معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل الرابع :

في النفقات

وأسبابها ثلاثة :

[ السبب ] الأوّل : الزوجيّة

وهي نفقة معاوضة ، ولذلك تقضى دون غيرها.

وهنا مباحث :

الأوّل : في الموجب

وهو العقد الدائم بشرط التمكين التامّ ، فلا يجب للمتمتع بها (١) ولا لغير الممكّنة في بعض الأوقات أو بعض الأمكنة الّتي يسوغ فيها الاستمتاع ، ولا يكفي عدم النشوز ، فلو لم تمكّن قبل الدخول لم تستحقّ نفقة.

ولو ادّعت التمكين فعليها البيّنة ، فإن عدمت حلف الزوج.

وتستحقّها المسلمة ، والكتابيّة ، والأمة المرسلة ليلا ونهارا ، والمريضة ، والقرناء ، والرتقاء ، والضعيفة عن آلته أو عن الوطء لظهور عذرها.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : للمستمتع بها.

٨١

البحث الثاني : في قدرها وكيفيّة الإنفاق

وفيه مسائل :

الأولى : لا يتقدّر الإطعام بقدر بل يجب سدّ الخلّة من غالب قوت البلد ، ويجب إمّا تمليك الحبّ ومئونة الطّحن والخبز ، أو الدقيق ومئونة الخبز ، أو الخبز ، أو دفع القيمة مع التّراضي.

الثانية : يجب في الأدم الغالب من أدم البلد وما يصلحه ، ولو تبرّمت بجنس وجب إبداله.

وليس لأحدهما أن يكلّف الآخر المؤاكلة معه ، ولو واكلته كفى في الإنفاق.

وتملك نفقة كلّ يوم في صبيحته ، فلو طلّقها في أثنائه أو ماتت لم يستردّها ، ولو نشزت استردّها.

ولو سلّمها طعاما لمدّة فأكلت من غيره أو استفضلت منه وانقضت ممكّنة ملكته ، ولو طلّقها قبل الانقضاء رجع بقسط الباقي إلّا يوم الطلاق.

ولها بيع الطّعام والأدم دون الكسوة إلّا أن نقول بالتمليك ، ولا يجب عليه دواء المرض.

الثالثة : يجب في الكسوة قميص ومقنعة ونعل وتزاد (١) في الشتاء جبّة لليقظة ولحاف للنوم ، ويرجع في حبس ذلك إلى عادة أمثالها من بلدها.

__________________

(١) في « أ » : ويزداد.

٨٢

وتجب ثياب التجمل إن كانت من أهله بنسبة أمثالها.

ويجب دفع العين أو القيمة مع التراضي.

والواجب الإمتاع لا التمليك ، فلو استأجر لها ثيابا أو استعار جاز ، ولو دفع إليها كسوة لمدّة فتلفت قبل انقضائها وجب بدلها ، ولو انقضت وهي باقية لم يكن لها المطالبة بغيرها ، ولو لبست غيرها في المدّة استعادها ، وكذا لو ماتت ، ولو مات فهي تركة.

الرابعة : يجب في الفراش عادة أمثالها من بلدها ، كالحصير أو النطع للصّيف ، والبساط أو المضربة للشتاء والمخدّة ، ويجب فراش التجمّل إن كانت من أهله ، ويجب الإمتاع لا التمليك.

الخامسة : يجب الإخدام إن كانت من أهله ولو كانت أمة ، إمّا بنفسه أو بأمته أو باستئجار أو إعارة أو ينفق على خادمها ، وليس له التعيين.

ويجوز الاقتصار على واحدة وإن كانت من ذوات الخدم ، وإخراج خادمتها المألوفة وإن لم تكن ريبة.

ولو طلبت نفقة الخادم لتخدم نفسها لم تجب إجابتها.

ولو تبرّعت بالخدمة لم تستحقّ أجرة ولا نفقة الخادم.

وينفق على خادمها ما جرت عادة خدم ذلك البلد جنسا وقدرا.

ولو لم تكن من أهل الخدمة خدمت نفسها إلّا مع المرض.

السادسة : يجب إسكانها في بيت أمثالها حضريّة كانت أو بدويّة ، بملك أو إجارة أو عارية ، ولها أن تمتنع من مشاركة غير الزوج ، وله منع أبويها من الدخول عليها ومن زيارتها.

٨٣

ولو سكنت في بيتها بغير إذنه لم تستحقّ أجرة.

السابعة : تجب آلة الطّبخ والشرب ، كالقدر والدست (١) ، والمغرفة ، والحبّ (٢) ، والكوز ، ويرجع في جنسه إلى عادة أمثالها من بلدها ، ويجب الإمتاع لا التمليك ، وكذا آلة التنظيف كالمشط والدّهن والمزيل للصّنان ، ولا يجب الكحل والطّيب ولا أجرة الحجّام والحمّام إلّا مع شدّة البرد.

وله منعها من أكل الثوم والبصل وذي الرائحة الكريهة ، ومن تناول السمّ والأطعمة الممرضة.

خاتمة

لو لم ينفق عليها وهي ممكّنة استقرّت في ذمّته وإن لم يقدّرها الحاكم ، ولم يحكم بها ، ويجبره الحاكم على أدائها ، ولو امتنع حبسه أو باع عليه ماله.

ولو أعسر بالنفقة وصبرت لم تسقط ، وصارت دينا ، وإن لم تصبر لم تملك الفسخ ، ولو كان له عليها دين جاز أن يقاصّها يوما فيوما مع يسرها ، ومع العسر إن رضيت.

ولو ادّعى الإنفاق فأنكرت ولا بيّنة قدّم قولها مع اليمين وإن كانت في منزله.

ولو كانت [ الزوجة ] أمة ، فالغريم السيّد في الماضية ، فإن صدّق الزوج

__________________

(١) في المنجد : الدّست : الوسادة ، الورق ، اللباس ... والدستجة : الإناء الكبير من الزّجاج.

(٢) الحبّ : الجرّة الضخمة. تهذيب اللغة : ١ / ٧١٧.

٨٤

سقطت ، وإلّا حلف وطالبه ، والغريم في الحاضرة الأمة.

ولو ادّعى النشوز وادّعت التمكين ، قدّم قوله.

ولو طلّق الحامل رجعيّا ، فادّعت وقوعه بعد الوضع وأنكر ، قدّم قولها ، وحكم لها بالنفقة وعليه بالبينونة.

ولو ادّعى الإعسار وأنكرت قدّم قوله إن لم يكن له أصل مال ، ويجب قضاؤها مع التمكين.

البحث الثالث : في المسقط

وهو ستّة :

الأوّل : النّشوز ، فلا يجب للناشز نفقة ولا كسوة ولا سكنى حتّى تعود إلى التمكين ، فلو سافر قبله ، فحضرت عند الحاكم وبذلت نفسها لم تستحقّ نفقة إلّا بعد إعلامه ووصوله أو وصول وكيله ، ولو علم وتهاون سقط عنه قدر وصوله وألزم بما زاد.

ولو نشزت ثمّ أطاعت لم تستحقّ نفقة إلّا بعد علمه ومضيّ قدر وصوله أو وكيله.

ولو ارتدّت ثمّ أسلمت استحقّت وإن لم يعلم بإسلامها.

ولو سافر وهي ممكّنة استحقّت نفقة الغيبة.

ولو نشزت الحرّة بعض يوم سقطت نفقته.

ولو أرسل المولى أمته ليلا أو نهارا سقط الجميع.

٨٥

الثاني : الصغر ، فلا نفقة للصغيرة وإن كان الزوج صغيرا ، ولو دخل بها الكبير لم تجب إلّا مع الإفضاء ، ولا تسقط عن الصّغير إذا كانت الزّوجة كبيرة.

الثالث : ارتدادها.

الرابع : السّفر المندوب والمباح بغير إذنه ، ولو أذن أو كان واجبا لم تسقط ، وكذا لو سافر معها أو سافرت في حاجة له بإذنه.

الخامس : العبادة الّتي له منعها منها كالصوم والاعتكاف المندوبين ، وليس له منعها من صوم شهر رمضان والنذر المعيّن ، سواء نذرته قبل نكاحه أو بعده بإذنه ، وله منعها في النذر المطلق والمندوب ، فلو صامت سقطت نفقتها إن منعت الوطء وإلّا فلا.

ولا يمنعها من الصلاة الواجبة في أوّل وقتها ، ولا من الحجّ الواجب في عامه.

السادس : الطلاق البائن ، فلا نفقة للمطلّقة بائنا إلّا أن تكون حاملا ، والنفقة للحمل ، فلو لاعن الحامل فلا نفقة لها ، ولو أكذب نفسه بعد اللعان لزمه الإنفاق دون القضاء ، ولو طلّقها وماطل حتّى وضعت لم يقض النفقة.

ولو طلّق العبد فلا نفقة لها ، لأنّ نفقة الأقارب لا تجب على العبد ، ولو قلنا النفقة للحامل وجبت.

ويجب تعجيل النفقة ، فإن ظهر عدم الحمل استردّها ، ولا نفقة للحامل المتوفّى عنها زوجها ، وتجب للمطلّقة رجعيّا.

ولو تزوّج العبد بحرّة أو أمة وشرط مولاه رقّ الولد ، أو تزوّج الحرّ بأمة وشرط مولاها رقّ الولد ، لم يجب على الزّوجين النفقة مع الطلاق بائنا ، لأنّ

٨٦

النفقة تابعة للملك ، ولو قلنا إنّها للحامل وجبت عليهما ، ولا يجب على الموليين لأنّ الحمل لا يملك إلّا بعد انفصاله حيّا.

[ السبب ] الثاني : القرابة

وهي الإرفاق ، فلذلك لا تقضى ، والنظر في أمور :

الأوّل : فيمن ينفق عليه ، وهو الأبوان وإن علوا والأولاد وإن نزلوا ، ولا تجب على غير العمودين ، بل يستحبّ ويتأكّد على الوارث ، ولا فرق بين أولاد البنت والابن.

ولا تجب نفقة زوجة القريب وإن كان أبا ، ولا نفقة ولد ابنه ولا نفقة ولده الصّغير إذا كان له مال بل ينفق عليه من ماله ، وكذا لو قدر على التكسّب.

ويشترط في المنفق اليسر ، وهو أن يفضل معه شي‌ء عن قوت يوم له ولزوجته ، ويباع خادمه وداره فيها بخلاف الدين ، ويلزمه التكسّب ، ولا تجب على المملوك [ نفقة قريبه ] ولا على مولاه.

و [ يشترط ] في المنفق عليه : الفقر ، والعجز عن الاكتساب ، والحريّة ، فتجب على مولى الرقّ دون القريب ، ولا يشترط الإسلام ، ولا العدالة ولا نقصان الحكم والخلقة. (١)

الثاني : في قدرها ، ولا تقدير لها بل بحسب الكفاية من الإطعام ،

__________________

(١) قال العلّامة في القواعد : ٣ / ١١٤ : ولا يشترط نقصان الخلقة ولا الحكم ، بل تجب النفقة على الصحيح الكامل في الأحكام العاجز عن التكسّب.

٨٧

والكسوة والمساكن ، وزيادة الكسوة في الشتاء للتدثّر يقظة ونوما.

ولا يجب الإعفاف وإن كان أبا ، ولا نفقة الخادم إلّا مع المرض ، ولو أخلّ بالإنفاق لم يثبت في ذمّته شي‌ء إلّا أن يأمره بالاستدانة أو يأمره الحاكم ، ولو مطله واستدان بغير إذن لم يرجع ، نعم يجبره الحاكم ، فإن امتنع حبسه أو دفع إليه من ماله.

الثالث : في ترتيب المنفق والمنفق عليه ، أمّا الأوّل فتجب نفقة الأولاد على الأب دون الأمّ ، فإن فقد أو كان فقيرا فعلى الجدّ له ، فإن عدم أو أعسر فعلى أب الجدّ ، وهكذا ، فإن فقد الأجداد أو أعسروا فعلى الأمّ ، فإن عدمت أو أعسرت فعلى أبويها بالسويّة ، ثمّ على آبائها الأقرب فالأقرب ، ومع التساوي يشتركون ، ويتساوى أبواها وأمّ الأب ، وكذا الأب والولد ، والولد أولى من الأمّ ، وأولاد الذكور كالإناث ، فيتساوى الابن والبنت ، وإن قرب أحدهما تعيّن ، فيجب على البنت دون ابن الابن ، ويتساوى الموسر والمكتسب.

ولو غاب المنفق أمره الحاكم بالأخذ من ماله أو بالاقتراض عليه.

وأمّا الثاني ، فتجب للزوجة وإن تعدّدت ، فإن فضل فالأبوين والأولاد ، فإن فضل فللأجداد وأولاد الأولاد ، وهكذا الأقرب فالأقرب ، وقد تجب للأقرب والأبعد إذا أعسر الواسطة.

ولو اجتمع المتساوون في الدرجة كأبوين أو أحدهما مع ابن أو بنت أو معهما تشاركوا في الفاضل ، فلو لم ينتفع أحدهم بقسطه أقرع بينهم ، أو يقدّم من تشتد حاجته كالصغير والمريض.

ويتساوى الأجداد من الأب والأجداد من الأمّ.

٨٨

[ السبب ] الثالث : الملك

لمّا وجب حفظ المال وجب حفظ الحيوان بالإنفاق عليه ، فهنا فصلان

الأوّل : نفقة الرقيق واجبة على مالكه وإن لم ينتفع به (١) فإن امتنع جبره الحاكم على الإنفاق أو البيع ، فإن كان فقيرا ذا كسب أجبر على التكسّب أو على البيع ، فإن لم يرغب فيه راغب أجبر على الإنفاق ، ولو لم يكن ذا كسب أجبر على البيع إلّا أن يكون المملوك ذا كسب.

ولو عجز عن نفقة أمّ الولد أمرت بالتكسّب ، فإن عجزت زوّجت ، فإن لم يتّفق أنفق عليها من بيت المال ، فإن تعذّر بيعت.

ويجب قدر الكفاية من طعام وإدام (٢) وكسوة ومسكن جار عادة أمثال السيّد من [ أهل ] بلده.

وله جعل النفقة من كسبه ، فإن لم يكفه وجب الإتمام ، ولو امتنع أجبر عليه ، وأن يضرب له ضريبة والفاضل للمملوك إن رضي ، فإن كفاه وإلّا أتمّه المولى ، ولو ضرب عليه بقدر كسبه فإن قام بمئونته جاز وإلّا فلا.

وتجب على المكاتب نفقة مماليكه.

الثاني : نفقة البهائم ، وتجب نفقتها على المالك وإن لم يؤكل لحمها ولم ينتفع بها حتّى النحل ودود القزّ ، ويكفي الرّعي في السائمة إن اجتزأت به وإلّا أتمّ لها.

__________________

(١) في « أ » : وإن لم يتمتع به.

(٢) في « أ » : أو ادام.

٨٩

ولو لم ينفق فإن كانت مأكولة جبره الحاكم على العلف أو البيع أو التذكية ، فإن امتنع باعه الحاكم أو باع عقاره وإن كان دار السكنى.

ولو لم تؤكل أجبر على الإنفاق أو البيع ، ولا يجبر على الذكاة إن وقعت عليه ولا يمنع منها.

ويجب أن يوفّر اللبن للولد وله الفاضل.

ولا يجب سقي الزّرع والشجر ، لأنّه ترك التنمية لكنّه يكره ، ولا يكره ترك زراعة الأرض.

خاتمة : في الأولاد

وفيه مباحث :

الأوّل : في الولادة

ويجب استبداد النساء بالمرأة ، ولو استبدّ بها الزوج جاز ، ومع عدمهنّ يجوز للرجال الأقارب ثمّ الأجانب.

ويستحبّ غسل المولود ، والأذان في أذنه اليمنى ، والإقامة في اليسرى ، وتحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين عليه‌السلام ، فإن تعذّر فبماء عذب ، فإن فقد فبماء مزج فيه عسل أو تمر.

ثمّ يسمّيه بالأسماء الحسنة ، وأفضلها ما تضمّن العبوديّة لله تعالى ، ثمّ محمّد ، ثمّ أسماء الأنبياء والأئمّة عليهم‌السلام.

٩٠

ويكنّيه ولا يكنّى محمّد بأبي القاسم ، ويكره حكما وحكيما وخالدا ومالكا وحارثا وضرارا.

ويستحبّ يوم السّابع أربعة أشياء :

الأوّل : حلق الرأس قبل العقيقة ، والصدقة بوزن شعره ذهبا أو فضّة. وتكره القنازع (١).

الثاني : ثقب أذنه.

الثالث : الختان ، ويجوز تأخيره ويجب إذا بلغ ، ويستحبّ خفض الجواري ، ولو أسلم الكافر وجب أن يختن ، ولو أسنّ ويستحب للكافرة.

الرابع : العقيقة عن الذكر بذكر وعن الأنثى بمثلها ، ولا تجزئ الصدقة بثمنها.

ويستحبّ فيها شروط الأضحية ، وأن تخصّ القابلة بالرّجل والورك ، وإن كانت ذميّة أعطيت بثمنه ، ولو لم تكن قابلة تصدّقت به الأمّ.

ولا يسقط الاستحباب بالتأخير ، ولو أهمل الوالد عقّ الولد عن نفسه.

ولو مات الولد قبل الزّوال سقطت ، ولا تسقط بعده ، وتطبخ بالماء والملح ويدعى لها المؤمنون الفقراء ، وأقلّهم عشرة ، ولو فرق اللحم جاز.

ويكره كسر العظام وأكل الأبوين منها.

__________________

(١) القنازع واحدها قنزعة ـ بضمّ القاف والزاي وسكون النون ـ وهي أن يحلق الرأس إلّا قليلا ويترك وسط الرأس. مجمع البحرين.

٩١

البحث الثاني : في إلحاق الأولاد بالآباء

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل : [ في ] ولد الزوجة

ويلحق في الدائم بالدّخول ، وبمضيّ ستّة أشهر من حين الوطء ، وأن لا يتجاوز أقصى مدّة الحمل ، وهي عشرة أشهر ، فلو لم يدخل أو ولد لأقلّ من ستّة حيّا كاملا ، أو لأكثر من عشرة لم يلحق به ، ولم يجز له إلحاقه.

وإذا اجتمعت الشرائط لم يجز نفيه لمكان التهمة وإن كانت زانية أو شاهد زناها ، ولا لمكان العزل.

ولو وطئها مع الزّوج آخر فجورا فالولد للفراش وإن شابه الزاني في الصفات ، ولو نفاه افتقر إلى اللعان ، وكذا لو اعترف بالدّخول وولادة زوجته له وإن اختلفا في المدّة.

ومتى أقرّ بولد لم يقبل منه نفيه عنه ، ولو اختلفا في الدخول أو في ولادته قدّم قول الزّوج مع اليمين.

ولو أحبلها من زنا ثمّ تزوّجها لم يلحق به الولد ، وكذا لو أحبل أمة ثمّ اشتراها.

ولو طلّق فاعتدّت ثمّ أتت بولد ما بين الطلاق إلى أقصى مدّة الحمل لحق به إن لم توطأ بعقد ولا شبهة.

٩٢

ولو تزوّجت [ بعد العدّة ] وأتت بولد لستّة أشهر من وطء الثاني فهو له ، ولو كان لأقلّ من ستّة فهو للأوّل ، ولو كان لستّة من وطء الثاني ولأقلّ من الأقصى من وطء الأوّل أقرع ، ويحتمل أنّه للثاني ، ولو كان لأقلّ من ستّة من وطء الثاني ولأكثر من وطء الأوّل انتفى عنهما ، وكذا الأمة إذا وطئها المشتري.

[ الفصل ] الثاني : [ في ] ولد المستمتع بها

ويلحق به إذا اجتمعت شرائط الإلحاق ، ويحرم نفيه ، لكن لو نفاه انتفى بغير لعان.

[ الفصل ] الثالث : [ في ] ولد الشبهة

وحكمه كالصحيح وفي إلحاق النسب ، فلو ظنّ أجنبية زوجته فوطئها لحق به الولد ، ولو كانت أمة غرم للمولى قيمة الولد يوم سقط حيّا.

ولو ظنّها خالية ، أو ظنّت موت الزوج أو طلاقه فتزوّجها ثمّ بان الخلاف ، ردّت إلى الأوّل بعد الاعتداد من الثاني ، والولد للثاني مع الشرائط ، سواء استندت (١) إلى حكم الحاكم ، أو البيّنة ، أو إخبار مخبر.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : استند.

٩٣

[ الفصل ] الرابع : [ في ] ولد الموطوءة بالملك

من وطئ أمته فجاءت بولد لستّة أشهر فصاعدا ولم يتجاوز أقصى الحمل لزم الإقرار به ، ولا يجوز له نفيه وإن عزل ، وإن نفاه (١) انتفى بغير لعان.

ولو اعترف به ثمّ نفاه لم يقبل منه ، وبالعكس يقبل.

ولو وطئ المولى وأجنبي فجورا ، فالولد للمولى ، فإن حصلت أمارة يغلب معها الظنّ أنّه ليس منه لم يجز إلحاقه ولا نفيه ، ولا يورّثه ، وينبغي أن يوصي له بشي‌ء ، ولا يملكه الوارث ، ويملك الموصى به.

ولو وطئها الموالي في طهر واحد ثمّ تداعوا الولد أقرع بينهم ، وألحق بمن يخرج (٢) اسمه ، وأغرم حصص الباقين من قيمة الأمّ والولد يوم سقط حيّا.

ولو ادّعاه أحدهم ألحق به وألزم حصص الباقين من القيمتين.

ولو انتقلت إلى موال بعد وطء كلّ واحد من غير استبراء ، فالولد للأخير إن جاء لستّة أشهر من وطئه ، وإلّا فللّذي قبله إن جاء كذلك ، وإلّا فللسابق وهكذا.

البحث الثالث : في الرّضاع

لا يجب على الأمّ إرضاع ولدها إلّا باللّباء (٣) لأنّه لا يعيش بدونه غالبا ، فلا

__________________

(١) في « ب » و « ج » : ولو نفاه.

(٢) في « أ » : أخرج.

(٣) اللّبأ ـ بكسر اللام وفتح الباء ـ : أوّل اللبن في النتاج ، قال أبو زيد : أوّل الألبان اللّبأ عند الولادة ، وأكثر ما يكون ثلاث حلبات وأقلّه حلبة. لسان العرب مادّة ( لبأ ).

٩٤

تستحقّ الأجرة عنه ، ولا تجبر على غيره ، مسلمة كانت أو ذمّية وإن اعتادت الإرضاع ، ولها المطالبة بالأجرة ، وعلى الأب بذلها إن لم يكن للولد مال وإلّا ففي ماله.

ويصحّ استئجارها وإن كانت في حباله ، ولها أن ترضعه بنفسها أو بغيرها إلّا أن يعيّنها.

وللمولى إجبار أمته ، ولو طلبت الزّوجة ما طلبه غيرها فهي أولى.

ولو طلبت أزيد فللأب الامتناع وإن كان بقدر أجرة المثل أو أقلّ.

ولو تبرّعت الأجنبيّة فالأمّ أولى إن تبرّعت.

ولو ادّعى وجود متبرّعة فعليه إبانتها.

وأفضل ما رضع لبن أمّه ، ولو أرضعته بغير إذن فلا رجوع لها.

ونهاية الرضاع حولان ، ويجوز نقص ثلاثة أشهر وزيادة شهرين ، ولا تجب أجرتهما.

البحث الرابع : في الحضانة

وهي ولاية على تربية الولد ، وتستحقّها الأمّ المسلمة الحرّة العاقلة ، ولا تشترط العدالة ، فالأب الحرّ المسلم العاقل أولى من الأمّ الكافرة أو المملوكة أو المجنونة ، ومدّتها مدّة الرضاع ، وكذا لو طلّقها ما لم تتزوّج ، فإذا فصل فالأب أحقّ بالذكر والأمّ أحقّ بالأنثى إلى سبع سنين ما لم تتزوّج الأمّ ، فإن طلّقت بائنا عادت حضانتها في الحال وبعد العدّة في الرجعيّة.

٩٥

ولو مات الأب فالأمّ أحقّ بالولد من كلّ أحد حتّى يبلغ وإن تزوّجت ، وكذا لو كان الأب كافرا أو مملوكا أو مجنونا ، فإن أسلم أو أعتق أو أفاق صار أحقّ.

ولو فقد الأبوان فالجدّ وإن علا ، فإن فقد ترتّب الأقارب ترتّب الإرث ، (١) فإن تساوت الدرجة قدّم من زادت قرابته أو نصيبه ، فالأخت من الأبوين أولى من الأخت لأحدهما ، والأخت للأب أولى من الأخت للأمّ ، والجدّة للأب أولى من الجدّة للأمّ ، والجدّة أولى من الأخت ، لأنّها أمّ ، والعمّة أولى من الخالة.

وإذا تعدّد المساوي أقرع ، وإذا غاب الأولى أو امتنع كانت للأبعد ، فإن عاد رجع على حقّه.

والبحث في المجنون كالطفل.

__________________

(١) في « أ » : ترتيب الإرث.

٩٦

القسم الثالث

في الايقاعات

وفيه كتب :

كتاب الطلاق

والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه

٩٧
٩٨

[ النظر ] الأوّل : في الأركان

وهي أربعة :

[ الركن ] الأوّل :

المطلّق

ويعتبر فيه شروط :

الأوّل : البلوغ ، فلا يصحّ طلاق الصّبي وإن بلغ عشرا وكان مميّزا ، ولا يصحّ من الوليّ عنه إلّا إذا بلغ فاسد العقل مع الغبطة.

الثاني : العقل ، فلا يصحّ طلاق المجنون والمغمى عليه لمرض وغيره ، وكذا السكران ، ولو اعتوره الجنون صحّ مع الإفاقة ، ويصحّ طلاق الولي عنه ، لا عن السكران (١) والمغمى عليه ، وشارب المرقد ، فإن فقد طلّق عنه السلطان أو من ينصبه.

__________________

(١) في « أ » : « لا عن المملوك » بدل « لا عن السكران ».

٩٩

الثالث : الاختيار ، فلا يصحّ طلاق المكره ، ويتحقّق الإكراه إذا غلب على ظنّه فعل القادر ما توعّده عليه في نفسه ، أو ماله ، أو ما يجري مجرى نفسه ، كالولد والأب والأخ ، من الجرح ، والضرب ، والشتم ، وأخذ المال وإن قلّ ، ولا إكراه مع الضّرر اليسير ، ويختلف باختلاف الناس ، فربّ متألّم بشي‌ء لا يعبأ به غيره.

ولو ظهرت أمارة الاختيار صحّ طلاقه ، كأن يأمره بالكناية فيصرّح ، أو بطلاق غير معيّنة فيعيّن.

الرابع : القصد ، فلا يصحّ من الساهي والنائم والغالط وإن نطق بالصريح ، وكذا لو لقّن الصّيغة من لا يفهمها ولو ادّعى عدم القصد قبل في الظاهر ودين بنيّته وإن تأخّر ما لم تخرج العدّة.

ولو قال الخالي : زوجتي طالق ، فبان أنّ وكيله زوّجه ، أو نسي أنّ له زوجة أو ظنّ أجنبيّة زوجته أو بالعكس وطلّق لم يصحّ.

ويصحّ التوكيل في الطلاق للغائب والحاضر ، للمرأة وغيرها ، فلو أمرها بالطلاق ثلاثا فطلّقت واحدة أو بالعكس صحّت واحدة.

الركن الثاني :

المطلّقة

وشروطها خمسة :

الأوّل : كونها زوجة ، فلا يقع بالمملوكة والأجنبيّة وإن علّقه بالتزويج ، سواء أطلق أو عيّن ، ولا بالموطوءة بالشبهة.

١٠٠