معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

ولو قذف الأب ولده أو أمّه الميّتة ولا وارث لها إلّا الولد لم يحدّ وعزّر ، ولو كان لها ولد من غيره فله الحد كملا.

ولو قذف الولد أباه حدّ ، وكذا لو قذف أمّه وبالعكس ، وكذا الأقارب.

ولو تقاذف محصنان عزّرا.

المبحث الرابع :

في الحدّ

وهو ثمانون جلدة ، سواء الحرّ والعبد ، ويجلد بثيابه ضربا متوسّطا ، ويشهّر لتجتنب شهادته ، ويورث كالمال عدا الزّوجين.

ولا يسقط منه شي‌ء بعفو البعض بل يستوفيه من لم يعف وإن كان واحدا.

ولو عفا المستحقّ لم يكن له المطالبة بعده ، وله العفو قبل التوبة وبعدها ، ولا اعتراض للحاكم ، وليس له إقامة الحدّ إلّا مع المطالبة.

ويسقط الحدّ بالعفو ، أو بالبيّنة ، أو بتصديق المقذوف ، وفي الزّوجة باللعان أيضا.

ولو تكرّر القذف من واحد وتعدّد المقذوف تعدّد الحدّ مطلقا ، ولو اتّحد فإن لم يتخلّله الحدّ كفى حدّ واحد ، وإلّا تكرّر ، فيقتل في الرابعة.

ولو تعدّد القاذف تكرّر الحدّ وإن اتّحد المقذوف.

٥٠١

لو قذف جماعة بلفظ واحد فإن جاءوا مجتمعين فللجميع حدّ ، وإن تفرّقوا فلكلّ واحد حدّ ، وكذا لو قال : يا ابن الزانيين مع الاجتماع والافتراق.

ولو قال : ابنك زان أو لائط ، أو ابنتك زانية ، فالحدّ للولد ، وليس للأب المطالبة إلّا في الولد الصغير ، فانّ له استيفاء التعزير.

ولو حدّ فقال : الّذي قلت كان صحيحا عزّر ، وكذا لو قذفه بوطء البهيمة وبالتقبيل أو بالمضاجعة أو المساحقة.

ولو قذف المولى عبده أو أمته عزّر كالأجنبيّ ، ويثبت التعزير له لا لمولاه ، فليس له العفو مع مطالبة العبد وبالعكس ، نعم لو مات ورثه المولى.

ولا يزاد في تأديب الصبيّ أو المملوك على عشرة أسواط ، فإن بلغ الحدّ استحقّ عتقه.

ولا يعزّر الكفّار مع التنابز بالألقاب ، والتعيير بالأمراض ، إلّا مع خوف الفتنة ، فيحسمها الإمام بحسب ما يراه.

وكلّ من فعل محرّما ، أو ترك واجبا ، عزّره الإمام بما يراه ، ولا يبلغ حدّ الحرّ في الحر ولا حدّ العبد في العبد.

ويثبت القذف بشهادة عدلين ، أو الإقرار مرّتين.

ويشترط في المقرّ التكليف ، والحريّة ، والاختيار ، ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمّات ، وكذا موجب التعزير.

٥٠٢

ويجب قتل من سبّ النبيّ أو أحد الأئمة عليهم‌السلام ، ويحلّ قتله لكلّ من سمعه إذا أمن على نفسه وماله وغيره من المؤمنين.

ويجب قتل مدّعي النبوّة ومن شكّ في نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أو في صدقه ، وهو على ظاهر الإسلام.

ويقتل السّاحر المسلم ، ويؤدّب الكافر.

ويقتل من قذف أبوي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويعزّر لو نالهما بدونه.

٥٠٣

الفصل الخامس : في حدّ الشرب

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

في الموجب

وهو تناول المسكر أو الفقّاع مع الكمال والعلم بالتحريم والاختيار.

ويراد بالتناول الشرب حتّى القطرة والاصطباغ ، وأكله في الأدوية والأغذية وإن لم يسكر.

ويستوي الخمر وغيره من الأنبذة في النجاسة والتحريم ، وكذا العصير إذا غلى واشتدّ من نفسه أو بالنار أو بالشمس وإن لم يقذف بالزّبد ، إلّا أن ينقلب خلًّا أو يذهب ثلثاه بالغليان.

وغير العصير لا يحرم إلّا إذا حصلت فيه الشدّة المسكرة ، فلو غلى الزبيب أو التمر لم يحرم.

ولا حدّ على الصّبيّ والمجنون والمكره ، سواء توعّد عليه أو وجر

٥٠٤

في حلقه ، ولا على الحربيّ ، والذّميّ المستتر ، ولا على جاهل المشروب ، ولا على المضطرّ للعطش أو لإساغة لقمة أو غير ذلك.

ولا يعذر العالم بالتحريم إذا جهل وجوب الحدّ.

ولا يجوز التداوي به وإن ركّب مع غيره كالترياق إلّا أن يخشى التلف.

ويثبت بشاهدين عدلين ، أو بالإقرار مرّتين من بالغ عاقل مختار حرّ.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.

ولو شهد واحد بشربها وآخر بقيئها حدّ ، ولو شهدا بالقي‌ء حدّ على توقّف.

المبحث الثاني :

في الحدّ

وهو ثمانون جلدة ، ويستوي الرّجل والمرأة ، والحرّ والعبد ، والمسلم والكافر المتظاهر.

ويضرب عريانا على ظهره وكتفيه ، ويتّقى وجهه وفرجه ، ولا يحدّ إلّا بعد الإفاقة.

وإذا حدّ مرّتين قتل في الثالثة.

ولو تكرّر من غير حدّ فحدّ واحد.

٥٠٥

المبحث الثالث :

في الأحكام

لو شرب الخمر مستحلّا ارتدّ ، ولو باعها مستحلّا استتيب ، فإن تاب وإلّا قتل ، وغير المستحلّ يعزّر ، ولو شرب غيرها مستحلّا لم يقتل بل يحدّ ، ولو باعها مستحلّا أدّب وإن لم يتب.

وإذا تاب قبل قيام البيّنة سقط الحدّ لا بعدها ، ولو كان مقرّا تخيّر الإمام.

ولو زاد الحدّاد بإذن الحاكم فمات ، ضمن نصف الدية إن كان عالما ، وإلّا ضمنه الحاكم إن تعمّد ، وإلّا في بيت المال.

ولو زاد [ الحدّاد ] بغير إذن الحاكم فالنصف في ماله إن تعمّد وإلّا فعلى عاقلته ، وللوليّ القصاص.

ومقتول الحدّ أو التعزير هدر.

ولو أنفذ الحاكم إلى حامل لإقامة الحدّ فأجهضت خوفا ، فدية الجنين في بيت المال.

ومن اعتقد إباحة محرّم بالإجماع ، أو فعله مستحلّا كالميتة والدم ولحم الخنزير ونكاح المحرّمات ، فهو مرتدّ ، ولو فعله لا مستحلّا عزّر ولو ادّعى جهل التحريم ، قبل مع إمكانه.

٥٠٦

الفصل السادس : في حدّ السرقة

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

[ في ] السارق

ويعتبر فيه أمور :

الأوّل : البلوغ ، فلا يقطع الصّبيّ بل يؤدّب وإن تكرّرت منه السّرقة ، وقيل : يعفى عنه ، ثم يؤدّب ، ثمّ تحكّ أنامله حتّى تدمى ، ثمّ تقطع أنامله ، ثمّ يقطع كالرجل. (١)

الثاني : العقل ، فلا يقطع المجنون وإن تكرّرت ، بل يؤدّب.

الثالث : الاختيار ، فلا يقطع المكره.

الرابع : انتفاء الأبوّة ، فلا يقطع السارق من ولده ، وتقطع الأمّ والولد والأقارب والأصدقاء.

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧١٦ ـ كتاب الحدود ـ.

٥٠٧

الخامس : انتفاء الشبهة ، فلو توهّم الملك فبان خلافه ، أو سرق من الغنيمة ، أو من بيت المال ، أو ممّن يجب عليه نفقته ، أو من الغريم المماطل ، أو الفقير من الزكاة ، أو الهاشمي من الخمس ، أو مال مكاتبه لم يقطع ، وكذا لو سرق من المشترك ما يظنّه نصيبه فزاد بقدر النصاب ، ولو علم الزيادة قطع.

السادس : أن يهتك الحرز منفردا أو مشتركا ، فلو هتك فاخرج غيره لم يقطع أحدهما.

السابع : أن يخرج المتاع بنفسه أو بالشركة مباشرة أو تسبيبا ، كوضعه على دابّة أو طائر ، أو على الماء ثمّ يخرج.

ولو أمر بالإخراج صبيّا غير مميّز أو مجنونا قطع الآمر ، لأنّهما كالآلة.

الثامن : أن يأخذ سرّا ، فلا يقطع المتظاهر بالأخذ ، ولا المستأمن إذا خان.

ولا فرق بين المسلم والكافر ، والذكر والأنثى ، والأعمى والمبصر ، والحرّ والمملوك ، ولو سرق من مولاه لم يقطع ، بل يؤدّب.

ويقطع الأجير لو أحرز المال من دونه ، وكذا الضيف والزوج والزوجة.

٥٠٨

المبحث الثاني :

[ في ] المسروق

ويعتبر فيه أمور :

الأوّل : كونه مالا ، فلو سرق الحرّ الصغير وباعه قطع لفساده لا حدّا ، ولو لم يبعه أدّب ، ولا يقطع بحليته وثيابه وإن بلغت النصاب.

ولو سرق العبد الصّغير قطع ، وكذا الكبير المجنون ، والنائم ، والمغمى عليه.

ويقطع بالكلب المملوك إذا بلغت قيمته النصاب.

الثاني : كونه ملكا لغير السارق ، فلو سرق ماله من حرز المستأجر ، أو المستعير ( إذا لم يهب ) (١) أو المرتهن ، أو الودعي ، أو الوكيل ، أو الغاصب ، أو المضارب ، أو سرق مال عبده المختصّ لم يقطع.

ولو تجدّد ملكه قبل الإخراج من الحرز أو بعده قبل المرافقة لم يقطع ، ولو ملكه بعدها قطع.

ولو قال [ السارق ] : سرقت مالي لم يقطع ، وكذا لو قال : مال ولدي أو سيّدي وإن كذّباه.

__________________

(١) ما بين القوسين يوجد في « ب » و « ج ».

٥٠٩

الثالث : احترامه ، فلو سرق خمرا أو خنزيرا لم يقطع وإن كان من ذمّيّ مستتر ، نعم يغرم قيمته.

ويقطع المسلم بمال الذمّيّ دون الحربيّ ، ويقطع كلّ أحد بمال المسلم.

ولو سرق آلة اللهو أو آنية محرّمة فإن بلغت قيمة الرضاض النصاب قطع وإلّا فلا ، ولو قصد الكسر لم يقطع.

الرابع : النصاب ،وهو ربع دينار ذهبا خالصا ، مضروبا بسكّة المعاملة ، أو ما قيمته ذلك ، وإن كان أصله مباحا حتّى الطين والرخام ، وكذا المصحف والموقوف ، فلو سرق ربعا من الذهب الإبريز (١) وقيمته أقلّ من الربع المضروب لم يقطع.

ولو سرق خاتما وزنه أقلّ من ربع وقيمته ربع قطع.

ولو سرق ما يظنّه أقلّ من النصاب وهو نصاب قطع.

ولو سرق ثوبا قيمته أقلّ وفيه نصاب لم يعلمه فلا قطع.

ويشترط انفصاله عمّا في الحرز ، فلو أخرج نصف الثوب من النقب وهو متّصل بالباقي ، وقيمته نصاب ، لم يقطع.

الخامس : أن يكون محرزا بغلق أو قفل أو دفن ، فلو سرق من الحمام ، أو المواضع المأذون في غشيانها كالمساجد لم يقطع وإن راعاه المالك ، وكذا لو سرق ستارة الكعبة ، أو النعم في الصحراء وإن أشرف عليها الرّاعي ، أو الثمرة

__________________

(١) في مجمع البحرين : الإبريز : الذهب الخالص من الكرورات ، معرّب والهمزة والباء زائدتان.

٥١٠

على الشجر إلّا أن تكون محرزة ، أو من الجيب والكمّ الظاهرين ، ويقطع من الباطنين.

ويقطع سارق باب الحرز وإن كان مفتوحا ، وسارق الكفن وإن لم يكن نصابا ، ولو نبش ولم يأخذ عزّر ، ولو تكرّر وفات السلطان قتل ، ولو سرق من القبر غير الكفن لم يقطع.

ولو آجر الحرز أو أعاره ثمّ سرق منه قطع بخلاف المغصوب ، وكذا لو سرق منه غير المالك.

ورخّص عدم القطع فيمن سرق مأكولا في عام مجاعة.

السادس : إخراج النصاب من الحرز ، فلو أحدث فيه ما ينقص قيمته قبل إخراجه لم يقطع ، ولو ابتلعه ثمّ خرج به ، فإن تعذّر خروجه لم يقطع ، وإلّا قطع.

ولو هتك الحرز جماعة وأخذوا قطعوا إن بلغ نصيب كلّ واحد نصابا ، ولو بلغ نصيب واحد دون الآخر قطع الأوّل دون الثاني.

ولو اشتركا في النقب ثمّ قرّبه أحدهما وأخرجه الآخر قطع المخرج خاصّة.

ولو وضعه في وسط النقب وأخرجه الآخر لم يقطع أحدهما.

ولو أخرج المال ثمّ أعاده ففي القطع توقّف.

ولا يشترط الإخراج دفعة.

٥١١

المبحث الثالث :

في طريق ثبوته

ويثبت بشاهدين عدلين ، أو بالإقرار مرّتين من بالغ عاقل حرّ مختار.

ويثبت برجل وامرأتين أو بالإقرار مرّة الغرم خاصّة ، وكذا باليمين المردودة.

ولو أقرّ المحجور عليه لفلس أو سفه قطع ويتبع بالمال إذا زال الحجر.

ويجب في الشهادة التفصيل ولو رجع بعد الاقرار مرّتين لم يسقط شي‌ء ولو أكره على الإقرار فردّ المسروق بعينه قيل : يقطع. (١)

ولو أقر العبد فإن صدقه مولاه قطع وإلّا تبع بالمال.

ويستحبّ للحاكم التعريض بالإنكار.

ولو تاب قبل الثبوت سقط الحدّ دون الغرم ، ولو تاب بعد البيّنة وجبا ، وكذا قيل بعد الإقرار مرّتين. (٢)

__________________

(١) القائل هو الشيخ في النهاية : ٧١٨.

(٢) في « أ » : « وكذا قبل الإقرار مرّتين » وفي بعض النسخ : « وكذا قبله بعد الاقرار مرّتين » ولعلّ الصحيح ما في المتن. قال في القواعد : ٣ / ٥٦٥ : ولو تاب بعد الإقرار مرّتين ـ على رأي ـ أو رجع بعد المرّتين لم يسقط الحدّ ولا الغرم.

٥١٢

المبحث الرابع :

في الحدّ

وهو قطع الأصابع الأربع من اليمين ، وتترك الراحة والإبهام ، ولو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ، ويترك العقب ، ولو سرق ثالثا حبس دائما ، فإن سرق في الحبس قتل.

ولو تكرّرت السرقة من غير حدّ كفى الواحد.

ولو كان له إصبع زائدة متّصلة بإحدى الأربع قطع ثلاث.

ولو نقصت يده إصبعا أو أكثر اقتصر على قطع الباقي ، وتترك له الراحة والإبهام.

وتقطع اليمنى وإن كانت شلّاء أو كانت اليسار شلّاء ، أو كانتا شلّاوين ، وكذا لو لم يكن له يسار.

ولو ذهبت يمناه بعد السرقة لم يقطع اليسار ، وكذا لو سرق ولا يمين له ، وقيل : يقطع يساره (١) وقيل : رجله اليسرى. (٢)

ولو فقد اليدين والرّجل قيل : يحبس (٣).

__________________

(١) ذهب إليه الشيخ في النهاية : ٧١٧ والعلّامة في القواعد : ٣ / ٥٦٦.

(٢) وهو خيرة الشيخ في المبسوط : ٨ / ٣٩.

(٣) لاحظ النهاية : ٧١٧.

٥١٣

ولو كان له كفّان قطعت أصابع الأصليّة ، ولو اشتبهت فتوقف.

ولو تعمّد الحدّاد أو قطع اليسار اقتصّ منه ، وقطعت اليمنى بالسرقة.

ولو ظنّها اليمنى فعليها الدّية ، وفي سقوط القطع نظر ، ولا يضمن سراية الحدّ وإن أقيم في حرّ أو برد.

ويستحبّ الحسم بالزيت المغلي وعليه مئونته.

المبحث الخامس :

في الأحكام

يجب ردّ العين على المالك ومع التلف مثلها ، ولو تعذّر أو لم يكن له مثل ، فالقيمة ولو عابت ضمن الأرش ، ويضمن النقص والأجرة.

ولو فقد المالك فإلى وارثه ، ومع عدمه فإلى الإمام.

ولو شهدت البيّنة فقطع ، ثمّ شهدت بأخرى لم تقطع رجله على الأقوى ، سواء اتّحد المالك أو لا ، وسواء اتّحد الشهود (١) أو لا.

ولو سرق فلم يقدر عليه فسرق ثانيا أغرم المالين وقطع بالأولى.

ويقف القطع على المطالبة ، فلا يرفعه الإمام وإن علم ، أو قامت البيّنة أو أقرّ.

__________________

(١) في « أ » : « اتّحد المشهود ».

٥١٤

ولو وهب المالك العين ، أو عفا عن القطع فإن كان قبل المرافعة سقط لا بعدها ، ولو كذب البيّنة لم يسقط القطع.

ولو ادّعى الملك أو الانتقال إليه سقط ، وكذا لو ادّعى انّه ملك شريكه في السرقة وإن أنكر الشريك.

ولو اختلف الشاهدان في العين ، أو الصّفة ، أو في الزمان أو في المكان ، سقط القطع.

٥١٥

الفصل السّابع : في حدّ المحارب

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : المحارب من جرّد سلاحا في برّ أو بحر ليلا أو نهارا في مصر وغيره لإخافة الناس ، سواء الذكر والأنثى ، قويّا أو ضعيفا ، من أهل الريبة (١) أو لا.

ولا يشترط السّلاح ، فلو أخاف بالحجر أو العصا فهو محارب ، ولا أخذ المال بل قصد الأخذ قهرا.

ولا حدّ على المستلب ، والمختلس ، والمحتال بالتزوير ، والرسائل ، والبنج ، والمرقد ، بل يعزّر ويعيد المال ، ويضمن جناية ذلك.

__________________

(١) أي المتّهم بالإخلال في المجتمع ، وهذا ما يعبّر عنه في بعض الكتب بالأشقياء.

وفي الدّر المنضود : ٣ / ٢٢٥ تقريرا لدروس السيّد الفقيه الگلپايگاني قدس‌سره « المراد من كونه من أهل الريبة : كونه بحيث يحتمل في حقّه ذلك بأن كان من قبل من أهل الشّر والفساد ، في قبال من كان من الصلاح والسّداد على حال لا يحتمل في حقّه ذلك.

وحيث إنّ المراد من المحارب هنا ليس كلّ من أتى بحرام وارتكب معصية ، بل المراد كما تقدّم هو من حارب المسلمين فقد أطلق عليه المحارب لله ورسوله تعظيما للفعل ، فمن قال باعتبار الريبة لعلّه يقول به باعتبار دخل ذلك في صدق عنوانه ، وأنّه إذا كانت له سابقة في الشّرارة والفساد فإنّه يوجب كونه محاربا ».

٥١٦

واللّص محارب ، فإن دخل دارا فلصاحبها دفعه فإن قتله اللّص ضمنه ، وإن قتل فهدر ، ويجوز الكفّ عنه إلّا أن يريد النفس ، فلا يجز الاستسلام ، ولو عجز عنه وجب الهرب مع التمكّن.

ويثبت بشهادة عدلين أو بالإقرار مرّة من أهله.

ولا تقبل شهادة النساء منفردات ولا منضمّات.

ولو شهد بعض اللصوص على بعض أو بعض المأخوذين لبعض لم تقبل ، ولو قالوا : عرضوا لنا أو أخذ هؤلاء قبل ، وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض وتغاير المشهود عليه.

المبحث الثاني : في الحدّ

ويتخيّر الإمام بين القتل والصّلب والقطع والنفي عن بلده.

وقال الشيخ (١) : يقتل قصاصا إن قتل ، ولو عفا الوليّ قتل حدّا ، ولو قتل ، وأخذ المال ، استعيد منه ، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثمّ يقتل ويصلب.

ولو أخذ المال خاصّة قطع مخالفا ، ونفي ، ولو جرح خاصّة اقتصّ منه ، ونفي ولو أشهر (٢) السّلاح وأخاف خاصّة نفي.

وإذا قتل المحارب طلبا للمال ، قتل قودا مع التكافؤ وإلّا قتل حدّا ، وكذا لو

__________________

(١) لاحظ النهاية : ٧٢٠.

(٢) في « أ » : « اشتهر » ولعلّه مصحّف.

٥١٧

عفا الوليّ وإن لم يكن كفوا ، ولو قتل لا للمال فهو عامد أمره إلى الوليّ ، فلو عفا لم يقتل حدّا.

ولو جرح للمال اقتصّ الوليّ ، فإن عفا سقط قتله حدّا.

ويصلب المحارب حيّا عندنا ، ولا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيّام ، ثمّ ينزل ، ويغسّل ، ويكفّن ، ويصلّى عليه ، ويدفن ويصلب مقتولا عند الشيخ (١) فيؤمر قبل ذلك بالاغتسال والتكفين ، ثمّ لا يعادان بعد قتله.

وإذا قطع بدئ باليمنى ، وتحسم ، ثمّ تقطع رجله اليسرى ، وتحسم ، ولا يجب الحسم.

ولو فقد أحد العضوين قطع الآخر.

وإذا نفي كتب إلى بلد النفي بمنع معاملته ومؤاكلته ومجالسته إلى أن يتوب ، ويمنع من بلاد الحرب ، ويقاتلون حتّى يخرجوه.

ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحدّ ، دون المال والقصاص ، ولو تاب بعدها لم يسقط.

المبحث الثالث : في الدفاع

للإنسان أن يدفع عن نفسه وحريمه وماله ، ويجب الأسهل فالأسهل ، فيقتصر على الصياح ، ثمّ الضرب بالعصا ، ثمّ بالسلاح.

ودم المدفوع هدر ، والدّافع كالشهيد ، ويستوي الحرّ والعبد ، والمسلم والكافر.

__________________

(١) النهاية : ٧٢٠.

٥١٨

ولا يبدأه حتّى يتحقّق قصده إليه ، فلو أدبر كفّ عنه ، ولو عطّله مقبلا لم يدفّف عليه ، ولو قطع يده مقبلا ، لم يضمن الجرح ولا السراية ، فإن قطع الأخرى مدبرا ضمنها ، فإن سرت الأولى فالقصاص في اليد ، وإن سرت الثانية فالقصاص في النفس ، ولو سرتا اقتصّ في النصف بعد ردّ نصف الدّية.

ولو قطع يده مقبلا ، ورجله مدبرا ، ثمّ يده مقبلا ، وسرى الجميع ، أو قطع يده (١) مقبلا ثمّ رجله مدبرا ، وسرى الجميع ضمن نصف الدية فيهما ، أو يقتصّ منه بعد ردّ النصف.

ولمن وجد مع زوجته أو ولده أو مملوكته أو غلامه من ينال منهم دون الجماع أن يدفعه ، فإن أتى الدفع عليه فهدر.

ومن اطّلع على قوم فلهم زجره ، فإن أصرّ فرموه بحصاة أو عود فهدر ، ولو رموه من غير زجر ضمنوه.

ولو كان المطّلع رحما لنساء صاحب المنزل ، اقتصر على زجره ، فإن رماه ضمن جنايته إلّا أن تكون إحداهنّ مجرّدة.

ولو قتله في منزله وادّعى أنّه أراد نفسه أو ماله ، وأقام بيّنة أنّه دخل بسيف مشهر (٢) مقبلا عليه سقط الضمان.

وللإنسان دفع الدابة الصّائلة عن نفسه ، ولا ضمان ، ولو انتزع يده من العاضّ فبدت أسنانه فهدر ، وله تخليص نفسه بالكم والجرح والقتل ، ولا يتخطّى إلى الأشقّ إلّا مع الحاجة ، فلو خالف ضمن.

__________________

(١) في « أ » : يديه.

(٢) في « أ » : مشتهر.

٥١٩

ولو أدّب زوجته تأديبا مشروعا ، قيل : يضمن. (١)

ولو أدّب الأب أو الجدّ له الصّبيّ فمات ضمنا الدية في مالهما.

ولو قطع السّلعة بإذن صاحبها فمات فلا دية ، ولو قطعها من المولّى عليه ضمن الدّية ، وليّا كان أو أجنبيّا.

والزّحفان (٢) العاديان ضامنان ، فلو صال أحدهما فقصد الآخر الدفع ، ضمن الأوّل ما يجنيه دون الثاني إن لم يتجاوز قدر الحاجة.

ولو تجارح اثنان وادّعى كلّ واحد الدفع حلفا وضمنا.

ولو أمره نائب الإمام بالصعود إلى نخلة أو بالنزول إلى بئر فمات ، فإن أكرهه ضمن الدّية في ماله ، ولو كان لمصلحة عامّة ففي بيت المال ، ولو لم يكرهه فلا ضمان ، وكذا لو أمره غيره ولم يكرهه.

__________________

(١) القائل هو الشيخ في المبسوط : ٨ / ٦٦.

(٢) وفي جمهرة اللغة : ١ / ٥٢٧ : « التقى الزحفان أي الجيشان ». وقد استعمله المصنّف في الفارسين وفي القواعد : ٣ / ٥٧٢ مكان : « الزحفان » : « الفارسان ».

٥٢٠