معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

مانع من الانعقاد ، كالفسق ، والعمى ، والجنون ، والإغماء ، وغلبة النسيان ، ولا تعود بزواله.

ويجوز العزل لمصلحة أو لوجود أكمل لا اقتراحا ، وينعزل عند بلوغ الخبر (١) ، ثمّ ينعزل بانعزاله كلّ منصوب من قبله.

ولو عزل بعد قيام البيّنة قبل الحكم ، ثمّ ولي أعيدت ، ولو خرج إلى غير ولايته ثمّ رجع لم تعد.

ولا يقبل قوله بعد العزل في القضاء قبله ، ولا شهادته مع غيره أنّ هذا حكم به قاض إن علم أنّه أراد نفسه ، وإلّا قبل ظاهرا.

ولو ادّعى على المعزول القضاء بشهادة فاسقين لم تقبل إلّا بالبيّنة ، وله إحلافه.

المقدّمة الثانية :

في صفات القاضي

وهي البلوغ ، والعقل ، والإيمان ، والعدالة ، والذكورة ، وطهارة المولد ، والعلم ، والكتابة ، والبصر ، والحريّة ، وغلبة الحفظ على النسيان ، وعدم الخرس ، لا الصّمم.

ويشترط أمانته ، ومحافظته على فعل الواجبات ، واستقلاله بشرائط الفتوى ، ولا يكفيه فتوى العلماء.

__________________

(١) في « أ » : عند بلوغه الخبر.

٣٤١

ولو اقتضت المصلحة تولية من لم يستكمل الشرائط جاز.

والحكم كالشهادة ، فلا ينفذ حكم الولد على والده ، والعدوّ على عدوّه ، وكذا أحد الخصمين على الآخر ، ويحكم الأب لولده وعليه ، والأخ على أخيه وله.

ومن يتعيّن عليه القضاء إن كان له كفاية لم يحلّ له الرزق من بيت المال ، وإلّا حلّ ، ومن لم يتعيّن جاز له الأخذ والأفضل الترك.

ولا يجوز أخذ الجعل من الخصمين وإن لم يتعيّن عليه وإن كان به ضرورة على الأقوى ، ولو انتفى أحدهما لم يجز قطعا.

ولا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على التحمّل والإقامة وإن لم يتعيّن عليه ، ويجوز أخذ مئونة السّفر.

ويجوز الأخذ من بيت المال للمؤذّن ، والقاسم ، والكاتب ، والمترجم وصاحب الديوان ، ووالي بيت المال ، والكيّال ، والوزّان ، ومعلّم القرآن والآداب.

المقدّمة الثالثة :

في آداب القضاء

وهي أربعة أنواع :

الأوّل : يستحبّ أن ينادي بقدومه ، ويواعد الناس يوما لقراءة عهده ، ويتوسّط البلد ، ويتعرّف بمن يحتاج إلى معرفته ، ويجلس للقضاء في موضع متّسع بارز ، ويبدأ بأخذ ما في يد المعزول ، من حجج الناس ،

٣٤٢

وودائعهم ، والمحاضر ، وهي نسخ ما ثبت عند الحاكم ، والسجلّات ، وهي نسخ ما حكم به.

ثمّ ينظر في حال المحبوسين ، فمن حبس بحقّ أقرّه ، ومن حبسه بظلم أطلقه ، ومن جهل حاله سأل عن حاله ، فإن قال : لا خصم لي نودي (١) عليه ، فإن لم يظهر له خصم حلّفه وأطلقه.

وإن قال : حبست ظلما ، طلب خصمه ، فإن امتنع أطلق ، وإن حضر طولب بالبيّنة ، فإن أقامها أقرّ ، وإلّا أطلق ، وإن كان غائبا كوتب بالحضور ، فإن لم يحضر أطلق.

ثمّ ينظر في حال الأوصياء ، وأموال الأيتام والمجانين ، ويعتمد على ما يجب من انفاذ أو تضمين أو إسقاط ولاية للبلوغ والرشد ، أو لظهور خيانة ، أو من ضمّ مشارك لظهور عجز ، أو استبدال لفسق ، وينفذ تصرّف الأمين.

ثمّ ينظر في أمناء الحكم ، الحافظين لأموال الأيتام ، والمجانين ، والمحجور عليهم ، والودائع والوصايا ، ويعتمد معهم ما يجب من إقرار ، أو إمضاء ، أو إعانة.

ثمّ ينظر في الضّوال واللقط ، فيبيع ما يخشى تلفه ، أو يستغرق نفقته قيمته ، ويستبقي ما عدا ذلك لأربابه ، ويسلّم إلى الملتقط ما عرفه حولا إن كان في غير يده.

ثمّ يجلس في أحسن هيئته على سكينة ووقار مستدبر القبلة.

ويحضر عنده من العلماء من عسى أن ينبّهه على الخطأ ، أو يوضح له ما يشكل عليه.

__________________

(١) في « أ » : ينادي.

٣٤٣

ويرتّب الكاتب ، والقاسم ، والوزّان ، ويرغّب في الصلح ، وينجز الحكم مع الامتناع.

الثاني : يكره اتّخاذ حاجب وقت القضاء ، والقضاء في المسجد دائما ، والانقباض المانع من اللحن بالحجّة ، أو اللين المفضي إلى جرأة الخصوم ، ومع كلّ شاغل للنفس كالغضب ، والوجع ، والجوع ، والعطش ، والغمّ ، والفرح ، والنعاس ، ومدافعة الأخبثين ، ولو قضى مع ذلك نفذ إن كان حقّا وإلّا ضمن ما يتلف من بيت المال ، وأن يتولّى البيع والشراء لنفسه وأن يرتّب للشهادة قوما معيّنين ، وأن يضيف أحد الخصمين دون الآخر ، وأن يشنع في إسقاط أو إبطال ، وأن يحضر وليمة الخصوم ، ولا بأس بوليمة غيرهم إذا لم يقصد بالدّعوة. (١)

الثالث : يجب إعداء من استعدى ، فإن كان الغريم حاضرا ، استدعاه وإن لم يحرّر الدعوى وإن لم يعلم بينهما معاملة ، وإن كان غائبا حرّر الدعوى ، ثمّ يستدعيه إن كان في بعض ولايته ولا خليفة له فيها ، وإلّا أثبت الحكم عليه بالحجّة ، ولو امتنع من الحضور أو التوكيل جاز الحكم عليه.

والمرأة إن كانت برزة حضرت وإلّا وكّلت ، وإلّا بعث إليها من ينوبه في الحكم ، ولو ثبت عليها يمين بعث وكيله يحلّفها بحضور شاهدين.

وإن تساوى الخصمان في الإسلام والكفر ، وجب على الحاكم التسوية في القيام ، والسلام ، والنظر ، والإكرام ، والجلوس ، والخطاب ، والإنصات ، والعدل في الحكم ويجوز رفع المسلم على الذّمي في المجلس ، وكون المسلم جالسا والذّمي قائما.

__________________

(١) في القواعد : ٣ / ٤٢٩ مكان العبارة : « إذا لم يكن هو المقصود بالدّعوة ».

٣٤٤

ولا تجب المساواة في الميل القلبي.

وإذا حضر الخصمان قال : ليتكلّم المدّعي فإن احتشماه أمر من يقول ذلك.

فإن سبق أحدهما بالدعوى سمع منه ، وإن بدرا سمع من الّذي عن يمين صاحبه.

ولو ازدحم الخصوم قدّم السابق في الورود ، فإن تساووا أقرع.

ويقدّم السابق بخصومة واحدة وإن اتّحد المدّعي.

ويقدّم المسافر المستوفر ، والمرأة.

ولو ازدحموا على المفتي فكالقاضي.

ولو كان على المدرّس ، فإن كان العلم غير واجب تخيّر في التقديم ، وإلّا قدّم السابق ، ومع التساوي يقرع.

الرابع : تحرم الرّشوة وإن حكم بحقّ ، ويأثم باذلها إن توصّل بها إلى باطل ، ويجب ردّها ، فإن تلفت فبدلها ، وفي هدية غير المعتاد توقّف ، وتلقين الخصم بما يضرّ خصمه ، وهدايته إلى وجوه (١) الحجاج ، وأن يثبّط المقرّ عن الإقرار لا في حقّه تعالى ، وأن يسمع دعوى المدّعى عليه قبل إنهاء الحكومة.

ولو ادّعى مدّعي على القاضي رافعه إلى الإمام ، فإن لم يكن فإلى خليفته إن كان في ولايته ، وإلّا فإلى قاضي تلك الولاية.

ولو ادّعى على الشاهدين بالتزوير غرما مع الاعتراف ، وإلّا فعليه البيّنة ، وله مع فقدها اليمين.

__________________

(١) في « أ » : وجه.

٣٤٥

المطلب الثاني : في كيفيّة الحكم

وفيه مباحث

[ المبحث ] الأوّل :

في مستنده وصورته

للإمام أن يقضي بعلمه في حقّ الله تعالى وغيره إجماعا ، وكذا غيره على الأقوى ، ولا فرق بين حصول العلم في زمان ولايته وغيره ، ولو فقد العلم افتقر إلى الحجّة ، فإن علم عدالة الشاهدين حكم مع سؤال المدّعي ، وإن علم فسقهما لم يحكم ، وإن جهل طلب المزكّي ولا يكفي حسن الظنّ ، ولا الإسلام ، ولا اعتراف الخصم بعدالتهما.

ولو تعذّرت التزكية توقّف.

وصورة الحكم أن يقول : حكمت عليك بكذا ، أو قضيت ، أو أنفذت ، أو أمضيت ، أو ألزمتك ، أو اخرج من حقّه ، أو ادفع إليه ماله بخلاف « ثبت عندي حقّك » أو « دعواك ثابتة شرعا ».

٣٤٦

المبحث الثاني :

في كيفية الاستشهاد

إذا حضرت البيّنة سألها الحاكم بإذن المدّعي إن علم أنّ ذلك حقّ له ، وإلّا ابتدأ بسؤالها ، (١) ويشترط توافق الشاهدين وموافقتهما للدّعوى ، فلو ادّعى على زيد بقبض مائة ، فشهد أحدهما بذلك والآخر بقبض ما قيمته ذلك ، أو أحدهما بقبضه والآخر بقبض وكيله ، سقطت.

ومع التوافق والعدالة يقول للغريم : إن كان عندك جارح فاذكره ، فإن سأل الإنظار أنظره ثلاثة أيّام ، فإن لم يأت به حكم عليه بعد سؤال المدّعي.

وإن ارتاب سأل كلّ واحد منفردا عن الزمان والمكان والكيفية ، فإن توافقا حكم وإلّا أبطلها.

ولو أسقط حقّه من البيّنة ورضي باليمين جاز.

ولو طلب إحلافه ثمّ يقيم البيّنة لم يجب.

ولو ادّعى غيبة البيّنة خيّره الحاكم بين الصبر والإحلاف ، وليس له مطالبته بكفيل ولا ملازمته ، وكذا لو أقام شاهدا واحدا.

ويحرم على الحاكم أن يتعتع الشاهد بمداخلته في الكلام ، وأن يتعقّبه ليستدرجه ، وأن يرغّبه في الإقامة أو يزهّده فيها.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : بسؤالهما.

٣٤٧

ويكره أن يعنّت الشهود وأن يفرّقهم إذا كانوا من أهل البصائر ، ويستحبّ في موضع الريبة.

ولا يستحلف المدّعي مع البيّنة إلّا أن تكون الشهادة على ميّت ، فيحلف على بقاء الحقّ في ذمّته ، وكذا لو أوصى له بدين في مرض الموت ومضى زمان يمكن فيه الأداء أو الإبراء.

ويجب ضمّ اليمين أيضا إن شهدت على صبيّ أو مجنون أو غائب ، ويكفي مع الشاهد يمين واحدة ، ثمّ يدفع من مال الغائب بكفيل.

ولا يشترط في سماع البيّنة حضور المدّعى عليه وإن كان في البلد.

المبحث الثالث :

في التزكية والجرح

يجب الاستزكاء إذا جهل القاضي الشهود وإن سكت الخصم ، لأنّه حقّ الله تعالى ، ولا يتوقّف على طعن الخصم.

ويشترط في المزكّي زائدا على صفات الشاهد الخبرة الباطنة المتكرّرة ، لا معرفة قدر المال ولا المعاملة ، ولا ذكر السبب.

ولفظها : أشهد أنّه عدل مقبول الشهادة ، ويكفي الثاني دون الأوّل ، فربّ عدل لا تقبل شهادته كالمغفّل ، ولا يكفي لا أعلم منه إلّا خيرا.

ولا يجب أن يقول : عليّ ، ولي.

وليس له حبس الغريم قبل التعديل بل ولا مطالبته برهن أو كفيل.

٣٤٨

ولا يجرح إلّا مع العلم بموجب الجرح ، ويجب تعيين سببه ، ويكفي فيه المرّة ، ولو فسّره بالزّنا لم يصر قاذفا.

ولو اختلف الشهود في الجرح والتعديل ، قدّم الجرح ، ومع التعارض يقف الحاكم.

ولو رضى الخصم بشهادة الفاسق لم يجز أن يحكم.

وإذا ثبتت العدالة حكم بها ، ولو ارتاب بعد التزكية لم يلتفت.

المبحث الرابع :

في نقض الحكم

من حكم بحكم يخالف دليلا قطعيّا كالكتاب والسنّة المتواترة أو الإجماع وجب عليه نقضه ، وكذا على غيره ، ولا ينقضه لو خالف دليلا ظنيّا إلّا أن يقع [ الحكم ] خطأ ، ولو تجدّد له بعد الحكم اجتهاد مناف للأوّل لم ينقضه ، ولو تجدّد قبل الحكم حكم بالثاني.

وليس له تتبّع قضايا من سبقه ولا قضايا معاصريه ، وليس عليه تتبّع قضاياه الماضية.

ولو ادّعى المحكوم عليه خطأ الحاكم السابق نظر فيه.

٣٤٩

تتمّة

ينفذ الحكم ظاهرا لا باطنا ، فلو علم المحكوم عليه بطلان الحكم لم يحلّ له المحكوم به مالا أو غيره ، فلو أقام شاهدي زور بزوجيّة امرأة فحكم له ، لم يحلّ له وطؤها ، وعليه المهر والحدّ إلّا أن يعتقد الإباحة بذلك ، وعلى المرأة الامتناع بحسب الإمكان ، ولها إنكاح غيره في الباطن.

ولو شهد على طلاقه فاسقان ظاهرهما العدالة ، فحكم به لم تحلّ لهما ولا لمن يعلم فسقهما.

وينبغي للحاكم أن يجمع قضايا كلّ اسبوع ووثائقه وحججه ثمّ الشهر ثم السنة ، ويكتب عليها تاريخها ، ثمّ يختم عليه ليأمن التغيير.

٣٥٠

المطلب الثالث : في الدعاوي وتوابعها

وفيه فصول

[ الفصل ] الأوّل :

[ في ] المدّعي

هو الّذي يترك لو سكت ، أو الّذي يدّعي خلاف الأصل ، أو الظاهر ، والمنكر بخلافه ، (١) فلو ادّعى زيد دينا في ذمّة عمرو فأنكر ، فزيد يترك لو سكت ، ويذكر خلاف الأصل والظاهر.

ولو أسلما قبل الوطء فادّعى الزّوج التقارن فالنّكاح باق ، وادّعت المرأة التعاقب (٢) فلا نكاح.

فعلى التفسير الأوّل المرأة مدّعية ، لأنّها تترك لو سكتت ، ويستمرّ النكاح ، والزوج مدّعى عليه ، لأنّه لا يترك لو سكت ، وكذا على الثاني ، لأنّ الأصل بقاء النكاح ، وعلى الثالث الزّوج مدّع ، لأنّ الظاهر عدم التقارن ، والمرأة مدّعى عليها لموافقتها الظاهر.

__________________

(١) في « أ » : بإزائه.

(٢) في « أ » : ولو ادّعت المرأة التعاقب.

٣٥١

وتقديم (١) قول الودعيّ في الردّ رخصة وإن كان مدّعيا بكلّ وجه لتحصيل الرغبة (٢) في الاستيداع (٣).

ويشترط في المدّعي التكليف ، وأن يدّعي لنفسه أو لموكّله ، أو لوصّيه (٤) ، أو لمولّى عليه ، وهو الأب أو الجدّ له ، أو الوصيّ ، أو الحاكم أو أمينه.

و [ يشترط ] في الدّعوى الصحّة واللّزوم والعلم والجزم ، فلا تسمع دعوى الوقف والهبة قبل القبض ، ولا مع الظنّ والتهمة.

و [ يشترط ] في المدّعى به صحّة التملك ، والتصريح بالملك ، فلا تسمع دعوى المسلم خمرا أو خنزيرا ، ولا هذه بنت أمتي وإن قال : ولدتها في ملكي ، وكذا : هذه ثمرة نخلي ، ولا تسمع البيّنة بذلك حتّى يصرّح بالملك.

ولو قال : هذه بنت أمته ، لم يكن إقرارا ، بخلاف : هذا الغزل من قطنه.

وتسمع الدّعوى بالمجهول كفرس وثوب ، كما يقبل الإقرار به والوصيّة به ، وقال الشيخ لا تسمع. (٥)

فيجب ضبط المثلي بصفاته ، ولا يفتقر إلى ذكر قيمته ، وذكرها أحوط ، والقيمي بقيمته ، والأثمان بذكر الجنس والقدر والنّقد.

ولا يشترط الكشف في شي‌ء من الدعاوي إلّا في القتل ، ولو ادّعت

__________________

(١) في « ج » : ويقدّم.

(٢) في « أ » و « ج » : لتحصّل الرغبة.

(٣) لمّا كان قبول قول المدّعي على خلاف القاعدة ، أشار المصنّف إلى أنّ قبوله في الودعيّ لدليل شرعيّ رخّص فيه قبول قوله لتحصيل الرغبة في الإيداع.

(٤) في « أ » : « لوصيّه » وهو مصحّف.

(٥) المبسوط : ٨ / ١٥٦.

٣٥٢

انّه زوجها كفى في دعوى النكاح وإن لم تدّع شيئا من حقوق الزوجيّة ، فلو أنكر ولا بيّنة حلف ولا نكاح ، وإن نكل حلفت ، وثبت النكاح ، وكذا لو كان هو المدّعي.

ولو ادّعى فسق الحاكم ، أو الشهود ، وعلم المحكوم له ، فالأقرب عدم السماع.

الفصل الثاني :

في جواب الدعوى

ويطالب الحاكم المدّعى عليه بالجواب بعد التحرير والتماس المدّعي إن علم أنّه حق له ، وإلّا جاز بدون التماسه.

ثمّ إمّا أن يقرّ ، فيلزم بالحقّ إن كان جائز التصرّف ، ويحكم عليه بمسألة المدّعي.

ولو التمس كتابة حجّة أو محضر عليه أجيب إن عرفه باسمه ونسبه ، أو شهادة عدلين ، ويجوز الاكتفاء بالحلية ، وثمن القرطاس من بيت المال ، ومع عدمه من المدّعي.

ولو ادّعى الإعسار ، فإن ظهر صدقه أنظر ولا يدفع إلى غرمائه ليستعملوه أو يؤاجروه ، وإن ظهر كذبه حبس حتّى يخرج من الحقّ.

وإن جهل حاله فكتفصيل المفلّس.

وللمقرّ أن يمتنع من التسليم حتّى يشهد ، ولا يجب دفع الحجّة ولا

٣٥٣

دفع كتاب الأصل إلى المشتري ، إلّا أن يشترط دفعه ، ولو طلب انتساخه أجيب.

وإمّا أن ينكر ، فيقول الحاكم للمدّعي : ألك بيّنة؟ ولو عرف أنّه موضع المطالبة بالبيّنة سكت الحاكم حتّى يسأله ، فإن كان له بيّنة أمر بإحضارها ، وإلّا عرّفه أنّ له اليمين ، فإن سأل إحلافه حلّفه الحاكم دون غيره ، فلو أحلفه ابتداء ، أو تبرّع بها المنكر لغت ، فإذا حلف سقطت الدعوى ، ولم يجز للمدّعي مطالبته ولا مقاصّته وإن كان المدعي محقّا ، إلّا أن يكذب نفسه ، ولا تسمع دعواه ولا بيّنته وإن نسيها أو جهل بها ، سواء شرط سقوط الحقّ باليمين أو لا ، وكذا لو أقام بعد الإحلاف شاهدا وبذل معه اليمين.

وللحالف أن يكتب محضرا بيمينه بعد معرفته ، أو ذكر حليته.

ولو ردّ اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت دعواه ، وإن نكل سقطت.

وإن امتنع [ المنكر ] من اليمين والردّ ، قضى عليه بالنكول ، وهو أن يقول : إن حلفت وإلّا جعلتك ناكلا ، ثلاثا (١) استظهارا لا فرضا ، ولو بذل اليمين بعد النكول لم يلتفت إليه.

ولو ادّعى الغريم الجهل بحكم النكول قبل إن احتمل في حقّه وإلّا فلا ، وقيل : بل يردّ اليمين على المدّعي ، فإن حلف ثبت دعواه وإلّا سقطت إلّا أن يأتي بيّنة ، ولو طلب الإمهال أجيب ، بخلاف المنكر.

وليس للمدّعي إلزام المنكر بإحضار المال قبل اليمين ، ولو بذل المنكر اليمين قبل حلف المدّعي أجيب.

__________________

(١) أي ثلاث مرّات.

٣٥٤

وإمّا أن يسكت ، فإن كان عنادا حبس حتّى يجيب ، وكذا لو قال : لا أجيب ، وإن كان لآفة توصّل الحاكم إلى فهمه.

ولو احتاج إلى المترجم وجب اثنان ، ويشترط فيهما الذكورة والعدالة ، وفي الكاتب التكليف والإسلام والعدالة ، ويستحبّ أن يكون فقيها.

الفصل الثالث :

في الاستحلاف

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : [ في ] المحلوف به ، وهو الله تعالى ، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا ، ويجوز الحلف بالأسماء الخاصّة ، ولا يجوز بغير ذلك من كتاب ، أو نبيّ ، أو إمام ، أو مكان شريف ، ولا بالأبوين.

ويجوز تحليف الذمّي بما هو أردع في دينه.

وصورتها : والله ما له قبلي حقّ ، ويجوز التغليظ بالقول والزمان (١) والمكان في جميع الحقوق إلّا المال ، فيشترط بلوغه نصاب القطع.

ويغلّظ على الكافر بما يعظم عنده.

ولا يجبر الممتنع من التغليظ.

ومحلّها مجلس الحكم إلّا مع العذر كالمريض وغير البرزة ، فيستنيب الحاكم حينئذ (٢).

__________________

(١) في « ب » و « ج » : أو الزمان.

(٢) فى « أ » : فيستنيب الحاكم به.

٣٥٥

ويشترط مطابقة الدّعوى والإنكار ، ووقوعها بعد التماس الخصم وعرض الحاكم.

ويستحبّ للحاكم تقديم العظة والتخويف من معاقبة اليمين.

المبحث الثاني : [ في ] الحالف

ويعتبر فيه البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، والقصد ، فلا عبرة بيمين الصبيّ ، والمجنون ، والمكره ، والمغمى عليه ، والسكران ، والنائم ، والغافل.

ولا يشترط العدالة ، ولا الإسلام ، ولا الذكورة.

ولا يستحلف القاضي المنصوب ، ولا الشاهد ، ولا منكر الوكالة ، سواء كان الحقّ عينا أو دينا ، وإنّما يحلف من إذا أقرّ ألزم ، فلو ادّعى بدين على الموصي أو على الموكّل ، لم يكن له تحليف الوصيّ والوكيل.

ولا يمين في حدّ إلّا في القذف لتعلّقه بحقّ الآدميّ.

ويحلف منكر السرقة لإسقاط الغرم ، ولو نكل حلف المدّعي ويثبت الغرم دون القطع ، وكذا لو أقام شاهدا وحلف معه.

ويصدّق مدّعي إبدال النّصاب في الحول ، ومدّعي الإسلام قبل الحول ، ومدّعي نقصان الخرص بغير يمين.

ولو أعرض عن بيّنته وقنع باليمين أجيب ، وله الرجوع قبل الحلف.

ولو ادّعى على مملوك فالغريم مولاه في دعوى المال والجناية إن تعلّقت برقبته أو كسبه ، وإلّا فالجواب عليه ، فإن حلف سقطت الدعوى ،

٣٥٦

وإن نكل قضي عليه بالنكول ، أو بردّ اليمين على المدّعي على قول ، ويتبع بعد العتق.

ويمين الأخرس بالإشارة.

تنبيه

الحالف إمّا منكر مع عدم البيّنة أو معها إذا رضي المدّعي باليمين ، وإمّا مدّع مع الردّ أو النكول على قول ، ومع الشاهد ومع اللّوث في الدم ومع البيّنة في الميّت والغائب.

المبحث الثالث : في كيفية اليمين

ويلزمه الحلف على القطع إثباتا ونفيا في فعل نفسه ، وإثباتا في فعل غيره ، وفي نفي فعل غيره يحلف على عدم العلم ، ولا يحلف على الظنّ وإن استند إلى قول عدل أو قرينة حال ، ولا يكفي وجود خطّه وإن حفظه وأمن التزوير ، ولا خطّ مورّثه.

والنيّة نيّة المحقّ منهما ، فلو ألزمه المبطل باليمين ورّى.

والنيّة نيّة الحاكم ، فلو ورّى الحالف (١) لم يصحّ ، ويبطلها الاستثناء.

ولا يمين على الوارث إلّا أن يدّعي عليه العلم بموت الموروث وثبوت

__________________

(١) في « أ » : « فلو ورّى الحاكم » والصحيح ما في المتن. قال العلّامة في القواعد : ٣ / ٤٤٧ : والنيّة نيّة القاضي ، فلا تصحّ تورية الحالف ، ولا قوله : إن شاء الله في نفسه.

٣٥٧

الحقّ ، وأنّه ترك في يده مالا ، فلو وافقه على جهل أحدها لم يتوجّه عليه اليمين.

ويحلف في الأوّلين على نفي العلم وفي الأخير على البتّ.

ولو ادّعى قبض وكيله حلف على نفي العلم.

ويكفي المنكر الحلف على نفي الاستحقاق ، ولو ادّعى الإقباض أو الإبراء انقلب مدّعيا والمدّعي منكرا ، فيكفيه الحلف على بقاء الحقّ ، ولو حلف على نفي ذلك كان آكد وليس لازما.

ولا يحلف لإثبات مال غيره ، فلو أقام غريم الميّت شاهدا بمال له حلف الوارث وإن استوعب الدين التركة ، فإن امتنع [ الوارث ] لم يجبر ، ولا يحلف الغريم وكذا المرتهن ، فلو أقام شاهدا بملكيّة الرّهن للراهن وامتنع من اليمين لم يجبر.

ولا يكفي المنكر يمين واحدة مع تعدّد المدّعي إلّا أن يرضوا بالواحدة على توقّف.

وتنقطع الخصومة باليمين وإن كان كاذبا ، لكن لا تبرأ ذمّته.

تتمّة

إذا ادّعى الوصيّ على الوارث أنّ الميّت أوصى بخمس أو زكاة أو وليّ اليتيم على إنسان بمال له فأنكر ، لم يكن لهما الردّ ، بل يحبس الوارث حتّى يحلف ، أو يقرّ.

ويؤخّر غريم اليتيم حتّى يبلغ ويحلّفه.

٣٥٨

ولو أقام الوصيّ أو وليّ اليتيم شاهدا لم يحلفا ، بل يفعل كالأوّل.

ولو أقام شاهدا بدين للميّت ولا وارث له غير الإمام ، حبس الغريم حتّى يحلف أو يقرّ ، ولم يحلف الإمام.

ولو ادّعى الصبيّ الاحتلام صدّق بغير يمين ، وكذا لو ادّعى الأسير الإنبات بعلاج ولا يسمع منه في غير ذلك إلّا بالبيّنة.

الفصل الرابع :

في الشاهد واليمين

ويثبت بهما المال أو ما غايته المال ، كالدين والقرض ، والغصب ، وعقود المعاوضات ، وجناية الخطأ ، وشبيه العمد ، وقتل الأب ابنه ، والحرّ العبد ، وكسر العظام ، والجائفة ، والمأمومة ، والمنقلة ، وفي النكاح إن ادّعته المرأة ، والوصيّة له ، والوقف.

ولا يقبل في الطلاق ، والخلع ، والرجعة ، والقذف ، والقصاص ، والولاء ، والردّة ، والنسب ، والوصيّة إليه ، والعتق ، والتدبير ، والكتابة ، والوكالة ، وعيوب الرّجل والمرأة.

ولو اشتمل الحقّ على الأمرين كالسرقة ثبت المال دون القطع.

ويشترط تقديم الشهادة والتعديل على اليمين ، فلو قدّمت أعيدت ، والحكم بهما ، فلو رجع الشاهد بعده غرم النّصف.

ولو كان المدّعي جماعة حلف الجميع ، فمن حلف ثبت حقّه

٣٥٩

دون الممتنع ، ولا يحلف ولد الناكل بالشهادة السابقة إلّا في الوقف ، ولو مات قبل النكول فله أن يحلف ، ولا تجب إعادة الشهادة.

ولو ادّعى الورثة مالا لمورّثهم احلفوا مع شاهدهم ، وقسّم بينهم على الفريضة ، ولو كان وصيّة قسّم بالسويّة إلّا مع التفضيل ، ولا يشارك الممتنع الحالف في المسألتين.

ولو كان أحد الورثة صبيّا أو مجنونا وقف نصيبه ليحلف بعد الكمال ، فإن حلف استحقّ وإلّا فلا.

ولو مات قبله فللوارث الحلف.

وليس للوليّ قبل الكمال المطالبة بكفيل ، ولا يشارك الحالف إلّا أن يحلف بعد الكمال.

فروع

الأوّل : لو قال : هذه مملوكتي وأمّ ولدي ، وأقام شاهدا حلف معه ، وثبت ملكها دون نسب الولد ، ويثبت الاستيلاد بإقراره.

الثاني : لو ادّعى أنّه أعتق العبد الّذي في يد غيره في ملكه ، لم يحلف مع شاهده ليثبت حرّيته.

الثالث : لو ادّعى بعض الورثة أنّ الميّت وقف الدار عليهم وعلى نسلهم ، فإن حلفوا مع الشّاهد قضي بالوقف ، وإن امتنعوا حكم بها ميراثا ، وكان نصيب المدّعين وقفا.

٣٦٠