معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي

معالم الدين في فقه آل ياسين - ج ٢

المؤلف:

شمس الدين محمد بن شجاع القطان الحلّي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-083-5
الصفحات: ٦٤١
الجزء ١ الجزء ٢

كتاب اللقطة

والملقوط ثلاثة :

٤٦١
٤٦٢

[ القسم ] الأوّل : الإنسان ، ويسمّى لقيطا وملقوطا

ومنبوذا (١)

وفيه مباحث :

[ المبحث ] الأوّل :

[ في ] اللقيط

[ هو ] كلّ صبيّ ضائع لا كافل له ، ولا فرق بين المميّز وغيره ، فلا يلتقط البالغ ، ويجبر على أخذ من تجب نفقته ، وكذا الملتقط أوّلا.

ولو التقط المملوك ردّه على مالكه ، فإن أبق أو ضاع من غير تفريط لم يضمنه.

ويقدّم قول الملتقط في عدم التفريط.

ولو تعذّر استيفاء النفقة باعه فيها بإذن الحاكم.

__________________

(١) قال في جامع المقاصد : ٦ / ٩٧ : اللقيط بمعنى الملقوط ، لأنّ فعيلا هنا بمعنى المفعول كجريح وطريح ، وإنّما يسمّى ملقوطا ، لأنّه يلقط ، ويسمّى منبوذا ، لأنّ النبذ الرّمي ، فلكونه قد رمي سمّي بذلك.

٤٦٣

[ المبحث ] الثاني :

[ في ] الملتقط

ويعتبر فيه الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة والحريّة ، فلا حكم للقطة الكافر إلّا لمثله ، ولا للصّبيّ والمجنون ، وينتزع من يدهما ، ولا العبد ، ولو أذن مولاه جاز ، وينتقل حكمها إليه.

ويصحّ التقاط البدويّ ، ومنشئ السّفر ، والفقير ، والسّفيه على توقّف.

ولو التقط اثنان قدّم السّابق ، ويقرع مع الاقتران إن تساويا ، ويرجّح المسلم على الكافر في التقاط المسلم ، والحرّ على العبد.

وفي ترجيح الموسر على المعسر ، والبلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ، والمقيم على المسافر توقّف.

وينفق عليه من ماله ، وهو ما وجد معه ، أو عليه ، أو تحته ، أو فوقه ، أو في داره ، أو ما أوقف عليه ، أو وهب أو أوصي له به ، وقبله الحاكم.

ولو وجد على دابّة ، أو في خيمة ، أو في فسطاط ، قضي له بذلك وبما فيه ، بخلاف ما يوجد بين يديه أو قريبا منه.

ولا بدّ من إذن الحاكم إلّا أن يتعذّر ، فلو بادر ضمن.

فإن فقد المال استعان بالسلطان ، فإن تعذّر وجب على المسلمين على الكفاية ، فإن تعذّر أنفق الملتقط ورجع إن نواه.

٤٦٤

ولو اختلفا في أصل الإنفاق ، أو في قدره ، أو في إنفاق ماله ، قدّم قول الملتقط مع يمينه.

[ المبحث ] الثالث :

في الأحكام

الالتقاط واجب على الكفاية ، وينبغي أن لا يخرجه عن البلد ، واللّقيط تابع للدار ، فيحكم بإسلام من لقط في دار الإسلام إلّا أن يملكها الكفّار ولم يوجد فيها مسلم.

ولو بلغ وأعرب عن نفسه الكفر لم يحكم بردّته.

ويحكم بكفر من لقط في دار الكفر إلّا أن يكون فيها مسلم مقيم وإن كان أسيرا أو محبوسا.

وكذا يحكم برقّ من لقط في دار الكفر وبحريّة من لقط في دار الإسلام ، فيقتصّ له من الحرّ ، ويحدّ من قذفه (١) ، ويملك المال ، ويغرم له من أتلف عليه شيئا.

ودار الإسلام ما ينفذ فيها أحكام المسلمين ، ولا يكون فيها كافر إلّا معاهد.

ودار الكفر ما ينفذ فيها أحكام الكفّار ، ولا يكون فيها مسلم إلّا مسالما ، وقيل : دار الإسلام الّتي سلطانها مسلم ، ودار الكفر الّتي سلطانها كافر.

ولو جنى عليه في النّفس فللإمام القصاص أو الدية ، وكذا في الطرف مع

__________________

(١) في « أ » ويحدّ بقذفه.

٤٦٥

صغره ، وله الاستيفاء مع كبره ، ولو أخذ الحاكم الأرش في العمد فليس له المطالبة بالقصاص إذا بلغ.

ولو جنى عمدا اقتصّ منه ، وفي الخطأ يعقله الإمام ، وشبيه العمد في ماله.

واللقيط سائبة لا ولاء عليه يتولّى من شاء ، وميراثه للإمام مع فقد المناسب والمسابب ، ولو استلحقه الملتقط أو غيره لحق به ، ولو بلغ فأنكر لم يلتفت إليه ، ولو كان بالغا احتاج إلى التصديق.

ولو ادّعى أجنبي بنوّته قبل ، سواء كان حرّا أو عبدا ، مسلما أو كافرا ، وفي الأمّ قولان.

ولو ادّعى بنوّته اثنان ولا بيّنة أقرع ، وكذا لو أقاما بيّنة ، وإن أقامها أحدهما حكم له ، هذا إن تساويا في الإسلام والحريّة ، وإلّا فقولان.

ولو كان أحدهما الملتقط لم يرجّح باليد ، لأنّ لها تأثيرا في المال لا في النسب.

ولو أقرّ بالرقّ قبل مع بلوغه ورشده إذا لم يعلم حريّته ولا ادّعاها.

٤٦٦

القسم الثاني : الحيوان

ويسمّى ضالّة ، وهي كلّ حيوان مملوك ضائع لا يد عليه ، فالبعير يجوز أخذه إذا ترك من جهد في غير كلأ وماء ، ويملكه الآخذ ولا ضمان ، وليس للمالك انتزاعه وإن أقام بيّنة ، ولا يؤخذ إذا وجد في كلأ وماء وإن كان مريضا ، أو ترك من جهد ، وكذا لو كان صحيحا في غير كلأ وماء ، فإن أخذه ضمنه ، ولا يبرأ بإرساله ، بل يدفعه إلى مالكه ، فإن تعذّر فإلى الحاكم فيرسله في حماه ، فإن لم يكن باعه وحفظ ثمنه لمالكه ، وكذا حكم الدابّة والحمار والبقرة.

ولا يجوز أخذ الضّوالّ في العمران ، ممتنعة كانت أو لا.

ويجوز أخذ الشاة في الفلاة ، ويتخيّر في تملّكها والضمان ، وفي إمساكها أمانة ، أو دفعها إلى الحاكم ، ولا ضمان ، ولا يجب تعريفها سنة.

ويلحق بها صغار الإبل والبقر والخيل والحمير.

ولو أخذ الشاة في العمران حبسها ثلاثة أيّام ، فإن لم يظهر صاحبها باعها وتصدّق بثمنها ويضمن ، أو احتفظها ولا ضمان.

ولا يفتقر البيع إلى إذن الحاكم ، وليس للمالك فسخه ، بل له المطالبة بالقيمة.

٤٦٧

ويجوز التقاط كلب الصّيد.

وإذا أخذ الضالّة رفع أمره إلى السلطان ، لينفق عليها من بيت المال أو يبيعها ، فإن تعذّر أنفق عليها ورجع ، ولو كان لها ظهر أو درّ أو خدمة ، فالوجه التقاصّ.

ولا يشترط في الآخذ البلوغ ولا العقل ولا الإسلام ولا الحريّة ولا العدالة ، فلو التقط الصّبيّ أو المجنون انتزعه الوليّ ، وعرّفه سنة ، ثمّ يفعل الغبطة من الإبقاء أمانة أو التمليك.

ولا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا بقصد التملّك ، فلو قصد الحفظ لم يضمن إلّا مع تعدّ أو تفريط أو بنيّة التملّك ، ولو نوى بعدها الحفظ لم يزل الضمان.

٤٦٨

القسم الثالث : في لقطة الأموال

وفيه فصول :

[ الفصل ] الأوّل

[ في ] الالتقاط

[ وهو ] إنّما يكون بالأخذ دون الرؤية ، ويكره في الحرم وغيره على الأصحّ ، وإن وثق في نفسه ، ويتأكّد في الفاسق خصوصا المعسر.

ولو علم من نفسه الخيانة حرمت ، ولو خافها فقولان.

ويستحبّ الإشهاد وأن يعرّف الشهود بعض الأوصاف.

[ الفصل ] الثاني

[ في ] الملتقط

وهو من له أهليّة الاكتساب والحفظ ، وإن كان صبيّا مميّزا ، أو مجنونا ، أو كافرا ، أو فاسقا.

٤٦٩

ويشترط في لقطة الحرم العدالة ، وينتزعها الوليّ من الصّبيّ والمجنون ، فلو أهمل ضمن ، ويتولّى التعريف ، وله أن يملّكها إيّاه بعد الحول.

وللعدل حفظ اللقطة ودفعها إلى الحاكم ، وللحاكم انتزاعها من الفاسق ، أو إقامة رقيب حتّى ينقضي الحول ، ثمّ إن اختار التملّك دفعها الحاكم إليه ، ولا يلزم بكفيل ، وإلّا أبقاها في يده أو يد غيره.

وللعبد أخذ اللقطتين ، ويتولّى المولى التعريف ، ويكفي تعريف العبد في تملّك المولى ، والمكاتب أولى من العبد بالجواز.

الفصل الثالث

[ في ] اللقطة

وهي كلّ مال ضائع أخذ ولا يد عليه ، فما نقص عن الدّرهم يجوز أخذه ، ويملكه الآخذ ، ولا يجب ردّه على المالك.

ولو زاد عن ذلك ، فإن كان في الحرم لم يجز أخذه إلّا بنيّة التعريف حولا ، فيتخيّر بعد الحول في إبقائه أمانة ، أو الصدقة ولا ضمان ، وليس له التملّك.

وإن كان في غيره عرّفه سنة ، ثمّ يتخيّر بين التملّك والصّدقة ويضمن ، وبين الإبقاء أمانة ولا ضمان ، هذا فيما يبقى ، وإلّا قوّمه على نفسه وانتفع به وضمن ، أو يدفعه إلى الحاكم ولا ضمان.

ولو افتقر بقاؤه إلى العلاج أعلم الحاكم فيبيع بعضا ، وينفقه على إصلاح الباقي ، أو الجميع ويعرّف ثمنه.

٤٧٠

ولا يجوز التقاط ما يتحفّظ بنفسه كالأحجار ، والسفن المربوطة ، والبغال الّتي في أبواب المشاهد.

وتتأكّد الكراهيّة فيما يكثر نفعه ويقلّ ثمنه ، كالعصا ، والوتد ، والشّظاظ (١) والحبل ، والعقال والإداوة (٢) ، والسوط ، والنعلين ، وما يوجد في المفاوز ، أو في خربة باد أهلها ، فهو لواجده بغير تعريف ، وكذا المدفون في أرض لا مالك لها ، ولو كان لها مالك أو بائع عرّفه ، فإن عرفه أخذه ، وإلّا كان لواجده ، ولا يجب تتبّع الملّاك ، وكذا ما وجده في جوف الدابّة.

ولو وجده في جوف سمكة ملكه بغير تعريف.

ولو وجد في داره أو صندوقه مالا لا يعرفه فهو له مع عدم المشارك ، وإلّا فهو لقطة.

الفصل الرابع

في الأحكام

يجب التعريف سنة من حين الالتقاط ، فإن أخّره فمن حين التعريف ، سواء نوى التملّك أو لا ، ولا يضمن بالتأخير ، ولا يجب التتابع في الأيّام بل المحافظة عليه بحيث لا ينسى.

وينبغي الإكثار في أوّله ، فيعرّفه كلّ يوم ، ثمّ في كلّ أسبوع مرّة ، ثمّ في كلّ شهر مرّة.

__________________

(١) الشظاظ بالكسر : عود يشدّ به الجوالق.

(٢) الإداوة : إناء صغير يحمل فيه الماء. المعجم الوسيط.

٤٧١

وزمانه النّهار دون اللّيل ، وليكن عند اجتماع الناس وظهورهم ، كالغداة ، والعشيّ ، وأيّام المواسم ، والجمع ، والأعياد.

ومكانه الأسواق ، والرحبات ، وأبواب المساجد ، والمشاهد.

وليكن ابتداؤه في موضع الالتقاط ، فلو كان في بريّة عرّف من معه ، ثمّ في أيّ بلد شاء.

ولو التقط في بلد عرّفها فيه دون غيره.

ولو التقط في بلد الغربة عرّفه فيه ، ثمّ يكمل في بلده.

ويذكر في التعريف الجنس كالذهب ، والإبهام أحوط ، مثل : من ضاع له شي‌ء.

ويجوز أن يتولّاه بنفسه وبغيره.

ولو استأجر لزمته الأجرة وإن نوى الحفظ ، ويكتفي بقول العدل.

ولو مات الملتقط عرّفها الوارث ، ولو مات في الأثناء أتمّه ، ولو مات بعد الحول فللوارث التملّك.

وهي في الحول أمانة لا تضمن إلّا بتعدّ أو تفريط ، وكذا بعده إلّا أن ينوي التملّك أو الخيانة فيضمن.

ولا يزول الضمان بنيّة الأمانة ، ولا يضمن بمطالبة المالك ، ولا يملك بمضيّ الحول ، بل بالتعريف حولا ، ونيّة التملك ، فلا يملك بدونها وإن بقيت في يده أحوالا.

ولو نوى التملّك في الحول جاز له التملّك بعده.

٤٧٢

ولا يحتاج إلى اللفظ ، ولا إلى التصرّف.

ولا فرق بين الأثمان وغيرها ، ولا بين الغنيّ والفقير ، والمسلم والكافر.

ويثبت في ذمّته المثل في المثليّ والقيمة في القيميّ ، والزيادة في الحول للمالك ، متّصلة كانت أو منفصلة ، وكذا بعده ، ولا تكون لقطة على توقّف.

ولو باعها الحاكم ولم يجد المالك دفعها إلى الملتقط ، لأنّ له التملّك أو الصّدقة.

ولا يجب دفعها إلّا بالبيّنة ، ولا يكفي الوصف وإن أطنب فيه ، ولا يمنع الملتقط من التسليم ، ولا يجبر عليه.

ولو ردّها بالوصف فأقام آخر بيّنة انتزعها ، فلو تعذّر طالب أيّهما شاء ، ويستقرّ الضمان على الواصف إلّا أن يعترف له الملتقط بالملك.

ولو دفعها ببيّنة فأقام آخر بيّنة ولا ترجيح ، أقرع ، فإن خرج الثاني انتزعت من الأوّل ، فلو تلفت فإن كان دفعها الملتقط بحكم الحاكم لم يضمن ، وإلّا ضمن للثاني.

أمّا لو قامت البيّنة بعد التملّك ودفع العوض إلى الأوّل ، ضمن للثاني على كلّ حال ، ويرجع الملتقط على الأوّل لبطلان الحكم.

ولو أقام المالك البيّنة بعد التملّك لم يكن له انتزاعها ، وله المثل أو القيمة.

ولو ردّ العين كما هي وجب القبول ، ولا يجب لو عابت وإن دفع الأرش.

ولا يجب ردّ النماء المتجدّد بعد التملّك.

٤٧٣
٤٧٤

كتاب

إحياء الموات

والمشتركات

٤٧٥
٤٧٦

أمّا الأوّل ، فالعامر لأربابه ، وكذا ما به صلاحه كالطريق ، والشرب ، والقناة ، والمرفق ، فلا يجوز التصرّف فيه إلّا بإذنهم ، سواء كان في بلاد الإسلام أو الكفر.

والموات للإمام ، وهي ما لا ينتفع به لعطلته إمّا لانقطاع الماء عنه أو لاستيلائه عليه ، أو لاستيجامه ، وكذا كلّ أرض موات باد أهلها ، فلا يجوز إحياء شي‌ء من ذلك إلّا بإذن الإمام ، فلو أحياها من دونه لم يملكها ، ويملك مع الإذن إن كان المحيي مسلما.

ويجوز لنا في الغيبة إحياؤها ، ويكون المحيي أحقّ بها ما دام قائما بعمارتها ، فلو تركها حتّى بادت آثارها فأحياها غيره ملكها ، وللإمام مع ظهوره رفع يده.

ويصحّ إحياء ما هو بقرب العامر إلّا أن يكون حريما له أو مرافقا له.

ويشترط في التملّك بالإحياء أمور :

الأوّل : أن لا يكون ملكا لمسلم أو معاهد.

الثاني : أن لا يكون مشعرا للعبادة : كعرفة ومنى والمشعر ، ويجوز إحياء ما لا يضرّ منه.

الثالث : أن لا يكون حريما لعامر : كالطريق ، والشرب ، وحريم البئر ، والعين.

٤٧٧

والحائط حريمه مطرح ترابه ، وحريم القرية ما يعدّ من مرافقها : كمطرح القمامة والتراب ، ومجتمع النادي ومرتكض (١) الخيل ، ومناخ الإبل.

وحريم الشرب مطرح ترابه ، والمجاز على حافّتيه.

وحريم العين الف ذراع في الرخوة ، وخمسمائة في الصّلبة.

وحريم بئر المعطن أربعون ذراعا ، وبئر الناضح ستّون.

وحريم الدار مطرح ترابها ، وإنّما يثبت الحريم إذا ابتكر ذلك في الموات لا في الأملاك المعمورة.

وحدّ الطريق المبتكر في المباح خمس أذرع ، والثاني بتباعده هذا المقدار.

الرابع : أن لا يكون قد أقطعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الإمام إن كان مواتا خاليا عن التحجير.

الخامس : أن لا يكون قد حماه النبي أو الإمام لنفسه ، أو لنعم الصدقة ، أو الجزية ، أو الضوالّ ، ولو زالت المصلحة الّتي حمى لها فالأقرب جواز الإحياء ، وليس لغيرهما أن يحمي.

السادس : أن لا يكون محجّرا ، والتحجير نصب المروز وشبهها : كإدارة التراب أو الأحجار ، ولا يفيد ملكا ، بل أولويّة ، فلا يصحّ بيعه بل الصلح عليه ، ويورث ، وله منع غيره (٢) من الإحياء ولو قهره فأحياها لم يملكها.

__________________

(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : « مربط الخيل » قال في جامع المقاصد : ٧ / ٢٠ : مرتكض الخيل ، وهو الموضع المعدّ لركضها فيه إذا أريد ذلك.

(٢) في « ب » و « ج » : ويمنع غيره.

٤٧٨

ثمّ إن أهمل العمارة جبره الإمام على الإحياء أو التخلية ، فإن امتنع رفع يده ، وأذن لغيره ، ولا يجوز الإحياء قبل الرفع والإذن.

وأمّا الإحياء ، فهو فعل ما يخرجها عن الموت ، ويرجع فيه إلى العرف ، فالمسكن بالحائط والسقف وإن كان قصبا ، والحظيرة بالحائط ، ولا يشترط تعليق الباب فيهما ، والزّرع بعضد الشجر وتسوية المرز والمسناة (١) ، وسوق الماء ، وبقطع المياه الغالبة ، وتهيئتها للعمارة ، ولا يشترط الحرث ولا الزرع.

ولو غرس وساق الماء تحقّق الإحياء.

ولو برزت أغصانه أو عروقه إلى المباح ، لم يكن لغيره إحياؤه ، وليس له منعه خوف البروز.

لكلّ أحد التّصرف في ملكه بما شاء وإن تضرّر جاره ، فله أن يجعل ملكه بيت حدّاد أو قصّار أو مستنقع الماء أو بئر غائط ، ولا ضمان عليه.

وأمّا المشتركات فثلاثة :

الأوّل : الطرق ، والمساجد ، والمشاهد ، والمدارس ، والرّبط.

أمّا الطرق ففائدتها الاستطراق ، وله الوقوف والجلوس إذا لم يضرّ بالمارّة.

ويجوز الجلوس للبيع والشراء في المواضع المتّسعة كالرحبات ، ولو قام ورحله فيها باق فهو أحقّ ، ولو رفعه بطل حقّه وإن نوى العود.

__________________

(١) قال في جامع المقاصد : ٧ / ٧٤ : المرز ، وجدته مضبوطا بكسر الميم ، وهو جمع التراب حول ما يراد إحياؤه ، والمسناة ، بضمّ الميم على ما وجدته أكبر منه.

٤٧٩

وله التظليل بما لا يتضرر به المارّة ، وليس لأحد إحياؤه ولا تحجيره ولا للسلطان إقطاعه.

وأمّا المسجد والمشهد فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به ، وكذا لو قام ورحله باق وإلّا بطل حقّه وإن نوى العود ، أو قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة.

ولو استبق اثنان فإن أمكن الاجتماع والّا أقرع.

وأمّا المدارس والرّبط ، فمن سكن بيتا وهو من أهل السكنى لم يجز إخراجه ولا مشاركته وإن طالت المدة ، إلّا أن يشترط الواقف أمدا فيخرج عند انتهائه.

ولو شرط التشاغل بالعلم أخرج تاركه ، ولو فارق لعذر ورحله باق فهو أولى.

الثاني : المعادن ، فالظاهرة هي (١) الّتي لا تفتقر نيلها إلى مئونة : كالملح ، والكبريت ، والنفط ، والنار ، والموميا ، والكحل ، والبرام ، والياقوت ، وحجر الرحى ، فلا يملك بالإحياء ، ولا يصحّ إقطاعها ولا تحجيرها ، بل من سبق أخذ حاجته ، ولو ورد اثنان فالسابق أولى ، فإن تساويا وقصر عن بغيتهما قسّم ، ومع التعذّر يقرع.

ولو أحيا أرضا بجنب المملحة وساق إليها الملح ملكه.

والمعادن الباطنة هي ما يفتقر نيلها إلى المئونة : كالذهب والفضّة ، والنحاس ، والحديد ، والرصاص ، ويملك بالإحياء ، وهو بلوغ نيلها والتحجير ما دونه ، فإن أتمّه وإلّا أجبر عليه أو على التخلية.

__________________

(١) في « أ » : المعادن الظاهرة وهي.

٤٨٠