معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل الثالث : في أحكامه

إذا قذف زوجته وجب الحدّ ، وله إسقاطه باللعان ، ولا يطالب بأحدهما إلّا الزوجة ، فلو أراد اللعان قبل المطالبة لم يجب وإن كان لنفي النّسب.

وإذا حكم باللعان سقط الحدّ عن الرّجل والمرأة ، وانتفى الولد عن الرّجل خاصّة ، وزال الفراش (١) وحرمت مؤبّدا.

ولو أكذب نفسه في الأثناء أو نكل حدّ ولم يثبت باقي الأحكام.

ولو أقرّت أو نكلت رجمت ، ولا حدّ عليه ، ويبقى الفراش ، فلو ماتت ورثها.

ولو أكذب نفسه بعد كماله حدّ ولحق به الولد ، وورثه ، ولم يرثه الأب ولا المتقرّب به ، وترثه الأمّ والمتقرّب بها ، ولم يعد الفراش ، ولم يزل التحريم.

ولو اعترف بعد اللعان لم ترجم وإن أقرّت أربعا ، ولو أقرّت قبل اللعان أربعا حدّت وسقط عن الزوج.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : وزوال الفراش.

١٦١

ولو أقرّت مرّة فلا حدّ ولا لعان ، ولو كان هناك نسب لم ينتف إلّا باللعان.

ولو أنكرت بعد الإقرار ، فأقام شاهدين به ، قبل في سقوط الحدّ عنه لا في ثبوته عليها.

ولو كان الزوج أحد الأربعة حدّ الجميع ، وللزوج إسقاطه باللعان.

ولو أنكر القذف ، فأقامت بيّنة حدّ ، وليس له اللعان.

ولو قذفها برجل معيّن ، فإن أقام بيّنة سقط الحدّان ، وإلّا حدّ للرجل (١) ، وله إسقاط حدّها باللعان.

ولو قذفها ولم يلاعن فحدّ ، ثمّ قذفها حدّ به ثانيا أو أسقطه باللعان.

ولو لاعن ثمّ قذفها به فلا حدّ على توقّف.

ولو قذفها به الأجنبيّ حدّ ، ولو لا عنها فنكلت فقذفها الزوج لم يحدّ.

ولو قذفها الأجنبيّ حدّ ، ولو أقرّت به فقذفها به الزوج أو الأجنبيّ لم يحدّا.

ولو ماتت قبل اللّعان سقط ، وورثها الزّوج ، وحدّ للوارث ، وله إسقاطه باللعان وروي أنّه إن لا عنه الوارث فلا ميراث له.

ولو لاعنها فماتت أو مات قبل لعانها توارثا.

__________________

(١) أي إن لم يقم بيّنة فعليه حدّان : حدّ لقذفه الرجل وحدّ لقذفه الزوجة ، فلو لاعن سقط الحدّ الثاني ، ولكن يبقى الحدّ الأوّل ، والمراد من قوله « حدّ للرجل » أي حدّ لأجل قذفه. ولاحظ القواعد : ٣ / ١٩١.

١٦٢

كتاب الإقرار

وفيه فصلان

١٦٣
١٦٤

[ الفصل ] الأوّل : في الإقرار بالمال

والنظر في أمور :

[ النظر ] الأوّل :

في أركانه وهي أربعة :

[ الركن ] الأوّل : في حقيقته ، وهو إخبار عن حقّ سابق ، وليس مملّكا بنفسه بل كاشف عن سبق الملك ، وهو نوعان :

الأوّل : المبتدأ ، مثل لك عليّ أو في ذمّتي ، وفي « عندي » توقّف لأنّ « عند » لما قارب لا لما (١) في الذّمة (٢).

ويصحّ بغير العربية وإن علمها ، ولو أقر بغير لغته ، ثمّ قال : لقّنت ، قبل إن جهلها.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : لا بما.

(٢) والمقصود أن لفظة « عند » يطلق لما يكون حاضرا عند المقرّ ولا يطلق لما يكون في الذمّة ، وأقصى ما يدلّ عليه هو أنّه عنده ، وهو أعمّ من كونه وديعة أو غيرها ، وتظهر الثمرة فيما إذا تلفت العين فلا يكون ضامنا ، لأنّ الإقرار بحضور العين عنده أعمّ من كونه موجبا للضمان وعدمه.

١٦٥

ويشترط التنجيز ، فلو قال : لك عليّ كذا إن شئت ، أو إن قدم زيد ، أو إن رضي عمرو ، أو إن شهد فلان لم يصحّ ، ويلزمه لو (١) فتح « أن ».

ولو قال إن شهد فلان فهو صادق ، أو حقّ ، أو صحيح لم يلزمه وإن كان عارفا ، وكذا لو قال : إن شهد لك صدقته ، أو أديت.

ولو قال : كان لك عليّ كذا لزمه ، ولا يقبل دعوى السقوط.

ولو قال : لك عليّ ألف إذا جاء رأس الشهر ، أو إذا جاء رأس الشّهر فلك عليّ ألف ، فإن قصد التعليق بطل ، وإن قصد الأجل صحّ ، وفي قبول التأجيل توقّف.

ولو قال : إن شاء الله ، فإن قصد التعليق بطل وإن قصد التبرّك صحّ.

والإقرار بالإقرار إقرار بخلاف الوعد به.

ولو قال : بعني ، أو ملّكني ، أو هبني ، أو اشتريت هذه الدار من فلان ، أو غصبتها منه ، فهو إقرار ، بخلاف ملكتها على يده. (٢)

ولو قال : آجرنيه ، فهو إقرار بالمنفعة ، ويستفسر عن المالك إلّا مع القرينة. (٣)

ولو قال : بعتك أباك فحلف الولد عتق ولا ثمن عليه.

__________________

(١) في « أ » : إن.

(٢) في القواعد : ٢ / ٤١٢ : « تملّكتها على يده » وفي جامع المقاصد : ٩ / ١٩٨ : وأمّا تملّكتها على يده فلا يقتضي إلّا جريان سبب الملك على يده ، وهو أعمّ من صدوره منه ، فانّه ربما كان واسطة في ذلك دلّالا أو سمسارا أو غير ذلك.

(٣) قال في الدروس : ٣ / ١٢٢ : ولو قال : آجرنيه فهو إقرار بالمنفعة ، ويتوجّه الاستفسار عن المالك فيهما إلّا مع القرينة ، كقوله : هذه الدار لي ، فيقول : بعنيها أو آجرنيها.

١٦٦

ولو قال : أنا قاتل زيد بالجرّ فهو إقرار بخلاف النصب. (١)

الثاني : الإقرار المستفاد من الجواب ، فلو قال : لي عليك ألف ، فقال : قبضتكها ، أو أبرأتني منها ، أو نعم ، أو أجل ، أو صدقت ، أو بررت ، أو قولك صدق ، أو حقّ ، أو أنا مقرّ به ، أو بدعواك ، أو بما ادّعيت ، أو لست منكرا فهو إقرار.

ولو قال : أنا مقرّ ، أو زنه ، أو اتزنه ، أو خذه ، أو انتقده ، فليس إقرارا ، وكذا قوله إن شاء الله ، أو أنا أقرّ به (٢) على الأقوى.

ولو قال : أليس لي عليك كذا؟ فقال : بلى فهو مقرّ ، وكذا لو قال : نعم ، أو أجل إن لم يعرف الفرق.

ولو قال : اشتريت منّي أو استوهبت ، فقال : نعم فهو إقرار.

[ الركن ] الثاني : في المقرّ ، ويشترط كونه مالكا لما يقرّ به في الظاهر ، والبلوغ ، والعقل ، والقصد ، والاختيار ، والحرية ، وجواز التصرف ، فلا يقبل إقرار الصّبي وإن راهق أو أذن له الوليّ ، ولو سوّغنا له الوصيّة والصّدقة والوقف قبل إقراره في ذلك.

ولو اختلف هو والمقرّ له في البلوغ ، قدّم قول الصبيّ بلا يمين إلّا أن يفسّره بالإنبات فيعتبر.

__________________

(١) قال في جامع المقاصد : ٩ / ١٩٩ : وجه الفرق انّ اسم الفاعل لا يعمل إلّا إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال ، فمع النصب يكون قد أعمل فتعيّن أن لا يكون بمعنى الماضي ، وانتفاء كونه بمعنى الحال معلوم ، فتعيّن أن يكون بمعنى الاستقبال ، وحينئذ فلا يكون إقرارا ، لما علم غير مرّة من أنّ الإقرار إخبار جازم بحقّ سابق ، ومع الجرّ يكون ترك إعماله دليلا على أنّه بمعنى الماضي فيكون إقرارا ، ويؤيده استعمال أهل العرف إيّاه في الإقرار.

(٢) في « ب » و « ج » : وأنا أقرّ به.

١٦٧

ولا المجنون ولو كان يعتوره قبل حال إفاقته ، ولو اختلفا فيه ، فإن عرف له حالة جنون قبل وإلّا فلا.

ولا المغمى عليه والسكران والنائم والسّاهي والغالط.

ولو ادّعى المقرّ أحد هذه الأمور لم يقبل منه ، ولا المكره فيما أكره عليه ، فلو أكره على شي‌ء فأقرّ بغيره صحّ ، ولو أكره على أداء مال فباع من ماله لأدائه صحّ البيع ، إلّا أن يعيّن الأداء من ثمنه.

ولو ادّعى الإكراه لم يقبل إلّا مع البيّنة أو القرينة كالحبس والضرب فيقبل مع اليمين.

ولا المملوك فلا يقبل إقراره بمال أو جناية أو حدّ ، نعم يتبع به بعد العتق ، ولا بالرقّ لغير مولاه ، ويقبل إقراره بما له فعله كالطلاق.

ولو تحرّر بعضه نفذ من إقراره بقدره ، ويتبع بالباقي.

ولا المحجور عليه ، فلا يقبل إقرار المريض مع التهمة ، ويقبل من الثلث ، ويصحّ لا معها ، ومع برئه أو تصديق الوارث والإقرار للوارث كغيره.

ولو أقرّ بعين ما له لواحد وبدين لآخر ، قدّم الأوّل (١) وإن تأخّر.

ويقبل إقرار السّفيه في غير المال ، كالطلاق ، والقصاص ، والقطع في السرقة ، لا في المال ، ولا يلزمه بعد زوال حجره.

ولا إقرار المفلس في المال على تفصيل سبق ، ويقبل في غير المال مطلقا.

__________________

(١) في « أ » : قدّم قول الأوّل.

١٦٨

ولا يعتبر الإسلام والعدالة ، فيصحّ إقرار الكافر والفاسق والأعمى والأخرس إذا فهمت إشارته.

[ الركن ] الثالث : فى المقرّ له ، ويشترط فيه أمور :

الأوّل : أهليّة التملك ، فلو أقرّ للملك (١) أو الجدار بطل ، وكذا للدابّة ، ولو قال : بسببها ، فالأقرب وجوب الاستفسار ، فإن فسّره بالجناية على شخص قبل فإن عيّن ، وإلّا طولب بالتعيين.

ولو قال : لمالكها عليّ بسببها كذا صحّ قطعا ، ولو قال : بسبب حملها لم يصحّ.

ولو أقرّ لحمل وعزاه إلى سبب صحيح كالميراث والوصيّة صحّ وإن عزاه إلى ممتنع كالمعاملة بطل ، ولو أطلق ألزم البيان ، فإن عزاه إلى الممكن صحّ وإلّا بطل.

ولو تعدّد [ الحمل ] فإن كان وصيّة اقتسماه بالسوية إلّا مع التفضيل ، وإن كان إرثا فعلى كتاب الله.

وإنّما يستحقّ إذا جاء حيّا لدون ستّة أشهر (٢) من وقت الإقرار ، وإن تجاوز أقصى مدّة الحمل بطل ، ولو جاء بينهما فإن خلت من زوج أو مولى استحقّ وإلّا فلا.

ولو ولدت أحدهما ميّتا فهو للآخر.

__________________

(١) في « أ » : للملك له.

(٢) في « أ » : إذا جاء حيّا لستّة أشهر.

١٦٩

ولو سقط ميّتا فإن أسنده إلى الإرث رجع إلى باقي الورثة ، وإن أسنده إلى الوصيّة رجع إلى الموصى أو إلى ورثته ، وإن أطلق استفسر ، فإن تعذّر بطل.

ولو أقرّ لعبد كان لمولاه ، ولو أقرّ لميّت وأطلق فهو لوارثه ، وكذا لو ذكر سببا ممكنا كالمعاملة والجناية عليه قبل الموت ، وإن ذكر سببا محالا بطل.

ولو أقرّ لمشهد أو لمصلحة فإن كان السبب صحيحا كالوصية والوقف صحّ ، وإن كان فاسدا وأطلق بطل.

الثاني : تعيينه ، فلو أقرّ بعين لأحد هذين ألزم البيان ، فإن عيّن قبل ، فإن ادّعاها الآخر كانا خصيمين ، (١) ولو ادّعى عليه العلم أحلفه ، ولو أقرّ بها للآخر ، فإن صدّقه الأوّل دفعت إليه ، وإن كذّبه أغرم للثاني ، وللمقرّ إحلاف الأوّل وكذا الثاني.

ولو مات قبل التعيين أقرع ، ولو قال : لا أعلم كانا خصيمين. (٢)

ولو (٣) ادّعى أحدهما أو هما علمه فالقول قوله مع اليمين.

الثالث : عدم تكذيبه ، فإن كذّبه المقرّ له لم يسلّم إليه ، وترك في يد المقرّ أو الحاكم ، فإن رجع المقرّ لم يقبل ، وإن رجع المقرّ له قبل.

__________________

(١) في « أ » : كانا خصمين ، وفي « ج » : كان خصيما.

(٢) في « أ » : كانا خصمين.

(٣) في « أ » : فلو.

١٧٠

ولو أقرّ له بعبد فأنكر ، لم يعتق ، وبقي على الرقيّة المجهولة [ المالك ].

[ الركن ] الرابع : في المقرّ به ، وهو نوعان :

[ النوع ] الأوّل : [ في ] المعلوم

ويشترط فيه أمور :

الأوّل : كونه ممّا يملك ، فلو أقرّ بكلب الهراش ، أو فضلة إنسان ، أو جلد ميتة ، أو بخرء لم يصحّ ، ولو أقرّ بخمر أو خنزير لكافر صحّ ، ويضمن المثل إن كان المقرّ ذميّا وإلّا القيمة.

الثاني : كونه تحت يد المقرّ أو في تصرّفه ، فلو قال : الدار الّتي في يدي أو في تصرّفي لزيد صحّ ، وكذا [ لو قال : ] له في ميراث أبي أو من ميراث أبي مائة ، وكان دينا على التركة.

ولو أقرّ بما في يد غيره لم يصحّ ويكون شهادة.

الثالث : كونه غير مملوك للمقرّ ، فلو قال : داري أو عبدي أو ثوبي لفلان لم يصحّ ، وكذا لو قال : لزيد في ميراثي من أبي أو من ميراثي من أبي (١) أو من داري كذا ، أو ألف من مالي.

ولو قال : في هذه المسائل : بحقّ واجب أو بسبب صحيح وما جرى مجراه صحّ.

__________________

(١) ردّ لما نقل عن الشوافع بالفرق بين الإقرارين. لاحظ الحاوي الكبير : ٧ / ٤٧.

١٧١

فرع

لو شهد شاهد بإقراره بالدار وأنّها ملكه إلى حين إقراره لم يقبل.

الرابع : نفوذ الإقرار فيه ، فلو أقرّ الموقوف عليه بالوقف لم يصحّ ، ولو أقرّ بالمرهون لم ينفذ في حقّ المرتهن إلّا أن يصدّقه ، ثمّ إنّ فك نفذ الإقرار ، وإن بيع أغرم للمقرّ له بدله.

ويصحّ الإقرار بالدّين إذا لم ينسبه إليه ، فلو قال : الدّين الّذي لي على فلان لزيد لم يصحّ ، ولو قال : الدين المكتوب باسمي على زيد لفلان صحّ.

ولو أقرّت المرأة بصداقها ، فإن أطلقت أو ذكرت سببا ممكنا كالصلح والحوالة صحّ وإلّا ، فلا.

الخامس : إذا عيّن المقرّ وزنا أو كيلا أو نقدا انصرف إليه ، وإن أطلق انصرف إلى الغالب في بلد الإقرار ، فإن تعدّد فسّر ، ولا يلزم المقرّ إلّا المتيقّن ، فإذا أقرّ بشي‌ء حمل على حقيقته ، فإن تعذّرت (١) فعلى مجازه ، وكذا مع القرينة ، وإذا احتمل القلّة والكثرة حمل على القليل.

ولو قال : له عليّ درهم ودرهم لزمه اثنان ، وكذا لو عطف بثمّ والفاء.

ولو قال : مع درهم ، أو فوق درهم ، أو تحت درهم ، أو معه درهم ، أو فوقه أو تحته لزمه واحد ، وكذا لو قال : قبل درهم أو بعد درهم أو قبله درهم أو بعده درهم ، لاحتماله غير الإقرار.

__________________

(١) في « ب » و « ج » : تعدّدت.

١٧٢

ولو قال : درهم درهم درهم لزمه واحد.

ولو (١) قال : درهم ودرهم ودرهم لزمه ثلاثة ، فإن قال : أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل ، ولو قال : أردت تأكيد الأوّل لم يقبل ، لعدم المساواة ، ولو اختلف حرف العطف لم يقبل دعوى التأكيد.

ولو قال : درهم في عشرة ولم يرد الحساب لزمه واحد ، ولو أراده لزمه عشرة.

ولو قال : ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية ، وكذا من درهم إلى عشرة على الأقوى.

ولو قال : له عندي زيت في جرّة ، أو كيس في صندوق ، أو سيف في غمد ، أو فصّ في خاتم لم يدخل الظرف ، وكذا غصبت منه ثوبا في منديل ، أو طعاما في سفينة ، أو قماشا في عيبة.

ولو أقرّ بالظرف لم يدخل المظروف.

ولو قال : له عندي خاتم ، أو ثوب ، أو جارية ، وجاء بخاتم فيه فصّ ، وبثوب عليه طراز ، وبجارية حامل جاز استثناء الفصّ والطراز والحمل.

ولو قال : عبد عليه عمامة ، أو دابّة عليها سرج ، ففي جواز استثناء العمامة والسرج توقّف.

ولو قال : عبد بعمامته ، أو دابّة بسرجها لم يجز الاستثناء.

__________________

(١) في « أ » : فلو.

١٧٣

النوع الثاني في المجهول

وهو أقسام :

الأوّل : الشي‌ء ، ويجب تفسيره بما يثبت في الذّمة ، فلو فسّر بكلب صيد أو بحدّ ، أو حقّ شفعة ، أو قصاص قبل ، ولو فسّره بخمر أو خنزير أو سرجين نجس ، أو جلد ميتة ، أو كلب عقور ، أو ردّ السلام ، أو عيادة ، أو تعزية ، لم يقبل ، وكذا لو فسّره بحبّة حنطة على قول. (١)

ويحبس على التفسير لو امتنع منه.

ولو قال : غصبته شيئا ، وفسّره بالممنوع منه أو بنفسه لم يقبل.

الثاني : المال ، ويلزمه بيانه بما يتموّل وإن قلّ ، لا بغيره كالميتة ، والخنزير ، والخمر ، والحشرات ، وكلب الهراش ، وشبه ذلك ، ولو قال : مال جليل ، أو عظيم ، أو نفيس ، أو خطير ، قبل تفسيره بما قلّ وإن قال : عظيم جدّا.

ولو قال : أكثر من مال فلان لزمه بقدره وزيادة ، ويرجع في قدرها إليه ، ولو ادّعى ظنّ القلّة ألزم بما ظنّه ، وحلف ، ولو قال : أردت بالأكثريّة البقاء أو النفع ، أي الدّين أكثر بقاء من العين ، والحلال أنفع من الحرام ، لم يقبل.

ولو قال : لك عليّ أكثر من ألف درهم لزمه الألف ، وفسّر الزيادة بما شاء.

ولو قال : مال كثير ، لزم ثمانون درهما على الأقوى ، لأنّه عرف الشرع.

__________________

(١) قاله العلّامة في القواعد : ٢ / ٤١٩.

١٧٤

الثالث : إبهام العدد ،فلو قال : له عليّ كذا ألزم التفسير ، وكذا لو قال : كذا كذا ، أو قال : كذا وكذا.

ولو ميّز أحد الصور بدرهم مثلا ، لزمه الدرهم حسب ، سواء رفعه أو نصبه أو جرّه.

ولو علم أنّه قصد استعمال النحاة (١) لزمه في الأولى مع الرفع درهم ، ومع النصب عشرون ، (٢) ومع الجرّ مائة (٣) ويحتمل بعض درهم ، وفي الثانية مع الرفع درهم ، ومع النصب أحد عشر (٤) ومع الجرّ ثلاثمائة ، وفي الثالثة مع الرفع درهم ، ومع النصب أحد وعشرون ، ومع الجرّ ألف ومائة.

ولو بيّن العدد وأبهم جنس التمييز ، مثل : ثلاثة آلاف ، ألزم تفسير الجنس بما يملك ، ولزمه العدد.

ولو أبهم جنس العدد وعطف عليه معيّنا مثل : له ألف ودرهم ، لزمه الدرهم وتفسير الألف ، وكذا لو عكس مثل : له درهم وألف.

__________________

(١) الأخذ بالإقرار فرع إرادة المقرّ ظاهر كلامه ، فلو كان لكلامه ظهور عرفيّ فيؤخذ به ، ولا يقبل الإنكار ، ولو لم يكن له هذا النوع من الظهور ، وإنّما يستظهر ، حسب القواعد النحويّة الّتي لا يقف عليها إلّا الأوحدي من النحاة ، فالأخذ بهذا النوع من الظهور ، والحكم عليه ، ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، إذ لا تشمله القاعدة المسلمة : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ». من إفادات شيخنا الأستاذ السبحاني ، أدام الله ظلّه.

(٢) ذكره الشيخ في الخلاف : ٣ / ٣٦٥ ، المسألة ٨ من كتاب الإقرار ونقله عن محمد بن الحسن الشيباني ، وقال : « دليلنا : أنّ ذلك أقلّ عدد ينصب الدرهم بعده فيجب حمله عليه » وهو صحيح إن أراد من العدد ، العدد المفرد وإلّا فالعدد المركّب ينصب مميّزه مثل : أحد عشر كوكبا.

(٣) وجهه أنّه أقلّ عدد يخفض بعده الدرهم فيجب حمله عليه. لاحظ الخلاف : ٣ / ٣٦٧ ، المسألة ١١ من كتاب الإقرار.

(٤) في « أ » : أحد عشر درهم.

١٧٥

ولو عطف على المبهم مبهما مثل : له ألف ومائة ، لزمه تفسيرهما.

ولو ميّز الأخير رجع إلى الجميع مثل : له ألف ومائة درهم ، أو ألف ومائة وخمسون درهما.

الرابع : الإبهام في الجمع ، فيحمل على أقلّه وهو ثلاثة وإن كان جمع كثرة ، معرفة كان أو نكرة ، فلو قال : له دراهم ، وفسّرها بدرهم لم يقبل ، وكذا بدرهمين على الأقوى.

الخامس : الإبهام في الأعيان ، فلو قال : لك في هذه الدار مائة ، طولب بالبيان ، فلو أنكر المقرّ له صدّق المقرّ مع اليمين ، ولو قال : لك أحد هذين ، طولب بالتّعيين ، فإن أنكر المقرّ له حلف المقرّ ، وانتزعه الحاكم ، أو أقرّه في يده ، فلو عاد المقرّ له إلى تصديقه قبل.

ولو قال : لك عليّ دينار أو درهم ، ألزم البيان ويقبل قوله فيه.

ولو قال : لك إمّا درهم أو درهمان ، ثبت درهم ، وقبل قوله في إنكار الآخر.

ولو قال : له ألف أو مائة ، أو عكس ، طولب بالتعيين.

ولو قال : أنت شريكي في هذه الدار ، قبل تفسيره بدون النّصف.

ولو أقرّ بشي‌ء في مكانين أو زمانين ، أو بلغتين ، أو شهد عليه بذلك في تاريخين ، فإن اختلف السبب تعدّد وإلّا فلا ، ولو أطلق في أحدهما وقيّد في الآخر ، حمل المطلق على المقيّد ، وكذا حكم التمييز.

ولو أقرّ بشي‌ء ووصفه ، ثمّ أقرّ بمثله وأطلق ، فالإقرار بواحد ، ولو وصف كلّ واحد بصفة ، فإن أمكن الجمع فواحد ، مثل : له عليّ درهم بغداديّ ثمّ

١٧٦

يقول : عراقيّ ، وإن لم يمكن تعدّد ، مثل : له درهم عراقيّ ، له درهم شاميّ.

ويدخل الأقلّ تحت الأكثر ، فلو أقرّ بعشرة ثمّ بخمسة لزمه عشرة إلّا أن يختلف المسبّب.

السادس : إبهام العدد المعلوم بطريق الحساب ، فلو قال : لزيد مائة ونصف ما لعمرو ، ولعمرو مائة ونصف ما لزيد ، فلكل واحد مائتان ، لأنّ لزيد شيئا فلعمرو مائة ونصف شي‌ء ، فلزيد مائة وخمسون وربع شي‌ء يعدل شيئا ، فأسقط الربع بمثله يبقى ثلاثة أرباع شي‌ء يعدل مائة وخمسين ، فالشي‌ء مائتان.

ولو أبدل النصف بالثلث فلكلّ واحد مائة وخمسون ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو مائة وثلث شي‌ء ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شي‌ء يعدل شيئا ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شي‌ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ومقابله يبقى ثمانية أتساع شي‌ء يعدل مائة وثلاثمائة ، فالشي‌ء مائة وخمسون.

ولو قال لزيد عشرة ونصف ما لعمرو ، ولعمرو عشرة ونصف ما لزيد ، فلكلّ واحد عشرون ، لأنّ لزيد شيئا ولعمرو عشرة ونصف شي‌ء ، فلزيد خمسة عشر وربع شي‌ء يعدل شيئا ، فأسقط الربع بمثله يبقى ثلاثة أرباع شي‌ء يعدل خمسة عشرة ، فالشي‌ء عشرون.

ولو أبدل النّصف بالثلث فلكلّ واحد خمسة عشر ، لأنّ لزيد شيئا ، ولعمرو عشرة وثلث شي‌ء ، فلزيد ثلاثة عشر وثلث وتسع شي‌ء يعدل شيئا ، فأسقط التسع ، ومقابله يبقى ثمانية أتساع شي‌ء يعدل ثلاثة عشر وثلثا ، فالشي‌ء خمسة عشر.

١٧٧

النظر الثاني :

في تعقيب الإقرار بمنافيه

وفيه فصلان.

[ الفصل ] الأوّل : في المقبول

وهو الاستثناء وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل : في أدواته ، وهي « إلّا » و « غير » و « سِوى » و « سُوى » و « سَواء » (١) و « ليس » و « لا يكون » و « ما خلا » و « ما عدا » و « خلا » و « عدا » و « حاشا ».

[ المبحث ] الثاني : في شروطه ، وهي اثنان :

الأوّل : الاتّصال العادي وإلّا لما ثبت إيقاع ، فلو أخّره بما لم تجر به العادة بطل.

الثاني : عدم الاستغراق ، فلا يجوز استثناء المساوي والأكثر ، فلو قال : له عليّ عشرة إلّا عشرة لزمه عشرة ، ولو قال : إلّا خمسة ، لزمه خمسة ، ولو قال

__________________

(١) السّوى والسّوى : الغير كالسّواء ، وهي من أدوات الاستثناء ، يقال : جاءوا سواء زيد أي غير زيد.

لاحظ المنجد.

١٧٨

إلّا تسعة لزمه واحد ، ولو قال : له ثلاثة إلّا درهما ودرهما ودرهما بطل الأخير ولزمه درهم ، ولو قال : إلّا درهمين ودرهما لزمه درهم ، ولو عكس لزمه درهمان.

[ المبحث ] الثالث : في قاعدته ، وهي اثنان :

الأولى : الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفى إثبات فلو قال : له عشرة إلّا درهما بالنصب ، لزمه تسعة ، ولو رفع فعشرة ، ولو نصب عقيب النفي فلا شي‌ء ، ولو رفع فواحد.

فلو قال : له عشرة إلّا تسعة إلّا ثمانية وهكذا إلى الواحد ، لزمه خمسة ، (١) وضابطه جمع الجمل المثبتة والمنفية وإسقاط المنفي من المثبت ، فالباقي هو المقرّ به.

الثانية : الاستثناء من الجنس حقيقة ومن غيره مجاز ، وهو « جائز » فإذا أطلق حمل على الأوّل ، فلو قال : له ألف إلّا درهما فالجميع دراهم ، ولو قال : أردت المنفصل قبل وطولب بالتفسير ، فإن أبقى شيئا بعد الدرهم صحّ ، وإلّا بطل التفسير ، وكلّف بغيره ، وقيل : ببطلان الاستثناء. (٢)

ولو قال : له ألف درهم إلّا ثوبا ، فالأقوى الصحّة فيفسّر قيمة الثوب ، فإن

__________________

(١) علّله في جامع المقاصد بأنّ الأوّل ينفي تسعة من العشرة والثاني يثبت ثمانية ، فيكون المقرّ به تسعة ، وبالثالث يكون المقرّ به اثنين ، وبالرابع ثمانية ، وبالخامس ثلاثة ، وبالسادس سبعة ، وبالسابع أربعة ، وبالثامن ستّة ، وبالتاسع خمسة. جامع المقاصد : ٩ / ٣٠٠.

(٢) القائل هو ابن الجنيد. لاحظ المختلف : ٥ / ٥٤٠ ، المسألة ٢٤٩.

١٧٩

أبقى شيئا صحّ ، وإن استوعب بطل التفسير ، وطولب بغيره ، وقيل : يبطل الاستثناء ويلزمه الألف. (١)

ولو قال : له عليّ ألف إلّا ثوبا ، أو ألف إلّا شيئا ، ألزم تفسيرهما.

[ المبحث ] الرابع : في حكمه وفيه مسائل :

الأولى : إذا تكرّر الاستثناء بحرف العطف رجع الجميع إلى المستثنى منه ، وإن كان بغير عطف فإن نقص الثاني عن الأوّل رجع إليه ، وإن كان أكثر أو مساويا فكالأوّل ، فلو قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا اثنين ، لزمه خمسة ، ولو قال : إلّا ثلاثة إلّا اثنين لزمه تسعة.

ولو قال : إلّا عشرة إلّا ثلاثة وإلّا اثنين ، لزمه خمسة ، ولو قال : له ثلاثة إلّا اثنين لزمه تسعة ، ولو قال : له عشرة إلّا تسعة وإلّا ثمانية بطل ، ولو لم يعطف لزمه تسعة.

ولو قال : له عشرة إلّا ثلاثة وإلّا أربعة لزمه ثلاثة ، وكذا لو لم يعطف.

ولو قال : له ثلاثة إلّا ثلاثة إلّا درهمين بطل الأوّل وصحّ الثاني ، فيلزمه درهم ، ويحتمل الصحّة ، لأنّ ثلاثة إلّا درهمين واحد فيستثنى من الإقرار ، فيلزمه درهمان.

الثانية : إذا تعقّب الجمل ، رجع إلى الأخيرة إلّا مع القرينة ، وقيل : إلى

__________________

(١) القائل هو ابن الجنيد. لاحظ المختلف : ٥ / ٥٤٠ ، المسألة ٢٤٩.

١٨٠