّة عليهم‌السلام (ولأنّه لو كان من فصول الأذان ، لَنُقل بالتواتر في هذا الزمان ، ولم يخف على أحدٍ من آحادِ نوع الإنسان) (٤).

وإنّما هو من وضع المفوّضة الكفّار ، المستوجبين الخلود في النّار ، كما رواه الصدوق ، وجعله الشيخ والعلامة من شواذّ الأخبار كما مرّ.

وروى عن الصادق عليه‌السلام : «أنّه من قال : لا إله إلا الله محمّد رسول الله ، فليقل : عليّ أمير المؤمنين» (٥).

ولعلّ المفوّضة أرادوا أنّ الله تعالى فوّض الخلقَ إلى عليّ عليه‌السلام ، فساعده على الخلق ، فكانَ وليّاً ومُعيناً.

فمَن أتى بذلك قاصداً به التأذين ، فقد شرّع في الدّين. ومَن قصده جزءاً من الأذان

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٢) ما بين القوسين زيادة في الحجريّة.

(٣) ما بين القوسين زيادة في الحجريّة.

(٤) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٥) الاحتجاج ١ : ١٥٨.

١٤٤

في الابتداء. بطل أذانه بتمامه. وكذا كلّما انضمّ إليه في القصد. ولو اختصّ بالقصد ، صحّ ما عداه.

ومن قصد ذِكر أمير المؤمنين عليه‌السلام (لرجحانه في ذاته ، أو مع ذكر سيّد المرسلين) (١) أُثيب على ذلك.

لكن صفة الولاية ليس لها مزيد شرفيّة (إذا لم تُقرن مع الله ورسوله في الآية الكريمة ؛ لحصول القرينة فيها) (٢) لأنّ جميع المؤمنين أولياء الله ، فلو بدّل بالخليفة بلا فصل ، أو بقول : أمير المؤمنين ، أو بقول : حجّة الله تعالى ، أو بقول : أفضل الخلق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحوها ، كان أولى (٣).

ثمّ قول : وإنّ عليّاً وليّ الله ، مع ترك لفظ «أشهد» أبعد عن الشبهة. ولو قيل بعد ذكر رسول الله : «صلى الله على محمد سيّد المرسلين ، وخليفته بلا فصل عليّ وليّ الله أمير المؤمنين» لكان بعيداً عن الإيهام ، وأجمع لصفات التعظيم والاحترام (٤).

ويجري في وضعه في الإقامة نحو ما جرى في الأذان.

ويجري في جميع الزيادات هذا الحكم ، كالترجيع ، وهو زيادة الشّهادة بالتوحيد مرّتين ، فيكون أربعاً ، أو تكرير التكبير ، والشّهادتين في أوّل الأذان ، أو تكرار الفصل زيادة على الموظّف ، أو تكرار الشّهادتين جهراً بعد إخفاتهما.

وفي تكرير الحيعلات أو قد قامت الصّلاة وجميع الأذكار المزادة فيه فيختلف حكمها باختلاف القصد ، ولا بأس بها ما لم يقصد بها الجزئيّة أو التقريب بالخصوصية ما لم يحصل فصل مخلّ بهيئة الأذان.

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في «ح» : لإظهار شأنه أو لمجرد رجحانه بذاته ، أو مع ذكر ربّ العالمين ، أو ذكر سيّد المرسلين ، كما روي ذلك فيه وفي باقي الأئمّة الطاهرين ، أو الردّ على المخالفين ، وإرغام أُنوف المعاندين.

(٢) بدل ما بين القوسين في «ح» : لكثرة معانيها ، فلا امتياز لها إلا مع قرينة إرادة معنى التصرّف والتسلّط فيها ، كالاقتران مع الله ورسوله والأئمّة في الآية الكريمة ونحوه.

(٣) في «ح» زيادة : وأبعد عن توهّم الأعوام أنّه من فصول الأذان.

(٤) في «ح» زيادة : ثمّ الذي أنكر المنافقون يوم الغدير ، وملأ من الحسد قلوبهم النصّ من النبيّ «ص» عليه بإمرة المؤمنين. وعن الصادق (ع) : من قال : لا إله إلا الله محمّد رسول الله ، فليقل : عليّ أمير المؤمنين (ع).

١٤٥

والقول (بتحريم التثويب) (١) بمعنى الإتيان بالشهادتين دفعتين ، أو الإتيان بالحيعلتين مثنى بين الأذان والإقامة من غير تفصيل لا أعرف له وجهاً.

وأمّا قول : «الصّلاة خير من النوم» المسمّى تثويباً وهو الظاهر من الإطلاق ، دون تكرير الشهادتين أو الحيعلات مثلاً فالظاهر أنّ تحريمه ذاتي ، واصلة بدعيّ ، فلا يسوّغه قصد الخروج عن الأذان ، وكذا الدّوام على التكرار لما سبق في وجه.

المبحث الثاني : في بيان ما يظهر من حكمته

وله فوائد كثيرة :

منها : الإعلام بدخول الأوقات ؛ لتيقّظ النائم ، وتذكّر النّاسي ، ونباهة الغافل.

ومنها : توطئة ذكر الله لتمتلي القلوب من عظمته ومخافته ، فتتوجّه إلى طاعته.

ومنها : الأمر بعبادة الله ، والإسراع إليها.

ومنها : إقامة البرهان على لزوم الامتثال للأمر بالصّلاة بإثبات الأكبريّة والأعظميّة ، المقتضي لأهليّة المعبوديّة والمخدوميّة ، فأفاده بالتكبير ، وهو لا يتمّ إلا ببيان عدم معبود سواه ، فأفاده بالتهليل ، وهما لا يتمّان في إثبات ذلك إلا ببيان أنّ المخبر بهذا رسول من الله تعالى.

ثمّ لا يرغب إلى العمل حتّى يترتّب عليه نفع ، فيكون فلاحاً ونجاحاً.

ثمّ الرغبة إلى خصوص الصّلاة دون غيرها من الأعمال مع حصول الفلاح بفعلها لا تتمّ إلا بإثبات كونها خير العمل.

ثمّ كرّر التهليل والتكبير ؛ لأجل تأكيد التّنبيه والتذكير ، وللخوف من النّسيان ، ولرعاية من تأخر ، ولربط العلّة بالمعلول.

وتكرار الأربع بالتكبير : واحد لتنبيه الساهي والغافل ، والثّاني لتنبيه النّاسي ، والثالث لتنبيه النائم ، والرابع لتنبيه المتشاغل. وكرّر الباقي مرّتين مرّتين بعدد الشاهدين ، وفي الرواية : أنّها إشارة إلى وضع الصّلاة ركعتين ركعتين (٢).

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) الفقيه ١ : ١٩٥ ح ٩١٥ ، الوسائل ٤ : ٦٤٥ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ١٤.

١٤٦

ويمكن على هذا أن يكون الأربع إشارة إلى أربع التمام ، ووحدة التهليل في الإقامة للإشارة إلى مفردة الوتر ، والتكبيرتان مع التهليلة الواحدة إشارة إلى المغرب ، ولكن لا اعتماد على ذلك مع عدم النصّ.

والاكتفاء بالإقامة باثنين ؛ لعدم عموميّة نفعها كالأذان ، بل مخصوص بمن لم يحضر ، واكتفت عن الأربع تكبيرات كما كانت في الأذان ، كما اكتفت عن التربيع في باقي فصول الأذان ، والإفراد في آخر الإقامة للاكتفاء بما سبق من التكرير.

وتمام نتيجة ما مرّ القيام إلى الصّلاة ؛ المعبّر عنه بقول : قد قامت الصّلاة ، وللإشارة إلى شدّة إرادة الدّخول في الصّلاة.

المبحث الثالث : في بيان أقسامه

وهي أربعة :

الأوّل : ما قصد به الإعلام بالأوقات مجرّداً عن قصد الصّلاة ، وهذا كغيره من الأصوات والأقوال المجعولة علامة للأوقات وغيرها ، ليس من العبادات المخصوصة ، ولا بأس بالنقص فيه ، والزيادة ، والتبديل ، واللّحن ، وعدم قصد الوقت ، ونحو ذلك.

الثاني : الإعلام بقصد الصّلاة ، قبل دخول وقت الصّلاة أو بعده ، لا للصّلاة. وهذا كالسّابق في غير صلاة الصّبح ، فإنّه ليس من العبادات الخاصّة إلا فيها ، فيعتبر فيها المحافظة على الفصول المعيّنة.

الثالث : ما جمع فيه بين قصد الإعلام والصّلاة ، فيجيئه الرّجحان من وجهين ، ويجري فيه من الوظائف ما جرى في القسمين.

الرّابع : ما قصد به الصّلاة فقط ، وهذا يقع من المنفرد عن النّاس ، بحيث لا يسمع صوته ، كما يقع من غيره ، بخلاف الأقسام السّابقة.

المبحث الرّابع

فيما يتعلّق به خاصّة دون الإقامة لعدم تعلّقه بها رأساً ، أو تعلّقه نادراً ، وهو أُمور :

منها : ما يتعلّق بما تضمّن الإعلام للمأمومين أو غيرهم من الوظائف ، وهو إبصاره ، وبصيرته بالأوقات ، وثقته ، وأمانته ، واختياره من النّاس ، وسلامة سمعه. ،

١٤٧

وراتبيّته (١) ، ووضع إصبعيه في أُذنيه ، وضبطه (٢) ، وحسن صوته ، وعلوّه فإنّه يغفر له مدّ صوته ، ويختلف الرجحان بكثرة السامعين وقلّتهم ، وقُربهم وبُعدهم (٣) وإفجاعه ، وتأثيره في القلوب ، وكونه على مرتفع.

ومنها : ما لا تختصّ بذلك ، وهو أُمور :

منها : سلامته من الغناء ، ومن تعلّق نهي المالك أو غيره من مفترضي الطّاعة.

ومنها : الاكتفاء بأذان المميّز مع سماعه ، وإن لم يبلغ حدّ التكليف.

ومنها : الرُّخصة في الاقتصار على واحد منه في أوّل الورد (٤) فيغني عن باقي الصّلاة إذا كانت مقضيّات أصليّات ، أو من باب النيابات في غير المعاوضات ، أمّا فيها فيبنى على التعارف.

ومتى دخل في أثناء الورد أداءً أو قضاءً عن غيره جماعة أو فرادى أعاده ، كما إذا حصلت فاصلة طويلة.

ولو (فسدت بعض صلوات) (٥) الورد ، بقي الحكم على حاله على الأقوى. ولا فرق بين كون الورد لواحدٍ أو متعدّد ، ولا بين المتجدّد بعد الدخول وغيره ، على إشكال ، لا سيّما في الأوّل.

(ولو قصد الأذان لنفسه أو لشخص فعدل إلى غير ما نواه لم يجزئ. وكذا لو أطلق مع الاشتراك في وجه قوي.

والأقوى عدم الاجتزاء بالأذان المسموع ، وعدم الاكتفاء بالأذان النّاقص لسبب بعد ارتفاع السبب ، والأحوط الاقتصار في الاقتصار على قضاء النفس) (٦) ولو لم يقصد الورد في الابتداء ، أغنى بقاؤه في المكان على إشكال.

__________________

(١) في «س» ، «م» : وأولوية الراتب على غيره.

(٢) في «ح» زيادة : للأوقات.

(٣) المعترضة ليست في «م» ، «س».

(٤) الورد : الوظيفة من قراءة ونحو ذلك ، والجمع أوراد. المصباح المنير : ٦٥٥.

(٥) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : فصلت بعد صلاة.

(٦) ما بين القوسين زيادة في «ح».

١٤٨

ومنها : استحباب تعداده في أُذن من ترك اللّحم أربعين يوماً أو أكثر ، ومن ساء خلقه ، ونحوه من ساء تخلقه.

(ومنها : استحبابه خلف المسافر) (١).

ومنها : شدّة استحبابه للرّجال غير العُراة جماعة في الحضر للجهريّة ، ولخصوص المغرب والصّبح ، ولمن لم يبدأ في ليله أو نهاره بأذان أو إقامة ، ولخصوص السّابقة من الظهرين والعشاءين ، والحقة ، مع فصل نافلةٍ أو زمانٍ طويل أو فعلٍ كثير ، ولصاحبة الوقت ، ولو تأخّرت ، ومع الاتّساع الكلّي في الوقت ، وفي الأداء ، وفيما قابلها ترتفع شدّة الاستحباب.

ومنها : إفصاح الألف فيه.

ومنها : حكايته ولو على الخلاء ، مُبدلاً للحيعلات بالحولقة أولا. ولو حكى في الصّلاة ، بدّل.

وينبغي قطع الكلام لأجله ، وإتمام الحاكي ما نقص المؤذّن.

ومنها : الدّعاء بالمأثور عند سماعه.

ومنها : الدعاء بعده قبل فعل الإقامة ، يقول : «اللهم اجعل قلبي بارّاً ، ورزقي دارّاً ، واجعل لي عند قبر نبيّك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قراراً ومستقرّاً» (٢).

وبعد أذان الصّبح : «اللهم إني أسألك بإقبال نهارك ، وإدبار ليلك ، وحضور صلواتك ، وأصوات دعائك أن تتوب عليّ ، إنّك أنت التوّاب الرّحيم» (٣).

وبعد أذان المغرب مثل ذلك بتبديل «نهارك في الإقبال ، وليلك في الإدبار» (٤) ، فمَن قال ذلك في نهاره وماتَ من ليلته مات تائباً.

__________________

(١) ما بين القوسين زيادة في «ح».

(٢) الكافي ٣ : ٣٠٨ ح ٣٢ ، التهذيب ٢ : ٦٤ ح ٢٣٠ ، الوسائل ٤ : ٦٣٤ أبواب الأذان والإقامة ب ١٢ ح ١.

(٣) الفقيه ١ : ١٨٧ ح ٨٩٠ ، الوسائل ٤ : ٦٦٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٤٣ ح ١.

(٤) الكافي ٢ : ٣٨٠ ح ٧ ، الوسائل ٤ : ٦٦٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٤٣ ح ٣ ، قال : إذا أمسيت قلت : اللهم إني أسألك عند إقبال ليلك وإدبار نهارك.

١٤٩

ومنها : الفصل بينه وبين الإقامة بركعتين ، أو جلسة ، أو سجدة ، أو غير ذلك ، وأقلّه الحمد الله.

ومنها : إنّ مَن أخلّ بشي‌ء من فصوله أو الترتيب يرجع ما لم يدخل في الإقامة.

ومنها : كراهة الكلام في أثنائه على الفاعل والحاكي.

ومنها : أنّ المؤذّن على غير القبلة يستقبل بالشّهادتين.

ومنها : أنّ الجامع أداءً وقضاءً يكتفي بأذان الأُولى. ولو تنفّل الإمام دون المأمومين ، أوهم دونه ، أو بعضهم دون بعض ، بقي حكم الأذان على حاله.

ومنها : أنّه رُخّص في تركه ، بل يُكره فعله كراهةَ عبادةٍ لعَصرِ عَرَفة ، ولعِشاء مُزدَلِفَة مع الحاج ، ولعصر الجمعة ، وللجماعة المتأخّرة ، ولخوف ضيق وقت الفريضة في الجملة ، ولحصول بعض أسباب الإسراع من انتظاره ونحوه ، ولمن أراد الصلاة مع عدم تفرّق الجماعة الاولى في مسجد وشبهه من المواضع المحصورة ، وبشدّة الانتظار لطعام أو غيره ، وللنساء جهراً مع خوف حضور الأجانب.

ومنها : فصلُ فصوله بعض عن بعض.

ثانيها : الإقامة

وفيها بحثان :

الأوّل : في ماهيّتها : وهي عبارة عن سبعة عشر فصلاً : التكبير ، ثمّ الشّهادة بالتوحيد ، ثمّ الشهادة بالرّسالة ، ثمّ حيعلة الصّلاة ، ثم حيعلة الفلاح ، ثمّ التعميل ، ثمّ قول : «قد قامت الصّلاة» ، ثمّ التكبير مرّتين ، ثمّ التهليل مرّة.

وروى فيها : أنّها عشرون ، بتربيع التكبير في أوّلها ، وتثنية التهليل في آخرها (١).

وروى أيضاً : اثنان وعشرون ، بزيادة تكبيرتين في آخرها (٢).

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٧٨ مسألة ١٩ ، النهاية : ٦٨ ، الوسائل ٤ : ٦٤٨ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ٢١.

(٢) النهاية : ٦٩ ، مصباح المتهجد : ٢٦ ، الوسائل ٤ : ٦٤٨ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ٢٢ ، ٢٣.

١٥٠

ووردت رُخصة في جعلها واحدة واحدة ، ووردت رُخصة أيضاً لخصوص المسافر (١).

وروى : أنّ من أقام مثنى مثنى اجتزأ عن الأذان ، ومن أقام واحدة واحدة لم يجتزئ (٢) ، وروي : أنّ إقامته مثنى مثنى فقط أحبّ من الإتيان بها واحدة واحدة مع الأذان (٣).

البحث الثاني : في أحكامها ، وهي أُمور :

منها : أنّ من نسيها أو بعضها منفردة أو مع الأذان ، ودخل في الصّلاة ، وبلغ الرّكوع ، استحبّ له العود والإعادة ، والأحوط الاقتصار على ما قبل الركوع.

ومنها : الحدر في فصولها والإسراع فيها ، إلا في ذكر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيستحبّ توسيط الصّلاة عليه وآله ، وذكر عليّ عليه‌السلام بخصوصه لا بقصد الجزئيّة ، بل لاستحباب المعيّة.

ومنها : أشدّية كراهة الكلام ، والالتفات ، وجميع المنافيات ، وترك شرائط الصّلاة فيها على الأذان ، ولا سيّما بعد قول : «قد قامت الصّلاة».

ومنها : أنّ الإقامة تامّة أفضل من إفرادهما سفراً.

ومنها : استحباب أن يكون على هيئة المصلّي ، حتّى كأنّه في الصّلاة بعد الدّخول فيها.

ومنها : استحباب القيام بعد قول : «قد قامت الصّلاة» الأُولى ، أو بمجرّد الشّروع ، أو بعد الإتيان بهما ، والأوّل أولى.

ومنها : كراهة دخول المأموم في النافلة بعد دخول المقيم في الإقامة.

ومنها : جلوس الإمام والمأمومين حتّى تُقام الصّلاة مرّة.

ومنها : أنّ أمرها إلى الإمام.

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٦٤٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٢١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٠ ح ١١١١ ، الوسائل ٤ : ٦٤٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٠ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ٦٢ ح ٢١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٠٨ ح ١١٤٢ ، الوسائل ٤ : ٦٤٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٠ ح ٢.

١٥١

تتمّة

فيما يشترك بينها وبين الأذان ، وهو أُمور :

منها : اشتراط العقل والإسلام ودعوى «أنّ اشتراط الإسلام لغو لحصوله بهما» لغو (١) والإيمان ، والصّحو من السّكر ، والإغماء.

ولو ارتدّ بعد الفراغ لم يعد ، وفي الأثناء لا يعيد ما مضى مع عدم الخلل.

وفي التأذين مطلقاً وفي الإقامة لنفسه يجزي التمييز.

ومنها : الذكورة في النيابة عن الأجانب ، والخناثى المشكلة ، والممسوحين ، ولا بأس بها عن النّساء والمحارم.

ومنها : أنّه يعتدّ بنيابة الفاسق فيهما.

ومنها : أنّه ينبغي أن يكون النائب فيهما غير لحّان ، وغير مَئوف اللّسان (٢).

ومنها : كراهة الاشتراك ، بل تحريمه في فصولهما وبعضها.

ومنها : كراهة الجمع بين الإمامة وبينهما أو أحدهما لأُمراء السّرايا.

ومنها : أنّهما مستحبّان لخصوص الفرائض اليومية ، وصلاة الجمعة.

روي : أنّ من أذّن وأقام صلّى خلفه صفّان من الملائكة ، ومن أقام فقط صلّى خلفه صفّ واحد ، وأقلّ الصّف ما بين المشرق والمغرب ، وأكثره ما بين السّماء والأرض (٣).

ومنها : أنّ كلّ واحد منهما مقصود بالأصالة ، ولا تشترط صحّته بوجود الأخر ، فلو أتى بأحدهما دون الأخر وقع صحيحاً.

ومنها : جواز تقديمه على الصبح للإعلام.

ومنها : أنّ التعدّد فيهما مرتّبين ومقترنين لا بأس به. وأمّا الاشتراك على وجه التوزيع ، فالأقوى عدم جوازه.

__________________

(١) المعترضة ليست في «م» ، «س».

(٢) مئوف على البناء للمفعول أصابته الآفة. المصباح المنير : ٢٩.

(٣) الوسائل ٤ : ٦٢٠ أبواب الأذان والإقامة ب ٤.

١٥٢

ومنها : تركهما أو أحدهما أو بعض منهما على نحو مضايقة وقت الفريضة.

ومنها : أنّه يُعتبر الترتيب بينهما بتقديم الأذان على إقامته ، فلو عَكَسَ الترتيب عامداً مُتقرّباً بذلك ، كان مُشرّعا ، وبطلت إقامته. ويقوى بطلان أذانه أيضاً.

ولو وقع سهواً ، وأراد الاكتفاء بالأذان صحّ ، وإن أراد تجديد الإقامة بلا أذان فلا بأس ، وإن أرادهما معاً أعادهما.

ومنها : أنّه يُعتبر الترتيب بين فصولهما ، فلو قدّم مؤخّراً عَمداً ناوياً ذلك في الابتداء ، بطلا. وإن قصده في الأثناء ، صحّ ما تقدّم ، ما لم تفت الموالاة ، ورتّب ما خالف فيه في وجه قوي. وإن كان سهواً صحّ ما تقدّم ، وجاء بوفق الترتيب في المخالفة ، مع عدم فوات الموالاة.

ومنها : أنّه تلزم الموالاة بينهما ، بمعنى عدم طول الفاصلة بحيث لا يبقى ارتباط بينهما بالمرّة ، فإن أراد إعادة السّابق ، أعاد الحق معه.

ومنها : أنّه تلزم الموالاة في فصولهما بحيث لا تذهب الهيئة ، ولا ينكر في العادة.

ومنها : أنّه لا يفسدان بغصب مكان كغيرها من عبادة الأذكار في وجه قويّ ، سوى ما كان في إله وضعت للتصويت في وجه. ولا عبرة بالفضاء ؛ إذ ليس تصرّفاً عرفياً. ولا بلبس ما لا يجوز لبسه من مغصوب أو ذَهَب أو حرير أو ما لا يُؤكل لحمه ، ونحوها ؛ لأنّه لم يبنَ على كون من الأكوان من قيام ونحوه.

ومنها : أنّه يشترط فيهما الإسلام ، وما أُورد «من أنّ هذا الشرط لغو ؛ لحصوله بكل منهما» لا يخفى بطلانه.

ومنها : أنّهما لا يشترط فيهما طهارة حدث أو خبث ، أو استقبال ، أو لباس ، أو قيام ، أو استقرار ، وإن استحبّ فيهما. وفي الإقامة أشدّ ، حتّى أنّ الاحتياط فيها أن يكون حاله فيها كحاله في الصّلاة.

ومنها : أنّه يكره الالتفات فيهما ، إلا أنّه في الإقامة أشدّ.

ومنها : كراهة الكلام فيهما ، وفيها أشدّ ، لا سيّما بعد قول : «قد قامت الصّلاة».

ومنها : أنّه لو دار الأمر بينهما أو أحدهما ، وبين الإمامة ، فالإمامة أولى.

١٥٣

ومنها : أنّهما من العبادة ، فيشترط فيهما النيّة ، فلو فسدت فسدتا.

ومنها : أنّهما مستحبّان لغيرهما ، فلو لم يقصد الصّلاة ، وأتى بالأذان أو الإقامة لغير الصّلاة منه أو من غيره فسدتا.

ومنها : أنّه قد يرجح تركهما لضيق وقت الفريضة في الجملة ، أو لانتظار منتظرين ، أو لبعض حوائج المؤمنين ، أو لغير ذلك.

ومنها : أنّ الأخرس يتعمّد الفصول بلوك اللسان والإشارة ، والأظهر عدم لزوم قصد الفصاحة ، والظاهر عدم الاجتزاء بأذانه حيث يكون مميّزاً ، والقول به غير بعيد.

ومنها : أنّه لا يستحبّ تكرار الفصل بينهما.

ومنها : أنّه يجزي الإتيان بركعتي قضاء أو من ذوات الأسباب في باب الفصل. وكذا سجود الشكر ، وسجود التّلاوة عوض السّجود ، والجلوس ، والتكلّم مع غيره عوض كلامه على إشكال.

والظاهر الاكتفاء بمطلق الفصل ، إلا أنّ المنصوص من الركعتين ، أو الجلوس ، أو التّسبيح ، أو الكلام ، أو التحميد أولى. ولا يعمّ الفصل غير المؤذّن على الأقوى.

ومنها : أنّه لا يجوز أخذ الأُجرة عليهما ، ولو كانت هي الدّاعية على الفعل فسد ، وإلا حرُمت وصحّا. وأذان النائب أجيراً عن الميّت داخل في حكم المعاملات.

ومنها : أنّه لا بأس بأخذ شي‌ء عليهما لا بقصد المعاوضة من ارتزاق وغيره ، ومع قصد المعاوضة يحرم.

ومنها : أنّه لا بدّ من المحافظة على هيئات الفصول ، فلو حذف الألف من أوّل اسم الله تعالى ، أو الوسط ، أو أكبر ، أو أحد طرفي إلا ، أو أوّل إله ، أو وسطه ، أو أوّل أشهد ، أو وسط الصّلاة والفلاح ، أو ولّد واواً من ضمّة الهاء أو الدّال أو الميم ، أو أزاد ألفاً على ألف أشهد ، أو هائه ، أو حاء حيّ ، أو يائه ، أو ألف أنّ أو نونها ، أو ميم العمل ، أو صاد الصّلاة ، أو أخلّ بإدغام في كلمة أمّا في كلمتين فلا بأس أو أخلّ بحركة بنائيّة ، أو حركة بنية ، أو إعراب ، فألحن في فصل ، بطل ما فيه الخلل خاصّة ، إن لم يُدخل ذلك عمداً في ابتداء النيّة.

١٥٤

ومنها : الجزم ، فإنّه مستحبّ فيهما ، ولا يلزم الفصل فيهما ونحوهما ، لو قلنا بثبوته في غيرهما ؛ لأنّ الانقطاع غير القطع. ولو وصل أو فصل فرّق بين همزة الوصل والقطع.

ومنها : دخول الوقت ، فلا يجوز الإتيان بأحدهما قبل دخوله بقصد التأذين ، إلا أذان الصبح بقصد الإعلام ، فإذا انكشف عدم دخوله في واحد منهما أو بعض منه أعاد ، سواء دخل وهو فيه أو لا (١).

ومنها : أنّه لا يجوز للقادر في وجه الاقتصار على بعض الفصول ، ويأتي العاجز بما أمكن.

ومنها : سقوطهما رُخصة عمّن أدرك الجماعة في صلاة (يستحبّان فيها أداءً أو قضاءً ، مع إمام وجماعة ، مؤدّين أو قاضين) (٢) مع إمام مُعتمد ، إمام أو منفرد ، مريد للاقتداء به ، من رجل أو امرأة (٣) ، في صحراء أو بيت أو مسجد ، قبل حصول التفرّق عرفاً ، وصدورهما منهم على الوجه الصّحيح.

ولو صدر أحدهما فقط اقتصر عليه في الاكتفاء ، وأتى بغيره. وفي الاكتفاء بالتكميل مع الاقتصار على البعض أو فساد غيره إشكال.

ولو خرج الإمام وبقي المأمومون أو بطلت صلاته كذلك ، لم يكن تفرّق ، استناب أو لم يستنب.

ولو علم فساد صلاتهم أو جماعتهم فلا اعتبار بهم.

ولو كانوا مُكتفين بأذان وإقامة مسموعتين ، فلا اعتبار فيهما. ولو كان في أحدهما إماماً صار الدّاخل أو منفرداً في الفريضة المقارنة والمتأخّرة ، ولو افترق المقصّرون عنه ، وبقي المتمّون أُتبع الاسم.

ولو دخل في تكبيرة الإحرام أو أتمّها ، ثمّ علم بفساد الصّلاة منهم ، قوي إلحاقه

__________________

(١) في «ح» زيادة : على الأقوى.

(٢) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».

(٣) في «ح» زيادة : أو يكون إماماً لهم في وجه.

١٥٥

بالنّاسي. وجري الحكم في غير مُريد الجماعة وجيه.

(ولا فرق في التفرّق عند الدخول أو بعد الوصول ، داخل المسجد أو خارجه. وإلحاق طول المكث به قويّ. وفي إلحاق الموت والارتداد به إشكال. وللفرق بين نقل النفس وعدمه وجه.

وفي جري الحكم في المأموم الواحد أو الاثنين ، ومع التردّد بين جماعتين فتفرّقت إحداهما ، ومع التفرّق في صلاة لم يدركها وعدمه فيما أدركها ، واجتماع الجماعة بعد تفرّقها برجوعها إلى مواضعها ، إشكال) (١).

ومنها : إعادة الأذان والإقامة إذا وقعا من منفرد ، ثمّ أراد الجماعة.

ومنها : سقوطهما عمّن سمعهما من جامع أو مُنفرد ، مُنفرداً أو جامعاً. وإذا أسقطا شيئاً من الفصول ، أتمّه. ويجزي في المسموع من واحد أو متعدّد على وجه التبعيض.

وهل يسقط الجميع بسماع البعض ، أو البعض ، أولا؟ الظاهر الأخير.

ويغني السّمع عن الاستماع.

وإن سمع غير عازم على الصّلاة ، ثمّ أرادها ، لم يُعدهما.

والظاهر أنّ كراهة الكلام في الأثناء مخصوصة بالمؤذّن والحاكي ، دون السّامع ، مع احتمال ذلك فيه.

وسماع الأذان النّاقص لسفر أو عجلة يجزي عن مثله ، وفي غيره إشكال.

وسماع المرأة أذان مثلها أو أذان الرّجل مُسقط ، وكذا سماعه أذانها على وجه يحلّ في وجه قويّ ، والأذان المعاد استحباباً كغيره ، وسماع لَوكَ (٢) الأخرس لسانه لا يلحقه بالحكم) (٣).

ومنها : أنّه من نسيهما أو نسي بعضهما فذكر قبل القراءة بل قبل الركوع ، استحبّ له استئناف الصّلاة.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

(٢) اللوك مصدر لاكه يلوكه لوكاً ، إذا أداره في فيه ، وكلّ شي‌ء مضغته فقد لكته لوكاً ، جمهرة اللغة ٢ : ٩٨٢.

(٣) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٥٦

ومنها : أنّه يستحبّ الفصل بينهما بقعود ، أو ركعتين ، أو خطوة ، أو تسبيح ، أو سكتة ، أو نفس ، أو ذكر تحميد ، أو غيره وفي أذان المغرب الأولى الاقتصار على أقصر الفواصل من نفس أو خطوة أو سكتة أو تحميدة أو تسبيحة أو نحوها.

وفي أذان الظهرين بركعتين فيهما أفضل ، والأولى كونهما من النّافلة. وتعميم الحكم لباقي الفرائض غير بعيد.

ومنها : أنّه يجوز القيام بهما عن الغير ، فيسقطان عنه مع الدخول معه في الصّلاة وعدمه ، ومع إرادة الصّلاة وعدمها.

ومنها : كراهة الكلام القاطع للصّلاة فيهما على الفاعل والحاكي ، وفي الإقامة أشدّ ، وبعد قول : «قد قامت الصّلاة» ملفوظة أو مسموعة من مُقيم الجماعة أشدّ كراهة.

ومنها : حُرمة الاشتراك في أحدهما.

ومنها : جواز التعدّد فيهما من مُتعدّدين في النّيابة ؛ لأنّها إسقاط ، وإن كان الأولى ترك ذلك.

ومنها : أنّهما مستحبّان للصّلوات الخمس والجمعة ، دون ما عداها ، وفي غيرها من الصلوات الواجبة بالأصالة مع الجماعة يقوم قول : «الصّلاة» ثلاثاً مقامه ، ولا يجوز الإتيان به.

ومنها : أنّهما مستحبّان ، فلا حرج في تركهما ، إلا أنّ الإقامة أشدّ استحباباً.

ومنها : أنّهما يستحبّان للولادة بعد قطع السرّة في الاذن اليمنى الأذان ، وفي اليسرى الإقامة ، وخلف المسافر.

ومنها : أنّ المأمومين يؤذّنون قبل الإمام ويقيمون ، فإن لم يجي‌ء ، قدّموا سواه.

ومنها : أنّه لا بدّ من حفظ النفس من الرّياء فيهما والعُجب ، كغيرهما من العبادات.

ومنها : أنّه يجب تركهما إذا لم يبقَ وقت يَسَع الصّلاة ويسعهما. وإذا دار الأمر بينهما ، فالإقامة أولى. وإذا دار بين غيرهما وبين أحدهما ، من قنوت أو طول سورة أو ذكر ، قدّما عليه.

١٥٧

ومنها : أنّه لا يجوز العدول من أحدهما إلى الأخر ، مع احتساب ما مضى من الأخر.

ومنها : أنّه أُذن للمرأة في الاكتفاء عنهما بالتكبيرتين والشهادتين مرّة مرّة ، أو بالشهادتين كذلك فقط. والظاهر لحوق الخُنثى والممسوح هنا بالذكر.

ومنها : أنّه لا يكتفى فيهما بفعل امرأة ، ولا خُنثى مُشكل ، ولا ممسوح عن ذكرٍ ، ولا خُنثى مشكل ، ولا ممسوح. والأقوى عدم البأس في النيابة عن المحارم والأجانب مع عدم سماع الصوت.

ومنها : أنّ أمر الأذان مأذون فيه لمن شاء ، وأمّا الإقامة فبإذن الإمام.

ومنها : أنّ للمجتهد اختيار مُؤذّن ، ومُقيم ، وإمام في المساجد ، مع عدم قيد التولية لغيره ، ولا يجوز تعدّيه. والظاهر عدم لزوم الرّجوع إليه ، نعم منعه معتبر مع المصلحة.

ومنها : رُجحان اختلاف المؤذّن والمقيم.

ومنها : أن الإقامة أفضل من التأذين في غير الجماعة ، وفيها التأذين أفضل.

ومنها : أنّهما قد يجبان لنذر أو عهد أو نحوهما ، أو لدخولٍ في عقد إجارة تصريحاً أو عُرفاً.

ومنها : أنّهما لو أطلقهما ثمّ عيّن الفريضة ، فلا بأس. وكذا لو عيّنهما لصلاة وأراد العدول إلى غيرها على إشكال ولو أطلق بينهما وبين الذكر ، لم يصح.

ومنها : أنّه يُعتبر عدم الفصل الطويل بفعلٍ أو قولٍ أو سكوتٍ بينه وبينها ، أو بين الصّلاة حيث تترك ، أو بينها وبين الصّلاة.

(ومنها : الإذن بالإتيان بهما طاق طاق للمريض والمعذور ، والمستعجل في حاجة مُباحة ، دون المحرّمة على الأقوى.

ومنها : الإذن بالاقتصار على الإقامة للمسافر ، وسُمّي في الحديث تقصيراً (١). فقد يخصّ بالسّفر الحلال ، وقد يخصّ بما فيه القصر دون التمام ، كائناً ما كان ، بناءً على أنّ السّفر معنى جديداً في الشرع ، وأُذن في الإعادة ، ومع الانفراد كذلك) (٢).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٥١ ح ١٧٠ ، الوسائل ٤ : ٦٢٣ أبواب الأذان والإقامة ب ٥ ح ٩.

(٢) ما بين القوسين ليس في «م» ، «س».

١٥٨

ومنها : أنّه لو أذّن وأقام ودخل في صلاة فظهر فسادها ، أعادهما إذا أراد غيرها.

ومنها : أنّه لو شكّ في الأذان بعد الدخول في الإقامة ، أو فيهما ، أو في أحدهما بعد الدّخول في الصّلاة ، أو شكّ في فصل بعد الدّخول في غيره ، أو كان كثير الشكّ ، فلا اعتبار بشكّه.

ومنها : على ما قيل : استحباب حكايتهما معاً ، أمّا الأذان ، فللنّص (١) ، وأمّا الإقامة ، فلما دلّ على استحباب حكاية الذكر ، فيختصّ بالذكر. فيحكي الجميع إن سمع الجميع ، وله أن يخصّ البعض ، فيقلّ الثواب ، ويحكي البعض ، إن سمع البعض ، مُصلّياً كان أو لا ، جامعاً أو لا ، من جامعٍ أو غيره.

ويقوى استحباب حكاية أذان المسافر والمولود دون غير المشروع.

ويكره في الصّلاة كراهة عبادة ، فإن فعل فليبدّل الحيعلات بالحولقات ، لمن أراد الصّلاة بأذانه وغيره.

ومنها : (أنّ من أتى بأحدهما اختياراً أو اضطراراً ، أُثيب على مقداره. ومن أتى ببعضهما أو بعض أحدهما ، أُثيب كذلك في الاضطرار ، ومع الاختيار إشكال) (٢).

ومنها : أنّه إذا أذّن وأقام ودخل الإمام ، فقطع أو عدل إلى النّافلة ، ثمّ تعذّرت الجماعة ، أعادهما.

ومنها : أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول في الأذان مرّة : «أشهد أنّ محمّداً» ، وأُخرى : «أنّي رسول الله» (٣) والظاهر أنّه هكذا كان يصنع في الإقامة والتشهّد ونحوهما.

ومنها : أن المُحدث في أثنائها يتطهّر ويبني على ما سبق إن لم يكن مُخلا ، والأفضل إعادة الإقامة.

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٦٧١ أبواب الأذان والإقامة ب ٤٥.

(٢) بدل ما بين القوسين في «م» ، «س» : من أدرك أحدهما أو بعضه أو بعضهما اختياراً أو اضطراراً أتى به في القسم الأوّل ، وفي الاضطرار في الأخيرين ، ومع الاختيار إشكال.

(٣) الفقيه ١ : ١٩٣ ح ٩٠٥ ، الوسائل ٤ : ٦٤٥ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ١٣.

١٥٩

ومنها : أنّ المُحدث في الصّلاة لا يؤمر بإعادة الإقامة ، إلا أن يتكلّم ، والأقوى الاستحباب مطلقاً.

ومنها : أنّ المصلّي خلف من لا يُقتدى به يؤذّن ويُقيم ، فإن خافَ من الفوات اجتزئ بالتكبيرتين ، وقد قامت الصّلاة ، وتهليلة. وربّما يقال برجحان الممكن مطلقاً.

ومنها : أنّه لا يجوز الفصل بينهما طويلاً.

ومنها : أنّهما عبادتان تُطلب فيهما المباشرة ، ولا يجوز فيهما النّيابة على القاعدة. والاجتزاء بما صدر من الغير إسقاط كردّ السّلام ، لا نيابة إلا في النّائب عن الميّت ؛ لظهور الدليل فيه.

ومنها : أنّه لا بأس بالإتيان بهما طاقاً طاقاً للتقيّة ، والعجلة ، والسّفر.

ومنها : أنّه على القول بوجوبهما أو وجوب أحدهما ، وجوبهما خارجيّ ، أو معلّل بالكمال ، ولا شطريّة ولا شرطيّة لهما ، فلا يترتّب فساد صلاة عليهما ، ولا يكتفى بمقارنة نيّة الصّلاة لهما.

ثالثها : التكبيرات والدّعوات عند الافتتاح

ولا بدّ فيها من بيان أُمور :

منها : أنّها ستّ تكبيرات ، تكون مع تكبيرة الإحرام سبعاً ، على نحو ما كبّر النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لينحلّ لسان الحسين عليه‌السلام ، ويتبعه بالنطق (١) ، ولِتوافق عدد السماوات السّبع ، والأرضين السّبع ، والحجب السّبع.

وروى : إحدى وعشرون (٢).

فإن أتى بها مجرّدة عن الدّعاء جاء بها ولاءً.

ولا تُشترط فيها شرائط الصّلاة ، ولا تخلّ بها منافياتها ، بل حالها كحال الأذان والإقامة ، إلا أنّه يقوى أنّ الاستحباب فيها أشدّ. والأحوط أن يؤتى بها على نحو الصّلاة.

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٧٢١ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٧.

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٧ ح ١٠٠٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٤ ح ٥٦٤ ، الوسائل ٤ : ٧٢٠ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٦ ح ١.

١٦٠